الثقة بالله هى نعمة ينعم الله بها على عبده و ما أجلها من نعمة تجعل الإنسان يعيش فى إطمئنان و راحة بال , إنها لهى الحياة الطيبة التى وعد الله بها عباده فلا تقاس تلك النعمة بمال و لا يضاهيها ثمن ..
خلق الإنسان من نقص فى جل صفاته التى أنعم بها عليه كامل الصفات سبحانه و تعالى لذا وجب عليه أن يكون متصلا بحبل خالقه لتعطى له هذه النعمة من ربه فالثقة بالله لا تدرس و لا تعلم و لكنها مًنٌ من الله على من يشاء من عباده فطوبى لمن أنعم الله عليه بتلك النعمة .
يحتاج الإنسان ليصل لتلك المنزلة أن يعلم من هو ربه فلا يثق بالله إلا العالمون به - (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ- البقرة ) - فالشك يورث اليأس و اليأس يورث الكفر ولا يزال الشيطان يشكك الإنسان فى دينه و ربه حتى يخلع عنه رداء الدين و ينزع عنه ما أُعطى من إيمان فيتركه مجردا من أعظم نعمة و هى الإسلام و لهذا قد نبه المصطفى إلى هذا وَقف الشك بالإستعاذة و اللجوء إلى الله عندما يلعب الشيطان على هذا الوتر فى نفس الإنسان الضعيفة و عقله القاصر المخلوق و المحدود بمزايا محددة أوجدها فيه الخالق فلا يرتقى إلى الإحاطة بحكمة خالقه , فكيف بمن خُلِقَ محاولة الإحاطة بمن خلقه عن طريق فلسفيات و قوانين خلقها أيضا من خَلَق ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ - النحل ) ؟ فإن وقعت أية ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ - الشوري ) صحيح موقعها فى النفس لتيقن الإنسان أن لا مماثلة و لا حتى دنو من المماثلة مع أى شئ لذا كانت كل محاولات لمحاولة تفسير أمور حجبت عن عقله هو شئ من العبث فالعقل الذى سيحلل مخلوق و الإفتراضات التى سيبنى عليها العقل تحليلاته هى من إفرازات عقله المخلوق و القوانين التى سيؤسس عليها نظرياته هى مخلوقة !!
إن زوال الشك فى نفس الإنسان بداية هو أول طريق اليقين بالله و من ثَم الثقة به تعالى و قد أوتى النبيون و الصالحون ذلك الفضل من قبل و تجلت فى الأوقات الذى تبلغ القلب الحناجر فمثلا :
1 - موقف موسى عند دنو فرعون و جيشه منهم فَخلفهم عدوهم و جنده و أمامهم البحر و هم لا حول لهم و لا قوة فكانت ثقة موسى بربه النابعة من إيمان قوى هى التى دفعت اللسان أن ينطق بثقته بربه فى هذا الموقف الشديد ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ - قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ - الشعراء ) أى ثقة أستقرت فى هذا القلب فى هذا الموقف ؟؟
2- موقف النبى فى الغار ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا - التوبة ) لا تخرج هذه الكلمات إلا من قلب ملأت الثقة قلبه حتى فاضت , فأيه ثقة صادقة تلك التى كانت فى جوف النبى حتى أنتقلت إلى قلب صاحبه فملأته و هو مما عرف عن الصديق بعد ذلك فكان هذا هو الدرس و كانت النتيجة هى إيمان وقر فى قلب صاحب رسول الله فاق إيمان الأمة و سبقها فكان إمامها و شيخها .
3 - غزوة الأحزاب و ثقة الصحابة فى ربهم ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا - الأحزاب ) ففى تلك اللحظات تمتحن القلوب و يتجلى دور الثقة بالله و تقوى الإيمان و تَثبت النفوس على الحق و ما هو إلا وقت يسير و ترى العيون الأمر غير ما كانت عليه بادئ الأمر فيأتى النصر .
هذا ما يحضرنى من بعض المواقف و لكن منها الكثير ,,,,
أخيرا فإن الثقة لا تعنى سرعة النصر و سرعة الإستجابة فلا علاقة هذه بذاك فكثير من الناس من وقعوا فى هذا فتعجلوا الإستجابة فلم يجدوها و أتى الشيطان باليأس فقذفه فى قلوبهم فخارت قوى الإيمان لديهم و أنتهى بهم للشك ثم الكفر و الإلحاد فالله لا يعجل بعجلة أحد من عباده لا يسئل عما يفعل و هم يفعلون ,,,
اللهم أرزقنا هذه الثقة و لا ترفعها من قلوبنا أبدا !!!!!
Bookmarks