الحمد لله على حسن الاعتقاد وحب النبي والعترة والصحابة بالاقتصاد، صلى الله على سيدهم وعليهم وبلّغ منا السلام إليه وإليهم.

وبعد بارك الله في الإخوة جميعا، وغفر الله لك يا أخي وأصلح بالك وأبعد عنك تلك اللوثة .

أما وقد طلبتَ إنصافك، فأطمئنك على أني لا أكيل بمكيالين، وأقبل الصواب وإن جاء من كافر وأرد الخطأ وإن أتى من أعلم أهل الإيمان . وقد استئذنتُ الأخ المشرف 12 حفظه الله ورعاه في نصحك وكتابة هذه المداخلة، لعلك تتعظ وترجع عن هذا الغي الذي استهدفتَ به خال المؤمنين رضي الله عنه .

وقد قرأتُ ما طلبتَ، وكل هذا جاء نتاج سوء فهمك، كما سبق وأشار إليه الفاضل "أبو حب الله" ، فذهبت تبحث عن الحديث متغافلا عن أنه قد يصح من طريق ولا يصح من آخر، كما وأن العالم قد يحكم على سند معين بالضعف، فتترجح عنده بعد سنوات طرق أخرى فيصبح الحديث حسنا صحيحا فيتراجع عن تضعيفه، فيبقى حكمه الأول في كتاب، والثاني في كتاب آخر لاحق.

وقبل أن أخوض في الحديث المتنازع عليه، أذكرك بأن معاوية رضي الله تعالى جبل بازخ :

وأول فضائله : قول الله عز وجل في كتابه { ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } [التوبة: 26]، ومعاوية رضي الله عنه شهد هذه الغزوة وكان ممن نزلت عليه السكينة من المؤمنين .

وثانيها : قول الله عز وجل : { لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ وَٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }[التوبة: 117] ، ومعاوية رضي الله تعالى عنه كان ممن اتبع النبي ساعة العسرة وهي زمن استنفار النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى غزوة تبوك.

وثالثها : قول الله عز وجل{ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [الحديد: 10] وثابت أن معاوية رضي الله عنه أنفق وقاتل في حنين والطائف، فهو من الطائفة التي وعدها الله عز وجل بالحُسنى ، وهذه الأخيرة لقب قرآني إسلامي يدل على خيرات الآخرة، ودرجة رفيعة قد قال فيها الله عز وجل : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } * { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }. [الأنبياء: 101].

ورابعها قول الله عز وجل : { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الأنفال: 74-75] ومعاوية رضي الله عنه داخل في هذه الآية وكان ممن آمن بعد الهجرة وجاهد بماله ونفسه . وتأمل تلك اللطائف حين يختم الله عز وجل آيته بقوله { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } وقوله { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } وكأنه عز وجل يخبرنا نحن معاشر المؤمنين أنه غفر لهم وزكاهم ووعدهم الجنة ويعلم ما سيعملون من بعد .

وخامسها قول الله عز وجل : { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }[التوبة: 100] ومعاوية رضي الله عنه من الرعيل الأول الذي أعد الله له هذا الفوز العظيم .فالله تعالى أثنى عليه وهو يعلم ما سوف يقع منه هو والصحابة، فدعواك منتقضة بهذه الآيات، وآية واحدة تكفيك إن كنتَ باحثا عن الحق دون عناد ومكابر .

وسادسها ما رواه البخاري في صحيحه رضي الله تعالى عنه عن أم حَرَام الأنصارية رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أولُ جيشٍ من أُمَّتي يَغزون البحر قد أَوجَبوا". قالت أم حَرَام: قلت: يا رسول الله، أنا فيهم؟ قال: "أنتِ فيهم". ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أولُ جَيشٍ من أُمَّتي يَغزون مدينة قَيصرَ مغفورٌ لهم". فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: "لا".
وهذا فيه منقبة لمعاوية رضي الله تعالى عنه كما فيه منقبة لابنه، وقد قرره الإمام المهلب ابن أبي صفرة الأندلسي فما رواه عنه البدر العيني في شرحه وابن حجر، رحم الله الجميع، وقد أرسل معاوية ابنه يزيد - وهو الجيش الثاني المغفور له- أميرا على الجيش صحبة عدد من الصحابة كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، و أبو أيوب الأنصاري وغيرهم .ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم قد أوجبوا، أي وجبت لهم الجنة ، وهؤلاء كانوا في خلافة عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه كما قال حافظ المغرب ابن عبد البر في التمهيد : "لم يختَلفْ أهلُ السِّـيَر فيما عَلمتُ أن غَزاةَ معاوية هذه المذكورةُ في حديثِ هذا الباب إذْ غَزَتْ معه أمُّ حَرَام كانت في خِلافة عُثمان".

وسابعها : ما رواه البخاري من حديث الحسن البصري قال: لقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي إلى جنبه ويقول: "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ". وهذا الحديث يتضمن منقبة وثناء على معاوية رضي الله عنه وذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام مدح فعل الحسن وتنازله عن الملك لمعاوية، وقد شهد للطائفتين بأنهما بالعظمة والإسلام.

وثامنها : ثبت في الحديث الصحيح أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَر معاويةَ رضي الله عنه، فقال: " اللهم اجْعَلْه هادياً مَهْدياً، واهْدِ به " وهذا الحديث رواه:

- البخاري في التاريخ (5/240)
- والترمذي (3842)
- وابن سعد (7/418)
-وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/358 رقم 1129)
-والبغوي في معجم الصحابة (4/491)
-والترقفي في جزئه (45/أ)
-والطبراني في مسند الشاميين (1/190)
-والآجري في الشريعة (5/2436-2438 أرقام 1914-1917)
-وابن بطة في الإبانة
-وابن منده واللالكائي (8/1441 رقم 2778)
-وأبو نعيم في الصحابة (4/1836 رقم 4634)
-والخطيب في تاريخه (1/207) وفي تلخيص المتشابه (1/406) وفي تالي تلخيص المتشابه (2/539)
-والجورقاني في الأباطيل و المناكير و الصحاح و المشاهير (1/193)
-وابن عساكر (6/62 و59/81-82)
-وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/274 رقم 442)
-وابن الأثير في أسد الغابة (3/313 و4/386)
-والذهبي في السير (8/34) من طريق أبي مُسهر.
-ورواه البخاري في التاريخ (7/327)
- وابن أبي عاصم (2/358)
- والبغوي (4/490)
-وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/343)
-وأبونعيم في أخبار أصبهان (1/180)
-وابن عساكر (59/80-81)
-والمزي في تهذيب الكمال (17/322) من طريق مروان بن محمد الطاطري.
-ورواه ابن قانع (2/146)
-والخلال في السنة (2/450 رقم 697)
-وابن عساكر (59/83) من طريق عمر بن عبد الواحد.
-ورواه ابن عساكر (59/83) من طريق محمد بن سليمان الحراني.

وقد روي هذا الحديث عن سعيد بن عبد العزيز، ثنا ربيعة بن يزيد، ثنا عبد الرحمن بن أبي عَمِيرة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم..... وهذا السند صحيح على شرط مسلم وقد احتج الإمام برواية أبي مسهر عن سعيد عن ربيعة، ورجاله ثقات، وقد وقع التصريح بالسماع في كل طبقات الإسناد .

وروي الحديث من طريق من موسى بن محمد البلقاوي، ثنا خالد بن يزيد بن صبيح المري، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن عميرة به. - وهذا عند الطبراني-

ومن : علي بن بَحر، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد ... وهذا عند أحمد .

من حديث عمرو بن واقد، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني، عن عمير بن سعد به مع قصة. - وهذا عند البخاري في التاريخ-.

وروي من طريق من الساجي، ثنا صفوان، نا الوليد بن مسلم ومروان بن محمد به مثله.

وأيضا عن محمد بن جرير الطبري، ثنا أحمد بن الوليد، ثنا هشام بن عمار وصفوان بن صالح، قالا: ثنا الوليد بن مسلم، نا سعيد ..

وغيرها من الأسانيد الكثيرة والحديث بطرقه تزيده قوة. وقد روي عن خمسة من الصحابة هم : عمر ابن الخطاب، عبد الرحمن ابن أبي عَمِيرة، عمير ابن سعد، واثلة، وأبي هريرة .

وقد تتبعتُ هذا الحديث بطرقه فمنها الصحيح ومنها السقيم، وصححه عدد من الحفاظ منهم: ابن كثير، الترمذي، الجورقاني، أبو حاتم، الذهبي، ابن حجر الهيتمي، ابن عساكر، الألوسي، الألباني. رحم الله الجميع.

أما من تكلم فيه وأعله، فهي علل غير قادحة عند التحقيق، والمحفوظ منه صحيح السند .

وتاسعها : الحديث الذي اختلف فيه على هذا الرابط وهو أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم دعا لمعاوية فقال: " اللهمَّ عَلِّمْهُ الكِتابَ والحِسابَ، وقِهِ العَذاب " والحديث يرويه معاوية بن صالح - ثقة واسع الرواية ممن يقبل تفرده- ، عن يونس بن سيف - وثقه جمع من الحفاظ كالدارقطني وابن حبان وابن حجر-، عن الحارث بن زياد - تابعي مستور وثقه ابن حبان وابن خزيمة وغيره -، عن أبي رُهْم - وثقه جمع من الحفاظ-، عن العرباض بن سارية -صحابي جليل-.

وقد سبق أن ذكر الأخ "المتروي" بعضا ممن صحح هذا الحديث وللألباني كلام نفيس في تصحيحه حبذا مراجعته.

كما أن الحديث جاء من طرق أخرى فأما المرفوع : فإما من طريق الحارث بن زياد، وابن أبي عميرة إلى العرباض ابن سارية رضي الله عنه، أو إلى ابن عباس، ومسلمة بن مخلد، وأبي هريرة رضي الله عنهم.

أما المرسل فهو من : مراسيل شُريح بن عُبيد، ويونس بن ميسرة ابن حلْبس، وحَريز الرحبي، والزهري، وعقبة بن رويم، ومجاهد.

ومراسيل شريح ويونس وحريز صحيحة إلى أصحابها وشاهدة للمرفوع بحمد الله تعالى.

وحتى الأئمة الذين ضعفوا بعض طرق الحديث كانوا يترضون عن معاوية رضي الله عنه ويقرون بعدالته وفضله، وما سمعنا عالما ثقة من أهل السنة تكلم في معاوية بسوء، إلا بعض الرواة ممن خالطته البدعة أو انتمى لفرقة.

ومما يشهد بفضل وعدالة معاوية رواية حوالي 160 راويا عنه رضي الله عنه وعنهم :

فأما الصحابة فثلاثة وعشرون صحابيا هم :عبد الله بن عَمرو ابن العاص، عبد الله ابن عَبَّاس، وعبد الله ابن الزُّبَيْر، ، وعبد الله ابن عُمَر، أُمامة بن سَهْل ابن حُنَيف، وأبو الدَّرْداء، وأبو ذَر الغِفاري ، وأبو سعيد الخُدْري، أُسَيْد ابن ظُهَيْر، وأَيُّوب ابن بَشير الأنصاري، وجَرِير ابن عبد الله البَجَلي، وعبد الله بن الحارث بن نَوْفَل، وعبد الرحمن ابن شِبْل الأنصاري، ومحمد ابن مَسْلَمَة، ومالك ابن يَخَامِر، ومُعاوية ابن حُدَيْج، والنُّعْمان ابن بَشير، ووائل ابن حُجْر، وأبو الغادِية الجُهَني، وأبو الطُّفَيْل عامِر ابن واثِلَة، وأبو عامِر الأَشْعَرِي، والسَّائب ابن يَزيد، وسَبْرَة ابن مَعْبَد الجُهَني.


وأما التابعون فكثر قد ذكرهم وحصرهم عدد من العلماء، ومن نافلة القول ذكر أن معاوية رضي الله عنه روي عنه أربعة أحاديث متفق عليها - وهي أعلى مراتب الصحيح-.
وانفرد الإمام مسلم بخمسة روايات، والبخاري بأربعة، فيكون الحاصل أن الإمامين أخرجا لمعاوية ثلاثة عشر حديثا. أما من أخرج عنه من الأئمة الحفاظ فكثيرون .

ومما يشهد لمعاوية رضي الله عنه ثناء الصحابة عليه :

فهذا الإمام الطبري يروي في التاريخ 5/330 بسند صحيح عن سعيد المقبري، قال: قال عمر بن الخطاب: "تذكرونَ كِسْرَى وقَيْصَرَ ودَهاءَهُما؛ وعندَكم معاوية ".

وروى البغوي في معجم الصحابة (5/367) والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (9/357) قال أبوالدَّرداء رضي الله عنه: " ما رأيتُ أشْبَهَ صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم مِن أميركم هذا، يعني معاوية ".

روى أبو عرُوبة الحرَّاني في الطبقات (ص41) بسند صحيح عن مرجانة أم علقمة مولى عائشة، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: " إني لأتمنى أن يزيدَ اللهُ عزَّ وجلَّ معاويةَ مِن عُمري في عُمره
".

وروى الشافعي في الأم (1/290) وعبد الرزاق (3/21) والبيهقي (3/26) وابن عساكر (59/165) بسند جيد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "ليس أحدٌ منا أعلمُ من معاوية".

وروي ابن عساكر 59/161 عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: " ما رأيتُ أحدا بعدَ عثمان أَقضَى بحقٍ مِن صاحِبِ هذا الباب، يعني معاوية ."

وثبت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "قتلايَ وقتلى معاوية في الجنّة " رواه ابن أبي شيبة (15/303) بسند صحيح.

وعن مجاهد بسند صحيح قال:" لو رأيتم معاوية لقُلْتم هذا المهدي من فضله. " رواه الخلال في السنة (2/438) والبغوي في المعجم (5/368).

أما ما حققه معاوية للإسلام من فتوحات وخيرات فكثيرة جدا مبسوطة في كتب التاريخ ، فقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنيناً والطائف وتبوك، وشهد حرب المرتدين واليرموك وفتَح دمشق أيام الصديق رضي الله عنه، وفَتح سواحل الشام وبيت المقدس وكان أحد الأربعة الذين شهدوا العهدة العمرية، وجاهد ضد الروم وفتح قيسارية أيام عمر، وفتح أنقرة وجزيرة قبرص، وغزا بلاد الروم على رأس صائفة ودحرهم في طرابلس أيام عثمان، وغزا الصوائف وأجاز الخليج وقاتل القسطنطينية، وغزا جُزُرَ صقلية، ورودس، وجربا، كريت، وكثير من جزر بحر إيجة، وجدد فتح إفريقيا إلى تونس، غربا والسودان جنوبا، وفتح الرخج وسجستان وقوهستان وبلاد السند وجبال الغور وبلاد اللان، ودخل بخارى، وسمرقند، وتِرْمِذ، وشتث الخوارج وأراح الناس من شرهم.

وأختم ببعض أقوال أهل العلم في الصحابة وعدالتهم دون استثناء :

قال ابن الأثير: " والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح والتعديل، فإنهم كلهم عدول، لا يتطرق إليهم الجرح، لأن الله عز وجل ورسولَه زكَّياهم وعدّلاهم، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره ". (أسد الغابة 1/3)


قال القرطبي: "فالصحابة كلهم عدولٌ، أولياء الله تعالى، وأصفياؤه، وخِيرَتُه من خلقه بعد أنبيائه ورُسُله، هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة، وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم؛ فيلزم البحث عن عدالتهم ". (التفسير، آخر سورة الفتح 16/299)

قال ابن عدي: "إن أصحابَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِحَقِّ صُحبَتهم، وتقادُمِ قَدمهم في الإسلام، لكلِّ واحد منهم في نفسه حقٌ وحُرمةٌ للصُّحبة، فهُم أجلُّ من أن يتكلّم أحدٌ فيهم ". (الكامل في الضعفاء 3/1064)

وقال ابن حزم: " الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم، لثناء الله تعالى عليهم ". (المحلى 5/92 دار الآفاق الجديدة)

وقال ابن الصلاح: "الأمة مُجْمِعَةٌ على تعديل جميع الصحابة، ومَن لابَس الفِتَنَ منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يُعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهَّدَ لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نَقَلَةَ الشريعة، والله أعلم ". (المقدمة في علوم الحديث 287)

وقال ابن عبد البر: " ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم، وثناء رسوله عليه السلام، ولا أعْدَلَ ممن ارتضاه الله لصًحبة نبيِّه ونُصْرَته، ولا تزكيةَ أفضلُ من ذلك، ولا تعديلَ أكمل منه". (الاستيعاب، بهامش الإصابة 1/4-5)

وقال النووي: " الصحابة رضي الله عنهم كلهم هم صفوةُ النَّاس، وساداتُ الأمَّةِ، وأفضلُ ممن بعدَهم، وكلهم عدولٌ قدوةٌ لا نُخالةَ فيهم، وإنما جاءَ التخليطُ ممن بعدَهم، وفيمن بَعدهم كانتِ النُّخالة". (شرح مسلم 12/216 )

وقال ابن جماعة: " الصحابة كلهم عدول مُطلقا، لظواهر الكتاب والسنة، وإجماع من يُعتد به، بالشهادة لهم بذلك، سواءٌ فيه مَن لابَسَ الفِتنة وغيره، ولبعض أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم في عدالتهم تفصيلٌ واختلافٌ لا يعتد به ". (المنهل الروي 112)

وقال ابن تيمية: " أهلُ السُنَّة مُتَّفِقونَ على عَدالةِ الصَّحابة ". (مجموع الفتاوى 35/54)

وقال العلائي: "وقد تقدَّم قولُ البراء رضي الله عنه: "ولم يكن بعضُنا يُكذِّبُ بعضا"، وهذا هو الأمرُ المستقرُّ الذي أطبقَ عليه أهلُ السنة، أعني القول بعدالة جميع الصحابة رضي الله عنهم، ولا اعتبارَ بقول أهلِ البدع والأهواء، ولا تعويل عليه ". (جامع التحصيل 69)

وقال ابن حجر: " اتفق أهلُ السنة على أن الجميع عدول، ولم يُخالف في ذلك إلا شذوذٌ من المبتدعة ". (الإصابة 1/10)

وقال الخطيب البغدادي: " عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم بنص القرآن ". (الكفاية ص46)

وقال أيضا: " وذهبت طائفة من أهل البدع إلى أن حال الصحابة كانت مرضية إلى وقت الحروب التي ظهرت بينهم"، فردَّ عليهم، وقال: "ويجب أن يكونوا على الأصل الذي قدمناه من حال العدالة والرضا، إذ لم يثبت ما يزيل ذلك عنهم"، ثم أسند عن أبي زرعة الرازي قوله: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدَّى إلينا هذا القرآنُ والسننُ: أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة ". (الكفاية ص49)

قال ابن حِبَّان: " كلهم أئمة سادةٌ قادةٌ عدول، نزَّه الله عز وجل أقدار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يُلزَقَ بهم الوَهَن. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا ليُبلغ الشاهد منكم الغائب"؛ أعظمُ الدليل على أن الصحابة كلهم عدولٌ؛ ليس فيهم مجروحٌ ولا ضعيف، إذ لو كان فيهم مجروحٌ، أو ضعيف، أو كان فيهم أحدٌ غيرُ عدل لاستَثْنَى في قوله صلى الله عليه وسلم، وقال: ألا لِيُبَلِّغَ فلانٌ وفلانٌ منكم الغائب. فلمّا أجمَلَهم في الذِّكر بالأمرِ بالتبليغِ مَنْ بَعدهم، دلَّ ذلك على أنهم كلهم عدول، وكفى بمن عدَّله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شَرَفاً ". (الصحيح، ترتيبهُ الإحسان 1/162)

وأقوال بعض شيوخ الإسلام والأئمة الأعلام في من سب معاوية رضي الله عنه وانتقصه :

-الإمام الحسن البصري رحمه الله : قيل للحسن: يا أبا سعيد، إن ههنا قوما يَشتمون -أو يلعنون- معاوية وابن الزبير، فقال: على أولئك الذين يَلعَنونَ لعنةُ الله . -طريقه عند ابن عساكر 59/206

-قال الإمام الربيع بن نافع الحلبي - رحمه الله- :" معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كشف الرجل الستر, اجترأ على ماوراءه " - البداية والنهاية-.

- سئل المعافي بن عمران رحمه الله : "أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فغضب وقال للسائل : أتجعل رجلاً من الصحابة مثل رجل من التابعين ؟ معاوية صاحبه وصهره، وكاتبه، وأمينه على وحي الله ." - البداية والنهاية-.

-سُئل الإمام النسائي رحمه الله تعالى عن معاوية بن أبى سفيان - رضى الله عنهما - فقال : " إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة ، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام ، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار، قال : فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة " - تهذيب الكمال للحافظ المزي-.

سُئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى عن رجل تنقص معاوية وعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أيقال له رافضي ؟ فقال : " إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء ، ما انتقص أحدٌ أحداً من الصحابة إلا وله داخلة سوء" وفي رواية أخرى قال : " إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام " - البداية والنهاية- .

وسئل الإمام أيضا : ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟ قال : هذا قول سوءٍ رديء, يجانبون هؤلاء القوم، ولا يجالسون، ونبين أمرهم للناس " - السنة -.

- قال الإمام الطحاوي : "ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرّأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم الا بخير ، وحبهم دين وايمان واحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان " - الطحاوية-.

- قال الإمام ابن أبي العز الحنفي -رحمه الله- : " وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين " - شرح الطحاوية-.

- يقول الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدَّى إلينا هذا القرآنُ والسننُ: أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة " - الكفاية- .

- قال الإمام ابن تيمية رحمه الله : "واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة وهو أول الملوك، كان ملكه ملكا ورحمة " - الفتاوى-.

-وقال الإمام ابن حجر رحمه الله: "اتفق أهلُ السنة على أن الجميع عدول، ولم يُخالف في ذلك إلا شذوذٌ من المبتدعة " . - الإصابة -

- قال الإمام السرخسي رحمه الله : " الشريعة إنما بلغتنا بنقلهم فمن طعن فيهم فهو ملحد، منابذ للإسلام ، دواؤه السيف إن لم يتب " -أصول السرخسي-.

- قال القاضي عياض رحمه الله : "وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل ." - شرح النووي على صحيح مسلم-.

- قال الإمام النووي رحمه الله : " واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح." - شرح صحيح مسلم-.

- قال الإمام مالك رحمه الله : " إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك ، فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوء و لو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين
".

وفي رواية أبي عروة الزبيري رحمه الله : " كنا عند مالك فذكروا رجلاً ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ مالك هذه الآية : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } (الفتح:29) . قال مالك : من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب محمد عليه السلام فقد أصابته الآية ". - رواه أبو نعيم والخلال-.

قال الإمام مالك رحمه الله :" من شتم النبي صلى الله عليه وسلم قتل ، ومن شتم أصحابه أدّب ، وقال أيضا : من شتم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أبا بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو معاوية أو عمرو بن العاص فإن قال كانوا على ضلال وكفر قتل ، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس نكّل نكالا شديدا ." - الشفا- .

- وقد علَّق الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره على رواية مالك الثانية فقال : "لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردَّ على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين " .

- قال الإمام الشوكاني في تفسيره : " فمن لم يستغفر للصحابة على العموم ويطلب رضوان الله لهم فقد خالف ما أمره الله به في هذه الآية ، فإن وجد في قلبه غلاً لهم فقد أصابه نزغ من الشيطان وحل به نصيب وافر من عصيان الله بعداوة أوليائه وخير أمة نبيه صلى الله عليه وسلم وانفتح له باب من الخذلان يفد به على نار جهنم إن لم يتدارك نفسه باللجوء الى الله سبحانه ةالاستغاثة به ؛ بأن ينزع عن قلبه ما طرقه من الغل لخير القرون وأشرف هذه الأمة ، فإن جاوز ما يجده من الغل الى شتم أحد منهم ، فقد انقاد للشيطان بزمام ووقع في غضب الله وسخطه ، وهذا الداء العضال إنما يصاب به من ابتلي بمعلم من الرافضة أو صاحب من أعداء خير الأمة الذي تلاعب بهم الشيطان وزين لهم الأكاذيب المختلفة والأقاصيص المفتراة والخرافات الموضوعة ،وصرفهم عن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المنقولة إلينا بروايات الأئمة الأكابر في كل عصر من العصور ، فاشتروا الضلالة بالهدى ، واستبدلوا الربح الوافر بالخسران العظيم ، وما زال الشيطان الرجيم ينقلهم من منزلة الى منزلة ، ومن رتبة الى رتبة حتى صاروا أعداء كتاب الله وسنة رسوله وخير أمته وصالحي عباده وسائر المؤمنين ، وأهملوا فرائض الله وهجروا شعائر الدين ، وسعوا في كيد الإسلام وأهله كل السعي ورموا الدين وأهله بكل حجر ومدر ، والله من ورائهم محيط "

- قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم " .

- قال الإمام الشافعي رحمه الله :" أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والانجيل وسبق على لسان رسول الله صلىالله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم ،فرحمهم الله وهنأهم بما آتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين ، فهم أدوا لنا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا وعزما وارشادا وعرفوا من سننه ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر واستدرك به علم واستنبط به ، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم " - المناقب للبيهقي-.

- قال الإمام أبو نعيم رحمه الله :" فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم ، لا يبسط لسانه فيهم الا من سوء طويته في النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والمسلمين " - الإمامة-.

- قال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله : . " فمن سبهم أو واحد منهم فقد بارز الله بالمحاربة أهلكه وخذله ، ومن ثم قال العلماء : اذا ذكر الصحابة بسوء كاضافة عيب لهم وجب الامساك عن الخوض في ذلك بل ويجب انكاره باليد ثم باللسان ثم بالقلب على حسب الاستطاعة كسائر المنكرات بل هذا من أشرها وأقبحها ." - الزواجر-.

- قال الإمام بشر الحافي رحمه الله : " من شتم أصحاب رسول الله فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين ". - الناهية-

- قال الإمام البربهاري رحمه الله : " واعلم أنه من تناول أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم انما أراد محمدا صلى الله عليه وسلم وقد آذاه في قبره ..واذا رأيت الرجل يطعن على أحد من أصحاب رسول الله فاعلم أنه صاحب قول سوء وهوى " . - الناهية-

- قال الإمام المزني الشافعي رحمه الله : " ونخلص لكل رجل منهم من المحبة بقدر الذي أوجب لهم رسول الله ويقال بفضلهم . ويذكرون بمحاسن أفعالهم ونمسك عن الخوض فيما شجر بينهم ، فهم خيار أهل الأرض بعد نبيهم ارتضاهم الله عز وجل لنبيه وخلقهم أنصارا لدينه ، فهم ائمة الدين واعلام المسلمين فرحمة الله عليهم أجمعين " - شرح السنة-.

- قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله في رسالته : " ولا يذكر أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بأحسن الذكر ، والامساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس أن تلتمس لهم المخارج ، ويظن بهم أحسن المذاهب .. واتباع السلف الصالح ، واقتفاء آثارهم ، الاستغفار لهم " .

- قال الإمام علي القاري رحمه الله : " وأما من سب أحدا من الصحابة فهو فاسق و مبتدع بالاجماع ، الا اذا اعتقد انه مباح ، كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم ، أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم ، أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة في فصل خطابهم ؛ فانه كافر بالاجماع ولا يلتفت الا خلاف مخالفتهم في مقام النزاع "

فتب إلى الله يا أخي من هذه البدعة، فكل ما مضى يلزمك بالرجوع إلى الحق، فلا أنتَ أعلم من الله عز وجل ولا من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من الصحابة ولا من التابعين والأئمة المرضيين ونخاف عليك أن تكون ممن حق عليهم الوعيد، فالويل كل الويل لمن عادى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فأولئك أولياء الله وأحبابه.

والحمد لله رب العالمين.