التصويت بـ(نعم) على الدستور المصري الجديد

[أبو القـاسم]

أرجو ألا يكون الدعوة من الناس وطلبة العلم والعلماء للتصويت بنعم على طريقة أن الدستور نفسه جيد وما أشبه ذلك ومحاولة بيان أنه يحقق التوافق مع الشريعة وأن الأمر لا يعدو أن يكون خلافا سائغا أو أن بعض البنود فيها خفاء وما أشبه ذلك ، فهذا أمر خطير جدا ..ولهذا فإني أكرر ما قلت وأؤكد عليه وأعجب من سكوت طائفة من الشيوخ عن إيضاحه:
1-التصويت بنعم ليس المراد به عين الدستور بل حقيقة (نعم ) التي نريد ومدلولها الذي نعني: أن نقول: ( لا ) في وجه الكفر الأشد والشر الأعظم فيما لو لم يقر الدستور الحالي مادام أن الشواهد تدل على ذلك في عين أهل الخبرة ..ومن ذلك مثلا اجتماع عزم الكفرة والمنافقين على قول : لا ..(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ، ومعلوم أنه إذا انحصرت القسمة في كفرين أو شرين أحدهما أشد بحسب تقدير المجتهد المطالع للأحداث ، فلابد من دفع الأعظم منهما..ولايكون هذا إقرارا للأدنى منهما ..
2-وهذا يعني أنه يجب حتمًا لازمًا أن تكون الخطوة التالية : السعي حثيثا من كل مسلم قادر بكل الادوات المتاحة بعد الاستعانة بالله عز وجل إلى استبدال القوانين الشرعية بالقوانين الجاهلية الحالية ..وهذا أمر مهم جلل ..خطير جدا ، لابد أن يراعى لأن إقرار الدستور بكل ما فيه : دون عقد العزم على تغييره هو من إقرار الكفر والرضا به فيكون كفرًا ! لاشتماله على بعض القوانين الكفرية في ظاهرها
3-ولعله سوغ ما سبق أن الإسلاميين في الحكم أدركوا من أنفسهم ضعفا بالغا جعل الحد الأدنى للمطلوب الشرعي خارجا عن دائرة قدراتهم ..لكون الرئيس وفقه الله تعالى وسدده محاطا بعقبات وعراقيل ومؤامرات في الداخل والخارج ومكبل بأذرع الدولة العميقة..فكان التكليف على قدر الوسع ، وفق اجتهاد أهل الشأن

[ابن عبد البر الصغير]

أرجو ألا يكون الدعوة من الناس وطلبة العلم والعلماء للتصويت بنعم على طريقة أن الدستور نفسه جيد وما أشبه ذلك ومحاولة بيان أنه يحقق التوافق مع الشريعة وأن الأمر لا يعدو أن يكون خلافا سائغا أو أن بعض البنود فيها خفاء وما أشبه ذلك ، فهذا أمر خطير جدا ..ولهذا فإني أكرر ما قلت وأؤكد عليه وأعجب من سكوت طائفة من الشيوخ عن إيضاحه

بارك الله فيك على هذا الملحظ، وفي الحقيقة لا يوجد إغفال لهذه النقطة ولا يوجد من قال - حسب علمي - بأن هناك خلاف سائغ في المسألة تحديدا، أو هو موافق للشريعة عموما إنما التصويت بنعم على الدستور جملة له مقصد شرعي أصولي كما ذُكر سابقا . فالدستور عبارة عن بنود ، فيها الموافق للإسلام وفيها المخالف له المظلم، فكونه متضمنا للحسن والخبيث فهذا محل اتفاق ولا شك، لكن فيه بعض الغامض الذي يختلف في فهمه. فتكون بنود الدستور بين :

- الموافق للشريعة .

- المخالف لها .

- الغامض .

فليس معنى وجود الغامض فيه أنه دستور موافق للإسلام جملة، بل الطوام الواضحة التي به كفيلة برده جملة إن كان الواقع بخلاف ما هو عليه الآن، لكن لما كان هذا أقصى المأمول الآن وأنه في حالة رده سيأتي ما هو أسوء منه، كان هذا الدستور أفضل من غيره وأقل سوءا من الأسوء .

فمن جهة هو أفضل من الدستور الحالي، وأفضل مما سيأتي عبر القوى العَلمانية، لكن لا يعني هذا خلوه من المهلكات، كما لا يعني خلوه من بعض الأشياء الحسنة . فهو يتضمن حقا وباطلا ولو كان كفرا من ألفه إلى يائه لما جاز قبوله حتى من باب فقه الأولويات والمقاصد وهذا مسلك دقيق أيضا .

[أبو القـاسم]

مرادي متوجه لمجموعة من الشيوخ رأيتهم يمدحون الدستور بإطلاق ويرغبون الناس في التصويت بنعم على عين الدستور وأن مواده كذا وكذا ، وأما ما يعد غموضا فالأصل فيه أنه يرجع في معناه للعرف القانوني والسياسي في فهمه ..هذا هو الأصل فيزول الغموض عن جملة مما قيل فيه إنه كذلك ، فحين يقال إن مصر دولة دولة ديمقراطية : هذه مادة كفرية ..ولا يصح أن يقال المراد به الآليات وما أشبه ، خصوصا حين يعلم المطالع أن الذين تمسكوا بهذه المواد هم أعداء الإسلام ..وكما ان المجمل القراني تبينه النصوص الاخرى من كتاب وسنة ، فكذلك عندهم نصوص القانون المجملة المعبر عنها باصطلاحات ذات منشأ غربي إنما يرجع في فهمها إلى مدلولاتها عند القوم ، وهذه قضية عقلية ...ولو انهم نصوا على قيد فقيل :دولة ديمقراطية في بعض الآليات ..لكان مشكلا أيضا من جهة الشرع ..وكان يمكن أن أعدها غموضا مقبولا لو قيل : ديمقراطية بما لا يخالف الشريعة ..فهذه من جهة ستكون تفريغا لمعاني الديمقراطية الباطلة من مضمونها ، ومن جهة سيكون فيها غموض ومثار إشكال مستقبلي ..حين يزعمون أن الشريعة فقط ما يسمونه هم قطعيات ..وغير ذلك ..