في محاولات لعدة عقول اليوم الذين حاروا في امساك العصا من الوسط في هذه الفتن العربية المابعدربيعية ..حتى بدأنا نشهد صراع بقاء او فناء ليس فقط بين المتطرفين الليبرالي و الاسلامي , بل شهدنا صراعات و مناوشات حتى بين الوسطين الاسلامي و الليبرالي..و بدوري اظنني و بمرجعيتي الاسلامية سأمسك بالوسط الليبرالي ...طبعا لن يصدمك ...لكن ما قد يصدمك بالفعل اني سامسك بها امساكا صادقا بدون أي نية ساركازم مبيتة , نعم..لن اخوض في التفاصيل السياسية و التهم الجزافية التي يطلقها هذا الطرف او ذاك ..رغم ان الاتهامات الاقصائية في الطرف الاسلامي صادرة من قواعد و افراد و لن تجدها قط صادرة عن قيادات بينما في الطرف الآخر الاتهامات الاقصائية و التحريضية صادرة مباشرة من القيادات و الرؤوس...و لن ادخل حول الاتهامات لدستور مشكل من لجنة تمثيلية و وقع عليه الطرف الآخر قبل ان ينسحب الانسحاب المشبوه بعد اللقاء المشبوه و صوتت عليه الأغلبية و شهد له عقول دستورية محايدة كطارق البشري بانه افضل دستور مصري حتى الآن..و لن اركز طبعا على الاتهامات بمصاحبة الاعتصامات السلمية لقتل و ترويع السكان و لا قتل مدنيين من طرف من ينسب الى المدنيين رغم انها كانت نفس الاتهامات للمتظاهرين من طرف نظام مبارك و لم يقل احد عندها ان هذه التظاهرات غير سلمية ولن اركز على ان من قتل في عهد مرسي من طرف الداخلية التي اصلا كانت تجاهر برفضها التعاون معه و الخضوع لأوامره كثير منهم اخوان اصلا مع ان هؤلاء لم يحرقوا مقرات الأحزاب الأخرى فما كان يمنعهم اذ لم يمنع من لم يكن في السلطة ان يحرق مقراتهم ؟؟ فما بالك بعد ان خرجت السلطة من ايديهم؟...كما لا اود التركيز على حرق الكنائس بعد فضيحة ما ادلى به الرهبان انفسهم و ادلت به الداخلية نفسها من انها حرقت من طرف بلطجية سوابق بعد ان اتهم الناس جميعا بها الاخوان مهما وضعوا اجسادهم نفسها حماية لها فما هو الا ذر رماد في العيون...و لن اقف اما اتهامات اصحابنا الليبراليين للاخوان بالتحريض على انقسام الجيش و استدعاء الأجنبي مع انه لا تجد لقادتهم اي تصريح صريح بهذا بل كلها اخذ لهم بالظنة و اقوال افراد قد يكونون قواعد او متعاطفين , بينما تصريحات الليبراليين الصريحة لاستدعاء الأجنبي تصدر من قادتهم قبل قواعدهم..و لن اركز ان اول من دفع فاتورة الوقوف في وجه الجماعات المسلحة كانوا هم الاخوان حين جهروا في وجههم بتحريم رفع السيف داخل المجتمع المسلم و الاكتفاء بالتدافع السلمي فكان جزاءهم التكفير و التبديع و التخوين و حتى الاغتيال.. و لن نركز على الخلط الذي يقوم به اصحابنا هؤلاء عن عمد بين هؤلاء و الاسلاميين السلميين و يحلمونهم تبعات اي صاحب لحية او اي صاحب مسبحة او اي داعية و لو لم يكن اخوانيا ثم العكس تحميل اولئك تبعات الاخوان في تعميم طالما علمنا الليبراليون خطره على الفكر السياسي....و لن نركز ايضا على هذا المنوال على حادثة مسجد ابن تيمية الذي رفع فيه السلاح و لا على كذبة جامع الفتح وكذبة القنص من المأذنة التي لم يكن لها مدخل الا الذي كان على بابه الشرطة نفسها ...لن أركز حتى على غباوة انكار البديهيات التي لا يمكن ان يقارن فيها اقفال عشرات القنوات و الجرائد واعتقال المئات و قتل و جرح الآلاف مع ماذكر جميعا فمجرد تصورها يكفي للضحك على من يجعل الضحية مساوية للمجرم فضلا عن ان تجعل اسوأ منه و اتهامها بالسعي لاستغلال الدماء و سقوط الضحايا رغم ان الضحايا اولادهم و ابناءهم و ازواجهم فكيف يحملون معهم الى مكان يحملون فيه في نفس الوقت اسلحة لجعلها ساحة حرب ..اسلحة لم يستخدموها حتى في الدفاع عن نسائهم و اولادهم و قاداتهم فلعمري ما نفع حياة بعدهم و أي ارث سيقسم و بأي غنيمة سيفرح؟؟؟ ...لن أركز على هذه "التفاصيل" المتناهية الحقد و الفجور في الخصومة في شيطنة الآخر لم تصل اليه حتى المكارثية و الصهيونية في شيطنة خصومهم... لأن الغرض التركيز على الحق الذي تسير به المجتمعات..ما ينفع الجماعة كلها ...الجماعة بمعنى المجتمع المدني فلدى الكثيرين فوبيا من هذا اللفظ...حقا ان وصلنا لتلمس اصوله الأولى و البدء به هان كل ما ذكر حتى لو ادى لحل الاخوان و الليبراليين و النور و الوفد و ان يذهبوا جميعا الى الجحيم...فان كان من شيء محصته هذه الفتنة...ان لا معصوم من كل اصحاب الدعاوى الا ما وافق دعوى خالقهم ...
لهذا سأكز فقط على هذه الأخيرة , دعوى حل الأحزاب المتأسسة على اساس ديني , ففضلا عن الدعوات الديموقراطية المضحكة الى اقصاء حزبين دينيين يشكلان معا القوة السياسية الأولى في البلد و الأغلبية المطلقة في ست استحقاقات انتخابية لم يتسنى فيها قط ان يعرف انها احزاب ارهابية و تجسسية , ما سيكون من السوابق كما لو قرر مثلا حظر حزب المحافظين بدعوى انه حزب ارهابي, لكن نفس الحل على اساس ديني يحاول الديموقراطيون الجدد ان يقنعونا انه من بديهيات الثقافة الاجتماعية السلمية بصفة عامة ...فضلا عن ان يشكوا اصلا في كونه بديهة من بديهيات الفكر القانوني الديموقراطي المسلم بها , و هي مقولة سبق للمئات من المفكرين الغربيين انفسهم الرد عليه و نقضها قبل المفكرين المسلمين في صراعهم حتى العظم مع العلمانية و مبدأ فصل الدين عن الدنيا, و ترجع اساسا الى محاولة علم الاجتماع و خاصة البنتاميين لايجاد نظام اجتماعي يشرعن و يقنن صراع المصالح الطبيعي بين عناصر المجتمع , و مبدأ شيخهم الشهير في تعبير الفقهاء الاسلاميين القدماء كالغزالي و ابن حزم و العز و ابن تيمية و الشاطبي بمبدا درء المفسدة و جلب المصلحة على حسب الجمهور , او بتعبيره النظام المحقق لمصالح الأغلبية , و هو ما سيترك اثرا بالغا على نجم من شيوخ الفقه المصالحي : روسكو باوند الذي اعطى للقانون او ما يسميه هؤلاء الاسلاميون الشريعة صفة جديدة تطابق ما كان يقوله اكبر مرجع للتطرف الاسلامي اليوم ابن تيمية: بأن القانون او الشرع كله كما المجتمع قائم على نظام المصالخ و المفاسد ...و الفقه مطابقة كلا النظامين بحسبه هو ربط الحاجات المتطورة بالعملية القانونية ...و دوره في هذا يجب ان يكون كوسيط محايد و حياده حسب هؤلاء الاسلامييين القدماء باجماعهم لا يمكن ضمانه الا بنبذ انحياز الفقيه او تقليده لأي جماعة او طائفة او فرد مهما علا و ربطه مباشرة بمرجعية غيبية ...الشيء الذي سيرفضه معلنو موت الاله التشريعي و معه الغيب لكنهم سيقعون معه في مشكلة متاهية لابرينتية لا تحل باعتراف من بعدهم و من قبلهم كجون لوك و كونت اذ سيكتشفون مع طرد ادلتهم في مشكلة مرجعية القانون في نظام اجتماعي ديموقراطي الى ضرورة بناء اصوله على عناصر غيبية خصوصا في مسألة المرجعية التي تعطي للقانون طابع الالزامية و بالتالي للدولة الحق في احتكار العنف لما اشار اليه قديما هؤلاء الفقهاء الاسلاميون المتخلفون من اختلاف طبائع و عقول البشر و كونهم كغيرهم من الظواهر الطبيعية تطورهم مرتبط بالصراع و الائتلاف و حاجتهم للثبات في قوانينهم كما احتياجهم للتغيير, و احتكار الدولة للعنف المعتمد على الزامية القانون او الشريعة هو نفسه المبدأ الذي سيستقر عليه شبه اجماع بين فقهاء القرون الأولى للاسلام بأن لا حق لأحد في انكار المنكر باليد و رفع السيف داخل الأمة الا للسلطة و ان انكار المنكر او حرية التعبير و التغيير يجب ان تقتصر فقط على اللسان و القلب اي حرية الفكر و المظاهرات رغم ان بعض المتأثرين بعناصر الفقه السياسي الحديث من السلفيين - ايوه من السلفيين- يحرم حتى الانكار بالمظاهرات اعتبارا انه خروج مع ان الأحاديث الواضحة و الشبه الاجماع المذكور واضح في ربط الخروج برفع السيف و نقض البيعة التي اعطيت طول مدة الولاية المتفق عليها عرفا في عقد البيعة بين الحاكم و المحكوم(لا من لم يعطها فالحق في عدم البيعة مضمون ) او ما يقابل في النظام الديموقراطي الحديث الزامية الصوت الانتخابي لصاحبه طول مدة الولاية الانتخابية .
المقصود ان ديموقراطيي العرب -بخلاف الغربيين الذي يبدو بحسب ما محصته هذه الفتنة انهم اقرب الى كثير من حقيقة الاسلام من كثير من العرب ليبراليهم و اسلاميهم- يحاولون فرض صورة واحدة من صور الفقه الاجتماعي القانوني و تقزيم الفكر الغربي في علاقة عملية التقنين و التشريع بالتدافع الاجتماعي في شكل فكري واحد و تحديدا الفقه الوضعي المتطرف في تفسيره للقانون في العملية الديموقراطية بأنه عملية عقلانية علمية مرتكز على مسلمات جوهرية منطقية بعيدة عن تطور المجتمعات و قيمها و مرجعيتها فضلا عن حاجاتها الواقعية... هذه النظرة التي كانت ايضا لها صدى واسع عند كثير من فقهاء المسلمين في عهد التقليد و الانحطاط الذين انحازوا الى التفريع و التشريع و القياسات و التقعيد الذهني العقلاني بعيدا عن تلمس حاجيات المجتمع و انظمته و مقاصد الدين الأوسع المتحرر من اقوال الرجال التاريخانية الموافقة لهذه الحاجيات , و الحال ان الخلاف بين القوم في الغرب في توصيف علاقة القانون باليات الحكم الانتخابية و تشكيل المجتمع المدني قد تجاوزت هذا المفهوم لتصل مع بدايات القرن الماضي و خصوصا مع العبقري النمساوي اوجين اورليخ الذي كثيرا ما يذكرني بالشيخ العبقري الطوفي الى مرحلة وسط تعترف بان القيم و الأخلاق و الظروف التاريخية الطبيعية تخلق مع التطور في المجتمع جماعات داخل جماعات يجمعها نظام داخلي قوي او ضعيف بحسب قدرة المرجعية المتبناة على خلق عصبية قادرة على تحقيق التعايش السلمي ان عبرنا عن افكاره كما عبر عنها ابن خلدون..و لا حاجة للاشارة الى نفس تطابق الفكرة السياسية بين هؤلاء المصالحيين رغم اختلاف ازمنتهما...المهم ان جميعهم يعترفون بان هذا النظام الداخلي يهمين على حياة المجتمع نفسها بشكل اقرب الى اشكالية القانون الطبيعي و مدى مواءمته للقانون الوضعي الفقهي القياسي , و اوجب اورليخ على الفقيه ان يضع في حسبانه هذا النظام ايا ما كانت مرجعيته للوصول لقانون مخرج الى مرجعية افضل تنافسية و اكثر تحقيقا للمصالح , سماها نظرية القانون الحي ,و هو ما يذكر كثيرا بتنبيه بعض الفقهاء المصلحيين المسلمين في مسائل النسخ و التخصيص و امثالهما الى ان الوحي كان هذا العامل في صلب اهتماماته اثناء العملية التشريعية و يحتجون باستدلالات اشهرها مسألة النظام القيمي الجاهلية في نظرته لهدم الكعبة و خطر تجاهلها تشريعيا في تهديد السلم الأهلي بين طوائف المجتمع المتعايشة, اذ بحسب ارليخ العجز عن ربط القانون الوضعي بالقانون الحي لأي مجتمع ذو الطبيعة المتحركة و المتطورة دوما و عدم مراعاة التوقيت في هذا الربط اثناء ظهور المصلحة المقتضية للتشريع اجتماعيا بفعل التدافع بين المصالح و الجماعات و ما نسميه تأخير البيان عن وقت الحاجة ...قد يؤدي الى ازدراء لهذا القانون و بالتالي الى صدام قد ينتج عنه اقصاء غير واقعي و لا مبرر لجماعات تنتج فرقة و انقساما و بالتالي تهديدا لتماسك الجماعة او بتعبيرنا - مرة اخرى دفعا للشبهة- المجتمع المدني الذي اصرت الأحاديث المتواترة على حفظ سلميته داخليا ما امكن و المحافظة على انسجامه و تدافعه السلمي كاكبر عامل مدعم لشرعية القانون و معالج للظواهر الاجتماعية الشاذة كالجريمة و التهميش و الفساد و الخروج والارهاب و الديكتاتورية و الارجاء...
و لهذا فيصر افراد الفقه الاجتماعي للقانون و الذي اعطى دفعة جديدة للفقه الغربي الى افق اكبر للحرية و العدالة تقترب كثيرا من الصورة الواقعية التي بشرت بها الأديان و الأنبياء , و ابعدتها عن الوضعية المادية و المثالية الذهنية العرقية التي افضت بها الى كوارث النازية و الفاشية و الأصولية المتطرفة , لتنتج نظاما اكثر عدلا و تسامحا مع الأقليات العرقية و الدينية في الستينات و السبعينات و في شرحه للعملية القانونية في انظمتها التمثيلية بتبني هندسة اجتماعية تتنبه الى اثر الجهل و التعميم و سوء الظن بين عناصر المجتمع و ان من الممكن حل المشاكل الاجتماعية بالاعتماد على النقد الذاتي في كل عنصر اجتماعي بدل التعلل بان اسبابها نابعة من عيوب بشرية طائفية عرقية عامة, قلت ان هؤلاء يصرون على ان المتصدرين للفقه و التشريع يجب ان يكونوا على اتصال وثيق بجوهر هذا النظام الداخلي للمجتمع اذ لا يمكن للقانون ان يكون منفصلا عنه كما يحاول الوضعيون العرب ان يفرضوه على المجتمعات الاسلامية مع ان نظامها الداخلي و قانونها الطبيعي المشوه قد يكون في صورته الأصلية اكثر تماسكا و اكثر امتلاكا لعناصر التطور و التكيف و الثبات..فجس النبض للمجتمع مطلوب من الفقيه و القانوني و الاداري مراعاته و بطريقة اولى ان كانوا مسلمين مادام نبي الوحي صلى الله عليه وسلم نفسه قد وضعه في الاعتبار , و بالوقت و من خلال المفاوضات فان مسألة تطبيق الشريعة التي انهكت المباحث السياسية و المبادرات ستكون اكثر قابلية للواقعية بما ان هذا الاتصال نفسه سيمنح المشرعين قدرة على تتبع الحاجات و ربطها بالأوامر الشرعية ما سيجعلهم قادرين على تطوير هذا القانون الاجتماعي الطبيعي مع تطور التنزيل الشرعي له...
