السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
يقول الله عز و جل " الشهر الحرام بالشهر الحرام و الحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم و اتقوا الله "
لا بد كذلك من الرجوع إلى أسباب النزول لفهم هذه الآية
في السنة السادسة من الهجرة صدََت قريش المسلمين عن البيت الحرام فوقع صلح الحديبية .و لما قصد المسلمون في ذي القعدة من العام الموالي معتمرين ( كما وقع عليه الاتفاق في الصلح ) خافوا أن لا يفي المشركون بدخول مكة أو أن يغدروا بهم و يتعرضوا لهم بالقتال وهم في شهر حرام . فإن دافع المسلمون عن أنفسهم انتهكوا حرمة الشهر فنزلت هذه الآية : أي إن استحلوا قتالكم في الشهر الحرام فقاتلوهم , أي أباح الله لهم قتال المدافعة .
و تكرير " الشهر " باعتبار اختلاف جهة إبطال حرمته أي : انتهاكهم حرمته تسوغ لكم انتهاك حرمته .
وقوله " و الحرمات قصاص " هي جملة اعتراضية وهي لتعميم الحكم و تأكيده و لذلك عطفه ليكون كالحجة لما قبله ( في آية سابقة : و لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ) . و معنى قصاصا أي مماثلة في الجزاء فمن انتهك الحرمات بجناية يعاقب فيها جزاء جنايته لأن الأشهر الحرم جعلها الله حرمة لقصد الأمن . فإذا أراد أحد أن يتخذ ذلك ذريعة إلى غدر أو الإضرار به فعلى الآخر الدفاع عن نفسه لأن حرمة الناس مقدمة على حرمة الأزمنة .
أما قوله " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " فهو نتيجة لما قبله أي " و الحرمات قصاص" فسُـمي جزاء الاعتداء اعتداء " مشاكلة " .
و قوله " بمثل ما اعتدى عليكم " يشمل المماثلة في المقدار و في الأحوال ( نظيرها آية النحل " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ")
ثم قوله " و اتقوا الله " أمر بالاتقاء في الاعتداء ( أي في القصاص ) بألا يتجاوز الحد .فإن شأن المنتقم أن يكون عن غضب فربما بالغ في الأخذ بحقه .
أرجو أن يتواصل الحوار بيننا حتى يعلو الحق .
هدانا الله و إياك إلى الطريق المستقيم و أنار لك السبيل حتى تصل إلى الشرع القويم .
رأيي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب .
Bookmarks