بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بالنسبة لمسألة القوامة أقف عند نقطتين:
الأولى: العلاقة بين الزوجين في الإسلام قائمة على العدل لا المساواة ..
الثانية: ما هي القومة وما هي تبعاتها وماذا يقابلها؟!!
النقطة الأولى: العلاقة بين الزوجين في الإسلام قائمة على العدل لا المساواة :
يمثل العدل أرفع مرتبة في العلاقات الاجتماعية الإيجابية، ومعناه: الإنصاف، وهو: إعطاء كل ذي حقٍّ حقه، بمنح المرء ما له وأخذ ما عليه.
ونجد الأصول العقدية في القرآن الكريم تحدد ميزان العدل بإعطاء كل ذي حقٍّ حقه بكل صورةٍ من الصور، وإلى ذلك أشار قوله تعالى:{ وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء: 58].
أما المساواة فهي: التكافؤ بين الناس في الحقوق والواجبات _ على اختلافهم _ دون زيادةٍ أو نقصان، بغض النظر عن الاعتبارات الطبيعية والتكوينية وغيرها من الالتزامات التي تناط بالناس حسب جنسهم وعملهم وقدراتهم.
وهي ليست بعدلٍ إذا قضت بمساواة الناس في الحقوق على تفاوت واجباتهم وكفاآتهم وأعمالهم، وإنما هي الظلم كل الظلم للراجح والمرجوح.
فإن المرجوح يضره ويضر الناس معه أن يأخذ فوق حقه، وأن ينال فوق ما يقدر عليه، وكل ما ينقص من حق الراجح يضره؛ لأنه يقل من قدرته، ويضر الناس معه؛ لأنه يحرمهم ثمرة تلك القدرات، ويقعدهم عن الاجتهاد في طلب المزيد من الواجبات، مع ما يشعرون به من بخس الحقوق.(( فمثلاً: أثبت العلماء أن فصل الطلاب المجتهدين عن الكسالى يرفع همم المجتهدين ويحفزهم أكثر وبالتالي لا يشعر الكسالى بقصورهم ويدفعهم للمثابرة ))
وليس من العدل أو من المصلحة أن يتساوى الرجال والنساء في جميع الاعتبارات، مع التفاوت بينهم في أهم الخصائص التي تُناط بها الحقوق والواجبات.
وهذا ما أكد عليه المتخصصون من علماء النفس والاجتماع:
تقول((آلين ويلر)): " أنا نتاج سنوات من النضال من أجل تحرير المرأة؛ لذا لطالما اعتقدت أن الرجال والنساء متساوون، فاستنتجت حماقةً ومن دون أن أفكَّر في الأمر أننا متشابهون فعلاً، وأنا التي لطالما مارست مهنتي كنَدٍّ للرجل أو على الأقل هذا ما كنت أقوله لنفسي، حين أرتدي البنطلون كل يوم لأقصد مقر عملي.. هل كذبوا عليّ؟! هل كذبوا علينا؟! الجواب هو: نعم؛ إلا أنني لا أعرف من هم هؤلاء، أوهمونا أننا لا نختلف عن الرجال فطاب لنا الأمر وافتتنا به ". الرجل والمرأة أسرار لم تنشر بعد : ( 7،8 ).
وتقول باسمة كيال في كتابها(( سيكولوجية المرأة)) ما نصه انظر (256) وما بعدها.: " إن مظهر المساواة في هذه الأيام هي عبء على المرأة أكثر من الرجل، حيث أنها تحمل أعباء الزوجية إلى جانب المسؤوليات الكثيرة الواقعة على عاتقها داخل المنزل وخارجه، فهي بهذا لن ترتاح، ولن يكون لديها فرصة استقلال ذاتية تضع في أثناءها النقاط على الحروف.." اهـ
الزميل Schnell2:
يظن كثير من الناس عند الحديث عن الفوارق بين الرجل والمرأة أن ذلك يعتبر هضماً لحقوقها وقدحاً في أنوثتها، مع العلم بأن الفوارق بين الرجل والمرأة أمر تقتضيه الطبيعة والفطرة التي أوجدها الله تعالى بينهما.
إن ما اختصت به الأنثى من صفاتٍ خلْقيةٍ وما أنيط بها من أعمالٍ داخل البيت في محيط الأسرة وتربية الأبناء لا يعتبر هضماً لحقوقها أو تقليلاً من مهمتها وشأنها، بل إنها مهمة شريفة وعمل نبيل لا يقدر عليه أعظم الرجال، أضف إلى ذلك أن لهنَّ من الحقوق والواجبات ما للرجال سواء بسواء{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: 228]
وإليك ما قاله الدكتور ألكسيس كاريل في كتابه (( الإنسان ذلك المجهول )انظر (108) وما بعدها:
" إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص للأعضاء التناسلية، ومن وجود الرحم والحمل، أو من طريقة التعليم؛ إذ أنها ذات طبيعة أكثر من ذلك … إنها تنشأ من تكوين الأنسجة ذاتها، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيميائية محددة يفرزها المبيض. ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليماً واحداً، وأن يُمنحا قوىً واحدة ومسؤوليات متشابهة.
والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافاً كبيراً عن الرجل، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جسمها .. والأمر صحيح بالنسبة لأعضائها .. فعلى النساء أن يُنَمينَ أهليتهن تبعاً لطبعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال، فيجب عليهنّ ألاّ يتخلينَ عن وظائفهن المحددة...ويجب أن يبذل المربون اهتماماً شديداً للخصائص العضوية والعقلية في الذكر والأنثى، وكذا لوظائفها الطبيعية. فهناك اختلافات لا تنقضِ بين الجنسين.. ولذلك فلا مناص من أن نحسب حساب هذه الاختلافات في إنشاء عالم متمدن" اهـ
سيد Schnell2:
إن المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة هو ضرب من الخيال، أمّا إقامة العلاقة بينهما على أساسٍ من العدل هو عين الصواب؛ وذلك بأن يُوظَّف كل واحدٍ منهما تبعاً لطبيعته الجسمية والنفسية، وهذا ما أكده أصحاب الاختصاص في ذلك كما رأينا من خلال ما استعرضناه من نتائج وصلوا إليها في ذلك المجال.
وإنّ ما نراه من اعتراضٍ على هذا المنهج الربّانيّ لأعظمُ دليلٍ على القمة السامقة التي بلغها العدل الإلهي؛ فإنّ من طباع البشر أنّ العدل بينهم يغريهم بالمطالبة بأكثر من حقوقهم، والظلم يســــكتهم على ما دونها ولا سيّما النساء.
فإن كانت غايتك من طرحك المدنية والتحضر فهذه هي المدنية التي بين حقيقتها هؤلاء المتخصصون وغيرهم وبإمكاني أن أنقل لك العشرات غيرها، أما إن كنت تريد أن ترجع بالمرأة إلى الوراء وأن تجعلها سلعة رخيصة فهذا بعيد كل البعد عن نظام العدل الإلهي في الإسلام.
قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ
؟! ؟! ؟!
Bookmarks