هذه النظرة من الاعتراف بأن اي مجتمع متماسك له نمطه الثقافي الذي يحدد مرجعيته و فلسفته الخاصة عن الانسان و العالم , و ان من جهة اخرى ان اي نظام من الأنظمة القانونية لا بد و ان يستند الى مرجعية او ايديولوجية ما...و بالتالي يجب على الفقيه ان يكون دائم الاتصال بينهما و ان تطور احدهما مرهون بتطور الآخر للوصول الى نظام قانوني اكثر تطورا يقدم واقعيا اجتماعيا اقرب الى المرجعية الجماعية الايديولوجية التي تبرهن على نفعيتها...نفعية كما يقول بنتام انها تنتج بالتدافع بين مختلف الفقهاء و العقول و الجماعات تدافعا سلميا موجه نحو تحكيم الجمهور او الأغلبية القائم على توافق اجماعي اول, لاستحالة الاجماع في كل شيء و لكون تحكيم الجمهور او الأغلبية قد يؤدي للديكتاتورية و ان الحق قد يكمن مع الواحد كما هو مفصل في مواضع الاجماع و الاختلاف في كتب اصول الفقه , هذه النظرة هي التي غابت عن الاسلاميين حين ينقدون العلمانية بأنها نظام خاص فقط بمجتمع غربي لكن تناسوا ان القانون الوضعي قادر على تطوير القانون الحي و ان المدافعة قد تفضي الى تبني المجتمعات الاسلامية للقوانين الوضعية الغربية او بالعكس قد تفضي الى ان تتبنى المجتمعات الغربية للقوانين الوضعية الاسلامية و تظهر نفعيتها كما قد ظهر بعض نفعها بالتدافع في مسائل الربا و الفوائد و البيوع و الديون...و ان العمدة على التدافع السلمي و الحفاظ على العملية التمثيلية و السلم الاجتماعي و عدم الخروج على الحاكم اي الخروج برفع السلاح و الا فلادليل على دخول الخروج باللسان فيه و ان هذا اهم عامل و مكسب يجب المحافظة عليه ما يفسر اصرار النبي صلى الله عليه و سلم على الحظ عليه و على اهمية تماسك الجماعة و السلم فيها حتى لو ادى الى ترك قتل خونة و محاكمتهم حتى لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه حفاظا على السلم الاجتماعي الداخلي , و تناسوا لهذا ان التسريع في تطبيق القانون التشريعي الاسلامي الوضعي دون مراعاة للقانون الحي المنتشر و لا حتى توقف القانون التشريعي الاسلامي عن التطور الواقعي منذ عقود , قد ادى الى نوع من ديكتاتورية الاغلبية التي ادت الى احداث الانقسام الكبير للجماعة المصرية و عوقبوا بحرمانهم الثمرة لاستعجالهم و هو الشيء الذي يحاول الساسة التونسيون درءه الان بكل ما اوتوا من قوة لعلمهم بخطورة فقدان المكسب الكبير المتمثل في الجماعة المتماسكة و سلمية التدافع داخلها و ان هدف المتآمرين المنافقين داخليا و خارجيا هو الاتيان على هذا المكسب المفتاح لعودة النظام القديم من اوسع الأبواب و انصح في هذا الباب بقراءة مقال قيم جدا للرئيس الاشتراكي التوجه منصف المرزوقي في التشبت بهذا المكسب الغالي و الا فانه الجحيم...
و من جهة هذا المكسب هو الذي تجاهلته و تناسته بحقد ايضا النخب العلمانية من المسلمين ممن لم تراعي ايضا جانبا من القانون الحي المنتشر في المجتمع و تجاهلها لمرجعية اي قانون و ضرورة خروجه من المجتمع نفسه و ان لهذا لم يبعث نبي الى من نفس قومه ...فعمت اعينهم عن ملاحظة بديهة ان لا يمكن ان يفرض على تجمع بشري من فوق نظاما قانونيا دون ان تظهر حاجاته الواقعية ظهورا اغلبيا على الأقل وهو الحاصل اذ ما يريدونه لم يخرج من المجتمع المصري بل صوت على ما هو بمفهومه ضده باغلبية ظاهرة , و لم تتنبه لهذا في اغلبيتها و استعجلت بدورها لتحقيق ما تفهمه هي من الثقافة الحقوقية الغربية التي في جزء كبير منها موضع اتفاق مع الاسلام بل كثير منها اخذ من اصوله صراحة , و ارتدت عليهم هذه النزوة حتى افضت بهم الى فظائع لا توافق عامة ما في مبادئهم و الجرأة و التمادي الى حد اعتبار الأغلبية و ممثليها ارهابا و السعي لأقصاءهم لتنفيذ هذا المبتغى ...فانتقلنا الى ديكتاتورية الأقلية بعد ان كنا نشتكي من ديكتاتورية الأغلبية و كان طبيعيا لهذا- بحكم ان المجتمعات كائنات طبيعيات هذه الياتها الطبيعية المتحكمة بها- ان تكون الديكتاتورية الأولى اكثر قسوة و عماية و استبدادا و تفرقا و دماءا ...و هو ما فتح الباب للفلول و الناصريين لمحاولة الاستبداد مجددا بالسلطة , و من وراءهم فتح الباب لأذناب الخارج الساعي للفوضى الخلاقة ان يسعوا لاثارة نار الأحقاد اكثر فأكثر و الدفع برجالاتهم للتضييق و تقتيل و تتبع الاخوان كيفما امكن حتى يصلوا بهم الى حد تخرج فيها قواعدهم عن الاتصال بقياداتها و بالتالي الخروج عن السيطرة و الترشيد فيخرجون لا محالة الى العنف و رفع السلاح و يبدأ سيناريو الجزائر المار بحرب اهلية طاحنة مفضية الى استبداد مزمن يخاف الناس فيه الآن حتى من كلمة حرية , وهو السيناريو الذي صرح كثيرون من الاسرائيليين بما فيهم وزراء مشهورون منهم بانه السيناريو المفضل عندهم لمصر...
و بعد؟؟ وانا ايه دخلني بكل الفلسفة ديه كلمونا باللي نفهمو ..قد يقول باسم؟؟؟ طيب ابسطها لك يا بسمان...الرضا الشعبي حيسيب البيت المصري يا بسماااان...البيت ده هيطربق فوق دماغ اهالينا بكل طوائفهم يا معلم....و الحل مش حيكون انك تحط قرص حشيش و سلاح في جيب الاخوان و تبلغ البوليس....لو عايز حل؟؟؟ خليني اكون شيطانك و انا ادلك على حل يودي الاخوان لورا الشمس..هو انتم تنتقدون الاخوان لم؟؟ لأنهم يستغلون الدين بالسياسة؟؟؟ طيب..الكلام السابق رغم انه بين ضعف هذه النقطة ففضلا عن ذلك الواقع بين ان هذه الحيلة الشيطانية ما وكلتشي...بس انا اقولك ان ده يمكن يكون نقطة قوتك لو عرفت تستغلها , اصبر علي ان انا التزمت اني حكون ليبرالي معاك بصدق مش ساركازم و لا حاجة , هو ايه العماد اللي جعل ان الاخوان المسلمين اصلا تخرج للوجود؟؟؟ و ايه هو اللذي جعل في الحقيقة ان شعبيتهم لم تتأثر قط لا بملاحقة و لا بتشويه اعلامي و لا بتقتيل و لا تهميش؟؟ ايوه هو نفس النقطة ديه...تطبيق الشريعة...ما تعلموا انتم زيهم...و مش بس تنادوا بتطبيق الشريعة التي هي اصلا جزء لا يتجزأ من مرجعية المجتمعات الاسلامية , بل تمشوا اكثر من هذا و تقضوا على اي احتمال ان ينافسوكم و تطوروا الشريعة بالتزام ثوابثها لتوافق الحاجات الواقعية ...ايوه...و لم لا؟؟ هم يعني لما اسمهم اسلاميين حيكونوا اكثر اسلامية منكم و اكثر مقدرة من الالتزام بثوابث الاسلام الكتاب و السنة و الاجماع؟؟؟ طبعا مش حيغلبوكم ده انتم مهضومين اكثر و عصريين و الجلسة معاكم بتشرح الصدر مش زي الوجوه المعبسة الأشبه ببدوي جلف لديه ثروة لا تنفذ من الطاقة البترولية , و بكده تضمنوا انكم ترموهم لزبالة التاريخ الى الأبد في العملية السياسية , و ليس هكذا فقط..ازيدك معلومة شيطانية اكسترا حلاوة العرض الأول, لو نجحتوا في هذا جماعة الاخوان يجب ان تحل ليس فقط واقعيا لأنها اصلا بنيت على هدف تطبيق الشريعة بل لأن الاسلام نفسه لاى يحبذ ان طبقت ثوابته ان تتواجد جماعات و طوائف سكتيزم تتبنى حزبية اسلامية مبنية على طائفية يعني الحل مضمون...سوف تقول لي هذه افكار ذهنية شيطانية لا دليل وافعي عليها اقول لك شيطاني لا يغلب, جاركم على مرمى خطوة منكم شهد طلوع فوز حزب ليبرالي تبنى تطبيق الشريعة و تطويرها فحاز قبولا شعبيا واسعا لم يؤثر فيه كل محاولات الاخوان لاسترجاع صفوفها و الآن انزوت و اصبحت في حكم الحزب الغير الجامد البالي الذي لم يعد له لازمة , و اصحاب الفوضى الخلاقة من اعداء الخارج لم يبقى لهم بهذه الخطوة القوية الا استفزاز جماعات متطرفة لمحاولة اشعال النار في الجماعة و تفريق الجماعة ما امكن , و مع ذلك النظام ما زال يحقق نقاطا في تمتين اللحمة و المحافظة على قوة الجماعة المجتمع المدني و بناء المؤسسات ...
حتقولي ثاني يا بسمان لكن في مصر لا احد يرضى بهذا من الليبراليين , اقول لك كنت ستفحمني و لن يبقى لي الا تمني امنية عمر في ابي عبيدة و اتمنى لو كان الدكتور عبد الوهاب مسيري حيا , لكن الحقيقة و لا اشك انك لن تقبل ان اتكلم عن السنهوري الثاني طارق البشري و ستقول لي انه اسلامي و ان حلف الرجل مئات الأيمان انه ليس كذلك , لكن انا شيطاني ما يغلبشي يا بسمان..عندي واحد و لا مطعن لك فيه , ايه رأيك في الدكتور عمرو حمزاوي؟؟ هذا الرجل العبقري الذي تنبه من اول ايام الثورة الى هذه النظرة في القانون الحي للمجتمعات و مقاصدية الشريعة , هذا الذي لم يخجل في ان يدعو صراحة قومه آل ليبرال الى الدخول جماعات و فرادى في عملية التقنين الاجتماعية و الحوار الاجتماعي حول تبني الشريعة , ولم يكتف بذلك قولا حتى دخل الحوار فعلا في حوارات اشبه بالأحلام مع مختلف فقهاء الاسلاميين و الله يشهد اني تعلمت منه فيها الكثير الكثير و كان اقرب الى فهم طبائع التغيير في مناهج السياسة الاسلامية من كثير من الاسلاميين و ان كان لم يقف على اصولها و ادلتها , و لهذا كان الأول و ربما الوحيد الذي فهمها صح حين دعا الى عدم استدعاء العسكر الى الحياة السياسية و انه يجب الضغط للتغيير بالوسائل الثمتيلية الانتخابية ما لو كان قد طبق ربما منع كل هذه الكوارث و لربما رمى بالاخوان الى منصب المعارضة...رغم انه يتسرع في اتهام الاخوان المسلمين بما يتبرؤون منه ليل نهار بتسرع لو كنا نطبق نفس التسرع ايام مبارك في اتهاماته المماثلة لأهل التحرير لما سقط الفرعون قط...لم لا تكون هذه نقطة الالتقاء ولندع التدافع المذكور ينتج لنا جيلا ربما يتجاوز العمى الديكتاتورية فيكم انتم و في الاسلاميين و لا علاقة له لا باسلام و لا بليبرالية بل علاقته الكبرى هي بقرون رقد الشرق فيها في عسل الديكتاتورية و الالحاد قبل ان يظهر الاستعمار و حكم الزعماء العرب و الثورات الربيع العربي كل قيحه و امراضه .
Bookmarks