[[الجَنَّة]] معرفة بأل في جميع القرآن تعني (*جنّة الخلد*) وقد وردت (52) مرّة ، ويدخل فيها ما جاء بصيغة المثنى {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ }الرحمن54 وما جاء بصيغة الجمع {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ }الشورى22، وفي هذا ردٌّ عمليٌّ على مَنْ أنكرَ أنّ الجنّة التي أُهبطَ منها آدم هي (جنّة الخلد)، "فإن قوله عز و جل أسكن أنت وزوجك الجنة إشارة بالألف واللام ولا يكون ذلك إلا على معهود ولا تنطلق الجنة هكذا إلا على جنة الخلد ولا ينطلق هذا الاسم على غيرها إلا بالإضافة"، قال تعالى: "{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ }البقرة35 وقال {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ }الأعراف19 وقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأعراف27 وقال تعالى: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى }طه117 {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى }طه121 وقال تعالى: {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ }الأعراف22 فالجنة التي كان يسكنها آدم هي جنّة الخلد، ومن أنكر ذلك بعد بياني هذا؛ فهو مخذول بلا أدنى شك، ومنهم من عدّ الجنة الواردة في قوله تعالى {وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} البقرة221 بأنّها بمعنى التوحيد، وهذا غلط منه بلا أدنى شك، فإنّ الله يدعو إلى (جنة الخلد) وذلك يكون بأشياء كثيرة أولها التوحيد، قال تعالى: {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25، وقال تعالى:{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }آل عمران133 وقال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الحديد21 في الشاهد الأول بيّن ما يدعو إليه، وفي الشاهدين الأخيرين دعا بالمغفرة والجنة، وبيّن صفة تلك الجنّة، وهذا تفسيرٌ للجنة في قوله {وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} البقرة221

أمّا مفردة [[جَنَّة]] فوردت في القرآن بمعنيين:
الأوّل: (*البستان، حديقة عظيمة*).
الثاني: (*جنة الخلد*).

والجنة من حيث الجنس واحدة، ولكنّها متعددة المنازل، متعددة الدرجات، بل فيها جنان متعددة؛ كما تدخل قصرا فتجده يحتوي قصورا، "فالجنة اسم شامل لجميع ما حوته من البساتين والمساكن والقصور وهي جنات كثيرة جدا" كما قال رسولنا العظيم : """" يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ ـ وفي رواية إنها جنان كثيرة ـ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى """"، "ولها عدة أسماء باعتبار صفاتها ومسماها واحد باعتبار الذات فهي مترادفة من هذا الوجه وتختلف باعتبار الصفات فهي متباينة من هذا الوجه وهكذا أسماء الرب سبحانه وتعالى وأسماء كتابه وأسماء رسله وأسماء اليوم الآخر وأسماء النار"، ومن أسمائها الواردة في القرآن الكريم: (جنة الخلد) (دار السلام) (دار المقامة) (جنّة المأوى) (جنات عدن) (دار الحيوان) (جنات الفردوس) (جنات النعيم) (المقام الأمين) (مقعد الصدق) (الدار الآخرة) (الجنة العالية) (دار القرار) و (عليّون)، فالأبرار من المؤمنين يشهدون ما تشهده الملائكة في عليين، {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ{18} وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ{19} كِتَابٌ مَّرْقُومٌ{20} يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ{21} إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} المطففين22

وقد يقول قائل: لماذا لم يُسمِّ القرآن الجنة (دار الخلد) مع أنّها دار خلد، كما قال {عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ }هود108 وكما قال {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ }ص54 وكما قال {لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ }الحجر48 ؟

فالجواب على ذلك من جهتين:
الأولى: أنّ الله سمّاها جنّة الخلد، وهذا يكفي للدلالة على الخلد .
الثانية: أنّ من أسماء النار في القرآن (دار الخلد)؛ فِمن كرامة الجنة لم يسمّها باسم للنار، قال تعالى: {ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }فصلت28 فعندما أراد وصف الخلد، لم يخرج عن وصفين بحق النار، الأول (دار الخلد) والثاني (عذاب الخلد) قال تعالى: {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }يونس52 وقال {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }السجدة14

ولكل واحد خاف مقامَ ربّه جنتان، "ولما كان الخائفون على نوعين مقربين وأصحاب يمين ذكر جنتي المقربين ثم ذكر جنتي أصحاب اليمين" قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }الرحمن46 "ومن دون الجنتين السابقتين جنتان أخريان" قال تعالى: {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} الرحمن 62 فـ"بدأ بوصف الجنتين الأوليين وجعلهما جزءا لمن خاف مقامه وهذا يدل على أنهما أعلى جزاء الخائف لمقامه فرتب الجزاء المذكور على الخوف ترتيب المسبب على سببه ولما كان الخائفون على نوعين مقربين وأصحاب يمين ذكر جنتي المقربين ثم ذكر جنتي أصحاب اليمين"، أمّا جنّتا المقربين فمن ذهب، وأمّا جنتا أصحاب اليمين فمن فضة، قال الرسول –صلّى الله عليه وسلّم- """"جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ""""، والجنة أُعدّتْ وخُلقتْ وسكنها آدم ثم أُهبط منها، قال تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }آل عمران133، والجنة باقية، لا تفنى ولا تبيد، وأهل الجنة عندما يدخلونها فهم إلى غير نهاية .

ملحوظة: المقالة أعلاه جزء من كتاب (معجم ألفاظ القرآن الكريم؛ لمؤلفه الفقير إلى عفو ربه حسين حسن طلافحة)، علما أنّه لن تظهر الهوامش في مقالات المعجم، وسيتم النشر تباعا، في صفحتي(1) –متى توفرت الدواعي- وأسأل الله تعالى أنْ ينتفع بها كل مسلم، وهذه رموز المعجم: [[------]] رمز المفردة، (*-----*) رمز معاني المفردة، [---] أسلوب من أساليب العربية أو قاعدة من قواعد علوم الآلة جميعا، "-" رمز قول عالم أو قول معتد به لما دون التابعين، ""----"" لصحابي أو تابعي، """----""" حديث في غير الصحيحين، """"----"""" حديث في الصحيحين أو في أحدهما أو متفق عليه .

(1) (منقول من صفحتي في الفيس بوك).