النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: قوله تعالى: "إنّ الله لا يغفر أن يُشرك به" .. هل يشمل الشرك الأصغر ؟

  1. #1

    افتراضي قوله تعالى: "إنّ الله لا يغفر أن يُشرك به" .. هل يشمل الشرك الأصغر ؟

    مسألة هامة في التوحيد– هي محلُّ خلاف بين أهل العلم– وهي : هل الشرك الأصغر لا يُغفر إلا بالتوبة كالأكبر أم هو مثل الكبائر تحت المشيئة الإلهية ؟

    هناك من العلماء من قال: إن الشرك الأصغر لا يغفر لصاحبه إلا بالتوبة لعموم الآية ((إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)) (النساء: من الآية48) لكن يدخل تحت الموازنة بخلاف الأكبر الذي يحبط كل الأعمال، فإن حصل معه حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة وإلا دخل النار. وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يميل إلى ذلك حيث يقول مثلاً : " وأعظم الذنوب عند الله الشرك به ، وهو سبحانه لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، و الشرك منه جليلٌ ودقيقٌ وخفيٌ وجليٌ "، ويقول بعبارة أصرح من السابقة : " وقد يقال : الشرك لا يغفر منه شيء لا أكبر ولا أصغر على مقتضى القرآن ، وإن كان صاحب الشرك ( الأصغر ) يموت مسلماً ، لكن شركه لا يغفر له ؛ بل يعاقب عليه ، وإن دخل بعد ذلك الجنة ".

    لكن يفهم من عبارات ابن القيم أن الشرك الأصغر تحت المشيئة ، حيث يقول رحمه الله : " فأما نجاسة الشرك ففي نوعان : نجاسة مغلظة ، ونجاسة مخففة ، فالمغلظة الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا ، فإن الله يغفر أن يشرك به ، والمخففة الشرك الأصغر كيسير الرياء " ومرة يقول : " الشرك الأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه " إلى أن يقول : " وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء والتصنع للمخلوق ".

    وقد ذكر العلامة السعدي كلاماً مهماً في هذه المسألة ، أنقل بعضه : " من لحظ إلى عموم الآية ( يعني قوله تعالى (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ )) وأنه لم يخص شركاً دون شرك ، أدخل فيها الشرك الأصغر ، وقال : إنه لا يغفر ؛ بل لا بد أن يعذب صاحيه ، لأن من لم يغفر له لا بد أن يعاقب ، ولكن القائلين بهذا لا يحكمون بكفره ، ولا بخلوده في النار ، وإنما يقولون يعذب عذاباً بقدر شركه ، ثم بعد ذلك مآله إلى الجنة .

    وأما من قال: إن الشرك الأصغر لا يدخل في الشرك المذكور في هذه الآية ، وإنما هو تحت المشيئة ، فإنهم يحتجون بقوله تعالى : (( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ )) (المائدة: من الآية72) فيقولون : كما أنه بإجماع الأئمة أن الشرك الأصغر لا يدخل في تلك الآية ، وكذلك لا يدخل في قوله تعالى : (( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ )) (الزمر: من الآية65)
    لأن العمل هنا مفرد مضاف ، ويشمل الأعمال كلها ، ولا يحبط الأعمال الصالحة كلَّها إلا الشرك الأكبر .

    ويؤيد قولهم أن الموازنة واقعة بين الحسنات والسيئات التي هي دون الشرك ، لأن الشرك الأكبر لا موازنة بينه وبين غيره فإنه لا يبقى معه عمل ينفع.
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  2. #2

    افتراضي

    بعض فتاوى أهل العلم في هذه المسألة:

    ما حكم الشرك الأصغر في الآخرة؟ هل هو موجب لدخول النار، أم يُؤخذ من حسنات من وقع فيه بقدر هذا الشرك؟

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    الشرك الأصغر هو الذي لا يخرج من الملة، كالحالف بغير الله، ويسير الرياء الذي يصدر من المؤمن، وقول: لولا الله وأنت، فهذا الشرك الأصغر لا يخرج من الملة، واختلف العلماء في حكمه: هل حكمه حكم الكبائر يكون تحت المشيئة؟ أم هو فوق الكبائر، ويكون داخلا في عموم قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ" [النساء:48]. على قولين لأهل العلم، أحدهما: أن حكمه حكم الكبائر، وعلى هذا يكون تحت المشيئة.

    والقول الثاني: أنه لا يكون تحت الكبائر، ولا يغفر تأدبا مع النصوص؛ لأن الله تعالى قال: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ" [النساء:48]. فهذا الشرك يشمل الشرك الأكبر والأصغر. فالأصغر لا يغفر، لكن لا يخلد صاحبه في النار كالشرك الأكبر، فالشرك الأكبر صاحبه يخلد في النار، أما الشرك الأصغر، فإنه يدخل تحت الموازنة بين الحسنات والسيئات، فإذا مات على الشرك الأصغر من غير توبة، فلا يغفر، لكن يدخل تحت الموازنة بين الحسنات والسيئات، فإن حصل أن حسناته راجحة، أسقط من حسناته ما يقابل الشرك الأصغر، وإن رجحت السيئات على الحسنات، عذِّب بهذا الشرك الأصغر، ثم يخرج من النار، لا يخلد فيها، وعلى هذا القول نقول: إنه لا يغفر، بمعنى أنه لا بد أن يؤاخذ به، إما أن يسقط من حسناته ما يقابله، أو يعذب به في النار، بخلاف الكبيرة، فالكبيرة تحت مشيئة الله، قد يغفرها الله دون إسقاط شيء من الحسنات، وقد يعذَّب صاحبها.

    المجيب: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
    عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  3. #3

    افتراضي

    من حاشية ابن القاسم على كتاب التوحيد:

    " والشرك قسمان: أكبر وأصغر، وبينهما فرق في الحكم والحد، فالأكبر: أن يسوي غير الله بالله فيما هو من خصائص الله كالمحبة، وحكمه أنه لا يغفر لصاحبه أبدا إلا بالتوبة، وأنه يحبط جميع الأعمال، وأن صاحبه خالد مخلد في النار. والأصغر: هو ما أتي في النصوص أنه شرك، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر، وحكمه أنه لا يغفر لصاحبه إلا بالتوبة لعموم {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} 2، وأنه يحبط العمل الذي قارنه، ولا يوجب التخليد في النار، ولا ينقل عن الملة، ويدخل تحت الموازنة، إن حصل معه حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة وإلا دخل النار، وإذا كان صلى الله عليه وسلم يخافه على أصحابه الذين وحدوا الله ورغبوا إلى ما أمروا به، وهاجروا وجاهدوا وعرفوا ما دعاهم إليه نبيهم، فكيف لا يخافه وما فوقه من لا يدانيهم، ومن لا نسبة له إليهم في علم ولا عمل؟ خصوصا إذا عرف أن أكثر الناس اليوم بل كثير من علماء الأمصار لا يعرفون من التوحيد إلا ما أقر به المشركون، لم يعرفوا معنى الإلهية التي نفتها كلمة الإخلاص عن كل ما سوى الله، ويقولون: من قالها فهو المسلم وإن فعل ما فعل".
    فينبغي للإنسان أن يحذر كل الحذر، ويخاف أن يقع في الأكبر إذا كان الأصغر مخوفا على الصالحين، وهو وجه إيراده له مع أن الترجمة تشمل النوعين، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن أمته بوقوع الشرك، وقد عمت به البلوى في أكثر الأقطار، حتى اتخذوه دينا مع ظهور البراهين في النهي عنه والتخويف منه. وفيه أن الرياء من الشرك، وأنه من الأصغر، وأنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين.
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  4. افتراضي

    أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. تعريف عملي لطيف للإيمان من قوله تعالي : " الله ولي الذين آمنوا,,,,"
    بواسطة خالد الفيل في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-15-2013, 03:02 AM
  2. قوله تعالى "خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك "
    بواسطة ماكـولا في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-20-2010, 03:47 PM
  3. التفسير الحق لـ قوله تعالى " يد الله فوق أيديهم "
    بواسطة ماكـولا في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-12-2009, 01:25 PM
  4. قوله تعالى " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"
    بواسطة ماكـولا في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-28-2009, 11:58 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء