صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 16 إلى 20 من 20

الموضوع: دلائل صحة نبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم العقلية والنقلية

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    357
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي


    الخامس عشر : علامات الساعة :

    وإخبار محمد - صلى الله عليه وسلم - بغيب علامات الساعة قبل 1400 عام ، التي لم تظهر أماراتها إلا في زماننا ، يشهد له بصدق الرسالة ، كما يشهد بأن الساعة حق. وستلاحظ - أخي القارىء - كيف ان الحديث عن هذه العلامات قد ورد على سبيل الجزم والقطع، لا الظن والحدس.

    ومن العلامات التي ظهرت ما يلي :

    1 – كثرة الكتابة :
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إن بين يدي الساعة ـ وذكر منها ـ ظهور القلم" [ رواه أحمد ح (3860) ، والبخاري في الأدب المفرد ح (1049)، وصححه الحاكم (4/110)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (647). ]

    وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن من أشراط الساعة : أن يكثر التجار ، ويظهر القلم" [ رواه ابو داود الطيالسي في مسنده ]

    2 – تطاول الحفاة العراة رعاء الشاء في البنيان :
    ومن هذه الأخبار العجيبة الباهرة إخباره صلى الله عليه وسلم بتطاول هذا الصنف من الناس في البنيان ، ففي صحيح مسلم بعد أن سُأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمارات الساعة، قال صلى الله عليه وسلم : " .. أن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان " أي أنهم سيتركون هذا الذي هو لهم، ويتجهون للتطاول في البنيان .

    3 – زخرفة البيوت :
    روى البخاري في الادب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : "لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يوشُّونها وشي المراحيل" ومعنى « يوشونها » ينقشونها ويصبغونها بأنواع الالوان المختلفة كما تنقش الثياب والفرش ومعنى: « المراحيل » الثياب المنقوشة بنقوش تشبه رحال الابل.

    4 – تقارب الزمان و الاسواق :
    قال رسول صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كاحتراق السعفة" [ رواه أحمد واسناده صحيح على شرط مسلم ]

    وقال صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمان ويكثر الهرج، قيل وما الهرج، قال : القتل. " [ رواه الإمام أحمد ، ورواته ثقات ].

    ان تقارب الزمان المذكور في الحديث يفسر بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر المسافة بينها بسبب اختراع الطائرات والسيارة والإذاعة وما إلى ذلك والله أعلم .

    وأما تقارب الأسواق ، فقد جاء تفسيره في حديث ضعيف بأنه كسادها وقلة أرباحها ، والظاهر – والله أعلم – أن تقارب الأسواق إشارة إلى ما وقع في زماننا من تقارب أهل الأرض بسبب وسائل النقل والكتابة السريعة التي صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها ، فلا يكون تغيير في الأسعار في قطر من الأقطار إلا ويعلم به التجار في جميع أرجاء الأرض ، ويذهب التاجر في السيارات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة أيام ، فيقضي حاجته منها ، ثم يرجع في يوم أو بعض يوم ، ويذهب في الطائرات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة شهر فأكثر ، فيقضي حاجته منها ، ويرجع في يوم أو بعض يوم . [ أشراط الساعة - يوسف الوابل - بتصرف ]

    ولو طبقت – أخي القارىء - ما في هذا الحديث من تقارب الزمان وتقارب الأسواق لوجدته مطابقاً لما في الإنترنت خصوصاً إذا علمنا أن بعض المواقع تحوي (300 ألف) سلعة تستطيع أن تطلع عليها جميعاً بمجرد كتابة عنوان ذلك الموقع والاتصال عليه .

