النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: المجموع العتيد في الرد على عصيد : مسألة " أسلم تسلم "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي المجموع العتيد في الرد على عصيد : مسألة " أسلم تسلم "

    "أسلِم تَسلم" خطاب تحرير بامتياز
    كتبه الشيخ الدكتور مصطفى بن حمزة - عضو المجلس العلمي الأعلى -

    نقلت الكثير من المواقع الإعلامية ما صرح به أحدهم في بعض الندوات من أن الكتاب المدرسي يحتوي على نصوص تحرض على الإرهاب وتغري به، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطابه إلى هرقل (أسلم تسلم)، ومن ثم دعا إلى حذفها من المقررات الدراسية.

    ومن غير المنطقي أن يتنصل صاحب هذه المقالة بعد ذلك بادعاء أنه لم يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإرهاب، وإنما قال: إن قوله (أسلم تسلم) قد يوظف في التحريض على الإرهاب. وهذا قول آخر يجب أن يكون الإنسان عديم الإدراك والفهم ليقبل به، لأن فيه تمييزا بين الرسول صلى الله عليه وسلم وخطابه، وقول الإنسان ليس إلا تعبيرا عن فكره ورأيه، ولو صح الفصل بين الإنسان وقوله، لوجب تغيير كثير من الحقائق التي استقاها الناس من أقوال أصحابها، ولما صحت إدانة أي إنسان قضائيا بناء على أقواله وتصريحاته، ولست أدري أي مدرسة لسانية تقول بالفصام والقطيعة بين اللغة و الفكر. لأن المقرر هو أن اللغة وعاء الفكر، وأن صلتها هي بالأساس صلة بالأفكار لا بالواقع كما هو، وهي لا تصوره وإنما تصور رؤية الناس اليه.

    وحيث إن هذه الدعوى تكتنفها أخطاء معرفية من كثير من جوانبها، وحيث إن الاستنتاج الذي انتهت إليه لا تؤدي إليه ولا تبرره على الأقل قواعد تحليل الخطاب والاستمداد منه، وما تتطلبه من دراية بدلالات الألفاظ عموما، وبدلالاتها في ارتباطها بالمعجم وبالحقل المعرفي الذي تنتمي إليه خصوصا، وبدلالاتها في نطاق الزمن الذي قيلت فيه، وبما أن الدعوى قد تجاهلت أيضا مستندا قويا يتأسس عليه التحليل السليم، وهو المستند الذي عبر عنه علماء الدلالة والأصول ببساط القول، وعبر عنه البعض بالقرائن المقالية والحالية، وعبرت عنه الدراسات الدلالة الحديثة بالسياق، فإن ذلك كله يدعو إلى ضرورة إعادة تحليل الخطاب الذي أصبح يحمل تهمة الإرهاب، مثلما حملها الكثير ممن لهم صلة بالنص الشرعي من علماء ومؤسسات علمية وغيرها، ضمن ممارسة فعل التخويف والتحذير من الكلام الذي لا تكون تبعاته في نهاية المطاف إلا إلقاء تهمة الإرهاب التي أصبح البعض يوظفها ويشهرها في وجه المخالف حتى لا يجرؤ على الكلام على حد قول بول فندلي.

    وأول ما يقتضيه المنهج الإسلامي في البحث في أي نص مهما تكن طبيعته، هو توثيقه وإثبات صحة عزوه إلى من نسب إليه أولا، ثم إيراده كاملا وغير مبتسر ليتضح المعنى، ولئلا يحكم على النص بجزء منه.

    وبخصوص قول النبي صلى الله عليه وسلم (أسلم تسلم)، فقد أثبتت مصادر الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه إلى هرقل رسالة نصها: من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثمُ الأريسيين، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون. وقد أثبت د. محمد حميد الله الرسالة النبوية ضمن كتابه مجموعة الرسائل السياسية في العهد النبوي، والخلافة الراشدة ص 109.

    وقبل تناول دلالات الحديث، فإنه لا بد من قطع الشك باليقين، ومن إيقاف كل التأويلات المصطبغة بالذاتية ببيان حقيقة يجهلها بالتأكيد من لا صلة له بالمعرفة الشرعية، وهي تتمثل في أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه قد نهى في حديث صريح عن قتال الروم أو الاشتباك معهم إلا إذا كانوا هم من يبادئ المسلين. يقول صلى الله عليه وسلم : " اتركوا الترك ما تركوكم". ( سنن الترمذي كتاب الملاحم باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة).

    وبناء عليه، فقد تقرر في الفقه الإسلامي حكم خاص يقضي بعدم إعلان الجهاد على الترك أي الروم، ما داموا لم يبادئوا المسلمين بذلك، وهذا وحده كاف في الدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقصد التهديد بالقتال حين نطق بالحديث، إذ من غير المنطقي أن ينهى عن الشيء وهو يقصده في خطابه.

    وقد كان بالإمكان أن يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم الروم بعدما تجمعوا في تبوك ثم انهزموا، لكنه لم يمعن في طلبهم، ولم يسع إلى قتالهم.

    وإذا كان الجيش الإسلامي قد التحم مع الروم ابتداء من السنة الثامنة للهجرة، فإن ذلك قد تم على أرض عربية، لم يكن الروم عليها إلا مستعمرين، وكانت المبادءة منهم، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم سفيره الحارث بن عمرو بن جبلة إلى ملك بُصرى، لكن شرحبيل بن عمرو الغساني والي الروم على البلقاء، ترصد له فأوثقه ثم قتله، رغم أن السفراء لا يقتلون، لأنهم وسطاء للحوار والمفاوضة، وقتلهم يعني رفض التفاوض وقطع وسائطه، وبسبب هذا الاعتداء خرجت سرية إلى مؤتة وهي واقعة على مشارف الشام، وتسمى الكرك. ولم يكن عدد المسلمين فيها يتجاوز 3000 رجل، فوجدوا جيشا قوامه 200.000 جندي، فأبلى خالد بن الوليد البلاء الحسن في المواجهة والمناورة حتى سلم الجيش.

    وفي السنة 9 وبعد أن فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة رأى الروم أن عليهم أن يحسموا الأمر مع الدولة الفتية، فجردوا لذلك جيشا، فلم يجد المسلمون إلا أن يخرجوا لمنعهم مما كانوا يعتزمونه، ولو أن الظروف لم تكن مواتية ولا مساعدة على الخروج، لأن ذلك تم في زمن الحر الشديد، وفي حال جفاف عاشه المسلمون، فاكتتب الناس لتجهيز الجيش الذي سمي جيش العسرة، ووقع اللقاء على أرض عربية هي أرض تبوك، فلما رأى الروم أن عدد المسلمين قد بلغ 30.000 جندي - وهو ما لم يتحقق في بلاد العرب من قبل- تفرقوا في الأمصار فانتهت غزوة تبوك بلا قتال.

    وإلى جانب هذا فإن الفهم الجيد لنص الحديث ولسياقه يفيد أنه لا صلة له بمعنى الحرب إطلاقا، فقد قال صلى الله عليه وسلم لهرقل (أسلم تسلم) وتولى صلى الله عليه وسلم بنفسه تفسير قوله ( تسلم) لما قال: يؤتك الله أجرك مرتين، وأحسن ما فسر به النص هو الوارد عن قائله كما هو معروف، ولا أحد يستطيع أن يتقحم بين النص وصاحبه، أو يدعي أنه أعلم بمراده منه، فيكون معنى السلامة في مخاطبة هرقل، هو حصول الأجر عن الإسلام مرتين، مرة بسبب إسلامه الشخصي، ومرة أخرى بسبب إتاحته ذلك لمن هو تحت سلطته.

    وفي المقابل فقد رتب النبي صلى الله عليه وسلم مسؤولية عن عدم إسلام هرقل وهي تحمله تبعة الأريسيين، لما قال: فعليك إثم الأريسيين. ولا أحد يستطيع أن يزعم أن الحديث عن الأجر أو الإثم هو من معجم الحرب والقتال.

    والحديث يشير إلى ارتباط الإسلام بالسَّلم وبالسلامة، وهذه الألفاظ ذات جذر لغوي واحد، فإذا أصر المتعسف على النص أن يحمِّل كلمة تسلم التي هي فعل مصدره السلام والسلامة معنى التلويح بالحرب، فإن ذلك يجب سحبه على كل الخطابات المماثلة، فيكون معنى قول الله تعالى: عن ليلة القدر بأنها سلام هي حتى مطلع الفجر، أن الليلة لا حرب فيها، وإذا كان القرآن يسمي الجنة دار السلام في قول الله تعالى: ( لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون). فيجب أن يكون المعنى أن الجنة ليس فيها قتال ولا حرب. وإذا كان معنى قول الله تعالى عن أهل الجنة: (تحيتهم يوم يلقونه سلام). وقوله: (لا يسمعون فيها لغوا ولا تاثيما إلا قيلا سلاما سلاما). وإذا كان قول المومنين لمن يجهل عليهم سلاما، كما عبر عنه قوله تعالى: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). كان المعنى هو أنهم يقولون: ليس بيننا وبينكم حرب. وقد سمى الله الإسلام كله سلاما، فقال: (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم). وسمى نفسه سلاما فقال: (الملك القدوس السلام المومن...) وإذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " افشوا السلام تسلموا ". ( أحمد بن حنبل 4/286) وقال: "إن السالم من سلم الناس من يده ولسانه".(أحمد بن حنبل 3/440) فهل يكون بالإمكان حمل السلم والسلامة على ما يشير إلى الحرب لفظا أو إيماء، تضمنا أو مطابقة أو لزوما، وهي كل الأوجه التي تدل بها الدلالات على مدلولاتها كما يقرر ذلك المناطقة؟.

    إن الأصل في السلامة أن يراد بها الخلو من العيب أو النقص، فقد يوصف المعنوي بالسلامة كما قال المتنبي:

    لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى

    وتحدث الفقهاء عن السلامة من العيوب في البيوع، وفي الاستعمال المغربي يدعو الناس لبعضهم بالسلامة فيقول: من نُقل إليه سلام غيره: الله يسلمك. والأمثلة على هذا كثيرة، ولازالت بعض الشعوب تتحدث عن السلام الأبدي فيودعون ميتهم بقولهم repose en paixوليس فيها إشارة إلى الحرب أو القتال.

    وفي مجال التعامل بين الشعوب يطلق السلم على الصلح. (كليات أبي البقاء الكفوي ص: 507)، كما يطلق على المسالمة وترك القتال، كما في قول الله تعالى: (ورجلا سلِما لرجل) في القراءة بكسر اللام. ومن ثم يكون حمله على معنى القتال تحكما في دلالة لفظ يحتمل معاني كثيرة.

    ولعل الذين يسكنهم هاجس الحرب لا يدركون أن من اختار الإسلام قد اختار السلام والسلامة فعلا في نفسه، وفي معاشه وفي علاقاته المجتمعية، وأن من نبذ عقيدة الإسلام لا بد أن يعيش حيرة وحربا داخلية وصراعا شعوريا واضطرابا فكريا وترنحا سلوكيا، وهو ما تعبر عنه أشعار الإحساس بالاغتراب وبالضياع، وما تعبر عنه أيضا حالات اليأس والانتحار، يقول الله تعالى: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يومنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون).

    وإن من العجيب حقا أن لا يتفطن الناظر في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه قد ختمه بقول الله تعالى: " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ... " فهل يعقل أن يدعو صلى الله عليه وسلم هرقل وقومه إلى كلمة سواء، وهو يهددهم بالحرب والقتال؟.

    إن المضمون المركزي الذي حملته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل هو مضمون آخر، هو بالتأكيد أرقى وأسمى مما توهمه صاحب المقالة، لأن مركز الثقل في الخطاب هو قول النبي صلى الله عليهم وسلم: فعليك إثم الأريسيين.

    ولا أظن أن صاحب المقالة كان بإمكانه أن يحوم حول المعنى العميق الذي سأذكره فضلا عن أن يقع عليه.

    فقد أثار خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل قضية مظلمة تعرضت لها طائفة نصرانية هي طائفة الأريسيين، يوم لم يكن هناك من يجرؤ على أن يخاطب هرقل في شأنهم أو ينتصب للدفاع عن هذه الطائفة المضطهدة.

    والأريسيون هم أتباع أريوس، وكان كاهنا ليبيا عاش جزءا من حياته في الأسكندرية ثم في أنطاكيا، وكان يعتقد أن عيسى ليست له طبيعة إلهية، وأن المرأة لا تلد الإله، وقد شاهد كيف أن الأمبراطور قسطنطين حاول الاستيلاء على المسيحية بعد أن حقق انتصارات عسكرية كبيرة، فكان هو من سعى إلى عقد المجمع المسكوني المسيحي بنيقيا، أو بقرية العميان على الاصح سنة 325 م، وكان هو صاحب اختيار العقيدة والأناجيل المعتمدة، رغم أنه لم يقرأ في حياته كتابا دينيا واحدا، وقد انحاز إلى عقيدة كنيسة الإسكندرية، التي كانت عقيدة مشوبة ببقايا التثليث المعروف في عقائد مصر القديمة، وانتصر الأمبراطور لرأيها، وأحرق الأناجيل ولم يستبق إلا أربعة منها، وحكم على أريوس بالهرطقة وبالخروج عن المسيحية، واضطهد أصحابه، ثم إنه تظاهر بالرغبة في عقد لقاء بين أريوس وأسقف كنيسة الإسكندرية، فاستدعاه لكنه دس له السم فمات في الطريق، وكان كل ذلك من أجل ضمان بقاء مصر تحت نفوذه ومن أجل استفادته من غلالها ومن عنبها خصوصا.

    وقد تمت ملاحقة الأريسيين واستئصالهم، فلم يعد أكثر الناس يعرف عنهم شيئا كثيرا، حتى كانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم معلنة عن وجودهم ومنبهة إلى قضيتهم، وكانت داعية إلى تحرير هذه الطائفة المضطهدة، وإلى إقرار حقها في إعلان عقيدتها وفي ممارسة شعائرها كما تريد، ولهذا قلت إن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم كان خطابا أسمى، لأنه كان رسالة تحريرية بامتياز.

    وعبر زمن طويل استمرت قضية الأريسيين في الظل حتى عثر الأب ويليام كازاري (ت 1997) على صندوق في خرائب أثرية في الشمال الغربي لمدينة حلب، وكان يحتوي على ثلاثين رقا من جلد جيد، كتب عليها الراهب هيبا سيرته الذاتية وقصة أريوس بلغة سريانية قديمة. وكتب حواشيها راهب عربي من أتباع كنيسة الرُّها النسطورية من غير أن يذكر اسمه خوفا على نفسه.

    وقد اشتغل على هذه المادة الروائي المصري يوسف زيدان، وألف منها رواية فكرية وتاريخية هي رواية عَزازيل، وهو اسم إبليس في السريانية والعبرانية والعربية القديمة. فأثارت ضجة كبيرة في الأوساط المسيحية بمصر.

    وقد صور الرق الثاني من رواية عزازيل وهو المسمى بيت الرب مأساة أريوس بكل دقة. (عزازيل ص 20 ط. 9).

    ومن المفيد الرجوع إلى الرواية فهي ممتعة في أسلوبها ومفيدة في مضمونها باستثناء المقاطع التي أراد لها صاحبها أن تكون ساخنة، وهي تتحدث عن علاقة هيبا بأكتافيا. وإن كانت قد أحدثت ضجة بين المسيحيين في مصر.

    وإذا كانت الرسالة النبوية ليس فيها معنى التهديد بالحرب كما بينت، فليس معنى ذلك أن الاشتباكات لم تقع في التاريخ بين المسلمين والروم، وهذا موضوع يجب التمييز فيه بين النصرانية باعتبارها دينا، وبين سلطة الإمبراطورية الرومانية المستعمرة لأجزاء من أرض العرب وغيرها.

    فأما عن صلة الإسلام بالنصرانية في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعده، فقد كانت صلة جيدة، لأن القرآن تحدث عن عيسى عليه السلام 25 مرة بالإسم، و20 مرة بصفات المدح والثناء.

    ولأنه دافع عن طهارة مريم وسماها صديقة، وسميت سورة منه باسمها.

    ولأنه صور المظالم التي تعرض لها النصارى في نجران، لما تحدث عن قصة أصحاب الاخدود الذين حفروا أخدودا في الأرض، وأضرموا فيه النار وألقوا بالنصارى فيه، فقال الله عنهم: قتل أصحاب الاخدود النار ذات الوقود إذ عليهم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمومنين شهود. فتعاطف المسلمون معهم شعوريا، وأسفوا لمأساتهم.

    ولأن القرآن واسى النصارى بعد هزيمة الروم أمام الفرس، وبشرهم بوقوع النصر، وذكر أن يوم النصر سيكون يوما يفرح فيه المومنون بنصر الله، قال الله تعالى: (ألم غلبت الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله).

    ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأقباط مصر خيرا، وذكر أن لهم نسبا ورحما، لأن هاجر أم إسماعيل هي منهم.

    ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على ملك الحبشة وكان نصرانيا، وقال عنه: إنه ملك لا يظلم لديه أحد، وهاجر المسلمون إليه، وكان هو من تولى خطبة أم حبيبة لتكون زوجا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أعطاها صداقها بتوكيل من الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أسلم النجاشي .

    وقد وادع المسلمون نصارى الحبشة ونصارى النوبة، ووادع معاوية بن أبي سفيان نصارى أرمينية.



    وخلال التاريخ الإسلامي حافظ المسلمون للنصارى على حقوقهم الدينية والمدنية، ونشأ عن ذلك فرع فقهي خاص هو علم السير، وهو علم اختصت به الأمة الإسلامية، ولم تسبق إلى مثله من قبل أن يعرف الناس أي قانون دولي، وهو فقه يحدد بكل دقة حقوق غير المسلمين في الدولة الإسلامية وأساليب التعامل معهم.

    وخلال التاريخ الإسلامي كله مُكن النصارى واليهود من ممارسة شعائرهم، فوجد في الشرق العربي في زمن المأمون أكثر من 11.000 كنيسة، على حين أنه لم يبق في الأندلس - بعد استيلاء إيزابيلا وفردناند - مسجد واحد ولا مقبرة تدل على أن المسلمين مروا من هناك.

    لكن علاقة الدولة الإسلامية بالإمبراطورية الرومانية هي موضوع سياسي آخر لا يمكن تكوين فكرة صحيحة عنه إلا من خلال استحضار معلومات أساسية منها:

    إن الإمبراطورية الرومانية قد مثلت في بعض الأجزاء من بلاد العرب، وفي الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط قوة استعمارية غاشمة.

    وقد حكم الرومان أجزاء من البلاد العربية شمالا وجنوبا حكما مباشرا، أو من خلال تنصيب كيانات سياسية موالية لها، وحامية لحدودها ومنفذة لإرادتها، فكانت في مملكة تَدْمُر حامية عسكرية رومانية في عهد القيصر طيباريوس، وكانت تَدْمُر تابعة لحكمه. ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام د جواد علي ج 3 ص 86).

    وكانت مملكة كندة متقلبة في ولائها بين الفرس والروم، ويدل على ذلك أن كندة لما قتلت حجرا والد امرئ القيس، لجأ امرؤ القيس إلى القيصر يستنجد به ويطلب منه العون العسكري للثأر لأبيه، لكنه يبدو أن هذا الطلب شكل عبئا على القيصر، فألبسه درعا مسمومة، فتمزق ببعض الطريق، وقد خلد امرؤ القيس هذه الرحلة فقال:

    بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه *** وأيقن أن لاحقان بقيصــــــــرا

    فقلت له لا تبك عينك إنمـــــــا *** نحاول مُلكا أو نموت فنُعذَرا

    وكانت مملكة الغساسنة تابعة لحكم الروم، فلم يكن بإمكان ملكتهم ماوية أن تنصب قسا إلا بإذن الروم، وقد عمل الروم على تنصير العرب ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 3/396).

    فإذا كان الأمبراطور الروماني هو رأس هذه السلطة الاستعمارية التي تتحكم في بلاد العرب، فهل يكون توجيه الخطاب إليه ولو بلغ مستوى إعلان الحرب عملا إرهابيا؟ أم إنه يجب أن يعتبر خطابا تحريريا لأمة واقعة تحت نير الاستعمار؟ هذا بالضبط ما قاله الاستعمار لكل حركات التحرير والمقاومة.

    أما الحقيقة الثانية المبرزة لتدخل الروم في شأن الدولة الإسلامية الفتية، ومنذ زمن مبكر، فيمكن التقاطها من حديث القرآن عن قصة مسجد الضرار الذي كان مسجدا في الظاهر، لكنه كان في حقيقته مركزا اتخذته جماعة من المنافقين المرتبطين بالروم مكانا لتجميع خصوم الإسلام ولتكديس السلاح فيه، وقد بني هذا المسجد بسعي من أبي عامر الراهب الذي التحق بالروم، فأوكلوا إليه تجميع القوة المناوئة في انتظار جعلها قوة ضاربة تنقض على المدينة في الوقت المناسب، وقد بني المسجد قريبا من مسجد قباء، وحينما أنهى أصحابه العمل به، دعوا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يصلي لهم فيه ليترسم بذلك، لكن الله تعالى أنبا رسوله بحقيقة هذا المسجد، فأمر عليه السلام بنقضه. يقول الله تعالى: الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المومنين، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل، وليحلفن إن اردنا إلا الحسنى.

    وقد نجد دليلا آخر على تدخل الروم في التفاصيل الجزئية للأحداث الجارية في المدينة المنورة، حينما نسترجع قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك، ثم التزموا الصدق ولم يعتذروا بالكذب، فأمر الله نبيه أن يقاطعهم المسلمون، فكان كعب بن مالك وهو أحد الثلاثة يصلي مع الناس ويخرج إلى الأسواق فلا يكلمه أحد، حتى سمع يوما نبطيا من الشام يناديه، ثم دفع إليه كتابا من ملك غسان الموالي للروم جاء فيه: إنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحَقْ بنا نواسك، فقال كعب: وهذا أيضا من البلاء، فأخذ الكتاب فسجره في النار.

    وهذه الواقعة تدل على متابعة الإمبراطورية الرومانية لتفاصيل الأحداث بالمدينة اعتمادا على ما يُسَرِّبُه إليها رجال مخابراتها والمرتبطون بها سياسيا.

    وبالإضافة إلى ما سبق فقد كانت للروم مناوشات عديدة مع المسلمين، وكانت تتوالى وتكثر بقدر ما يحقق الإسلام من انتصارات، وما يمثله من زحزحة للاستعمار عن جهات كثيرة من بقاع الأرض.

    وقد يكون مفهوما أن يرى غير المسلمين في فتوح الإسلام أنها كانت غزوا وفرضا للإسلام بالقوة، وهو أمر متوقع، لأنه متولد عن الإحساس بالخيبة من انسحاب السلطة السياسية الرومانية عن الشرق وعن شمال إفريقيا.

    لكن ما ليس مفهوما هو أن يتبنى من يعيش خلال الأمة الإسلامية، ويرتبط مصيره بمصيرها هذا المنطق المؤيد لاستمرار السلطة الرومانية على أرضه وبلاده، وينحاز لها رغم ما تمارسه من استعمار.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    "جبهة النُّصْرة" العلمانية
    الأستاذ فؤاد الفاتحي

    التطاول لذي قام به مَن يأبى القلم كتابة اسمه، يتهم فيها رسالة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم إلى بـ "الإرهابية"، ويدعو صراحة إلى حذفها من المقررات الدراسية، تجاوز كل الحدود والخطوط، وخيّب ظن من كان يعتقد أن هذا الشخص يمتلك حدا أدنى من المروءة والحياء، تجعله يعبر عن رأيه باحترام وأدب، دون السقوط في ازدراء واحتقار عقيدة الآخر، على الأقل يمتنع عن التهجم الفج على ثوابت الدين، خاصة داخل مجتمع مسلم لا يمكنه السكوت على المس بنبيه عليه الصلاة والسلام.

    التهجم الأخير، تجاوز حدود حرية التعبير عن الرأي، ليؤكد لمن كان لديه شك أن هذا الشخص، يتحرك وفق أجندة مُعدَّة سلفا، وهو ماضٍ في تنفيذها من خلال إصراره على التحريض المسيء لدين الإسلام، فهو لا يفوت فرصة إلا ويوجه الطعن في الدين والتشكيك في التاريخ الإسلامي.. وهو ما يجعل مسؤولة الدفاع عن أحد الثوابت التاريخية لهذا الشعب المسلم تقع على الجميع، حكومة وشعبا.

    وقد خرجت العديد من الأصوات الغيورة للتعبير - بشكل حضاري عبر كل الوسائل القانونية المتاحة- عن إدانتها القوية لهذا الاستهداف الممنهج والسافر لنبي الإسلام ولرسالته، وفضح الأهداف من وراء الحملة التي يقودها هذا الشخص، الذي يخدم أجندة غربية مشبوهة.

    ما يجب التأكيد عليه، هو أن تحرشات هذا الشخص وإساءاته المتكررة والمقصودة على الدين ليست مجرد أعمال فردية، فهو رأس حربة لتيار علماني متطرف يستخدم خطابا حداثويا للإجهاز على المكتسبات الثقافية والدينية للمغاربة.. هذا التيار له هدف واحد هو أن يتحول المغرب من دولة إسلامية موحدة، تنصهر فيها جميع الطوائف والأعراق، إلى دولة علمانية ممزقة بين الإثنيات والديانات والمذاهب.. وقد اتضحت حقيقة أنه لا يتحرك بمفرده، وإنما يقود تيارا تداعى لنصرته وفك العزلة عنه، بمجرد ما شعر بأن دائرة الاحتجاج والتنديد تتسع في المجتمع.

    فقد خرجت عدة منظمات وجمعيات وأقلام تحمل نفس معتقد المعني بالأمر أو تتقاطع معه، لتعبّر عن تضامنها معه ونصرتها له، وأخذت تبحث عن تبريرات تافهة للإساءات الصادرة عن "الزعيم"، من قبيل أنه "لم يقصد الإساءة" أو "تم تحريف كلامه" أو "إخراج رأيه النقدي من سياقه" أو" أنه لم يقم سوى بتأويل نص تاريخِي"... ؟؟؟ !!!

    بموازاة ذلك، مارست "جبهة النصرة" العلمانية إرهابا فكريا على المواطنين الذين عبروا بشكل سلمي وقانوني عن استنكارهم للإساءة لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال رفعها لفزاعة "التحريض على الكراهية" و"التكفير" و"التهديد بالقتل"... في محاولة لقمع وإسكات الأصوات المنددة بالإساءات الممنهجة لهذا الشخص، وهذه الفزاعة دائما ما يستخدمها غُلاة العَلمانية لفك العزلة عن "رفيق" لهم، والتي لم تعد تنطلي على أحد.

    إن التيار الذي يمثله هذا الشخص، يسعى لتقسيم المجتمع المغربي إلى طوائف وعقائد.. باسم "الحرية"، على شاكلة ما حدث في العراق من تفكك للنسيج الاجتماعي، حيث يشهد العراق اليوم حالة من الفتنة والانقسام لم يعرفها عبر تاريخه، والتي كان سببها "الحرية" التي أدخلتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذا القطر المسلم، حتى أصبح المواطن العراقي يتمنى لو ظل صدام حسين في الحكم على استبداده، على الأقل كان يحفظ للشعب العراقي أمنه ووحدته.

    لذلك، يجب الحذر من الخطاب المزدوج الذي يتبناه هذا التيار العلماني المتطرف، فهو يمارس نفاقا اجتماعا، بحيث يتظاهر بالدفاع عن ما يسميه "القيم الكونية" (حقوق الإنسان والمرأة والدولة المدنية والمساواة بين المواطنين، واحترام حقوق المواطنة والحريات الفردية والعامة...)، وفي نفس الوقت، يدعي زورا أنه مع " قراءة عقلانية متنورة ومتجددة" للدين، "حتى يتطابق بشكل كامل مع المرجعية الكونية لحقوق الإنسان"، وهدفه إفراغ الدين من مضمونه العقائدي والتشريعي والأخلاقي، حتى يتحوّل إلى نسخة مطابقة للعقيدة العلمانية الغربية.

    وإذا كان تطاول المتشددين العلمانيين واللادينيين على ثوابت الدين قد بلغ مداه، باستهداف نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وهم خارج دائرة النفوذ والسلطة، فكيف سيكون الوضع لو أصبحوا في الحكم؟

    بكلمة، إن نظاما استبداديا يحافظ على الدين وعلى الوحدة الوطنية، أهون بكثير من نظام ديمقراطي علماني متطرف يحارب الدين ويمزق وحدة الوطن.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    عصيد يرمي آيات القرآن أيضا بتهمة الإرهاب
    الأستاذ إبراهيم الطالب - مدير جريدة السبيل -

    التفاعل الإيجابي الذي عبرت عنه كل أطياف المجتمع المغربي ضد الناشط العلماني عصيد؛ ينم عن يقظة هذا الشعب المسلم الذي يعمل العلمانيون ليلا ونهارا على هدم ما تبقى من شريعة الإسلام فيه؛ والحيلولة دون رجوع هذه الشريعة إلى مكانها الطبيعي والتاريخي في تدبير الشأن العام، كما أسفرت عن فضح أسلوب العلمانيين الخسيس، في سب الدين والتنقص من أهله والاستهزاء بأحكامه وشريعته وتاريخه.

    جريمة عصيد المتمثلة في وصف رسائل نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بالإرهابية؛ سابقة يجب شجبها والاستمرار في استنكارها حتى يعتذر للشعب المغربي، فهذه السابقة إن تركت دون شجب واستنكار كانت بمثابة كسر الباب أمام الاستهزاء بالقرآن والسنة ورب العالمين، فيصبح الإسلام مستباح الحمى بالطعن بعد أن انتهكت شريعته بالتعطيل.

    إنني لست مع مقاضاته لأن إدانته من طرف القضاء بعيدة في ظل النفوذ الذي يملكه أنصاره من العلمانيين، كما أن من شأن مقاضاته أن تكون محل استغلال وقح من طرف الغرب الذي يدعم بقوة طابوره الخامس من العلمانيين في كل بلاد الإسلام، ثم قبل هذا وذاك لا أرى مقاضاته لأن القوانين لا تعبأ بالمقدسات وحتى ما تضمنته من نصوص تحمي في الظاهر الثوابت فإنها مليئة بالثغرات، ولا تحرك إلا إذا كانت الدولة طرفا فيها أو يخدم مصلحتها تحريك مسطرة المتابعة في حق من ينتهك تلك الثوابت، كما أن نظمنا القانونية لا تحفل بحماية الدين؛ ولا تعنيها الأخلاق والقيم الإسلامية؛ وهذا ما جرأ مثل عصيد على نبي الله صلى الله عليه وسلم.

    إذاً يجب أن يتنبه الغيورون إلى أن متابعته فرصة يتمناها لأنها لن تضره بل ترفع من أسهمه في بورصة النضال من أجل علمنة المغرب وتجزيئه.

    فضغط الشعب المغربي بعلمائه وخطبائه ومثقفيه وعامته كان كافيا لردعه حيث لجأ إلى أسلوب المراوغة مدعيا أن كلامه كان مجرد رأي لم يقصد به النبي صلى الله عليه وسلم، وأن المشكل يكمن في تهويل السلفيين الذين لا يقبلون الرأي الآخر، وذلك حتى يختزل انتفاضة العلماء والجمعيات وكل الفعاليات الحية ضد جريمته، في مجرد رد فعل لأحد السلفيين، تضليلا منه للرأي العام المغربي.

    ولعلمنا أن العلمانيين لا يتورعون في الكذب على قرائهم وخداعهم لهم؛ نورد نص كلامه: "المسألة الثانية هي: ضرورة إعادة النظر في تلك الإيديولوجية المؤطرة للمنظومة التربوية؛ التلاميذ في المقررات الدراسية الموجودة الآن يدرسون أمورا تتعارض كليا مع ما نتحدث عنه من قيم لحقوق الإنسان؛عندما تدرس لتلميذ الجذع المشترك في المقرر رسالة النبي محمد -التي هي رسالة تهديدية- "أسلم تسلم"، ثم تأتي فيما بعد لتتحدث عن حوار الأديان، وعن الحريات وعن كذا؛ هذا شيء متناقض. الرسالة التي تدرس لتلامذتنا وهم في سن 16، هي في الحقيقة رسالة إرهابية: لأنها ترتبط بسياق كان فيه الدين ينشر بالسيف وبالعنف؛ اليوم المعتقد اختيار شخصي حر للأفراد؛ لا يمكن أن تدرس للتلميذ رسالة تقول إما أن تسلم وإما أنك ستموت. وتدرس على أنها من القيم العليا للإسلام: أنظروا كيف أن النبي تكلم مع ملوك ذلك الزمان وهددهم، كذا..هذا شيء غير مشرف؛ وهو موجود في منظومتنا التربوية".شريط يتضمن مداخلته في مؤتمر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

    واضح جدا أن "إرهابية" نعت من طرف عصيد والمنعوت هو رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يمكن إساءة فهم كلامه مع هذا الوضوح؟

    إذا، كيف يمكن أن نفهم تملصه من مسؤولية جريمته النكراء؟

    فادعاؤه أن الناس أساؤوا فهم كلامه، وأنه لم يتعرض قط لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى آخر كلامه لا يعدو أن يكون من قبيل المراوغة والجبن وضعف الحجة.

    فإذا كان عصيد يعتبر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم مجرد نص تاريخي يراه يتعارض مع قيم الغرب التي يدعي -هو وكل العلمانيين- أنها كونية، ويطالب بشطبها من مقررات التربية الإسلامية، فإن كافة المسلمين يعتبرون أن هذه الرسالة هي حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يندرج ضمن سنته الشريفة التي لا يطعن فيها إلا عدو لله ورسوله، وعلماؤنا قاطبة على مر قرون الإسلام يعتبرون الطعن في سنة رسول الله طعنا فيه صلى الله عليه وسلم.

    ثم ألم يكن صلى الله عليه وسلم يرسل رسائله إلى الملوك بأمر من الله سبحانه وبصفته رسول الله؟ الجواب نعم وبإجماع المسلمين، إذن فكل طعن في رسائله هو طعن في الله ورسوله، ولا داعي للنفاق الذي لطالما رمى به عصيد وإخوانه من العلمانيين المسلمين.

    قد يقول بعض من يقرأ هذا الكلام أننا جانبنا الصواب بتهويلنا لمجرد خطأ قد يسقط فيه الإنسان بحسن نية، والجواب يكون من خلال طرح سؤال: هل هذه هي الموبقة الفريدة والزلة الوحيدة التي يطعن فيها هذا العلماني المتطرف في القرآن والسنة وأحكام الإسلام وشريعته بتهمة الإرهاب؟

    بتتبع ما يكتبه عصيد يتبين أن له منهجا في التعامل مع قضايا الإسلام يعتمد فيه على النقد الهادم بدل البحث والمناقشة، إذ يعتمد على الكذب والطعن في المعلوم من الدين بالضرورة يدل على ذلك كلامه في مناسبات مختلفة يلقيه ليس على عواهنه بل مقصودا مبيتا؛ نورد بعضه موثقا بمصادره:

    فقد سبق أن صرح في مداخلة له خلال ندوة نظمها بيت الحكمة مساء الأربعاء 24 أكتوبر 2012 بالمكتبة الوطنية بأن: "شمولية الإسلام بالشكل الذي يتحدث عنها بعض علماء الإسلام في يومنا هذا فكرة إرهابية في بعض مناحيها". هشام تسمارت/هسبريس.

    كما صرح أيضا بكل وقاحة يسميها هو نقدا للإسلام ونصوصه في مقال له تحت عنوان (أسئلة الإسلام الصعبة) متسائلا: "لماذا يطالعك المسلم بالآيات الإيجابية ويخفي غيرها عندما يكون في وضعية دفاع، ثم يفاجئك بعد ذلك بنصوص إرهابية المحتوى بمجرد ما يصبح في حالة قوة؟" الجريد الأولى عدد506 الثلاثاء 12 يناير 2010.

    إذا يتبين لكل منصف أن عصيد يؤمن إيمانا جازما أن نصوص القرآن والسنة هي نصوص إرهابية، ويعتبر أن المعضلة التي يعيشها المسلمون تكمن في نصوص دينهم، ويطالبهم من أجل حلها: "بالاعتراف بأن المشكل ليس في المسلمين فقط بل يكمن في صميم الدين الإسلامي وبين ثنايا نصوصه". أسئلة الإسلام الصعبة الجريد الأولى عدد506 الثلاثاء 12 يناير 2010.

    وحتى تكتمل حقيقة ما يدعو إليه عصيد وتعيها عقول المخدوعين فيه من إخواننا الأمازيغ وغيرهم من الذين يؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا رسولا، نورد المزيد من طعناته المسمومة التي يجهر فيها باحتقاره لأخلاق الإسلام المنظمة للعلاقة بين النساء والرجال؛ وكذا لأحكام الحلال والحرام التي لا يعتبرها وحيا واجب الامتثال؛ بل هي عنده من تقاليد باديةِ الحجاز القديمة، حيث قال: "إن بعض الأوامر والنواهي الأخرى تكاد تقتصر على مجتمع لم يعد قائما اليوم مثل الأخلاق المحددة للعلاقة بين الجنسين والتي تطابق نظام القوامة الحريمي والعديد من تقاليد بادية الحجاز القديمة، وترتبط بمبادئ الفقه الذكوري، وثقافة (وما ملكت أيمانكم)، ومثل ما يتعلق بالحلال والحرام في المأكولات والمشروبات والألبسة، ففي هذه الجوانب الكثيرة سيكون من الوهم محاولة فرض منظومة قيم جامدة ونهائية كيفما كانت مرجعيتها".

    الأحداث المغربية عدد 3296بتاريخ 16 فبراير 2008.

    إن على المخدوعين في عصيد إذا كانوا مسلمين مؤمنين بأن الإسلام دين ودنيا، سياسة وعبادة، وأن شريعته أسمى من كل الأوفاق والمعاهدات والقوانين، أن يتأكدوا أن هذا العلماني على ملة غير ملتهم، وعلى دين غير دينهم، وحتى لا يتسرع أحد فيتهمني أني أكفره، -فهذا ما يتمناه هو وأصحابه- أعجل بإيراد كلامه الذي يصرح فيه بهذا، ويطلب منا جميعا أن نفهمه ونعيه: "متى يفهم المتشددون في الدين بأننا أحرار راشدون، وأننا نحب الحياة، وأننا لا نقبل أن يمارس أحد الوصاية على حياتنا، وأنهم أحرار في أن ينبذوا نمط حياتنا، وأن يكرهوا ما نحب، ولكنهم لا يحق لهم مطلقا أن يسعوا إلى حرماننا منه، لأننا لن نستطيع أبدا أن نحيا خارج الحياة، ولا نبصر في الظلمة فلهم دينهم ولنا دين". الأحداث المغربية عدد 4053 بتاريخ 26 ماي 2010.

    لقد فهمنا هذا منذ زمن وحتى قبل أن تصرح، لكن نتساءل بدورنا متى يتحلى عصيد بشجاعة الرجال ويبتعد عن خداع المغاربة من خلال التظاهر بالدفاع عن حقوقهم وقضاياهم القومية، ويصارحهم بما يعتقده دون تقية؟

    أم يخاف أن ينفضَّ عنه أغلب الأمازيغ الذين لن يقبلوا بالعلمانية الوضعية الوضيعة بديلا عن الإسلام؟

    وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    من هم أحق الناس بالتحقيق معهم ومتابعتهم:عصيد أم خصومه ؟
    الشيخ محمد بولوز

    تناقلت بعض الصحف والمواقع نبأ حشد بعض بني علمان من الاستئصاليين لقواهم ومنظماتهم وتقديم شكوى عن طريق بعض المحامين للتحقيق مع محمد بولوز وحسن الكتاني بحجة التحريض على حبيبهم وقرة عينهم "قداسة العصيد" مما يثير العجب والاستغراب على منهج المثل المغربي "ضربني وابكى وسبقني وشكا"

    وأحب بداية أن أبين جملة أمور : ومنها أني هنا ومن قبل في مقال "عصيد والمثال السيء للطغمة العلمانية الاستئصالية الحاقدة" أتكلم بصفتي الشخصية وليس بالصفة الحركية التي يحاولون بكل جهد الإشارة إليها، فما من غنم فهو لأمتي وأسأل الله فيه الأجر والثواب وما من غرم فأتحمل مسؤوليته وحدي وأسأل الله فيه الصفح والغفران.

    ثم إن المومن المتفقه في دينه له حرص كبيرعلى إدخال الناس في الدين وليس أبدا إخراجهم منه، وهو يفرح بكل داخل جديد فيه، فكيف بمن نشأ فيه بفعل الولادة والبيئة الاجتماعية. وإن التكفير أمر خطير، وكلما وجد المسلمون سبيلا لإبقاء الناس في دائرة الإسلام فعلوا وحتى لو شعروا بنفاقهم فحسابهم على الله، ومن أبى وأخرج بنفسه بقول صريح لا يحتمل التأويل، أو فعل إرادي لا يفهم منه إلا الكفر، فالله غني عن العالمين.

    وإن أحكام الدين في هذه المستويات المتعلقة بالحكم على الناس لا يتناولها إلا الراسخون في العلم والأمناء على دين الله ولا يتولى أمر البث فيها إلا ذوي السلطان الشرعيين وليس من هب وذب.

    ثم إن الأصل في الدين العناية بالبناء وعدم تضييع الأوقات مع السفهاء والمغرضين، ولكن الغضب لله ولرسوله ولدينه إذا وجب الأمر ومست الحرمات وانتهكت المقدسات محمود أيضا إن لم يكن واجبا، وإلا فهو الموت والبرود الذي لا حرارة معه ولا حياة، وقل بربك متى تغضب؟ وهل بعد التعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم من خطوط أخرى ننتظر أن تمس وتنتهك؟

    نعم، السب والشتم وقول السوء ليس من شيم المسلم ولا من عادته ولكن قد يباح له أحيانا كما يباح الخنزير عند الضرورة والاضطرار، ألم يقل مولانا وهو الحكيم العليم" لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا " ألم يقل في حق اليهود لما تجاوزا الحدود "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء" ووصف قوما بالكلاب وآخرين بالحمير، وقال في أبي لهب "تبت يدا أبي لهب وتب" ولعن أناسا ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرين ووصف صلى الله عليه وسلم مع ذلك بأنه لم يكن طعانا ولا لعانا، فهل يلام من ظلم في دينه وعقيدته ومقدساته ولا يلام من يضرب في كل ذلك في كل وقت وحين؟ وهل يكون المس برسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتا أو خلقا وأفعالا من قبيل حرية الرأي والفكر والمعتقد ويصبح المس "بقداسة العصيد" موجب للتحقيق والمتابعة وحشد شرذمة المفلسين بمقياس الدين؟

    فما قاله الرجل صريح وواضح في المس بفعل من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله، فرسائله التي ينص فيها على عبارة "أسلم تسلم" قال فيها بعظم لسانه " هي في الحقيقة رسالة إرهابية" والشريط موجود بين أيدي الناس يمكن أن يتحققوا منه، ونحن نعرف الشحنة الدلالية لكلمة "إرهابية" في مثل زماننا، حيث تختزن كل قبيح ومشين، وما يغني بعد ذلك أن يتنصل الرجل بأنه لم يقل "النبي إرهابي" وصدق بعض الشباب ممن علق على لف الرجل ودورانه بالمثل المغربي القائل"ما ماتش غير خرجو مصارنو"

    ثم قال عصيد بشكل صريح عن تدريس هذه الرسائل النبوية لتلامذتنا " هذا شيء غير مشرف" وما أدري ما الذي يشرف عنده؟ أندرس جاهليات الدنيا بما فيها سيرة "الكاهنة" و"كسيلة" و"البورغواطيين" وحروب الرومان والبزنطيين وحروب المغول والصليبيين وغزوات الأوربيين في الأمريكتين والحربين العالميتين..كل ذلك يغرس في أبنائنا روح السلم والتسامح وثقافة حقوق الإنسان، بينما رسائل النبي صلى الله عليه وسلم وغزواته ينبغي أن تقصى وتشطب حتى لا يتعلم أبناؤنا "ثقافة الإرهاب" بئس المنطق فحالك يثير الإشفاق، وحري بك أن تعتذر للمغاربة والمسلمين بل ولبني الإنسان على سخفك وسوء تقديرك، ولا تركب رأسك، وتزيد في تسفيه نفسك وتسفيه جوقتك بأعذار مهزوزة لا تقنع نفسك التي بين جنبك ولا الأطفال الصغار من حولك.

    فهذه منك ليست الأولى، بل هذا ديدنك وحالك مع دين الأمة وثوابتها ورموزها منذ أن عرفناك، همز ولمز وغمز وتحقير.. غير أنك هذه المرة سقطت بالواضح في حفرة لم تحسب حسابها، وعوض التوبة والاعتراف ها أنت تستمر في التعالي والكبرياء والغرور والذي سيكسرك بلا انجبار، وتتهم الجميع بأنهم لم يفهموا قصدك وكأنك تكلمت بالعبرية أو كتبت بالهروغليفية، فلم يفهمك لا الكتاني ولا بولوز ولا الزمزمي ولا الفيزازي ولا باهشام ولا جمعية التربية الإسلامية ولا بنكيران ولا بلال ولا الشقيري ولا الخطباء والوعاظ ولا شباب الفايسبوك ولا معلقي هسبرس ولا السواد الأعظم من المغاربة وربما حتى في العالم الإسلامي..الجميع أبله إلا "سعادة العصيد"

    فزلات عصيد كثيرة وعديدة يصعب استقصاؤها وعدها وهذا بعض ما حضرني منها:

    - جعل الأمازيغية وكأنها في مقابلة الدين وبأنها لم تحقق مرادها في الدستور ما دام الدين لا يزال يحتل مكانة فيه، قال في مقال:"الأمازيغية،أوراش ما بعد الترسيم":"ضرورة التمسك بمبدإ الدمقرطة الشاملة التي لم تتحقق بعد مع الدستور المراجع، والتي تنبني على كون الأمازيغية ليست مجرد لغة بل هي قيم ثقافية ديمقراطية لا تجد إطار تحققها في الدستور الحالي الذي استمر عبر استعمال الدين في التحفظ على الحقوق والحريات الأساسية،"

    - التعريض بالصلاة وإيهام أثرها السلبي على العمل (مقال:الصلاة والعمل)

    - يجعل سلوك المسلمين حجة على الإسلام للانتقاص منه يقول:"إذا كان الإسلام دينا بريئا من كل النعوت السلبية وليس فيه مشكل في حدّ ذاته، فأين يكمن المشكل إذن، ما دام المسلمون يبررون كل مشاكلهم مع العالم ومع بعضهم البعض وكل أخطائهم انطلاقا من الدين ومن نصوصه؟".(مقال "أسئلة الإسلام الصعبة")

    - فما هو عند المسلمين خير القرون هو عند عصيد شيء آخر حيث قال: "لأن اللحظات التي تصور على أنها "عصر ذهبي" للإسلام والتي هي مرحلة النبوة والخلفاء الراشدين كانت أيضا مرحلة حروب فظيعة واقتتال شنيع وأحداث مهولة ولم تكن مرحلة سلم وحضارة وازدهار.."،(مقال "أسئلة الإسلام الصعبة")

    - وصفه الدين بالتناقض يقول:"إذا قام بعض المسلمين بالدفاع عن دينهم باستحضار نصوص ذات مضامين إيجابية، فإنّ بعضهم الآخر يرتكب الأخطاء الشنيعة اعتمادا على نصوص أخرى هي أيضا من القرآن والسنة، مما يطرح مشكل التعارض الصريح الموجود بين نصوص الدين الإسلامي، والارتباك في استعمالها، وهي تناقضات إن كان المسلمون يبتلعونها صامتين باللجوء إلى ألاعيب "الناسخ" و"المنسوخ" و"الضعيف" و"الصحيح" فإن باقي العالم لا يمكن له القبول بالتناقضات التي لا يستسيغها العقل السليم".(مقال "أسئلة الإسلام الصعبة")

    - عدم إيمانه بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان حيث قال: "وكأن الإنسان لم يقم بثورات قلبت معارفه رأسا على عقب وجعلته يعي وجوده ووجود العالم بشكل مختلف لا نظير له في التاريخ ولا علاقة له بما كانت تقوله الأساطير والديانات المختلفة"(مقال "أسئلة الإسلام الصعبة")

    - وقوفه مع التبشير المسيحي (مقال:حول التبشير المسيحي بالمغرب)

    - تأييده لقبل الممثلين، ورفضه تحكيم المعايير الدينية في الفن (انظر:مقال:"القبلة التي كادت تسقط الطائرة" ومقال:الدراما بين الدين والتاريخ)

    - الدفاع المبطن عن حركة "فيمن" الاحتجاج بالتعري (مقال: توظيف الجسد بين الوعي التقليدي والوعي العصري ) ودافع عن تعري أحرار على خشبة المسرح، ووقوفه إلى جانب معظم أنواع الشذوذ.

    - الطعن في نسب المولى إدريس حيث أصدرت الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة بالمغرب بيانا في الموضوع وتدعو فيه إلى وقفة احتجاجية وذلك بسبب طعن أحمد عصيد في نسب المولى إدريس الأزهر و التشكيك في نسب الملايين من ذريته من الأدارسة في المغرب والعالم بكل ما يتخلله ذلك من غمز ولمز، وتشكيك بلا حجة أو دليل، والطعن في شرف وعرض كنزة الأمازيغية زوجة المولى إدريس الأول،

    - ضرب الأسس التاريخية للدولة:يقول في مقال:"الأسئلة القلقة في تاريخ المغرب" :"وجعل الدولة المغربية مرتبطة في أساس إنشائها بالبيعة لآل البيت، وهي شرعية لم تعد تتناسب مع الشعارات التي تعلنها السلطة نفسها، مثل "المجتمع الحداثي الديمقراطي" و"الانتقال الديمقراطي" و"المساواة على أساس المواطنة" إلخ.."

    - الضرب في العلماء، يقول في الدكتور مصطفى بنحمزة "غير أن هذه القراءة الاجتهادية تجد في طريقها عائقا كبيرا هو تراكمات الفقه الإسلامي الميت، الذي ارتبط بعهود سابقة على التطور الذي حصلته البشرية في القرون الثلاثة الأخيرة، مما جعل ضحاياه من فقهائنا كثيرين ومنهم السيد بنحمزة. "انظر:"إلى مصطفى بنحمزة في معنى القيم الكونية"

    - ويقول في شأن الريسوني في مقال"عندما يُشعل الإسلاميون نار الفتنة ويُتهم بها الأمازيغيون؟ ":"وبعد استماعنا إلى تصريح السيد الريسوني ضدّ الحركة الأمازيغية، لا يسعنا إلا أن نقول بالعامية المغربية: الله إنعل لّي ما يحشم !"

    - ولم يسلم منه آخرون مثل الدكتور عباس الجراري مستشار أمير المومنين وعبد الحق المريني وعبد الكريم غلاب بعد أن عبروا عن بعض مواقفهم اللغوية حيث قال عباس الجراري"بأن حرف تيفيناغ "غريب" فقال عصيد: "من ذلك ما أصبحنا نلاحظه في الآونة الأخيرة من ترامي مجموعة من الشيوخ الطاعنين في السن، من أعضاء الأكاديمية الملكية، ومن المتواجدين بالمحيط الملكي، على موضوع لم يحسنوا تدبيره بحكمة عندما كانوا شبابا، فلم يستوعبوا بالتالي تطوراته المتلاحقة، ولا أدركوا كيف يفهمونه بعد أن خرج من بين أيديهم بشكل كامل.من هؤلاء السيد عباس الجراري الذي تصدّر للفتوى في الأمازيغية داخل معهد التعريب ( (!! والسيد عبد الحق المريني الذي سبق له أن عقب على الخطاب الملكي بأجدير على صفحات جريدة الشرق الأوسط السعودية سنة 2001، والسيد عبد الكريم غلاب الذي هو من منظري الحزب المعلوم، هم جميعا أظهروا نشاطا وهمّة في الآونة الأخيرة لمناقشة موضوع "الهوية"، بعد أن حسم فيه الدستور في اتجاه مصلحة الأمة بكل مكوناتها،" (انظر: عندما ينشغل التعريبيون بالإفتاء في الأمازيغية وكذا مقال:اللغة الأمازيغية المعيار)، وقال لهم في سخرية واضحة:" وعلى الأكاديمية الملكية أن تنظم لأعضائها دورة تكوينية في مضامين الدستور الجديد، ليدركوا معنى اللغة الرسمية، ومعنى المساواة، ومعنى الكرامة." ولم ينج حسن أوريد من شرره (نماذج حية من "الهوس الهوياتي").

    - ومثال ضرب الرجل ذات الشمال وذات اليمين وفوق وتحت يقول في مقال "نماذج حيّة من"الهوس الهوياتي":"الواقع أنني وأنا أستمع إلى الأستاذ أوريد، انصرف ذهني بالكامل إلى الذين يعتبرون أنفسهم أنبياء جددا يبعثون شرع الله على الأرض، كما ذهب فكري إلى ذلك الخطيب المتهوّر الذي ما فتئ يصرخ من على منابر الخطابة، إلى أن بلغ به الغلو أن هدر دم أحد الصحفيين بدون وجل لأنه اختلف معه في معنى الحرية. وتذكرت كذلك الخطيب الذي ينتمي إلى الحزب الأغلبي في الحكومة، والذي يحظى منذ سنوات بمقعد في البرلمان، حيث لا يتوقف أبدا عن إدهاشنا وإتحافنا بأفكاره السمحة، كمثل مطالبة وزير الأوقاف بمنع الأفلام السينمائية التي لا تنسجم مع "هوية البلاد" (كذا!)، التي يختزلها الخطيب فيما يشغله هو ومن معه، متناسيا بالطبع زميله في الحزب الذي هو الوصيّ الفعلي على القطاع. وكمثل اعتباره قبل أيام فقط الثقافة "ميوعة" و"مجونا" إلى أن تنضبط لوصفاته المحنّطة، واعتباره التعدّد "تبدّدا" إلى أن يعود الناس إلى الحظيرة مثل القطيع ليضع عليهم الخطيب ميسمه، ويشملهم برعايته ورضاه، هو ممثل "الأمة"، والداعية إلى الله بعد أن أفسدت الحضارة الناس واشتد حنينهم إلى البداوة.

    انصرف ذهني أيضا وأنا أستمع إلى الأستاذ أوريد إلى الداعية الذي قال: لو بُعث بنبركة لجاز قتله ثلاث مرات وأربعا، كما تذكرت المنظّر المقاصدي الذي أعلن أن "الدولة مليئة بالملاحدة"، وأنّ على المغرب بتر الأعضاء والرجم بالحجارة والعودة إلى الطقوس الهمجية التي هجرتها أمم وشعوب الأرض. وتبادر إلى ذهني أيضا المواطن ذو اللحية الطويلة الذي اعتبر أنّ "الإرهاب مصطلح قرآني"، إذ يأمرنا الله ب"إرهاب أعدائه"، كما فكرت في الوزير المتخصص في "الاقتصاد الإسلامي" الذي أعلن بمجرد اعتلائه منصبه أنّ على الحكومة وضع "خطوط حمراء" للإبداع الفني والجمالي، مراعاة لذوق وزراء الحزب الأغلبي، الذين لم يكونوا قط من جمهور الفن أو محبيه، وكأن معايير الجمال تتغيّر بتغيّر الحكومات والوزراء والخطباء وقادة العسكر. وتذكرت زميله الوزير الذي عبر بدوره عن انزعاجه من كثرة المهرجانات الفنية والثقافية، وزميلهما راعي العدل والحريات الذي اعتبر السواح القادمين إلى مراكش "بعيدين عن الله"، دون أن ننسى زميلتهم الوحيدة في الحكومة، التي لا تخفي عداءها لمكتسبات المرأة المغربية في معركة المساواة ومحاربة الميز باسم"الخصوصية" و"الأصالة المغربية".

    - فهم الدستور وفق هواه وإلزام الناس بما لا يلزم

    وتحميله ما في دماغه هو حيث قال في مقال:"محاربة الأمية في الأمازيغية ":"التصريح الحكومي الذي أعلن أن الأمازيغية ضمن أولويات الحكومة، وأن قانونها سيتم إعداده في إطار «صيانة المكتسبات»، والمكتسبات كما هو معلوم أربعة: الإلزامية، والتعميم، والتوحيد، وحرف «تيفيناغ»."فجعل هذه الأربع وكأنها مسلمات لا مجال للتراجع عنها أو فتح نقاش مجتمعي على الأقل في شأنها.

    - وسياسيا يؤيد حركة أزواد الانفصالية في مالي (تعصبا للعنصر الأمازيغي على حساب وحدة الدولة وهو ما يؤشر على قبول ما يشبه ذلك في مناطق أخرى انظر:مقال(السلفيون، "الصليبيون" و"المستضعفون")

    وغير هذا كثير من شذوذه وصلفه، مما يمكن أن يكون مواضيع مناقشة وتفنيد، فالرجل تجاوز كل حد وخصوصا لما وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعمري ما الفرق بين الرسوم المسيئة التي هزت العالم الإسلامي ومن ضمنها صورة تجسد النبي وعليه عمامة على شكل قنبلة وبين من يقول بين ظهرانينا عن رسائله إرهابية،فأي الفريقين أحق بالتحقيق والمتابعة والمحاكمة؟ من هذا حاله وهذه بعض أفكاره و"جرائمه الفكرية"في حق الأمة وتاريخها،أم من حركتهم الغيرة والغضب على دين الله وثوابتها وقالوا في حق عصيد ما قالوا؟

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. تجربتي النفسية من " مسلم بالوراثة " إلى " مسلم عن قناعة "
    بواسطة الموحد 19 في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 06-15-2013, 01:52 AM
  2. مسلم مسلم مسلم مسلم مسلم نفسى أسمع رأيك " العلمى "
    بواسطة shawky في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-21-2012, 02:30 PM
  3. @@ريتشارد دوكنز يـرد على مسلمة """" إوعـى تضحـك @@@@@@
    بواسطة أسلمت لله 5 في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-06-2012, 06:53 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء