النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: &الأسس اللا عقلية للإلحاد.. مشكلة مبدأ العالم نموذجاً& أ.عمرو بسيوني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي &الأسس اللا عقلية للإلحاد.. مشكلة مبدأ العالم نموذجاً& أ.عمرو بسيوني

    [SIZE=5]ملاحظة: سأنقل الموضوع ولا أظن أنني سأجد وقتاً لمتابعة تعليقات الأخوة الكرام....فشكر الله لهم مقدّماً:

    تقوم كل الأديان والمذاهب والأفكار الألوهية على إثبات وجود الله عز وجل ، وأنه الحقيقة الكبرى التى تفسر سر الوجود وما يتعلق به من غايات .

    بل إن كثيرا من الاتجاهات تعرف الدين على أنه ( اعتراف بشري بوجود قوة فوق بشرية مسيطرة ، هي الإله ، أو الآلهة ، التي تستحق الطاعة والعبادة )(1) ، ورغم ما في هذا التعريف من قصور بيِّن وفق التصور الإسلامي بخاصة ، وسائر الملل السماوية بعامة ؛ إلا أن محل الشاهد فيه : أن وجود الله تعالى هو محور الدين ، ولبُّه الفاعل .

    وإذا انتقلنا للنقيض على الطرف الآخر ، لننظر إلى الإلحاد ، باعتباره في أبسط مفاهيمه ( إنكار وجود الله عز وجل ) ، فإن أغلب الدارسين للإلحاد يميزون بين اتجاهين للإلحاد ، وهما بالأحرى مستويان : الإلحاد السلبي : وهو عدم الإيمان بوجود الخالق ، والإلحاد الإيجابي : وهو نفي وجود الخالق(2) ، ويتمثل الأول في مجرد عدم الاقتناع بأدلة وجود الله ، بينما يتطور الثاني للتدليل على عدم الخالق .

    ولمَّا كان النوع الأول من الإلحاد ـ السلبي ـ لا ينضبط منهجه ، لكونه يقوم في الغالب على تشكيكات مجردة ، أو عدم اقتناع شخصي ، أو عاطفي(3) ، فإن النوع الثاني من الإلحاد ـ الإيجابي ـ القائم على التدليل على نفي وجود الإله ؛ يكون هو الأكثر حضورا في مجال المعركة الفكرية بين الإيمان والإلحاد(4) .

    في ذلك السياق التحليلي للإلحاد بمفهومه الإيجابي ، ينبغي أن نميز بين اتجاهين لذلك الإلحاد : اتجاه فلسفي ، واتجاه علمي .

    يقوم الاتجاه الفلسفي على تقديم أدلة نفي فلسفية فكرية ، كإبطال مبدأ السببية ، ونقض مبدأ الخلق ، ومشكلة العدل والشر ، واستحالة الوحي ، ونقد الكتب المقدسة للأديان ، واستحالة الحياة بعد الموت ( مسألة الخلود ) ، أو إبطال مفهومه الديني بإثبات نظائر مغايرة له كالاستنساخ أو العودة للحياة ، وغيرها من مشتقات البارسايكولوجيا .

    بينما يقوم الاتجاه العلمي على تقديم أدلة تستند للعلم الحديث بشتى فروعه ، كعلوم الفضاء ، والأحياء ، والفيزياء ، والكيمياء .

    ولا شك أن هذا الإلحاد الإيجابي قائم على أسس عقلية ـ ضعيفة أو فاسدة في نفس الأمر بالضرورة ـ ، والتداول العلمي لهذه الأسس هو ميدان المعركة بين جحافل الإيمان ، وفلول الإلحاد .

    لكنَّ الموضوع الذي وددت التعرض له في هذه الكلمة ، هو الجانب الآخر من الإطار الإلحادي ، وهو الأسس غير العقلية للإلحاد ، والسبب في ذلك أن الغالب على سلوك الملحدين هو التدثر بالعقلانية ، والتزيي بالمنطقية ، والتترس بالتفلسف ، فكان حسنا أن ننظر لاطراد ذلك في أسسهم التي بنوا عليها مذهبهم في الإلحاد .

    وهي بنظرنا : تلك الأسس التي لا يمكن بناؤها بناءً عقليا سليمًا ، إما لاشتمال تلك الأسس على مناقضات لأوليَّات العقل السليم ، أو لكونها قائمة على دعوى عاطفية أو شعورية لا برهان عقليًّا عليها(5) .

    ولأن مثل ذلك البحث يحتاج استقراءً واسعا لأغلب مسائل الإلحاد وأدلته ونظرياته للوقوف على معالم الأسس غير العقلية له ، ومثل ذلك يطول جدا ، ولا تناسبه تلك العجالة ، نظرت في مسائل الإلحاد ومباحثه العامة وأصوله الكبرى ، فوجدت أن أهم تلك المباحث وأولها قضية ( مبدأ العالم ) ، وهي مسألة الخلق التي يخالف فيها الملاحدة كلَّ المؤمنين بالله من أتباع الملل ، فرأيت فيها نموذجا صالحا للتناول وفق محدد البحث ، وهو ما تشتمل عليه النظرة الإلحادية لتلك المسألة من منطلقات غير عقلية .

    1 ـ عدم السببية :

    ـ السببية ( العلية ) هي ( إحدى بدائه الفكر الأساسية )(6) ، فإنه ( لا يحدث شيء بلا علة ، أو على الأقل بلا سبب محدد ، أي بلا شيء ما يمكنه الإفادة في تعليل قبْلي لسبب وجود هذا الشيء بدلا من عدمه ، ولماذا هو على هذا النحو وليس على نحو آخر مختلف تمام )(7) .

    ـ وتتعدد تعاريف السبب عند الفلاسفة باختلاف مدارسهم وعصورهم ـ وليس الغرض استقصاءها ـ ، لكنها وفق ما يتفق عليه الغالب الأعم منهم : ( ما يحتاج إليه الشيء في حقيقته ، أو وجوده )(8) ، وعلى مستوى أيسر من التعبير هي : ( العلاقة بين السبب والمسبب )(9) .

    ـ ومبدأ السببية من الضرورات العقلية ، والبدهيات الفطرية التي لا يختلف فيها العقلاء ، بل ولا غيرهم من حيث الجملة ، فأنت ترى الطفل الصغير إن تعرض لتأثير مؤثر ما ؛ تراه يطلب ذلك المؤثر ويبحث عنه ، فيلتفت الطفل ليبحث عمن ضربه خلسة ، لكونه مما ارتكز في فطرته ، وفي مبادئ عملياته العقلية الأولى أن لكل فعل فاعلا ، ولكل مصنوع صانعا ، بل إن الطفل إن لم يجد ذلك المؤثر يرتبك ، بل لعله يخاف ويهلع ، وسبب ذلك الخوف ليس الجن أو الشياطين ! ؛ لأن الطفل لا يدرك وجود تلك القوى غير المنظورة أصلا في تلك المرحلة المبكرة من حياته ، ولكن الحقيقة أن هذا الذعر يكون سببه ذلك الاضطراب النفسي الذي يصيبه نتيجة اختلال المبادئ التي يفهم بها الوجود ، فإن ذلك الاختلال يطَّرِد في نفس الطفل فيرفع الثقة عن كل ما يؤمن به حوله ، إذ ربما يحصل له أي حادث فجأة دون مقدمة أو سبب أو فاعل !

    ـ والبحث في العلل أمر قديم ، قدم الفكر نفسه ، فمنذ العصور الفلسفية لليونان نجد أرسطو قد اهتم بدرس العلل ، وقسمها إلى علل أربع : المادية ، والصورية ( الهيولى ) ، والفاعلية ، والغائية(10) ، والله عنده هو العلة الأولى ، وليس معلولا لشيء آخر(11) .

    ـ العجيب أن ذلك المبدأ الضروري البدهي يضادُّ كل المذاهب الإلحادية جملة ! ، رغم أن المذاهب الإلحادية جميعها تدعي تعظيم العقل وتقديسه وأنه هو الذي حملها على إنكار الغيب ، فإذا بها تدفع من العقل مبادئه وقوانينه الأولى التي بها يكون الحكم على ما دونها من أفكار .

    ـ فالمذاهب الإلحادية ـ واللاأدرية ـ تناقض هذا المبدأ في اتجاهين ، الأول : منهما فيما يتعلق بنفس المبدأ ، والثاني : فيما يتعلق بما يقتضيه ـ وهو ما سيأتي فيما بعد هذه النقطة ـ .

    * السببية بين هيوم وكانط :

    ـ يعد موقف الفيلسوف الكبير الإنجليزي الملحد ديفيد هيوم(12) من مسألة السببية من أشهر مقالاته الفلسفية ، حيث ذكر هيوم في كتابه الأكبر( بحث في الطبيعة الإنسانية ) أن فكرة العلية قائمة على أسس ثلاثة : هي الاتصال ، والأسبقية ، والارتباط الضروري ( الضرورة ) .

    ويقصد بالاتصال أن الأسباب والمسببات متصلة ببعضها ، وأن الشيء لا يمكن أن يحصل في زمان أو مكان يبْعُد عن زمانه ومكانه بالفعل ، بل إن الأشياء التي تعد أسبابا لمسببات ولا تكون متصلة بها ، بالبحث المتقصي نكتشف أن بينها اتصالا من العلل المتسلسلة ، بل إننا إن لم نفطن لهذا الاتصال فإننا نفرضه في الذهن .

    أما الأسبقية : فإن هيوم ممن لا يرون ضرورة أن تكون العلة ـ بحسب الظاهر كما سيأتي ـ سابقة على معلولها ، بل يراها أمرا يحتمل ( الجدل ) ، ومع تسليمه أن التجربة في معظم الأحيان تنتصر لأسبقية العلة على المعلول ، لكن مبدأ الأسبقية يبقى ـ عنده ـ دائما غير قابل للتدليل بنوع من الاستنتاج أو البرهان !

    ويبقى الارتباط الضروري ، وهو الذي صرح هيوم أنه لا يعني العلية ولا يقتضيها ، يقول : ( رؤية أي شيئين أو فعلين ، مهما تكن العلاقة بينهما ، لا يمكن أن تعطينا أ ي فكرة عن قوة ، أو ارتباط بينهما ، وأن هذه الفكرة تنشأ عن تكرار وجودهما معا ، وأن التكرار لا يكشف ولا يحدث أي شيء في الموضوعات ، وإنما يؤثر فقط في العقل بذلك الانتقال المعتاد الذي يحدثه ، وأن هذه الانتقال المعتاد من العلة إلى المعلول هو : القوة والضرورة ) ، ثم يقول : ( وليست لدينا أية فكرة عن العلة والمعلول غير فكرة عن أشياء كانت مرتبطة دائما ، وفي جميع الأحوال الماضية بدت غير منفصلة بعضها عن بعض ، وليس في وسعنا النفوذ إلى سبب هذا الارتباط . وإنما نحن نلاحظ هذه الواقعة فقط ، ونجد أنه تبعا لهذا الارتباط المستمر فإن الأشياء تتحد بالضرورة في الخيال . فإذا حضر انطباع الواحد كوَّنا نحن في الحال فكرة زميله المرتبط به في العادة )(13).

    ويمكن القول إن هيوم لم ينكر قانون العلية صراحة ، إلا أنه يرى أنه ليس إلا علاقة ذهنية يفرضها التكرار والارتباط ، وهذا لأنه لا يخضع للتجربة والبرهان بزعمه ، وعلى ذلك فـ ( هيوم أول فيلسوف أوروبي نقل فكرة العلة من معانيها الأرسطية إلى معنى التتابع المجرد بين السبب والمسبب ، أي التتابع الذي لا يعني شيئا أكثر من أن السبب سابق لمسببه فيما دلت عليه العادة ( التجربة ) . وقد كان يمكن عقلا أن يجيء الترتيب على صورة أخرى ، لكنه جاء هكذا ) !!(14) .

    ـ وإذا انتقلنا إلى كانط (15) ( أعظم فلاسفة العصر الحديث )(16) ، الذي كان يرى أن وجود الله لا يمكن التدليل عليه بالدليل العقلي(17) ، وكذلك يستحيل التدليل على عدم وجوده ، حيث انتهى إلى ( رفض موقف المنكرين لوجود الله ، وكذلك رفض موقف الدوجماتيقيين المثبتين لوجود الله بطريق العقل النظري المحض )(18) ، بل اعتبر وجوده تعالى من ( مصادرات العقل العملي ) ـ كما سيأتي ـ ، ليكون بذلك إرهاصا واضحا للأدرية ، والتوسط بين الاتجاه الهيومي ، والاتجاه الديكارتي .

    ـ ورغم أنه قرر العلية في أول كتبه(19) ( إيضاح جديد للمبادئ الأولى للمعرفة الميتافزيقية ) ، حيث جعل قسمه الأول : لمبدأ عدم التناقض ، أو الهوية ، وقسمه الثاني : لمبدأ العلة الكافية ، الذي نص فيه صراحة على أنه ( لابد للموجود الممكن من سبب سابق يحدده ) ، و ( أننا إذا تصاعدنا في سلسلة العلل إلى العلة الأولى ؛ فإنه لا مجال بعدُ لأي تصاعد )(20) .

    ـ إلا أن هذا لم يدم طويلا ، فبعد أن اطلع كانط على فلسفة هيوم بدا جليا تأثره بهيوم(21) ، فقد ( كان تأثير هيوم أبعد مدى، وقد قال كنط فيما بعد: إن هيوم أيقظه من سباته الاعتقادي، وكان ذلك برأيه في مبدأ العلية بنوع خاص، إذ كان قد قال: إن مبدأ العلية ليس قضية تحليلية، أي: إن المعلول ليس متضمنًا في العلة أو مرتبطًا بها ارتباطًا ضروريًّا، وإن الضرورة التي تبين له ما هي إلا وليدة عادة تتكون بتكرار التجربة )(22) .

    ـ وعقب هذا التأثر وبدخول كانط للمرحلة النقدية في تفكيره يمكن القول إنه وصل لنوع من اللا أدرية ، والديالكتيكية ـ تناقض التفكير ـ(23) ، كما سيأتي في معنى النقائض عنده ، لكنه لم يصل إلى الديالكتيك صراحة كما عند هيجل مثلا بطبيعة الحال .

    يظهر مثل ذلك جليا في كثير من نصوصه ، فنراه يقول : ( عندما لا نقتصر ، في استعمالنا للمبادئ الفاهمية ، على تطبيق عقلنا على موضوعات التجربة ، بل نغامر بمد العقل إلى ما وراء حدود هذه التجربة ؛ ستتولد قضايا مماحكة لا أمل بمصادقة التجربة ، ولا خوف عليها من مناقضتها ، وكل واحد منها سوف لن تخلو من التناقض وحسب ، بل ستجد أيضا في طبيعة العقل الشروط التي تجعلها ضرورية ! ، لكن للأسف ، سيستند " الزعم النقيض " هو الآخر إلى حجج تتمتع بنفس المصداقية ونفس الضرورة )(24) ! .

    ـ وعلى مستوى تناوله لقضية العلية ، وتأثره بتشكيك هيوم فيها ، نلحظ أول آثار ذلك في مشروعه لنقد العقل المحض ( النظري ) ، وما يعرف بنقائض العقل المحض(25) ، فالنقيضة الثالثة المشهورة لكانط : ( ليست السببية وفقا لقوانين الطبيعة ؛ السببية الوحيدة التي يمكن أن تستمد منها ظاهرات العالم بأسرها ، ومن الضروري كي نفسرها أن نسلم بوجود علية بحُرِّيَّة(26) ) / ونقيضها ( ليس ثمة من حرية ، وكل ما يحدث في العالم يحدث فقط وفقا لقوانين طبيعية )(27) ، والمقصود من قوله ( علة حرة ) أي علة ليست مسبوقة بقانون علية ، فيكون علة غير معلولة(28) ، والنقيضة التي تخالفها عنده أن وجود تلك العلة الحرة ـ غير المعلولة ـ يُدْخِل عدم الإحكام في الطبيعة ! ، ( ويحطم وحدة التجربة التي تقتضي أن تترابط الظواهر فيما بينها ، دون أية ثغرة ، بعلاقة المقدمات والتوالي . فيجب إذن الاقتصار على الضرورة الطبيعية واستبعاد الحرية ، التي تدخل الاضطراب في العالم وفي المعرفة )!(29) .

    ـ والجدير بالذكر هاهنا أن نشير إلى أن كانط الذي توصل إلى موقف ديالكتيكي وسيط قريب من اللا أدرية ـ كما تقدم ـ قد اعتبر وجود الله ( العلة الحرة ) ضرورة(30) أخلاقية(31) ، لضمان حرية الإرادة ، ومن ثمَّ صحة المسؤولية(32) ، ولضمان تكامل الفضيلة والسعادة(33) .

    ـ والعجيب أن الحرية التي دفعت كانط إلى إثبات العلة الحرة ، باعتبارها أمرا ضروريا ـ كما تقدم في نقد العقل المحض ـ يرجع كانط ويتناول الحرية ـ نفسها ـ باعتبارها مصادرة هي الأخرى(34) !!

    ـ ومن هنا ( يمكن التحدث عن نوع من الازدواج في عقلية كنت ، جانب عقلي صارم ملتزم بالبرهان العقلي والتجريبي الدقيق ، وجانب أخلاقي يخلي مجالا للأماني الإنسانية في ميدان الأخلاق ) ، و ( يشعر بنوع من الحنين إلى الإبقاء على بعض المعاني الأساسية في الميتافيزيقا ، وسعى لذلك جهده ، لكنه لم يستطع الإبقاء عليها إلا عن طريق الأخلاق )(35) .

    ـ أما برتراند راسل(36) فلا نجده يبتعد كثيرا عن تقريرات هيوم ، بل لا يعدو كلامه عن العلية إلا صدى لصوت هيوم المنادي بكونها علاقة ذهنية لا حقيقة لها في الموضوعات الخارجية ، ففي سياق نقده للاستناد إلى الخبرات الحسية في التفسير ، يقول : ( أنقتصر على خبراتنا الحسية وما تأتي به ؟ ، فإذا لم يكن بين هذه الخبرات خبرة مباشرة بما يسمى ( قوة ) فلا داعي لافتراضها عند تفسير الطبيعة وظواهرها ، إنها أحداث تتلاحق وتترابط مجموعات بمجموعات ، فإذا اطرد حدوث مجموعة منها كان ذلك واحدا من قوانين الطبيعة ، فالأمر كله حوادث وارتباطها بالتجاور ، ولا شيء غير ذلك في علمنا ؛ إلا ما نتبرع به ظنا ووهما .

    فإذا اعترض علينا معترض بأن ( القوة ) الرابطة بين السبب ونتيجته هي مما يرد في خبراتنا ؛ أجبناه بأنه يخلط بين ما ( يخبره ) وبين ما ( يستدله ) .

    إنه قد يرى الريح تقتلع الشجرة ، فيظن أنه قد رأى بعينه ( القوة ) التي فعلت بها الريح ما فعلت ، لكنه أحس الريح ، وأحس الشجرة تقتلع ، ثم ( استدل ) من عنده ( قوة ) ؛ لأنه يميل بفطرته أن يسأل ( لماذا ) ، على حين أن النظرة العلمية تسأل ( كيف ) ، ولا تزيد على ذلك ؛ إننا لا نلاحظ إلا أحدثا في تتابعها المطرد ، من اطراد التتابع تتألف القوانين الطبيعية ، أما ( لماذا ) كانت هذه القوانين على نحو ما كانت ؛ فشيء لا يأتي بين ما يأتينا عن طريق الخبرة الحسية .

    ولو حاولنا تعليل القوانين بقولنا ( لماذا ) لاحتاج التعليل إلى تعليل ، وهذا إلى ثالث ، وهلم جرا ، ونكون عندئذ كالهندي الذي سأل ( لماذا ) لا تسقط الأرض في الفضاء ؟ ، وأجاب نفسه بقوله : لأنها تستند إلى فيل ، ثم سأل مرة أخرى : وملاذا لا يسقط الفيل في الفضاء ؟ ، وأجبا نفسه بقولك : لأنه بدوره يستند إلى سلحفاة ، لكنه سأل نفسه : ولماذا لا تسقط السلحفاة في الفضاء ؟ ، فأخذته الربكة ، وقال : إنه ملَّ البحث الميتافيزيقي ، ولا يردي المضي فيه )(37) .

    ـ ولعله من الحسن أن أشير إلى أن قضية العلة رغم ما هي عليه من البداهة والأولية ـ كما تقدم ـ فقد وجد شواهد من البوادر للكلام في شأنها في صدر الإسلام ، ولكن بدافع مغاير تماما ، ألا وهو التأكيد على مسألة خالقية الله تعالى ، وتوحيده ، وتنزيهه عن الشرك ، مما حد ببعض الغلاة في هذا المفهوم إلى إنكار السببية جملة ، والقول بالجبر ، وهم الجهمية الأوائل ، ثم وجد صدى هذا القول عند الأشعرية ـ من متوسطي الجبرية(38) ـ وقالوا إن الأسباب لا تؤثر في المسببات ، وإن العلاقة بينهما اقتران كذلك(39) ، لكن ينبغي أن يقال إن الأشعرية لم ينكروا السببية مطلقا ، وإنما أنكروا تأثير الأسباب في المسببات ، واقتضاء حصول المسببات للأسباب .

    ولا إشكال في كون هذا باطلا بالعقل والحس ، فإن ( الناس يعلمون بحسّهم و عقلهم أنّ بعض الأشياء سبب لبعض، كما يعلمون أنّ الشبع يحصل بالأكل لا بالعدّ، و يحصل بأكل الطعام لا بأكل الحصى، و أنّ الماء سبب لحياة النبات و الحيوان، كما قال الله: (و جعلنا من الماء كل شيء حيّ ) (الأنبياء: ص 30 ) و أنّ الحيوان يروى بشرب الماء لا بالمشي، و مثل ذلك كثير )(40) .

    ولا شك أن الأشاعرة ـ وحتى الجهمية ـ ممن نازعوا في تأثير الأسباب في المسببات ، كانوا متفقين على القاعدة الكلية ، وهي أن لكل معلول علة ، ولكنهم حصروا تلك العلة في الخالق عز وجل ، لشبهات عرضت لهم ، هذا بخلاف من نازع في أصل مبدأ العلية ممن ذكرناه من الفلاسفة المتأخرين بأوروبا ، والذين كانوا لا يؤمنون بالخالق ، بصورة أو بأخرى .

    * وقد أشار القرآن العظيم إلى مبدأ السببية ، وأنها من أوضح الأدلة على وجود الله تعالى ، في قوله ـ عز شأنه ـ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } [الطور: 35] ، فالاحتمال الأول : ( خلقوا من غير شيء ) ، هو المقتضي عدم العلية ، وقد عرفت أنه محال .

    2 ـ العلية العشوائية ( عدم النظام ( الصدفة ) / المادية الضرورية ) :

    وهذا هو المستوى الثاني من مخالفات الملحدين في السببية ، إذ لا يعرف أن أحدا أنكر العلية إنكارا تاما إلا هيوم ـ وفي درجة أقل منه ما ذكرناه من نقد كانط للإجراء السببي ـ ، والمستوى الثاني الذي نذكره هو فيما يتعلق بما تقتضيه العلية .

    فالمذاهب الإلحادية تدور على القول بنشوء العالم إما على سبيل الصدفة ، وإما على سبيل القانون الضروري .

    * الصدفة :

    ـليس المراد بالصدفة أن العالم نشأ من لا شيء ، أو دون علة ، ولكن المراد منها أن العالم قد وُجد نتيحة سلسلة من التفاعلات الطويلة ، دون تنظيم أو تخطيط سابق ، ويمثل ذلك بجلاء ما يقوله هكسلي(41) عن نشأة الكون : ( لو جلست ستة من القردة على آلات كاتبة ، وظلت تضرب على حروفها لملايين السنين فلا نستبعد أن نجد في بعض الأوراق الأخيرة التي كتبوها قصيدة من قصائد شكسبير! فكذلك كان الكون الموجود الآن نتيجة لعمليات عمياء ، ظلت تدور في المادة لبلايين السنين )(42) !!! .

    ـ ويستحق هذا الهراء تعليقا ساخرا كتعليق كونكلين : ( إنّ القول إن الحياة وجدت نتيجة حادث اتفاقي شبيه في مغزاه بأن نتوقع إعداد معجم ضخم نتيجة انفجار صدفي يقع في مطبعة )(43) ، بل إنه في حقيقة الأمر لا يعدو كونه ( من قبيل اللغو المثير ، بكل ما تحويه هذه الكلمة من معان )(44) على حد تعبير وحيد الدين خان .

    ـ ورغم ظهور بطلان هذا القول وسخفه ، إلا أنه مما يبطل القول بالمصادفة بهذا المفهوم ما يعرف بـ ( برهان العناية )(45)، أو ( برهان النظم ) ، وحاصله : أن العالم مصمم بحيث يتلاءم مع حاجات الإنسان ، فإن الإنسان حين يجوع ، فإن في الطبيعة من المواد ما يسمح بتجاوز الجوع وسده ، وكذا العطش ، وكذا الجنس ، ومثل ذلك التصميم العمدي المعتنى فيه بتكامل الوجود يستحيل أن يكون خبط عشواء .

    يقول الدكتور فرانك ألن(46) عالم الطبيعة البيولوجية : ( إن ملاءمة الأرض للحياة تتخذ صورا عديدة لا يمكن تفسيرها على اساس المصادفة أو العشوائية )(47) .

    وكذلك يقول العالم: كريسي موريسون(48) : ( إنّ جميع مقومات الحياة الحقيقية ما كان يمكن أن يوجد على كوكب واحد في وقت واحد بمحض المصادفة )(49) .

    ويستفيض المتخصصون في مجالات الفيزياء والكيمياء والفضاء في بيان أوجه تلك العناية ، التي تصل في بعض الأحيان أن تخلف جزء كيميائي معين ، أو زيادة طفيفة لحركة الأرض ، أو مسافة الشمس ، ونحو ذلك ؛ تؤدي إلى نهاية الحياة على ظهر الأرض فورا !

    وأكتفي هنا بنقل كلام لموريسون ، يقول : ( إنّ حجم الكرة الأرضية وبعدها عن الشمس ، ودرجة حرارة الشمس وأشعتها الباعثة للحياة ، وسمك قشرة الأرض وكمية الماء ، ومقدار ثاني أوكسيد الكربون وحجم النتروجين وظهور الإنسان وبقاؤه على قيد الحياة ، كل أولاء تدلّ على خروج النظام من الفوضى ، وعلى التصميم والقصد ، كما تدلّ على أنّه طبقاً للقوانين الحسابية الصارمة ما كان يمكن حدوث كل ذلك مصادفة في وقت واحد على كوكب واحد مرة في بليون مرة ، « كان يمكن أن يحدث هكذا » ولكن لم يحدث هكذا بالتأكيد !!

    وحين تكون الحقائق هكذا قاطعة وحين نعترف ـ كما ينبغي لنا ـ بخواص عقولنا التي ليست مادية فهل في الإمكان أن نغفل البرهان ، ونؤمن بمصادفة واحدة في بليون ونزعم أنّنا وكل ما عدانا ، نتائج المصادفة.

    لقد رأينا أنّ هناك ٩٩٩/٩٩٩/٩٩٩ فرصة ضد واحد ، ضد الاعتقاد بأنّ جميع الأُمور تحدث مصادفة »(50) .

    ـ كذلك من الأوجه الدالة على بطلان المصادفة بهذا المعنى البرهان الرياضي ، يقول العالم الأمريكي الشهير كريسي موريسون : ( « لو تناولت عشر قطع ، وكتبت عليها الأعداد من واحد إلى عشرة ثم رميتها في جيبك وخلطتها خلطاً جيداً ثم حاولت أن تخرج منها الواحد إلى العاشر بالترتيب العددي بحيث تلقي كل قطعة في جيبك بعد تناولها مرة أُخرى.

    فإمكان أن تتناول القطعة رقم (١) في المحاولة الأُولى هو واحد على عشرة ، وإمكان أن تتناول القطعة رقم (١) و (٢) متتابعين هو بنسبة واحد على مائة ، وفرصة سحب القطع التي عليها أرقام (١ و ٢ و ٣) متتالية هي بنسبة واحد على ألف ، وفرصة سحب (١ و ٢ و ٣ و ٤) متوالية هي بنسبة واحد على عشرة آلاف ، وهكذا حتى تصبح فرصة سحب القطع بترتيبها الأوّل من ١ إلى ١٠ هي بنسبة واحد من عشرة بلايين محاولة )(51) .

    * وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك الدليل صراحة ، في غير ما آية ، مثل : {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) } [النبأ: 6-7]-إلى قوله- {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) } [النبأ: 16] ، ومثل قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا (61) } [الفرقان 61] إلى قوله تعالى: {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) } [الفرقان 62] ، ومثل قوله تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) } [عبس: 24] ، وقوله {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164] ، وقوله {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد: 3] .

    ومن الآيات الواضحات في ذلك في سورة الواقعة ، قوله تعالى : {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 57 - 59] .

    وقوله : {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة: 62 - 74] .

    فكل تلك الآيات العظيمة من الأدلة القرآنية ـ وهي أدلة عقلية بحسب المحتوى ـ تتناول مسألة العناية ، والنظام في الكون ، وأن هذا دليل حاسم على أن الكون مخلوق لخالق حكيم عظيم .

    * المادية :

    ويراد بالمادية ذلك الاتجاه العام القائل بقدم المادة ، وعدم خلقها أو حدوثها ، وأن نشأة العالم نتيجة قانونها .

    وذلك اتجاه قديم ، وجدت آثاره في الفلسفة اليونانية القديمة ، في الاتجاهات القائمة على عناصر العالم الأربعة ( الماء والهواء والتراب والنار ) ، وأنها أصل الوجود ، وقال ( أنبادوقليس ) ـ فيما يعرف بمدرسة الطبيعيين المتأخرين ـ بقدمها ، وإن كل شيء يتكون من اتحادها وافتراقها(52) .

    واستمرت تلك الاتجاهات ـ على خلافات بينها ـ موجودة فيمن يعرف بالبراهمة ، والسمنية ، كما يشيع في التراث العربي تسميتهم ، وهي ديانات ومذاهب أسيوية ، ولعله أشير إلى هذا الصنف من الناس في مثل قوله تعالى : { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] .

    ثم صارت تسميتهم الشائعة في الوسط الإسلامي الدُّهرية ، نسبة إلى الدهر ، والقصد أنهم يقولون بقدم العالم وأنه لا مبدأ له(53) ، قال ابن حزم : ( لَا يَخْلُو الْعَالم من أحد وَجْهَيْن : إِمَّا أَن يكون لم يزل ، أَو أَن يكون مُحدثا لم يكن ثمَّ كَانَ ، فَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَنه لم يزل وهم الدهرية وَذهب سَائِر النَّاس إِلَى أَنه مُحدث )(54) .

    ثم استمر ذلك الاتجاه حتى آلت إلى ما يعرف ما يعرف بمدرسة الفلسفة الطبيعية في القرن الثامن عشر(55) ، التي انتهت إلى المادية الضرورية المحضة متمثلة في مدرسة ماركس وأتباعه .

    تقوم تلك المادية على أن المادة قديمة ، ولها قوانينها ، وتلك القوانين هي التي أوجدت كل الموجودات ، وقوانين المادة تلك هي البديل على الاختراع الإلهي ، فالمادة هي الله ، وقوانينها هي الإرادة الإلهية ، بحسب ماركس مثلا : ( إن العزة الإلهية والهدف الإلهي هي الكلمة الكبيرة المستعملة اليوم لتشرح حركة التاريخ ، والواقع أن هذه الكلمة لا تشرح شيئا )(56) .

    ويقول كيلي وكوفالزون : ( إن العلم إذ يكشف عن الصلات الطبيعية بين ظواهر الطبيعة ؛ يطْرُد في تصوره الإله من الطبيعة ، ويدحض خطأ المثالية ، ويؤيد صحة النظرة المادية للعالم ، والعلم يتفق مع المادية في بحثه عن الحقيقة في الحياة ذاتها ، وفي الطبيعة ، وهذا ما يدل على أن العلم الحقيقي هو ذو طابع مادي . إن العلم مادي بطبيعته وبجوهره ، والمثالية غريبة عنه وعدوة له )(57) ، ويرى دولباك(58) ( أن المادة متحركة بذاتها، وأن كل شيء يفسر بالمادة والحركة, وأنهما أزليتان أبديتان, خاضعتان لقوانين ضرورية هي خصائصهما. فليس العالم متروكًا للصدفة، ولا مدبرًا بإله، وكل الأدلة على وجود الله منقوضة, ولا غائية في الطبيعة. ليست العين مصنوعة للرؤية، ولا القدم للمشي, ولكن المشي والرؤية نتيجتان لاجتماع أجزاء المادة. ولا نفس في الإنسان، ولكن الفكر وظيفة الدماغ، والفرق بين العقول نتيجة الفرق بين الأدمغة )(59) .

    ويتضاعف ذلك الغلو المادي في تصور أن المادة الصماء سابقة على العقل نفسه وكل آلاته وإدراكاته ، فقد ( وجدت الطبيعة ليس فقط قبل الناس ، وإنما عموما قبل الكائنات الحية ، وبالتالي مستقلة عن الإدراك ، وهي أولية . أما الإدراك فلم يستطع التواجد قبل الطبيعة ، فهو ثانوي )(60) !! ، ( فواضح أنهم يعتبرون المادة هي الأصل الذي انشقت منه كل الكائنات الحية ، وغير الحية ، بما في ذلك الإنسان ، وأنشأ كل ما يحتوي عليه عالم الإنسان من أفكار ومشاعر .

    أما المادة ذاتها فلم تخلق ، إنما كانت موجودة ، وستظل دائما موجودة ، أي أنها أزلية أبدية موجودة بذاتها ومنشئة لغيرها .

    وأما الله الأزلي الأبدي الخالق البارئ المصور المريد الفعال لما يريد؛ فهو عندهم خرافة ابتدعها خيال الإنسان . والحقيقة الوحيدة هي المادة ، والوحدة التي تجمع الكون هي ماديته )(61) .

    ـ وهذا القول ليس بأفضل من نظرية المصادفة ( عدم النظام ) ، بل هو هو في الحقيقة ، لأنه قائم على أن للمادة قوانين ، تلك القوانين هي التي أبدعت النظام ، لكنه لم يتعرض بالبحث لمنشأ تلك القوانين أصلا ! .

    ففي الوقت الذي قد يعد فيه المذهب المادي غلوا في باب العلية ، لأنه يرجع كل الوجود لقوانين صارمة طبيعية قسرية ، وأنه يمثل التناقض مع الفكر الهيومي في التشكك في العلية أو موقف كانط المرتاب منها ؛ إلا أنه بالفحص في مقومات هذا المذهب يبدو أنه قائم على علية غير معقولة! ، لأن العلة التي تنتج معلولات تفوقها في الطبع والقوة لا يمكن أن تكون علة ولا أن يكون المعلول معلولها ! ، وسنشير إلى هذا فيما يتعلق بسنخية العلة .

    فـ ( المادة لا يمكن أن تكون مطلقا مبدأ حياة ولا مصدر ، لأن ما كان خاليا من شيء قوة وفعلا لا يمكنه مطلقا أن يكون مصدرا له ، ومادة الخالية من الحياة بالقوة والفعل ، فإذا لا يمكن أن تكون مصدرا للحياة . أما خلوها من الحياة فعلا فبالمشاهدة ، لأن كلا يرى أن المادة عرية منها ، وإلا لاقتضى أن تحرك نفسها فعلا بأن تنمو أو تحس أو تعقل ، وذلك ظاهر البطلان ظهور الشمس في رابعة النهار . وأما خلوها منها بالقوة ؛ فلأنها لو قدرت أن تبرز الحياة ذات يوم لقدرت أن تبرزها الآن ؛ لأن طبائع الأشياء ثابتة لا تتغير ، فكما كانت من قبل فهي الآن ، ولا يمكن أن توجد في وقت وتضمحل في آخر ، وذلك مقرر في مبادئ العلوم الطبيعية الثابتة ، فما شوهد قط ولا يشاهد أدنى أثر للحياة في المادة ؛ فإذا ثبت الافتقار إلى موجد هو مسبب الأسباب )(62) .

    و ( الواقع الذي ينبغي أن نسلم به هو أن جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من غير الحية ، قد باءت بخذلان وفشل ذريعين.

    ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجمع بعض الذرات والجزيئات عن طرق المصادفة، يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة وصيانتها وتوجيهها بالصورة التي شاهدناها في الخلايا الحية. وللشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة، فهذا شأنه وحده. ولكنه إذ يفعل ذلك فإنما يسلم بأمر أشد إعجاز وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله الذي خلق هذه الأشياء ودبرها )(63) ، بحسب رسل تشارلز آرنست(64) .

    3 ـ الدور :

    فضلا عن سخف تصور ( الصدفة ) لكونه يخالف مبدأ ( السببية ) الضروري ، وكذلك القول بالقانون الطبيعي ، لمخالفته مبدأ السببية كذلك من وجه آخر كما تقدم ؛ فإن هذه الأقوال تحتوى على تناقض آخر ذاتي ! ، إذ إنها تجعل نفس العالم خالقا ومخلوقا في وقت واحد ، وهذا ما يسمى بالدور(65) ، وهو باطل بالضرورة .

    ( ويقول عالم الطبيعة الأمريكي جورج إيرل ديفيس : ( لو كان يمكن للكون أن يخلق نفسه فإن معنى ذلك أنه يتمتع بأوصاف الخالق، وفي هذه الحال سنضطر أن نؤمن بأن الكون هو الإله، وهكذا ننتهي إلى التسليم بوجود (الإله) ولكن إلهنا هذا سوف يكون عجيباً، إلهاً غيبياً ومادياً في آن واحد! إنني أفضل أن أؤمن بذلك الإله الذي خلق العالم المادي، وهو ليس بجزء من هذا الكون، بل هو حاكمه ومديره ومدبره، بدلاً من أن تبنى مثل هذه الخزعبلات )(66) .

    * وقد أشار القرآن العظيم لذلك الدليل في قوله تعالى {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } [الطور: 35] ، فالاحتمال الثاني : ( أم هم الخالقون ) يقتضي الدور ، وهو باطل .

    4 ـ عدم التناسب ( السِّنْخِية ) :

    تتضمن مذاهب الملاحدة فيما يتعلق بمبدأ العالم مغالطة عقلية صريحة أخرى ، وهي مخالفة قاعدة تناسب العلة ( سنخية(67)العلية )(68) .

    فذلك الكون المخلوق على هذا الوجه من الحياة ، والنظام ، والعقل ، والتدبير ، لا يكون صادرا عن قانون ضروري مجرد ، أو مادة صماء ، أو صدفة عشوائية ، فهذا كمن يتصور أن جرثومة مجهرية ، أو حيوانا أعجم ، أو طفلا رضيعا ؛ يبرمج حاسوبا ذكيا ، أو يصنع حفارا جبارا للتنقيب عن المعادن ! ، ولو ادُّعِيَ هذا في الواقع المشاهد لرُمِيَ بالجنون المطبق ، فكيف بمن يدعيه في الكون جملة أنه نشأ دفعة من العدم ، فيجعل استمداد الوجود من العدم ، أو يقول بقدم المادة ، وأنها لم تسبق بعدم ، لكنها تطورت وصممت كل ما في الكون من مخلوقات !

    قال القاضي الباقلاني : ( ويدل على أنه عالم : صدور الأفعال الحكيمة المتقنة الواقعة على أحسن ترتيب ونظام وإحكام وإتقان ، وذلك لا يحصل إلا من عالم بها . ومن جوَّز صدور خط معلوم منظوم مرتب من غير عالم بالخط ؛ كان عن المعقول خارجا ، وفي عمل الجهل والجا !

    ويدل على صحة ذلك أيضا : أنه حي ، قادر ، عالم ؛ أنا لو جوزنا صدور أفعال محكمة متقنة من غير حي ، عالم ، قادر ؛ لم نَدْرِ : لعل جميع ما يظهر لنا من أفعال الناس من الكتابة والصناعة وسائر الصنائع لعلها لنا منهم وهم أموات عجزة جهلة ، ولعل لنا في هذه المسألة المناظر عليها ميت عاجز )(69) !

    كما يجدر أن السنخية لا تقتضي أن تكون العلة من جنس المعلول مطلقا(70) ، أو أن تشابهه في كل صفاته ، أو تماثله من كل وجه ، لكن القدر المتحقق منها يجب أن يكون في إثبات التناسب ، والإعطاء عن وجدان لا عن عدم ، وهذا يظهر في حديث خلق آدم على صورة الله تعالى(71) ، بل لو سلم أن السنخية تقتضي المشابهة في الجنس ـ وهو ليس بلازم ـ فتخصيص الباري تعالى بعدم مشابهة خلقه وتنزيهه عن كل نقص ثابت بأدلة العقل والنقل على سبيل القطع .كما أن السنخية لا تخالف استحقاق الصانع رتبة أعلى من المصنوع ، بل ثبت بالعقل والنقل أن كل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه اتصف به المخلوق فوصف خالقه به أولى على ما هو معروف في مظانه(72) .

    قال شيخ الإسلام : ( وهكذا كل ما في المخلوقات من قوة وشدة تدل على أن الله أقوى وأشد وما فيها من علم يدل على أن الله أعلم وما فيها من علم وحياة يدل على أن الله أولى بالعلم والحياة.

    وهذه طريقة يقر بها عامة العقلاء ، حتى الفلاسفة يقولون: كل كمال في المعلول فهو من العلة )(73) .

    * ويستنبط بعضهم(74) السنخية من القرآن الكريم ، من قوله تعالى : { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] ، وفيه بحث .

    ومن قوله : {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } [يونس: 35] ، لأنها دالة أن فاقد الشيء لا يعطيه ، وفاقد الهداية لا يمكنه الهداية ، وهذا أقرب مما قبله .



    الهوامش

    1. بحسب Oxford Dictionary ، عند معنى Religion .

    2. انظر مقالا بعنوان ( الإلحاد ) للفرنسي : أندري كونت سبونفيل /André Comte-Sponville ، ترجمة : حسن أوزال ، منشور بموقع ( الأوان ) الإلكتروني : وهو موقع يعنى بنشر الأفكار العلمانية والإلحادية.

    3. قد يتطور ذلك الاتجاه لمناهج تشككية ولا أدرية تتجاوز سلبية الإلحاد ، لكنها في حقيقة الأمر لا تعدو كونها تنظيرًا للتشكيكات السلبية في قوالب شبه علمية ، ففي تقديرنا أن مذاهب اللاأدرية ليست سوى تحسين وتنميط لسذاجة الإلحاد السلبي .

    4. تقوم المعركة بين الإيمان والإلحاد السلبي على تقديم الأدلة المتنوعة على وجود الله تعالى ، وتتميم بنائها العقلي والمنطقي والفلسفي بحيث لا يرد عليها الشك أو الإبطال ، فالجانب الذي فيها بنائي في الغالب . أما المعركة بين الإيمان والإلحاد الإيجابي ؛ فهي معركة متطورة شرسة ، تقوم على جانب هدمي : يتمثل في إبطال أدلة الإلحاد ، وجانب بنائي : يتمثل في تقديم الأدلة المضادة .

    5. يسمى هذا في مباحث المنطق الصوري ( الكلاسيكي / التقليدي ) : الدليل الخطابي ، أو الصناعة الخطابية .

    6. موسوعة لالاند الفلسفية ، تعريب خليل أحمد خليل ، 1/155 .

    7. نفسه .

    8. المباحث المشرقية للفخر الرازي ، 1/586 .

    9. المعجم الفلسفي لجميل صليبا ، 1/649 .

    10. صليبا 2/96 ، وراجع للتوسع : الطبيعة لأرسطو ، ترجمة حنين بن إسحق ، مع الشروح ، تحقيق د عبد الرحمن بدوي 1/100 ، وتلخيص منطق أرسطو لابن رشد ، تحقيق د جيرار جهامي ، 5/471 ، والسماع الطبيعي لابن سينا ـ من كتاب الشفا ـ تحقيق الدكتور جعفر آل ياسين ، طبعة دار المناهل ، الفصل العاشر : في تعريف أصناف علةٍ علةٍ من الأربع ، 111 .

    11. تاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم ، 148 .

    12. ديفيد هيوم David Hume ( 1711 ـ 1776 ) ، فيلسوف إنجليزي ، مادي حسي ، تجريبي ، ملحد ، ولد وتوفي بأدنبره ، أهم كتبه : بحث في الطبيعة الإنسانية ، ثلاثة أجزاء ، وفحص عن الفهم الإنساني ، وفحص عن مبادئ الأخلاق ، والتاريخ الطبيعي للديني ، وغير ذلك . راجع تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم 172 – 173 .

    13. بدوي 2/615 – 616 ، ونسبهما لكتابه مبحث في الطبيعة الإنسانية ، الكتاب الأول ـ القسم الثالث ، الفقرة 11-14 ، والكتاب الثالث ، الجزء الثالث ، فقرة 6 ، على الترتيب . وراجع تحقيق في الذهن البشري لهيوم ، ترجمة د محمد محجوب ، 116 – 117 ، و 126 ، حيث يقول في الصفحة المذكورة أخيرا : ( متى حصل لنا الاقتناع بأننا لا نعرف عن السببية أيا كان نوعها شيئا أبعد من مجرد الاقتران الثابت بين الموضوعات ، وما يترتب على ذلك من استنتاج الذهن لموضوع من موضوع آخر ، ولما وجدنا أن الناس قد أقروا إقرارا كليا بمكان هاتين الحيثيتين في الأفعال الإرادية ، فقد يكون من الأيسر علينا أن نعترف بضرورة واحدة مشتركة بين كل الأسباب ) . وراجع هيوم لزكي نجيب محمود 148 .

    14. مناهج البحث عند مفكري الإسلام لعلي سامي النشار ، 164 .

    15. عمانويل كانط Immanuel Kant ( 1724 – 1804 ) ، فيلسوف ألماني نقدي ، اهتم بنظرية المعرفة ، حاول التوسط بين التجريبية والعقلانية المثالية ، ووجه نقدا عقليا للدين وتوصل إلى استحالة إثبات وجود الله بالعقل ، لكنه لم يكفر بالله ، وترك قضية وجوده للضمير ، ونظَّر للأخلاق ، والسياسة والسلام ، ولد وتوفي بكونجسبرج ، أهم كتبه : نقد العقل الخالص النظري ( المشهور بنقد العقل المحض ) ، ونقد العقل العملي ، ونقد الحكم ، وميتافيزيقا الأخلاق ، ورسالة في السلام الدئم . راجع يوسف كرم 208 – 216 .

    16. وفق تعبير بدوي في موسوعة الفلسفة 2/269 .

    17. كما هو سبيل الميتافيزيقيين الدوجامتيقيين بزعمه ، ولذا تعرض بالنقد الطويل للأدلة العقلية الثلاثة على إثبات اللاهوت النظري ، في كتابه نقض العقل المحض ، 295 – 328 .

    18. بدوي 2/281 .

    19. المرحلة قبل النقدية من مؤلفاته .

    20. بدوي 2/271 .

    21. ( التحول الحاسم في فكر كنت قد حدث ـ فيما يبدو ـ في سنة 1796 ، ويبدو أن ذلك كان بتأثير هيوم ، على خلاف في بيان ذلك شديدٍ بين الباحثين . ذلك أن هيوم نبَّه كنت إلى مشكلة الكلية والضرورة في الأحكام ) ، بدوي ، 2/271 .

    22. تاريخ الفلسفة الحديثة ، ليوسف كرم 210 .

    23. يقول كانط : ( ويمكن أن نتصور بسهولة أن ساحة القتال هذه قد خيضت مرارا حتى الآن ، وأن عددا كبيرا من الانتصارات قد أحرز من جهة وأخرى ، أما بالنسبة إلى الانتصار الأخير الذي سيحسم المسألة ؛ فقد اتخذت الاحتياطات لكي يبقى دائما فارس الحق وحده سيد الميدان بمنع خصمه من حمل السلاح من جديد ، وليس علينا كحكم حيادي في المعركة أن نهتم بمعرفة هل يتصارع المتحاربون من أجل قضية محقة ، أم من أجل قضية باطلة ، ويجب علينا أولا أن ندعهم يحسمون المسألة . فقد يعترفون بعد أن يتعب الواحد منهم أكثر مما يؤذي الآخر ببطلان تنازعهم ویفترقون کأصحاب ) ، نقد العقل المحض 226 ، ویسمیه صراحة فی موضع لاحق بالمنهج الریبی !

    24. نقض العقل المحض لكانط ، ترجمة موسى وهبة ، 225 .

    25. هي أربع نقائض تتعلق بمقولات عقلية أربعة ، ( الكم ، الكيف ، الإضافة ، الجهة ) ، فتدور النقائض على تلك المقالات ( هل للعالم بداية زمانية ، وهل هو محدود مكانيا ؟ ـ هل كل جوهر مركب من أجزاء بسيطة ؟ ـ هل يوجد مبدأ للعلية ؟ ، هل يوجد موجود واجب ؟ ) ، ويرى كانط أن تلك النقائض الأربع إذا نظر العقل إليها باعتبارها أفكارا مجردة ، فلا إشكال في ( نقدها ) ، ولكن إذا نظر إليها العقل باعتبارها موضوعات واقعية قابلة للمعرفة فإنه لا يسلم من التناقض ، وهو ما يسميه كانط ( بالوهم الديالكتيكي ) ! ، ففي النقيضة الثالثة الآتي ذكرها ( الموضوعات ونقائضها صحيحة كلتاهما ، فالموضوعات صحيحة من وجهة نظر العقل ، ونقائض الموضوعات صحيحة من وجهة نظر الذهن في ميدان التجرية ، فحل هذه النقيضة يقوم في القول بأن الموضوع صحيح بالنسبة إلى العقل ، وبأن نقيض الموضوع صحيح بالنسبة إلى الذهن) !! ، بدوي 2/279 ، و ( الموضوعات لها فائدة عملية ، وقد قال بها غالب الميتافزيقيون الدوجماتيقيون ، إذ هي تتصل بآرائهم في النفس والحرية وإثبات الله ، أما نقائض الموضوعات فلها فائدة نظرية خصوصا ، وميزتها أنها تبقي العقل في ميدان التجربة ، ومن هنا قال بها التجريبيون ، لكن ليس لها فائدة عملية ) ، بدوي 2/280 . وراجع نقد العقل المحض ، ( إمكان العلية بحرية بما يتفق مع القانون الكلي للضرورة الطبيعية ) ، 275 – 276 .

    26. في ترجمة بدوي في موسوعة الفلسفة 2/278 ( ولابد من التسليم بعلية حرة من أجل تفسيرها ) والمعنى واحد وهذا أوضح .

    27. نقد العقل المحض ، ( ثالث تنازع الأفكار الترسندالية ) ، 236 ، ترجمة موسى وهبة .

    28. يقول : ( إن قانون الطبيعة يقوم بالضبط في أن لا شيء يحصل من دون سبب متعين قبليا تعينا كافيا . إذن ، إن القضية التي تنص على أن كل سببية ليست ممكنة إلا وفقا للقوانين الطبيعية تتناقض ذاتيا في كليتها اللامحدودة ، ومن المحال إذن أن نسلم بهذه السببية بوصفها السببية الوحيدة . وعليه يجب التسليم بعلية بموجبها يحصل شيء من دون أن تكون تلك العلة متعينة ـ وذلك بصعودنا إلى أعلى ـ بعلة أخرى متقدمة وفقا لقوانين ضرورية ) ، النقد 236 – 237 ، وحاصله ما قاله بدوي 2/278 : ( لنفترض أن كل ما في العالم يحدث وفقا لقوانين ضرورية ، فإنه ينتج عن هذا أن الظاهرة لا يمكن أن تعد معينة تعينا تاما ؛ لأن شرطها السابق يفترض شرطا أسبق ، وهكذا إلى غير نهاية . فلا نصل إذن إلى تعينٍ تامٍ يقتضيه القانون الطبيعي . ولابد إذن من أجل انطباق هذا القانون ، أن تكون سلسلة العلل تامة ، منتهية ، وأن يبدأ بعلة ليست في حاجة إلى أي تعيين سابق ، أي علة حرة ) ، ومعنى هذا : أنه لو كان لوجود كل موجود علة سابقة عليه بالضرورة ، فإن هذه العلة يجب أن تسبق بعلة أخرى ، إلى لا أول ، وشرط وجود اللاحق = وجود السابق ، ولا يتحقق اللاحق إلا بوجود السابق ، وهذا يقتضي ألا يوجد شيء متحقق تحققا كاملا أصلا ، لأن شرط تحققه ـ وجود العلة ـ سيبقى ناقصا لأننا لا نستطيع أن نحصر وجود علته ، لأنه لا يتحقق الشيء إلا بتحقق علته قبله ، وعلته إلا بتحقق علتها ، فإذا ذهبنا نتقصى العلل لم ننته ! ، ونحن نرى وجودا ثابتا ، فهذا يقتضي أن تنتهي سلسلة العلل إلى موجود غير معلول ، وهذا ما يصطلح عليه في الفلسفة القديمة بمنع التسلسل في العلل أو المؤثرين ، وهو اتفاقي بين العقلاء . قال القاضي الباقلاني : ( لَو كَانَ مُحدثا لاحتاج إِلَى مُحدث لِأَن غَيره من الْحَوَادِث إِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى مُحدث من حَيْثُ كَانَ مُحدثا وَكَذَلِكَ القَوْل فِي محدثه إِن كَانَ مُحدثا فِي وجوب حَاجته إِلَى مُحدث آخر ، وَذَلِكَ محَال لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِيل وجود شَيْء من الْحَوَادِث إِذا كَانَ وجوده مَشْرُوطًا بِوُجُود لَا غَايَة لَهُ من الْحَوَادِث شَيْئا قبل شَيْء ، وَهَذَا هُوَ الدَّلِيل على إبِْطَال قَول من زعم من أهل الدَّهْر أَن الْحَوَادِث لَا أول لوجودها ) ، تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ، 45 ، ومثله في الإنصاف 32 ، وراجع : الصفدية 10 – 11 .

    29. بدوي 2/278 .

    30. بل اعتبره كانط من المصادرة على العقل صراحة ، راجع فصل : ( وجود الله بصفته مصادرة العقل المحض العملي ) ، في نقد العقل العملي ، ترجمه غانم هنا ، 217 .، وذلك أنه يرى أن العقل العملي يمارس مصادرتين ، الأولى : خلود النفس ، والثانية : وجود الله ، وذلك للوصول إلى الفضيلة ( الأخلاقية ) ، و( السعادة ) .

    31. يحسن أن نبين أننا لا نعارض أن وجود الباري تعالى ضرورة أخلاقية ، إذ نعتقد أن الأدلة على وجوده تعالى لا تدخل تحت الحصر ، منها العقلي ، ومنها الفطري ، ومنها التجريبي ، ومنها الأخلاقي ، ومنها التاريخي ، إلى غير ذلك ، ولكن الضلال المبين في زعم أنه لا دليل على وجوده تعالى إلا مجرد الضرورة الأخلاقية ، بحيث يجعل وجود الله تعالى مجرد وسيلة للضبط الأخلاقي والاجتماعي ، إذ هذا ليس إيمانا بوجود الباري على الحقيقة أصلا ! ، بل هو برجماتية أخلاقية مجردة .

    32. يقول : ( من المحال الجمع بين الضرورة والحرية بعلاقة العلية بأي شكل من الأشكال ، بل على العكس هما معارضان الواحد للآخر بوصفهما متناقضين ، لأنه ينتج عن الأولى أن كل حدث ـ وبالتالي أيضا كل فعل ـ يحصل في نقطة من الزمن إنما يقع حتما تحت شرط ما كان في الزمن السابق عليها . والآن لم يعد الزمن الماضي تحت سيطرتي ، فإن كل فعل أقوم به لابد أن يتم بالضرورة بأسباب معينة ليست تحت سيطرتي ، أي أنني في اللحظة التي أفعل فيها لست أبدا حرا ) ، ثم يقول : ( إذا قلت بحق إنسان يسرق ، إن هذه الفعلة هي بحسب قانون السببية الطبيعي نتيجة محتمة لأسباب معينة في الزمان السابق ، وبالنتيجة كان يستحيل ألا تقع ؛ كيف يمكن عندئذ للحكم بموجب القانون الأخلاقي أن يحدث تغييرا فيه ويفترض أنه كان بالإمكان الإعراض عنه ؟ ) ، نقد العقل العملي ، ترجمة غانم هنا ، 174 ، 175 ، على الترتيب .

    33. يقول : ( الاكتمال الضروري للجزء الأول والرئيسي من الخير الأسمي : ( الأخلاقية ) ، وبما أنها لا يمكن أن تنجز بالكامل إلا في أبدية ، فإنها قادتنا إلى مصادرة ( خلود النفس ) . هذا يقود إلى إمكانية الجزء الثاني من الخير الأسمى : ( السعادة ) ، المتناسبة مع هذه الأخلاقية ، وهذا يعني أن العقل الخالي عن الغرض وغير المنحاز يجب أن يطالب بـ (وجود الله ) ، بصفته مرتبطا ارتباطا ضروريا بإمكانية الخير الأسمى ) ، نقد العقل العملي ، ترجمة غانم هلا ، 217 – 218 ، بتصرف لتيسير المعنى .

    34. راجع نقد العقل العملي ، 228 ، 231 .

    35. بدوي 2/270 .

    36. برتراند راسل Bertrand Russell ( 1872 – 1970 ) ، إنجليزي ، أستاذ للفلسفة بجامعة كمبردج ، وأحد أعلام المنطق الرياضي المعاصرين ، أهم كتبه : تاريخ الفلسفة الغربية ، وتحليل المادة ، وموجز الفلسفة ، والمدخل إلى الفلسفة الرياضية ، وغير ذلك . راجع يوسف كرم 431 .

    37. الفلسفة بنظرة علمية ، لبرتراند راسل ، تلخيص وتقديم د زكي نجيب محمود ، 95 – 102 ، باختصار .

    38. قال الشهرستاني ـ وهو أشعري ـ : ( الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى، والجبرية أصناف. فالجبرية الخالصة: هي التي لا تثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل أصلا، والجبرية المتوسطة : هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلا، فأما من أثبت للقدرة الحادثة أثرا ما في الفعل، وسمي ذلك كسبا، فليس بجبري. ) ، الملل والنحل ، 1/85 ، وقال عضد الدين الإيجي ـ وهو أشعري ـ : ( والجبرية : متوسطة تثبت للعبد كسباً كالأشعرية ، وخالصة: لا تثبته كالجهمية ) المواقف في علم الكلام ، 428 .

    39. قال الباقلاني : ( فَأَما مَا يهذون بِهِ كثيرا من أَنهم يعلمُونَ حسا واضطرارا أَن الإحراق والإسكار الحادثين واقعان عَن حرارة النَّار وَشدَّة الشَّرَاب فَإِنَّهُ جهل عَظِيم وَذَلِكَ أَن الَّذِي نشاهده ونحسه إِنَّمَا هُوَ تغير حَال الْجِسْم عِنْد تنَاول الشَّرَاب ومجاورة النَّار وَكَونه سَكرَان ومحترقا ومتغيرا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَقَط فَأَما الْعلم بِأَن هَذِه الْحَالة الْحَادِثَة المتجددة من فعل من هِيَ فَإِنَّهُ غير مشَاهد بل مدرك بدقيق الفحص والبحث . فَمن قَائِل إِنَّه من قديم مخترع قَادر وَهُوَ الْحق الَّذِي نَذْهَب إِلَيْهِ وَمن قَائِل يَقُول إِنَّه من فعل الْإِنْسَان الَّذِي جاور النَّار وَتَنَاول الشَّرَاب ومتولد عَن فعله الَّذِي هُوَ سَبَب الإحراق والإسكار وَمن قَائِل يَقُول إِنَّه فعل الطَّبْع فِي الْجِسْم وَلَا أَدْرِي أهوَ نفس الْجِسْم المطبوع أم معنى فِيهِ وَمن قَائِل يَقُول إِن الطَّبْع عرض من الْأَعْرَاض ) ، تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ، 62 . وقال الغزالي : ( الاقتران بين ما يعتقد في العادة سببا ، وما يعتقد مسببا ؛ ليس ضروريا عندنا ، بل كل شيئين : ليس هذا ذاك ، ولا ذاك هذا ، ولا إثبات أحدهما متضمنا لإثبات الاخر ، ولا نفيه متضمن لنفي الآخر ؛ فليس من ضرورة وجود أحدهما وجود الآخر ، ولا من ضرورة عدم أحدهما عدم الآخر ، مثل الري والشرب ، والشبع والأكل ، والاحتراق ولقاء النار ، والنور وطلوع الشمس ، والموت وجز الرقبة ، والشفاء وشرب الدواء ، وإسهال البطن واستعمال المسهل ، وهلم جرا إلى كل المشاهدات من المقترنات في الطب والنجوم والصناعات والحرف ، وأن اقترنها لما سبق من تقدير الله سبحانه ، يخلقها على التساوق ، لا لكونه ضروريا ) ، تهافت الفلاسفة ، 195 .

    40. مجموع الفتاوى لابن تيمية 9/288 ، وانظر 20/422 ، وراجع له أيضا الصفدية 2/331 ، ومنهاج السنة 1/283 ، 464 ، وانظر مناقشات ابن رشد المستفيضة للغزالي في قضية السببية في تهافت التهافت ، تحقيق سليمان دنيا ، 777 – 810 .

    41. توماس هنري هكسلي : Thomas Henry Huxley( 1825 – 1895 ) : من القائلين بنظرية التطور قبل داروين في كتابه ( مكان الإنسان في الطبيعة ) 1863 ، وينسب إليه أنه أول من وضع لفظ ( اللا أدرية ) agnosticism ، انظر : تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم 364 .

    42. نسبها له وحيد خان في كتابه ( الإسلام يتحدى ) 84 ، أنها في كتاب the mysterious universe ( الكون الغامض ) 3-4 .

    43. نسبها له وحيد خان في كتابه ( الإسلام يتحدى ) 85 ، أنها في كتاب the evidence of god ( الدليل على الله ) 174 .

    44. الإسلام يتحدى 84 ، تعريب : د ظفر الإسلام خان ، وتحقيق : د عبد الصبور شاهين ، بتصرف يسير .

    45. انظر ابن سينا في كتاب النجاة 320 ، وابن رشد في الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة 118 ، وابن تيمية في بيان التلبيس 1/494 – 501 . ويعرف ابن سينا العناية أنها : ( هي علم الله الأزلي القديم السابق بترتب الموجودات على أحسن نظام، بدون أي اعتراض أو قصد أو غير ذلك، وهذه الإحاطة من أجل هذا النظام واجب عنه، وله علم به، حتى يكون الموجود وفق المعلوم ) ، في الموضع المذكور من النجاة .

    46. هو : فرانك ألن : ماجستير ودكتوراه من جامعة كورنل - أستاذ الطبيعة الحيوية بجامعة مانيتويا بكندا من سنة 1904 إلى سنة 1944- اخصائي في أبصار الألوان والبصريات الفسيولوجية وإنتاج الهواء السائل، وحائز على وسام توري الذهبي للجمعية الملكية بكندا. بحسب التعريف به في مقاله في الكتاب الآتي ذكره .

    47. الله يتجلى في عصر العلم ، لمجموعة من العلماء ، بإشراف جون كلوفر مونسيما ، ترجمة د الدمرداش عبد المجيد سرحان ، مقالة ( نشأة العالم هل هو مصادفة أو قصد ؟ ) ، لفرانك ألن ، 12 .

    48. كريسى موريسون – هو الرئيس السابق لأكاديمية العلوم بنيويورك، ورئيس المعهد الامريكي لمدينة نيويورك، وعضو المجلس التنفيذي لمجلس البحوث القومي بالولايات المتحدة، وزميل في المتحف الامريكي للتاريخ الطبيعي، وعضو مدى الحياة للمعهد الملكي البريطاني. بحسب مترجم الكتاب .

    49. العلم يدعو للإيمان ، لكريسي موريسون ، ترجمة محمود صالح الفلكي ، 195 .

    50. العلم يدعو للإيمان ، 195 – 196 .

    51. العلم يدعو إلى الإيمان ، 51 .

    52. راجع تاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم 45 – 46 .

    53. تاريخ الفلسفة في الإسلام لدي بور ، ترجمة د محمد عبد الهادي أبو ريدة ، 15 -16 .

    54. الفصل في الملل والنحل 1/15 ، وانظر الملل للشهرستاني 346 .

    55. راجع تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم 154 ، 188 .

    56. بؤس الفلسفة ، كارل ماركس ، ترجمة ، أندريه يازجي ، دار اليقظة ومكتبة الحياة ، سوريا ، 127 .

    57. المادية التاريخية ، ف . كيلي ، م كوفالزون ، ترجمة : أحمد داود ، نشر دار الجماهير ، دمشق ، 500 .

    58. دولباك ( 1723-1789 ) ، ألماني عاش في باريس. اصطنع المادية المطلقة وكان له تأثير كبير ، راجع يوسف كرم 192 .

    59. تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم ، 192 ، 193 .

    60. أسس المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية ، لسيريكين وياخوت ، ترجمة محمد الجندي ، دار التقدم ، موسكو ، 39 .

    61. مذاهب فكرية معاصرة ، لمحمد قطب ، 272 .

    62. دلائل التوحيد للقاسمي ، 101 .

    63. الله يتجلى في عصر العلم ، 79 ، مقالة ( الخلايا الحية تؤدي رسالتها ) ، لرسل تشارلز آرنست .

    64. إخصائي في علم الأحياء والنبات - حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة منيسوتا - أستاذ في جامعة فرانكفورت بألمانيا - عضو الأكاديمية العلمية بانديانا - مؤلف لكثير من البحوث البيولوجية. كما ورد التعريف به في المصدر المذكور .

    65. هو توقف وجود الشيء على ما يتوقف وجوده عليه ، وهذا هو الدور الصريح أو المصرح ، راجع تعريفات الجرجاني 105 ، وانظر الكليات 447 ، والمذكور فوق هو الدور القبلي الممنوع ، لأنه يلزم منه تقدم الشيء على نفسه ، إذ من المعروف بالبديهة أن العلة سابقة للمعلول ، فالعلة متقدمة ، والمعلول متأخر ، فإن كان المعلول علة نفسه ، لزم أن يكون سابقا على نفسه ! ، فيكون متقدما ومتأخرا في نفس الوقت ، وهذا تناقض . ويقسم شيخ الإسلام الدور إلى قسمين ، فيقول: "والدور نوعان: أحدهما الدور القبلي السبقي، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء، مثل أن يقال لا يكون هذا إلا بعد ذاك، ولا يكون ذاك إلا بعد هذا، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء، ونفس تصوره يكفي في العلم بامتناعه؛ فإن الشيء لا يكون قبل كونه، ولا يتأخر كونه عن كونه. وأما الدور المعي الاقتراني مثل أن يقال لا يكون هذا إلا مع ذاك، لا قبله ولا بعده، فهذا جائز، كما إذا قيل لا تكون الأبوة إلا مع البنوة " ، الصفدية 1/12 . وراجع : درء التعارض 3/143 ، ومنهاج السنة 1/438 ، والمواقف للإيجي 89 ، ( المقصد السادس : الدور ممتنع ) .

    66. نقله الشيخ عبد الرحمن حبنكة في ( صراع مع الملاحدة حتى العظم ) 112 .

    67. السِّنْخ في اللغة أصل الشي ، راجع العين ، 4/200 ، وفرق العسكري بين السنخ والأصل ، أن السنخ أصل الشيء الداخل في غيره ، مثل سنخ السكين والسيف ، وهو الداخل فيه من أوله ، والأصل اسم مشترك ، فيقال أصل الحائط ، وأصل الجبل ، راجع : الفروق اللغوية 162 . وقال الزبيدي في التاج 7/247 : (وفي حديث الزهري : " أصل الجهاد وسنخه الرباط في سبيل الله" ) ، قلت : وهو مقطوع ، رواه الحربي في غريب الحديث ، 3/1036 ، عن الزهري بإسناد ضعيف .

    68. لكل علة معلولات تناسبها وتسانخها ، فلا تصلح أي علة لأي معلول ، فالحرارة لا تنتج عن الثلج ، والري لا ينتج عن الطعام ، وهكذا ، وهذا يوافق القاعدة الفلسفية المعروفة ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ، فالوجود لا يصدر من العدم . راجع في السنخية ومباحثها : الشواهد الربوبية لصدر المتألهين الشيرازي ، 545 ، والحاشية على إلهيات الشفاء ، له ، 234 ، وبداية الحكمة ، لمحمد حسين الطبطبائي ، 87 ، ونهاية الحكمة ، له ، 166 ، وشرح منظومة السبزواري ، 2/232 ، أما عند الأشعرية فلا يذكرونها في مباحث العلية ، على ما اتضح قبلُ أنهم لا يرون للعلة أثرا في المعلول أصلا .

    69. الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به ، للباقلاني ، تحقيق : الكوثري ، 34 – 35 .

    70. وهذا يقضي على من ينكر المسانخة مطلقا كالأشعرية ـ انسجاما مع مذهبهم في السببية وعدم التأثير ـ حذرا من التشبيه ، أو بين القديم والممكن ، كالشيعة ، إذ يخصون السنخية بالوجودات الممكنة عن بعض ، ويخرجون الجعل الإبداعي عن السنخية ، ومنهم من يدخل فيه السنخية على اعتبار أن أن السنخية بين الممكن والقديم قائمة بتوسط الصورة ، وهي فيض قديم من الباري ، وهذا من شعب القول بقدم العالم الذي شاع بين أغلب عرفاء الإمامية المتأخرين ، ومظان بسط ذلك لا يقتضيه هذا المقام ولا يحتمله .

    71. متفق عليه : البخاري ( 6227 ) ، ومسلم ( 2841 ) ، من حديث أبي هريرة .

    72. راجع : الرسالة الأكملية في مجموع الفتاوى ، 6/68 – 144 ، والتدمرية في المجموع 3/30 ، والمجموع 3/297 ، و 16/360 ، ودرء التعارض 7/389 – 390 ، وغير ذلك .

    73. مجموع الفتاوى 16/357 - 358 .

    74. غالبهم من الإمامية .
    [/SIZE
    ]
    التعديل الأخير تم 09-23-2013 الساعة 10:29 AM
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  2. #2

    افتراضي

    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الأسس اللا عقلية للإلحاد.. مشكلة مبدأ العالم نموذجاً
    بواسطة د. هشام عزمي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-18-2014, 11:17 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء