تحية إخواني
حينما باغتتني الشكوك منذ زمن لم أتردد بأن أزيد النار حطباً فكنت أشاهد فيديوهات موجودة على اليوتيوب تتحدث ضد الأديان وتدعو إلى التحرر من قيود المعتقدات على أنها أساطير ، وتعطي أدلة - على أنها علمية - تبين خرافة الأديان ، ثم قرأتُ كثيراً لريتشارد دوكنز عالم الأحياء وحديثه عن نظرية التطور ومحاربته للأديان على أنها مصدر كل شر ، منذ ذلك الحين والشكوك تزيد علي وإيماني ينقص إلى أن أتى اليوم الذي تركت فيه الدين بكل أفكاره وقوانينه وحلاله وحرامه ، شعرت براحة لأني تخلصت من تلك الشكوك والأسئلة والتناقضات .... ولكنها كانت راحة مؤقتة.
ثم أتتني شكوك من نوع آخر وأسئلة من جهة أخرى ، كانت شكوك الدين مجرد تساؤلات ، ولكن شكوك الإلحاد منعتني من النوم ومن العمل ومن الدراسة ، أخرجتني من إنسانيتي وجعلتني مسخ لا أخلاق ولا أحكام ولا حدود لي ، حلمت لثلاث ليال مختلفة بأن نفسي انقطع وقلبي توقف ، وكنت أفزع من النوم مرعوباً أذكر الله وأعده بعدم العودة للكفر ، ولكن .. أليس سمي الإنسان إنساناً لأنه "ينسى!" ، نقضت عهدي مرتين وما يمر يومين إلا وأحلم بنفس الحلم ، أكانت رؤيا أم حالة نفسية؟! .. لا أعلم
صرت أبحث كثيراً .. أقرأ للملحد والمسلم والمسيحي والبوذي .. قرأت أجزاءً من مقالات ملحدين ومسلمين ولكن بالرغم أني كنت في صف الملحد حينها ، إلا أن كلام المسلم أكثر منطقيةً والغريب أن المسلم ولو انهزم في نقاش فإنه لا يكذب ولايشتم بينما الملحد لا حدود له ، ما الذي يجعل المسلم يتوقف عن هذه الممارسات وهو يخسر النقاش؟ أهو الإسلام؟! أهو الإيمان؟! أهو الإحسان؟!
كانت لدي أكثر من خمسين سؤالاً يحيرني عن الإسلام وطرحتُ سبعاً منها هنا في المنتدى ، وبحثت عن البقية ، الحق يقال .. وجدت لبعض منها أجوبة واضحة ، ولبعضها أجوبة غير مباشرة ولم أجد لكثيرها أجوبة ، ولا مشكلة في ذلك ، فليس لكل سؤالٍ جواب
فلا جواب للأسئلة الفلسفية السخيفة كأن يسأل أحد من خلق الله؟ أو أن يسأل هل الله قادر بأن يحمل حجرا لا يقدر على حمله؟! أو أن يسأل كيف يرضى الله عن الظلم الموجود بين الناس؟!
الذي يسأل هذه الأسئلة يعاند ويكابر .. والكبر سبب كل كفر كما كان لإبليس
ثم تنازلت عن كبري وغروري وقلت ، أنا لن أطلب معجزة لنفسي ، فإن كان القرآن معجزة فلم لا أستمع للقرآن وأقرؤه وأقرأ تفسيره؟! وفعلت.
للأسف .. الملحدين اليوم إما غافلون أو غارقون في الغفلة فهم يهاجمون الإسلام والرب سبحانه ويبحثون دون كلل أو ملل عن كل ما يمكن أن يسيء لله وللدين ويفرح ويظن بأنه أوجد دليلاً ولا يعرف أنه بذلك يشهد على نفسه ، فوالله لا أعتقد بأن هناك ملحد مطمئن بإلحاده وإلا فلماذا يحارب الإسلام والدين ، المسلم إذا حارب وناقش فهو بذلك يحتسب الأجر من ربه ، ولكن قل لي بربك ما الذي يدفع الملحد أن يضيع كل هذا الوقت الذي يضيعه لمحاربة الدين ؟ ماذا؟ أينتظر أجراً أو حسنة؟ .. لا بل انه الكبر والعناد ، ولو كان صادقاً وفعلاً يظن بأن لا حساب بعد الموت فإنه سيسعى إلى امتاع نفسه لأنها حياةٌ واحدة يعيشها ثم يفنى ولكنه في قرارة نفسه غير مطمئن. يقول الله سبحانه "بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ" (القيامة)
تعلمتُ أن القرآن معجزة البشر اليوم ، وتعلمت بأن الله هو من يضع القوانين .. لا البشر ، فلا يفترض أن نشترط على الله وإنما البحث بالوسائل التي ذكرها الله لنا للبحث ، يقول الله سبحانه " "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" (النساء). فإن أخلص المرء في التدبر فإنه سيُطأطئ رأسه ويسجد لله كما فعل العرب قديماً.
إن آيات الله كثيرة ، فينا ، وفي السماء ، يقول سبحانه "وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ" (البقرة) ولو نظر المرء إلى حال الناس لصدّق الآية. ويقول سبحانه "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (فصلت).
قرأت في حكم الله وعدالته وحكم البشر كالديمقراطية ، كيف أن الله يبسط الأمن والأمان والرزق والعلم والأخلاق في من يطبق شريعته وكيف أن حكم الناس ناقص يشوبه ألف خلل وخلل كما حل باليابانيين في أمريكا بحكم الديمقراطية وما حل بالسود في أستراليا بحكم الديمقراطية.
قرأت في وضع المرأة في الإسلام وفي الغرب ويا له من فارق شاسع ، وقرأت في أخلاق الإسلام وأخلاق الشعوب الأوروبية والذي يزعم من هو بين المسلمين بأنهم في تطور وازدهار ، فالمسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويعين الجار ويمسح على رأس اليتيم ويدافع عن المظلوم ويأخذ على يد الظالم ويتصدق ويبر والديه ويمد يد العون لإخوانه ولا يريد مقابل كل ذلك إلا أن يرضى عنه ربه ، والله ما يكون المرء أحسن من ذلك!
شاهدتُ كثيرا لريتشارد دوكنز .. في البداية اغتررت به ولكن حينما دققت فإنه في الحقيقة لا يعطي أي دليل ، وإنما يتحدث ويستهزئ وأي عالم هو من يستهزئ بالبشر ، فيديو مدته ساعة كاملة لا يعطي أي دليل إنما يكرر بأن التطور حقيقة! ، ألا يحترم عقول ستة مليار إنسان على الكوكب؟! أيظن بأنه فاقهم عقلاً .. سحقاً للكبر والغرور ، فذلك ما يؤدي إلى وادٍ سحيق.
أيكتب محمد صلى الله عليه وسلم القرآن؟ الصادق الأمين؟! الأميّ؟ ، الذي مات فقيراً؟ ، الذي دانت له العرب؟! الذي رفض عرض قريش؟! الذي ذكر في القرآن أربع مرات فقط ولم يذكر أزواجه أو بناته ، وذكر المسيح فيه أكثر من عشرين مرة؟! الذي دعى للصدق والأمانة والإخلاص والصدقة والبر والإحسان؟!
أيكون شخص بهذا القدر من عظمة الخلق .. كاذباً في رسالة السماء؟!
سحقاً لكل معاند ومكابر .. يكفرون بالله ويريدون أن تشيع الكفر والفاحشة بين المسلمين
وعن انشقاق القمر ، فنحن كأبي بكر إن شاء الله ، إن كان قال القرآن ورسول الله بأن القمر انشق .. فإنه انشق .. ذلك هو الإيمان
يكفي أن يقرأ الإنسان أول خمس آيان من البقرة ليفهم معنى أن المسلم يجب أن يؤمن بالغيب
يقول الله سبحانه "الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (البقرة).
يطول الكلام في ما قرأت وما مررتُ به ، وكل ذلك القلق والسهر الذي اعتراني ، ولكن كل إنسان في مكاني لا يحمل في خياراته إلا خيارين:
إما أن يكمل ما هو عليه من القلق والخوف والضلال واللاأخلاقية والتكبر والعناد ، وإما أن يختار ما اخترته ويقول..
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد بأن محمداً رسول الله
Bookmarks