الحجاب من منظور نقدي -وجهة نظر أخرى -
بعيد عن التنظيرات والأحكام المنغلقة وبأختصار شديد يمكن ان نقول :
الرجل بصري الشهوة ، أى ان الرؤية عنده اساس العلاقة بينه وبين الجنس الآخر ،
حتى ان الرجال فى الغرب ، زوجاتهم تقول لهم "So you can look ,..But don't touch "
والعبارة تعبر عن احباط كبير من جانب المرأة تجاه طبيعة الرجل ، إذن لا مفر من رؤيتك ونظراتك ، لكن رجاء لا تلمس ، مأساة حقيقيه
قضية الحجاب أهم واشمل من مجرد حكم جزئى من منظور لاهوتى بحت ، بل إنى اعتقد أنها اساس للحفاظ على دوام العلاقة بين الرجل والمرأة ودوام أنجذاب الرجل للمرأة فالمرأة بالنسبة لغالبية الرجال (مع الأسف) أداة لأشباع رغبته الجنسية (هذا عقل اداتى بحت ) ، وهكذا خلق ،
لذلك أزعم ان تشريع الحجاب هو فى الأصل من اجل العلاقة بين الرجل والمرأة ومن أجل دوامها ، ومن اجل الحفاظ على معنى الأنثى ومقوماتها
ترى فى الحضارة الغربية ، الرجل يحاول الوصول للمرأة بشتى الطرق ، ويحاول الحصول على جسدها بكل ما أوتى من قوة ، وكذلك فى الدول المحسوبة على الإسلام
*مثال* : فى غابات الأمازون فى البرازيل ، توجد قبائل بدائية عارية تماما تم أكتشافها قريبا ومن دارسة طبائعم وحياتهم اليومية بكل مشتملاتها ، يكفيك أن تعرف ان الرجل فى هذه القبائل لا يقترب من المرأة إلا مرة واحده فى خلال سنتين !! وطول فترة الحمل والرضاعة يهجرها تماماً
أى ان القضية معكوسة ، كلما كان المشهود مألوف للرجل ، كلما قلت رغبته فى الأنثى - علاقة عكسية
أضافة لذلك لما سبق فالحضارة الغربية ، انتشر فيها السحاق والشذوذ والطرق الغريبة فى اشباع الرغبة والشهوة نتيجة للأنحراف الطبيعى عن المسار الطبيعى لأفراغ هذه الشهوة داخل نطاق الأسرة ، جسد المرأة صار بلامعنى ، وصار كل شىء مشاع ، فلا حاجه للرجل إذن للتقيد بأى زواج أو ارتباط أو اسرة ، فهو استطاع بجدارة يحسد عليها من الشيطان ، ان يستعملها كيفما اراد وكيفما شاء ، او كما يشبه د. عبد الوهاب المسيري رحمة اللة عليه بالهوس الجنسى (كتاب :الفردوس الأرضى ) ، أستطاع ان يجعلها اداة من اجل اشباع هوسه الجنسى
أو بعبارة اخرى للكاتب الامريكي فانس بكارد وصفها بال (همجية جنسية ) أو (أدغال الجنس )(*)
وكما يقول الشيخ الغزالى رحمة الله عليه فى (المرأة بين التقاليد الوافدة والراكده ) أن الرجل أصبح أكثر حشمة فى ملبسه من المرأة ، فى لباس الرياضه ، السباحة إلخ إلخ ، والمقصود من وراء ذلك بالتأكيد أمر شيطانى بحت ، حتى لو نظرنا من منظور المساواة فى الملبس ، فالمرأة الآن أكثر "تعريا " لجسدها من الرجل !
وهذا يعزى إلى ( الفلسفة المادية المؤسسه للفكر الغربي) ، بما آلت إليه من علمنة شاملة وتفكيك فى مراحلها التى وصلت إليها الآن ، تريد تفكيك كل شىء وكل مضمون ومفهوم وثابت ، حيث كل شىء متغير ولا معنى له
يقول الدكتور احمد ادريس الطعان فى بحثه : ( الحجاب يتحدى )
{""إن المرأة المسلمة بحجابها تحتكر أنوثتها وتمتلكها ولا تبددها في عالم الرجال ، إنها تنطوي في داخلها على سرٍ يجب أن يظل مطمحاً لعالم الرجولة تهفو إليه الرجولة فلا تنال منه إلا بقدر ما يتحقق من سعادة وكرامة إنسانية مشتركة .
إن في المرأة جانبان : جانب عملي إنساني مشترك بينها وبين الرجل وهو دورها في الحياة والبناء والإعمار والمشاركة والعمل والعلم والإبداع وجانب آخر هو أنثوي غريزي تميزت به المرأة عن الرجل ، وزودها الصانع عز وجل بمكونات الأنوثة فهي أم حنون وزوج رؤوم ، وأنثى لعوب . والإسلام لا يريد لأيٍ من الجانبين أن يطغى على الآخر ، فلا يريد المرأة المترجلة التي تكبت أنوثتها وتتحول إلى كائن قاس عنيف جلف .
ولا يريد المرأة الجاهلة العابثة التي تُحوّل نفسها إلى أداة للمتعة واللذة والإنجاب فقط . "" }
وفى موضع آخر يقول : { "" إن أهم ما يعنيه الحجاب بالنسبة للمرأة هو إبراز فرديتها الإنسانية ، وتكنيز فرديتها الأنثوية لتكون قادرة على مشاركة الرجل في الفعل الحضاري دون أن تخضع لابتزازه أو انتهازيته، ذلك لأن الجانب العملي والعقلي والإنساني والحياتي في كلا الطرفين متساوٍ ويبقى الرجل متفوقاً برجولته الظاهرة البارزة، لأن الرجولة يناسبها الظهور والبروز فكيف تقابل المرأة الرجولة لتكون نداً للرجل ؟ ظنت المرأة أو قيل لها إن عليها أن تقابل رجولته البارزة بأنوثتها المكشوفة ومفاتنها المعروضة فصدقت ذلك ، وأخطأت لأن الأنوثة سلاح لا يناسبه الظهور والانكشاف بل ذلك يثلمه ويفقده قوته وأهميته، وكان من الواجب مواجهة الرجولة المكشوفة بالأنثوية المخفية والمفاتن المحجوبة فذلك لون من الدلال والتمنع يزيد المرأة قوة وحيوية وتأثيراً في الرجل ."" }
مما سبق يمكن ان نقول أن مساواة المرأة بالرجل من الناحية التشريحية ، هو ظلم للمرأة وضياع لأنوثتها وسط غابة من الحمقي والشهوانيين- إلا من رحم ربي -
الحجاب فرض فى الأساس للمحافظة على دوام العلاقة بين الرجل والمرأة ، وللفروق التشريحية والذهنية الواضحة بين الرجل والمرأة والتى على اساسها يجب بناء المجتمع السليم ، بدون ذلك يكون مجتمع متحلل من أى عبء أخلاقي أو مسئولية إنسانية ، وبدلاً من أن يكون مجتمع مبني ومنشأ على التراحم والمودة ، صار مجتمع متصارع ، مصاب بداء الدايلكتيك الجدلي ـ الذى تتصارع فيه كل الأقطاب المختلفة ، فيكون الفيمنيزم مجرد تطبيق لهذا الصراع الغبي .
Hint : عندما يدعوا احد منا امرأةً للحجاب ، إن اردنا الإصلاح الحقيقى لا قهر المرأة لابد أن ننظر بمنظور متساوى للمرأة لا متفاوت ، وانلا نذكر مثل الامثال الغبيه التى تنفرها منه، الحلوى والذباب ، وغيره وغيره فى معرض دعوتنا لها ، خاطبها بلغة العقل والمنطق ، وبمنظور الإنسان المتفهم لحاجات المرأة الإنسانية ، وحاجاتها فى أن تتعامل كإنسانه وبشر لا كقطعة لحم تباع وتشترى بأرخص الأثمان على يد كلاب بشرية
بل فقط أكد على الفروقات التشريحية والنفسية (الناتجه عن الفرق البيولوجى) بينها وبين الذكر فى الحب والشهوة وغيرها ، لكن لابد من التأكيد على المساواة الذهينة والعقلية ، ومن ناحية الحقوق والواجبات ، لكن من جانب آخر حافظ على حقها فى أن تظل أنثى مع حريتها الكاملة التى منحها الله لها .
بخطاب سليم ومعتدل بعيد عن اى نزعة ذكورية فى السيطرة وحب الذات
فالمرأة كل المجتمع وليس جزء من المجتمع ، والأسرة فيه حجر الزاوية ، والأسرة بدون المرأة لا شىء يذكر ، لذلك كان على الإسلام تشريع ما يناسب المرأة ويصون كرامتها ويحفظها ، ويربطها برباط مقدس مع الرجل ، شريك حياتها وأحلامها وليس طرف الصراع ..كما يعتقد المنتمين لأى حركه من حركات التمركز حول الأنثى
الحجاب ليس فرض دينى وحسب ، بل واجب تحرري ، لو ان جمعيات الفيمينزم والتحرر ، يبحثون عن التحرر الحقيقى من التبعية للرجل لكانوا اول من أتخذه وسيلة لمحاربة الرجل وشهوانيته..
والله أعلى و أعلم
________________________
*1968
Bookmarks