النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حبشة زرء يعقوب

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي حبشة زرء يعقوب

    خرج الآلاف من كافة أنحاء المدينة .. تحلقوا حول تلك الفتاه السوداء ذات الكفن الأبيض والجالسة تبكي على سرير مرفوع بواسطة عشرة رجال أشداء .. يبكون بدورهم في قهر ..

    اسمها (فاطمة) هذه المرة .. أبوها رفض الخروج من منزله وراح يبكي طوال الوقت مع زوجته .. ابنه الأكبر رحل بسبب طغيان مشاعر العار عليه..

    كانت المدينة كلها تشعر بالقهر والعجز .. الفتاة الجالسة مُكفنة فوق السرير المرفوع تنظر لهم في استجداء .. أرجوكم انقذوني من هذا المصير البشع ..

    ان (فاطمة) كانت تُحافظ على الصلاة ، وهي حافظة للقرآن وتلقت الكثير من علوم الدين برغم صغر سنها ..

    لكن (زرء) اختارها لنفسه هي بالذات !

    تقدم الموكب حتى وصل الى مندوب ملك الحبشة .. كان المندوب يرتدي رداء الرهبان ومحاط بمجموعة شرسة من الفرسان الحاملين لراية الصليب .. قام الرجال بانزال (فاطمة) على الأرض وهي تتمسك بهم وتبكي في قهر .. حاولوا اخفاء عيونهم عنها .. أمسك بها جنود الجيش في حين ابتسم الراهب مندوب الملك في سخرية قائلاً لهم :

    - خيراً فعلتم يا كفار .. ان الملك (زرء) قد اختار هذه الفتاة لنفسه ولم يكن ليقبل بأي تأخير هذا العام بالذات ..

    رفع الفرسان الفتاة فوق خيولهم ورحلوا مخلفين غباراً كثيراً ..

    وعاراً أكبر ..

    ***

    كان الملك (زرء يعقوب) ملك الحبشة راكعاً في خشوع أمام الصليب حين دخل عليه نائبه يبلغه بوصول فاطمة .. أشار اليه بأن يدخلها عليه في المحراب فدفعوا بالفتاة المنهارة اليه ..

    دخلت وهي تنظر حول نفسها في ارتياع .. الشموع .. الجو المقبض الجامع بين الظلمة واللون الأحمر .. البخور الزيتي الخانق .. عشرات بل مئات الصلبان المعلقة في كل مكان .. تمثال يجسد المسيح معذباً في قلب المكان يقف أمامه رجل ملتح مخيف الهيئة ضخم الجثة يرتدي صليباً ذهبياً كبيراً على صدره .. كان ينظر لها هي بالذات ..

    بنبرة متعالية آمرة قال لها :
    - اقتربي يا خادمة يسوع واسجدي لربك !

    برغم ارتياعها الشديد قالت في عصبية :
    - ربي الله ونبيي محمد ..

    ابتسم (زرء يعقوب) ساخراً واقترب منها وهو يقول :
    - بل منذ الآن ربك المسيح وانت عبدته المطيعة .. نبيك وربك ودينك مجرد أوهام عشتيها في حياة ماضية .. ألم ترتدي الكفن وتُخلقي من جديد؟

    تراجعت الفتاة الصغيرة في رعب أمامه وهي ترفع يدها أمام وجهها قائلة وصوتها يرتجف :
    - بل ربي الله ونبيي محمد ..

    صرخ (زرء يعقوب) في غضب مفاجئ وهو يهجم عليها:
    - بل ربك المسيح أيتها الكافرة ..

    أحكم قبضته القاسية عليها وهي تحاول التملص منه صارخة وباكية .. لكنها بدت كالفرخ بين يدي وحش هائل مخيف ..

    في النهاية سقطت مستسلمة بعدما خارت قواها .. فمزق كفنها قائلاً في حزم وهو يفك ازاره :
    - الآن تتعمدي !

    ***

    بعد نصف ساعة خرج (زرء يعقوب) من المحراب .. أشار الى أحد حراسه بأن ينقل الفتاة الى اخواتها في الكاتدرائية ..

    مال أحد الحراس الجدد هامساً لزميله :
    - أنا لم أفهم أي شئ .. الفتاة مسلمة وستذهب للكاتدرائية ؟

    قال له زميله وهو يبتسم في فخر :
    - انها حكاية طويلة .. لكنها باختصار شديد : الملك زرء يعقوب بعدما انتصر على مسلمي الحبشة أمر أحد كبار مدنهم باخراج فتاة مسلمة عذراء سنوياً كي يغتصبها تنكيلاً بهم وينصرها فتنضم للكنيسة .. وهو يختار دائماً الفتيات المتمسكات باسلامهن كي يُزيد من جرعة التحدي !

    تساءل الحارس المندهش :
    - وهل قبل المسلمون هذه الاهانة ؟ كيف يقبلون هذا ؟

    قال له زميله وهو يهز رأسه :
    - لقد هددهم الملك بابادتهم وتخريب بلادهم ان لم يفعلوا .. ففضلوا الحياة الدنيا ووازنوا بين المصلحة التي تقتضي ابقاء مئات الآلاف من المسلمين على قيد الحياة مقابل مفسدة صغرى بتسليم هذه الفتاة .. ووجدوا أن العقل والحكمة يقتضيان تسليمها !

    هتف الحارس الجديد مُستنكراً :
    - ماذا ؟ أي لعنة ؟ أي حماقة ؟ ماذا يبقى لهم من دين ورجولة ومروءة ان فعلوا ذلك ؟

    ساخراً أشار زميله الى الفتاة التي يشدها الحراس وهي عارية تحاول لملمة بقايا الكفن الأبيض الذي تلوث بدماء عذريتها المسفوحة :
    - أترى هذا الكفن ؟ هكذا أراح المسلمون أنفسهم من تعذيب الضمير ! انهم يُكفنون الفتاة ويعتبرونها قد ماتت بمجرد تسليمها ! يتحايلون على ربهم وضميرهم ! هكذا هو الأمر منذ سنوات طويلة ..

    تابع الحارس الجديد الفتاة في تعجب ثم قال مندهشاً :
    - وهل لدى مثل هؤلاء الذين سلموها أي ضمير ؟

    ***

    (رسول من ملك الحبشة زرء يعقوب يا مولاي)

    اعتدل السلطان المملوكي (الظاهر جقمق) في عرشه وأمر بادخال الرسول ..

    دخل الحبشي الراهب وهو يُمسك برسالة في يده سلمها للسلطان الذي فضها فوجد فيها نبرة غريبة متعالية .. لم يُكمل السلطان الرسالة قبل أن يطلب من الرسول تركه وحيداً مع وزراءه ..

    بمجرد خروج الرسول التفت السلطان الى مماليكه هاتفاً في ضيق شديد وهو يطيح بالرسالة في الهواء الى أقرب الوزراء :
    - استمعوا الى رسالة هذا اللعين ..

    راح الوزير يقرأ الرسالة بصوت عال :
    - من صاحب العزة "زرء يعقوب" المكنى "قسطنطين" ، من نسل أرعد ، من بنى سليمان بن داوود عليه السلام ، ملك سلاطين الحبشة ، و صاحب النواب بالمملكة النجاشية ، إلى الإمام الشريف العالى الأوحدى السلطان الملكى "الظاهر جمقق" ، سلطان المسلمين و الإسلام بمصر و الشام.....

    قصدنا تجديد ما سبق من العهود من الملوك المتقدمين ببلادنا و بلادكم ، ليكون ذلك العهد مستمراً بلا انحراف ، و الإتفاق بيننا و بينكم بلا خلاف ، و أنتم عارفون بما يلزم الراعى من نظر فى حال رعيّته ، و أنتم تعلمون أن الرب يطالب الراعى بذلك ، و أبونا البطريرك و أخوتنا النصارى الذين هم تحت عز سلطانكم و مملكتكم الشريفة نفر قليل جداً ، ضعفاء الحال مساكين فى كل الجهات ، و لا يمكن أن يكونوا قدر قيراط من المسلمين القاطنين بإقليم واحد من بلادنا ..

    توقف الوزير عن القراءة واتسعت عيناه وهو يقرأ الباقي صامتاً في ذهول ، فهتف فيه (جقمق) بأن يُكمل ولا يخاف ..

    أكمل الوزير القراءة :
    و أنتم حفظكم الله ليس يخفى عليكم ما فى بلادنا الواسعة من المسلمين تحت حكمنا ، و نحن لهم و لملوكهم مالكون ، و لم نزل نحسن إليهم فى كل وقت و حين ، و ملوكهم عندنا بالتيجان الذهب راكبون الخيول المسومة , و ليس يخفى عليكم و لا على سلطانكم أن بحر النيل ينجرّ إليكم من بلادنا ، و لنا الإستطاعة على أن نمنع عنكم ما يروى بلادكم ، و لا يمنعنا من ذلك إلا تقوى الله و المشقة على عباد الله ، و قد عرضنا على مسامعكم ما ينبغى إعلامه ، فاعلموا أنتم بما يلزمكم ، و بما يلقى الله فى قلوبكم ، فلم يبق لكم عذر تبدونه بعد الآن.

    انهي الوزير الرسالة بينما أحد المماليك يهتف مندهشاً :
    - ما كل هذه الوقاحة ؟ انه يهددنا بأننا ان لم نُمكن نصارى مصر الأقلية من التحكم فيها بأن يُعاقب مسلمي بلده الذين هم أضعاف أضعاف ما في بلادنا ! بل ويهددنا بمنع مياه النيل عن مصر ان لم نخضع له !

    قال (يحيي بن أحمد) وهو أحد حُكماء البلاط في ضيق :
    - ان ملوك الحبشة النصارى لا يملكون سوى ذلك التهديد المرعب كل مرة .. بل وهناك ما يشبه اليقين بأن كثير من المجاعات الضخمة التي حدثت لنا بسبب نقص مياه النيل لعدة سنوات كان بسبب هؤلاء الملاعين وتحكمهم في مياه النيل كي يُباد المُسلمين !

    تراجع السلطان (جقمق) في مقعده مبهوتاً وقد خفت الكثير من غضبه :
    - هل تقصد بأن هذا التهديد بوسعهم فعله بالفعل ؟ بوسعهم ابادة المسلمين هناك وقطع مياه النيل عنا ؟

    هز الشيخ الحكيم رأسه بلا رد فازدادت حيرة السلطان (جقمق) وأطرق مُفكراً ..

    هتف قائد جيشه غاضباً :
    - يا مولاي .. ان الله راعينا ومولانا ومولى المسلمين .. مثل هذه الرسالة الحقيرة لا يُرد عليها الا بقطع رقبة حاملها وتسيير جيش ضخم الى هناك لتأديب هذا الصليبي الحقير ..

    رفع السلطان رأسه وقد عقد حاجبيه في ضيق وغيظ قائلاً :
    - متسرع ولا تملك أي حكمه كالمعتاد .. ان الرجل يملك رقاب آلاف المسلمين وأي قرار بالعنف سيعود بالهول على مسلمي بلده .. فكيف بالله عليك لا نمتلك الحكمة لمعالجة أمر كهذا؟؟

    رد عليه قائد الجيش :
    - يا مولاي مثل هذا الرجل لا أشك لحظة في أنه يذيق أهل بلده المسلمين صنوف العذاب بالفعل دون أن ينتظر أي رد منا .. لكن اسألك بالله أن لا تتراجع أو تعطيه رداً ضعيفاً .. بل أره عزة المسلمين وقوتهم ..

    تراجع السلطان في كرسيه لدقائق مفكراً ، ثم طلب ادخال رسول الحبشة .. دخل الرسول المتعجرف وهو يعبث في صليبه حتى وقف أمام السلطان..

    قال له (جقمق) بهدوء :
    - سنُرسل لكم رسولاً من عندنا اسمه (يحيي بن أحمد) بهدايا كثيرة كتحية لملكك ودلالة على حسن نوايانا .. فتفضل الى حيث سيعتني الخدم باقامتك في القصر حتى ترحل عزيزاً ..

    ولم يكد الرسول الصليبي يخرج حتى انفجر قائد الجيش المملوكي منفعلاً :
    - يا مولاي السلطان .. هذا الخنزير الحقير لا يستحق هذا التكريم أبداً أبداً ..

    هتف (جقمق) فيه :
    - ليس بالعسكر تُحل الأمور .. بل بحكمة (يحي بن أحمد) سنقوم بايقاف تسلطه على المسلمين وربما اقامة علاقات ودية حقناً للدماء ..

    ثم التفت الى الحكيم (يحي بن أحمد) هاتفاً :
    - هل أنت جاهز يا يحي ؟

    انحنى يحي أمامه قائلاً :
    - من أجل الاسلام وحكمة حقن دماء المسلمين أفعلها يا مولاي ..

    التفت اليه قائد الجيش هاتفاً في ضيق :
    - أكثر ما أخافه يا يحيي .. أن تدفع أنت ثمن الحكمة واللين مع المجرمين أعداء المسلمين .. و وقتها سيكون الثمن غالياً ..


    ***

    منذ البداية شعر (يحيي بن أحمد) أن هناك أجواء ارهابية مسيطرة بشدة على مضيفيه ..

    لقد كانت اجراس الكنائس كلها تُقرع بعنف بينما آلاف الجنود اصطفوا في الشوارع بكامل تسليحهم لملاقاة رسول سلطان مصر .. قد يبدوا هذا احتراماً لكن نظرات الجنود الغاضبة ورايات الصليب التي يرفعونها وتعمد الكثير منهم اصطحاب بعض الخدم العبيد المربوطين من أعناقهم بجوار خيول الفرسان ، والذين نظروا الى الرسول في شوق وهتف بعضهم بتحية الاسلام لاعلامه أنهم مسلمون مما زاد من غضب الفرسان الحبش وجعلهم يلهبون ظهورهم بالأسواط أمامه بلا رحمة !

    دخل (يحيي) الى بلاط الملك (زرء يعقوب) فوجده واقفاً وخلفه كبار القساوسه حاملين الصلبان الذهبية .. تقدم منه وقال في هدوء :
    - سيدي ملك الحبشة .. جئتك بهدايا عظيمة من سلطان مصر كدلالة على حُسن الـ ..

    قاطعه (زرء يعقوب) قائلاً في عجرفة :
    - لا تُهمني الهدايا .. ان لدي مُلك الحبشة كلها وهي أعظم من بلدك المسلمة .. أخبرني ماذا فعل سُلطانك بالنصارى وبطركهم ؟

    تضايق (يحيي) قليلاً وبدأ يشعر بالقلق وهو يقول :
    - يا مولاي هناك شئ ما خاطئ بشدة .. من قال لك أن نصارى مصر مُضطهدون ؟ انهم يملكون جباية الضرائب ومنذ قديم ومنهم الوزراء بلا تمييز..

    في عصبية اقترب منه (زرء يعقوب) هاتفاً :
    - بل أريد منهم قادة جيش وربما سلطان كذلك ! لقد حذرت سلطانك بألا يتأخر عن اجابة طلباتي لكنه بعثك الي متودداً حقيراً بلا استجابة حقيقية..

    عقد (يحيي بن أحمد) حاجبية وهتف في غضب :
    - لقد هددتنا بقتل كل رعاياك المسلمين وتطلب منا تمكين نصارى مصر من مفاتيح الدولة ! بل وتعتبرني رسولاً حقيراً لأننا أردنا التوافق وبناء علاقات سلمية معك ؟

    اندفع (زرء يعقوب) نحوه ولطمه لطمة هائلة وهو يصرخ في حراسة :
    - اعتقلوا هذا الحقير وعذبوه .. سأريه معنى السلمية بحق !

    ***
    أربع سنوات !

    لقد ظل (يحيي بن أحمد) أربع سنوات في الاعتقال المهين ..

    كانت قد تسربت اليه أخبار أن السلطان يسعى جاهداً للافراج عنه ..

    لكن لا أمل !

    ان ( زرء يعقوب) كان يلعب لعبة صليبية كبرى لم يفهمها (يحيي بن أحمد) الا في الاعتقال ومشاهدة الأمور عن قرب ..

    لقد كان يراسل بطريرك الأرثوذكس المصري والبابا الكاثوليكي من أجل توحيد الصف وابادة المسلمين من جهتين .. البحر المتوسط و الحبشة.. وكان كلاً من بابا الأرثوذكس المصريين و بابا الكاثوليك متفقين.. لهذا كان يتحرش بسلطانها طلباً لسيادة بابا الأرثوذكس المصري والذي يتبعه زرء يعقوب ..

    لكن المشكلة كانت في بابا الكاثوليك .. كان الرجل مشغولاً بحروب أخرى فلم يجد وقتاً لاجابة مطالب الملك الحبشي ..

    لهذا ازداد (زرء يعقوب) توحشاً مع مسلمي بلده .. شن حرب ابادة حقيقية لأي تجمع اسلامي صغير واهان تجمعاتهم الكبرى ودولهم المحيطة به في كل موطن وبأبشع أصاليب الاهانة ..

    حتى جاء ذلك اليوم الذي انتصر فيه على مملكة (عدل) الاسلامية الحبشية .. لقد أخرجه من محبسه وجاء به في البلاط .

    دخل (يحي بن أحمد) ليجد عشرات الجنود واقفين و السفاح (زرء يعقوب) واقف في منتصف القاعة في وضع غريب !

    كان يُمسك بيده اليمنى صليباً هائلاً ثقيلاً يرفعه عالياً وبيده اليسرى رجل عربي يبدو النبل الشديد على محياه برغم ثيابه المغطاه بالدماء ووجهه الممتلئ بالكدمات ..

    هتف (زرء يعقوب) في جنون أمام (يحيي) :
    - هذا مشهد لا يُمكن أن يفوتك أيها المسلم .. هذا هو ملك دولة (عدل) الاسلامية .. لقد أسرته ورفضت قتله في ساحة القتال حتى تُشاهد ما يفعله الصليب بملوككم المسلمين ..

    ما ان انهى كلامه حتى هوى بالصليب الثقيل فوق رأس ملك (عدل) بقوة ساحقة ليهشمه تماماً قبل أن يطلق القتيل صرخة واحدة ..

    تقيأ (يحي بن أحمد) في اشمئزاز ، بينما راح (زرء يعقوب) يقهقه بشدة قبل أن يهدأ قائلاً :
    - سأدعك تعود الى سلطانك المسلم كي تحكي له عن ما أفعله بالمسلمين في بلدي .. لكن لن ترحل قبل أن تشاهد منظراً آخر أكثر طرافة .. لا تبتئس .. ان هي الا بضعة أيام أخرى !

    ***

    على ساحل البحر الأحمر وقف (زرء يعقوب) في شرفة قصره يراقب عشرات السفن الحربية الضخمة تتراص لتحيته .. دخل الحراس عليه ومعهم (يحيي بن أحمد) .. اقترب منه (زرء يعقوب) وقال بلهجة تهكمية :
    - معذرة لأني جعلتك تسافر طوال هذا الطريق الشاق من عاصمتي حتى البحر الأحمر يا عزيزي المسلم .. لكن عليك بان تشاهد هذا قبل رحيلك الى سلطانك ..

    ثم أشار اليه وهو يقول آمراً :
    - هيا .. اقترب من الشرفة ..

    لم يُجبه (يحيي بن أحمد) وانما وقف مُنهكاً لا يتحرك ، اندفع نحوه (زرء يعقوب) وأمسكه من شعر رأسه الشائب وشده بعنف مُجبراً اياه للتحرك نحو الشرفة وهو يقول :
    - عندما يأمرك الحاكم بالصليب (زرء يعقوب) العظيم عليك أن تُنفذ الأمر فوراً أيها المسلم ..

    مُتألماً راح (يحيي) يُراقب هذا الأسطول الحربي الضخم الذي ترفع كل سُفنه رايات الصليب الحبشي المُميزه لزرء يعقوب .. قال هذا الأخير وهو يراقب المشهد في فخر :
    - مائتي سفينة حربية ! تخيل ! لقد بنيت وحدي أسطولاً من مائتي سفينة حربية .. أتعرف لم بنيتهم ؟

    ثم استدار الي (يحيي) ومال عليه مُكملاً :
    - سأغزو الحجاز بهم .. سأدمر مكة والكعبة .. كل أحلام الصليبيين الأرثوذكس والكاثوليك سأحققها ..

    التفت اليه (يحي) قائلاً في سخرية :
    - حاول العشرات قبلك .. لكن الله أذهب ريحهم ولم يفعلها أحد من قبل .. فما الجديد ؟

    تراجع (زرء يعقوب) قائلاً في حزم :
    - فعلاً .. لا جديد .. سنحاول مرة تلو الأخرى .. سيظل حلمنا الأبدي أن نهدم كعبتكم ونمحو دينكم .. سنحاول آلاف المرات ان فشلنا هذه المرة ..

    ثم التفت مشيراً الى اسطوله قائلاً :
    - سأقوم بمحاولتي الخاصة .. وليبارك الصليب من يأتي بعدي محاولاً تدمير دينكم .. في النهاية سيرتفع الصليب فوق مكة ..

    بنفس الحزم قال (يحيي) :
    - بل سيزول (زرء يعقوب) وغير (زرء يعقوب) وستبقى راية الاسلام خفاقة ونحن الاعلون مهما ذهبت بك الظنون .. و مهما طال زمان الانكسار ..


    تمت

    بقلم: عمرو عبد العزيز

    http://amrbirdview.blogspot.com/
    التعديل الأخير تم 08-22-2013 الساعة 01:26 PM
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    شاهد من التاريخ:



    النص من كتاب: توماس أرنولد: الدعوة إلى الإسلام ص137، وهو ينقل عن مؤرخ الحبشة "عرب فقيه" من كتابه "فتوح الحبشة".
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 12-12-2008, 01:37 PM
  2. خبر: الشيخ محمد بو خبزة التطواني
    بواسطة لطفي في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 12-10-2008, 03:57 PM
  3. أهتــــــدوا .... الشيخ محمد حسين يعقوب
    بواسطة طالبه علم في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-25-2008, 03:48 AM
  4. الشيخ يعقوب
    بواسطة AbdulQader في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-21-2005, 11:32 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء