النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الحياة التى ننشدها -1-

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الحياة التى ننشدها -1-

    كتب ( فردريك أنجلز ) : ( لابد للإنسان أن يجد لباسا يستر به جسده وخبزاً يشبع به بطنه حتى يستطيع الخوض في الفلسفة والسياسة ). والواقع إن الأسئلة الأولى التى يسعى الإنسان إلى معرفة جواب عنها فى حياته هى :من أنا ؟وما هذا الكون ؟وكيف بدأت حياتى ؟ وإلى أين ستنتهى ؟ إنها أسئلة الفطرة الأساسية .

    فالإنسان يفتح عينيه فى عالم يحوي كل شيء غير جواب هذه الأسئلة ؛ فالشمس توصل إليه الحرارة اللازمة ولكن الإنسان غافل عن حقيقتها وعن أسباب قيامها بهذه العملية لخدمته ، والهواء يعطي الحياة للإنسان ولكن الإنسان غير قادر أن يؤثر فيه ليجيب عن السؤال : من أنت ؟ ولماذا تقوم بهذا العمل ؟ إنه يمعن فى وجوده ولكنه لا يفهم من هو ؟ ولماذا جاء إلى هذه الدنيا ؟ . والذهن الإنساني غير قادر على وضع إجابات هذه الأسئلة الأساسية في حياة البشر ، ولكنه لن يتخلى عن بحثه ، ولن يمل هذا البحث عن جواب . هذه الأسئلة وإن وردت ألفاظاً على ألسنة الجماهير ، فإنها تؤلم روحها ، وهى ترد أحياناً بطريقة يصاحبها الإنفعال حتى يصبح الإنسان مجنوناً !.

    لقد عرفنا أنجلز مفكراً ملحداً ، ولكن إلحاده أتى عن طريق المجتمع المصاب بالبلبلة وعدم الإستقرار . لقد كان شغوفاً بالدين ، وكان يقضي وقتاً طويلا بالكنيسة ؛ ولكنه بعد ما كبر وتوسع نظره في الدراسة أعرض عن الدين التقليدي -المسيحي المُحرّف-.

    وهو يكتب أحوال هذه الفترة في خطاب له إلى أحد أصدقائه ، قال : ( إنني أدعو كل يوم وأقضي اليوم كله داعياً أن تنكشف لي الحقيقة . لقد أصبح الدعاء هوايتي منذ وجدت الشكوك طريقها إلى قلبي ؛ إنني لا أستطيع أن أقبل عقائدكم إن قلبي يفيض بالدموع الغزار وأنا أكتب هذه السطور ! قلبي يبكي , عيني تبكي , ولكنني أشعر أنني لست بطريد من رحمة الله ! بل آمل أن أصل إلى الله الذى أتمنى رؤيته بكل قلبي وروحي ! وأقسم بحياتي-!- أن عشقي وبحثي هذا لمحة من روح القدس -!-. ولن أقلع عن تفكيري هذا ولو كذبه الإنجيل المقدس عشرة آلاف مرة !! ) لقد أقلقت غريزة البحث عن الحق روح أنجلز الشاب ، ولكن الدين المسيحي التقليدى لم يمنحه السكينة التى كان ينشدها فانقلب متمرداً عليه وانغمس فى الفلسفات السياسية والمادية الإلحادية .

    ’’ وجذور هذه الغريزة الإنسانية هي إحساس البشر بحاجتهم إلى الرب الخالق ؛ ففكرة : ( الله خالقي وأنا عبده ) منقوشة في اللاشعور الإنساني وهي ميثاق سري , مأخوذ على الإنسان منذ يومه الأول وهو يسري فى كل خلية من خلايا جسمه ؛ وعندما يفتقد إنسان ما هذا الشعور يحس بفراغ عظيم ؛ وتطالبه روحه من أعماقه أن يبحث عن إلهه الذى لم يره قط ، والذي لو وجده لخر راكعا على ركبتيه ، ثم ينسى كل شيء ‘‘

    وليس الإهتداء إلى معرفة الله غير الوصول إلى النبع الحقيقي لهذه الفطرة الإنسانية ، والذين لا يهتدون إلى المعرفة يقبلون على أشياء أخرى . فإن كل قلب يبحث عمن يهدي إليه خير أمانيه .
    وعندما رفرف العلم الوطني لأول مرة على الأبنية الحكومية فى الهند بدلا من العلم البريطانى :" اليوناك جاك" ، فى صباح 15 أغسطس 1947 - اغرورقت عيون كثيرة بالدموع ، وهى ترى الصورة التى طالما حلمت بها . وكانت هذه الدموع مظهرا لعلاقة أصحابها "بالمعبودة الحرية " التي ضحوا من أجل الحصول عليها بخير أيام حياتهم .وهكذا عندا يذهب زعيم وطني إلى أبي الوطن ثم يقف أمامه لحظة مطأطئا رأسه ، فهو حينئذ يباشر نفس العمل الذى يقوم به المؤمن أمام معبوده ، حين يركع ويسجد .!

    وحين يمر شيوعى أمام تمثال لينين ويرفع قبعته عن رأسه ، ويبطىء فى سيره يكون هو الآخر مثل رجل الدين ، يقدم أحسن تمنياته إلى إلهه !. فكل إنسان مجبور على أن يتخذ شيئاً ما إلها له ، ويقدم له قرابين أمانيه الصادقة .

    ولكن الإنسان إذا قدم هذه القرابين لغير الله ، فهو يشرك بمن يستحق وحده العبادة ... و " إن الشرك لظلم عظيم " ، والظلم أن تضع الشيء فى غير موضعه ، فلو كنت تريد أن تتخذ من غطاء الوعاء قبعة فهو " ظلم " ، والإنسان عندما يميل لغير الله لملء فراغه النفسى ويتخذ من غير الله ملجأ له ، فهو ينحاز عن مكانه الصحيح ، ويتخذ من مكانته أسوأ أسياب الضلال .

    ولما كانت هذه الغريزة فطرية ، فإنها تظهر دائما فى صورتها الطبيعية متجهه إلى الله ، ولكن المجتمع وأحوال البيئة يعطيان هذه الغريزة اتجاهاً مُغايراً ، فتبدأ الشكوك تساور الإنسان فى أول الأمر ، ولكنه سرعان ما يتخلص من هذه الشكوك عمداً او عفواً ، لأنه يتمتع بحرية أكثر في الحياة الجديدة فيرضى بها ولو ظاهرياً .

    لقد كان ( برتراند راسل ) شديد العلاقة بالدين فى أول حياته وكان يواظب على حضور صلوات الكنيسة باهتمام !، وفي يوم من الأيام سأله جده : ما تكون دعواتك المفضلة يا ( برتي ) ؟ فأسرع الشاب برتراند راسل يقول : ( لقد سئمت الحياة ، وأنا مدفون تحت وطأة ذنوبى - يا إلهي !) وعندما جاوز برتراند 13 من عمره بدأت خواطر التمرد تراود ذهنه بفعل البيئة التى أحاطت به ، إلى أن تحول ذلك الطفل المواظب على صلوات الكنيسة فأصبح من بعد : برتراند راسل الفيلسوف الملحد الذى لا يؤمن بالحقائق السماوية ! .

    وقد أجرت الإذاعة البريطانية حديثا معه عام 1959 ، وعندما سأله ( فري مان )- المعلق السياسى بالإذاعة - : ( هل وجدت أن هواية الإشتغال بالرياضيات والفلسفة يمكن أن تحل محل المشاعر الدينية عند الإنسان ؟ ) ، أجاب ( راسل ) قائلا : ( نعم لقد وصلت فى سن الأربعين إلى الطمأنينة التى قال عنها أفلاطون : إنه يمكن الحصول عليها من طريق الرياضيات إنها عالم أبدى ، حر،لا يقاس بزمان ولقد حظيت فى هذا العالم بسكينة تشبه تلك التى يحصلون عليها فى الدين ).

    لقد أنكر هذا المفكر البريطانى حقيقة المعبود السماوي ! , ولكنه لم يستطع الإستغناء عن ضرورتها القصوى بسبب غريزته الفطرية التي ولد بها الإنسان فجاء بالرياضيات والفلسفة ، -وأبدلهما بلله وحده - بل اضطر أن يخلع على الرياضبات والفلسفة نفس الصفات التى ينفرد بها الله سبحانه ! ،وهي : الأبدية ، والتحرر من أبعاد الزمن , والسر فى ذلك أنه لا يمكن الحصول بدونهما على الطمأنينة التى يبحث عنهما الإنسان .


    " جواهر لال نهرو فى حالة الركوع ! "
    لو كانت الصحف قد نشرت هذا الخبر فى يوم من الأيام لما صدقها الناس ! ولكن الصورة التى تحملها الصفحة الأخيرة من جريدة ( هندوستان تايمز ) ، الصادرة فى دلهى يوم 3 أكتوبر من عام 1963 ، تصدق هذا الخبر . وقد ظهر فى تلك الصورة رئيس وزراء الهند الأسيق فى حالة ركوع واقفا أمام ضريح المهاتما غاندى فى ذكرى ميلاده وهو يقدم تمنياته إلى ( أبي القومية الهندية ! ).
    إن مثل هذه الأحداث تقع كل يوم في كل مكان من العالم وآلاف من الناس الذين ينكرون وجود الله يركعون أمام معبوداتهم تسكينا لغريزنهم التعبدية وذلك لأن ( الإله ) ضرورة فطرية للإنسان وهذه المظاهر كافية لتأييد هذه الغريزة على أمها طبيعية ، لأن الإنسان يضطر إلى الركوع أمام آخرين كثيرين إذا ما امتنع عن السجود أمام ( الله الواحد ) ؛ أي أن فطرته لن تتمكن من ملء الفراغ الذى يخلو عند إنكار وجود الله والإلحاد , وليست الحقيقة أن يتخذ الإنسان آلهة آخرين عند الكفر بالله ، فيسكن غريزته ، بل سوف أقول : إن الذين يتخذون من غير الله إلهاً , محرومون من الاستقرار والطمأنينة الحقيقيين ، كالطفل اليتيم الذي يحاول أن يتخذ من مصنوعات البلاستيك ( أُماً ) له . وكل ملحد ، مهما بدا له أو للآخرين ، أنه ناجح ، يتعرض فى حياته لمواجهة لمحات يضطر إزاءها أن يفكر فيما إذا كانت الحقيقة التى قبلها مصطنعة وزائفة ؟

    وعندما ختم ( جواهر لال نهرو ) سيرته الذاتية سنة 1935 أى قبل 12 عاما من استقلال الهند ، كتب فى خاتمتها قائلا : ( إنني لأشعر أن فصلاً من حياتي قد انتهى ، وأن فصلاً آخر على وشك البدء ، ترى ماذا سيحوي هذا الفصل ؟ لا يستطيع أحد أن يتنبأ به ؛ فإن أوراق الحياة القادمة مختومة ) . وعندما ظهرت الأوراق الأخرى من حياة نهرو وجد نفسه رئيساً لوزارة ثالث كبريات دول العالم يحكم سدس المعمورة بدون شريك . ولكن "نهرو" لم يقتنع بهذا بل ما زال يشعر ، وهو فى أوج بروزه السياسي ، أن هناك فصولاً أخرى من كتاب حياته لما تفتح .
    لقد كان يعتمل فى قرارة ذهنه نفس السؤال الذى يولد معه الإنسان ، فقد قال نهرو وهو يخاطب مؤتمر المستشرقين الذى انعقد فى دلهى فى يناير من عام 1964 والذى اشترك فيه ألف ومائتان من الممثلين من جميع أرجاء العالم قال : ( إننى سياسي ، ولا أجد وقتاً كثيراً للإمعان والتفكير !. ولكنني أضطر فى بعض الأحيان أن أفكر : ما حقيقة هذه الدنيا ون نحن ؟ وماذا نقوم به ؟ إننى على يقين كامل أن هناك قوى تصوغ أقدارنا ).

    وهذا هو الشعور بعدم الطمأنينة الذى يسيطر على أرواح الذين يكفرون بالله معبودا لهم ، ويخيل إليهم فى غمرة الملذات المؤقتة والأعمال الدنيوية الشاغلة أنهم قد ظفروا بالإستقرار ... ولكنهم لا يلبثون أن يحسوا مرة أخرى بأنهم محرومون من الطمأنينة والسعادة والإستقرار , وهذه الحالة التى تنعدم فيها الطمأنينة والإستقرار لدى القلوب المحرومة من رحمة الله ليست مسألة أيام هذه الحياة المؤقتة وسنيها وإنما هى أهم من ذلك بكثير . إنها مسألة أزلية وأبدية ، تتمثل فيها آثار الحياة المعتمة الحالكة ، التي يقف على حافتها هؤلاء .. إنها البادرة الأولى لحياة الخنق الأبدية ، التى سوف يواجهونها بعد موتهم دون شك ,إنها أجراس التنبيه الأولى في حياتهم ، تنذرهم بالأحوال الرهيبة والظروف المروعة التى سوف تمر بها أرواحهم , وهى دخان من الجحيم الذى لا بد لهم أن يخلدوا فيه .

    ولو أن النيران شبت فى منزل أحدهم فقد ينبهه الدخان الذى سيدخل في أنفه إلى الخطر الوشيك وهو يستطيه أن ينقذ نفسه لو استيقظ فى الوقت المناسب ، ولكن حين تمسك ألسنة النيران بسريره فسيكون الأوان قد فات ( ولات حين مناص ) ، بل هو الهلاك الذى يحيط به من كل جانب ، فقد قدر له أن يحترق فى النيران لبلادة حسه وجهالته من أمره .ترى ، هل يستيقظ الناس في إبان النجاة ؟ فإن اليقظة النافعة هي التى تكون قبل فوات الأوان ، واليقظة عند الهلاك والدمار لا تمنح صاحبها غير القرار في قاع البوار.

    كتب البروفيسور " مايكل بريتشر" ترجمة لحياة "نهرو" - وقد سأل المؤلف نهرو فى لقاء له معه بنيو دلهى فى 13 يونيو من عام 1956 : ( ما المقومات اللازمة لبيئة صالحة طبقا لفلسفتكم الأساسية فى الحياة ؟ ) .أجاب رئيس الوزراء الأسبق قائلا :( أنني أؤمن ببعض المعايير ، قل إنها المعايير الأخلاقية ، ولا بد لكل فرد وبيئة من التمسك بها وعند القضاء على هذه المعايير لا يمكنك الوصول إلى نتائج مفيدة ، رغم إحراز التقدم المادى الهائل ، وأما " سبل " إقامة هذه المعايير والإحتفاظ بها في المجتمع ، فإنني لا أعرفها ، وهناك نظرة دينية لإقامة هذه المعايير ولكنها تبدو لي ضيقة جداً -!- مع كل طقوسها وطرقها فأنا أهتم اهتماماً كبيراً بالقيم الأخلاقية والروحية ,بعيداً عن الدين -!-ولكنني لا أعرف كيف يمكن الحفاظ على هذه القيم فى الحياة الجديدة إنها لمشكلة ) .!

    وهذا السؤال وجوابه يبينان بوضوح الفراغ الذى يواجهه الإنسان بشدة في حياته ، فإن إقامة القيم والمعايير الأخلاقية من أهم ضرورات كل مجتمع ، حتى يتاح له جو الإستقرار لمواصلة مسيرة الحضارة . ولكن الإنسان ، بعد أن -تخلى عن الله- ، أخذ يخبط خبط عشواء بحثاً عن هذه المعايير وسبل إقامتها في حياة أفراد المجتمع . ولا يزال الإنسان رغم مئات السنين التى مضت فى أولى مراحل بحثه عن هذه المعايير المجردة عن الدين ...إنهم يحتفلون ، مثلاً ، بأسبوع الكرم Courtes week لإذابة الحواجز بين الشعب والحكام ولكن العقلية البيروقراطية (1) لا تذوب عند المسئولين رغم كل الجهود التي تبذل في هذه المناسبات باسم الأخلاق , ويعلقون على المحطات وداخل عربات القطارات لا فتات كبيرة تقول : ( إن السفر بدون تذكرة جريمة اجتماعية ) - ولكن نسبة السفر بدون التذاكر لا تقل بل تزداد يوما بعد يوم .
    وذلك يثبت أن عبارة ( جريمة إجتماعية ) غير كافية لتحريك ضمير الفرد ، والحفاظ على النظام .
    إنهم يبذلون جهودا ضخمة للتنفير من الجرائم عن طريق الصحافة ، قائلين مثلاً : ( الجريمة لا تفيد ) Crime does not Pay. ولكن النسبة المرتفعة للجرائم ، يوما بعد آخر ، دليل على إن ( عواقب الجريمة ) فى الدنيا ليست رادعة حتى تمنع المجرمين من القيام بجرائمهم .

    وكثيراً ما طبعوا على جدران المكاتب عبارات تقول : ( إن تقديم الرشوة وقبولها ذنب ) ولكن المرء عندما يشاهد أن جرائم الرشوة تمضى فى طريقها على قدم وساق ، بمشهد من هذه العبارات نفسها يضطر إلى إن يعترف بأن الدعاية الحكومية لن تستطيع أن تمنع هذه الجريمة الإجتماعية القبيحة . إنهم يكتبون فى كل عربة من عربات القطار : ( إن القطارات ملك للشعب ، وإلحاق أي ضرر بها جريمة ضد الشعب ) ولكن المسافرين في نفس هذه العربات يسرقون لمباتها الكهربائية الرخيصة !, ويحطمون زجاجها وربما يتورون فيشعلون فيها النيران ! .

    وهو دليل على : أن فائدة الشعب ليست بأقوى من فائدة الفرد !! ...إن كبار الزعماء والسياسيين يعلنون في خطبهم : " أن استغلال الوسائل الحكومية لصالح الأغراض الفردية خيانة في حق الشعب والدولة " . ولكن المشروعات الكبرى تفشل في تحقيق أهدافها لأن النسبة الكبرى من الميزانيات المقررة تأخذ طريقها إلى جيوب المسئولين القائمين بأمر هذه المشروعات ، بدلاً من إنفاقها فى مكانها الصحيح ، وهكذا اختفت المعايير والقيم من الحياة القومية ، رغم كل الجهود التي بذلت من جانبى المصلحين والزعماء وباءت كل الوسائل التى استخدموها بالفشل الذريع
    هذه الظواهر هي في الواقع دلائل على أن الحضارة الإلحادية قد انتهت بركب البشرية إلى الوحل ، وقد ضللتها عن طريقها ، التي لم يكن منها بد لمواصلة المسيرة ولا حل لهذه الأزمة إلا بالرجوع إلى الله ، والتسليم بأهمية الدين للحياة فهو الأساس الوحيد الذى يساعد على النهوض بالحياة البشرية على خير وجه ، وليست هناك من أسس أخرى .(2)


    ____________________
    (1) مفهوم يستخدم في علم الاجتماع والعلوم السياسية يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة. وتعتمد هذه الأنظمة على الإجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية والعلاقات الشخصية.
    (2) الاسلام يتحدى (203- 210) بتصرف يسير.
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

  2. افتراضي

    مذهل أخي مقال رائع جدا ، بالفعل إنه نداء الفطرة ، لا يمكن أن يعيش الإنسان بدون إله ورب ، والحمد لله نحن نعبد الذي خلق السماوات والأرض ولا نشرك معه لا وثنا ولا حجرا ولا شجرا ولا إنسانا .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي


    أحسنتم أخي الحبيب، جعل الله لكم بكل حرف تكتبونه عشر حسنات.

    إن الإسلام و الإسلام وحده هو ما يغرس في النفس البشرية أسمى المعاني و الفضائل الفردية و الاجتماعية و بشكل متوافر و غزير قد لا يصدق إذا ما يُحكى عنه على الأوراق أو الصفحات الالكترونية.

    الإسلام يحمل في طياته مقومات بناء النفس الكاملة و كذا علاجات أمراضها.

    من تلك المقومات : حب الله تعالى الذي خلق الخير و زرع بواعثه في النفس، الرحمة، الإحسان، الحياء، خشية الحق و هو الله تعالى الذي يجازي بالذنب، التماس الأجر و الثواب و البركة منه تعالى وحده، الإخلاص لله الذي يضبط السلوكيات الفردية في معزل عن المجتمع فلا يقع من الفرد خلاف ما يبطنه أو ما يقوله، بل يتحرى الصدق على أي حال و يوجه وجهه لله وحده في تعامله مع القريب و البعيد، و أعظم تلك المقومات هو تقوى الله تعالى في السر و العلن، فالمسلم عليه أن يراعي نظر الله إليه في كل شيء و بفعله لذلك تراه محسنا حتى لمن أساء إليه، و يعطي الحق و القيمة بقدر الفطرة التي فطره الله عليها و أكدت عليها شرائع الله و سنن أنبيائه فيعطي الحق لوالديه و لأقاربه و لجيرانه و للضعيف و هكذا الأول فالأول، و يتقي الله في الأمانات و في الطرقات و الأماكن العمومية.

    الإسلام يزرع حب الجمال و الطهارة و النظافة ظاهرا و باطنا و يجعل ذلك حقا و يقيده بالحق.

    الإسلام يزرع الإيثار و العفة و التعفف و و و خصال لا يمكن أن يتربى عليها في غير هذا الدين.

    و أما العلاج الذي يقدمه الإسلام للنفوس المريضة فهو نفسه الوحي الذي أنزله الله إذا سمعه المريض شُفي و هُدي و وُقي و سلم لما للقرآن من التأثير العميق و البليغ في النفس البشرية التي تبحث عن فطرتها فلا تجدها و لن تجدها إلا في آيات ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه.

    و هناك ذكر الله الذي في القرآن و ذكر الجنة و النار و البعث و الحساب و الوقوف بين يدي الله و الموت و الملائكة و الأنبياء و سيرة أشرف الأنبياء التي هي أعظم معالج بعد كتاب الله لقبائح الفرد و المجتمع لو أننا وظفناها كما ينبغي.

    و هناك الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و حتى الجهاد لمن وجد له مسلكا، فهو يهذب النفس و يصلحها و يصقلها و يضبط نوازعها.

    و قد أوكل الله تعالى إلى الفرد المسلم تقويم نفسه و إصلاحها و كذا المجتمع انطلاقا من هذه المبادئ الرفيعة و الشعائر البديعة فكانت أحسن ما من الله به على العباد لزكاة أنفسهم و سعادتهم و توافقهم فيما بينهم، و قد أفلحوا و عاشوا الحياة المنشودة إن هم اتبعوا ذلك و ليس لهم من دونه و الله إلا الخيبة و الشقاء و المعيشة الضنك.


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو بكر ناجي مشاهدة المشاركة
    مذهل أخي مقال رائع جدا ، بالفعل إنه نداء الفطرة ، لا يمكن أن يعيش الإنسان بدون إله ورب ، والحمد لله نحن نعبد الذي خلق السماوات والأرض ولا نشرك معه لا وثنا ولا حجرا ولا شجرا ولا إنسانا .
    أكرمك الله يا طيب , إنما هي أوراق انتزعتها من صفحات كتاب , ارتأيت الصاقها بين جنبات هذا المنتدى , علّ الله يكتب لها من يهتدي بها , ويستضيء بارشاداتها . حفظك الله وبارك فيك .


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن سلامة مشاهدة المشاركة

    أحسنتم أخي الحبيب، جعل الله لكم بكل حرف تكتبونه عشر حسنات.

    إن الإسلام و الإسلام وحده هو ما يغرس في النفس البشرية أسمى المعاني و الفضائل الفردية و الاجتماعية و بشكل متوافر و غزير قد لا يصدق إذا ما يُحكى عنه على الأوراق أو الصفحات الالكترونية.

    الإسلام يحمل في طياته مقومات بناء النفس الكاملة و كذا علاجات أمراضها.

    من تلك المقومات : حب الله تعالى الذي خلق الخير و زرع بواعثه في النفس، الرحمة، الإحسان، الحياء، خشية الحق و هو الله تعالى الذي يجازي بالذنب، التماس الأجر و الثواب و البركة منه تعالى وحده، الإخلاص لله الذي يضبط السلوكيات الفردية في معزل عن المجتمع فلا يقع من الفرد خلاف ما يبطنه أو ما يقوله، بل يتحرى الصدق على أي حال و يوجه وجهه لله وحده في تعامله مع القريب و البعيد، و أعظم تلك المقومات هو تقوى الله تعالى في السر و العلن، فالمسلم عليه أن يراعي نظر الله إليه في كل شيء و بفعله لذلك تراه محسنا حتى لمن أساء إليه، و يعطي الحق و القيمة بقدر الفطرة التي فطره الله عليها و أكدت عليها شرائع الله و سنن أنبيائه فيعطي الحق لوالديه و لأقاربه و لجيرانه و للضعيف و هكذا الأول فالأول، و يتقي الله في الأمانات و في الطرقات و الأماكن العمومية.

    الإسلام يزرع حب الجمال و الطهارة و النظافة ظاهرا و باطنا و يجعل ذلك حقا و يقيده بالحق.

    الإسلام يزرع الإيثار و العفة و التعفف و و و خصال لا يمكن أن يتربى عليها في غير هذا الدين.

    و أما العلاج الذي يقدمه الإسلام للنفوس المريضة فهو نفسه الوحي الذي أنزله الله إذا سمعه المريض شُفي و هُدي و وُقي و سلم لما للقرآن من التأثير العميق و البليغ في النفس البشرية التي تبحث عن فطرتها فلا تجدها و لن تجدها إلا في آيات ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه.

    و هناك ذكر الله الذي في القرآن و ذكر الجنة و النار و البعث و الحساب و الوقوف بين يدي الله و الموت و الملائكة و الأنبياء و سيرة أشرف الأنبياء التي هي أعظم معالج بعد كتاب الله لقبائح الفرد و المجتمع لو أننا وظفناها كما ينبغي.

    و هناك الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و حتى الجهاد لمن وجد له مسلكا، فهو يهذب النفس و يصلحها و يصقلها و يضبط نوازعها.

    و قد أوكل الله تعالى إلى الفرد المسلم تقويم نفسه و إصلاحها و كذا المجتمع انطلاقا من هذه المبادئ الرفيعة و الشعائر البديعة فكانت أحسن ما من الله به على العباد لزكاة أنفسهم و سعادتهم و توافقهم فيما بينهم، و قد أفلحوا و عاشوا الحياة المنشودة إن هم اتبعوا ذلك و ليس لهم من دونه و الله إلا الخيبة و الشقاء و المعيشة الضنك.

    أحسنت أحسنت ياخي الفاضل , ولقد أتت مشاركتك بأفضل مما اتيت به , فقد استخلصت الدُرّ من المُرّ , فرضي الله عنا وعنكم , وصدق النبي صلى الله عليه وسلم أذ قال " قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه " فمن حقق الاسلام الكامل فقد أفلح ! وأصل الفلاح في أحد معانيه ؛ فَوزٌ وبَقاء ! ف"الفلاح نيل الخير والنفع الباقي أثره وسمي الشئ الباقي الاثر فلحا ويقال للاكار فلاح لانه يشق الارض شقا باقيا في الارض" كما ذكر العسكري . فكأن الاسلام مُثّل به بما تبقى من الاديان التي نزلت , وخُتمت بخاتم الانبياء والمرسلين , فمن أدرك هذا الباقي فقد أفلح ونجح , فمن جعله رائده , مُأمّراً أوامره , منتهٍ لنواهيه , فقد استدرج فلاحاً خاصاً , ألا وهو فلاح الدنيا والاخرة .
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. شجرة الحياة التي صممها داروين هي شجرة زائفة
    بواسطة زيد الجزائري الجزائر في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 03-30-2013, 10:26 PM
  2. هذه صورة تشبه تلك الحياة التي عشتها عندما كنتُ ملحداً ....!
    بواسطة ( ابو معاذ ) في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 12-13-2012, 06:04 AM
  3. عبير(التي أسلمت) رسالة القدر الرباني يوم حيلة قناة الحياة تذكر الحقيقة
    بواسطة طارق منينة في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-28-2011, 07:31 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء