صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 93

الموضوع: تعليقات مناظرة السرداب مع الربوبي

  1. افتراضي

    أنا أسف نسيت هذا منتدى إسلامي وأنا ظيف أنا أسف سأمسح مشاركاتي أنا أعتذر أخذتني العصبية
    أنا أخطأت هذا عمل ليس صحيحاً وليس عقلانياً أكرر أسفي
    ويجب أن أحترمكم مهما كان معتقدكم
    لا مكان للجهلاء والمسفسطين المتهربين في منتدى التوحيد

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    زميل ربوبي صدقني نحن نزداد يقينا بمداخلاتكم مع كامل احترامنا لكم، لأننا لا نجد فيها منطق، و حذف الإدارة لها ليس لأنها قوية أو أننا نخشاها و لكن فيها إساءة لرموزنا الدينية، و قد أمرنا ديننا الحنيف أن نعظمها.
    يذكرني هذا بما قال الدكتور الطيب بوعزة حفظه الله في حوار له مع القبطان، حيث أورد دليل الملحد اللاعقلي اللابرهاني كدليل على صواب الرأي الآخر الإيماني.. فعلا الأشياء بضدها تتميز.
    يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم

  3. #18

    افتراضي

    لا داعي للإعتذار يا أبله إن كنتَ جاهل ولا تعلم فاصمت واطلب العلم بأدب ؟
    وبخصوص الشبهة فهذا ردها http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...40..-%C8%E3%C7 -بما انك من هواة حمل الحطب-..
    حاور كالرجال وقارع الحجة بالحجة بدل التقافز واللعب على وتر الشبهات..وإن كنتَ من هواة أسلوب النسخ لصق..فيكفيك محرك بحث المنتدى بدل أن تضع نفسك ومعتقدك في ورطة
    التعديل الأخير تم 04-05-2013 الساعة 08:19 PM
    التعقيد في الفلسفة بمثابة أوثان مقدسة يُحرَّمُ الإقتراب منها بالتبسيط أو فك الطلاسم
    فمن خلال التبسيط يتكشَّف المعنى السخيف -لبداهَتِه أو لبلاهَتِه- المُتخفي وراء بهرج التعقيد وغموض التركيب..

    مقالاتي حول المذاهب والفلسفات المعاصرة


  4. #19

    افتراضي

    المدعو عيسى سقط من نظري تماما بعد أن ظننت أنه لا زال لديه بقية أدب لكنني كنت ساذجا لكي أظن ذلك بأمثال هؤلاء.
    اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع أهل الشرك والزيغ والشر والفساد والعناد و الإلحاد؛ وانشر رحمتك على العباد.
    قال سيدُنا علي (رضي الله عنه): الناسُ ثلاثة عالمٌ رباني ومتعلمٌ على سبيل نجاة وهمجٌ رَعاعٌ اتباعُ كُلِ ناعقٍ يميلون مع كُل ريح.

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    1,421
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الزميل عيسى قرأت أنك ندمت على التسجيل في المنتدى بدون ذكر أسباب مقنعة مع يقيننا التام أنه لم يتعرض لك أي شخص بما يحرج ويجرح شخصيا وقد انقلبت علينا فكنا نظن بك الأدب فإذا أنت تكشر عن أنيابك مرة واحدة فهل هذا يعني أنك ستنسحب من المناظرة التي طلبتها أنت ابتداء وقمنا باحترامك وجلب محاور قدير لمحاورتك ...
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  6. #21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيسى الربوبي مشاهدة المشاركة
    أختي أنت لم تطلعي على أسلوب المناقشة العالمية .
    منهجيتكم هكذا
    1- سؤال عن فكر المقابل
    2- تعليق على جواب المقابل
    3- ...الخ
    هذه منهجيتكم لاتسمحون بالسؤال عن إلهكم ولا عن كتابكم
    والسؤال عن موت الإله لايجوز أن تحكموا علي إن كنت منصفين إلا بعد تعليقي وأنا لن أعلق حتى يعرفني الزميل عن إله الإسلام.
    وأشكر الزميل memainzin لأنه منصفاً
    منهجيتكم طرح الأسئلة فقط لأنكم ببساطة لاتملكون جواب.
    مساكيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييين
    إلهكم مثل ملك قيصر جالس على عرش يحمله ثماني من العبيد ومستحيل تبرير ذلك فلسفياً فانتو لاتسمحون بالسؤال لأن بالعقل يكشف المقابل زيف مشائخكم.
    وتمر عليه الآيام وله يد وعين وقدم هذه صورة عرفها محمد بعقله عن الإله صورة بشر عملاق وإلا فبرروا ذلك إن استطع أعدكم بأني سأكشف زيفكم أنتم تسجود لصنم أسمة الكعبة وتقبلون الأحجار السوداء مع الأسف إله الأديان لايمكن إثباته نبيكم كان يجامع 12 زوجة في ليله وله قدرة 4000 من الرجال في الجنس.
    أنا ادعوكم لتثبتوا ذلك لكنك عاجزيييييييييييييين وتخافون من أسألة الربوبيين لأنهم وحدهم سيكشفون زيفكم سنحارب مساجدنا وشيوخنا كما حاربة النصارى كنائسهم وتذكروا كلامي العلم والفلسفة يكشف زيف الأديان
    الربوبية ... مستقبل العالم سنحكم العالم بفكرنا
    الزميل عيسى . من حقك اخي ان تبحث عن الحق او ان تدعو الى ما تراه حقا ولكن اذا كان الانسان بطبع المخلوق عليه يكره ان يسيء احد اليه والى معنوياته فكذالك الناس.
    اخي تناول السبيل الى ما تريد رويدا رويدا . ولا عليك ان تقتنع اخي الكريم . فبساط الحرية مفتوح على مشارف المراد .
    حاول ان تضع بينك والتسرع في العصبية حائلا . فانك بطبعك تحب ان يُقتدى بك .فكنْ اسوة يرتجل اسمك عبر الزمان .

  7. افتراضي

    الى الزميل مشرف تحية طيبة وبعد ..
    لا هذا الموضوع في جانب والمناظرة في جانب آخر وأنا لم أقل أني أنسحب اقرر الإنسحاب فقط في حالة عدم السماح لي بالسؤال فقط أما إذا أخذت حقي فسأستر.
    وكما أشكر أخي إنسان وأقول أني أعتذرت ولكن طريقة بعض المسلمين إستفزازية.
    مع كل الإحترام
    لا مكان للجهلاء والمسفسطين المتهربين في منتدى التوحيد

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    1,421
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هذا تدليس منك يا زميل فنحن قلنا لك من حقك السؤال وكنت وضعت سؤالك البارحة واليوم تقول أنك ستنسحب في حال عدم السماح بالسؤال فهذا من الحيل لأنك تتحيل على المشرف وتضع نفسك في موقف المظلوم ولم يظلمك أحد أصلا ولا منعك الإشراف من السؤال ولا ضيق عليك
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  9. افتراضي

    فقط احذر من سب معتقدات المسلمين بطريقة تهكمية #######
    تعديل من المشرف لما ذُكر أعلاه عن مطالبة الزميل بهدوء الإدارة
    التعديل الأخير تم 04-05-2013 الساعة 10:52 PM
    لا مكان للجهلاء والمسفسطين المتهربين في منتدى التوحيد

  10. افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    استاذى الفاضل ..
    الواحد لما بيناقش ..على قد ما بيقدر بيحاول يتحلى باداب الحوار وقوانينه وما يعصب ويسهتزىء بمعتقدات الاخرين ..
    بيطرح افكاره بدون هجوم ..وبيسال وبيبحث عن الشبهات وبيشوف تفسيرها ..
    وحضرتك كاتب ببداية المناظرة انو تكون المناقشة عقلانية هادئة وانك بتحترم معتقداتنا ..
    بالنسبة للمناظرة ..اخونا الدكتور السرداب اعتقد انه حابب بالاول يعرف معتقدك وبشو بتؤمن ونظرتك للاسلام لحتى يعرف مواطن الاختلاف والاتفاق بينكم ..
    لهيك هو سال بالاول وطلب منك الاجابة ..


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيسى الربوبي مشاهدة المشاركة

    هذه منهجيتكم لاتسمحون بالسؤال عن إلهكم ولا عن كتابكم
    والسؤال عن موت الإله لايجوز أن تحكموا علي إن كنت منصفين إلا بعد تعليقي وأنا لن أعلق حتى يعرفني الزميل عن إله الإسلام.


    ما فيه حاجة اسمها اله الاسلام ..الاله واحد والرب واحد ...

    منهجيتكم طرح الأسئلة فقط لأنكم ببساطة لاتملكون جواب.
    المحاورين هان بشهد (بغض النظر عن كونى مسلمة ) بانهم من اكثر الناس عقلانية وفهم للمنطق والعلم والدين ..
    بس همى بالبداية لازم يعرفوا شو معتقداتك وتفكيرك بالضبط قبل ما يردوا عليك بالشبهات حول الاسلام ..
    مش منطق ييجوا يقنعوك بالاسلام بالاول قبل ما يعرفوا تفكيرك ومعتقدك بالضبط ..


    أنتم تسجود لصنم أسمة ال11كعبة وتقبلون الأحجار السوداء مع الأسف
    موضوع الوثنية والكعبة والطواف حولها موجود مقالات كتير عنه بالنت ..
    بامكانك تبحث وتدور طالما انك بتبحث عن الحق ..
    استاذى ..لو المسلمين بيعبدوا الاصنام كان ما فيه داعى لعقيدة التوحيد من اصلها ..
    نفس الكلام ينطبق على شبهة الهلال اللى بيكون على المساجد ..
    احنا بنعبد رب الكعبة مش الكعبة نفسها ..
    وحتى الحجر الاسود فيه مقولة لعمر بيقول فيها ..انو بيعرف انو الحجر ما بيضر ولا بينفع ولولا انه شاف النبى عليه السلام قبله ما كان قبله ابدا ..
    الحجر مهم كبداية للطواف ..
    استاذى ..لو كان دين الاسلام وثنى ..ليش كل هالقصة على عبادة الاصنام .؟
    ليش من الاساس ابراهيم عليه السلام حطم الاصنام ؟
    فالامور بتيجى بالعقل ..قبل ما نبحث وندور ونسال ...






    إله الأديان لايمكن إثباته
    وبمفهوم الربوبية من وجهة نظركم .. كيف ممكن نصدق انه الخالق عز وجل ترك البشرية هيك بدون رسل وبدون ديانات ؟!
    كيف حيحاسبهم بدون ارسال الرسل ؟
    المعنى انو زى ما انتم ما بتقتنعوا بالاديان ..كمان احنا صعب نقتنع بمنهجكم ...


    كونك بتعتذر عن الخطأ هذا شىء جميل ..
    ربنا يهدينا ويهديك لنور الحق دايما...
    وبالتوفيق لدكتور سرداب والك بالمناظرة ..

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    UAE
    المشاركات
    1,200
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس من المحاور رحيم
    ولو كان عند الكعبة أي تقديس عند المسلمين لما قال رسول الله :salla2: أن الكعبة لو هدمت حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم مسلم.
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?3243

    و أقول انا من وجهة نظري البسيطة

    أن لو وجد مسلم بسيط صالح ويؤدي جميع العبادات و مات ولم يسمع ولم يرا أبدا الكعبة فـــ أسلامه صحيح تماما

  12. افتراضي

    7- كيف تتحمل الكرة الأرضية الله فكيف يتجلى إلهك للجبل؟
    ونضيف مع الدكتور السرداب حفظه الله أن هذا من الأمور المتشابهة وأهل العلم يردونها إلى الأمور المحكمة من أمثال (( حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )) وكذلك السموات مثل حلقة ألقيت في الصحراء بالنسبة لما فوقها والعرش أعظم من ذلك والله ليس كمثله شئ ...
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  13. #28

    افتراضي

    الله أكبر. ما شاء الله لا قوة إلا بالله. بارك الله في أستاذنا الفاضل: السرداب، على ردِّه، وما أشدَّ تهافت الأسئلة التي طرحها الربوبي، والعجيب أنه يتحدث ويكأنَّه نقض الإسلام والعياذ بالله! جزى الله الأستاذ السرداب خيرًا. وإن كنت لست أوافق بالضرورة على نقطة امتناع التأكيد بالعقل على نقطة الطعام المذكورة -مرة أخرى-، فأغلب المشاركة أحمد الله على أن وفَّق السرداب لكتابتها هكذا. فالحمد لله.

  14. افتراضي

    بارك الله في أستاذنا البديع الدكتور السرداب و جعل ما يقدم في ميزان حسناته !
    هذه إضافة احببت ادراجها ليستفيد الجميع هنا
    بداية لا يجوز للمخلوق سؤال الخالق الله جل جلاله لماذا ؟! قال تعالى ( لا يُسأل عما يفعل و هم يُسألون ) سؤال الزميل هل يستفيد الله من العبادة قال شيخنا العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري مجيبا على هذه السؤال في مقال له بعنوان ليس مؤمناً حائراً، ولكنها صيحةُ شيطانٍ مُضَلِّلٍ

    قال أبو عبدالرحمن: هذا العبث التساؤلي لا يَرِدُ أصلاً على أذهان الموقنين المحسنين الذين يعبدون ربهم عقيدة وشريعة كأنهم يرون ربهم؛ لأن اليقين القطعي تقوَّى عندهم بأمتن البراهين في الأنفس والآفاق والوعي النفسي، ومن يقينهم أن الله سبحانه هو الغني الحميد؛ فلا يَرِدُ عليهم ماذا يستفيد؟!.. وهم يعلمون أن لله العلمَ المطلقَ، وله الحكمة المطلقة فيما يمضيه في تدبيره؛ لأن حكمته أيضاً من علمه المطلق؛ فإذا قال سبحانه: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (سورة الأنبياء: 23) فليس ذلك أنه يفعل اعتباطاً وتحكُّماً، بل يفعل سبحانه بعلم مسبق، وحكمة مسبقة.. مع وجود الفارق والبون الشاسع بين الخالق سبحانه والمخلوق الذي لا يعلم إلا ظاهراً مما علَّمه ربه، ولا يحيط بعلم ربك وحكمته إلا ما أذن الله بعلمه لتقوية إيمانه، وهو سبحانه يُقوِّي الإيمان بالبراهين، ومشاهدة المعادلة بين المصالح والمفاسد، والوعي الإيماني الذي هو خِصِّيصة يلتذُّ بها المؤمنون، ولكنه سبحانه يمتحن إيمانهم دائماً بما يحجبه من حكمته؛ لأن المطلوب في الدنيا الإيمان بالغيب (الواقع المغيَّب) الذي قامت براهينه، وأما الإيمان بالشهادة فالكفار سريعون إلى ذلك ولا ينفعهم كما في قوله تعالى: {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ} (سورة السجدة: 29)، وهكذا كل من انتقل من الغيب إلى الشهادة كمن غرغر وكان بصره حديداً عند الموت ولم يؤمن إلا هذه اللحظة، وهكذا من آمن عند طلوع الشمس من مغربها، وهكذا كل كافر
    توعده رسوله بالعذاب بعد ثلاثة أيام فإذا نشأ العذاب وتراسل على الكفار لم ينفع الإيمان حينئذ؛ لأن الله امتحن عباده بالإيمان بالغيب، ومعه براهينه القاطعة.. وأما من الناحية التاريخية الفكرية البحتة فبراهين صدق ربنا وصدق شرعه قوية من الأنفس والآفاق كما مر بيان ذلك، وقد أخبرنا جل وعلا أنه خلقنا للابتلاء؛ ليسْعَدَ المؤمن ويشقى الكافر، وأن ابتلاءه من مقتضى ملكه الشامل الكامل المهيمن؛ لأنه سبحانه فعَّالٌ لما يريد؛ فسؤال المخلوق الضعيف المحدد بكلمة (لماذا خلقنا؟) يساوي: (لماذا تصرَّف في ملكه كما يشاء؟)، فهو تحجير من ضعيف على رب قادر.. ثم ببراهين الإيمان المتينة القوية من الأنفس والآفاق عَلِمْنا نحن، وعلَّمنا هو سبحانه من تدبيره وآياته وتحذيره من طرق الإضلال من الهوى والنفس والشهوات والشبهات والشيطان الذي عرف حقيقته من مارس عبادته لربه بجهاد شاق.. كما علِمنا نحن وعلَّمنا هو سبحانه أنه غني حميد؛ فشبهة (ماذا يستفيد ربنا؟!) غير واردة، وإنما يستفيد البشر الضعفاء من حكمة الرب سبحانه في ابتلائه وهو سيُظْهِرُ ما لم يُظهرْ من بعض الحكمة، وسيعامل عباده في امتثالهم أو معصيتهم بالرحمة والكرم والإحسان والعدل إذا لم يترك الكافر مجالاً لتفقُّد لُطْف ربه نسأل الله العافية.. أَوَلَمْ يقل ربنا سبحانه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا} (سورة النساء: 87)؛ فتجربة المؤمن الصادقة من صِدْق حديثه جلَّ جلاله.. وههنا أمر فكري ضروري، وهو المطالبة بأن يصرف الباحث النظر مؤقتاً عن (لماذا خلقنا ربنا؟)، و (ماذا يستفيد ربنا؟)، وينظر في واقعنا نحن المخلوقين وحقيقة ربنا سبحانه ولا سيما في قدرته وهيمنته ووحدانيته في التدبير، وأن كل ما سواه خلقه وملكه محكوم بقدره، وهذا مَرَّ في براهين التمانع كما في قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (سورة المؤمنون: 91)، ومع استحضار ما يقدر عليه العقل والوجدان من عظمة الله سبحانه يستحضر حال المخلوقات من مثل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(79)وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86)سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)؟ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}(سورة المؤمنون: 78 - 90)، فهذه حقائق مصحوبة ببراهينها إذا استحضرها الإنسان خجل الإنسان مِنْ نفسه ومِنْ خَلْقِ الله ثم من ربه أن يقول: (لماذا خلقنا، وما سيستفيد؟!!)؛ فإذا ابتلاه الشيطان بمثل هذا الوسواس وَأَده في مهده بما عنده من علم برهاني يقيني قطعي أسلفت بعضه ومفاتيح بعضه على أن لله الكمالَ المطلقَ النهائيَّ الذي لا يقبل إضافة ولا سلباً، وأن من كماله أنه الغني الحميد، وأن جميع الخلق المحدودين زماناً ومكاناً وعلماً لا يحيطون بعلمه وحكمته سبحانه، وأنه سبحانه فعَّال لما يريد لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون؛ لأن فعله عن حكمة وعلم، وأنه لا أحد يحيط بعلمه وحكمته سبحانه لا نبي مرسل ولا مَلَك مُقَرَّب.. والمؤمن يُنعِم الله عليه ببرد اليقين، وراحة اليقين، ولذة العلم الحاصل من الإيمان.. ولكنه يبقى إلى يوم أن يلقى ربه مُمْتَحَناً من ربه بما يُظهره من صدق إيمانه؛ فالصادق الإيمان سريع الإفضاء بما لديه من يقين؛ فإذا أمره ربه بالنفقة وأن يُقرضَ ربَّه قرضاً حسناً ناجى ربه: (بأنك الغني الحميد، وهو رزقك، وأنت المتفضل، وأنت الغني وكل شيء مفتقر إليك، وجعلت طاعتنا قرضاً؛ لأنك الحميد الشكور).. وإذا سمع مثل قوله تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}(سورة الرحمن: 60) أشفق، وقال: (الإحسان منك في الأولى؛ فلولا اللهُ ما اهتدينا، ولأنك الحميد الشكور جعلت إحسانك في الثانية جزاء.. وأكثر الناس إحساناً لا يستحق كل هذا النعيم بكل عمله لو لم يكن إحساناً منك ابتداءً، وهو نسبة ضئيلة (مهما عظمت واتسعتْ) من إحسانك الخالد المتنوِّع المتجدِّد.. ولقد جعلتَ فعل المطيع إحساناً والإحسان منك في الأولى والآخرة).. وربنا الملك الحق المبين له الملك على الحقيقة، وهو الممدوح بالجبار المتكبِّر، والتكبُّر في المخلوق خسة ونذالة؛ فما يُقال في تمجيده سبحانه هو الحق والصدق الذي يستقيم به كون الله؛ فبمقتضى مُلكه وكماله جل جلاله سخَّر الملائكة والعجماوات والجمادات تسبح له وتقدسه بالحق؛ فلا أحد له حقيقة الوصف والاسم غيره، وهو ((سُبُّوح قدُّوسٌ)) في ذاته وإن جحد الجاحدون؛ فالفوز للعقلاء إذْ سبَّحوا بحمد ربهم وقدسوه؛ لينالوا الفوز، والبرهان المعجز للجمادات والعجماوات؛ إذ سبحت بقدس ربها، وذلك من علم الغيب الصادق الذي قام برهان صدقه.. وابتلاء الله للثقلين في العبادة مقتضى ملكه، وإظهار علمه وحكمته، ونتيجة ذلك عدله إن عذَّب، وإحسانه إن عفا بعد عدل، وإحسانه الغامر الدائم لمن أطاعه.. وإذا ظهر للسائل وحدانية الله في الملك والهيمنة والقدرة، وأن ربه لطيف غفور ودود يُنجي من ارتمى في أحضان رحمته، وأظهر البراءة من الحول والطَّول والتحجُّج؛ بل {فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}(سورة الأنعام: 149)، وعلم أنه في منتهى المحدودية قدرة وعلماً وزماناً ومكاناً: فأي سعادة له في تحجُّج أطفال مهزومين بمثل: ماذا يستفيد ربنا؟!.. أليس له ضمانات لا تُحصى ولا تعد من براهين الله بأنه ليس عنده سبحانه إلا الحق والحكمة والصدق والعدل والإحسان والحلم والعفو وشدة البأس لمن حاربه.. وعجبي الكبير من مخلوق ضعيف يغفل عن حكمة الابتلاء ويصرُّ على دلال الطفولة (ماذا يستفيد ربنا؟) وهو يعلم أن العقلاء والعجماوات والجمادات حالها واحد في عالم الشهادة، وإنما العبرة بصدق الإيمان بالغيب بعد أن نصب عليه البراهين القطعية من الأنفس والآفاق، ولا تزال تتجدد، وحذَّره من أعداءٍ دعاةٍ على أبواب جهنم من الشبهات والشهوات والشياطين وفسقة الإنس والنفس الأمارة بالسوء وسهولة تأصُّل العادة السيئة وصعوبة تكوُّن أحوال العبادة حتى تكونَ حالَ عبادةٍ لا تفقد شيئاً من نية الإخلاص بتمييز المقصود بالعبادة، ولا شيئاً من نية تمييز العمل المقصود، وجعل للتأقلم على العبادة والمعصية آثاراً نفسية مشهودة: إما ضارة وإما نافعة.. وحذَّره من الصدِّ عن ذكر ربِّه والتهرُّب من مسؤوليته، ليحصل له هداية الإيضاح والتوفيق معاً، وطالبه بالبرهان في نفيه وإثباته، وأظهر له البرهان في كل ما طلبه منه، وأخذ حُجَزَه شرعاً لسلامة الدين والنفس والعقل والعرض والمال؛ ليصفو له أخذ الحق من معينه، وأعطاه العبرة من الأغيار، ومن تلك العِبَر ما هو بسبيل مقيم.. ومقتضى ملكه سبحانه وكماله وإن كان غنيّْاً حميداً حبُّه جل جلاله لأن يُشكر ولا يُكفر، ويُذكر ولا يُنسى، ويُعبد ولا يُعصى، ويُسبَّح ويُقدَّس؛ فهل يأتي المخلوق الضعيف المحدود لينازع ربه وهو ليس أهلاً لنزاع أضعف جند مجنَّد من عند ربه يسلطه عليه ولو كان بعوضاً؛ فيقول لربه: (دع ملكك وكمالك ومقتضاهما) بشبهة (ماذا يستفيد ربنا؟)؟؟!.. فمن قال: (لا داعي للابتلاء من ربنا) فأقل ما يقال له: هات براهينك على أنه لا حِكمة لربنا جل جلاله، وهات براهينك على أنك أحطت بحكمة ربنا فلم تجد أن الابتلاء أعظم ما يتميز به الصادقون.. ثم بعد ذلك ارجع إلى القانون العقلي الرياضي الذي أسلفته لك، وألزمتك فيه بالبراهين أن دين الله حقٌّ تفصيلاً وإجمالاً وإن لم تفهم بعض أسراره وهكذا ما تأخر تأويله وما قصرت عنه مداركك قبل أوانه، وأن عندك من البراهين ما يكفيك على وجوب عبادتك ربك بما شرع.. إن البلوى والابتلاء من الله برهان قطعي لمراجعة النفس ابتغاءً للحق كما في قوله تعالى عن تذبذب سلوك اليهود وكفرهم المتكرر: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(سورة الأعراف: 168) إلا أن منه تبكيتاً للكفار فات أوانه كقوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}(سورة يونس: 30) وعِلْمُ الله سبحانه بحال خلقه حاصل بلا ابتلاء، ولكن الله سبحانه أراد أن يُظهر علمه المسبق إلى علم يعلمه البشر؛ ليظهر لهم عدله وإحسانه، وعلى مثل هذا يحمل قوله تعالى}: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}(سورة محمد: 31) ولن أورد إلا قليلاً من ذلك لكثرته وشهرته، ولا سيما أن الجنَّات منازل، والنيران أطباق، وفي الابتلاء تربية للنفوس بالشكر والصبر والاستغفار كما في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}(سورة البقرة: 155 - 156)، وفي الابتلاء أخبر ربنا سبحانه أنه يحب المحسنين ولا يحب المعتدين، وقال تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}(سورة الزمر: 7)؛ فكلمة (ماذا يستفيد ربنا؟) محاكمة جهلاء رعناء لأحكم الحاكمين، ولن أخوض في تعليق مشيئة الرب ببقاء النار، ولا بتعليق مشيئة الرب في الجنة بدوام السموات والأرض كما في قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} (سورة هود: 107)؛ فإن الكلام في هذا غير مأمون من الانزلاق في قول بلا علم من الله سبحانه، ولكننا نعلم أن أحقاب النار أضعاف أعمار الكفار ولا يحصيها إلا خالقها، ويستوجبون من الله عذاباً لا يفنى؛ لشدة عداوتهم لربهم، ونعلم مع هذا أن رحمة الله تسبق غضبه، وأن عدله لا يضيع، وأنه فعال لما يريد فيهم وفي غيرهم ولا نعلم إلا ما علمنا ربنا، وأن الله قد لا يُحقِّق كل إيعاده وإن بلغ ضعف أحقاب الحياة لمنتهى رحمته وعدله، وأنه لا يخلف وعده ألبتة؛ فلو أمضى سبحانه إيفاء أهل الجنة حقهم ما دامت السموات والأرض لكان أوفاهم أكثر من حقهم كثيراً، ولكن خلودهم الدائم غير المنقطع حاصل؛ لأنه لا يخلف وعده، واستثناء سبحانه المشيئة بدوام السموات والأرض إظهار لكرمه سبحانه بالمزيد الدائم الذي سيشاؤه لهم؛ لأنه لا يخلف الميعاد، وإشعار لعباده أنهم يستوفون نعيمهم بأكثر مما وعدهم كثيراً لو صح الانتهاء بالتعليق على المشيئة، وقبل إنهاء هذا الموضوع أبين أن كلمة (ماذا يستفيد ربنا؟) ليست برهاناً بإطلاق، وليست اعتراضاً مقبولاً ممن لا يحيط بعلم الله وحكمته. أهـــ

    أما خلق الشيطان و الشرور و غيرها قد أجاب الإمام ابن القيم في كتابه النفيس شفاء العليل في مسائل القضاء و القدر و التعليل أجوبة بديعه اخترت منها
    قال ((الجواب السادس أن الحكمة تابعة للعلم والقدرة فمن كان أعلم وأقدر كانت أفعاله أحكم وأكمل والرب منفرد بكمال العلم والقدرة فحكمته بحسب علمه وقدرته كما تقدم تقريره فحكمته متعلقة بكل ما تعلق به علمه وقدرته، الجواب السابع أن الأدلة القاطعة قد قامت على أنه حكيم في أفعاله وأحكامه فيجب القول بموجبها وعدم العلم بحكمته في الصور المذكورة لا يكون مسوغا لمخالفة تلك الأدلة القاطعة لا سيما وعدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه، الجواب الثامن أن كماله المقدس يمنع خلو هذه الصور التي تقصيتم عن الحكمة وكماله أيضا يأبى إطلاع خلقه على جميع حكمته فحكمته تمنع إطلاع خلقه على جميع حكمته بل الواحد منا لو أطلع غيره على جميع
    شأنه وأمره عد سفيها جاهلا وشأن الرب أعظم من أن يطلع كل واحد من خلقه على تفاصيل حكمته ))
    (( الجواب الحادي عشر أن الحكمة إنما تتم بخلق المتضادات والمتقابلات كالليل والنهار والعلو والسفل والطيب والخبيث والخفيف والثقيل والحلو والمر والبرد والألم واللذة والحياة والموت والداء والدواء فخلق هذه المتقابلات هو محل ظهور الحكمة الباهرة ومحل ظهور القدرة القاهرة والمشيئة النافذة والملك الكامل التام فتوهم تعطيل خلق هذه المتضادات تعطيل لمقتضيات تلك الصفات وأحكامها وآثارها وذلك عين المحال فإن لكل صفة من الصفات العليا حكما ومقتضيات وأثرا هو مظهر كمالها وإن كانت كاملة في نفسها لكن ظهور آثارها وأحكامها من كمالها فلا يجوز تعطيله فإن صفة القادر تستدعي مقدورا وصفة الخالق تستدعي مخلوقا وصفة الوهاب الرازق المعطي المانع الضار النافع المقدم المؤخر المعز المذل العفو الرءوف تستدعي آثارها وأحكامها فلو عطلت تلك الصفات عن المخلوق المرزوق المغفور له المرحوم المعفو عنه لم يظهر كمالها وكانت معطلة عن مقتضياتها وموجباتها فلو كان الخلق كلهم مطيعون عابدون حامدون لتعطل أثر كثير من الصفات العلى والأسماء الحسنى وكيف كان يظهر أثر صفة العفو والمغفرة والصفح والتجاوز والانتقام والعز

    والقهر والعدل والحكمة التي تنزل الأشياء منازلها وتضعها مواضعها فلو كان الخلق كلهم أمة واحدة لفاتت الحكم والآيات والعبر والغايات المحمودة في خلقهم على هذا الوجه وفات كمال الملك والتصرف فإن الملك إذا اقتصر تصرفه على مقدور واحد من مقدوراته فإما أن يكون عاجزا عن غيره فيتركه عجزا أو جاهلا بما في تصرفه في غيره من المصلحة فيتركه جهلا وأما أقدر القادرين وأعلم العالمين وأحكم الحاكمين فتصرفه في مملكته لا يقف على مقدور واحد لأن ذلك نقص في ملكه فالكمال كل الكمال في العطاء والمنع والخفض والرفع والثواب والعقاب والإكرام والإهانة والإعزاز والإذلال والتقديم والتأخير والضر والنفع وتخصيص هذا على هذا وإيثار هذا على هذا ولو فعل هذا كله بنوع واحد متماثل الأفراد لكان ذلك منافيا لحكمته وحكمته تأباه كل الإباء فإنه لا يفرق بين متماثلين ولا يسوى بين مختلفين وقد عاب على من يفعل ذلك وأنكر على من نسبه إليه والقرآن مملوء من عيبه على من يفعل ذلك فكيف يجعل له العبيد ما يكرهون ويضربون له مثل السوء وقد فطر الله عباده على إنكار ذلك من بعضهم على بعض وطعنهم على من يفعله وكيف يعيب الرب سبحانه من عباده شيئا ويتصف به وهو سبحانه إنما عابه لأنه نقص فهو أولى أن يتنزه عنه وإذا كان لا بد من ظهور آثار الأسماء والصفات ولا يمكن ظهور آثارها إلا في المتقابلات والمتضادات لم يكن في الحكمة بد من إيجادها إذ لو فقدت لتعطلت الأحكام بتلك الصفات وهو محال يوضحه الوجه الثاني عشر أن من أسمائه الأسماء المزدوجة كالمعز المذل والخافض الرافع والقابض الباسط والمعطي المانع ومن صفاته الصفات المتقابلة كالرضا والسخط والحب والبغض والعفو والانتقام وهذه صفات كمال وإلا لم يتصف بها ولم يتسم بأسمائها وإذا كانت صفات كمال فإما أن يتعطل مقتضاها وموجبها وذلك يستلزم تعطيلها في أنفسها وإما أن تتعلق بغير محلها الذي يليق بأحكامها وذلك نقص وعيب يتعالى عنه فيتعين تعلقها بمحالها التي تليق بها وهذا وحده كاف في الجواب لمن كان له فقه في باب الأسماء والصفات ولا غيره يغيره يوضحه الوجه الثالث عشر أن من أسمائه الملك ومعنى الملك الحقيقي ثابت له سبحانه بكل وجه وهذه الصفة تستلزم سائر صفات الكمال إذ من المحال ثبوت الملك الحقيقي التام لمن ليس له حياة ولا قدرة ولا إرادة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا فعل اختياري يقوم به وكيف يوصف بالملك من لا يأمر ولا ينهى ولا يثيب ولا يعاقب ولا يعطي ولا يمنع ولا يعز ويذل ويهين ويكرم وينعم وينتقم ويخفض ويرفع ويرسل الرسل إلى أقطار مملكته ويتقدم إلى عبيده بأوامره ونواهيه فأي ملك في الحقيقة لمن عدم ذلك وهذا يبين أن المعطلين لأسمائه وصفاته جعلوا مماليكه أكمل منه ويأنف أحدهم أن يقال في أمره وملكه ما يقوله هو في ربه فصفة ملكية الحق مستلزمة لوجود ما لا يتم التصرف إلا به والكل منه سبحانه فلم يتوقف كمال ملكه على غيره فإن كل ما سواه مسند إليه متوقف في وجوده على مشيئته وخلقه )) أهــ
    ثم قال رحمه الله (( الوجه السادس عشر أنه سبحانه يجب أن يشكر ويحب أن يشكر عقلا وشرعا وفطرة فوجوب شكره أظهر من وجوب شكره أظهر من وجوب كل واجب وكيف لا يجب على العباد حمده وتوحيده ومحبته وذكر آلائه وإحسانه وتعظيمه وتكبيره والخضوع له والتحدث بنعمته والإقرار بها بجميع طرق الوجوب فالشكر أحب شيء إليه وأعظم ثوابا وأنه خلق الخلق وأنزل الكتب وشرع الشرائع وذلك يستلزم خلق الأسباب التي يكون الشكر بها أكمل ومن جملتها أن فاوت بين عباده في صفاتهم الظاهرة والباطنة في خلقهم وأخلاقهم وأديانهم وأرزاقهم ومعايشهم وآجالهم فإذا رأى المعافى المبتلى والغني الفقير والمؤمن الكافر عظم شكره لله وعرف قدر نعمته عليه وما خصه به وفضله به على غيره فازداد شكرا وخضوعا واعترافا بالنعمة، وفي أثر ذكره الإمام أحمد في الزهد: "أن موسى قال يا رب هلا سويت بين عبادك قال إني أحببت أن أشكر" فإن قيل فقد كان من الممكن أن يسوى بينهم في النعم ويسوى بينهم في الشكر كما فعل بالملائكة قيل لو فعل ذلك لكان الحاصل من الشكر نوع آخر غير النوع الحاصل منه على هذا الوجه والشكر الواقع على التفضيل والتخصيص أعلى وأفضل من غيره ولهذا كان شكر الملائكة وخضوعهم وذلهم لعظمته وجلاله بعد أن شاهدوا من إبليس ما جرى له ومن هاروت وماروت ما شاهدوه أعلى وأكمل مما كان قبله وهذه حكمة الرب ولهذا كان شكر الأنبياء وأتباعهم بعد أن عاينوا هلاك أعدائهم وانتقام الرب منهم وما أنزل بهم من بأسه أعلى وأكمل وكذلك شكر أهل الجنة في الجنة وهم يشاهدون أعداءه المكذبين لرسله المشركين به في ذلك العذاب فلا ريب أن شكرهم حينئذ ورضاهم ومحبتهم لربهم أكمل وأعظم مما لو قدر اشتراك جميع الخلق في النعيم فالمحبة الحاصلة من أوليائه له والرضا والشكر وهم يشاهدون بين جنسهم في ضد ذلك من كل وجه أكمل وأتم، فالضد يظهر حسنه الضد، وبضدها تتبين الأشياء، ولولا خلق القبيح لما عرفت فضيلة الجمال والحسن ولولا خلق الظلام لما عرفت فضيلة النور ولولا خلق أنواع البلاء لما عرف قدر العافية ولولا الجحيم لما عرف قدر الجنة ولو جعل الله سبحانه النهار سرمدا لما عرف قدره ولو جعل الليل سرمدا لما عرف قدره وأعرف الناس بقدر النعمة من ذاق البلاء وأعرفهم بقدر الفقر من قاسى مرائر الفقر والحاجة ولو كان الناس كلهم على صورة واحدة من الجمال لما عرف قدر الجمال وكذلك لو كانوا كلهم مؤمنين لما عرف قدر الإيمان والنعمة به فتبارك من له في خلقه وأمره الحكم البوالغ والنعم السوابغ يوضحه الوجه السابع عشر أنه سبحانه يجب أن يعبد بأنواع العبودية ومن أعلاها وأجلها عبودية الموالاة فيه والمعاداة فيه والحب فيه والبغض فيه والجهاد في سبيله وبذل مهج النفوس في مرضاته ومعارضة أعدائه وهذا النوع هو ذروة سنام العبودية وأعلى مراتبها وهو أحب أنواعها إليه وهو موقوف على ما لا يحصل بدونه من خلق الأرواح التي تواليه وتشكره وتؤمن به والأرواح التي تعاديه وتكفر به ويسلط بعضها على بعض لتحصل بذلك محابه على أتم الوجوه وتقرب أوليائه إليه لجهاد أعدائه ومعارضتهم فيه وإذلالهم وكبتهم ومخالفة سبيلهم فتعلو كلمته ودعوته على كلمة الباطل ودعوته ويتبين بذلك شرف علوها وظهورها ولو لم يكن للباطل والكفر والشرك وجود فعلي أي شيء كانت كلمته ودعوته تعلو فإن العلو أمر لشيء يستلزم غالبا ما يعلى عليه وعلو الشيء على نفسه محال والوقوف على الشيء لا يحصل بدونه يوضحه الوجه الثامن عشر أن من عبوديته العتق والصدقة والإيثار والمواساة والعفو والصفح والصبر وكظم الغيظ واحتمال المكاره ونحو ذلك مما لا يتم إلا بوجود متعلقه وأسبابه فلولا لم تحصل عبودية العتق فالرق من أثر الكفر ولولا الظلم والإساءة والعدوان لم تحصل عبودية الصبر والمغفرة وكظم الغيظ ولولا الفقر والحاجة لم تحصل عبودية الصدقة والإيثار والمواساة فلو سوى بين خلقه جميعهم لتعطلت هذه العبوديات التي هي أحب شيء إليه ولأجلها خلق الجن والإنس ولأجلها شرع الشرائع وأنزل الكتب وأرسل الرسل وخلق الدنيا والآخرة وكما أن ذلك من صفات كماله فلو لم يقدر الأسباب التي يحصل بها ذلك لغاب هذا الكمال وتعطلت أحكام تلك الصفات كما مر توضيحه الوجه التاسع عشر أنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه أعظم فرح يقدر أو يخطر ببال أو يدور في خلد وحصول هذا الفرح موقوف على التوبة الموقوفة على وجود ما يتاب منه وما يتوقف عليه الشيء لا يوجد بدونه فإن وجود الملزوم بدون لازمه محال ولا ريب أن وجود الفرح أكمل من عدمه فمن تمام الحكمة تقدير أسبابه ولوازمه وقد نبه أعلم الخلق بالله على هذا المعنى بعينه حيث يقول في الحديث الصحيح: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم" فلو لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يغفر وعلى من يتوب وعمن يعفو ويسقط حقه ويظهر فضله وجوده وحلمه وكرمه وهو واسع المغفرة فكيف يعطل هذه الصفة أم كيف يتحقق بدون ما يغفر ومن يغفر له ومن يتوب وما يتاب عنه فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة فكيف والحكم والمصالح والغايات المحمودة التي في ضمن هذا التقدير فوق ما يخطر بالبال وكان بعض العباد يدعو في طوافه اللهم اعصمني من المعاصي ويكرر ذلك فقيل له في المنام أنت سألتني العصمة وعبادي يسألوني العصمة فإذا عصمتكم من الذنوب فلمن أغفر وعلى من أتوب وعمن أعفو ولو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه يوضحه الوجه العشرون أنه قد يترتب على خلق من يكفر به ويشرك به ويعاديه من الحكم الباهرة والآيات الظاهرة ما لم يكن يحصل بدون ذلك فلولا كفر قوم نوح لما ظهرت آية الطوفان وبقيت يتحدث بها الناس على ممر الزمان ولولا كفر عاد لما ظهرت آية الريح العقيم التي دمرت ما مرت عليه ولولا كفر قوم صالح لما ظهرت آية إهلاكهم بالصيحة ولا كفر فرعون لما ظهرت تلك الآيات والعجائب يتحدث بها الأمم أمة بعد أمة واهتدى من شاء الله فهلك بها من هلك عن بينه وحي بها من حي عن بينة وظهر بها فضل الله وعدله وحكمته وآيات رسله وصدقهم فمعارضة الرسل وكسر حججهم ودحضها والجواب عنها وإهلاك الله لهم من أعظم أدلة صدقهم وبراهينه ولولا مجيء المشركين بالحد والحديد والعدد والشوكة يوم بدر لما حصلت تلك الآية العظيمة التي يترتب عليها من الإيمان والهدى والخير ما لم يكن حاصلا مع عدمها وقد بينا أن الموقوف على الشيء لا يوجد بدونه ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع فلله كم عمرت قصة بدر من ربع أصبح آهلا بالإيمان وقد فتحت لأولي النهى من باب وصلوا منه إلى الهدى والإيقان وكم حصل بها من محبوب للرحمن وغيظ للشيطان وتلك المفسدة التي حصلت في ضمنها للكفار مغمورة جدا بالنسبة إلى مصالحها وحكمها وهي كمفسدة المطر إذا قطع المسافر وبل الثياب وخرب بعض البيوت بالنسبة إلى مصلحة العامة وتأمل ما حصل بالطوفان وغرق آل فرعون للأمم من الهدى والإيمان الذي غمر مفسدة من هلك به حتى تلاشت في جنب مصلحته وحكمته فكم لله من حكمة في آياته التي ابتلى بها أعداءه وأكرم فيها أولياءه وكم له فيها من آية وحجة وتبصرة وتذكرة ولهذا أمر سبحانه رسوله أن يذكر بها أمته فقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} فذكرهم بأيامه وإنعامه ونجاتهم من عدوهم وإهلاكهم وهم ينظرون فحصل بذلك من ذكره وشكره ومحبته وتعظيمه وإجلاله ما تلاشت فيه مفسدة إهلاك الأبناء وذبحهم واضمحلت فإنهم صاروا إلى النعيم وخلصوا من مفسدة العبودية لفرعون إذ كبروا وسومهم له سوء العذاب وكان الألم الذي
    - ذاقه الأبوان عند الذبح أيسر من الآلام التي كانوا تجرعوها باستعباد فرعون وقومه لهم بكثير فحظي بذلك الآباء والأبناء وأراد سبحانه أن يرى عباده ما هو من أعظم آياته وهو أن يربي هذا المولود الذي ذبح فرعون ما شاء الله من الأولاد في طلبه في حجر فرعون وفي بيته وعلى فراشه فكم في ضمن هذه الآية من حكمة ومصلحة ورحمة وهداية وتبصرة وهي موقوفة على لوازمها وأسبابها ولم تكن لتوجد بدونها فإنه ممتنع فمصلحة تلك الآية وحكمتها غمرت مفسدة ذبح الأبناء وجعلتها كأن لم تكن وكذلك الآيات التي أظهرها سبحانه على يد الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم والعجائب والحكم والمصالح والفوائد التي في تلك القصة التي تزيد على الألف لم تكن لتحصل بدون ذلك السبب الذي كان فيه مفسدة حزونة يعقوب ويوسف ثم انقلبت تلك المفسدة مصالح اضمحلت في جنبها تلك المفسدة بالكلية وصارت سببا لأعظم المصالح في حقه وحق يوسف وحق الإخوة وحق امرأة العزيز وحق أهل مصر وحق المؤمنين إلى يوم القيامة فكم جنى أهل المعرفة بالله وأسمائه وصفاته ورسله من هذه القصة من ثمرة وكم استفادوا بها من علم وحكمة وتبصرة وكذلك المفسدة التي حصلت لأيوب من مس الشيطان به بنصب وعذاب اضمحلت وتلاشت في جنب المصلحة والمنفعة التي حصلت له ولغيره عند مفارقة البلاء وتبدله بالنعماء بل كان ذلك السبب المكروه هو الطريق الموصل إليها والشجرة التي جنيت ثمار تلك النعم منها وكذلك الأسباب التي أوصلت خليل الرحمن إلى أن صارت النار عليه بردا وسلاما من كفر قومه وشركهم وتكسيره أصنامهم وغضبهم لها وإيقاد النيران العظيمة له وإلقائه فيها بالمنجنيق حتى وقع في روضة خضراء في وسط النار وصارت آية وحجة وعبرة ودلالة للأمم قرنا بعد قرن فكم لله سبحانه في ضمن هذه الآية من حكمة بالغة ونعمة سابغة ورحمة وحجة وبينة لو تعطلت تلك الأسباب لتعطلت هذه الحكم والمصالح والآيات وحكمته وكماله المقدس يأبى ذلك وحصول الشيء بدون لازمه ممتنع وكم بين ما وقع من المفاسد الجزئية في هذه القصة وبين جعل صاحبها إماما للحنفاء إلى يوم القيامة وهل تلك المفاسد الجزئية إلا دون مفسدة الحر والبرد والمطر والثلج بالنسبة إلى مصالحها بكثير ولكن الإنسان كما قال الله تعالى: {ظَلُوماً جَهُولاً} ظلوم لنفسه جهول بربه وعظمته وجلاله وحكمته وإتقان صنعه وكم بين إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة على تلك الحال ودخوله إليها ذلك الدخول الذي لم يفرح به بشر حبورا لله وقد اكتنفه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله والمهاجرون والأنصار قد أحدقوا به والملائكة من فوقهم والوحي من الله ينزل عليه وقد أدخله حرمه ذلك الدخول فأين مفسدة ذلك الإخراج الذي كان كأن لم يكن ولولا معارضة السحرة لموسى بإلقاء العصي والحبال حتى أخذوا أعين الناس واسترهبوهم لما ظهرت آية عصا موسى حتى ابتلعت عصيهم وحبالهم ولهذا أمرهم موسى أن يلقوا أولا ثم يلقي هو بعدهم ومن تمام ظهور آيات الرب تعالى وكمال اقتداره وحكمته أن يخلق مثل جبريل صلوات الله وسلامه عليه الذي هو أطيب الأرواح العلوية وأزكاها وأطهرها وأشرفها وهو السفير في كل خير وهدى وإيمان وصلاح ويخلق مقابله مثل روح اللعين إبليس الذي هو أخبث الأرواح وأنجسها وشرها وهو الداعي إلى كل شر وأصله ومادته وكذلك من تمام قدرته وحكمته أن خلق الضياء والظلام والأرض والسماء والجنة والنار وسدرة المنتهى وشجرة الزقوم وليلة القدر وليلة الوباء والملائكة والشياطين والمؤمنين والكفار والأبرار والفجار والحر والبرد والداء والدواء والآلام واللذات والأحزان والمسرات واستخرج سبحانه من بين ما هو من أحب الأشياء إليه من أنواع العبوديات والتعرف إلى خلقه بأنواع الدلالات ولولا خلق الشياطين والهوى والنفس الأمارة لما حصلت عبودية الصبر ومجاهدة النفس والشيطان ومخالفتهما وترك ما يهواه العبد ويحبه لله فإن لهذه العبودية شأنا ليس لغيرها ولولا وجود الكفار لما حصلت عبودية الجهاد ولما نال أهله درجة الشهادة ولما ظهر من يقدم محبة فاطره وخالقه على نفسه وأهله وولده ومن يقدم أدنى حظ من الحظوظ عليه فأين صبر الرسل وأتباعهم وجهادهم وتحملهم لله أنواع المكاره والمشاق وأنواع العبودية المتعلقة بالدعوة وإظهارها لولا وجود الكفار وتلك العبودية تقتضي علمه وفضله وحكمته ويستخرج منه حمده وشكره ومحبته والرضا عنه يوضحه الوجه الحادي والعشرون أنه قد استقرت حكمته سبحانه أن السعادة والنعيم والراحة لا يوصل إليها إلا على جسر المشقة والتعب ولا يدخل إليها إلا من باب المكاره والصبر وتحمل المشاق ولذلك حف الجنة بالمكاره والنار بالشهوات ولذلك أخرج صفيه آدم من الجنة وقد خلقها له واقتضت حكمته أن لا يدخلها دخول استقرار إلا بعد التعب والنصب فما أخرجه منها إلا ليدخله إليها أتم دخول فلله كم بين الدخول الأول والدخول الثاني من التفاوت وكم بين دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في جواد المطعم بن عدي ودخوله إليها يوم الفتح وكم بين راحة المؤمنين ولذتهم في الجنة بعد مقاساة ما قبلها وبين لذتهم لو خلقوا فيها وكم بين فرحة من عافاه بعد ابتلائه وأغناه بعد فقره وهداه بعد ضلاله وجمع قلبه بعد شتاته وفرحة من لم يذق تلك المرارات وقد سبقت الحكمة الإلهية أن المكاره أسباب اللذات والخيرات كما قال تعالى: {كتِبَ عَلَيْكُمُالْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.
    وربما كان مكروه النفوس إلى محبوبها سببا ما مثله سبب
    يوضحه الوجه الثاني والعشرون أن العقلاء قاطبة متفقون على استحسان أتعاب النفوس في تحصيل كمالاتها من العلم والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة وطلب محمدة من ينفعهم حمده وكل من كان أتعب في تحصيل ذلك كان أحسن حالا وأرفع قدرا وكذلك يستحسنون أتعاب النفوس في تحصيل الغنى والعز والشرف ويذمون القاعد عن ذلك وينسبونه إلى دناءة الهمة وخسة النفس وضعة القدر:
    دع المكارم لا تنهض لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
    وهذا التعب والكد يستلزم آلاما وحصول مكاره ومشاق هي الطريق إلى تلك الكمالات ولم يقدحوا بتحمل تلك في حكمة من يحملها ولا يعدونه عائبا بل هو العقل الوافر ومن أمر غيره به فهو حكيم في أمره ومن نهاه عن ذلك فهو سفيه عدو له هذا في مصالح المعاش فكيف بمصالح الحياة الأبدية الدائمة والنعيم المقيم كيف لا يكون الآمر بالتعب القليل في الزمن اليسير الموصل إلى الخير الدائم حكيما رحيما محسنا ناصحا لمن يأمره وينهاه عن ضده من الراحة واللذة التي تقطعه عن كماله ولذته ومسرته الدائمة هذا إلى ما في أمره ونهيه من المصالح العاجلة التي بها سعادته وفلاحه وصلاحه ونهيه عما فيه مضرته وعطبه وشقاوته فأوامر الرب تعالى رحمة وإحسان وشفاء ودواء وغذاء للقلوب وزينة للظاهر والباطن وحياة للقلب والبدن وكم في ضمنه من مسرة وفرحة ولذة وبهجة ونعيم وقرة عين فما يسميه هؤلاء تكاليف إنما هو قرة العيون وبهجة النفوس وحياة القلوب ونور العقول وتكميل للفطر وإحسان تام إلى النوع الإنساني أعظم من إحسانه إليه بالصحة والعافية والطعام والشراب واللباس فنعمته على عباده بإرسال الرسل إليهم وإنزال كتبه عليهم وتعريفهم أمره ونهيه وما يحبه وما يبغضه أعظم النعم وأجلها وأعلاها وأفضلها بل لا نسبة لرحمتهم بالشمس والقمر والغيث والنبات إلى رحمتهم بالعلم والإيمان والشرائع والحلال والحرام فكيف يقال أي حكمة في ذلك وإنما هو مجرد مشقة ونصب بغير فائدة فوالله أن من زعم ذلك وظنه في أحكم الحاكمين لأضل من الأنعام وأسوأ حالا من الحمير ونعوذ بالله من الخذلان والجهل بالرحمن وأسمائه وصفاته وهل قامت مصالح الوجود إلا بالأمر والنهي وإرسال الرسل وإنزال الكتب ولولا ذلك لكان الناس بمنزلة البهائم يتهارجون في الطرقات ويتسافدون تسافد الحيوانات لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ولا يمتنعون من قبيح ولا يهتدون إلى صواب وأنت ترى الأمكنة والأزمنة التي خفيت فيها آثار النبوة كيف حال أهلها وما دخل عليهم من الجهل والظلم والكفر بالخالق والشرك بالمخلوق واستحسان القبائح وفساد العقائد والأعمال فإن الشرائع بتنزيل الحكيم العليم أنزلها وشرعها الذي يعلم ما في ضمنها من مصالح العباد في المعاش والمعاد وأسباب سعادتهم الدنيوية والأخروية فجعلها غذاء ودواء وشفاء وعصمة وحصنا وملجأ وجنة ووقاية وكانت بالقياس إلى مصالح الأبدان بمنزلة حكيم عالم ركب للناس أمرا يصلح لكل مرض ولكل ألم وجعله مع ذلك غذاء للأصحاء فمن يغذي به من الأصحاء غذّاه ومن يداوي به من المرض شفاه وشرائع الرب تعالى فوق ذلك وأجل منه وإنما هو تمثيل وتقريب فلا أحسن من أمره ونهيه وتحليله وتحريمه أمره قوت وغذاء وشفاء ونهيه حمية وصيانة فلم يأمر عباده بما أمرهم به حاجة منه إليهم ولا عبثا بل رحمة وإحسانا ومصلحة ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا منه بخلا عليهم بل حماية وصيانة عما يؤذيهم ويعود عليهم بالضرر إن تناولوه فكيف يتوهم من له مسكة من عقل خلوها من الحكم والغايات المحمودة المطلوبة لأجلها ولهذا استدل كثير من العقلاء على النبوة بنفس الشريعة واستغنوا بها عن طلب المعجزة وهذا من أحسن الاستدلال فإن دعوة الرسل من أكبر شواهد صدقهم وكل من له خبرة بنوع من أنواع العلوم إذا رأى حاذقا قد صنف فيه كتابا جليلا عرف أنه من أهل ذلك العلم بنظره في كتابه وهكذا كل من له عقل وفطرة سليمة وخبرة بأقوال الرسل ودعوتهم إذا نظر في هذه الشريعة قطع قطعا نظير القطع بالمحسوسات أن الذي جاء بهذه الشريعة رسول صادق وأن الذي شرعها أحكم الحاكمين ولقد شهد لها عقلاء الفلاسفة بالكمال والتمام وأنه لم يطرق العالم ناموس أكمل ولا أحكم هذه شهادة الأعداء وشهد لها من زعم أنه من الأولياء بأنها لم تشرع لحكمة ولا لمصلحة وقالوا أي حكمة في الإلزام بهذه التكاليف الشاقة المتعبة وأي مصلحة للمكلف في ذلك وأي غرض للمكلف وما هي إلا محض المشيئة المجردة من قصد غاية أو حكمة ولو استحي هؤلاء من العقلاء لمنعهم الحياء من تسويد القلوب والأوراق بمثل ذلك وهل تركت الشريعة خيرا ومصلحة إلا جاءت به وأمرت به وندبت إليه وهل تركت شرا ومفسدة إلا نهت عنه وهل تركت لمفرح أفراحا أو لمتعنت تعنتا أو لسائل مطلبا فمن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) أهـ

  15. #30

    افتراضي

    انتظروا سيلا من الشبهات..وكان الله في عون الدكتور "في مناظرته" للزر الأيمن للماوس
    التعديل الأخير تم 04-06-2013 الساعة 03:38 PM
    التعقيد في الفلسفة بمثابة أوثان مقدسة يُحرَّمُ الإقتراب منها بالتبسيط أو فك الطلاسم
    فمن خلال التبسيط يتكشَّف المعنى السخيف -لبداهَتِه أو لبلاهَتِه- المُتخفي وراء بهرج التعقيد وغموض التركيب..

    مقالاتي حول المذاهب والفلسفات المعاصرة


صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من هو الربوبي
    بواسطة عبدالباسط قاري في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-19-2014, 11:20 AM
  2. التعليق على مناظرة الدكتور السرداب و overlord
    بواسطة كميل في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 39
    آخر مشاركة: 03-28-2013, 05:11 PM
  3. مناظرة مباشرة بين الأستاذ السرداب والملحد تخنين هذه الليلة...
    بواسطة DirghaM في المنتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-13-2010, 02:01 PM
  4. تعليقات: تعليقات على مناظرة الاخ امين مع الملحدة رولا (هل الايمان بالله بديهي)
    بواسطة الاشبيلي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-02-2010, 02:43 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء