السلام عليكم
بعد تضفحي لعدد كبير من مواقع و مدونات و أبحاث و كتب و نظريات الملحدين وجدت - حسب رأيي - أن أكثر من نصفها تفسر الأحداث التي و قعت في الماضي و بداية الزمان ( كيف نشأ الكون، كيف تكون البشر، كيف ظهرت الحياة... ). لكن ماذا عن الوقت الحاضر؟ ففي هذه الساعة التي أكتب فيها هذا الموضوع و في اللحظة التي تقرأه فيها أنت و في كل ثانية تقع الآلاف من الأحداث في الكون ( انفجار نجوم، وفيات، مواليد، اقلاع و هبوط طيارات، نوم و نهوض العديد من الأشخاص... )، فهل من المعقول أن كل هذه الأحداث التي تقع يوميا تقع بالصدفة و العشوائية؟ هل الصدفة التي أنشأت هذا الكون و خلقتنا - حسب قول الملحدين - هي التي تسيرنا؟ أم هناك نوع آخر من الصدفة يحكم فينا في الوقت الحاضر؟ أم أن كل شيء يحدث بأمر الله و مشيئته؟
لنعطي مثال عن الصدفة: كان زيد يمشي في الشارع عائدا الى بيته بعد يوم شاق من العمل و اذا به يلتقي بصديقه القديم عمر الذي لم يراه منذ أكثر من عشر سنوات، فأخذا يتبادلان أطراف الحديث و قال له: ما الذي جاء بك الى مدينتنا؟ فأجابه: لدي وثائق يجب علي أن أستخرجها هنا.
زيد لم يكن يقصد و يرتب للقاء عمر و عمر أيضا، فكيفا التقيا اذا؟ هذا ما يسمى بالصدفة. لكن قبل الصدفة كانت هناك أحداث: نهض زيد من النوم و ذهب كعادته الى العمل و بعد انتهائه خرج و شرع يمشي للعودة الى البيت فالتقى بعمر. و عمر بدوره قام من النوم و تنقل الى المدينة لاستخراج الوثائق و عندما انتهى قرر العودة الى بيته فأخذ يمشي باتجاه محطة النقل فالتقى بزيد. فالصدفة هي شيء يأتي بدون ترتيب أو قصد أو غاية و هي ليست شيء ملموس أو محسوس. لكن هل تلك الصدفة التي ربطت زيد بعمر خلقت شيئا و أظهرته للوجود؟ و كل واحد منا تقع له العديد من الصدف في حياته لكن هل ظهر في لحظة الصدفة قطا أو شجرة أو طفلا أو كوكبا أو سيارة؟ بالطبع لا.
نأتي الآن الى الكون الذي يقولون أنه ظهر بالصدفة، و كما قلنا أن الصدفة لها مقدمات لكي تقع، فماذا وقع قبل تلك الصدفة يا ملاحدة؟ هل كانت هناك اشياء أخرى؟ هيا، أبهرونا باجاباتكم المضحكة و الكوميدية ( التي من بينها: بلورات سحرية، كائنات فضائية...). أما نحن فنؤمن بأن كل هذا الكون الواسع و الرحب أوجده الله من عدم بقدرته العظيمة.
و أيضا القائلون بنظرية التطور ليس لديهم رأي متفق ثابت، فهناك من يقول أن أصل الانسان قرد و آخر يقول تمساح و هناك أيضا خفاش، سمكة، ثعبان، دودة... فلم يصلوا بعد الى اتفاق حول الحيوان الذي - حيب رأيهم - هو أصلنا، و الأطرف أن هناك من يقول أن الانسان مزيج،
فكل عضو في الجسم هو من بقايا تطور حيوان آخر، فلا حول و لا قوة الا بالله. أيها الملحد، أيقبل عقلك أن جسمك هو نتاج تطور أعمى و عشوائي؟ أتنظر الى نفسك بنظرة حيوانية؟ أتدع قول ربك:"و لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم"؟ أما نحن فنؤمن بأن الله خلق أبانا آدم من طين و نحن تناسلنا منه بالزواج و المني، و أما سائر الحيوانات فنؤمن بأن:"و الله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير". فالقرآن و منذ أربعة عشر قرنا لم تتغير كلماته ( و ربما هناك أيضا في الكتب المنزلة القديمة أشياء تتحدث عن الخلق و التكوين ).
و أما من يقول أن الطبيعة هي الخالقة أو هي الاله فيكف تسمح لنفسها بالموت و الاندثار؟ فالطبيعة هي الأشجار و المياه و التربة...، فنحن نقطع الأشجار و نحرقها و نصنع منها الأثاث، فلماذا لا تدافع عن نفسها ان كانت حقا الاها؟ أو يموت الله؟
و لاحظت أيضا أن الملحدين يأخذون من العلوم ما يناسبهم و يدعمهم فبالرغم من أن أن العديد من العلماء أسقطوا نظرية التطور و قرروا بالتصميم الذكي الا أن هؤلاء لا يسمعون لهم بل يسمعون الى العلماء الملاحدة أمثالهم
الايمان بالله الواحد الحي القيوم هو السبيل الوحيد لتفسير ظواهر الحياة، فهناك قوة غيبية موجودة في السماء لا نراها لكن هي ترانا و هي التي تسير كل شيء صغير أو كبير في الكون
و من أجمل ما سمعت: الماء يتكون من أكسجين و هدروجين، فالأكسجين يساعد على الاشتعال و الهيدروجين سريع الاشتعال. فلماذا عندما نسكب الماء على النار تنطفئ؟ فمن المفروض أنها تزيد لهبا، فمن قهر صفات الماء و عكسها؟
و أيضا: الجنين في بطن أمه، كيف علم أنه عندما يخرج الى الحياة سيجد أكسجين و تلزمه رئتين للتنفس؟ هل الطبيعة و الصدفة فكرا في هذا الجنين و عطفا عليه و أهدوه رئتين؟ أم هي هبة من الله المصور الخالق البارئ؟
فكروا بعمق في الحياة و الوجود يا ناس، تدبروا القرآن، اقرؤوا أو اسمعوا تفسيره ( هناك خواطر الشعراوي حول القرآن و هي أكثر من رائعة و مبهرة و قد شرعت في الاستماع لها ). ستجدون أن لا وجود للصدفة و العشوائية، بل كل شيء منظم و منسق من لدن حكيم خبير.