    5 – فشو التجارة :
    روى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة، حتى تشارك المرأة زوجها في التجارة"

    6 – تسمية الخمور بغير اسمها :
    قال صلى الله عليه وسلم : "ليستحلن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها" [ رواه أحمد والنسائي وابن ماجة ] وقد صدق الصادق المصدوق فقد أطلق على الخمر أسماء كثيرة كالعرق ونحوه ، و تسمى في زماننا بالمشروبات الروحية !!
    وقد سمعنا عن من يشرب الخمر ويقول هذه بيرة ليست خمراً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    7 – المرأة تنكح وسط الطريق :
    قال عليه الصلاة والسلام : "لا تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهاراً تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحدٌ، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول لو نحيتها عن الطريق قليلاً" [ رواه الحاكم عن ابي هريرة ].

    وهذا الأمر مشاهد في أمريكا وأوروبا أعاذنا الله من ذلك . وقال عليه الصلاة والسلام : "لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد البهائم في الطرق" . [ رواه الطبراني عن ابن عمر ]

    8 – ظهور أمراء يقولون ولا ينكر عليهم أحد :
    قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "تكون أمراء يقولون ولا يرد عليهم يتهافتون في النار يتبع بعضهم بعضاً" [ رواه أبو يعلى والطبراني عن معاوية : وهو في صحيح الجامع رقم (2990) ، والصحيحة (1790) ]

    9 – ظهور الكاسيات العاريات المائلات المميلات :
    كان هناك بعض الصعوبة في فهم حالة النساء اللائي وصفهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهنّ سيخرُجن في آخر هذه الأمة، وأنهنّ كاسيات عاريات. وقد يحتار الإنسان ، كيف تكون المرأة كاسية ، و عارية في آنٍ واحد حتى رأينا ذلك في زمننا، فللمرأة كساء ، ولكنه ضيق أو شفاف يصف الجسم ، ويظهره ( أولها الملابس الكثيرة ، و لكنها تفصّلها قصيرة ) أو تكون لابسة كاسية في بعض الأماكن، متعرية في أماكن أخرى . و هن أيضاً مائلات مميلات ، وقد اكتمل الميل عن طريق المستقيم، والتمايل بالأجساد ، حتى وضعوا لهن في أحذيتهن كعوباً عالية ، لاستكمال الميل في الأجسام ، و هنّ بهذا الميل مميلات لكثير من الشباب مضلات لهم بفتنتهن المعروضة...
    و رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة : أي كأسنمة الجمال المائلة . وهذا ما نشاهده في زماننا ، مصدقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كشف الله له هذا الغيب ، قبل ألف و أربعمائة عام ، فقال عليه و على آله الصلاة والسلام : "صِنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس – الذين يعتدون ظلماً على الناس فيضربونهم بالسياط [25] – و نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلون الجنة ، و لا يجدون ريحها" [ رواه أحمد ومسلم.]

    10 – انتشار التعامل بالربا :
    قال عليه الصلاة و السلام : "ليأتينّ على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا ، فمن لم يأكله أصابه من غباره" [ رواه النسائي وأبو داود ، وابن ماجه . ]

    قال السندي متحدثاً عن هذه البلية : " هو زماننا هذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وفيه معجزة بينة له صلى الله تعالى عليه وسلم". [ حاشية السندي على النسائي (7/243).]

    وهو في زماننا أظهر وأبين، فقد أضحت البنوك الربوية ملاذاً يحفظ الناس فيه من الضياع أموالهم، بل ينالون منها رواتبهم وحقوقهم، وعن طريقها يدفعون أثمان بضائعهم وغيره، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

    11 – تعطيل السيف من الجهاد :
    رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أشراط الساعة سوء الجوار ، و قطيعة الأرحام ، و أن يعطل السيف من الجهاد" [ رواه ابن مردويه عن أبي هريرة و أبو نعيم في تاريخ أصبهان ]

    12– ترك الأذان على الضعفاء :
    عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إنه سيأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم" [ رواه ابن ابي حاتم ] .

    وقد حدث فمن الذي يؤذن سوى الضعفاء بين القوم الآن ؟ وهي ظاهرة منتشرة بالخليج ..

    وبعد : فهذا قليل من كثير ، مما أخبر به رسول ربنا - صلى الله عليه وسلم - قبل ألف وأربعمائة عام ، يشهد بصدق نبوته ، وبأنه نذير لنا وبشير بين يدي عذاب شديد ، فكما رأينا علامات الساعة اليوم فسنرى الساعة غداً ، لأن المُخبر بها واحد ، وهو الصادق المصدوق ، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم . [ من كتاب الايمان - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت ]

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    357
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    السادس عشر : التمييز بين الصادق من الكاذب فيم دون دعوى النبوة فكيف بدعوى النبوة ؟!

    لاشك أن التميز بين الصادق من الكاذب له طرق كثيرة في غير دعوى النبوة ، فكيف بدعوى النبوة التي هي أشرف العلوم وأشرف الأعمال ، لذلك استدلّ النجاشي ملك الحبشة على صحة نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآمن به بعد أن سألهم عما يخبر به، واستقرأهم القرآن فقرؤوه عليه ، فقال : " إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ ‏‏مُوسَى ‏لَيَخْرُجُ مِنْ ‏‏مِشْكَاةٍ ‏‏وَاحِدَةٍ ".

    ان سيرته صلى الله عليه وسلم هي من أعظم الدلائل على صدقه ، فمن يقرأها متجرداً عن الهوى سيعرف أنها ليست سيرة كاهن ولا شاعر ولا كذاب ولا مجنون ولا سيرة ملك من طلاب الدنيا.
    كان عليه الصلاة والسلام أبعد ما يكون عن سيرة الملوك وعيشة الملوك وحياة الملوك، كان يعيش على البساطة والتواضع وحينما دخل عليه رجل فارتعد هيبة له صلى الله عليه وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام : " هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ‏ الْقَدِيدَ ‏".

    ما كان ملكاً، كان يأكل ما تيسر له ويلبس ما تيسر له وقالت زوجه عائشة : " إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلالِ ثُمَّ الْهِلالِ ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَارٌ. فقال لها ابن أختها عروة : يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتْ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ ".

    وقال أصحابه : " مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏وَأَهْلُهُ ثَلاثًا تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ ‏‏الْبُرِّ ‏حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا ".

    تقول عائشة : " ‏كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ ‏أَدَمًا - جلد - ‏حَشْوُهُ لِيفٌ ".

    ودخل عليه ذات مرة عمر بن الخطاب وهو على حصير قد أثر في جنبه الشريف فقال له عمر : يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أَوْثَرَ من هذا فقال صلى الله عليه وسلم : " مَا لِي وَلِلدُّنْيَا مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا.‏"

    نعم - أخي القارىء - الدنيا ليست دار مقر وإنما هي دار مفر، الارتحال عنها ضروري وسريع وقريب.

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    357
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    تم بحمد الله
    الحاشية

    [1] يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " وشهادة الله تعالى لرسوله بالحق نوعان شهادة قولية وشهادة فعلية أما الشهادة القولية فإن الله تعالى قال في القرآن الكريم : " لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ". فهذه شهادة قولية بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وأما الشهادة الفعلية فهي تمكين الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض ونصره إياه وإدالته على أعدائه فإنه إن كان صلى الله عليه وسلم غير صادق فيما جاء به من الرسالة والنبوة ما مكن الله له لأن الله تعالى لا يمكن أن يمكن لظالم في أرضه كما قال الله تعالى : " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ". وقال تعالى : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ". ولهذا كل من ادعى النبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى لا يمكن له ولا ينصره بل يخذله ويبين كذبه حتى يظهر للناس أمره وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم. [ مكتبة الفتاوي : فتاوي نور على الدرب ( نصية ) : التفسير ]

    [2] أورد هذه الرواية القاضي عبد الجبار بن احمد المتوفى سنة 415 هـ في كتابه "تثبيت دلائل النبوة"

    [3] أما ما ذهب إليه البعض ان هناك آيات في القرآن الكريم تدل على ان نبي الإسلام لم يمتلك معجزة سوى القرآن الكريم واستدلالهم بالآية 59 من سورة الإسراء التي تقول : { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِل بِالآيَاتِ إلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ } , وكذلك بالاية 90 إلى 93 من سورة الإسراء والتي جاء فيها : { وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا ، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا ، أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلا ، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا }. فالجواب عن ذلك بالآتي :
    أن هؤلاء المشركين لم يكن يقترحون ويسألون عن تلك المعجزات اِسْتِرْشَادًا وطلباً للحق وإِنَّمَا كانوا يَطْلُبُونَ ويقترحون ذلك كُفْرًا وَعِنَادًا فعند طلب أمثال هذه المعجزات مع الإعراض عن المعجزة الحقيقية لنبينا صلى الله عليه وسلم والمعجزات الأخرى ، عند ذلك لم يستجيب الله عز و جل لطلب المشركين ، إذ أن طلبهم ليس لعدم قيام الحجة الكافية بل هو نوع من التعنت والتعجيز ، وقد كانوا كلما رأوا معجزة يقولون : (( سِحْرٌ مُبِينٌ )) كما ذكرنا سالفاً … وقد قال الله سبحانه وتعالى عنهم : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ } [ الحجر : 14 ] فحتى لو نزلت هذه الآيات فلسوف يعيدون ذلك القول.
    يقول أهل التفسير في قوله تعالى : { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِل بِالآيَاتِ إلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ } أي وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحها أهل مكة إلا أن كذب بها الأولون لما أرسلناها فأهلكناهم ولو أرسلناها إلى هؤلاء لكذبوا بها واستحقوا الإهلاك وقد حكمنا بإمهالهم لإتمام أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وعن الحسن في قول الله تعالى :{ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِل بِالآيَاتِ إلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ } قال : رحمة لكم أيتها الأمة , إنا لو أرسلنا بالآيات فكذبتم بها , أصابكم ما أصاب من قبلكم.

    [4] [ أخرجه البخاري في المغازي ومسلم في الجهاد والسير والترمذي في الجهاد وغيرهم ]

    [5] [ دين الإسلام ، للايتنر ، ترجمة عبدالوهاب سليم (ص:132) ، المكتبة السلفية ، دمشق، 1423هـ.، وذكر أن لايتنر هو باحث انجليزي حصل على أكثر من شهادة دكتوراة في الشريعة والفلسفة واللاهوت ، زار الأستانة عام 1854م. ]

    [6] من المعلوم ان انهزام المسلمين في معركة أحد كان بسبب مخالفة الرماة لتعليمات الرسول بلزوم أماكنهم وعدم التحرك منها مهما كانت أطوار القتال ... وقد شرح الله سبحانه وتعالى هذه القصة في سورة آل عمران ، حيث يقول المولى تبارك وتعالى : " وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ". فأخذ المسلمون من ذلك الدرس العميق في قيمة الطاعة. وبعد انتهاء معركة أحد ، ورحيل قريش جاءت الأخبار إلى المدينة بأن قريشاً تريد العودة لتستأصل المسلمين في مدينتهم ، فما كان من القائد القدوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن دعا أصحابة للخروج لتعقب قريش ، وزرع الخوف في قلب من يفكر بالاعتداء على المدينة الآمنة، فسار هو وأصحابه حتى وصلوا حمراء الأسد على بعد ثمانية أميال من المدينة مرهبا بذلك العدو وليبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم . وبالفعل فقد تزعزع عندها جيش المشركين وانسحب إلى مكة خيفة ان يفقد انتصاره الذي كسبه سهلاً في أحد .. ويعود الجيش الإسلامي وقد استرد شيئاً من حميته وكرامته التي أهدرتها الهزيمة .. ولا يعرف وزن هذا الكسب النفسي إلا كل عسكري محترف .. وقد أثنى القرآن الكريم على الصحابة بهذا الخروج طاعةً لرسولهم الكريم فقال الله تعالى : " الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ " [ آل عمران : 172 ] .

    وكان من نتائج غزوة أحد أن تجرأ الأعراب حول المدينة على المسلمين ، وظهر ذلك في التجمعات التي قام بها بنو أسد ، وبنو هذيل مستهدفين غزو المدينة طمعاً في خيراتها وانتصاراً لشركهم ومظاهرة لقريش وتقرباً إليها وكان ذلك في شهر محرم من السنة الرابعة للهجرة كما في طبقات ابن سعد 2 : 50 وزاد المعاد 2 : 121 ، فما كان من القائد القدوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن أرسل إليهم أبا سلمة بن عبد الأسد بمائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار ، الأمر الذي جعلهم يتركون إبلهم وماشيتهم بيد المسلمين من هول المفاجأة [ طبقات ابن سعد 2 : 50 ] ، [ السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم العمري - مكتبة العبيكان ]

    [7] وأما موقفه البطولي في حصار المشركين للمدينة فيتجلى في ثباته صلى الله عليه وسلم رغم طول الحصار وحفره للخندق مع أصحابه وهو يبشر ويرفع من عزائم الصحابة . وكان لمشاركته صلى الله عليه وسلم - بصورة فعلية - وليست رمزية - أثر كبير في الروح التي سادت موقع عمل الخندق. واستمرت هذه الروح إلى أن فشل حصار المشركين للمدينة ، عندها قال الرسول - صلى الله عليه وسلم في رؤية سياسية عظيمة : " الآن نغزوهم ولا يغزوننا " [ صحيح البخاري 5 : 48 ] ، [ صحيح السيرة النبوية - د : أكرم العمري - مكتبة العبيكان ]

    [8] المتواتر عن محمد صلى الله عليه و اله و سلم انه كان فى القمة في أمور الإدارة , و لن تجد في زمانه و بيئته مثله ، يقول القس الحداد : " كان محمد عبقرية إدارية في تنظيم شئون الحياة الدينية و الاجتماعية و السياسية و الحربية "
    و يقول الاستاذ العقاد : " كان يوصى بالرياسة حيثما وجد العمل الاجتماعي أو العمل المجتمع الذي يحتاج إلى تدبير , و من حديثه المأثور : " إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا احدهم " و من أعماله المأثورة انه كان يرسل الجيش و عليه أمير و خليفة للأمير و خليفة للخليفة إذا أصيب من تقدمه بما أقعده عن القيادة , و كان قوام الرئاسة و الإمامة عنده شرطان هما جماع الشروط فى كل رئاسة , و هما الكفاءة و الحب : " أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس علم ان فى العشرة افضل ممن استعمل فقد غش الله و غش رسوله و غش جماعة المسلمين " ( الجامع الصغير ) " و أيما رجل أم قوما و هم له كارهون لم تجز صلاته اذنيه " ( الجامع الصغير )
    و كان إلى عنايته بإسناد الأمر إلى المدير القادر عليه حريصا على تقرير التبعات فى الشئون ما كبر منها و ما صغر , على النهج الذي أوضحه صلوات الله عليه حيث قال : " كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته "..
    و قد كانت أوامر الإسلام و نواهيه معروفة لطائفة كبيرة من المسلمين أنصارا كانوا او مهاجرين و لكنه عليه السلام لم يترك أحدا يدعى لنفسه حقا في إقامة الحدود , و إكراه الناس على طاعة الأوامر و اجتناب النواهي غير من لهم ولاية الأمر و سياسة الناس ..
    و ما أكثر ما سمعنا في أيامنا الأخيرة عن الأمن و النظام و توطيد أركان الشريعة و القانون , و لكننا لا نعرف في كل ما قيل كلاما هو أجمل لوجوه الصواب في هذه المسالة من قول النبى : " السمع و الطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية فلا سمع و لا طاعة " .. [ الجامع الصحيح : 2955 ]

    [9] لا يشك أي مطلع منصف للقرآن الكريم بأن محمد صلى الله عليه واله و سلم قد بلغ القمة في الربانية و العبادة و الذكر للخالق و الدعاء و تعليم الناس أن يعبدوا خالقهم و يذكروه , بل لا يوجد إنسان مشى على الأرض قاد الناس إلى عبادة الله و معرفته و ذكره و كافح في سبيل ذلك مثل محمد صلى الله عليه و اله و سلم و مع ذلك يرتاب بعض من عميت بصائرهم في انه كان يفترى على الله !!!

    [10] يشهد لذلك واقعة تحكيم قريش الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة في رفع الحجر عندما دخل عليهم فصاحوا : " قد جاء الأمين " . [ صحيح السيرة النبوية لإبراهيم علي - دار النفائس ] وكيف أن الناس كانوا يودعون عنده أماناتهم - صلى الله عليه وسلم - لما يُعلم من صدقه وأمانته ،‏‏ وحينما أراد - عليه الصلاة والسلام - الهجرة من مكة إلى المدينة، كانت أمانات المشركين عنده، فخلف علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وراءه من أجل أن يؤدي الأمانات إلى أهلها. [ السيرة النبوية لابن هشام - الجزء الثالث - هجرة الرسول ]، وثبت في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } صعد على الصفا - جبل صغير في مكة - فجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي – لبطون قريش – حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال: " أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي" قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال: أبو لهب: " تبا لك ألهذا جمعتنا.." والأمثلة كثيرة .

    [11] [ منتدى التوحيد - مشاركة الأخ الغزالي - بتصرف ]

    [12] [ عن جريدة الكرمل من كتاب يا أهل الكتاب لعلي محمد علي ]

    [13] [ نقلاً عن إعجاز القرآن للدكتور حسين نصار - مكتبة مصر - الفجالة ]

    [14] [ المصدر السابق ]

    [15] [ من كتاب الطعن في القرآن والرد على الطاعنين للشيخ : عبد المحسن المطيري ]

    [16] من كتاب يا أهل الكتاب - دار الهادي - بيروت

    [17] المصدر السابق

    [18] المصدر السابق

    [19] المصدر السابق

    [20] الرسول في عيون غربية منصفة - دار الكتاب العربي - دمشق - القاهرة

    [21] لا مرتين من كتاب تاريخ تركيا ، باريس، مارس 1854 الجزء الثاني ص 276 .

    [22] الرسول في عيون غربية منصفة - دار الكتاب العربي - دمشق - القاهرة

    [23] الرسول في عيون غربية منصفة - دار الكتاب العربي - دمشق - القاهرة

    [24] [ من رسالة وصلت لموقعنا بعنوان رسالة إلى العقل والقلب ]

    [25] قال النووي رحمه الله : وهذا الحديث من معجزات النبوة ، فقد وقع ما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فأما أصحاب السياط ، فهم غلمان والي الشرطة. [ شرح النووي لمسلم 17 : 190 ]

    تم بحمد الله

  4. افتراضي

    اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لاَ يَرْتَدُّ ، وَنَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ ، وَمُرَافَقَةَ نبيك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ آمين

    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، في العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    357
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا على مروركم الطيب
    والله نسأل ان لا نكون ممن ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من موقع الحقيقة العظمى
    بواسطة الاشبيلي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 07-09-2011, 11:28 AM
  2. دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم عقلاً ونقلاً
    بواسطة انا المسلم في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-19-2010, 12:36 AM
  3. صدق دلائل نبوة محمد "صلى الله عليه وسلم" (2)
    بواسطة نور في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-30-2005, 03:22 PM
  4. صدق دلائل نبوة محمد "صلى الله عليه وسلم" (1)
    بواسطة نور في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-30-2005, 03:19 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء