صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 25

الموضوع: سؤال للاذكياء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي سؤال للاذكياء

    بسم الله الرحمن الرحيم....

    سيرا على فكرة الاخ "مجرد انسان"

    ما رأيكم في شخص قال أن الله ظلم فرعون !!!

    فالله تعالى يقول ان سبب كفره هو تكبره على الله.

    فلماذا اذن جعل الله تعالى الكبر في قلب فرعون دون غيره من العباد ؟؟؟

    أليس هذا ظلما ؟؟
    فلا أحد يختار ان يكون متكبرا، ألا يستطيع فرعون ان يستعمل هذه النقطة كحجة غدا امام الله تعالى ؟؟

    بانتظار اجابتكم...

  2. افتراضي

    كان فرعون في قرارة نفسه يعرف أنه متكبر متعالي (واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,970
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    5

    افتراضي

    فرعون هو من أختار هذا الطريق ! وهناك من الفراعنة المتكبرين المجرمين موجودين الآن ايضاً وبالأمس ! راح على أيديهم من الضحايا الآلاف !

    فهم من أختاروا هذا الطريق ! بإرادتهم ! ...فالانسان هو من يختار لنفسه بين طريقين = طريق الهداية وطريق الهلاك ! ...وفرعون قد إختار الثاني ! ...

    وهذه حجة إبليس الباطلة وجهمية الجبرية ! ( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين )

    والحقيقة أن هم من اختاروا الهلاك ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )


    ولو ضُرب أحدهم على قفاه لن يترك من فعل ذلك بحجة أنه مجبور !
    ولو سرق لن يترك السارق بحجة أنه مجبور !
    ولو .....الخ

    (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون )

    التعديل الأخير تم 01-24-2014 الساعة 06:05 AM
    الإنسان - نسأل الله العافية والسلامة والثبات - إذا لم يكن له عقيدة ضاع، اللهم إلا أن يكون قلبه ميتا، لان الذي قلبه ميت يكون حيوانيا لا يهتم بشيء أبداً، لكن الإنسان الذي عنده شيء من الحياة في القلب إذا لم يكن له عقيدة فإنه يضيع ويهلك، ويكون في قلق دائم لا نهاية له، فتكون روحه في وحشة من جسمه
    شرح العقيدة السفارينية لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,276
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هذا رأي و ليس جوابا ...

    هذا السؤال أولى به إبليس الشيطان سيد المتكبرين لا فرعون ، إبليس الذي لم يكتفي بالكبر بل وعاه و أصرّ عليه و لم يتب كآدم و قرر الإنتقام نصرة لنفسه فهي إلهه الحقيقي الذي الذي إختار إتباعه و الله كشفه بابتلائه الحق ...الله المستعان هذه أحداث مخيفة و للعبرة فإن النفس و هواها سر خطير والله ....
    وهو سؤال لن يخوض فيه و لن يراه "معضلة" إلا من ينتمي لفرقة الجبرية المتناقضة الضالة ...الله جعل لنا حرية إختيار و إستقلالية ذاتية لا ينكر هذا أحد إلا من يحب التنصل و يرضا لربه المنزه ما لا يرضاه لنفسه و هو العبد الحادث الناقص (!) فهو البريئ ذو الأهواء و النقائص جِبلّة لا يختار لنفسه إلا طيب الصفات و ربنا الحق الكبير المعتال و حاشاه يخلق عبدا و يقهره جبرا على الذنب ...يا سلام! حتى المنطق يأبى هذا الترجيح لصالحه ...للعبد حرية تبتدأ بالنية يعيها و يحسها و يفهم دواخل نفسه جيدا و بيده التراجع عنها أو الإسترسال ثم يصدقها العمل بعد إرادة واعية و يجعلها شهادة صدق عن جوهر النفس و مكنونها فتتحقق منزلتها فلا ظُلم ، و على جنس العمل نحاسب وهو مرحلة متطورة جدا من القصد والوعي الكل هي من يُدين بلا تردد و شك ....و فرعون تكبر و طغى و ذبّح ..

    (بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) وهذه تبين أن لا أحد سيتحجج بشيء أمام الله بل بالعكس الكل سيعترف بظلمه و منهم من سيتضرع و يجأر ( قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لا تُنصَرُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ )
    اقرأ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبً ...

    أما فرعون فلما بان له عدل الله و عظمته تبين له قدره الحقيقي و رآى ما قهره فنكص و آمن لما وصلت حلقومه ..فلماذا تبدل موقفه فجأة لو كان مقهورا على صفة الكبر

    فلا أحد يختار ان يكون متكبرا
    بل يختار و 60 ألف يختار و منهن من أعرف يخترن معرفات ك : ملكة بغروري أميرة بكبريائي !! و لما تسألها تقل لك أجل و من حقي أن أتكبر لأنني أفضل و كذا و كذا !! و هذا مثال تافه و إن وجد في الواقع من يعبر عن كبره فعلا لا قولا و ياما في عاهات كثيرة الفطر النقية البريئة لا تصدق وجودها أصلا ...

    و لو سمحت أخونا الفاضل مع إحترامي أرى أن إجترار الشبهات و إختلاق مزيد منها لأي سبب و غاية و لو سليمة "نبيلة " غير موفق ضره أكبر من نفعه والله أعلم . و الأولى أن نبين و نظهر عن آيات الله و حججه و ظلم العباد لأنفسهم و إعراضهم و تهافتهم على الدنيا و إيثارها عن علم ...أدر الطرف في حال أغلب أهل الأمة و لن يذهلنا فقط وجود الكبر والله المستعان ....
    ووفقكم الله و سعيكم لكل خير
    و السلام عليكم
    التعديل الأخير تم 01-24-2014 الساعة 07:19 AM
    " الصدق ربيع القلب ..و زكاة النفس ..و ثمرة المروءة .. و شعاع الضمير الحي.. ومناط الجزاء الالهي (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ...) و إنَّ الضمائر الصحاح اصدق شهادة من الألسن الفصاح "
    -بتصرف-
    "حقُّ الواعِظ أن يتعظ ثمّ يعظ، ويبْصِر ثمّ يُبَصّر، ويهتدي ثم يَهدِي، ولا يكون دفترًا يُفيد ولا يستفيد، ومَسنًّا يحدُّ ولا يقطع، بل يكون كالشمس التي تُفيد القمرَ الضوء ولها أكثر مما تفيده"!
    -الراغب الأصفهاني رحمه الله-

  5. #5

    افتراضي

    هل كتبت انت هذا السؤال مجبورا !!!

    ام انك قبل كتابته فكرة ان تكتبه !


    مجرد اتفكير = اختيار ان تكتب سؤالك او لا



    لهذا جواب سؤالكـ من نفسكـ انت

    فرعون هو من اراد ان يكون متكبرا
    لانه اتاه موقف يختار يؤمن بلله او يصر على كفره .


    لو كل شخص يقيم نفسه لوجد انه قبل عمل اي شيء لابد ان يكون له الخيار = مذا يختار



    قد يقول البعض (الله هو من كتب الأقدار و يعرف الخفيا و الاسرار )
    نعم خلال بحثي كانت هذه مسئلة صعبه جدا بنسسبه لي

    ان كان الله يعرف اني ساكون كافر - لانه هو من كتب علي ان اكفر - اليس هذا ضلم !!!

    لاكن الحقيقه هي ان الله هو من رسم طريق الخير لي و طريق الشر
    هنا سأكون بختبار 1-2

    ففي كل لحظه ستمر في اختبار مكون من خيارين 1-2
    اعمل هذا الشيء او لا . (وهنا تنطلق الرحله)

    عندما تختار شيء 2 = تسير نحو الشر
    عندما تختار 1 = ترجع إلى الخير

    حتى يتوفاكـ الأجل


    لهذا فرعون هو من اختار ان يكون هكذا
    ####

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    كان لزاما علي طرح هذا السؤال، نظرا لعروضه على اكثر الافهام دون ان تستقر على جواب...

    الجواب مبدئيا هو قول أبو حب الله العميق في فيديو ( لماذا خلقنا الله ؟ ) حين حديثه عن النفس الكافرة والمستكبرة : ( هي نفس طبيعتها كذا )
    وهو يكفي للمتأمل المدقق...فيجب لمن يتحدث عن حرية الاختيار أن لا يفهم منها وقو رجحان بدون مرجح، اي ان تكون نسبة الاحتمالين هي 50 بالمئة لكل واحد منهما، فتترجح كفة احدهما على الاخر دون سبب او علة او باعث.

    كان فرعون في قرارة نفسه يعرف أنه متكبر متعالي (واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
    العلم بالاستكبار والاستمرار عليه = الاستكبار...واستكباره هذا هو الذي جعله يستمر في الكفر...فهل يكون الله ظالما له ؟


    فرعون هو من أختار هذا الطريق !
    جرب ان تبدل أخي كلمة (اختار) بكلمة (قصد)
    فتصير الجملة : فرعون هو الذي قصد هذا الطريق
    فيكون السؤال : لماذا قصد فرعون هذا الطريق ولم يقصد غيره ؟
    الجواب : الكبر

    ولو ضُرب أحدهم على قفاه لن يترك من فعل ذلك بحجة أنه مجبور !
    هل أنا مجبور على سواد شعري ؟ فسواد شعري جزء لا يتجزء من هويتي، بل أفخر بأن شعري أسود، ولا اتخيل نفسي بلون شعر اخر، فبغير هذا السواد لا أكون أنا هو أنا، فكذلك الكبر، فبغيره لا يكون فرعون هو فرعون، بل شخصا أخر لا نعرفه، فكونه متكبرا لا يمنع من محاسبته على أفعاله.

    مجرد اتفكير = اختيار ان تكتب سؤالك او لا
    نعم انا اخترت، ولست مجبورا، لكن لماذا اخترت أن أكتب بدل الامتناع عن الكتابة ؟
    الجواب بصدق : لاني أحب هذا المنتدى وأحب أهله، وأحب أيضا هذا الموضوع، فالحب هو الباعث على فعلي هذا، والحب كيفية نفسانية كالكبر والحقد والحياء، وغيرها، التي لا يختارها العبد لنفسه، بل هو لا يكون الا بها، حاول ان تتخيل سيدنا عثمان، دون ان تتخيل معه ذلك الرجل الموصوف بالحياء...لا شك أن ذلك مستحيل اليس كذلك ؟ فالحياء كيفية نفسانية لا تنفك عن سيدنا عثمان رضي الله عنه. فلا يصح أن نقول ان الله انعم على سيدنا عثمان بان اوجد مستحييا ولا يصح أن نقول انه ظلم فرعون بأن جعله متكبرا.

    [quote]لنا حرية إختيار و إستقلالية ذاتية لا ينكر هذا أحد[/quote
    صحيح فحتى الجبرية لا ينكرون انه مخلوقون في هيئة كائنات مختارة لكنهم مجبورون حقيقة

    و يقهره جبرا على الذنب ...يا سلام!
    لا ليس قهرا، الهويات كالماهيات ليست مجعولة، تخيلي ان الله تعالى اراد ان يحاسب السكر على تسببه بمرض السكري، فهل يصح ان يقول هذا السكر لله تعالى : انت الذي خلقتني حلوا ؟
    هذا مثال توضيحي وبالمثال يتضح المقال فلا أحد يقول انه مقهور في هويته...

    و يفهم دواخل نفسه جيدا
    انت تتحدثين عن نفسك هنا، والا فأغلبنا لا يعرف هذه الدواخل والبواعث، بل يذهب بعضنا الى اطباء من اجل فهمها والاحاطة بها، بل حتى الذين يزعمون احاطة كلية بها، هم في حقيقة الامر يتوهمون ذلك، والفارق بينهم وبين غيرهم هو نقصان هامش الجهل ببواعث الذات.

    بل يختار و 60 ألف يختار و منهن من أعرف يخترن معرفات ك : ملكة بغروري أميرة بكبريائي !!
    اختيار اظهار الكبر امام الناس سببه باعث قلبي أخر، ربما الشعور بالاسحقار من الاخرين، هذا هو المنطق الذي يفسر لنا هذا السلوك...فدائما سنرجع خطوة الى الوراء، مادمنا مصرين على أن حرية الاختيار= رجحان بدون مرجح،
    يقول الامام الرازي :
    إن أقواما من الكفار بلغوا في عداوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - وفي بغضه وفي شدة النفرة عن قبول دينه والاعتراف برسالته هذا المبلغ وأقوى منه ، والعلم الضروري حاصل بأن حصول البغض والحب في القلب ليس باختيار الإنسان ، بل هو حاصل في القلب ، شاء الإنسان أم كره .

    إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أن حصول هذه النفرة والعداوة في القلب ليس باختيار العبد ، وثبت أنه متى حصلت هذه النفرة والعداوة في القلب ، فإن الإنسان لا يمكنه مع تلك النفرة الراسخة والعداوة الشديدة تحصيل الفهم والعلم ، وإذا ثبت هذا ثبت القول بالجبر لزوما لا محيص عنه
    (أختلف معه في كون ما وصفه جبرا)

    هذا هو الجواب التمام في هذه المسألة والله تعالى أعلى وأعلم...

  7. #7

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي الحبيب حمزة ...
    ولكني لا أوافقك فيما ذهبت إليه من طريق للأسف ..
    بل أظن أن مشاركتك الأخيرة - التي من المفترض أن تكون فيها الإجابة إجمالا لما سبق - :
    جاءت مشوشة (بفتح الواو وكسرها كذلك ) فتجعل القاريء محتارا بين ما فيها من إقرار اختيار : وما فيها من إقرار جبر !
    إذ أنك عددت صفة الكبر أصيلة في نفس فرعون لتدفعه إلى الكفر بالله تعالى ...
    وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه أخي :
    ودعني أقتبس كلامك من أول مشاركتك لألون لك باللون الأحمر الخطأ الذي انبنى عليه اجتهادك :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hamzaD مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم....

    سيرا على فكرة الاخ "مجرد انسان"

    ما رأيكم في شخص قال أن الله ظلم فرعون !!!

    فالله تعالى يقول ان سبب كفره هو تكبره على الله.

    فلماذا اذن جعل الله تعالى الكبر في قلب فرعون دون غيره من العباد ؟؟؟

    أليس هذا ظلما ؟؟
    فلا أحد يختار ان يكون متكبرا، ألا يستطيع فرعون ان يستعمل هذه النقطة كحجة غدا امام الله تعالى ؟؟


    بانتظار اجابتكم...
    أقول :
    الكبر بالنسبة لله تعالى ممدوح .. وهو من صفات عظمته عز وجل ..
    ولذلك نجده في أسمائه الحسنى لأنه لا يستحق التكبر على الحقيقة إلا الله عز وجل ..

    وأما التكبر بالنسبة للبشر : فهو مذموم .. ولقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله في الحديث الصحيح :
    " الكبر : بطر الحق (أي رفضه ورده) وغمط الناس (أي احتقارهم وازدرائهم مظنة الفضل الذاتي عليهم) "
    وهو جزء من حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه .. وعلق عليه الإمام النووي رحمه الله في الكبر والإعجاب قائلا :

    " والكبر : هو الترفع واعتقاد الإنسان نفسه أنه كبير .. وأنه فوق الناس .. وأن له فضلاً عليهم ..
    والإعجاب: أن يرى الإنسان عمل نفسه فيعجب به .. ويستعظمه ويستكثره ..
    فالإعجاب يكون في العمل .. والكبر يكون في النفس .. وكلاهما خلق مذموم الكبر والإعجاب ..
    والكبر نوعان :
    كبر على الحق .. وكبر على الخلق .. وقد بيّنهما النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (( الكبر بطر الحق وغمط الناس)) فبطر الحق يعني : رده والإعراض عنه وعدم قبوله .. وغمط الناس يعني : احتقارهم وازدراءهم وألا يرى الناس شيئاً .. ويرى أنه فوقهم " ..

    ومن هنا أخي الحبيب حمزة :
    فالكبر بالنسبة للإنسن هو اختيار نفسي (كسبي) .. وليس لخلق (ذاتي) يولد الإنسان به ...
    وكلا من الخلق (الكسبي) والخلق (الذاتي) :
    الإنسان مطالب بتغييرهما للأحسن والأصوب والأفضل وكما وصلته رسل ورسالات الله ..

    وهذا المعنى تجده مفصلا في هذا الدرس عن (تعريف الأخلاق وامتحان الأخلاق) :



    وربما أنت لم تسمعه لأنه من المجموعة الأردأ في الصوت للأسف - قبل تحسين الصوت إلى حد ما -

    وأما استشهادك بما في درس (لماذا خلقنا الله) :



    فيوحي - في نظري وقد أكون مخطئا لو لم يوافقني الإخوة والأخوات - بأن اختبار الأنفس في الحياة فيه جبر !!
    رغم أني أوضحت أكثر من مرة أن الله تعالى يعطي لكل نفس من المعطيات وأدوات الاختبار وأسئلته :
    ما سيظهر مكنونات أنفسها بـ (حكمة) الله تعالى وعدله وعلمه النافذ في كل نفس !!!..

    استمع مثلا من الدقيقة 6:10 حيث قلت فيه :
    " الأعلى درجة من الملائكة كنوع أو كجنس هو المؤمن المختار .. المختار يعني إيه ؟
    يعني اللي كان قادر إنه يعصي أو يكفر ولكنه اختار الإيمان والطاعة ..

    وفي الدقيقة 7 ستجدني أكدت من جديد أن الله تعالى خلق (حرية اختيار) للجن والإنس ..
    وأقول : معنى ذلك أنهم بإمكانهم التصرف والتغيير في أنفسهم وإلا :
    كان كمَن يعطيك قلم وورقة امتحان : وأنت لا تعرف القراءة ولا الكتابة أصلا !!!..

    ولهذا : فكل خطاب في القرآن للناس : " يا أيها الناس " : فاعلم أن المذكور بعده هو في مقدورهم فعله وإلا :
    كان من العبث أن يطلبه منهم الله عز وجل وخالقهم والأدرى بهم وبنفوسهم !!!..

    فلو كان الكبر أصيلا في فرعون وأنه ستصرف بمقتضاه مهما حدث :
    فهذا بالفعل (ظلم) لفرعون من الله تعالى وحاشاه عز وجل !!!!..

    هذا هو الجبر بعينه أخي الحبيب .. وهنا يسقط معنى الاختبار جملة وتفصيلا !!!..
    < وأعتذر إن كنت تقولت عليك ما لم تقصده أو أسأت فهمك فصحح لي >

    ومن هنا :
    فكلامك الذي نقلته عن الرازي رحمه الله - وهو من الذين ضلوا للأسف في مسائل عدة في العقيدة - :
    ثم قلت في آخر نقلك عنه أنك توافقه على ما قال إلا ما وصفه بالجبر :
    فتحصيل حاصل أخي بارك الله فيك !!!!..

    فأنت اعترضت فقط - ولم توافقه - على تصريحه بالجبر .. ولكنك ضمنيا وافقت على وصفه بالجبر !
    يعني بالمصري العامي كده - وخذها من أخيك - :

    كأننا نحدثك عن إنسان أنت بنفسك رأيته معنا قد قتل وزنى وشرب خمر واغتصب وسرق :
    ولكن أول ما وصفناه بـ (المجرم) قلت لنا : هذه لا أوافقكم عليها !!!!..

    فهذا الاعتراض منك لا وزن له إن كنت وافقتنا على ما وقع منه من جرائم !!!!..
    والآن : انظر لكلام الرازي الذي سألونه لك بالأزرق : ثم آخر كلامه بالأحمر : والذي اعترضت أنت عليه (فقط) !

    إن أقواما من الكفار بلغوا في عداوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - وفي بغضه وفي شدة النفرة عن قبول دينه والاعتراف برسالته هذا المبلغ وأقوى منه ، والعلم الضروري حاصل بأن حصول البغض والحب في القلب ليس باختيار الإنسان ، بل هو حاصل في القلب ، شاء الإنسان أم كره .

    إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أن حصول هذه النفرة والعداوة في القلب ليس باختيار العبد ، وثبت أنه متى حصلت هذه النفرة والعداوة في القلب ، فإن الإنسان لا يمكنه مع تلك النفرة الراسخة والعداوة الشديدة تحصيل الفهم والعلم ،
    وإذا ثبت هذا ثبت القول بالجبر لزوما لا محيص عنه
    فما معنى قولك يا بارك الله فيك :

    (أختلف معه في كون ما وصفه جبرا)
    وأسأل :
    كيف لا يكون جبرا وهو يقولها لك صراحة :

    ظهر أن حصول هذه النفرة والعداوة في القلب ليس باختيار العبد
    ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!

    وكيف لن يحاسب الله تعالى على النفرة والعداوة : أو مقابلهم من الحب والموالاة في الله وفي الدين وفي الرسل والرسالات ؟!
    كيف وآيات القرآن وأحاديث النبي متواترة في بيان ذلك وتعليق الثواب والعقاب عليه ؟!!!..

    كيف لا تكون النفرة (أو) المحبة .. والنصرة (أو) العداوة هي أفعال (كسبية) لن يحاسبنا الله عليها ؟!!!!..

    بارك الله فيك أخي الحبيب حمزة ...
    وأعتذر - مرة أخرى - إن كنت فهمتك خطأ أو تقولت عليك ...
    وأرجو مشاهدة مقطع (لماذا خلقنا الله) كله من جديد مع التركيز في المضمون الكلي ثم المضامين الجزئية المترتبة على فهمه ..
    وإلا فاقتطاع جملة واحدة منه من سياقها قد تأتي بشبهة في هذا الموضوع الهام والحساس ..

    وفقنا ووفقك الله إلى كل ما يحب ويرضى ..
    اللهم آمين ..

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,970
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    5

    افتراضي

    سؤال اخي حمزة بإختصار : انا اقول لك هو من اختار الكبر ! ....تقول لي هو مجبر لان الله هو من خلق الكبر ؟!

    مثال :

    والدك خيرك بين نار هو من أوقدها أن تضع يدك فيها وبين ماء هو من أحضره لتضع يدك فيه !؟ لو اخترت النار = ستقول أبي ظلمني لأنه هو من أتى بالنار ؟!!!!
    وضع لك المعلم إختبار وخيرك بين الرسوب والنجاح إن ذاكرت او تركت المذاكرة = فهل هو من أجبرك على الرسوب !؟

    وهكذا ...

    سواد الشعر ليس كالتكليف بالاوامر والنواهي الشرعية ! فأنت لم تختار سواد شعرك نعم لان هذا أنت لست مخير فيه ...ولكن التكاليف الشرعية انت تفعل أو لا تفعل بإختيارك وأنت من سرت الى هذا الطريق بإرادتك ! خلطك بين المسألتين هو ربما سبب اللبس ....واقرأ شفاء العليل للعلامة ابن القيم رحمه الله إن اردت المزيد في هذه المسائل بالتفصيل ...
    التعديل الأخير تم 01-24-2014 الساعة 03:05 PM
    الإنسان - نسأل الله العافية والسلامة والثبات - إذا لم يكن له عقيدة ضاع، اللهم إلا أن يكون قلبه ميتا، لان الذي قلبه ميت يكون حيوانيا لا يهتم بشيء أبداً، لكن الإنسان الذي عنده شيء من الحياة في القلب إذا لم يكن له عقيدة فإنه يضيع ويهلك، ويكون في قلق دائم لا نهاية له، فتكون روحه في وحشة من جسمه
    شرح العقيدة السفارينية لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    سؤال اخي حمزة بإختصار : انا اقول لك هو من اختار الكبر ! ....تقول لي هو مجبر لان الله هو من خلق الكبر ؟!
    لماذا أختار الكبر اذن ؟


    والدك خيرك بين نار هو من أوقدها أن تضع يدك فيها وبين ماء هو من أحضره لتضع يدك فيه !؟ لو اخترت النار = ستقول أبي ظلمني لأنه هو من أتى بالنار ؟!!!!
    لا، يجب سؤالي حينها عن السبب الذي جعلني اختار النار ولم اختر الماء، وهذا السبب ليس متعلقا بوالدي...اظن انك فهمت الان ما قصدته...



    سواد الشعر ليس كالتكليف بالاوامر والنواهي الشرعية ! فأنت لم تختار سواد شعرك نعم لان هذا أنت لست مخير فيه ...ولكن التكاليف الشرعية انت تفعل أو لا تفعل بإختيارك وأنت من سرت الى هذا الطريق بإرادتك ! خلطك بين المسألتين هو ربما سبب اللبس ....واقرأ شفاء العليل للعلامة ابن القيم رحمه الله إن اردت المزيد في هذه المسائل بالتفصيل ...
    لا نتحدث عن التكليف هنا، فالتكليف يصح في كل الاقوال، وقصة سواد الشعر كانت مثالا فقط لكي اشرح المراد...
    اما اختيارات الانسان فهي محكومة ببواعث وبكيفيات نفسانية، فان قلت غير ذلك ستكون عبثيا لانه وللمرة الثانية هذا القول يعود لترجيح أحد الممكنات بدون مرجح، وقد شرحنا هذا أخي الفاضل، لا أظن المسألة معقدة الى هذه الدرجة

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    فالكبر بالنسبة للإنسن هو اختيار نفسي (كسبي) .. وليس لخلق (ذاتي) يولد الإنسان به ...
    نعم ولم أقل غير ذلك، لكن لن يغير ذلك من الامر شيئا اخي الحبيب، لانه عند تكليف فرعون وهو في سن متقدمة كان قد اكتسب هذا الكبر في قلبه، واكتاسبه للكبر في سنوات الشباب لا يلام عليه لانه لم يكن مكلفا بعد. فاطرح عليك السؤال بعدها : لماذا كلف الله فرعون وقلبه مليئ بالكبر الذي به يستحيل ان يتقبل الرسالة ؟

    أيضا :
    اكتساب الكبر ليس هو الاخر عمل اختياريا، فهذه أحوال نجدها في قلوبنا، بالطبع لها اسباب لكن لا احد يقول أنها مختارة.

    فكلامك الذي نقلته عن الرازي رحمه الله - وهو من الذين ضلوا للأسف في مسائل عدة في العقيدة - :
    ثم قلت في آخر نقلك عنه أنك توافقه على ما قال إلا ما وصفه بالجبر :
    فتحصيل حاصل أخي بارك الله فيك !!!!..
    بالمناسبة وسوس لي الشيطان أن اقتطع تلك الجملة الاخيرة من كلامه...
    لكني لم أفعل لاني أحسب نفسي امينا في النقل===> و هذا ليس جبرا
    فكذلك الخائن غير الامين ===> فهو ليس مجبورا، وأذكرك بكلمتك " هو طبيعته خائن " فكيف يكون الانسان مجبورا في طبيعته ؟

    وكيف لن يحاسب الله تعالى على النفرة والعداوة : أو مقابلهم من الحب والموالاة في الله وفي الدين وفي الرسل والرسالات ؟!
    كيف وآيات القرآن وأحاديث النبي متواترة في بيان ذلك وتعليق الثواب والعقاب عليه ؟!!!..
    من قال أخي أن هؤلاء لن يحاسبوا على النفرة ؟ لا أنا ولا الرازي نقول ذلك، والحاصل أن الانسان عندما يفعل الفعل، فهو يحس بالضرورة انه ليس مكرها وانه يفعله من ذاته، وهذا هو معنى كونه مختارا، فلا أحد منا يحس بالخضوع لشيء خارجي عنه عند فعله لشيء ما، فالانسان مختار ظاهرا على هذا الاعتبار.

    لكن أخي الفاضل، بالموازاة مع هذا الفعل الارادي، ماذا يحدث في القلب والعقل ؟ الا يحدث ترجيح لفعل ما على فعل اخر ؟ او للفعل على الترك ؟ ما مصدر هذا الترجيح ؟ لا بد من وجود سبب او باعث يحركك ويفسر اختاراتك، في حالة فرعون قد أوضح لنا رب العزة سر اختيارات فرعون حين وصفه بالمتكبر، وتفسيري لاختاره الكفر بالتكبر لا يعني أني قائل بالجبر، فكيف يكون الانسان مجبرا على شيء موجود في ذاته، او شيء يميزه عن الاخرين، سواء قلنا ان ذلك الكبر هو مكتسب او ذاتيا فلا اختلاف ما دام حصولهه في الذات ليس اراديا.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,970
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    5

    افتراضي

    أخي حمزة ...بعيداً عن ما يسمى بالدوافع النفسية او ماشابه فهذا لا علاقة له بما نتكلم عنه ! ...أستدللت بآية واضحة : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )

    واليك أيضاً : { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى }

    ودائماً ستجد من يسأل مثل هذه الاسئلة هم الفشلة لا الناجحون ! فإن الفاشل دائماً ما يريد أن يبرر لنفسه هذا الفشل ولم يمنع من النجاح..لكنه أخلد الى الدنيا واراد لنفسه تبريراً يريح به الضمير والنفس التي تلومه ! ..أو ربما فضيحته أمام العباد ! وخذلانه للحق أمام الناس ..ومثل هذا لا يطيب له عيش الا بتبرير ! حتى إبليس نفسه ! كما ذكرت لك وكذلك أوليائه المشركين ..

    ( سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون )

    إن ظنون وتخرصات : يا صديقي حمزة !

    فلا نفسية ولا يحزنون !

    وأزيدك !

    إن كان ما تسميها الدوافع النفسية ثابتة جبرية وفي الانسان فلم ينتقل الانسان من الكفر الى الايمان ؟! ومن الايمان الى الكفر ؟!
    وما يدريك أن هذه الدوافع ليست بإرادة الإنسان !؟ إن قصدت مثلاً إرادة الأكل والشرب وأن هذا ليس بيد الإنسان..قلت لك نعم الأكل والشرب والميل الى الجنس الآخر نعم هي في الإنسان ولكن الإنسان يستطيع أن يختار بين أن يفعل المحرمات فيشرب الخمور ويأكل الخنازير وبين أن يأكل الحلال المباح ويشرب الحلال المباح ! وكذلك يستطيع أن يتزوج ويستطيع أن يزني !! ولم يقل أحد أن الانسان إذا أكل أو شرب الخمر أنه مجبور على ذلك لا يستطيع منع نفسه ! وكم من تائب عائد بعد معاصي وآثام ! وهذه حجة على غيره من العصاة والمذنبين ! ...

    أزيدك أيضاً

    يقول العلامة ابن القيم في طريق الهجرتين : ( والمقصود أن الله سبحانه أعلم بمواقع فضله ورحمته وتوفيقه، ومن يصلح لها ومن لا يصلح، وأن حكمته تأبى أن يضع ذلك عند غير أهله، كما تأبى أن يمنعه من يصلح له. وهو سبحانه الذى جعل المحل صالحا وجعله أهلا وقابلا، فمنه الإعداد والإمداد، ومنه السبب والمسبب. ومن اعترض بقوله: فهلا جعل المحال كلها كذلك، وجعل القلوب على قلب واحد، فهو من أجهل الناس وأضلهم وأسفههم، وهو بمنزلة من يقول: لم خلق الأضداد، وهلا جعلها كلها شيئا واحدا، فلم خلق الليل والنهار والفوق والتحت والحر والبرد والدواء والداء والشياطين والملائكة والروائح الطيبة والكريهة والحلو والمر والحسن والقبيح؟ وهل يسمح خاطر من له أدنى مسكة من عقل بمثل هذا السؤال الدال على حمق سائله وفساد عقله؟ وهل ذلك إلا موجب ربوبيته وإلاهيته وملكه وقدرته ومشيئته وحكمته، ويستحيل أن يتخلف موجب صفات كماله عنها؟ وهل حقيقة الملك إلا بإكرام الأولياء وإهانة الأعداء؟ وهل تمام الحكمة وكمال القدرة إلا بخلق المتضادات والمختلفات وترتيب آثارها عليها وإيصال ما يليق بكل منها إليه؟ وهل ظهور آثار أسمائه وصفاته فى العالم إلا من لوازم ربوبيته وملكه؟ فهل يكون رزاقا وغفارا وعفوا ورحيما وحليما ولم يوجد من يرزقه، ولا من يغفر له ويعفو عنه ويحلم عنه ويرحمه؟ وهل انتقامه إلا من لوازم ربوبيته وملكه؟ فممن ينتقم إن لم يكن له أعداء ينتقم منهم، ويرى أولياءه كمال
    نعمته عليهم واختصاصه إياهم دون غيرهم بكرامته وثوابه؟ وهل فى الحكمة الإلهية تعطيل الخير الكثير لأجل شر جزئى يكون من لوازمه؟ فهذا الغيث الذى يحيى به الله البلاد والعباد والشجر والدواب. كم يحبس من مسافر، ويمنع من قصاد، ويهدم من بناء، ويعوق [عن] مصلحة؟ ولكن أين هذا مما يحصل به من المصالح؟ وهل هذه المفاسد فى جنب مصالحه إلا كتفلة فى بحر؟ وهل تعطيله لئلا تحصل به هذه المفاسد إلا موجبا لأعظم المفاسد والهلاك؟ وهذه الشمس التى سخرها الله لمنافع عباده وإنضاج ثمارهم وأقواتهم وتربية أبدانهم وأبدان الحيوانات والطير، وفيها من المنافع والمصالح ما فيها كم تؤذى مسافرا وغيره بحرها، وكم تجفف رطوبة وكم تعطش حيوانا، وكم تحبس عن مصلحة، وكم [تشف] من مورد وتحرق من زرع؟ ولكن أين يقع هذا فى جنب ما فيها من المنافع والمصالح الضرورية المكملة؟ فتعطيل الخير الكثير لأجل الشر اليسير شر كثير، وهو خلاف موجب الحكمة الذى تنزه الله سبحانه عنه.
    قلت لشيخ الإسلام: فقد كان من الممكن خلق هذه الأمور مجردة عن المفاسد مشتملة على المصلحة الخالصة فقال: خلق هذه الطبيعة بدون لوازمها ممتنع، فإن وجود الملزوم بدون لازمه محال، ولو خلقت على غير هذا الوجه لكانت غير هذه، ولكان عالما آخر غير هذا. قال: ومن الأشياء ما تكون ذاته مستلزمة لنوع من الأمور لا ينفك عنه- كالحركة مثلا المستلزمة لكونها لا تبقى- فإذا قيل: لما لم تخلق الحركة المعينة باقية؟ قيل: لأن ذات الحركة تتضمن النقلة من مكان إلى مكان والتحول من حال إلى حال، فإذا قدر ما ليس كذلك لم يكن حركة. ونفس الإنسان هى فى ذاتها جاهلة عاجزة فقيرة كما قال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} [النحل: 78] ، وإنما [يأتيها] العلم والقدرة والغنى من الله بفضله ورحمته، فما حصل لها من كمال وخير فمن الله، وما حصل لها من عجز وفقر وجهل يوجب الظلم والشر فهو منها ومن حقيقتها. وهذه أمور عدمية، وليس لها من نفسها وجود ولا كمال والأمور العدمية من لوازم وجودها، ولو جعلت على غير ذلك لم تكن هى هذه النفس الإنسانية بل مخلوقا آخر.)

    ويقول أيضاً ( فإن قيل: فهلا حصلت تلك اللوازم وانتفت تلك الأضداد، فهذا هو السؤال الأول، وقد بينا أن لوازم هذا الخلق وهذه النشأة وهذا العالم لا بد منها، فلو قدر عدمها لم يكن هذا العالم بل عالما آخر ونشأة أخرى وخلقا آخر، وبينا أن هذا السؤال بمنزلة أن يقال: هلا تجرد الغيث والأنهار عما يحصل به من تغريق [وتعويق] وتخريب وأذى؟ وهلا تجردت الشمس عما يحصل منها من حر وسموم وأذى؟ وهلا تجردت طبيعة الحيوان عما يحصل له من ألم وموت وغير ذلك؟ وهلا تجردت الولادة عن مشقة الحمل والطلق وألم الوضع، هلا تجرد بدن الإنسان عن قبوله للآلام والأوجاع واختلاف الطبائع الموجبة لتغير أحواله؟ وهلا تجردت فصول العام عما [يحدث] فيها من البرد الشديد القاتل والحر الشديد المؤذى؟ فهل يقبل عاقل هذا السؤال أو يورده؟ وهل هذا إلا بمنزلة أن يقال: لم كان المخلوق فقيرا محتاجا والفقر والحاجة صفة نقص، فهلا تجرد منها وخلعت عليه خلعة الغنى المطلق والكمال المطلق؟ فهل يكون مخلوقا إذا كان غنيا غنى مطلقا؟ ومعلوم أن لوازم الخلق لا بد منها فيها، ولا بد للعلو من سفل، والسفل من مركز ولوازم العلو من السعة والإضاءة والبهجة والخيرات وما هناك من الأرواح العلوية النيرة المناسبة لمحلها وما يليق بها ويناسبها من الابتهاج والسرور والفرح والقوة والتجرد من علائق المواد العلية لا بد منها، ولوازم السفل والمركز من الضيق والحصر ولوازم ذلك من [الظلمة والغلط] والشر وما هنالك من الأرواح السفلية المظلمة الشريرة وأعمالها وآثارها لا بد منها، فهما عالمان علوى وسفلى ومحلان وساكنان تناسبهما مساكنهما وأعمالهما وطبائعهما، وقد خلق كلا من المحلين معمورا بأهليه وساكنيه حكمة بالغة وقدرة قاهرة، وكل من هذه الأرواح لا يليق بها غير ما خلقت له مما يناسبها ويشاكلها قال تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته} [الإسراء: 84] أى على ما يشاكله ويناسبه ويليق به، كما يقول الناس: "كل إناء بالذى فيه ينضح"، فمن أرادت من الأرواح الخبيثة السفلية أن تكون مجاورة للأرواح الطيبة العلوية فى مقام الصدق بين الملأ الأعلى فقد أراد ما تأباه حكمة أحكم الحاكمين، ولو أن ملكا من ملوك الدنيا جعل خاصته وحاشيته سفلة الناس وسقطهم وغرتهم الذين تتناسب أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم فى القبح والرداءة والدناءة لقدح الناس فى ملكه وقالوا: لا يصلح للملك، فما الظن بمجاورى الملك الأعظم مالك الملوك فى داره وتمتعهم برؤية وجهه وسماع كلامه ومرافقتهم للملأ الأعلى الذين هم أطيب خلقه وأزكاهم وأشرفهم، أفيليق بذلك الرفيق الأعلى والمحل الأسنى والدرجات العلى روح سفلية أرضية قد أخلدت إلى الأرض وعكفت على ما تقتضيه طبائعها مما [تشاركها] فيه بل قد تزيد على الحيوان البهيم وقصرت همتها عليه وأقبلت بكليتها عليه لا ترى نعيما ولا لذة ولا سرورا إلا ما وافق طباعها من كل مأكل ومشرب ومنكح من أين كان وكيف اتفق، فالفرق بينها وبين الحمير والكلاب والبقر بانتصاب القامة ونطق اللسان والأكل باليد، وإلا فالقلب والطبع على [شاكله] قلوب هذه الحيوانات وطباعها، وربما كانت طباع الحيوانات خيرا من طباع هؤلاء وأسلم وأقبل للخير ولهذا جعلهم الله سبحانه شر الدواب فقال تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} [الأنفال: 22- 23] ، فهل يليق بحكمة العزيز الحكيم أن يجمع بين خير البرية وأزكى الخلق وبين شر البرية وشر الدواب فى دار واحدة يكونون فيها على حال واحدة من النعيم أو العذاب؟ قال الله تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} [القلم: 35- 36] ، فأنكر عليهم الحكم بهذا وأخرجه مخرج الإنكار لا مخرج الإخبار لينبه العقول على هذا مما تحيله الفطر وتأباه العقول السليمة، وقال تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفآئزون} [الحشر: 20] ، وقال تعالى: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} [ص:28] ، وقال تعالى: {قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [الزمر: 9] بل الواحد من الخلق لا تستوى أعاليه وأسافله، فلا يستوى عقبه وعينه، ولا رأسه ورجلاه، ولا يصلح أحدهما لما يصلح له الآخر فالله عز وجل قد خلق الخبيث والطيب والسهل والحزن والضار والنافع، وهذه أجزاء الأرض: منها ما يصلح جلاء للعين ومنها ما يصلح للأتون والنار.
    وبهذا ونحوه يعرف كمال القدرة وكمال الحكمة: فكمال القدرة بخلق الأضداد. وكمال الحكمة تنزيلها منازلها ووضع كل منها فى موضعه والعالم من لا يلقى الحرب بين قدرة الله وحكمته- فإن آمن بالقدرة قدح فى الحكمة وعطلها وإن آمن بالحكمة قدح فى القدرة ونقصها- بل يربط القدرة بالحكمة، ويعلم شمولها لجميع ما خلقه الله ويخلقه، فكما أنه لا يكون إلا بقدرته ومشيئته فكذلك لا يكون إلا بحكمته. وإذا كان لا سبيل للعقول البشرية إلى الإحاطة بهذا تفصيلا، فيكفيها الإيمان بما تعلم وتشاهد منه، ثم تستدل على الغائب بالشاهد وتعتبر ما علمت بما لم تعلم)

    ويقول أيضاً ( فصل: فى بيان أن حمده تعالى شامل لكل ما يحدثه
    والمقصود بيان شمول حمده تعالى وحكمته لكل ما يحدثه من إحسان ونعمة وامتحان وبلية، وما يقضيه من طاعة ومعصية، أنه سبحانه محمود على ذلك مشكور حمد المدح وحمد الشكر، أما حمد المدح فإنه محمود على كل ما خلق إذ هو رب العالمين والحمد لله رب العالمين وأما حمد الشكر فلأن ذلك كله نعمة فى حق المؤمن إذا اقترن بواجبه من الإحسان، والنعمة إذا [اقترنت بالشكر صارت] نعمة والامتحان والبلية إذا اقترنا بالصبر كانا نعمه، والطاعة من أجل نعمه، وأما المعصية فإذا اقترنت بواجبها من التوبة والاستغفار والإنابة والذل والخضوع فقد ترتب عليها من الآثار المحمودة والغايات المطلوبة ما هو نعمة أيضا وإن كان سببها مسخوطا مبغوضا للرب تعالى، ولكنه يحب ما يترتب عليها من التوبة والاستغفار، وهو سبحانه أفرح بتوبة عبده من الرجل إذا أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فأيس منها ومن الحياة فنام ثم استيقظ فإذا بها قد تعلق خطامها فى أصل شجرة فجاء حتى أخذها، فالله أفرح بتوبة العبد حين يتوب إليه من هذا براحلته، فهذا الفرح العظيم الذى لا يشبهه شيء أحب إليه سبحانه من عدمه، وله أسباب ولوازم لابد منها، وما يحصل بتقدير عدمه من الطاعات وإن كان محبوبا له فهذا الفرح أحب إليه بكثير ووجوده بدون لازمه ممتنع، فله من الحكمة فى تقدير أسبابه وموجباته حكمة بالغة ونعمة سابغة. هذا بالإضافة إلى الرب جل جلاله، وأما بالإضافة إلى العبد فإنه قد يكون كمال عبوديته وخضوعه موقوفا على أسباب لا تحصل بدونها، فتقدير الذنب عليه إذا اتصل به التوبة والإنابة والخضوع والذل والانكسار ودوام الافتقار كان من النعم باعتبار غايته وما يعقبه وإن كان من الابتلاء والامتحان باعتبار صورته ونفسه والرب تعالى محمود على الأمرين، فإن اتصل بالذنب الآثار المحبوبة للرب سبحانه من والتوبة والذل والإنابة والانكسار فهو عين مصلحة العبد، والاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية، وإن لم يتصل به ذلك، فهذا لا يكون إلا من خبث نفسه وشره وعدم استعداده لمجاورة ربه بين الأرواح الذكية الطاهرة فى الملأ الأعلى ومعلوم وأن هذه النفس فيها من الشر والخبث ما فيها، فلا بد من خروج ذلك منها من القوة إلى الفعل ليترتب على ذلك الآثار المناسبة لها ومساكنة من تليق مساكنته ومجاورة الأرواح الخبيثة فى المحل الأسفل، فإن هذه النفوس إذا كانت مهيأة لذلك فمن الحكمة أن تستخرج منها الأسباب التى توصلها إلى ما هى مهيأة له ولا يليق به سواه والرب تعالى محمود على إنعامه وإحسانه على أهل الإحسان والأنعام القابلين له فما كل أحد قابلا لنعمته تعالى فحمده وحكمته تقتضى أن لا يودع وإحسانه وكنوزه فى محل غير قابل لها.
    ولا يبقى إلا أن يقال: فما الحكمة فى خلق هذه الأرواح التى هى غير قابلة لنعمته؟ فقد تقدم من الجواب عن ذلك ما فيه كفاية. وأن خلق الأضداد والمقابلات وترتيب آثارها عليها موجب ربوبيته وحكمته وعلمه وعزته، وأن تقدير عدم ذلك هضم من جانب الربوبية. وأيضا فإن هذه الحوادث نعمة فى حق المؤمن، فإنها إذا وقعت فهو مأمور أن نكرها بقلبه ويده ولسانه فقط أو بقلبه فقط، مأمور أن يجاهد أربابها بحسب الإمكان، فيترتب له على الإنكار والجهاد من مصالح قلبه ونفسه وبدنه ومصالح دنياه، وآخرته ما لم يكن ينال بدون ذلك، والمقصود بالقصد الأول إتمام نعمته تعالى على أوليائه ورسله وخاصته فاستعمال أعدائه فيما تكمل به النعمة على أوليائه غاية الحكمة، وكان فى تمكين أهل الكفر والفسق والعصيان من ذلك إيصال إلى الكمال الذى يحصل لهم بمعاداة هؤلاء وجهادهم والإنكار عليهم والموالاة فيه والمعاداة فيه وبذل نفوسهم وأموالهم وقواهم له، فإن تمام العبودية لا يحصل إلا بالمحبة الصادقة، وإنما تكون المحبة صادقة إذا بذل فيها المحب ما يملكه من مال ورياسة وقوة فى مرضاة محبوبة والتقرب إليه، فإن بذل له روحه كان هذا أعلى درجات المحبة، ومن المعلوم أن من لوازم ذلك التى لا يحصل إلا بها أو يخلق ذواتا وأسبابا وأعمالا وأخلاقا وطبائع تقتضى [معاداة من يحبه ويؤثر مرضاته لها وعند ذلك تتحق] المحبة الصادقة من غيرها فكل أحد يحب الإحسان والراحة والدعة واللذة، ويجب من يوصل إليه ذلك ويحصله له، ولكن الشأن فى أمر وراء هذا وهو محبته سبحانه ومحبة ما يحبه مما هو أكره شيء إلى النفوس وأشق شيء عليها مما لا يلائمها، فعند حصول أسباب ذلك يتبين من يحب الله لذاته ويحب ما يجب ممن يحبه لأجل مخلوقاته فقط من المأكل والمشرب والمنكح والرياسة، فإن أعطى منها رضى وإن منعها سخط وعتب على ربه وربما شكاه وربما ترك عبادته، فلولا خلق الأضداد وتسليط أعدائه وامتحان أوليائه بهم لم يستخرج خالص العبودية من عبيده الذين هم عبيده، ولم يحصل لهم عبودية الموالاة فيه والمعاداة [فيه والحب فيه والبغض فيه والعطاء له والمنع له، ولا عبودية بذل الأرواح] فى جهاد أعدائه ونصرته وعبودية مفارقة الأمر عنده أحوج ما يكون إليهم عبده فى مرضاته ما يتحسر إليهم وهو الذى عاب نفسه وملاذ بها بأيديهم قد جنى بمفارقتهم ومشايعتهم وأما من موالاة الحق عليهم، فلولا الأضداد والأسباب التى توجب ذلك لم تحصل هذه الآثار.
    وأيضا فلولا تسليط الشهوة والغضب ودواعيهما على العبد لم تحصل له فضيلة الصبر وجهاد النفس ومنعها من حظوظها وشهواتها محبة لله وإيثارا لمرضاته وطلبا للزلفى لديه والقرب منه. وأيضا فلولا ذلك لم تكن هذه النشأة الإنسانية إنسانية، بل كانت ملكية، فإن آلله سبحانه خلق خلقه أطوارا:فخلق الملائكة عقولا لا شهوات لها ولا طبيعة تتقاضى منها خلاف ما يراد من مادة نورية لا تقتضى شيئا من الآثار والطبائع المذمومة، وخلق الحيوانات ذوات شهوات لا عقول لها، وخلق الثقلين- الجن والإنس وركب فيهم العقول والشهوات والطبائع المختلفة لآثار مختلفة بحسب موادها وصورها وتركيبها. وهؤلاء هم أهل الامتحان والابتلاء، وهم المعرضون للثواب والعقاب ولو شاء سبحانه لجعل خلقه على طبيعة واحدة وخلق واحد ولم يفاوت بينهم، لكن ما فعله سبحانه هو محض الحكمة وموجب الربوبية ومقتضى الإلهية، ولو كان الخلق كله طبيعة واحدة ونمطا واحدا لوجد الملحد مقالا وقال: هذا مقتضى الطبيعة، ولو كان فاعلا بالاختيار لتنوعت أفعاله ومفعولاته ولفعل الشيء وضده والشيء وخلافه. وكذلك لولا شهود هذه الحوادث المشهودة لوجد الملحد أيضا مقالا وقال: لو كان لهذا العالم خالقا مختارا لوجدت فيه الحوادث على حسب إرادته واختياره، كما روى الحسن أو غيره قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون: جل ربنا القديم، لم يتغير هذا الخلق لقال الشاك فى الله إنه لو كان لهذا العالم خالق لحادثه بينا هو ليل إذ جاء نهار وبينا هو نهار إذ جاء ليل، بينا هو صحو إذ جاء غيم وبينا هو غيم إذ جاء صحو، ونحو هذا من الكلام، ولهذا يستدل سبحانه فى كتابه بالحوادث تارة وباختلافها تارة، إذ هذا وهذا يستلزم ربوبيته وقدرته واختياره ووقوع الكائنات على وفق مشيئته، فتنوع أفعاله ومفعولاته من أعظم الأدلة على ربوبيته وحكمته وعلمه.)

    ويقول أيضاً : ( والمقصود أن تنويع المخلوقات واختلافها من لوازم الحكمة والربوبية والملك، وهو أيضا من موجبات الحمد فله الحمد على ذلك كله أكمل حمد وأتمه أيضا، فإن مخلوقاته هى موجبات أسمائه وصفاته، فلكل اسم وصفة أثر لا بد من ظهوره فيه واقتضائه له، فيمتنع تعطيل آثار أسمائه وصفاته كما يمتنع تعطيل ذاته عنها، وهذه الآثار لها متعلقات ولوازم يمتنع أن لا توجد كما تقدم التنبيه عليه. وأيضا فإن تنويع أسباب الحمد أمر مطلوب للرب تعالى محبوب له، فكما تنوعت أسباب الحمد تنوع الحمد بتنوعها وكثر بكثرتها ومعلوم أنه سبحانه محمود على انتقامه من أهل الإجرام والإساءة، كما هو محمود على إكرامه لأهل العدل والإحسان، فهو محمول على هذا وعلى هذا، مع ما يتبع ذلك من حمده على حلمه وعفوه ومغفرته وترك حقوقه ومسامحة خلقه بها والعفو عن كثير من جنايات العبيد فنبههم باليسير من عقابه وانتقامه على الكثير الذى عفا عنه، وأنه لو عاجلهم بعقوبته وأخذهم بحقه لقضى إليهم أجلهم ولما ترك على ظهرها من دابة، ولكنه سبقت رحمته غضبه وعفوه انتقامه ومغفرته عقابه، فله الحمد على عفوه وانتقامه، وعلى عدله وإحسانه، ولا سبيل إلى تعطيل أسباب حمده ولا بعضها. فليتدبر اللبيب هذا الموضع حق التدبر، وليعطه حقه يطلعه على أبواب عظيمة من أسرار القدر، ويهبط به على رياض منه معشبة وحدائق مونقة. والله الموفق الهادى للصواب.)

    ويقول الشيخ حافظ حكمي في معارج القبول المجلد الأول : ( ومن وقاه الله السيئات وأعاذه منها فقد وقاه عقوبتها من باب الاستلزام, فإذا علم أن موجب السيئات هو الظلم والجهل وذلك من نفس العبد وهي أمور ذاتية لها, وأن السيئات هي موجب العقوبة والعقوبة من الله عدل محض, وإنما تكون شرا في حق العبد لما يلحقه من ألمها, وذلك بما كسبت يداه جزاء وفاقا كما قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [الشورى: 30] وقال تعالى: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين} [الزخرف: 76] وقال تعالى: {إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون} [يونس: 44] فأفعال الله عز وجل كلها خير بصدورها عن علمه وحكمته وعدله وغناه التي هي من صفات ذاته, فإذا أراد بعبده الخير أعطاه من فضله علما عدلا وحكمة فيصدر منه الإحسان والطاعة والبر والخير, وإذا أراد به شرا أمسكه عنه وخلاه ودواعي نفسه وطبعه وموجبها, فصدر منه موجب الجهل والظلم من كل شر وقبيح, وليس منعه لذلك ظلما منه سبحانه فإنه فضله يؤتيه من يشاء, وليس من منع فضله ظالما ولا سيما إذا منعه عن محل لا يستحقه ولا يليق به, وأيضا فإن هذا الفضل هو توفيقه وإرادته تعالى أن يلطف بعبده ويعينه ويوفقه ولا يخلي بينه وبين نفسه, وهذا محض فعله وفضله وهو أعلم بمن يصلح لذلك؛ ولهذا قال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين} [الأنعام: 153] وقال تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين، وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} [العنكبوت: 10-11] وقال تعالى: {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124] وقال تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون، إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} [الأنعام: 116] وقال تعالى: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين} [النحل: 37] وقال تعالى: {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا، ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى} [النجم: 30] وقال تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [البقرة: 105] وقال تعالى: {فما يكذبك بعد بالدين، أليس الله بأحكم الحاكمين} [التين: 7-8] بلى ونحن على ذلك من الشاهدين, وقال تعالى: {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيت م -إلى قوله- قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم، يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [آل عمران: 73-74] وقال تعالى: {هو أعلم بكم إذ نشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} [النجم: 32] وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم، لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [الحديد: 28-29] اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم أن تهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين, آمين, يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا بديع السماوات والأرض برحمتك نستغيث, اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.)

    أتمنى أن تكون قد وجدت الجواب أخي حمزة ...والله يوفقك لما يرضيه
    التعديل الأخير تم 01-24-2014 الساعة 07:42 PM
    الإنسان - نسأل الله العافية والسلامة والثبات - إذا لم يكن له عقيدة ضاع، اللهم إلا أن يكون قلبه ميتا، لان الذي قلبه ميت يكون حيوانيا لا يهتم بشيء أبداً، لكن الإنسان الذي عنده شيء من الحياة في القلب إذا لم يكن له عقيدة فإنه يضيع ويهلك، ويكون في قلق دائم لا نهاية له، فتكون روحه في وحشة من جسمه
    شرح العقيدة السفارينية لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أخي " بحب ديني " ما قلته لك هو منتهى العقول في هذه القضية.....استوعب فقط هذه النقطة التي لو قبلتها لحصل المطلوب من هذا الشريط.

    حرية الاختار المطلقة بالشكل الذي يصفه المعتزلة ومن وافقهم هو : رجحان بدون مرجح، اي رجحان كفة الخمر على كفة الزنى وكفة المعصية على كفة التقوى دون سبب او باعث او غير ذلك

    فارجو ان نكون قد انتهينا من هذه القضية بارك الله فيك، فوالله هي لا تستحمل كل هذا النقاش والاخد والرد...

    أما كلام ابن القيم رحمه الله فانت أعلم مني بأنه عين ما أردت قوله، فانا اوافقه في كل كلمة قالها الا في نقطة التعليل لانها تخالف عقيدتني، وكأني به يقول : إن لم يخلق الله فرعون، فكيف سيتجلى عقابه سبحانه. فحاصل الكلام أن الله توجهت ارادته الى خلق هذه النفس الخبيثة وهو يعلم أنه يستحيل بما فيها من خبث ان تدخل الجنة.

    وهذا قول ابن القيم الذي سطرت عليه :

    وإن لم يتصل به ذلك، فهذا لا يكون إلا من خبث نفسه وشره وعدم استعداده لمجاورة ربه بين الأرواح الذكية الطاهرة فى الملأ الأعلى ومعلوم وأن هذه النفس فيها من الشر والخبث ما فيها، فلا بد من خروج ذلك منها من القوة إلى الفعل ليترتب على ذلك الآثار المناسبة لها ومساكنة من تليق مساكنته ومجاورة الأرواح الخبيثة فى المحل الأسفل، فإن هذه النفوس إذا كانت مهيأة لذلك فمن الحكمة أن تستخرج منها الأسباب التى توصلها إلى ما هى مهيأة له ولا يليق به سواه والرب تعالى محمود على إنعامه وإحسانه على أهل الإحسان والأنعام القابلين له فما كل أحد قابلا لنعمته تعالى فحمده وحكمته تقتضى أن لا يودع وإحسانه وكنوزه فى محل غير قابل لها.
    لاحظ قوله : فيها من الشر والخبث ما فيها، فلا بد من خروج ذلك منها من القوة إلى الفعل

    عندما يقول ابن القيم أن الخبث يصدر بالفعل من ذلك الشخص ( كفرعون ) وليس بالقوة فلا حديث بعد ذلك عن حرية الارادة المطلقة في شكله المعتزلي.
    وأنت تعلم الفرق بين ان يصدر الشر والخبث من الشخص بالقوة وبين أن يصدر عنه بالفعل. فلا حاجة بعد هذا الكلام الى توضيح الواضحات.

    فانا ادعوك ان تقول فقط بما يقوله ابن القيم لا أكثر ولا أقل...وجزاك الله خيرا على تكلف عناء البحث عن هذا النقل الطويل المفيد وتلوينه.

  13. #13

    افتراضي

    وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا - الشمس

    أظن أخى حمزة إن الآيات قد فسرت ما ترمى إليه فكل نفس خلقها البارئ بها من الخير ما بها و بها من الفجور ما بها ,
    و بالتالى تكون هنا النفس مخيرة و معها من الإلهام الفطرى مقدارا متساويا من كل من الخير و الفجور ما يؤهلها لأن تختار لأى الطريقين و تعمد لأن تقوى أحد الخيارين بداخلها و تحاول جاهدة أن تميت الآخر فيها ما أستطاعت و عند مفترق الطرق هذا يكمن الأختيار .

    فإن أختارت النفس للخير يُسرَت للخير و كُرِه إليها الفجور إن كان الآخر يُسرَت له و كُرِه إليها الخير, و لما كان فرعون قد أختار هذا اللأخير فقد صارت خبثت النفس و مالت لكل ما فيه فجور و عملت على المضى فى هذا الطريق و بناءا على ما لديه من وسائل و ما أعطاه الله من نعم سخرها هو فى خدمة هذا الجانب ..

    فهو إذا من أختار هذا بنفس راضية فليس مجبورا لأن يظل يغذى هذا الكبر إلى أن يصل به الأمر بإعلان نفسه إلها يعبد من دون الله و عليه فإنه يتحمل عواقب ما أختاره بداية
    { قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } - يونس 35

  14. افتراضي

    قلنا لك يحاسبه على المعرفة يعني هو عرف أن في نفسه الكبر والتجبر والصد فمعرفته اختياره وإن وجد فيه الكبر على مذهب الجبر فكان لا ينفك عنه فقد وجدت فيه المعرفة فعرف أن فيه الكبر وتابع ...
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محب أهل الحديث مشاهدة المشاركة
    قلنا لك يحاسبه على المعرفة يعني هو عرف أن في نفسه الكبر والتجبر والصد فمعرفته اختياره وإن وجد فيه الكبر على مذهب الجبر فكان لا ينفك عنه فقد وجدت فيه المعرفة فعرف أن فيه الكبر وتابع ...
    انت جعلت العلم بالشيء = ارادته وهذا لا اوافقك عليه، فالعلم صفة كشف والارادة صفة تأثير

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. لغز للاذكياء
    بواسطة shahid في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 66
    آخر مشاركة: 05-01-2010, 10:02 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء