النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: فائدة في الحكمة من تنوع العبادات في الإسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    274
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي فائدة في الحكمة من تنوع العبادات في الإسلام

    يقول الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع :
    ’’ثم اعلم أن حكمة الله ـ عزّ وجل ـ، أن الله نوّع العبادات في التكليف؛ ليختبر المكلف كيف يكون امتثاله لهذه الأنواع، فهل يمتثل ويقبل ما يوافق طبعه، أو يمتثل ما به رضا الله عزّ وجل؟
    فإذا تأملنا العبادات: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وجدنا أن بعضها بدنيٌّ محض، وبعضها ماليٌّ محض، وبعضها مركّب، حتى يتبين الشحيح من الجواد، فربما يهون على بعض الناس أن يصلي ألف ركعة، ولا يبذل درهماً، وربما يهون على بعض الناس أن يبذل ألف درهم ولا يصلي ركعة واحدة، فجاءت الشريعة بالتقسيم والتنويع حتى يعرف من يمتثل تعبداً لله، ومن يمتثل تبعاً لهواه.

    فالصلاة مثلاً عبادة بدنية محضة، وما يجب لها مما يحتاج إلى المال، كماء الوضوء الذي يشتريه الإنسان، والثياب لستر العورة تابع، وليس داخلاً في صلب العبادة.

    والزكاة مالية محضة، وما تحتاج إليه من عمل بدني كإحصاء المال وحسابه، ونقل الزكاة إلى الفقير والمستحق فهو تابع، وليس داخلاً في صلب العبادة.

    والحج مركب من مال وبدن إلا في أهل مكة فقد لا يحتاجون إلى المال، لكن هذا شيء نادر، أو قليل بالنسبة لغير أهل مكة.

    والجهاد في سبيل الله مركب من مال وبدن، ربما يستقل بالمال وربما يستقل بالبدن.

    فالجهاد من حيث التركيب أعم العبادات؛ لأنه قد يكون بالمال فقط، وقد يكون بالبدن فقط، وقد يكون بهما.

    والتكليف أيضاً ينقسم من وجه آخر، إلى: كف عن المحبوبات، وإلى بذل للمحبوبات، وهذا نوع من التكليف أيضاً.

    كف عن المحبوبات مثل الصوم، وبذل للمحبوبات كالزكاة؛ لأن المال محبوب إلى النفس، فلا يبذل المال المحبوب إلى النفس إلا لشيء أحب منه.

    وكذلك الكف عن المحبوبات، فربما يهون على المرء أن ينفق ألف درهم، ولا يصوم يوماً واحداً أو بالعكس، ومن ثم استحسن بعض العلماء استحساناً مبنياً على اجتهاد، لكنه سيء حيث أفتى بعض الأمراء أن يصوم شهرين متتابعين بدلاً عن عتق الرقبة في الجماع في نهار رمضان.

    وقال: إن ردع هذا الأمير بصيام شهرين متتابعين، أبلغ من ردعه بإعتاق رقبة؛ لأنه ربما يعتق ألف رقبة ولا يهون عليه أن يصوم يوماً واحداً.

    لكن هذا اجتهاد فاسد لأنه مقابل للنص، ولأن المقصود بالكفارات التهذيب والتأديب وليس تعذيب الإنسان، بل تطهيره بالإعتاق، فقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أن من أعتق عبداً فإن الله يعتق بكل عضو منه عضواً من النار» فهو فكاك من النار، فيكون أفضل وأعظم، فالحاصل أنك إذا تأملت الشريعة الإسلامية والتكاليف الإلهية وجدتها في غاية الحكمة والمطابقة للمصالح.‘‘.اهـ من موقع الشيخ رحمه الله

    وللشيخ عبد الكريم الخضير في شرحه على زاد المستقنع كتاب الصيام كلام في هذا تحت عنوان: حكمة تنوع العبادات:
    ’’العبادات المشروعة متنوعة، فمنها ما يختص بالبدن، ومنها ما يختص بالمال، ومنها ما هو مشترك، ومنها ما هو في السر، ومنها ما هو في العلانية، ومنها ما يرتبط بالبدن، ومنها ما يرتبط بالقلب، ومنها ما يرتبط باللسان، والشرع نوع هذه العبادة، هذه العبادات لحكم، ولشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- رسالة في تنوع العبادات.
    فمن حكمة الله -عز وجل- أن جعل العبادات أنواعاً في التكاليف ليختبر المكلف، كيف يكون امتثاله لهذه الأنواع، هل يمتثل ويقبل ما يوافق الطبع؟ أو يمتثل ما به رضا الله -عز وجل-؟ الناس أجناس، ولهم طبائع، فإذا تأملنا العبادات جميعها وجدناها على أنواع، بعضها بدني محض، وبعضها مالي محض، وبعضها مركب منهما، حتى يتبين الكسول من غيره، والشحيح من الجواد، فربما سهل على بعض الناس أن يصوم النهار كله، النهار ويصلي الليل كله، لكن لا يسهل عليه أن يتصدق بدرهم، مثل هذا اختبر بالعبادات المالية، امتحن، وقد يسهل عليه خوض المعارك الضارية، ولا يهون عليه أن يبذل شيئاً من المال ولو يسيراً، وبالعكس، فقد يسهل على الإنسان أن يخرج من جميع ما يملك، ولا يجاهد، أو يبذل الأموال ولا يصلي ركعة، وهكذا، فتنوع العبادات يحقق هذه الأمور كلها، ويتميز الممتثل من غيره، بعض الناس لو تقول له: ناولني هذا الكتاب أو هذا الكوب بريال ما رضي، وبعض الناس يبذل نفسه دون الريال.
    لا شك أن الناس متفاوتين، فهؤلاء يمتحنون، الشحيح يمتحن بالعبادات المالية، والطرف الآخر يمتحن بالعبادات البدنية.

    ذكر بعضهم، بعض شراح الصحيح كالكرماني وغيره عن بعض السلف أنه نذر إن اغتاب أحداً تصدق بدرهم، فهانت عليه الغيبة، لماذا؟ لأن الإنفاق سهل عليه، يسير، ثم إنه بعد ذلك نذر أنه إن اغتاب أحداً صام يوماً، فكف عن الغيبة لصعوبة الصيام عليه، فمن أجل هذا كله جاء تنوع العبادات الشرعية ليتم امتحان العباد حتى يعرف من يمتثل تعبداً لله، ومن يمتثل تبعاً لهواه.
    فالصلاة مثلاً عبادة بدنية محضة، وما يجب لها مما يحتاج إلى المال مما يحتاج إلى المال كماء الوضوء الذي يشتريه، والثياب لستر العورة تابع، وليس داخلاً في صلب العبادة.
    أقول: الصلاة عبادة بدنية محضة، وما يجب لها مما يحتاج إلى المال مما يحتاج إلى المال، كماء الوضوء مثلاً، قد لا يجد ماء يتوضأ به، يمر البقالة ويشتري بريالين ماء، أو بريال ما يكفيه، لماذا لا نقول الصلاة عبادة مالية؟ لا، نقول: المال ثبت تعباً وليس مقصوداً لذاته، احتاج أن يركب ليؤدي الصلاة بأجرة، هذا المال ثبت تبعاً لا استقلالاً، وليس داخلاً في صلب العبادة، والزكاة مالية محضة، وما يحتاج، أو ما تحتاج إليه من عمل بدني، كإحصاء المال وحسابه ونقله إلى الفقراء، فهو تابع وليس داخلاً في صلب العبادة، لا شك أن الزكاة تحتاج إلى البدن، لكن الأصل فيها المال، يحتاج إلى نقلها إلى الفقراء، يحتاج إلى حسابات، وقيود، مما يقوم به البدن، لكنه تابع على ما ذكرنا، وليس داخلاً في صلب العبادة.
    والحج مركب من مال وبدن، والجهاد مثله.
    الحج مركب لماذا لا نقول: إن الحج الأصل فيه البدن والمال تبع؟ نقول: الحج المال يشكل جزء كبير منه، ليس المسألة انتقال من مكان إلى مكان قريب يكون تبعاً، الحج فيه جزاءات مالية أيضاً، وفيه الاستطاعة بالمال، والزاد والراحلة، فنصيب المال كبير، وذكرنا أن لشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- رسالة في تنوع العبادات، يحسن ويجدر بطالب العلم الاطلاع عليها كغيرها من كتبه ورسائله -رحمه الله-.‘‘ اهـ من موقع الشيخ
    التعديل الأخير تم 12-11-2012 الساعة 01:09 AM
    إنَّ سيرةَ محمّدٍ -صلى الله عليه وسلّم- تقتضي تصديقَهُ ضرورةً وتشهد له بأنَّه رسول الله حقًّا، فلو لم تكن له معجزةٌ غير سيرتِه لكفى. ابن حزم/ الفصل.

  2. #2

    افتراضي

    أحسنتِ وأجدتِ؛ بارك الله فيكِ.
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  3. #3

    افتراضي

    رائعة تلك الكلمات من الشيخين ....
    اللهم اجعلها في ميزان حسناتهما ...
    بارك الله فيكم ...
    التعديل الأخير تم 12-11-2012 الساعة 06:29 PM

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    274
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وفيكم بارك الله وجزاكم خيرًا على المرور الكريم
    إنَّ سيرةَ محمّدٍ -صلى الله عليه وسلّم- تقتضي تصديقَهُ ضرورةً وتشهد له بأنَّه رسول الله حقًّا، فلو لم تكن له معجزةٌ غير سيرتِه لكفى. ابن حزم/ الفصل.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    274
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    في رسالة شيخ الاسلام المذكورة أعلاه ضمن كلام الشيخ عبد الكريم الخضير؛ تحدّث فيها شيخ الإسلام عن التنوع في جنس العبادة الواحدة؛ بمعنى العبادة التي ثبتت على وجوهٍ متنوعة، وليس إلى التنوع الذي سبق أن ذكره الشيخان:
    قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: [ فصلٌ: العبادات التي جاءت على وجوه متنوعة، قد تقدم القول في مواضع : أنّ العبادات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على أنواع يُشرع فعلها على جميع تلك الأنواع لا يكره منها شيء، وذلك مثل أنواع التشهدات وأنواع الاستفتاح، ومثل الوتر أول الليل وآخره، ومثل الجهر بالقراءة في قيام الليل والمخافتة، وأنواع القراءات التي أنزل القرآن عليها، والتكبير في العيد ومثل الترجيع في الأذان وتركه، ومثل إفراد الإقامة وتثنيتها..إلخ ].
    وكما هو واضح من كلامه -رحمه الله- فهو تناولها من جهة مشروعية تلك الوجوه أو الأنواع أو مشروعية التعبد بها جميعا أو المداومة على شيء منها، ولم يتعرّض لحكمة هذا التنوع خلا بعض الإشارات إن سمحتم لي أن أستشفها من كلامه دون أن تحرموني من التصويب بارك الله فيكم:

    أولا فرّق شيخ الاسلام بين قسمين من هذه العبادات المتنوعة الأوجه: قسم متفق عليه وتنازعوا في الوجه الأفضل ،وقسم متنازع في مشروعيته على هذا الوجه، والقسم الأول -وهو ما يعنينا- فيستحبّ كما قرر -رحمه الله- الإتيان بأوجهه كلّها لأنّ ذلك هديُ النبي صلى الله عليه وسلم، إلاّ أن المداومة على نوع وإن كان مفضولاً جائز لأنه قد يكون أنفع لمناسبته لأحوال الناس أكثر من غيره، كنوع من الأذكار يكون أنفع لمحبّة المكلف له وشهود قلبه وفهمه له فمداومته له أفضل، أو كما قال: [ كمن ينتفع بالدعاء دون الذّكر، أو بالذّكر دون القراءة، أو بالقراءة دون صلاة التطوع، فالعبادة التي ينتفع بها فيحضر لها قلبه ويرغب فيها ويحبها أفضل من عبادة يفعلها مع الغفلة وعدم الرغبة، كالغذاء الذي يشتهيه الإنسان وهو جائع : هو أنفع له من غذاء لا يشتهيه أو يأكله وهو غير جائع .] وكل ذلك مع أنّ جنس الصلاة أفضل من جنس القراءة والذكر، وجنسَ الذكر أفضل من جنس الدعاء.
    ويقول رحمه الله أيضاً: [ فقد يحتاج الإنسان إلى المفضول ولا يكفيه الفاضل . كما في : { قل هو الله أحد } فإنها تعدل ثلث القرآن ; أي يحصل لصاحبها من الأجر ما يعدل ثواب ثلث القرآن في القدر لا في الصفة فإن ما في القرآن من الأمر والنهي والقصص والوعد والوعيد لا يغني عنه { قل هو الله أحد } وليس أجرها من جنس أجرها وإن كان جنس أجر { قل هو الله أحد } أفضل فقد يحتاج إلى المفضول حيث لا يغني الفاضل . كما يحتاج الإنسان إلى رجله حيث لا تغني عنها عينه.]
    ويقول رحمه الله: [والمفضولُ قد يكون أنفع لبعض الناس لمناسبته له، كما قد يكون جنسه في الشرع أفضل في بعض الأمكنة والأزمنة والأحوال، فالمفضول تارة يكون أفضل مطلقًا في حقّ جميع الناس كما تقدّم . وقد يكون أفضل لبعض الناس لأن انتفاعه به أتمّ وهذه حال أكثر الناس قد ينتفعون بالمفضول لمناسبته لأحوالهم الناقصة ما لا ينتفعون بالفاضل الذي لا يصلون إلى أن يكونوا من أهله.]

    ويستنبط من هذا كله أن هذا التنوع في جنس العبادة الواحدة من حكمته:
    -أنه يضمن للمكلف المتقلب بين تلك الأنواع التعبد لله -عز وجلّ- بقلب حاضرٍ واعٍ لما يقوله أو يعمله.
    -وأنه يتيح للمداوم على نوع دون الآخر أن يتخيّر منها النّوع الأنفع له والأصلح لحاله . والله أعلم

    مصدر الاقتباسات : مجموع الفتاوى
    التعديل الأخير تم 12-12-2012 الساعة 12:43 AM
    إنَّ سيرةَ محمّدٍ -صلى الله عليه وسلّم- تقتضي تصديقَهُ ضرورةً وتشهد له بأنَّه رسول الله حقًّا، فلو لم تكن له معجزةٌ غير سيرتِه لكفى. ابن حزم/ الفصل.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فائدة مهمة عن عمر الدنيا في الإسلام لابن حزم
    بواسطة سنايبر في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-20-2012, 12:39 AM
  2. فائدة جميلة في الدعاء من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ..
    بواسطة مالك مناع في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-21-2010, 03:41 AM
  3. لا يصح الإيمان بغير إقامة العبادات والشعائر (بيان وجهة نظر الإسلام واللادينية)
    بواسطة Canadian في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 07-23-2006, 10:43 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء