النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الرد العلمي علي شبهة عدنان ابراهيم بخصوص طول أبينا آدم

  1. افتراضي الرد العلمي علي شبهة عدنان ابراهيم بخصوص طول أبينا آدم

    باسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام علي أشرف الخلق سيدنا محمد
    زعم عدنان ابراهيم أن حديث البخاري عن طول أبينا آدم (60 ذراع) حديث غير علمي لكونه من وجهة نظره القاصرة مخالف لعلوم عصره التي تري استحالة وجود جسد بهذه الضخامة فلا تحمله العظام و لا تقوي الأعضاء علي خدمته (كالقلب و الرئتين), و لا وجدنا له حفريات تدل عليه, و أضاف الي ذلك استشكال ابنحجر علي حديث البخاري حيث استشهد بقري ثمود و التي تعتبر اقرب العهود الي آدم و مع ذلك تدل هيئتها علي أن أجساد أصحابها كأجسادنا لا ضخامة فيها.

    يكفي للرد علي عدنان أن يُقال أن للحديث تأويلين, أحدهما أن الطول بالفعل كان 60 ذراع علي الأرض ثم تم التناقص الي ما استقر عليه الطول في زمن النبي صلي الله عليه و سلم, و أقول أن هذا أمر خارج اطار الدراسة في الوقت الحالي, و هدمه بفرضية دون دليل علمي يقيني يصير أمر غير عقلاني, لأنه ربما لم يصل العلم في زماننا الي ما يؤهله لدراسة هذه المسألة. ودراسة هذه المسألة ليست قاصرة علي علوم الحفريات كما يتوهم البعض مثل عدنان ابراهيم , بل هناك ايضا الدراسات الجينية وتأثيرها علي الطول و الحجم وعلاقاتها الوثيقة بالعوامل البيئية, و هذا ما سنتناوله بمزيد من الشرح في هذه الدراسة العاجلة.

    و التأويل الثاني و هو قول العلامة اليماني رحمه الله تعالى : ( وقد يكون خلق ستين ذراعاً فلما أهبط إلى الأرض نقص من طوله دفعة واحدة ليناسب حال الأرض إلا أنه بقي أطول مما عليه الناس الآن بقليل ثم لم يزل ذلك القليل يتناقص في الجملة . والله أعلم ) عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني ، الأنوار الكاشفة ص187 .

    و مثل ما سأقيم الحجة العلمية علي الاحتمال الأول (الفهم الظاهري للحديث), فمن حق رأي الشيخ المعلمي ان نقيم له أيضا الحجة العلمية و الشرعية من باب الحياد العلمي, فنحن أمام قضية لا يمكن حسمها بسهولة, و كل ما يمكن فعله هو تقديم أدلة طرفي النزاع و يبقي الحكم لما يكشفه المستقبل من كشوفات علمية لا يمكن التكهن بها الآن.

    فيكفي جدا لاثبات وجود حجم مفرط في الأمم السابقة أو حتي في آدم أن نجد منظومة جينية و هرمونية و بيئية يمكنها ذلك أو تدل بطريقة ما علي ذلك, مثلما وجدنا في الحمض النووي ما يدل علي تناقص العمر و أنه من الممكن لدي العلماء الآن التحكم في الحمض النووي لاطالة العمر
    (Can the Human Lifespan Reach 1,000 Years -Some Experts Say "Yes),
    http://www.dailygalaxy.com/my_weblog...mans-live.html
    و تبقي الاجابة علي تحديد دقيق لطول آدم علي الأرض أمر مرهون بشاهد علمي يرجح بين الفهمين (60 ذراع) أو (نقص الطول علي الأرض و بقي أطول مما عليه الناس الآن و حدث أيضا نقصان في الطول)
    أقول مرة اخري الترجيح لا يكون الا بشاهد علمي, و الحمد لله النص به سعة لفهم كلا الأمرين كما فعل شيخنا المعلمي, جزاه الله عن هذا الفهم خير الجزاء (كما اسأله سبحانه ان يجزي أخي د. هشام عزمي ايضا خير الجزاء فهو أول من نبهني لقول المعلمي فحل لي به اشكال عظيم, فكان هذا من بركات دخولي علي هذا المنتدي الكريم, و ذلك في حواري معه منذ ما يقرب من خمس سنوات في موضوع هل حقا طول ابونا آدم ستون ذراعا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...BF%BF%BF%BF%BF).

    مناقشة الاحتمال الأول (الدراسات الجينية وتأثيرها علي الطول و الحجم, و هل يمكن أن تدل علي حجم آدم):

    الطول بالفعل يتأثر بالجينات و العوامل البيئية, و هذا هو ما نجده بالفعل علي موقع الويكيبيديا نجد المقال الآتي عن طول الانسان (Human height)
    https://en.wikipedia.org/wiki/Human_height

    فيقول المقال
    الطول تحدده عوامل جينية و هرمونية قابله للتغيير و احداث اختلافات عن المتوسط بالزيادة أو النقصان
    When populations share genetic background and environmental factors, average height is frequently characteristic within the group. Exceptional height variation (around 20% deviation from average) within such a population is sometimes due to gigantism or dwarfism, which are medical conditions caused by specific genes or endocrine abnormalities.[1]
    ثم يربط العوامل الجينية و الهرمونية بالعوامل البيئية فيقول
    Height, like otherphenotypic traits, is determined by a combination ofgenetics andenvironmental factors.

    In regions of extreme poverty or prolonged warfare, environmental factors like chronic malnutrition during childhood or adolescence may account for delayed growth and/or (in severe cases) marked reductions in adult stature even without the presence of any of these medical conditions.

    ثم يحدد أهمية العامل الجيني فيقول
    Genetics is a major factor in determining the height of individuals, though it is far less influential in regard to populations.

    ثم يعطينا المقال فكرة هامة عما نريد اثباته و هو أن هذه المنظومة معقدة جدا بدرجة تجعلنا نقول اننا حتي الآن لا نفهم كيف يمكن التحكم في الطوا و الحجم, فيقول المقال
    The precise relationship between genetics and environment is complex and uncertain. Differences in human height is 60%–80% heritable, according to several twin studies[10] and has been considered polygenic since theMendelian-biometrician debate a hundred years ago.

    و حتي الآن لم يتم اكتشاف الا جين واحد للطول (فهل يتغير ذلك قريبا)
    The only gene known to have an influence on human height is HMGA2. People who carry two copies of the "tall" allele of the HMGA2 gene are up to 1 cm taller than those who carry two copies of the "short" allele.[11] A genome-wide association (GWA) study of more than 180,000 individuals has identified hundreds of genetic variants in at least 180 loci associated with adult human height.[12]

    نعم ممكن ان يتغير ذلك قريبا حيث يقول مكتشفوا الجين السابق في المقال الآتي
    Scientists have discovered the first gene that influences a person's height.
    http://news.bbc.co.uk/2/hi/health/6975865.stm

    يقول ما نصه
    This is just the first of many that will be found, possibly as many as several hundred

    و بالفعل تم الكشف عن منظومة جينية كاملة تتحكم في الطول, بعضها اذا نشط يتسبب في الطول و البعض الآخر اذا نشط يتسبب في القصر, ومازلنا في انتظار ما هو أعجب.
    The genes associated with human height development

    http://browse.feedreader.com/c/The_Q..._Size/80951165
    و يقول المقال
    Target genes for height increase are as follows, for KO genes supplements or activities that inhibit these genes will increase height. For OE genes supplements or activities that upregulate these genes will increase height. For biphasic genes both overexpression and knockout decrease height.

    و هذه دراسة فريدة تكشف عن عدد ضخم من الجينات التي تتحكم في الطول من خلا آليات متعددة و يتوقع أصحابها استخدام النتائج في علاج الأمراض, و من يدري لعل هناك من يحاول استخدامها في زيادة حجم البشر
    The lowdown on height genes
    New study begins to uncover the skeletal basis of variation in height
    http://www.sanger.ac.uk/about/press/2009/090403.html

    و قد تم تحليل الدراسة السابقة في الكتاب الآتي بشكل موسع لمن أراد الرجوع اليه
    Search for Genetic Variants
    Influencing Human Height
    http://www.doria.fi/bitstream/handle...pdf?sequence=1

    و هذه دراسة حديثة للعام 2013 علي نيتشر تشير الي اكتشاف المزيد من جينات الطول كجزء بسيط من حل لغز الطول
    Genome-wide meta-analysis identifies 11 new loci for anthropometric traits and provides insights into genetic architecture
    http://www.nature.com/ng/journal/v45...l/ng.2606.html

    و هذا كتاب يتنبأ بالقدرات العلمية المستقبلية علي امكانية زيادة حجم الانسان و طوله من خلال الجينات, و الكتاب بعنوان (حجم الانسان و قوانين التحجيم)
    Human Body Size and the Laws of Scaling: Physiological, Performance, Growth, Longevity and Ecological Ramification
    http://books.google.com.eg/books?id=...20size&f=false

    و قد بدأت بالفعل محاولات زيادة الطول
    Increase Height And Grow Taller Through DNA Manipulation And Gene Therapy
    http://www.naturalheightgrowth.com/2...-gene-therapy/

    و المقال الآتي يتنبأ بقدرة العلم علي حل لغز تطور الطول بعد الكشف عن حوالي 50 جين من منظومة جينات الطول, و يشرح الصعوبات التي تواجه العلم في الكشف عن كامل المنظومة و فهمها مقرا بأنه لم يحدث كشف كامل لجينات الطول.

    Genetics of human height
    http://www.broadinstitute.org/~elian...ght_review.pdf

    About 50 genes and regions of the genome have been
    associated with height to date. These begin to explain the biological basis of height, its links
    to disease and aid our understanding of the evolution of human height

    اذا بدأ السباق لزيادة حجم الإنسان و من يدري كيف ينتهي, و لا مفر من طرح السؤال الحتمي الذي يفرض نفسه الآن و يرد أبلغ رد علي عدنان إبراهيم في نفيه لإمكانية ضخامة جسد آدم, هل يمكن معرفة القدرات القصوي للحمض النووي علي تضخيم حجم الإنسان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    هل يمكن اكتشاف نشاط جيني معين يؤدي إلي تضخيم الجسد عدة مرات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    بالنسبة لأبحاث إطالة عمر الانسان بدأ العلم يتكلم عن امكانية اطالة العمر لألف سنة
    فهل يمكن للعلم مستقبلا ان يتكلم عن زيادة الحجم للضعف أو عدة أضعاف حسب قدرة الحمض النووي؟؟؟؟؟؟

    أعتقد أن ما سبق يكفي للاشارة الي أن هناك في الأفق اكتشافات علي مستوي الطول ستقلب موازين العلم رأسا علي عقب, و من يدري لعلنا نسمع قريبا عن مقال بعنوان (الجينات و طول آدم: تاريخ البشرية من العملقة الي القصر)

    اذا نفي ضخامة الأجساد في الأزمان القديمة علميا لا يمكن اثباته في الوقت الحالي لقصور أدوات العلم وعجزه عن ذلك فهو حتي الآن لم يفهم طريقة عمل الجينوم وكيفية بناء الجسم و كيفية زيادة الحجم و الطول مع تقدم العمر و لماذا يتوقف حجم الكائنات عند حجم معين و الأعقد من ذلك أن يحكم أن الجينات قد حدث بها تغير معين أدي الي نقصان الطول, و أننا لو اكتشفنا هذا التغير فربما استطعنا الوصول بالجسد الي أحجام اكبر كما نحاول الوصول به الآن علي مستوي اطالة العمر.

    و لدينا أمثلة علي ذلك منها التاريخية و منها الحية الماثلة أمامنا الآن. و الأمثلة الحية الآن تتمثل في مرض العملقة (زيادة هرمون النمو) و هي ظاهرة تدل علي امكانية تضخيم الجسد البشري و لكن تضخيم من منظور عامل مؤثر واحد فيتبعه حدوث امراض , و ربما لو اكتشفنا كل العوامل المؤثرة في تضخيم الجسد مع الحفاظ علي الصحة لأمكننا الوصول الي حجم أضخم بكثير من الآن كم سأبين بعد قليل, و طالما أمكن هذا حديثا فانه لا يمتنع الحدوث قديما.

    و الرابط الآتي يقدم تاريخ طوال القامة قديما و حديثا, بما يجعلها ظاهرة لا يمكن إنكارها, و لابد من بحثها للوقوف علي سبب حدوثها و هل من الممكن حدوث اكتشافات تفسر و جودها في الأسلاف وطرقة توريثها لبعض الأحفاد (نزعه عرق), أو إحداثها علميا في الذرية للحصول علي بشر أطول و أضخم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    https://en.wikipedia.org/wiki/List_o...varied_nations

    أما الأمثلة التاريخية فأولها طالوت الذي تميز علي قومه بالبصطة في الجسم مع القوة بطريقة ملفتة للنظر مع زيادة في العلم (إذا هي طبيعة غير مرضية), فمن أين حصل علي ذلك اللهم إلا إذا كان قد حصل علي جينة زيادة الحجم من أسلاف سابقين (نزعه عرق) أو حدث عنده زيادة في هرمون النمو, و المثال الثاني هو قوم عاد, و هذه المرة أقدم مثال صارخ لأمة بأكملها تميزت بالبصطة في الجسم بين أمم سابقة و أمم لاحقة فكيف استطاعوا أجمعين الوصول الي هذه البصطة هل الأمر حدث دون تدخل منهم (بدون علم) أم أنهم اكتشفوا سر ما أوصلهم الي ذلك, فمعلوم أنهم كانوا يسعون الي الخلد (و تتخذون مصانع لعلكم تخلدون) و كانت لهم بصطة جسد و تجبر في الأرض, فهل يمكن القول بأن لهم أبحاث أوصلتهم الي ذلك, هل هذا وجه شبه مع عاد الثانية الآن, فالغرب الآن لا يمل من البحث عن جينات إطالة العمر و زيادة حجم و طول الجسد و قوته, فهل تنجح عاد الثانية كما نجحت عاد الأولي , أسئلة كثيرة لا يمكن وضع إجابة لها الآن في ظل القصور العلمي الحالي.

    و لكن هناك إشارات علمية علي أن هذا قابل للحدوث بالفعل, ففي مقال علمي علي الرابط الآتي
    http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/arti...jm17600206.pdf

    بعنوان (الطول, الحجم و طول العمر, الأقل أفضل للجسد البشري)
    Height, body size, and longevity: is smaller better for the human body?

    نجد الكاتب ينطق بما قلته أنا من احتمال زيادة الطول و الحجم من خلال الجينات, فيقول ما نصه

    With advances in genetic engineering, parents will be able to control the heights of their children, and these heights are likely to increase with each new generation.

    ثم يقيم الباحث مقارنة بين علاقة الصحة بالطول و الحجم , و يخلص الي أن الأقل أفضل للجسد البشري.
    فيقول ما نصه
    Indeed, greater height and associated lean body mass are viewed positively by the medical profession and society. This bias is based on a few studies and our cultural values but ignores extensive data that indicate that shorter stature is healthier.

    بالطبع نتيجة المقال السابق مطعون عليها علميا و بسهولة شديدة, لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    لأن المحاولات العلمية لزيادة الطول تتم دون فهم كامل لمنظومة الجينات التي تعمل علي تضخيم الجسد بطريقة متناظرة أو متماثلة بحيث تزداد كل العضاء بنفس النسب بحيث لا تختل وظائف الجسد, مع الحفاظ علي الصحة و العمر, و لذا التلاعب بأحدها دون معرفة تأثير الباقي حتما يؤدي الي مشاكل طبية كبيرة و هذه هي التي تناولها المقال السابق.
    و لكن اذا تم اكتشاف كامل المنظومة قد يؤدي ذلك الي طفرة غير مسبوقة في أحجام و أعمار البشرية كما حدث لقوم عاد, فطالما كانت هناك عاد أولي فلا مانع من الثانية و بنفس المواصفات (بصطة في الجسم – تجبر في البطش), و كلنا يعلم السعار العلمي في هذه القضية في الغرب الآن و خصوصا في أمريكا, ليس فقط علي المستوي العلمي بل أيضا علي مستوي أفلام الكرتون و أفلام الكبار التي تكثر من الحديث عن أبحاث التضخم و القوة و طول العمر.
    و كما أصبحت وراثة قوانين مندل أمر بسيط بعد اكتشاف الوراثة اللاجينية (Epigenetic inheritance) التي قلبت موازين علوم الهندسة الوراثية في العصر الحديث (العشر سنوتن الأخيرة) رأسا علي عقب مع اعترف العلماء أنهم في أولي خطواتهم في هذا المضمار, فلا ندري ماذا يكون غدا من اكتشافات جينية و لاجينية قد تقلب منظومة الطول و الحجم و العمر رأسا علي عقب.

    و بالتالي فحكم عدنان ابراهيم هو حكم ساقط غير مبني علي دراسات علمية و كونه لا يعلم كيف يستطيع جسد ضخم أن يعيش علي الأرض, فهذا غير كافي لهدم النظرية لأن هناك أبعاد كثيرة لا يمكن ادراكها بمنظار العلم الحالي و هو منظار ضيق يجهل أكثر مما يعلم (و ما أوتيتم من العلم الا قليلا).

    مناقشة الاحتمال الثاني (نقص من طوله دفعة واحدة ليناسب حال الأرض إلا أنه بقي أطول مما عليه الناس الآن)

    و في الواقع لا يمكن بحال اهمال هذا الاحتمال فلربما اكتشف العلم يقينا أن طول الانسان القديم كان بالفعل أكبر من الحالي و لكن ربما قال بعدة اضعاف لا تصل ابدا الي مقدار ال 60 ذراع, فربما جذم مثلا بأنه 20 فقط, لذا لا ينبغي اهمال هذا القول و خصوصا أن له و جاهته و له ما يؤيده شرعا

    يقول العلامة اليماني رحمه الله تعالى : ( وقد يكون خلق ستين ذراعاً فلما أهبط إلى الأرض نقص من طوله دفعة واحدة ليناسب حال الأرض إلا أنه بقي أطول مما عليه الناس الآن بقليل ثم لم يزل ذلك القليل يتناقص في الجملة . والله أعلم ) عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني ، الأنوار الكاشفة ص187 .

    و مثل ما أقمنا الحجة العلمية و الشرعية علي الاحتمال الأول (الفهم الظاهري للحديث), فمن حق رأي الشيخ المعلمي ان نقيم له أيضا الحجة العلمية و الشرعية من باب الحياد العلمي, فنحن أمام قضية لا يمكن حسمها بسهولة, و كل ما يمكن فعله هو تقديم أدلة طرفي النزاع و يبقي الحكم لما يكشفه المستقبل من كشوفات علمية لا يمكن التكهن بها الآن.

    1. لا مانع عقلا ان يكون الله انزل آدم الي الأرض بحجم اكبر مما اعتدنا ليكون له من القوة ما يمكنه من جلب النفع و دفع الأذي عن نفسه, و قد نزل الي الأرض بلا ذرية, و سكن أرض بها ما الله به عليم من كائنات حية, فكان الحجم عامل مهم, مع استحضار حفظ الله له.
    2. لا مانع شرعي أو علمي من ذلك, فوجود بعض من ذريته قديما و حديثا من تميز بالبصطة في الجسد, كطالوت و كقوم عاد, و كل ضخام الجسد الذين تم تسجيلهم في التاريخ الحديث و الذين تزيد قامة الواحد فيهم عن مترين و نصف و قد تقترب الي ثلاثة. و من يعلم فقد يكون هناك من تجاوز ذلك بكثير, فنحن لا نعلم ما هو مقدار البصطة التي كانت لبعض ذريته.

    و لما كانت الذرية صورة من الآباء فلا يمكن أن يظهر في الأبناء ما لم يكن مقدرا اصلا في الآباء

    و شرح هذه العبارة لاثبات احتمالية أن يكون آدم بدأ علي الأرض بحجم أكبر من البشر الحاليين هو كالآتي:

    خلق الله آدم على صفات شكلية معينة بالتشكيل من الطين بيديه كما قال تعالى {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ }ص75.
    اذا فآدم لا أب له و لا أم حملته فى بطنها و لا تنقل فى النشأة أطوارا كبنيه, و لكن خلقه الله على صفة معلومة بدون حاجة الى جينات تعمل على تصنيع بروتينات جسده الشريف أو تحديد صفاته الشكلية.

    أما اذا تكلمنا عن صفات بنى آدم الشكلية فالأمر يختلف, لأن الابن لا يخلق الا فى الأرحام و ذلك من مجموع الجينات التى انتقلت اليه من أبيه و أمه عبر النطفة الأمشاج, أى أن الجينات هى التى تحدد الصفات الشكلية للجنين الانسانى فى الرحم و ذلك خلال رحلته من طور العلقة الى طور المضغة و هكذا حتى يخرج الى الدنيا طفلا رضيعا تتغير هيئته الشكلية بمرور الوقت حتى يصل الى الشيخوخة, وهو فى كل أحواله محكوم بعدد معين من الصفات الجينية التى تعطى صفاته الشكلية المعينة فى كل مرحلة من مراحل حياته (و بمعنى آخر تعدل شكله من وقت الى آخر).

    اذا فالكلام عن خلق آدم يختلف عن الكلام عن خلق بنيه, مع ملاحظة أن الخلقين غير منفصلين كما قد يتوهم البعض (كيف هذا؟).

    لأن الله وضع فى خلق آدم و حواء معجزة فريدة و سنة كونية لخلق الذرية ألا و هى الأعضاء الجنسية المسؤولة عن انتاج الأمشاج فى الخصية و المبيض كما خلق فى حواء الرحم المخصص لاستقبال النطفة الأمشاج (الزيجوت) حيث يتم خلق أعضاء الجنين و نفخ الروح فيه و التعديل فى الشكل حتى الوصول الى الشكل النهائى للجنين و الخروج الى الحياة الدنيا. و ان شاء الله فى الأبحاث القادمة سوف نرى دقة و اعجاز القرآن و السنة فى وصف خلق الذرية فى صلب آدم من قبل خلق حواء, ثم فى و صف خلق الذرية من حواء قبل الزواج من آدم.

    و لما كان الخلقين (خلق آدم و خلق بنيه) غبر منفصلين, وجدنا أن الربط بين خلق الانسان الأول آدم من الطين لا ينفصل عن خلق بنيه من الأمشاج فى القرآن كما هو فى الآيات التالية:
    {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ}الزمر6
    (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ) 7, 8 السجدة.
    {وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }فاطر11
    {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً }الكهف37
    {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ }الروم20
    {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً }غافر67
    { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } النجم32
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء }النساء1
    {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }الأعراف189

    و بناء على فهم عدم الانفصال بين خلق آدم و و خلق ذريته, فان صفات آدم لابد و أن تنتقل الي أبناءه مع حدوث تحسين وراثي في الأمشاج, و لما كانت صفة الطول تحكمها الجينات فحتما يرثها الأبناء بصفات متفاوتة.
    فلو افترضنا أن آدم كان قصير فلا يمكن لبنيه أن يخرجوا طوال القامة في بعض الأحيان, كما لو قلنا في لون البشرة لماذا ليس في بنيه اللون الأخضر أو الأزرق مثلا, فنقول لأن لون الأبناء هو من مجموع لوني آدم و حواء, فلما غابت عنهما صفة اللون الأخضر و الأزرق, غابت أيضا في الأبناء.
    بنفس القياس لما ظهر لبعض بنيه طول مفرط, كتن حتما لآدم طول مفرط, عن بنيه.
    و حتما خرج البعض طويل كأبيه آدم, و حتي لو اختفت صفة الطول في بعض الأجيال فانها حتما ترجع في البعض الآخر لوجود قوانين وراثية تعمل علي اظهار صفات الأجداد من وقت لآخر, و هذا ما قد يفسر لنا ظهور بعض طوال القامة من وقت لآخر, فبالرغم من حدوث نقصان الطول الا أن ظهورها من وقت للآخر لا يمتنع علما و لا شرعا.
    قال تعالي (الذى خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ركبك) 8 الانفطار, و يفسر الآية حديث النبي (إذا أراد الله جل ذكره أن يخلق النسمة فجامع الرجل المرأة طار ماؤه في كل عرق وعصب منها فإذا كان يوم السابع أحضر الله عز وجل له كل عرق بينه وبين آدم ثم قرأ : ( في أي صورة ما شاء ركبك) رواه الطبرانى فى المعجم الكبير و صححه الألبانى فى السلسلة الصحيحة.
    و الحديث يدل علي أن الصفات الوراثية للذرية ليست بمعزل عما كان عليه أبينا آدم, فما ظهر من تنوع في صفات بنيه لا يخرج عما كان عليه هو و حواء, فلما ظهر طوال القامة علي مدار التاريخ, علمنا يقينا أن آدم كانت له صفة الطول التي ورثتها الذرية.
    و يؤكد علي هذا المعني حديث النبي للأعرابي الذى جاء يسأله عن لون ابنه فقال (يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود, فقال هل لك من إبل؟ قال نعم قال ( ما ألوانها ) . قال حمر قال ( هل فيها من أورق ) . قال نعم قال ( فأنى كان ذلك ) . قال أراه عرق نزعه قال ( فلعل ابنك هذا نزعه عرق), صحيح البخارى.
    و هذا الحديث يظهر أن ما يحدث فى الأبناء من تغير فى الصفات الوراثية ليس بمعزل عن الأباء و الأجداد بل لا ينفك عن آدم نفسه كما قال صلى الله عليه و سلم فى الحديث السابق.

    خلاصة القول في الترجيح بين التأويلين:

    اذا نحن الآن أمام تأويلين و نحتاج الي ترجيح
    اذا أخذنا بالأول (60 ذراع) اصطدمنا بالعلم الحالي
    و اذا أخذنا بالثاني (نقص الطول علي الأرض) رفعنا الاشكال و لم يحدث صدام و تسقط شبهة عدنان

    مع أخذنا في الاعتبار أن التأويل الأول لم يسقط بالكلية و لكن ينتظر ظهور دليل عملي أو علمي لكي يخرج الي حيز التنفيذ و كما بينت فله وجاهته العلمية التي لا يمكن اسقاطها أبدا, قد يعترض البعض علي هذا المنهج الذي أعتبره عملي من وجهة نظري, فأقول أن هناك سوابق لذلك مع سلفنا الصالح و سأضرب لذلك مثال حي من كتب التفاسير.
    في تفسير الطبري لقوله تعالي (و البحر المسجور), وجد الطبري امامه قولين معتبرين لمن سبقوه في التفسير و القولين من وحي اللسان العربي
    الأول هو الممتلئ (امتلأ بالماء)
    و الثاني اشتعاله نارا
    و تحير الطبري اذا أخذ بالقول الثاني خالف علم زمانه , و اذا أخذ بالثاني يشعر بأنه لم يقدم جديد في وصف البحر لأن الكل يعلم أنه ممتلئ الا اذا كان ذلك من قبيل عد نعم الله علي البشر فيكون تفسير مقبول.
    فماذا فعل الطبري لحل هذا الاشكال
    اخذ بالقول الأول (ممتلئ), و سجل القول الثاني للتاريخ, حتي لا يسقط ما قد يثبت مستقبلا

    و هذا الفعل لمن أحسن ما وجدت من مناهج تأويل الآيات التي قد تصطدم بالواقع

    فلما تطور العلم و تم الكشف عن نار في قيعان البحار, و لا يستطيع الماء أن يطفأها علي كثرته, تبين لنا أهمية المعني الثاني من تفسير الطبري (مشتعل نارا), فجمعنا بينه و بين المعني الأول.

    و لذا فمن وجهة نظري القاصرة سأتبع منهج سلفنا الصالح اذا تعارض العلم الدنيوي مع النص الشرعي لحديث طول آدم 60 ذراع, فأقول بقول المعلمي بتأويل الحديث, مع بقاء احتمال أن يكون آدم نزل الي الأرض بطول 60 ذراع, و لكن في حاجة الي اثبات عملي أو علمي قد يظهر مستقبلا, و في الأفق ألمح بوادره كما سبق و بينت.

    هذا و ما كان من توفيق فمن الله وحده, و ما كان من خطأ أو سهي أو نسيان فمني وحدي و الله و رسوله منه براء.
    و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
    التعديل الأخير تم 07-07-2013 الساعة 07:02 PM

  2. افتراضي

    جزي الله الإدارة خير الجزاء علي اعادة رفع هذا الموضوع
    أسأل الله أن يجعل فيه النفع لكل من أصابته هذه الشبهة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رد خاص الى المدعو ابن سلامة في ( عدنان ابراهيم يرد على عدنان ابراهيم)
    بواسطة عمر العمر في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-01-2014, 11:23 PM
  2. خبر: عدنان ابراهيم يرد على عدنان ابراهيم !! الحق واحد لا يتعدد .
    بواسطة أبو عثمان في المنتدى خنفشاريات
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 03-01-2014, 03:23 PM
  3. (شبهة) الرد على شبهة تعدي ابراهيم عليه السلام على الاديان
    بواسطة 22hammam في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-28-2013, 07:26 PM
  4. عدنان ابراهيم نحو الانحلال
    بواسطة أبو يحيى الموحد في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-24-2012, 12:24 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء