السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أتيتكم بكتاب رائع للدكتورة نوال العيد


وهذه مقدمة الكتاب
إن من أعظم ما اشتغل به البشر من القضايا الاجتماعية في القديم الماضي، وفي
الحديث الحاضر، وما سيشغلهم في المستقبل القادم - على ما أعتقد- قضية
المرأة
وقد تخبط البشر في معالجتها؛ لأنهم كانوا بمعزل عن شرع الله القويم، فجاءت
أحكامهم مشوبة بالظلم، مغلفة بهوى النفس، وكانت المرأة الضحية في تلك
الاجتهادات البشرية...

وتوالت العصور، وعُرِضت "قضية المرأة" ولا تزال تعرض على مأدبة شعارها "الحرية"،
وذروة سنامها "المساواة"
وكأن الداعون لهذه الشعارات أناسًا مردوا على حب الفاحشة، والسطو على الأعراض،
وهتك الحرمات، وتضخيم الأرصدة...
وقد نجحوا في حملتهم الماكرة حتى آل الأمر في دول الغرب إلى تفكك الأسر،
وتقوضت دعائم الفضيلة، وراج سوق الرذيلة، وكثر اللقطاء، وأمراض لم تعرف فيمن
سبق، وأنذر الناصحون منهم بني جلدتهم من غب مغلتهم؛ ولكن هيهات بعد أن
غرق القوم في مستنقع الرذيلة.
أمّا في بلاد المسلمين -حماها الله- فإن الأمر وإن لم يصل إلى ما وصل إليه في بلاد
الغرب، إلا أن بداية الشرر تطايرت إلى بعض أجزائه، بل وأحرقت الأجزاء الأخرى،
وكانت هذه المجالات تثار في وقت مضى، واحدة تلو الأخرى بعد زمن، ويقضي
عليها العلماء في مهدها، ويصيحون بأهلها من أقطار الأرض، ويرمون في آثارهم
بالشهب، وفي أيامنا هذه كفأ الجُنَاة المِكْتل مملوءًا بهذه الرذائل بكل قوة وجرأة
واندفاع، ومن خبيث مكرهم تحين الإلقاء بها في أحوال العسر والمكره، وزحمة
الأحداث.
وهذه الدعوات الوافدة المستوفدة قد جمعت أنواع التناقضات ذاتًا، وموضوعًا،
وشكلاً.

فإذا نظرت إلى كاتبيها وجدتهم يحملون أسماًء إسلاميًة، وإذا نظرت إلى المضمون
والإعداد، وجدته معول هدم في الإسلام، لا يحمله إلا مستغرب مسير، أشرب قلبه
الهوى والتفرنج، وإذا نظرت إلى الصياغة وجدت الألفاظ المولّدة، والتراكيب الركيكة،
واللحن الفاحش، وتصيّد عبارات صحفية تقمش من هنا وهناك على جادة "القص
واللزق" طريقة العجزة الذين قعدت بهم قدراتهم عن أن يكونوا كتابًا، وقد آذوا من له
في لسان العرب والذوق البياني أدنى نصيب.

وهكذا من جَهِل لسان العرب، والقرآن والسنة أتى بمثل هذه العجائب!!وساعدهم
ويساعدهم في سعيهم غير المشكور غفلة المسلمين، وضعف العلم الشرعي، وخطر
الحملات التغريبية عند الرجال والنساء على حد سواء.

وانقسم الناس حيال قضية المرأة إلى قسمين:
غال في مطالباته، متجاوز في أطروحاته، لا يعي خطورة ما يكتبه، ولا ما يدعو إليه،
(وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد) يخطو آثار كل مستغرب،
ويخترق سدّ الذرائع إلى الرذائل، ويتقحم الفضائل، وانبسط لسانه بالسوء، وجرى
قلمه بالسُّوأى، باسم المساواة والحرية.
والثاني: جاف في شأن المرأة، يرى أنها نالت الحق، وتربعت عرش الفضل، وأن لا
ظلم لديها، ولا خوف عليها، ويكذب مقاله حاله، وواقع نساء عصره.

والعاقل من يرى أن في مجتمع النسوة حقوقًا مسلوبة، سُلبت منها..
على يد رجل جاهل بالشرع، يقيم حروف الكتاب لا حدوده، يحكّم العادة والتقليد
على الكتاب والسنة..
أو على يد مستغرب أرادها سلعة تباع وتشترى، وتستأجر وتكترى، يتباكى على
حقوقها، وفي دخيلة نفسه سعي لإشباع شهواته، وإطفاء نزواته، مقتطعًا من النصوص
الشرعية ما يوافق هواه، لاويًا عنق النص تطويعًا لمبتغاه.
والحق المبين، والطريق القويم سلوك طريق الكتاب والسنة، وإعطاء المرأة ما أعطاها
الله من حق، وتكليفها بما عليها من واجب، في ضوء الكتاب وصحيح السنة على
فهم السلف الصالح؛ فإن الله سبحانه قد حث على الاتباع، وذم التكلف والاختراع،
يقول تعالى(( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ مَاتَبَيَّنَ لَهُ الَّهُدَى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبِيلِ الَّمُؤمِنِينَ
نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَت مَصِيرًا)).

وفي ضوء ما تقدم أحببت أن أضرب بسهمي في هذا الموضوع بالإضافة إلى ما
يأتي:-

1/ بيان تحرير الإسلام الحقيقي للمرأة، ورفعه لمكانتها، وتعزيزه لشأنها.
2/ الحاجة الماسة للتأصيل الشرعي لحقوق المرأة، وتخليصها من مطالبات التغريبيين،
وتهديدات التقليديين.
3/ المساهمة في تثقيف المرأة المسلمة بما لها من حقوق في ضوء الكتاب وصحيح
السنة، وتقديم الآليات للحصول عليها.
4/ تفنيد الشبهات المثارة حول الإسلام من قبل أعدائه أو أذنابهم حسدًا من عند
أنفسهم.
5/ تحقيق القول في قضايا المرأة المعاصرة، وبيان الراجح منها بناء على الدليل
والتعليل.
6/ كشف عوار وسوءات الحضارة الغربية، والمؤتمرات الدولية، وما ألحقته بالمرأة من
أذى وحيرة.

واخترت دراسة "حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية" لأن الله قد هيَّأ للوحيين
الشريفين حفاظًا، ولشرعه حراسًا، من أوعية العلم والأمانة في النقل، فأُخِذ أول هذا
الدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة لم يشبه لبس ولا شبهة، ثم نقله
العدول عن العدول من غير تحامل ولا ميل، ثم الكافة عن الكافة، والصافة عن
الصافة، والجماعة عن الجماعة، أخذ كف بكف، وتمسك خلف بسلف كالحروف
يتلو بعضها بعضًا، ويتسق آخرها على أولها وصفًا ونظمًا، فأحببت أن أطرح القضية
في ضوء هذا الحفظ المكين، وأسهم في خدمة السنة النبوية، والأسوة المحمدية
على صاحبها ما يستحق من الصلاة والسلام؛ إذ أنها المنبع الثاني بعد كتاب الله
الذي تتفجر منه ينابيع حياة العالم الإسلامي، وسعادة المجتمع البشري.

د. نوال بنت عبدالعزيز العيد
استاذ السنة وعلومها بجامعة الأميرة نوره بنت عبدالرحمن


رابط التحميل

مِن هنــــــــــــــــا

المصدر:
ـــ موقع الدكتورة نوال العيد