الأمر بسيط إن شاء الله ...
وسأتعرض له ببعض الشرح والتبسيط لكي يتفهمه القاريء أيضا ًبإذن الله ...
1...
الإرادة : هي صفة ذاتية في الله عز وجل مثلها مثل العلم والمشيئة إلخ .. وكلها صفات أزلية فيه سبحانه غير حادثة ..
2...
الإرادة نوعان ..
إرادة كونية (وهي التابعة لعلم الله تعالى ويتعلق بها القضاء والقدر إلخ) ..
إرادة شرعية (وهي مثل أوامره ونواهيه الدينية إلخ) ..
وعليه ..
فلو نام أحدهم عن صلاة الفجر مثلا ًفسألته عنها فقال : لو أراد الله ما نمت عنها ....
فكلامه هنا مصروف للإرادة الكونية .. وفيها علم الله بكل حادث شاءه عز وجل ..
وأما من ناحية الإرادة الشرعية : فكلامه خطأ .. لأن الله تعالى أراد له أن يصلي صلاة الصبح شرعا ً..
ومن هنا :
فكل ما سيأتي الحديث عنه مع الزميلة ملحدة : يتعلق بالإرادة الكونية وليست الشرعية ..
3...
الإرادة صفة أزلية في الله عز وجل ..
ولكن لكل حادث في الكون إرادة خاصة به تتعلق بخلقه إذا شاء الله ..
فإن أي شيء يكون : وبمجرد إرادة الله تعالى له ...
يقول عز وجل :
" إنما أمره إذا أراد شيئا ًأن يقول له : كن : فيكون " ...
فإذا كانت إرادة الله تعالى له الخلق الآن : خلق ..
وإذا كانت إرادة الله تعالى له : الخلق بعد كذا وكذا من الزمان : خلق في هذا الوقت المحدد ..
وإذا كانت إرادة الله تعالى ألا يُخلق أبدا ًوألا يكون : فلن يُخلق ولن يكون ..
4...
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في درء تعارض العقل والنقل : وبعد أن نقل كلاما ًلابن رشد في نقض طريقة الجويني في إثبات الصانع متعلق بمسألة الإرادة :
" قلت : الكلام في الإرادة وتعددها أو وحده عينها أو عمومها أو خصوصها وقدمها أو حدثها أوحدوث نوعها أوعينها وتنازع الناس في ذلك ليس هذا موضعه وهي من أعظم محارات النظار والقول فيها يشبه القول في الكلام ونحوه لكن نفس تسليم الإرادة للمفعول يستلزم حدوثه بل تسليم كون الشيء مفعولا يستلزم حدوثه فأما مفعول مراد أزلي لم يزل ولا يزال مقارنا لفاعله المريد له الفاعل له بإرادة قديمة وفعل قديم فهذا مما يعلم جمهور العقلاء بضرورة العقل ، وحينئذ فبتقدير أن يكون الباري لم يزل مريدا لأن يفعل شيئا بعد شيء يكون كل ما سواه حادثا كائنا بعد أن لم يكن وتكون الإرادة قديمة بمعنى أن نوعها قديم وإن كان كل من المحدثات مرادا بإرادة حادثة " ...
ويقول في تفصيل ذلك :
" وَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلِلنَّاسِ فِيهَا أَقْوَالٌ :
قِيلَ : الْإِرَادَةُ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ تَعَلُّقُهَا بِالْمُرَادِ ،وَنِسْبَتُهَا إلَى الْجَمِيعِ وَاحِدَةٌ وَلَكِنْ مِنْ خَوَاصِّ الْإِرَادَةِ أَنَّهَا تُخَصَّصُ بِلَا مُخَصِّصٍ . فَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كِلَابٍ وَالْأَشْعَرِيِّ . وَمَنْ تَابَعَهُمَا . وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ يَقُولُ : إنَّ هَذَا فَسَادُهُ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ .............
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : قَوْلُ مَنْ يَقُولُ بِإِرَادَةِ وَاحِدَةٍ قَدِيمَةٍ مِثْلُ هَؤُلَاءِ لَكِنْ يَقُولُ : تَحْدُثُ عِنْدَ تَجَدُّدِ الْأَفْعَالِ إرَادَاتٍ فِي ذَاتِهِ بِتِلْكَ الْمَشِيئَةِ الْقَدِيمَةِ كَمَا تَقُولُهُ الكَرَّامِيَة وَغَيْرُهُمْ . وَهَؤُلَاءِ أَقْرَبُ مِنْ حَيْثُ أَثْبَتُوا إرَادَاتِ الْأَفْعَالِ ، .....
الْقَوْلُ الثَّالِثُ قَوْلُ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يَنْفُونَ قِيَامَ الْإِرَادَةِ بِهِ . ثُمَّ إمَّا أَنْ يَقُولُوا بِنَفْيِ الْإِرَادَةِ أَوْ يُفَسِّرُونَهَا بِنَفْسِ الْأَمْرِ وَالْفِعْلِ أَوْ يَقُولُوا بِحُدُوثِ إرَادَةٍ لَا فِي مَحَلٍّ كَقَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ . وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَدْ عُلِمَ أَيْضًا فَسَادُهَا .
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُرِيدًا بِإِرَادَاتِ مُتَعَاقِبَةٍ . فَنَوْعُ الْإِرَادَةِ قَدِيمٌ وَأَمَّا إرَادَةُ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّمَا يُرِيدُهُ فِي وَقْتِهِ . وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُقَدِّرُ الْأَشْيَاءَ وَيَكْتُبُهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْلُقُهَا . فَهُوَ إذَا قَدَّرَهَا عَلِمَ مَا سَيَفْعَلُهُ وَأَرَادَ فِعْلَهُ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ لَكِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهُ أَرَادَ فِعْلَهُ فَالْأَوَّلُ عَزْمٌ وَالثَّانِي قَصْد ... )
ويقول كذلك رحمه الله :
" وَحِينَئِذٍ فَإِرَادَةُ الْمُعَيَّنِ تَتَرَجَّحُ لِعِلْمِهِ بِمَا فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَعْنَى الْمُرَجِّحِ لِإِرَادَتِهِ . فَالْإِرَادَةُ تَتْبَعُ الْعِلْمَ " ..
ولذلك قال بعد التعليق على التفريق بين العزم والقصد :
" وَسَوَاءٌ سُمِّيَ " عَزْمًا " أَوْ لَمْ يُسَمَّ فَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا قَدَّرَهَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَفْعَلُهَا فِي وَقْتِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي وَقْتِهَا . فَإِذَا جَاءَ الْوَقْتُ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ وَنَفْسِ الْفِعْلِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِمَا يَفْعَلُهُ " ..
5...
وعلى ذلك فقول الزميلة ملحدة :
فأقول : لم أجيبك لأني علمت بأنك لم تفرقي في سؤالك بين الإرادة كصفة أزلية من صفات ذات الله عز وجل ..
وبين الإرادات المنفصلة للأشياء والمخلوقات التي شاءها الله تعالى ..
وعلى هذا يكون جواب سؤالك :
صفة الإرادة أزلية في الله تعالى .. ويخلق بإرادات محدثة خاصة بكل خلق أو أمر شاءه سبحانه ..
" إنما أمره إذا أراد شيئا ًأن يقول له : كن : فيكون " ...
ولم أر جوابك بعد عن سؤالي عما ذكرتيه في أول مشاركة لك هنا في هذا الموضوع :
؟؟؟؟؟هل هو من اجتهادك الشخصي ؟؟..
أم توصلتي إليه من قراءة بعض كتب وردود الفلاسفة مثلا ًبعضهم على بعض ؟؟..
أم هو شيء قرأتيه فأعجبك واقتنعتي به فأوردتيه لنا ؟؟...
Bookmarks