صفحة 22 من 26 الأولىالأولى ... 122021222324 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 316 إلى 330 من 384

الموضوع: أصل التوحيد - بقلم الشيخ لطف الله خوجه

  1. #316

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=366436
    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

    **************

    [ 118 ]





    التوسل المشروع:

    ما كان بدعائه
    صلى الله عليه وسلم حال حياته،

    لا كما فهم
    من خالف قوله الكتاب والسنة:
    أنه توسل بالشخص أو الذات أو الجاه،
    لا بالدعاء،

    فأحدثوا عبادة
    لم ترد في النصوص الشرعية،
    فسُمي ما أحدثوه بدعة،
    وأُطلق على التوسل الذي أحدثوه:
    "التوسل البدعي".

    وقد تمسك هؤلاء بأدلة
    من تأملها وجد أنها حجة عليهم، لا لهم.
    ومن هذه:

    حديث استسقاء عمر بالعباس،
    وقد تقدم أنه نص في أن التوسل بدعاء الشخص،
    يكون حال حياته، لا بعد مماته،

    بدليل عدول الصحابة رضي الله عنه،
    وهم أفضل الأمة
    عن التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته
    إلى التوسل بعمه العباس رضي الله عنه ( 1 ).


    ومنها
    حديث الأعمى الذي سأل رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    أن يدعو الله له أن يعافيه،
    فعلَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء يدعو به
    بعد أن يتوضأ ويصلي ركعتين
    -كوسيلة بين يدي الدعاء
    ( 2 ).

    وهذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي
    صلى الله عليه وسلم،
    ودلائل نبوته، ودعائه المستجاب،
    وما أظهره الله ببركة دعائه من الخوارق؛

    فإنه صلى الله عليه وسلم بدعائه لهذا الأعمى،
    رد الله عز وجل عليه بصره،
    لا بتوسل الأعمى بذاته صلى الله عليه وسلم وجاهه.

    ولو كان السر في دعاء الأعمى وحده وتوسله
    بذات النبي صلى الله عليه وسلم وجاهه دون دعائه؛
    لكان كل من دعا بهذا الدعاء من العميان مخلصا،
    يعافى من وقته أو بعد حين.





    ``````````````````
    1- انظر ما تقدم في هذه الصفحة والتي قبلها.
    وانظر كتاب التوسل حكمه وأقسامه ص45-57.

    2- أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 138.
    والترمذي في جامعه، كتاب الدعوات، باب 119، وقال: حسن صحيح غريب،
    والحاكم في المستدرك 1/ 519، وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.

  2. #317

    افتراضي


    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=366436
    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

    **************

    [ 119 ]



    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية
    رحـمه الله:

    وكذلك لو كان كل أعمى توسل به
    ولم يدع له الرسول صلى الله عليه وسلم
    بمنزلة ذلك الأعمى،
    لكان عميان الصحابة، أو بعضهم
    يفعلون مثل ما فعل الأعمى.
    فعدلوهم عن هذا إلى هذا
    -مع أنهم السابقون الأولون؛ المهاجرون والأنصار
    والذين اتبعوهم بإحسان؛

    فإنهم أعلم منا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
    وما يشرع من الدعاء وما ينفع،
    وما لم يشرع ولا ينفع
    وما يكون أنفع من غيره،

    وهم في وقت ضرورة ومخمصة وجدب
    يطلبون تفريج الكربات، وتيسير العسير،
    وإنزال الغيث بكل طريق ممكن
    -دليل على أن المشروع
    ما سلكوه
    دون ما تركوه ( 1 ).



    واستدلال المخالفين بحديث الأعمى
    على جواز التوسل بالذات أو الجاه
    مردود لما يلي:

    1- إن الأعمى إنما جاء طالبا الدعاء؛
    فالمسألة من بدايتها توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

    2- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وعده بالدعاء،
    وهو صلى الله عليه وسلم لا يخلف وعده أبدا.
    وقد دعا له كما وعده.

    3- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّم الأعمى
    دعاء يدعو به،
    وفيه قوله:
    "اللهم فشفعه فيَّ، وشفعني فيه".
    والشفاعة هي الدعاء.

    "فشفعه فيَّ":
    أي شفع نبيك صلى الله عليه وسلم فيَّ،
    أي اقبل دعاءه لي بأن ترد علي بصري.

    "وشفعني فيه
    أي اقبل دعائي في أن تقبل دعاء النبي
    صلى الله عليه وسلم لي ( 2 ).

    وثمة أدلة أخرى استدلوا بها،
    كلها في مصاف الموضوعات،
    التي لا تنهض بها الحُجة ( 3 ).



    ``````````````````
    1 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 1/ 326.

    2 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 2/ 287-387.
    والتوصل إلى حقيقة التوسل للرفاعي ص229-232،
    والتوسل حكمه وأقسامه ص59-66.

    3- انظر: مجمموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 1/ 142-368،
    وكذلك: ما جمعه علي بن حسين أبو لوز من شبهاتهم في كتاب:
    التوسل حكمه وأقسامه ص79-103.

  3. #318

    افتراضي


    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=366436
    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

    **************

    [ 120 ]



    المطلب الثاني:

    اتخاذ القبور مساجد، والبناء عليها،
    والصلاة إليها من الوسائل المفضية إلى الشرك

    تمهيد:

    ذكرنا فيما مضى أن رسولنا صلى الله عليه وسلم
    كان حريصا على
    حـماية جناب التوحيد ( 1 ).

    ومن مظاهر حرصه صلى الله عليه وسلم،
    تلك الأحاديث الكثيرة التي قالها يحذّر أمته
    عن سلوك الطرق التي تفضي إلى الشرك
    من اتخاذ القبور مساجد،
    أو البناء عليها،
    أو الصلاة إليها.

    ويمكن تصنيف هذه الأحاديث
    وفق الموضوعات التالية:

    أولا- أحاديث تنهى عن اتخاذ القبور مساجد،
    أو البناء عليها:
    ومنها:

    1- ما جاء في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها
    أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    كنيسة رأتها بأرض الحبشة،
    وما فيها من الصور؛

    فقال صلى الله عليه وسلم:

    "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح،
    أو العبد الصالح
    بنوا على قبره مسجدا
    وصوروا فيه تلك الصور،
    أولئك شرار الخلق عند الله"( 2 ).



    ويلاحظ الوعيد في هذا الحديث
    في قوله صلى الله عليه وسلم:
    "أولئك شرار الخلق عند الله

    وهذا الوعيد يتناول من اتخذ قبور الأنبياء مساجد،

    ومعنى اتخاذها مساجد:
    أي
    بناء المساجد عليها( 3 ).

    ومعلوم أن الفتنة بالقبور
    كالفتنة بالأصنام،
    أو أشد.





    ``````````````````
    1 - انظر ص151 من هذا الكتاب.

    2 - صحيح البخاري، كتاب الصلاة،
    باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد؟




    3 - انظر فتح الباري لابن حجر 1/ 524.


  4. #319

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=366436
    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

    **************

    [ 121 ]



    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله:

    وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع صلى الله عليه وسلم
    عن اتخاذ المساجد على القبور،

    هي التي أوقعت كثير من الأمم،
    إما في الشرك الأكبر،
    أو فيما دونه من الشرك

    فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه
    أقرب إلى النفوس
    من الشرك بخشبة أو حجر؛

    ولهذا تجد أهل الشرك يتضرعون عندها
    ويخشعون ويخضعون ويعبدون بقلوبهم
    عبادة لا يفعلونها في بيوت الله
    ولا وقت السَحر،

    ومنهم من يسجد لها،
    وأكثرهم يرجون
    من بركة الصلاة عندها والدعاء
    ما لا يرجونه في المساجد ( 1 ).

    فنهى صلى الله عليه وسلم
    عن بناء المساجد عليها
    حسمًا لمادة الشرك ،
    وسدًا للطرق المفضية إليه.

    ``````````````````
    1 - نقل ذلك عنه الشيخ عبد الرحمن بن حسن
    في كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص312.

  5. #320

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=366436
    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

    **************

    [ 122 ]


    [من الأحاديث التي تنهى عن اتخاذ القبور مساجد،
    أو البناء عليها]



    2- ما روته أم المؤمنين عائشة،
    وابن عباس رضي الله عنه قالا:
    لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم
    طفق يطرح خميصة له على وجهه،
    فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه؛
    فقال وهو كذلك:

    "لعنة الله على اليهود والنصارى،
    اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"
    يحذّر ما صنعوا.

    قالت عائشة رضي الله عنها:

    ولولا ذلك لأُبرز قبره
    غير أنه خشي أن يُتخذ مسجدا
    ( 1 )؛

    أي: لولا نهيه صلى الله عليه وسلم
    عن اتخاذ المساجد على القبور
    لكشف قبر النبي صلى الله عليه وسلم،
    ولم يتخذ عليه الحائل.

    فلعن - عليه الصلاة والسلام -
    في هذا الحديث من كان قبلنا،
    وأنكر عليهم.


    وإنكاره صنيعهم هذا
    يخرج على وجهين:

    أحدهما:
    أنهم يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لهم.

    والثاني:

    أنهم يجوزون الصلاة في مدافن الأنبياء
    والسجود في مقابرهم،
    والتوجه إليها حالة الصلاة
    نظرا منهم بذلك إلى عبادة الله،
    والمبالغة في تعظيم الأنبياء.

    والأول هو
    الشرك الجلي،

    والثاني
    الخفي؛

    فلذلك استحقوا اللعن ( 2 ).






    ``````````````````
    1 - صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب 55.
    وصحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
    باب النهي عن بناء المساجد على القبور.




    2 - تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص327.



  6. #321

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=366436
    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

    **************



    [ 123 ]

    [من الأحاديث التي تنهى عن اتخاذ القبور مساجد،
    أو البناء عليها]

    3- ما رواه جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال:
    سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
    قبل أن يموت بخمس وهو يقول:

    "ألا وإن من كان قبلكم
    كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد،
    إني أنهاكم عن ذلك"( 1 ).



    ولهذا النهي منه صلى الله عليه وسلم
    "بالغ المسلمون في سد الذريعة
    في قبر الرسول صلى الله عليه وسلم،
    فأعلوا حيطان تربته، وسدوا المداخل إليها،
    وجعلوها محدقة بقبرة صلى الله عليه وسلم،
    ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة
    إذا كان مستقبل المصلين،
    فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة،
    فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين،
    وتحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث
    من جهة الشمال،
    حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره"( 2 ).







    ``````````````````
    1 - صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
    باب النهي عن بناء المساجد على القبور.




    2 - المفهم شرح صحيح مسلم للقرطبي 2/ 932.



  7. #322

    افتراضي

    [ 124 ]


    4- ما رواه جابر بن عبد الله
    -رضي الله عنهما- قال:

    نهى رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    أن يُجصص القبر،
    وأن يُقعد عليه،
    وأن يُبنى عليه ( 1 ).





    ويلاحظ النهي عن البناء على القبور
    في هذه الأحاديث،
    واللعن على ذلك؛

    "فهذا التحذير منه صلى الله عليه وسلم،
    واللعن عن مشابهة أهل الكتاب
    في بناء المساجد على قبر الرجل الصالح
    صريح في النهي عن المشابهة في هذا،
    ودليل على الحذر من جنس أعمالهم؛
    حيث لا يؤمن في سائر أعمالهم
    أن تكن من هذا الجنس،

    ثم من المعلوم ما قد ابتلي به كثير من هذه الأمة؛
    من بناء المساجد على القبور،
    واتخاذ القبور مساجد بلا بناء.
    وكلا الأمرين محرم،
    ملعون فاعله بالمستفيض من السنة"( 2 ).






    ``````````````````
    1 - صحيح مسلم، كتاب الجنائز،
    باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه.




    2 - اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 1/ 295.



  8. #323

    افتراضي

    [ 125 ]

    5- ما رواه أبو الهياج الأسدي،
    قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
    ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله
    صلى الله عليه وسلم:

    "أن لا تدع تمثالا إلا طمسته،
    ولا قبرا مشرفا إلا سويته" ( 1 )؛

    ففي قوله:
    "أن لا تدع تمثالا إلا طمسته":
    الأمر بتغييير صور ذوات الأرواح ( 2 ).

    وقوله:
    "ولا قبرا مشرفا إلا سويته":
    أي لا يرفع القبر على الأرض رفعا كثيرا، ولا يُسنَّم،
    بل يرفع نحو شبر، ويُسطَّح ( 3 ).



    قال العلامة محمد بن علي الشوكاني
    رحـمه الله:

    "اعلم أنه اتفق الناس سابقهم ولاحقهم،
    وأولهم وآخرهم،
    من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت:
    أن رفع القبور والبناء عليها
    بدعة من البدع
    التي ثبت النهي عنها،
    واشتد وعيد رسول الله
    صلى الله عليه وسلم لفاعلها"( 4 ).





    ``````````````````
    1 - صحيح مسلم، كتاب الجنائز،
    باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه.

    2- انظر شرح النووي على صحيح مسلم 7- 36.

    3- أضواء البيان للشنقيطي 3/ 177-178
    شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني ص17..

    4 - شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني ص17.

  9. #324

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء

    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    `````````````````````````````` ````````````````


    [ 126 ]


    ثانيا:
    أحاديث تنهى عن الصلاة إلى القبور،
    أو اتخاذها عيدا:
    ومنها:

    الأحاديث التي تقدمت
    بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد،
    دليل واضح في النهي عن الصلاة إليها؛
    لأن من قصد القبور للصلاة عندها، أو إليها،
    فقد اتخذها مساجد وأعيادا،
    وارتكب ما نهى الله ورسوله عنه،
    ووقع في وسيلة من وسائل الشرك الأكبر ( 1 ).




    وقد دلت أحاديث كثيرة
    على تحريم الصلاة إلى القبور،
    أو اتخاذها عيدا،
    ومن ذلك:

    1- ما رواه أبو مرثد الغنوي رضي الله عنه
    عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    " لا تصلوا إلى القبور،
    ولا تجلسوا إليها"
    ( 2 )؛

    ففيه تصريح بالنهي
    عن الصلاة إلى قبر.

    قال الشافعي رحـمه الله:

    وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا
    مخافة الفتنة عليه
    وعلى من بعده من الناس
    ( 3 ).






    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله
    معلقا على هذا الحديث:

    فلا يجوز أن يصلي إلى شيء من القبور؛
    لا قبور الأنبياء ولا غيرهم،
    لهذا الحديث الصحيح،

    ولا خلاف بين المسلمين
    أنه لا يُشرع أن يقصد الصلاة إلى القبر،
    بل هذا من البدع المحدثة،

    وكذلك قصد شيء من القبور
    لا سيما قبور الأنبياء والصالحين عند الدعاء.

    وإذا لم يجز قصد استقباله
    عند الدعاء لله تعالى،
    فدعاء الميت نفسه
    أولى أن لا يجوز،

    كما أنه لا يجوز أن يصلي مستقبله،
    فلأن لا يجوز الصلاة له بطريق الأولى ( 4 ).





    ``````````````````
    1 - انظر الإرشاد إلى توحيد رب العباد
    للشيخ عبد الرحمن بن حماد آل عمر ص97.

    2 - صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه.

    3- شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 38.

    4 - قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص294-295.

  10. #325

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء

    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    `````````````````````````````` ````````````````

    [ 127 ]

    2- ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه
    عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

    "لا تجعلوا بيوتكم قبورا،
    ولا تجعلوا قبري عيدا،
    وصلوا علي،
    فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم
    "
    ( 1 ).

    فإذا كان هذا في حق قبره صلى الله عليه وسلم
    الذي هو أفضل قبر على وجه الأرض،
    فكيف بقبر غيره من البشر.


    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله
    معلقا على هذا الحديث:

    "ووجه الدلالة:
    أن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
    أفضل قبر على وجه الأرض.
    وقد نهى عن اتخاذه عيدا.
    فقبر غيره أولى بالنهي
    كائنا من كان
    ،

    ثم إنه قرن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:

    "ولا تتخذوا بيوتكم قبورا":
    أي لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة،
    فتكون بمنزلة القبور.
    فأمر بتحري العبادة في البيوت،
    ونهى عن تحريها عند القبور ( 2 ).





    ``````````````````
    1 - أخرجه الإمام أحـمد في المسند 2/ 367.
    وأبو داود في السنن، كتاب المناسك، باب زيارة القبور.

    2 - اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 2/ 657.


  11. #326

    افتراضي


    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء

    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    `````````````````````````````` ````````````````


    [ 128 ]


    ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله

    أن من أعظم المحدثات
    وأسباب الشرك بالقبور:

    الصلاة عندها،
    واتخاذها مساجد،
    وبناء المساجد عليها.

    وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم
    بالنهي عن ذلك
    والتغليظ فيه ( 1 ).


    ولصحة هذه النصوص وتواترها
    عن النبي صلى الله عليه وسلم،
    وتنوع الوعيد الوارد فيها،
    أجـمع أهل العلم
    من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
    ومن بعدهم من سلف هذه الأمة
    وجـميــع من سار على نهجهم
    على
    تحريم اتخاذ المساجد
    على القبور،
    أو البناء عليها،
    أو الصلاة إليها.

    ومن غربة الإسلام أن هذا الذي لعن رسول الله
    صلى الله عليه وسلم فاعليه
    تحذيرا لأمته أن يفعلوه معه صلى الله عليه وسلم
    ومع الصالحين من أمته،

    قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة،
    واعتقدوه قربة من القربات،
    وهو من أعظم السيئات والمنكرات،
    وما شعروا أن ذلك محادَّة لله ورسوله
    صلى الله عليه وسلم ( 2 ).



    ``````````````````
    1 - انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص313.
    2- انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص315.

  12. #327

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء

    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    `````````````````````````````` ````````````````


    [ 129 ]

    المطلب الثالث:
    الغلو في الأنبياء والصالحين،
    والتبرك بآثارهم
    من الوسائل المفضية إلى الشرك

    تمهيد:

    أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي الأمة الوسط،
    وهي الأمة المجانبة للغلو والإجحاف،
    فلا إفراط عندها
    ولا تفريط.

    وقد نُهيت هذه الأمة عن الغلو
    على لسان رسولها صلى الله عليه وسلم،
    في قوله:
    "إياكم والغلو في الدين؛
    فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"
    ( 1 ).

    والنهي عن الغلو
    نهي عن الشرك؛

    لأن الغلو مطية الشرك بالله عز وجل،

    والشرك بالله أعظم ذنب
    عُصي الله عز وجل به.

    لذلك يجب على أبناء هذه الأمة الحذر منه،
    لئلا يهلكوا كما هلك من كان قبلهم،
    فيخسروا دنياهم،
    ويوبقوا أُخراهم.




    ``````````````````````
    1- أخرجه النسائي في السنن، كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى.
    وابن ماجه في السنن، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي.
    وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/ 176-177.

  13. #328

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء
    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    `````````````````````````````` ````````````````




    [ 130 ]



    من مظاهر الغلو الذي نهينا عنه:
    الغلو في الأنبياء والصالحين؛

    فإن الشياطين ما اجتالت البشرية عن فطرتها
    التي فطرها الله عليها،
    إلا بالغلو في رجال صالحين،

    حتى قال قائلها:

    { لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ
    وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا
    وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}

    [نوح: 23] .

    وبيان هذا المظهر من مظاهر الغلو
    الذي نهينا عنه يمكن في المسائل التالية:

    المسألة الأولى:
    المبالغة في مدح الأشخاص

    المخلوق له منزلة لا يتعداها.
    فإن جاوز الناس فيها حدها؛
    فقد غلوا فيه.

    وإنما حدثت عبادة الأصنام
    بسبب الغلو في المخلوق،
    وإنزاله فوق منزلته،

    حتى جعل فيها حظ من الإلهية،
    وشبه بالله تعالى.

    وهذا هو التشبيه الذي أبطله الله عز وجل،
    وبعث رسله بإنكاره،
    والرد على أهله ( 1 ).


    ``````````````````````
    1- الدين الخالص لصديق حسن خان 2/ 445.

  14. #329

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء

    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    `````````````````````````````` ````````````````


    [ 131 ]

    رسولنا صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم،
    وأفضل الأنبياء والمرسلين،
    وأول شافع وأول مشفَّع
    قد حذرنا من الغلو فيه،
    والإسراف في مدحه،

    حتى قال صلى الله عليه وسلم:
    "لا تطروني
    ( 1 )
    كما أطرت النصارى ابن مريم؛
    فإنما أنا عبده،
    فقولوا:
    عبد الله رسوله"
    ( 2 ).


    وحين جاءه ناس فقالوا له:
    يا خيرنا وابن خيرنا،
    وسيدنا وابن سيدنا،

    قال:
    "يا أيها الناس! قولوا بقولكم،
    ولا يستهوينكم الشيطان،
    وأنا محمد عبد الله ورسوله
    ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي
    التي أنزلني الله عز وجل"
    ( 3 ).

    فإذا كان هذا النهي في حقه
    صلى الله عليه وسلم:
    أن لا يزاد في مدحه،
    فغيره أولى
    أن لا يزاد في مدحهم.





    ``````````````````````
    1- الإطراء: المدح والزيادة في الثناء. "المعجم الوسيط لجماعة من المؤلفين ص556".

    2- صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء،
    باب قول الله تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ } .

    3- أخرجه الإمام أحمد في المسند 3/ 153، 241.


  15. #330

    افتراضي

    المفيد في مُهمات التوحيد
    للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
    جزاه الله تعالى خير الجزاء

    http://shamela.ws/index.php/author/1987
    `````````````````````````````` ````````````````

    [
    132 ]

    ليست المبالغة في مدحه صلى الله عليه وسلم
    دليلا على محبته،
    فإن المحبة إنما تُعلم بالاتباع،

    ولو كان هؤلاء المسرفين في المدح صادقين في حبه
    صلى الله عليه وسلم،
    لامتنعوا عن الغلو فيه؛
    لأنه نهى عن ذلك،
    وأمرنا أن ننتهي عما نهانا عنه.

    يقول صلى الله عليه وسلم:
    "فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه،
    وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"
    ( 1 ).


    ونحن نحبه صلى الله عليه وسلم،
    وهو أحبُّ إلينا
    من أنفسنا، وآبائنا،
    وأبنائنا، وأهلينا، وأموالنا.

    ونعلم أنه لا طريق إلى الله
    إلا بمتابعته صلى الله عليه وسلم،
    وفعل ما أمر،
    والانتهاء عما نهى عنه وزجر.
    فلا نفعل ما نهانا عنه من الغلو فيه،
    ومجاوزة الحد في شخصه الكريم.


    ``````````````````````
    1- صحيح البخاري، كتاب الاعتصام،
    باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

صفحة 22 من 26 الأولىالأولى ... 122021222324 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الشيخ عبد الله العجيري يمدح منتدى التوحيد
    بواسطة د. هشام عزمي في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-28-2014, 10:26 PM
  2. لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!! / للشيخ لطف الله خوجه
    بواسطة أبو فراس السليماني في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-23-2014, 12:40 AM
  3. ما هو ابن عربي؟! / للشيخ لطف الله خوجه
    بواسطة أبو فراس السليماني في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-05-2013, 10:18 AM
  4. أشتاق الى الله ... بقلم الشيخ هانى حلمى
    بواسطة طالبه علم في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-21-2008, 03:20 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء