خاطرة : ( النية ) ؟ ...ما أروعه من سرّ ..
لا توجد إيديولوجية بالتاريخ الإنساني كله و لا علم تجريبي و لا فرع من علم البسكولوجي /السايكلوجي و لا فلسفة -بعيدا حتى عن البرغماتية و كل مدارسها المتفرعة- و لا فكر ثقافي و كل ما أبدعته عقول و أرواح البشر من فكر في باب تفسير الوجود -الجانب الأنطلوجي -سبق لها أن عالجت قضية (((النية)))) عنذ الإنسان و حقيقتها و أولتها الأهمية القصوى ، باعتبارها موضع الحق و الصدق حقّا !
أقصى ما تصل إليه أدواتها البحثية التحليلية المعالجة -> البث في جنس العمل و ظاهره فإن كان خيرا -بشكل نسبي بحسب المرجعية المعتمدة- و يورث سعادة ذاتية و مصلحة فقد وصلنا للهدف و لجم حسّ النقد و صوته ! و إني لا أقصد طبعا القصور الذاتي الطبيعي في الأدوات البشرية و عجزها عن شق القلوب ليست هنا المشكلة ....بل فقط مجرد الإهتمام لهذا البعد الكاشف لحقيقة الإنسان و كل ما ينبثق عنه ....لأن غاية العلوم و الفلسفات و المذاهب الفكرية التي يتبجح بها الإنسان الآن مغرورا مفتخرا و يرقيها لمستوى يكاد يصل للصنمية هو كشف حقائق و دقائق الأمور " جميعها " بزعمه! و يُفردها بالقدرة على التوصيف بل يثق أعمى باستنتاجاته فيها بهيبة و تبجيل و يقول لك منتفشا " لا سلطان فوق العقل... المنطق... الدليل (!)
و لكن ...................................!
ماذا عن أهم ما في الإنسان ؟ و هو المبتدأ ... ماذا عن طبيعة نفسه و ( حقيقة نيته ) ؟ من يكشف و يُعلمنا عن سرّها بعيدا عن العمل الظاهر الذي يسعى صاحبه جاهدا لزخرفته أو إيجاد عذر له حتى و إن بان قبحه ؟! لما (النية) و التي هي ->>> كل شيء و عين الحقيقة <<<- تبقى سرّا مستعصيا محشورا في مكانٍ خفي ممتنع ؟ لا تطاله فلسفة بتقبيح ولا تزين فضلا عن كشف بل حتى( لا تهتم له ! )
>>> عش الدنيا بالطول و العرض ..طور تكنلوجيتك ..زد معارفك ...أُحكم الأقطار بأرقى نظام يحقق العدل بنظرك ...طِر لهنا و هناك.. إستغل و أحصد ..كدّس!! ... لفّ نفسك بألف قناع و قناع مما يرضيك أن تظهر به أمام الناس ..... إستغل القيم أو الرومنسيات بقصد أو بدونه -أحسسته أم لا- ..ساير هواك ممتطيا ما يناسبُك لتصل ماتريده و تُأتى مبتغاك <<<
يبقى أعمق ما فيك خامدا... ميتا.. بلا حراك عليلا..متخلّفا .. فقيرا لكنه حرّ يرتع كما إتفق بحسب الموجة..... حرّا بلا قيود "تروّضه"... قيود تعصمك من أذاه عنك أنت نفسك ! قيود نورٍ (تكشفه) لك أولا!!! ...ثم تسعى للعمل عليه لتجعله أكثر شفافية ..أكثر إشراق و صدق بل قل أكثر حياة! ... بدونها العمق فيك ستبقى تجهله صدقني !
إنه الدين وحده ...أجل ... هو نور الوحي وحده .... وحده النور ...وحده ....من يولي لنفسك... لنيتك ...لدواخلك ...كل الإهتمام و سبل الإصلاح و يجعلها مناط التكليف و مقياس للصدق . ببساطة :
الإعتقاد الوحيد الذي يجعلك ----> لا تخدع نفسك و لا تخدع الآخرين.. <----هو إيمان صادق بإله من أسمائه الحق سبحانه جل شأنه ..(((الخبير ... العليم بالسرّ و أخفى ...عليم الصدور ))) ...
فتُبادر للحياة الحقة ..تلك الحياة المنطلقة و المفجرة من الداخل ...حياة أقسم بالجبار لهي! : الحرية العظمى ..الخلاص .. الصدق و الحق ...حين تتحقق العبودية الكاملة للواحد الأحد ...حين ترقبُه وحده ...و تعي شأنه ((تصلح نيتك و أنظر لصنيعك تِباعاً حينها ))... فحُقّ أن نصف هذا بكمال العلم و المعرفة المُكسبة للعمل أصالته و قيمته بلا زيف و خداع !
و هذا و رب محمد ما لن تصله بفِكر و لا علم تجريبي و لا أي هراء "عقلي" بشري ..مهما بلغت مداركك و ذكائك ...هما لن ينقدانك من الفساد بداخلك و سيظل هو من يحركهما ..و داخلٌ لا يعرف ربه و لا يرقبه هو أكيد فاسد .. ( وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ) ما ألذ روعة الحق و قوته وسكينته تتذوقه الروح هنا !
فما أعظم ديننا و ما أعظم نعمتنا به يا أولي الألباب ..فقط لكل من يهتم لقيمة الحق و الحقيقة .
Bookmarks