مغالطات #
من أكبر المغالطات التى يتناولها المناهضين للفكر الإسلامى - فكرة أن معظم علماء المسلمين كانوا "ملحدين "..والحقيقه أن الأمور كانت على النقيض تماماً
فالقضية هنا تكمن فى - الفجوة الواسعة التى أختلقها أهل الإختصاص بالفلسفة والعلم بين الدين والعلم والفلسفة - فهم أعتقدوا بأن أختلاف الناس على الأديان دليل على بطلانها - مع الإعتراف بوجود إله لايمكن أنكار وجوده-وهذا فرق جوهرى بين تعريف الإلحاد من المنظور الغربى والإلحاد من المنظور الإسلامى والعربى - فكل ظواهر الإلحاد كانت تندرج تحت جزئية التمرد على النبوة وإنكارها ..لا إنكار الله عز وجل -
أبو بكر الرازى كمثال :
وهذا الحال كان مع ابو بكر الرازى(1) الذى يقول (الفلسفة هى التشبه بالله ، بقدر ما يستطيع الإنسان )- و أيضاً يعتبر أن الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحق هو العقل..هنا يقدس ويعلى من مكانة العقل أكثر من اللازم مع تقليل من شأن الوحى وأضافة الوحى الصحيح مع سائر الخرافات ففكرته عن الدين تتبلور فى أنه يرى أن الأنبياء مختلفين فيما بينهم فكيف لا يختلف من يتبعهم !
وهو هنا يشبه طائفة (التأليهيه)(2) التى كان يعتنق مذهبها رواد الحداثة ..فى أوروبا
ومنشأ ذلك تعظيمهم الشديد للعقل - ووضعه فى مكانه اكبر من مقدرته - والتقليل من قيمة الوحى - مع الخلط الغريب بين الديانات وبعضها ..
الإنبهار بالاشخاص ..مثل أنبهارهم بأرسطو ، افلاطون ، جالينوس ، سقراط
فكل منهم تخصص فى أحدهم -- فكان الرازى جالينوس العرب - وكان إبن رشد الشارح الأكبر -
وأشتغل غالبيتهم فى ترجمة ونقل وشرح الفلسفات اليونانية -
ومكمن الشطط فى الإنبهار التام بالأشخاص والسير على منهجهم - وكان منهج الفلاسفة الأغريق به الكثير من الأفكار البدائية الغريبة التى لا تمت للحقيقه بأى صلة
كلهم حاول التوفيق بين ما تجرعه من فلسفة والدين - منهم من استطاع ووصل إلى نسبة كبيره من الحق
مثل إبن رشد- والفارابى - والكندى - إبن مسكوية -إبن طفيل -إبن باجه -الجاحظ- ابو حيان التوحيدى) (3)
ومنهم من ذهب بعيد عن الحق وشرق وغرب مثل (جابر إبن حيان (الذى جمع بين التشيع والإعتزال فأدى به إلى مذاهب متطرفه - ابو بكر الرازى -إبن سينا )
والفريق الأول كان يقوم بعملية التقارب بين الفلسفة والدين على قدر الإمكان -ومنهم من وضع الفلسفة مقياساً لقياس الدين وتعديله ..ومنهم من طوع الفلسفة للدين قدر الإمكان مثل إبن رشد -لذلك ظهرت لهم نظريات عن النبوة
فتارة يكون النبى والوحى ظاهره غير عادية - وتاره يكون عند بعضهم (يتساوى مع الفليسوف) وهذا الحال عند ابن طفيل وإبن مسكوية ..وهى فكرة أن النبى والفليسوف كلاهما يستطيعون الوصول للحقيقه وكلاهما متساويين (4)
وفريق آخر يرى النبوة هى ظاهرة "كسبيه " أى يمكن أكتسابها بالتصوف ووالزهد والتقرب إلى الله - وفريق آخر أتخذ الحل المعتزلى (الجاحظ والتوحيدى)
------------
(المنكرين للنبوة ) وعلى رأسهم أبو بكر الرازى -الراوندى- إبن سينا - أخوان الصفا)
هو من أساء للفلسفة وحط من قيمتها - بأنه اعلى من قيمة العقل على حساب الدين - والغى الدين ووضع العقل فى محل القدسية لا حاكم ولا ظابط له ومنهم الرازى الطبيب
وهو ما حذّر منه علماء الإسلام من أهل السنة (إبن تيمية - إبن القيم كمثال )..وصنفوا لهم الكتب وصدرت لهم اشهر مقولات التاريخ وهى (تقديم النقل على العقل )..(5)
التى اراد بها علماء المسلمون الحد من تقديس العقل عند هؤلاء ..وإيقافه عند حد قدراته التى يستطيع أن يعرفها - والرفع من قيمة الوحى -
ولكن هذه الجملة فهمت بشكل سلبى فيما بعد وحتى عصرنا الحالى على يد بعض المنتسبين للتيار السلفى - الذين دمروا مفهوم العبارة وحرفوا الكلم عند موضعه
وفى الحقيقه هذه المقولة تتساوى مع اعلى النتائج الفلسفية -وهى جوهر البحث الرضين عن الحقيقه
-----------
اضف إلى ذلك أن هناك الكثير من العلماء المسلمين الذين لم يأتى المستشرقين على ذكرهم- وأنما كارثة المستشرقين هى إسقاط امراض الحضارة الغربية التى ينتمون لها على الدين الإسلامى والعالم الإسلامى (6)
اى أن الإستشراق لم يستطيع إستيعاب الحضارة الإسلامية ولا فهمها فهم جيد ..
فنتج عنهم افكار غريبة عن إبن رشد الفليسوف والقاضى والفقيه - ونتج عندهم صورة مشوهه لإبن خلدون -وصورة مشوهه لإبن تيمية - وصورة مشوهه عن الفكر الإسلامى بشكل عام
الفكر الإسلامى عرف الكثير من المخترعين وعلماء الطبيعة والفيزياء والكيمياء والذين لم يكن لهم أى أنحراف عقائدى (لأنهم لايعملون بالفلسفة(7) فالقضية هنا ليس فى أن العلم يتناقض مع الدين الإسلامى ولكن افكار الفلسفة اليونانية هى مصدر الشطط الفكرى لدى الفلاسفة المسلمين - والتأليهيين منهم
ومن هذه النماذج الطيبة على أجتماع الدين والعلم معاً - (8)
. أبو علي محمد الحسن بن الحسن المعروف بابن الهيثم البصري..( إبن الهيثم )
أبو الحسن الصوفي
أبو العباس أحمد ابن رجب بن طنبغا ابن المجدي
أبو القاسم عباس بن ورداس ( عباس إبن فرناس )
أبو الوفاء البوزجاني
ابو القاسم الزهراوى
إبن النفيس
المفضل بن عمر الأبهري
والقائمة تطول
وكنت اريد أن اسهب عنهم - وذكر كل عالم ومجال تفوقه (فيزياء - فلك - كيمياء )
لكن اردت أن يكون الأمر اكثر ترتيبا من ذلك وأكثر اسهاباً فى ذكر أعمالهم
إن شاء الله عن قريب ..
لأثبت لأى متشكك أن الدين الإسلامى - كان وما زال هو المحرض الأول على البحث والتنقيب والتفكير فى ملكوت الله - فالقرآن الكريم دائماً يحث على العقل والتفكير والبحث فى صفحات الكون عن إبداع الله ...
إن شاء الله يكون فى تكمله
والله أعلى وأعلم
-----------------------
1- نظرية النبوه عند الرازى (من تاريخ الإلحاد فى الإسلام ) عبد الرحمن بدوى ص: 230 إلى 241
2- من تاريخ الإلحاد فى الإسلام ص (8)
3- الكثير من علماء الإسلام المرموقين يتبعون التيار المعتزلى - وهى فرقه من الفرق الإسلاميه والمنتميه لأهل القبله (كما صنفهم شيخ الإسلام إبن تيميه )
وايضاً شيخ الإسلام قال عن أهل القبله ((قد تقرر من مذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب والسنة أنهم لا يُكفرون أحداً من أهل القبلة بذنب ولا يخرجونه من الإسلام بعمل، إذا كان فعلاً منهياً عنه؛ مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر، ما لم يتضمن ترك الإيمان، وأما إن تضمن ترك ما أمر الله به من الإيمان؛ مثل الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت؛ فإنه يكفر به). (الفتاوى، 20/90).
وهذا الأمر ينطبق على المعتزلة والأشاعره وسائر اهل القبله ما دام يندرج تحت مسمى أهل القبلة الذى وصفه
4- نظرية النبوة عند إبن مسكوية (فصل الإتصال بين قوى الأدراك وعلاقته بنظرية النبوة ) ص: 54 إلى 71
د/ على إمام عبيد
5- هو قول حق أريد به حق - لكن تم تحريفه بعد ذلك وهذا التحريف هو من اسباب التخلف الرئيسية الحالية - وهذا ما اكده ابو يعرب المرزوقى فى دارسته عن إسمية إبن تيمية وإبن خلدون وإصلاح العقل فى الفلسفة العربية -يقدم فيه نظرة مغايره عن ما ألفناه عن إبن تيمية وربطه الدائم بالتشدد- والوصول إلى حقيقه أن إبن تيمية كان نموذج للوسطية الحقيقيه -كذلك الحال مع إبن خلدون
6- تحدث العلامة (محمود شاكر ) عن لغة المستشرق وثقافته وتأثيره على منهجه -والنتائج السلبية لكل هذا على نتاجه الفكرى فى (رسالة فى الطريق إلى ثقافتنا ) من ص75 إلى ص80
7-علماء أهل السنة - فندوا اباطيل الفلسفة - وما يتمسك به البعض بديلاً عن الوحى - ولكن لن تجد أى معارضه أو رفض أو نقد للأفكار العلمية والحقائق التى أكتشفها الفلاسفة المسلمون (من كروية الأرض إلى سائر القضايا ) -وهذا هو محك الإختلاف بين الحضارة الإسلامية التى تشجع العلم وترفض خرافات الفلسفة اليونانية -وعلى النقيض فى الغرب وقبل عصر النهضه كان الصراع دينى علمى بحت - بين ما قررته الكنيسه من أفكار علمية وبين الحقائق العلمية التى اكتشفها جاليليو -وغيره من العلماء الذىن أضطهدوا بأسم الدين
8- اقتبست بعض اسماء العلماء من مقال للدكتور فخر الدين المناظر -الباحث المغربى - بعنوان إتحاف الأفاضل بأسماء وتواليف بعض أهل الفلك الأوائل. وهو من أصحاب الشيخ (فريد الأنصارى-- رحمة الله عليه )-والبحث متوفر على الأنترنت وبه الكثير من المعلومات عن مؤلفات العلماء الذين ذكرتهم
Bookmarks