أنا أسأل صاحب الموضوع: هل شعر المتنبي معجز بلاغيا؟ والجواب قطعا لا فإن نظم الشعر في مقدور البشر, ويوجد من فحول الشعراء من يسامي المتنبي في مرتبته, ومنهم من يتفوق عليه, لكننا متفقان أن كل ذلك يسمى شعرا, وقل مثل ذلك في الشعر والخطابة والأمثال وغيرها.
الآن لنعد إلى سؤالك: هل القرآن معجز بلاغيا؟ والجواب أنك لو خرقت السبع الطباق, ولو غصت في الأرض لتأتي بشيء تعارض به القرآن فإنه لن يخرج عن كلام البشر المعهود, منثوره ومنظومه, ولو نظر فيه من له أدنى إلمام بالعربية لما تطرق إليه شك في أنه ليس قرآنا, وهذا القدر يكفي لإلجام المعاند, ورحم الله القحطاني صاحب النونية المشهورة إذ يقول:
وَكَلاَمُ رَبِّي لاَ يَجِيءُ بِمِثْلِهِ *** أَحَدٌ وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ الثَّقَلاَنِ
وَهُوَ الْمَصُونُ مِنَ الأَبَاطِلِ كُلِّهَا *** وَمِنَ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ
مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنْ يُبَارِيَ نَظْمَهُ *** وَيَرَاهُ مِثْلَ الشِّعْرِ وَالْهَذَيَانِ
فَلْيَأْتِ مِنْهُ بِسُورَةٍ أَوْ آيَةٍ *** فَإِذَا رَأَى النَّظْمَيْنِ يَشْتَبِهَانِ
فَلْيَنْفَرِدْ بِاسْمِ الأُلُوهَةِ وَلْيَكُنْ *** رَبَّ البَرِيَّةِ وَلْيَقُلْ سُبْحَانِي
فَإِذَا تَنَاقَضَ نَظْمُهُ فَلْيَلْبَسَنْ *** ثَوْبَ النَّقِيصَةِ صَاغِرًا بِهَوَانِ
أَوْ فَلْيُقِرَّ بِأَنَّهُ تَنْزِيلُ مَنْ *** سَمَّاهُ فِي نَصِّ الكِتَابِ مَثَانِي
Bookmarks