النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: علماء الاسلام و نسب الداروينية لهم ؟

  1. #1

    افتراضي علماء الاسلام و نسب الداروينية لهم ؟

    1- ويرجع دعاة فكرة النشوء إلى "القزويني"[1 ] صاحب كتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" حيث يستدلون لتأييد ما يدعون إليه بما جاء في صفحة (241) من كتابه : (فأول مراتب هذه الكائنات تراب وآخرها نفس ملكية طاهرة، فإن المعادن متصلة أولها بالتراب أو الماء وآخرها بالنبات، والنبات متصل أوله بالمعادن وآخره بالحيوان، والحيوان متصل أوله بالنبات وآخره بالإنسان، والنفوس الإنسانية متصلة أولها بالحيوان وآخرها بالنفوس الملكية، والله تعالى أعلم بالصواب.)[2 ]

    أما ما هو نوع هذا الاتصال فالفقرة التي سبقتها في نفس الموضوع تفسّر بجلاء تام ووضوح أن ما قصده القزويني لم يكن أبداً كما أولوه وفسروه حيث يقول: (... وأنها متّصلة بعضها ببعض بترتيب عجيب ونظام بديع تعالى صانعها عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً.)[3 ] وربما يكون ما جاء في نفس الكتاب بعنوان "في النبات" ما يكون أوضح في إبعاد القزويني عما يصفوه به من الهرطقة والكفر والسّفه حيث يقول:

    (النبات متوسط بين المعادن والحيوان، بمعنى خارج عن نقصان الجمادية الصرفة التي للمعادن وغير واصل إلى كامل الحسن والحركة اللتين إختص بهما الحيوان، لكنه يشارك الحيوان في بعض الأمور لأن الباري تعالى يخلق لكل شئ من الآلات ما يحتاج إليهما في بقاء ذاته ونوعه، وما زاد على ذلك تكون ثقلاً وكلاً عليه لا يخلفه، ولا حاجة للنبات للحس والحركة بخلاف الحيوان.)[4 ]
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...C5%D3%E1%C7%E3
    2- ماذا يعني قول العلامة المسلم ابن خلدون رحمه الله:

    "إعلم، أرشدنا الله وإياك أنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على هيئة من الترتيب والإحكام وربط الأسباب بالمسببات واتصال الأكوان بالأكوان واستحالة بعض الموجودات إلى بعض لا تنقضي عجائبه في ذلك ولا تنتهي غاياته وأبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني وأولاً عالم العناصر المشاهدة كيف تدرج صاعداً من الأرض إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار متصلاً بعضها ببعض وكل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعداً وهابطاً ويستحيل بعض الأوقات والصاعد منها ألطف مما قبله إلى أن ينتهي إلى عالم الأفلاك وهو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضها ببعض على هيئة لا يدرك الحس منها إلا الحركات فقط وبها يهتدي بعضهم إلى معرفة مقاديرها وأوضاعها وما بعد ذلك من وجود الذوات التي لها هذه الآثار فيها ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش وما لا بذر له وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه وانتهى في تدريج التكوين إلى الإنسان صاحب الفكر والروية ترتفع إليه من عالم القدرة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده وهذا غاية شهودنا ثم إنا نجد في العوالم على اختلافها آثاراً متنوعةً ففي عالم الحس آثار من حركات الأفلاك والعناصر وفي عالم التكوين آثار من حركة النمو والإدراك تشهد كلها بأن لها مؤثراً مبايناً للأجسام فهو روحاني ويتصل بالمكونات لوجود اتصال هذا العالم في وجودها ولذلك هو النفس المدركة والمحركة ولا بد فوقها من وجود آخر يعطيها قوى الإدراك والحركة ويتصل بها أيضاً ويكون ذاته إدراكا صرفاً وتعقلاً محضاً وهو عالم الملائكة فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للانسلاخ من البشرية إلى الملكية ليصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات في لمحة من اللمحات وذلك بعد أن تكمل ذاتها الروحانية بالفعل كما نذكره بعد ويكون لها اتصال بالأفق الذي بعدها شأن الموجودات المرتبة كما قدمناه فلها في الاتصال جهتا العلو والسفل وهي متصلة بالبدن من أسعف منها وتكتسب به المدارك الحسية التي تستعد بها للحصول على التعقل بالفعل ومتصلة من جهة الأعلى منها بأفق الملائكة ومكتسبة به المدارك العلمية والغيبية فإن عالم الحوادث موجود في تعقلاتهم من غير زمان وهذا على ما قدمناه من الترتيب المحكم في الوجود باتصال ذواته وقواه بعضها ببعض ثم إن هذه النفس الإنسانية غائبة عن العيان وآثارها ظاهرة في البدن فكأنه وجميع أجزائه مجتمعةً ومفترقةً آلات للنفس ولقواها أما الفاعلية فالبطش باليد والمشي بالرجل والكلام باللسان والحركة الكلية بالبدن متدافعاً وأما المدركة وإن كانت قوى الإدراك مرتبة ومرتقيةً إلى القوة العليا منها ومن المفكرة التي يعبر عنها بالناطقة فقوى الحس الظاهرة بآلاته من السمع والبصر وسائرها يرتقي إلى الباطن وأوله الحس المشترك وهو قوة تدرك المحسوسات مبصرةً ومسموعةً وملموسةً وغيرها في حالة واحدة وبذلك فارقت قوة الحس الظاهر لأن المحسوسات لا تزدحم عليها في الوقت الواحد ثم يؤديه الحس المشترك إلى الخيال وهي قوة تمثل الشي المحسوس في النفس كما هو مجرد عن المواد الخارجة فقط وآلة هاتين القوتين في تصريفهما البطن الأول من الدماغ مقدمه للأولى ومؤخرة للثانية ثم يرتقي الخيال إلى الواهمة والحافظة فالواهمة لإدراك المعاني المتعلقة بالشخصيات كعداوة زيد وصداقة عمرو ورحمة الأب وافتراس الذئب والحافظة لإبداع المدركات كلها متخيلةً وهي لها كالخزانة تحفظها لوقت الحاجة إليها وآلة هاتين القوتين في تصريفهما البطن المؤخر من الدماغ أوله للأولى ومؤخره للأخرى ثم ترتقي جميعها إلى قوة الفكر وآلته البطن الأوسط من الدماغ و هي القوة التي يقع بها حركة الرؤية والتوجه نحو التعقل فتحرك النفس بها دائماً لما ركب فيها من النزوع للتخلص من درك القوة والاستعداد الذي للبشرية وتخرج إلى الفعل في تعقلها متشبهةً بالملإ الأعلى الروحاني وتصير في أول مراتب الروحانيات في إدراكها بغير الآلات الجسمانية فهي متحركة دائماً ومتوجهة نحو ذلك وقد تنسلخ بالكلية من البشرية وروحانيتها إلى الملكية من الأفق الأعلى من غير اكتساب بل بما جعل الله فيها من الجبلة والفطرة الأولى في ذلك." ؟!!
    “وقد توهم بعض النسابين ممن لا علم لديه بطبائع الكائنات أن السودان وهم ولد حام بن نوح، اختصوا بلون السّواد لدعوة كانت عليه من أبيه ظهر أثرها في لونه وفيما جعل الله الرّق في عقبه، وينقلون في ذلك خرافات من القصص، ودعاء نوح على ابنه حام قد وقع في التـوراة وليس فيه ذكر السّواد ، وإنما دعا عليه بـأن يكون ولده عبيدا لولد أخوته لا غير . وفي القول بنسبة السودان إلى حام. غفلة عن طبيعة الحر والبرد وأثرهما في الهواء وبما يتكون فيه من الحيوانات ، وذلك أن هذا اللون شمل أهل الإقليم الأول والثاني من مزاج هوائهم للحرارة المتضاعفة في الجنوب ، فإن الشّمس تسامت رؤسهم مرّتين في كل سنة قريبة إحداهما من الأخرى فتطول المساتمة عامة الفصول ، فيكثر الضوء لأجلها ويلح القيظ الشديد وتسود جلودهم لإفراط الحر.”
    http://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85...A4%D9%8A%D8%A7
    3- فيما ذهب ابن مسكويه في كتابه «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق» إلى «أن الموجودات مراتب، وكلها سلسلة متصلة... وكل نوع من الموجودات يبدأ بالبساطة ثم لا يزال يترقى ويتعقد حتى يبلغ أفق النوع الذي يليه، فالنبات في أفق الجماد، ثم يترقى حتى يبلغ أعلى درجة، فإذا زاد عليها قبل صورة الحيوان. وكذلك الحيوان يبدأ بسيطاً ثم يترقى حتى يصل إلى مرتبة قريبة من الإنسان». ويضيف قائلاً عن الحيوان: «هو الذي يحاكي الإنسان من تلقاء نفسه ويتشبه به من غير تعليم كالقردة وما أشبهها، ويبلغ من ذكائها أن تستكفي في التأدب بأن تري الإنسان يعمل عملاً فتعمل مثله من غير أن تحوج الإنسان إلى تعب بها ورياضة لها. وهذه غاية أفق الحيوان التي إن تجاوزها وقبل زيادة يسيرة، خرج بها عن أفقه وصار في أفق الإنسان الذي يقبل العقل والتمييز والنطق والآلات التي يستعملها والصور التي تلائمها».
    4- تذكر الويكيبيديا عن الجاحظ:كان الجاحظ أول أحيائي وفيلسوف مسلم يتكهن بالتطور تفصيليا في القرن التاسع للميلاد. في كتابه الحيوان، أخذ بعين الاعتبار التأثيرات البيئية على فرص الحيوان للبقاء، ووصف الصراع من أجل البقاء، وكتب الجاحظ أيضا عن سلاسل الغذاء. يعتبر تكهن الجاحظ عن تأثير البيئة على الحيوانات نوع مبكر من نظريات التطور. ووصف الصراع من أجل البقاء حيث توقع فيه الاصطفاء الطبيعي.”
    أما "الجاحظ" فقد أورد في كتابه "الحيوان" مشاهدات يعتبرها باحثوهم من مقومات مذهب النشـوء، منها ما قاله في التلاقح وتزاوج الضروب وإنتاج الأنسال الجديدة، حيث قال في فصل "باب القول في الجعلان والخنافس" ما يلي : (والجعل يظل دهراً لا جناح له ثم ينبت له جناحان كالنمل الذي يغبر دهراً لا جناح له ثم ينبت له جناحان وذلك عند هلكته، والدعاميص قد تغبر حيناً بلا أجنحة، ثم تصير فراشاً وبعوضاً، وليس كذلك الجراد والذبان، لأن أجنحتها تنبت على مقدار من العمر ومرور الأيام، وزعم ثمامة عن يحيى بن خالد أن البرغوث قد يستحيل بعوضة، والجعل يحرس النيام فكلما قام منهم قائم فمضى لحاجته تبعه طمعاً في أنه إنما يريد الغائط.)[7 ]
    The first Muslim biologist and philosopher to publish detailed speculations about natural history, the Afro-Arab writer al-Jahiz, wrote in the 9th century. In the Book of Animals, he considered the effects of the environment on an animal's chances for survival, and described the struggle for existence.[24] Al-Jahiz also wrote descriptions of food chains.[25] Al-Jahiz speculated on the influence of the environment on animals and considered the effects of the environment on the likelihood of an animal to survive. The Book of Animals states,
    Animals engage in a struggle for existence; for resources, to avoid being eaten and to breed. Environmental factors influence organisms to develop new characteristics to ensure survival, thus transforming into new species. Animals that survive to breed can pass on their successful characteristics to offspring.[26][27]
    رجاء توضيح الحقائق حول هذه المزاعم لكثرة تناولها بارك الله فيكم.

  2. #2

    افتراضي

    "كتاب الحيوان" الذي ألفه الجاحظ بعض المقتطفات المهمة من كتابه التي يعرض فيها ملاحظاته حول الاصطفاء الطبيعي للأنواع الحية :
    تخوض الحيوانات صراعاً من أجل الوجود عبر التنافس على الموارد وتجنب كل منها الافتراس من قبل الآخر والسعي إلى التكاثر. وتدفع العوامل البيئية الكائنات الحية إلى تطوير خصائص جديدة لضمان بقائها وبذلك تتحول إلى أنواع جديدة. والحيوانات التي تتمكن من البقاء وتتكاثر تنقل صفاتها الناجحة إلى ذريتها.”
    كما يبدو أنه قدم لنا أول وصف مفصل للسلسلة الغذائية في الطبيعة :
    “يخرج الناموس بحثاً عن طعام له وهو يعرف بالغريزة أن الدم هو ما يبقيه على قيد الحياة. وحالما ترى الناموسة فيلاً أو فرس نهر أو حيواناً آخر، تعرف أن جلده قد شكل بما يجعله يعمل كغذاء لها... باختصار لا يمكن لأي حيوان أن يبقى دون غذاء، كما لا يمكن للحيوان المفترس أن ينجوا من أن يُفترس هو بدوره أيضاً.”
    http://www.grouporigin.com/clients/q...chapter2_6.htm
    بعد قراءة ما سبق قمت بتحميل كتاب الحيوان من هناhttp://www.almeshkat.net/books/open....t=14&book=1062 و بحثت عن النص السابق فلم أجده !

  3. #3

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أخوكم مشاهدة المشاركة
    "كتاب الحيوان" الذي ألفه الجاحظ بعض المقتطفات المهمة من كتابه التي يعرض فيها ملاحظاته حول الاصطفاء الطبيعي للأنواع الحية :
    تخوض الحيوانات صراعاً من أجل الوجود عبر التنافس على الموارد وتجنب كل منها الافتراس من قبل الآخر والسعي إلى التكاثر. وتدفع العوامل البيئية الكائنات الحية إلى تطوير خصائص جديدة لضمان بقائها وبذلك تتحول إلى أنواع جديدة. والحيوانات التي تتمكن من البقاء وتتكاثر تنقل صفاتها الناجحة إلى ذريتها.”
    كما يبدو أنه قدم لنا أول وصف مفصل للسلسلة الغذائية في الطبيعة :
    “يخرج الناموس بحثاً عن طعام له وهو يعرف بالغريزة أن الدم هو ما يبقيه على قيد الحياة. وحالما ترى الناموسة فيلاً أو فرس نهر أو حيواناً آخر، تعرف أن جلده قد شكل بما يجعله يعمل كغذاء لها... باختصار لا يمكن لأي حيوان أن يبقى دون غذاء، كما لا يمكن للحيوان المفترس أن ينجوا من أن يُفترس هو بدوره أيضاً.”
    http://www.grouporigin.com/clients/q...chapter2_6.htm
    بعد قراءة ما سبق قمت بتحميل كتاب الحيوان من هناhttp://www.almeshkat.net/books/open....t=14&book=1062 و بحثت عن النص السابق فلم أجده !
    الكلام غريب تمامًا عن لغة الجاحظ وطريقته في الكتابة والألفاظ ..
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  4. #4

    افتراضي

    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  5. #5

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. هشام عزمي مشاهدة المشاركة
    الكلام غريب تمامًا عن لغة الجاحظ وطريقته في الكتابة والألفاظ ..
    يبدو أنه مترجم من الانجليزية و الله أعلم !
    جزاكم الله خيرا على الرابط.
    وبمثل هذا النقل وأدنى منه في الوضوح، نُسب القول بنظرية التطور إلى القزويني والفارابي وابن مسكويه وغيرهم، رغم أنّ هذا النقل وأمثاله لا يمت إلى نظرية التطور بصلة، بل على العكس من ذلك، فإنّه يصب في صالح قضيةٍ حلّت نظرية التطور محلها، وهي قضية (السلسلة العظمى للكائنات)، تلك القضية الفلسفية التي ينسب وضعها إلى أفلاطون، ومنه انتقلت إلى الفلسفة العربية والأوربية على السواء، وسأبين هذه القضية وما آلت إليه باختصار، ثم أعود إلى كلام "إخوان الصفا" لننظر إليه في ضوء ذلك!

    قد نشأ مفهوم (السلسلة العظمى للكائنات) Great Chain of Beings في الفكر اليوناني من القدم، تتراص فيه الكائنات الصنف تلو الآخر، في القاع تقبع الجمادات، يليها النبات ثم الحيوان، ثم الإنسان ثم الملائكة ثم الرب، وهذا الترتيب لا يعني أن الكائنات يمكن أن تتحول من نوعٍ إلى الذي يليه، بل هو ترتيبٌ وصفيٌّ لحالةٍ ثابتةٍ تتدرج فيها الكائنات في الشرف من أدنى إلى فاضل، فالخالق خلق الكائنات جميعًا مرةً واحدة، ثم ينظر الفيلسوف ويرتب هذه الكائنات من حيث الفضل أو الحيوية، دون أن يعني ذلك أن الحيوان يتحول إلى إنسان، أو أن النبات يتحول إلى حيوان!

  6. #6

    افتراضي

    السلام عليكم
    الحقيقة أن ادعاء انصاف ويكيبيديا فعلا ما هو إلا مهزلة بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى.
    The Book of Animals states,
    Animals engage in a struggle for existence; for resources, to avoid being eaten and to breed. Environmental factors influence organisms to develop new characteristics to ensure survival, thus transforming into new species. Animals that survive to breed can pass on their successful characteristics to offspring.[26][27
    و الذي نقله الموقع "العربي" عنها هو مسخرة حقيقية:
    “تخوض الحيوانات صراعاً من أجل الوجود عبر التنافس على الموارد وتجنب كل منها الافتراس من قبل الآخر والسعي إلى التكاثر. وتدفع العوامل البيئية الكائنات الحية إلى تطوير خصائص جديدة لضمان بقائها وبذلك تتحول إلى أنواع جديدة. والحيوانات التي تتمكن من البقاء وتتكاثر تنقل صفاتها الناجحة إلى ذريتها.”
    بالرجوع لمصادر الويكي وجد أن المصدر هو هذا المقال:
    http://www.telegraph.co.uk/science/s...-geniuses.html
    و بالرجوع لمصادره وجدنا أنها:
    Al-Jahiz, Kitab al-Haywān, vol. 4 (Al-Matba’ah al-Hamīdīyah al- Misrīyah, Cairo, 1909), p. 23.
    و بالرجوع لهذه الصفحة:
    http://archive.org/stream/hdhkitbala.../n134/mode/2up
    وجدت الآتي:
    وقد قال النَّاسُ في المَسْخ بأقاويلَ مختلفة: فمنهم من زعم أنّ المِسخَ لا يتناسل ولا يبقى إلاَّ بقدر ما يكونُ موعظةً وعِبْرة، فقطعوا على ذلك الشهادةَ، ومنهم مَن زعم أنَّه يبقَى ويتناسل، حتى جعل الضَّبَّ والجِرِّيَّ، والأرانب، والكلاب وغيرَ ذلك، من أولادِ تلك الأمم التي مُسِخت في هذه الصُّور، وكذلك قولُهم في الحيَّات،وقالوا في الوزَغ: إن أباها، لمّا صنع في نار إبراهيمَ وبيت المقْدِس ما صنع، أصمَّهُ اللّه وأبرصَه، فقيل: سامّ أبرص، فهذا الذي نرى هو من ولده؛ حتَّى صار في قتله الأجرُ العظيم، ليس على أنّ الذي يقتلُه كالذي يقتل الأُسْدَ والذِّئاب، إذا خافها على المسلمين، وقالوا في سهيلٍ، وفي الزُّهَرة، وفي هارُوت وماروت، وفي قيرى وعيرى أبَوَي ذي القرنين، وجُرْهم، ما قالوا.
    القول في المسخ #فأمَّا القول في نفس المَسْخ فإنَّ النَّاس اختلفوا في ذلك: فأمَّا الدُّهريّة فهم في ذلك صِنفان: فمنهم مَن جَحَد المسْخَ وأقرَّ بالخسْف والرِّيح والطّوفان، وجعل الخسْف كالزَّلازل، وزعم أنَّه يقِرُّ من القذْف بما كان من البَرَد الكِبَار؛ فأمّا الحجارة فإنَّها لا تجيء من جهة السَّماء، وقال: لستُ أجوِّز إلاَّ ما اجتمعتِ عليهِ الأمَّة أنَّه قد يحدث في العالم، فأنْكَرَ المسْخَ البتّة.
    أثر البيئة وقال الصِّنف الآخَر: لا ننكر أنْ يفسُدَ الهواءُ في ناحِيةٍ من النواحي فيفسدَ ماؤهم وتفسُدَ تُربتهم، فيعملَ ذلك في طباعهم على الأيَّام، كما عمل ذلك في طباع الزِّنج، وطباع الصَّقالبة، وطباع بِلادِ يأجوج ومأجوج،وقد رأينا العَرب وكانوا أعراباً حينَ نزلوا خراسانَ، كيف انسلخوا من جميع تلك المعاني، وترى طباعَ بلاد الترك كيفَ تطبَعُ الإبلَ والدَّوابَّ وجميعَ ماشيتهم: من سبُعٍ وبهيمةٍ، على طبائعهم، وترَى جرادَ البقولِ والرَّياحِين ودِيدانَها خَضراءَ، وتراها في غير الخُضرة على غير ذلك، وترى القمْلة في رأس الشابِّ الأسودِ الشَّعر سوداء، وتراها في رأس الشَّيخ الأبيضِ الشَّعرِ بيضاءَ، وتراها في رأس الأشْمط شمطاءَ، وفي لون الجملِ الأورق، فإذا كانت في رأس الخَضِيب بالحمرة تراها حمراء، فإنْ نَصَلَ خضابه صار فيها شُكْلةٌ، من بين بيضٍ وحُمْر، وقد نرى حَرَّة بني سُليم، وما اشتملت عليه من إنسانٍ، وسبع، وبهيمةٍ، وطائِر، وحشرة فتراها كلَّها سوداء، وقد خبَّرَنَا من لا يُحصَى من النَّاس أنّهم قد أدركوا رجالاً من نبَط بَيسان، ولهم أذنَابٌ إلاّ تكنْ كأذنَاب التماسيح والأسد والبقر والخيل؛ وإلاَّ كأَذنَاب السَّلاحف والجِرْذان، فقد كان لهم عُجوبٌ طِوالٌ كالأذنَاب، وربَّما رأينا الملاّح النَّبَطِيَّ في بعض الجعفريّات على وجههِ شبهُ القِرْد، وربَّما رأيْنا الرَّجلَ من المغرِب فلا نجد بينهُ وبين المِسخ، إلاّ القليل، وقد يجوز أن يصادف ذلك الهواء الفاسدُ، والماءُ الخبيثُ، والتربةُ الرديَّةُ، ناساً في صفةِ هؤلاء المغربيِّين والأنباط، ويكونون جُهّالاً، فلا يرتحلون؛ ضَنَانَةً بمساكنهم وأوطانهم، ولا ينتقلون، فإذا طال ذلك عليهم زادَ في تلك الشعور، وفي تلك الأذناب، وفي تلك الألوان الشُّقْر، وفي تلك الصُّوَر المناسبةِ للقرود، قالوا: ولم نعرفْ، ولم يثبُتْ عندنا بالخبر الذي لا يعارَض، أنّ الموضع الذي قلب صُوَر قومٍ إلى صور الخنازير، هو الموضع الذي نقل صُوَر قَوْمٍ إلَى صُوَرِ القرود، وقد يجوز أن تكون هذه الصُّورُ انقلبت في مهبِّ الريح الشمالي، والأخرى في مهبِّ الجنوب، ويجوز أن يكون ذلك كان في دهرٍ واحد؛ ويجوز أن يكون بينهما دهرٌ ودهور، قالوا: فلسْنا ننكر المِسْخ إن كان على هذا الترتيب؛ لأنَّه إن كان على مجرى الطَّبائع، وما تدور به الأدوار، فليس ذلك بناقضٍ لقولِنا، ولا مثْبتٍ لقولكُمْ، قال أبو إسحاق: الذي قلتم ليسَ بمُحالٍ، ولا يُنْكَر أن يحدُثَ في العالَم برهاناتٌ، وذلك المِسخْ كان على مجرى ما أُعطُوا من سائِر الأعاجيب، والدَّلائِل والآيات، ونحن إنَّما عرفنا ذلك من قِبَلهم، ولولا ذلك لكان الذي قلتمْ غيرُ ممتنِع، ولو كان ذلك المِسْخُ في هذا الموضع على ما ذكرتم، ثمَّ خبر بذلك نبيٌّ، أو دَعا بِهِ نبيٌّ، لَكان ذلك أعظَمَ الحُجَّة، فأما أبو بكر الأصمّ، وهشام بن الحكم، فإنَّهُما كانا يقولان بالقلْب، ويقولان: إنَّه إذا جاز أنْ يقلب اللّهُ خَرْدلةً من غير أن يزيد فيها جسماً وطولاً أو عرضاً جاز أن يقلب ابنَ آدمَ قِرداً من غير أن ينقُص من جسمه طولاً أو عرضاً.
    الحقيقة ظننت أن هناك خطأ ما لكن الصدمة أن هذا هو فعلا مصدر مروجي هذه الشائعة:
    Al-Jakiz’s View on Biological Evolution

    After a long study of animals, Al-Jahiz was the first to put forward his view of biological evolution in his Book ofAnimals, which contains the germs of many later evolutionary theories (animal embryology, evolution, adaptation, animal psychology and sociology) "11".
    First of all, al-Jahiz’s attempts were made in a truly scientific spirit to classifV animals in a linear series, beginning with the simplest and continuing to the most complex; and at the same time, he arranged them into groups having marked similarities; and these groups were divided into sub-groups to trace the ultimate unit in the species "12"
    An early exponent of the zoological and anthropological sciences, al- Jahiz discovered and recognized the effect of environmental factors on animal life; and he also observed the transformation of animal species under different factors. And in many remarkable passages of his book, he also described for us the struggle of existences for survival, its aim and mechanisms and value in a scientific way, as well as in a folkloric way. As to know the mechanistiis of evolution, al-Jahiz described three mechanisms. These are Struggle for Existence, Transformation of species into each other, and Environmental Factors.
    Let us now see the mechanisms, as briefly as possible.
    Struggle for Existence: al-Jahiz placed the greatest weight on evolution by the struggle for existence, or, in a larger sense, by natural selection. It operates in conjunction with the innate desire for conservation and permanence of the ego. According to al-Jahiz, between every individual existence, there is a natural war for life. The existence are in struggle with each other. Al-Jahiz’s theory of struggle for existence may accordingly be defined as a differential death rate between two variant class of existence, the lesser death rate characterizing the better adapted and stronger class. And for al-Jahiz, the struggle for existence is a divine law; God makes food for some bodies out of some other bodies’ death. He says, “The rat goes out for collecting his food, and it searches and seizes them. It eats some other inferior animals, like small animals and small birds. . . it hides its babies in disguised underground tunnels for protecting them and himself against the attack of the snakes and of the birds. Snakes like eating rats very much. As for the snakes, they defend themselves from the danger of the beavers and hyenas; which are more powerful than themselves. The hyena can frighten the fox, and the latter frightens all the animals which are inferior to it. ...

    this is the law that some existences are the food for others. . . . All small animals eat smaller ones; and all big animals cannot eat bigger ones. Men with each other are like animals. . . God makes cause of some bodies life
    , “ "13" from some bodies death and vice versa. And according to al-Jahiz, the struggle does not exist only between the members of different species, but also between the members of the same species "14".
    From what al-Jahiz has said, we can make an assertion that God has created Nature in a prodigal reproductive character and He has also established a law, which is the biological struggle for existence in order to keep it within a limited ratio. Otherwise, the disorder could appear in Nature and it could lose some of its riches and species. We can see the germs of Darwin’s and the Neo-Darwinian’s theory of Natural Selection in this remarkable passage which we have mentioned above. Transformation of Species: Al-Jahiz, as later Lamarck and Darwin, for example, believes that the transformation of species and mutation is possible. The transformation operates in conjunction with the effect of environmental factors. And he asserted that the original forms branched out into new forms of species by gradually developing new characteristics which helped them to survive environmental conditions. He says, “People said different things about the existence of al-miskh (the original form of quadrupeds) "15". Some accepted its evolution and said that it gave existence to dog, wolf, fox and their similars. The members of this family came from this form (al-miskk).” "16"
    And, he adds that God’s will and power is the main causal factor in the transformation, and God can transform any species into another at any time He wants. So al-Jahiz defends the transformation of species and mutation, due to different factors, including God’s will’7, as we have said above. Here al-Jahiz got some of his material from the sayings of different learned men. As for the effect of environmental factors on species, al-Jahiz believes that the food, climate, shelter and other factors have some biological and psychological effects on species. And for him, these factors also lead the species to a hard struggle for survival. In a changed environment, there is also a change in some characters having survival value. The process of changing characters in succeeding generations makes the organisms better adapted to their environment. They thus survive and get a chance to breed and transmit their characteristics to their offspring. So, al-Jahiz based his theory upon the notion of the use and disuse of organs in the adaptation of animals to their environment.
    Al-Jahiz says, “Without doubt, we have seen that some Nabatheen navigators resembled the ape in some geographical environment, likely we have also seen some people from Morocco and have found them as like as al-maskh "18", except for a little difference.... And it is possible that the polluted air and water, and dust made this change in the character of these Moroccans. . . . If this effect goes on more and more in them, those changes in their bristles, ears, colours, and form (similar to the ape) increase more.... “ "19"
    18:يعلق الكاتب: اعتقد أن المسخ هو نوع من القردة العليا !!!!
    I think al-Maskh is a kind of ape; see Vol. IV, p. 24. And do not confuse al-Maskh with al-Miskh.
    http://www.salaam.co.uk/knowledge/al-jahiz.php

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    بين المسلمين
    المشاركات
    2,906
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لا أجد ما أقوله عن هذه الافتراءات إلا ( مهزلة )

  8. #8

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم أسود مشاهدة المشاركة
    لا أجد ما أقوله عن هذه الافتراءات إلا ( مهزلة )
    هي فعلا كذلك و أرجو من الاخوة محرري الويكيبيديا إلغاء هذا الخطأ.
    --------
    بالنسبة لكلام ابن خلدون "معنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه وانتهى في تدريج التكوين إلى الإنسان صاحب الفكر والروية ترتفع إليه من عالم القدرة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده وهذا غاية شهودنا" أنقل بعض ما وجدت:
    1-
    ولكن ما أخر الانتباه لأفكار ابن خلدون أن كلمة (عالم القردة) في النص السابق حرفت في جميع الطبعات المتداولة في العصر الحاضر إلى (عالم القدرة) بدليل وجود المعنى الأول في طبعة باريس التي وثقها المستشرق الفرنسي كاترمير وظهرت عام 1858 قبل الطبعات المتداولة في العالم العربي .. بل وتوجد في الطبعة الفرنسية فصول وثنايا وخواتيم محذوفة من الطبعة العربية (أعظمها حجما عشرة فصول كاملة في الباب السادس) ..
    وفي الفصل الخامس من الباب السادس يكرر ابن خلدون نفس المعنى السابق بخصوص تشعب وتطور المخلوقات حيث يقول: "... والوجود كله في عوالمه البسيطة والمركبة على ترتيب طبيعي من أعلاها وأسفلها متصلة كلها اتصالًا لا ينخرم وأن المخلوقات التي في آخر كل أفق مستعدة لأن تنقلب إلى الذات التي تجاورها من الأسفل والأعلى استعدادا طبيعيا، كما في النخل والكرم من آخر أفق النبات، وكما في الحلزون والصدف من أفق الحيوان، وكما في القردة التي استجمع فيها الكياسة والإدراك مع الإنسان صاحب الفكر والروية... وهذا الاستعداد الذي في جانب كل أفق من العوالم هو معنى الاتصال فيها..." (انتهى بتصرف)
    2- النص المشكل :
    قال في تفسير "حقيقة النبوة ":الفصل
    أنشأ ابن خلدون بابا في مقدمته سماها "تفسير حقيقة النبوة " أراد من خلاله توصيل فهم معين لكيفية أن يتصل إنسان من البشر وهو على إنسانيته بملك من الملائكة عن طريق الوحي ،يتبين لنا من مقالته أنه كان يقول بتدرج القوى الإدراكية والمعرفية بين الكائنات حتى كأن بين كل جنس وآخر نقطة تماس ،حتى وصل لنقطة التماس في القوى الإدراكية والمعرفية بين البشر والملائكة والتي لا يصل إليها الإ الانبياء يتمكنون من خلالها من تلقي الوحي الإلهي .
    وهو مع توصيفه لنقطة الاتصال أو التماس هذه :لا يقول بتحول جنس حقيقة إلى جنس آخر مختلف عنه كلية حقيقة أيضا ،لكن يذهب إلى –كما أسلفنا – إلى اتصال القوى الإدراكية المعرفية بين جنس وآخر وقد سماها أيضا ب"الروحانية ".
    ودليل ذلك هو أنه مع قوله أن الأنبياء يرتفعون إلى الملائكة في لحظة اتصال معهم عن طريق الوحي فإنهم لا يلبثون الإ أن يعودوا بشرا كما كانوا ،وهذا ضد من ادعى ان ابن خلدون يقول بتحول جنس إلى جنس آخر بالكلية حقيقة .
    وقال :
    " الفصل الرابع عشر
    في علوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
    إنا نجد هذا الصنف من البشرتعتريهم حالة إلهية خارجة عن منازع البشر وأحوالهم فتغلب الوجهة الربانية فيهم على البشرية في القوى الإدراكية والنزوعية من الشهوة والغضب وسائر الأحوال البدنية، فتجدهم متنزهين عن الأحوال الربانية، من العبادة والذكر لله بما يقتضي معرفتهم به، مخبرين عنه بما يوحى إليهم في تلك الحالة، من هداية الأمة على طريقة واحدة وسنن معهود منهم لا يتبدل فيهم كأنه جبلة فطرهم الله عليها. وقد تقدم لنا الكلام في الوحي أول الكتاب في فصل المدركين للغيب. وبينا هنالك أن الوجود كله في عوالمه البسيطة والمركبة على تركيب طبيعي من أعلاها وأسفلها متصلة كلها اتصالاً لا ينخرم. وأن الذوات التي في آخر كل أفق من العوالم مستعدة لأن تنقلب إلى الذات التي تجاورها من الأسفل والأعلى، استعداداً طبيعياً، كما في العناصر الجسمانية البسيطة، وكما في النخل والكرم من آخر أفق النبات مع الحلزون والصدف من أفق الحيوان وكما في القردة التي استجمع فيها الكيس والإدراك مع الإنسان صاحب الفكر والرويه. وهذا الاستعداد الذي في جانبي كل أفق من العوالم هو معنى الاتصال فيها.
    وفوق العالم البشر في عالم روحاني، شهدت لنا به الآثار التي فينا منه، بما يعطينا من قوى الإدراك والإرادة فذوات العلم العالم إدراك صرف وتعقل محض، وهو عالم الملائكة، فوجب من ذلك كله أن يكون للنفس الإنسانية استعداد للإنسلاخ من البشرية إلى الملكية، لتصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات، وفي لمحة من اللمحات. ثم تراجع بشريتها وقد تلقت في عالم الملكية ما كفلت بتبليغه إلى أبناء جنسها في البشر. وهذا هو معنى الوحي وخطاب الملائكة. والأنبياء كلهم مفطورون عليه، كأنه جبلة لهم ويعالجون في ذلك الانسلاخ من الشدة والغطيط ما هو معروف عنهم. وعلومهم في تلك الحالة علم شهادة وعيان، لا يلحقه الخطأ والزلل، ولا يقع فيه الغلط والوهم، بل المطابقة قيه ذاتية لزوال حجاب الغيب وحصول الشهادة الواضحة، عند مفارقة هذه الحالة إلى البشرية، لا يفارق علمهم الوضوح، استصحاباً له من تلك الحالة الأولى، ولما هم عليه من الذكاء المفضي بهم إليها، يتردد ذلك فيهم دائماً إلى أن تكمل هداية الأمة التي بعثوا لها، كما في قوله تعالى: " إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد، فاستقيموا إليه واستنفروه " . فافهم ذلك وراجع ما قدمناه لك أول الكتاب، في أصناف المدركين للغيب، يتضح لك شرحه وبيانه، فقد بسطناه هنالك بسطاً شافياً. والله الموفق."
    وقال :
    " علم أن الله سبحانه اصطفى من البشر أشخاصاً فضلهم بخطابه، وفطرهم على معرفته، وجعلهم وسائل بينه وبين عباده، يعرفونهم بمصالحهم، ويحرضونهم على هدايتهم، ويأخذون بحجزاتهم عن النار، ويدلونهم على طريق النجاة. وكان فيما يلقيه إليهم من المعارف ويظهره على ألسنتهم من الخوارق والأخبار الكائنات المغيبة عن البشر التي لا سبيل إلى معرفتها إلا من الله بوساطتهم، ولا يعلمونها إلا بتعليم الله إياهم. قال صلى الله عليه وسلم " ألا وإني لا أعلم إلا ما علمني الله " . واعلم أن خبرهم في ذلك من خاصيته وضرورته الصدق، لما يتبين لك عند بيان حقيقة النبوة.
    وعلامة هذا الصنف من البشر أن توجد لهم في حال الوحي غيبة عن الحاضرين معهم مع غطيط كأنها غشي أو إغماء في رأي العين وليست منهما في شيء، وإنما هي في الحقيقة استغراق في لقاء الملك الروحاني بإدراكهم المناسب لهم الخارج عن مدارك البشر بالكلية. ثم يتنزل إلى المدارك البشرية: إما بسماع دوي من الكلام فيتفهمه، أو يتمثل له صورة شخص يخاطبه بما جاء به من عند الله. ثم تنجلي عنه تلك الحال وقد وعى ما ألقي إليه. قال صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الوحى: " أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول " . ويدركه أثناء ذلك من الشدة والغط ما لا يعبر عنه. ففي الحديث: " كان مما يعالج من التنزيل شدة وقالت عائشة: " كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً " وقال تعالى: " إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً " . ولأجل هذه الحالة في تنزل الوحي كان المشركون يرمون الأنبياء بالجنون، ويقولون: له رئي أو تابع من الجن. وإنما لبس عليهم بما شاهدوه من ظاهر تلك الأحوال: " ومن يضلل الله فما له من هاد " ."

    ولا شك إن الإيغال في هذا التفسير لهو نزعة صوفية-مع أن ابن خلدون لم يكن صوفيا صرفا- ، لكن أوغل فيه بعض الصوفيون حتى بلغوا مبلغا مقيتا قالوا فيه بالحلول !!(أي الاندماج مع ذات الخالق سبحانه وتعالى ).
    وادعاء البعض أن ابن خلدون يقول بتطور القردة إلى بشر شيء عجيب إذ هو نفسه كثيرا ما صرح بأن آدم أبو البشر خلقه الله من تراب يقول ابن خلدون في مواضع من كتابه :"
    وأما الفلاحة والصناعة والتجارة فهي وجوه طبيعية للمعاش. أما الفلاحة فهي متقدمة عليها كلها بالذات، إذ هي بسيطة وطبيعية فطرية، لا تحتاج إلى نظر ولا علم، ولهذا تنسب قي الخليقة إلى آدم أبي البشر، وأنه معلمها والقائم عليها"
    و الله أعلم
    اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع أهل الشرك والزيغ والشر والفساد والعناد و الإلحاد؛ وانشر رحمتك على العباد.
    قال سيدُنا علي (رضي الله عنه): الناسُ ثلاثة عالمٌ رباني ومتعلمٌ على سبيل نجاة وهمجٌ رَعاعٌ اتباعُ كُلِ ناعقٍ يميلون مع كُل ريح.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. علماء و سياسيون غرب يدخلون الاسلام
    بواسطة الدكتور قواسمية في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-26-2014, 06:47 PM
  2. أخطاء في نقد الداروينية ..
    بواسطة _aMiNe_ في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 03-22-2012, 11:22 AM
  3. معجزات الداروينية ..
    بواسطة _aMiNe_ في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 43
    آخر مشاركة: 02-28-2011, 09:32 PM
  4. العذر بالجهل فى اصول الدين عند علماء الاسلام وبالاخص عند اهل الحديث
    بواسطة ابوالبقاء السلفي في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-21-2011, 08:49 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-31-2004, 11:47 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء