النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: اشكالات القدر والجواب عليها

  1. افتراضي اشكالات القدر والجواب عليها

    ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله العلى العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا واقرواذعن واشهد أن لا اله الا الله واحد أحد وتر صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صفيه من خلقه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله جل وعلا به الغمة وجاهد فى الله جل وعلا حق جهاده حتى أتاه اليقين صلى الله عليه واله وسلم.فقد وجدت بعض الأخوة فى احد المنتديات يسئلون فى قضية القدر اسئلة بسيطة ومن الله تبارك وتعالى على بهذه الردود لأسئلتهم.
    القدر فى الأسلام العظيم أربعة مرتب هى:
    أولاالعلم وهو صفة ازلية لله جل وعلا فكما كانت ذات الله أولية بلا ابتداء كان علمه بما سيكون وما لم يكن أيضا هو صفة أزلية أولية بلا ابتداء.
    ثانياالكتابة وهو فعل الله عزوجل أول م خلق القلم أمره أن يجرى بما سيكون وكتب فى الذكر وهو اللوح المحفوظ أو ام الكتاب كل شئ من فعله وفعل مخلوقاته ومفعولاته من خلال علمه المسبق فجف القلم على علم الله عزوجل وهناك أنواع اخرى متعددة من الكتابة الكونية غير الكتابة الأولى فى اللوح المحفوظ ولكن ليس هذا محلها.
    ثالثا المشيئة وهى فعل الله عزوجل بأن يأمر أو يأذن بوقوع ما كتبه فى اللوح المحفوظ من فعله أو فعل مخلوقاته بحيث لا يفعل مخلوق شيئا الا بأذن الله جل وعلا وعند خلق ادم عليه السلام فى عالم الذر استخرج المولى عزوجل من ظهره ذريته وقضى بمشيئته فيهم بأن ما قرره فى اللوح المحفوظ بخلقهم وخلق اعمالهم ومصائرهم التى يحددونها هم سيكون.
    رابعا حدوث الخلق ووقوع المقدور وهذه المرحلة الرابعة أن يصبح أمر الله قدرا مقدورا والمقدور ثلاثة اقسام:خلق المخلوقات وحكم شرعى كالكتب السماوية وحكم كونى وهى قرارات الله عزوجل فى الكون التى لا راد لها ول معقب لحكمه.
    وهذه باذن الله جل وعلا هى الأشكالات الرئيسية فى قضية القدر ومن استشكل عليه شئ فلا يتردد وليضعه لأن شبهة الجبر قد تمكنت من كثير من المسلمين فى هذا العصر والأوان برغم أن مجرد الزعم بالجبر هو طعن بجهل فى الربوبية والألوهية والحكمة الربانية وعدالة الحكم الألهى جميعا وما تخلف المسلمون الا بجهلهم بلضاء والقدر وماتقدم الغرب الملحد الا لأنه كان احسن فهما ون لم يكتمل فهمه لقضية القضاء والقدر فكان تفوقه فى فهم هذه القضية عن المنتسبين للأسلام سببا رئيسيا وأوليا فيما وصل اليه بل نجد الروافض وهم من أهل البدع المكفرة فهؤلاء اصبحوا خارج الفرق البضع والسبعين وصاروا دينا مستقلا تقدموا عن الدول الأسلامية فنجد دولة الروافض المجوسية وصلت الى الفضاء واخترقت الى اعماق الأرض والبحر لأن عقيدتهم فى القدر اقل انحرافا من المنتسبين للسنة المتوهمين فى الجبر فألى الله المشتكى!
    هذه هى النقاط الرئيسية محل الأشكال
    أولا هل الأنسان مسير ام مخير؟
    ثانيا هل يجوز الأحتجاج بالقدر كما فعل ادم مع موسى؟
    ثالثا هل هناك تناقض فى ايات المشيئة؟
    رابعا هل لمشيئة الله عزوجل دور فى توجيه الأنسان؟
    خامسا وأخيرا هل الشر فعل الله وهل لوجوده حكمة؟

  2. افتراضي

    أولا هل الأنسان مسير ام مخير؟
    الجواب:القولان باطلان فى معتقد أهل السنة
    فالقول بالتخيير المطلق نفى لصفات الربوبية كالعلم والقدرة والذى يعتقد أنه يفعل فى الحياة ما يشاء دون احاطة من الله جل وعلا يعبد ربا ناقص العلم والقدرة
    والقول بالتسيير المطلق نفى لصفات الألوهية كالحكمة والأبتلاء والتشريع والذى يعتقد أنه يسير فى الحياة بلا مشيئة منه ولا حول منه يعبد ألها ناقص الحكمة والعدل فلماذا خلقه الهه وجعل له عقلا واختيارا وارادة اذا كان سيجعله كالدابة التى هو اخذ بناصيتها؟
    والحق وسط بين ضلالتين فالأنسان مخير بقيود ومسير بقيود
    فالأنسان مسير بشروط انه لا يُجبر على افعاله ولا يعرف مصيره الا بعد وقوعه فما كتبه الله عزوجل من مصير الأنسان قبل خلقه لا يتنافى مع وصف المخلوق المُكلف بأنه مُبتلى
    كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)الأنبياء
    والأنسان مخير بشروط فهو لا يتجاوز علم الله عزوجل ولا تتجاوز مشيئته الحرة مشيئة الله عزوجل ولكن له ارادة ومشيئة وحرية وعقل وغير ذلك وكلها تحت علم الله عزوجل ومشيئته المسبقة
    وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)الكهف
    إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)التكوير
    إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)الأنسان
    لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40)المدثر
    وأبسط مثال لهذا هو الموت فالأنسان يتوقى الموت ولكنه واقع لا محالة بالمرض أو الكوارث الطبيعية والبشرية أو بغيرها فالموت يحدث بأسباب لتظهر حكمة الله عزوجل ولكن عندما تتحقق الأسباب التى تؤدى لموت المخلوق المكلف يأتى ملك الموت ليقبض روحه عقب السبب المشهود مباشرة لتتحقق قدرة الله عزوجل فالقدر تجتمع فيه صفة الحكمة الربانية أن لكل معلول علة ولكل ناتج سببا والقدرة الربانية وهو أن ما شاء لله كان وما لم يشأ لم يكن والمسلم صحيح العيدة يؤمن بالقدر خيره وشره وما وقع فيه من حكمة الله وقدرته والحق الحقيق أن الله تبارك وتعالى من اسمائه الحسنى:الحق الكريم اللطيف الرحمن الرحيم فهو تبارك وتعالى لا يُدخل احدا الجنة ولا النار الا بفعله الذى استحق عليه مصيره الى الجنة فضلا ورحمة من الله جل وعلا أو الى النار بفعله هو حقا وصدقا وحكما عدلا من القوى القادر الحكم الأحكم فلا هو اجبر من سيدخل الجنة ولا هو ظلم من سيدخل النار
    قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)الاعراف
    والقول بأن القدر المسبق مجال لأحتجاج العصاة والكسالى والفاشلين والقول الذى يقوله الناس متأثرين بالمبتدعة الجبرية"المكتوب على الجبين لابد تراه العين" قول جاهل لأن الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه كتب فى اللوح المحفوظ ما علمه بعلمه الأزلى الأولى من فعل المخلوق وما يحدث له من الحساب أو العقاب للفاشل أو العاصى أو الكافر يكون بأعتبار فعله الذى اختاره بأرادته الحرة وليس حساب على علم الله المسبق بمصير المخلوقات فالمسلم صحيح العقيدة يفهم الفرق بين الجبر على الفعل وهو ما ليس من فعل الله جل وعلا كما توهم الجبرية وبين العلم المسبق لكل ما ستفعله المخلوقات المرتبط بالربوبية فالله تبارك وتعالى علم مسبقا ما ستفعله المخلوقات المكلفة من جن وأنس ولكنه تبارك وتعالى لم يجبرهم على أفعالهم ولم يحاسبهم على علمه المسبق بل انتظر بعدله وحكمته حتى ظهر فعلهم الذى وافق علمه المسبق أنهم سيفعلوه حتى يكون الحساب عادلا تاما
    وهناك قاعدة كونية وشرعية تنجلى بها كل الحقائق فى قضية التسيير والتخيير
    لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)
    فأى امر لا تملك فيه قرارا مصاحبا للقدرة والاستطاعة فلن يحاسبك الله جل وعلا عليه
    فالقدر هو علم الله عزوجل ومشيئته أن يتم علمه والحساب فى الدنيا والأخرة يكون بالقوانين الكونية والشرعية التى وضعها الله تبارك وتعالى وجعل المخلوق المكلف له ارادة ومشيئة وقدرة تحت سلطان الله عزوجل لكى يتبع أو يزيغ عن هذه القوانين الكونية والأسباب الشرعية والمخلوقة فمثلا لو أن امامك الطعام فأكلت او رفضت فأختيارك معلوم لله جل وعلا سلفا ولو أن امامك فرصة عمل فقبلتها أو رفضتها بناء على أسباب تخصك وكان اختيارك بنفسك فأختيارك معلوم مكتوب فى ام الكتاب قبل كون العالم لأن العلم صفة ذاتية لله جل وعلا وكتب علمه المطلق بما سيكون فى اللوح المحفوظ ثم شاء بأمره القدرى أن يحدث ما كتبه فالكافر الذى كفر بقلبه وجوارحه ولسانه لم يكن ليكفر لولا مشيئة الله جل وعلا ولولا علم الله السابق للخلق والمشيئة والكتابة بأن هذا المخلوق المكلف اذا خُير بين الأيمان والكفرسيختار الكفر وكتابته لهذا العلم فى اللوح المحفوظ والمؤمن الذى أمن بتوفيق الله لم يكن ليؤمن لولا مشيئة الله تبارك وتعالى وعلمه المكتوب فى اللوح المحفوظ السابق للمشيئة بل السابق لخلق الوجود بأن هذا العبد سيُعرض عليه الأسلام فسيؤمن ويترك الكفر فالعبد المكلف-أى مخلوق مكلف-يفعل بأختياره ما علم الله عزوجل منذ الأزل وكتب بعلمه فى اللوح لمحفوظ بل كون العالم ما سيختاره المخلوق المكلف بأرادته الحرة ثم شاء تبارك وتعالى أن يتم هذ الأختيار وهذا الفعل فى كون الله جل وعلا،قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:
    إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ، فألقى عليهم من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضل ، فلذلك أقول : جف القلم على علم الله
    الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2642
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ، أو من الجنة فقال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ، أفلا نتِّكلُ على كتابِنا وندعُ العملُ، فمنْ كان منا منْ أهلِ السعادةِ فسيصيرُ إلى عملِ أهلِ السعادةِ، وأما منْ كان منّا منْ أهلِ الشقاوةِ فسيصيرُ إلى عملِ أهلِ الشقاوةِ ؟ قال(صلى الله عليه واله وسلم): أمّا أهلُ السعادةِ فيُيَسَّرونَ لعملِ السعادةِ، وأما أهلُ الشقاوةِ فيُيَسَّرون لعملِ الشقاوةِ وتلا صلى الله عليه واله وسلم{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)الليل } "
    الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4946
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
    سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئا ؟ قال : " هي من قدر الله "
    الراوي: أبو خزامة السعدي المحدث: الألباني - المصدر: التعليقات الرضية - الصفحة أو الرقم: 152/3
    خلاصة حكم المحدث: حسن

  3. افتراضي

    ثانيا هل يجوز الأحتجاج بالقدر كما فعل ادم مع موسى؟
    يقولون:احتج ادم بالقدر فكيف ذلك وخروجه من الجنة كان بخطيئته؟
    احتجَّ آدمُ وموسى ، فقال له موسى : يا آدمُ أنت أبونا خيَّبْتَنا وأخرَجْتَنا من الجنةِ ، قال له آدمُ : يا موسى اصطفاك اللهُ بكلامِه ، وخطَّ لك بيدِه ، أتلومُنِي على أمرٍ قدَّرَه اللهُ عليَّ قبلَ أن يخلُقَنِي بأربعين سنَةً ؟ فحجَّ آدمُ موسى ، فحجَّ آدمُ موسى . ثلاثًا .
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6614
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
    مسألة احتجاج ادم على موسى بالقدر فيه تفصيل وله اجابتان:اجابة مجملة واجابة مفصلة فالأجابة المجملة أن الانسان مأمور من الله جل وعلا أنه فى الحاضر اذا كان قادرا على اتباع الشرع ومخالفة المقدور المخالف للشرع فليفعل فمثلا لو ذهبت الى قوم يتعاطون المخدرات فالله تبارك وتعالى يأمرك ان استطعت ان تفلت منهم وتخالف معصيتهم فلتفعل وان لم تستطع فلا حساب عليك بمعنى لو اجبروك تحت تهديد السلاح مثلا ان تتعاطى معهم حسنا هنا اسئل فماذا لو كنت مستطيعا ان تخالفهم فى تعاطى المخدرات ولكنك اتبعت هواك فأشتركت معهم ثم بعد ذلك تذكرت ربك واستغفرت؟ فواجب عليك ساعتها ان تعتبر هذه المعصية التى تاب الله عليك منها قدرا خصوصا لو ظلت اثار المخدرات السلبية عليك بعد أن تبت واستغفرت ظاهرة فى بدنك وهكذا وبنفس القياس مع معصية ادم فهو تاب من المعصية وتاب الله عزوجل عليه ولكن اثر المعصية بهبوطه وذريته الى الأرض استمر فأعتبره قدرا مقدوراوالعبد الصحيح الأعتقاد يؤمن بالقدر الذى وقع ولا قدرة له على تعديله بخيره وشره فهذه من اركان الأيمان والعبد المؤمن يتبع الشرع فى ذات الوقت حتى مع وقوع القدر فالمؤمن عليه واجب شرعى عند وقوع القدر خيره وشره وهذا من اركان الدين كما فى حديث جبريل المشهور فى كل كتب السنة وهو الحديث الذى رواه عمر بن الخطاب وابوذر وابو هريرة وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم:
    أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يومًا بارزًا للناسِ ، إذْ أتاهُ رجلٌ يمشِي ، فقالَ : يا رسولَ اللهِ ما الإيمانُ ؟ قالَ : ( الإيمانُ : أنْ تؤمِنَ باللهِ وملائكتهِ ورسُلِهِ ولقائِهِ ، وتؤمنَ بالبعثِ الآخرِ ) . قالَ : يا رسولَ اللهِ ما الإسلامُ ؟ قالَ : ( الإسلامُ : أنْ تعبدَ اللهَ ولا تشركَ به شيئًا ، وتقيمَ الصلاةَ ، وتؤتِيَ الزكاةَ المفروضَةَ ، وتصومَ رمضانَ ) . قال : يا رسولَ اللهِ ما الإحسانُ ؟ قالَ : ( الإحسانُ : أنْ تعبدَ اللهَ كأنكَ تراهُ ، فإنْ لم تكنْ تراهُ فإنَّهُ يراكَ ) . قالَ : يا رسولَ اللهِ متى الساعةُ ؟ قالَ : ( ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السائلِ ، ولكن سأُحدِّثُكَ عن أشراطِهَا : إذَا ولَدتْ المرأةُ ربَّتَهَا ، فذاكَ من أشراطِهَا ، وإذا كان الحفاةُ العرَاةُ رؤوسَ الناسِ ، فذاكَ من أشراطِهَا ، في خمسٍ لا يعْلَمُهُن إلا اللهُ : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} ) . ثم انصَرَفَ الرجلُ ، فقالَ : ( ردُّوا عليَّ ) . فأخَذُوا ليَردُّوا فلمْ يرَوْا شيئًا ، فقالَ : ( هذا جبريلُ ، جاءَ ليُعَلِّمَ الناس دينَهُم ) .
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4777
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
    ولكن الأيمان بالقدر لا يلغى الشرع والعكس صحيح وبالنسبة لأدم صلى الله عليه وسلم فقدعلم ان معصيته لها سببين:السبب الشرعى وهوانحرافه عن شرع الله عزوجل واتباعه للشيطان والسبب الثانى هوالقدر وهو مشيئة الله عزوجل المكتوبة من قبل من أن ادم سيعصى فى الجنة وسيهبط الى الأرض فلما وقع الخروج من الجنة للسببين الشرعى والقدرى كان ادم يتبع الطريق الصحيح فأتبع امر الشرع فى حالة المعصية فأستغفر ربه جل وعلا فغفر الله عزوجل له ثم أعتبر الأمر برمته مصيبة قدرها الله عزوجل عليه وأمن بالقدر الذى شاء الله عزوجل ان يكون فى الماضى ولا يستطيع فى الحاضر أن يعيده من خروجه من الجنة فهو يعتبرالمعصية وما نتج عنها بعد أن اصبحت ماضيا لا يستطيع رده اعتبرها قدرا مقدورا فكان مسلما حقا وفعل ما ينبغى على المسلم من أن يجمع الشرع والقدر معا فأحتج بالقدر من زاوية السبب الكونى فأحتجاجه صحيح اذا كان المقدور لا يمكن رده ولا يمكن اعادة عقارب الساعة الى الوراء ولم يكن احتجاجه على الشرع هذا هو الرد المجمل.
    الرد المُفصل:لابد أن نحرر موطن النزاع اولا وهولماذا هبط ادم وذريته الى الأرض؟فاذا قلنا لخطيئة ادم فالسؤال وهل الخروج من الجنة تم لسبب الخطيئة التى يتحملها ادم فقط ام ان هناك سببا اخر فوق قدرة ادم؟
    مبدئيا هناك سبب شرعى وهناك سبب قدرى والسبب القدرى كان سابقا على السبب الشرعى لقول ادم فى رواية مسلم"فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ، قال موسى : بأربعين عاما ، قال آدم : فهل وجدت فيها وعصى آدم ربه فغوى ، قال : نعم "ونحن نعلم أن الله عزوجل قبل أن يخلق ادم قال للملائكة" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً "فأدم مخلوق للأرض ومعصيته كانت قدرا مقدورا ونتائجها الوخيمة كانت قدرا مقدورا ايضافأن قال معترض:اذا كنتم يا أهل السنة تثبتون للأنسان حرية فعله وتثبتون أن ادم عصى ربه بفعله واختياره فما وجه استدلاله بالقدرفهذا الذى كتبه الله عزوجل عليه هو معصيته هو ولم يكن مجبرا؟ الجواب:القدر ليس مجرد علم الله بأفعالنا المستقبلية بل علمه ومشيئته ايضا فالله تبارك وتعالى علم أن ادم سيعصى وكان فى قدرته تبارك وتعالى أن يشاء عدم وقوع ذلك ولكن مشيئته القدرية أن تقع المعصية من ادم لحكمة فأدم عليه الصلاة والسلام احتج على موسى بالقدر كله:علم ومشيئة لأن الكتابة-خصوصا التى وقعت قبل خلق ادم بأربعين سنة وهى نوع ثالث من الكتابة-تتضمن العلم والمشيئة معا واحتجاج ادم عليه السلام بهذه المرحلة دليل على فهم عميق عند الأنبياء لقضية القدر فأى حدث لا يتم بدون علم الله ومشيئته فأن وقع ولا سبيل لتغييره قلنا وقع بقدر الله وهناك اشياء كثيرة من الخير والشر يتمنى البشر حدوثها ويسعون اليها وتمنعها مشيئة الله عزوجل من الحدوث لحكمة يعلمها فليس كل ما يريده المرء يدركه ولكن أدم اراد المعصية وأراد الله له أن ينال ما يريد وشاء الله عزوجل من قبل ان يخلق ادم ان تتم المعصية ونتائجها الرهيبة على بنى ادم لتتم القدرة الألهية بالقدر وتتم الحكمة بنزول الأنسان الى الارض ليُبتلى بالخير والشر وسأضرب مثالا سمعته من أهل العلم يوضح المسألة:لو ان رجلا يملك بيتا وقام بتعيين خادم غير امين وعلم ان هذا الخادم سارق وسئل عنه واختبره وتيقن انه لص محترف فقرر رب البيت عمل مكيدة لطرد السارق من البيت وتعويضه ايضا بما يحقق العدل فوضع بعض المال فى غرفة وقال للخادم اللص"هذه الغرفة فيها اشياء مهمة فلا تدخلها والا طردتك من البيت"فأختلس الخادم فرصة ودخل الغرفة وسرق المال ولم يعلم أن هناك كاميرا تقوم بتصويره سرا ثم تفاجأ الخادم بأنه كان فى مصيدة وسقط متلبسا بجريمته فأعلن توبته من السرقة ولكن قرر رب البيت طرده من البيت ومعه المال فلما سئل الخادم اللص بعد ذلك لماذا لم تستمع لأمر صاحب البيت وتمتنع عن الغرفة؟سيجيب انما كان الأمر مخططا لطردى ورب البيت كان يعلم بشهوتى للسرقة فبقياس الأولى ولله المثل الأعلى فرب البيت هو الله جل وعلا والبيت هو الجنة والغرفة المغلقة هى الشجرة والخادم هو ادم عليه السلام مع فارق الشخصية طبعا فهل يمكن أن نقول ان رب البيت أجبر لخادم على السرقة؟لا وبهذا تنتفى شبهة الجبر فى حديث احتجاج ادم وموسى،وهل يمكن أن نقول ان الخادم هو المتسبب فى طرد نفسه من البيت؟لا لأن هناك سببا سابقا وهذا هو رد ادم الذى حج به موسى.أما السبب الشرعى لنزول ادم من الجنة فلا بد أن ندرك اولا أن المعصية المتعمدة غير الخطأ الذى يقع الأنسان فيه سهوا او عمدا لأن الخطأ سببه واحد فتكون نتيجته واحدة اما المعصية فسببها مركب من خطئين فالمعصية تبدأ باهمال التحذير الشرعى الألهى من المصائب القدرية التى ستنتج عنها وتؤدى بالأنسان الى الوقوع تحت طائلة القوانين الكونية ثم بعد أن يهمل الأنسان تحذير ربه وينساه نسيان اهمال يستمع لوسوسة الشيطان ويطيعه وأهل النار-اعاذنا لله تعالى منها-لما حللوا سبب دخولهم فيها جعلوا السبب الأول هو اعراضهم عن الوحى الشرعى والعقلى
    تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)الملك
    ولابد أن ندرك أن خطأ اهمال القونين الشرعية و الكونية التى وضعها الله عزوجل لعزة ومذلة الفرد والمجتمع والأمة وهى قوانين ثابتة لا تحابى احدا سواء كان نبيا او صديقا او شهيدا او زنديقا ولا تعترف بعقيدة او نقاء قلب ولنا فى الواقع الملموس دليل فالمسلمون لما تركوا العلم بالشرع والعلم بأيات الله فى الكون مخالفين بذلك امر ربهم ونبيهم بأن يتعلموا العلمين:علم الشرع وعلم القدر والكون
    اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)الطلاق
    ورغم أنهم على الحق المبين ولكن لمخالفتهم والتى ارتبطت بضعف البصيرة وسوء التقديرسارت عليهم القوانين الكونية فتسلط عليهم الغرب الكافر الملحد فالله جل وعلا لا يحب الغرب الملحد ولكن محبة الله شئ ومشيئة الله جل وعلا والتى ترتبط بقوانينه الكونية شئ اخر فجعل الله الغرب بمشيئته وقدره فى هذه الحال لأنه أهتم بالعلم بأيات الله الكونية واستقصاء الخبرات الكونية والمعارف التى تركها الله عزوجل فى الكون والأنسان والحياة فتفوق علي من احبهم الله ولم يأخذوا بأسبابه وتركوا العلمين الشرعى والكونى فصار المسلمون فى أسفل سافلين وصار الغرب فى أعلى عليين من الحياة الدنيا وتم ذلك بقدر الله عزوجل لأن سنة الله عزوجل وقدره لا يحابى أحدا ولا يتغافل عن أحد فحتى الأنبياء لا يستطيعون منع نتائج القوانين الكونية ولا حفظ اتباعهم من قدر الله جل وعلا
    أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)النساء
    فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)فاطر
    وأدم عليه الصلاة والسلام وقع فى المعصية ولم يدرك بسوء تقدير منه نتائج هذه المعصية فسارت عليه السنن وقد توعد الله عزوجل نبيه محمدا صلى الله عليه واله وسلم بأنه ستسير عليه السنن الكونية اذا خالف فالسنن الكونية يطبقها الله عزوجل على الجميع بعدل مطلق
    وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)الاسراء
    والذى يقع فى المعصية-أى معصية او مخالفة- يرتكب خطئين:نسيان الأهمال لشرع الله ثم اتباع الشيطان ومشكلة نسيان الأهمال أنه يجعل لعاصى سئ التقدير لنتيجة معصيته وما سينتج عن المعصية من سير القوانين الكونية عليه قال جل وعلا
    وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100)الأعراف
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)الانفال
    لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)النور
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)الحشر
    فالمعصية لها نتيجتان:نتيجة دنيوية ونتيجة اخروية كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة والاجماع ودلت على ذلك الأشارات التاريخية ايضا
    فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)ال عمران
    وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)السجدة
    وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)طه
    وأدم عليه الصلاة والسلام أخطأ وأستغفر فكان استغفاره سببا لمنع عقوبة الأخرة ولكن تحققت عقوبة الدنيا التى حذره الله عزوجل منها من قبل وقوعها فنسى ادم مهملا تحذير ربه من اتباع الشيطان والشقاءفوقعت المعصية بمشيئة الله جل وعلا وفعل ادم عليه الصلاة والسلام وذلك ليتم القانون الكونى الألهى أن للمحسن ثوابه وللمخطىء عقابه
    فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)طه
    فأدم عليه السلام حذره ربه من وسوسة الشيطان وأن العقوبة ستكون شقاء فى الدنيا فعندما عصى ادم عليه السلام وأكل من الشجرة أخطأ خطئين:
    اولا خطأ الأعراض عن تحذير الله من نتائج طاعة الشيطان وهذه مسئوليته استغفر ربه عنها وغفر الله تعالى له ولكن ظلت اثار فعلها كما لو حذرت ابنك من ان يصطدم بالحائط فلم يستمع لك ثم بعد أن ضرب رأسه بالحائط وجُرح اعتذر لك ولكن ظل اثر الجرح فناتج الخطأ لا مجال للوم فيه لأن الأنسان مخلوق للخطأ والأستغفار الذى يمحو عقاب الأخرة ولكن يبقى الأثر فى الدنيا فخطأ الأعراض يعرض الأنسان لعقوبة الدنيا اذا وقع منه ما حذره ربه منه.
    ثانيا خطأ اتباع الشيطان وهذه لم يقصدها موسى صلى الله عليه وسلم بعينهاحين اعترض على فعل ادم فهو عليه الصلاة والسلام يعلم من التوراة التى اوحيت اليه أن الله يغفر الذنوب جميعا وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وأنه حبيب الرحمن ولا نجد فى حديث الاحتجاج بكل طرقه ورواياته ما يدل على أن موسى أعترض على الأكل من الشجرة وما يدل على ذلك أيضا ان موسى صلى الله عليه وسلم طلب رؤية ادم ولو كان سيسئل عن خطيئة طاعة الشيطان لطلب رؤية ادم وحواء معا فالمعصية مشتركة ولكن الذى اساء تقدير العقوبة هو ادم عليه الصلاة والسلام فقط ولهذا والله تعالى اعلم طلب رؤيته دون حواء ولم يسئله موسى عن المعصية ولو فعل لأجابه ادم بأنه استغفر وغفر الله عزوجل له ولكن موسى عليه الصلاة والسلام أعترض على كل خطيئة ادم منذ نسيانه لأمر الله عزوجل وحتى اكله من الشجرة الذى ادى لغضب الله تعالى وطرده من الجنة.
    فخطأ سوء التقدير وعدم محاذرة أدم عليه السلام لحجم لعقوبة –الطرد من الجنة-نتيجة اهمال امر الله عزوجل بعدم الأكل من الشجرة ونسيان الاهمال لأدم عليه السلام بما اخبره ربه بأنه سينتج عن المعصية الشقاء وهذا السوء فى التقدير وقع لأدم بعلم الله جل وعلا ومشيئته لأن الله عزوجل خلق ادم وذريته للأرض وليس للجنة وهو مسئولية ادم ايضا لأن الله عزوجل حذره من ابليس فالسبب الكونى لا يلغى السبب الشرعى وان كان بجهل لا يؤاخذ عليه الأنسان كما قال موسى صلى الله عليه وسلم للخضر" لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا "وسوء التقدير هذا وقع للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما وقع ليونس بن متى عليه السلام حين ترك نينوى يائسا من استكمال مر الله فيها فألتقمه الحوت وايضا ليوشع بن نون عليه الصلاة والسلام حين نسى الحوت بوسوسة الشيطان فى رحلته مع موسى عليه السلام للقاء الخضر عليه السلام ووقع سوء التقدير لموسى عليه الصلاة والسلام نفسه حين لم يلتزم بتحذيرات الخضرعليه السلام بعدم التعجل فى الأعتراض على افعاله فقال له الخضر عليه السلام"هذا فراق بينى وبينك"ووقع لبنى اسرائيل حين انكروا كل المعجزات وسئلوا رؤية الله عزوجل جهرة وهم مستكبرون فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون وهذا يحدث نتيجة نقص العلم والأستكبار وهو أمر يقع لكل البشر بلا استثناء وأدم عليه السلام عصى نتيجة الوسوسة فهذا صحيح ولكن هناك خطأ اخر سبق هذا الخطأ وهو اهمال تحذير الله تعالى له من الشيطان فهذا هو الخطأ الذى انفرد به ادم عن حواء والذى ادى الى معصية الأكل من الشجرة والتى ادت الى الخروج من الجنة فالأصل وهواهمال التحذيرات الألهية من ابليس وهو ما سماه القرأن نسيان ادم العهد فأساء تقدير العقوبة رغم تحذير الله عزوجل له من ابليس فلم يقدر نتيجة خروجه من الجنة قدرها كما يفعل العصاة والمنحرفون الأن فلا يستطيعون تقدير عذاب جهنم فتم بقدر الله عزوجل ما قدره الله عزوجل عليه من انه لن يُقدر الأمر قدره وكان سببا فى سقوط أدم عليه الصلاة والسلام فى فتنة الشيطان وقد حذر الله عزوجل بنى ادم من ارتكاب نفس الخطأ مما سيؤدى لوقوع نفس النتيجة التى وقعت لأدم
    يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) الأعراف
    قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)طه
    وسؤال موسى صلى الله عليه وسلم هو سؤال اتهام لأدم بأنه سبب شقاء البشرية حين اخطأ فأجابه ادم عليه الصلاة والسلام بأن يفصل الجانب الشرعى عن القدر الذى لا مفر منه فالخروج من الجنة كان نتيجة مخالفة شرعية ولكنه فى الأصل قضاء كونى فسؤال موسى لم يكن لماذا عصيت او لماذا اطعت ابليس؟فموسى الكليم الذى يفهم القدر والشرع لم يسئل هذا وانما سئل ألست أنت السبب فى شقائنا فى الأرض؟وجواب أدم الفهيم أن سبب شقاء الأنسان فى الأرض سبب كونى فى الأصل وهو مشيئة الله عزوجل وقدره فالغاية الكونية وهى نزول الأنسان الى الأرض تحققت بمعصية ادم عليه الصلاة والسلام الذى استغفر من مخالفته وهذا ما نفهمه من مجموع روايات الحديث:
    احتج آدم وموسى ، فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة ، فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى مرتين"
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3409
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
    إن موسى قال : يا رب ، أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة ، فأراه الله آدم ، فقال : أنت أبونا آدم ؟ فقال له آدم : نعم ، قال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه ، وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة فسجدوا لك ؟ قال : نعم ، قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ فقال له آدم : ومن أنت ؟ قال : أنا موسى ، قال : أنت نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه ؟ قال : نعم ، قال : أفما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق ؟ قال : نعم ، قال : فيم تلومني في شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي ؟ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك " فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى"
    الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4702
    خلاصة حكم المحدث: حسن
    " احتج آدم وموسى عليهما السلام عند ربهما ، فحج آدم موسى ، قال موسى : أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك في جنته ، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض ، فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيا ، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ، قال موسى : بأربعين عاما ، قال آدم : فهل وجدت فيها وعصى آدم ربه فغوى ، قال : نعم ، قال : أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى "
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2652
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    وهذه الأجابة من نبى الله ادم عليه الصلاة والسلام والتى أقرها النبى موسى صلى الله عليه وسلم بسكوته عنها وحكم نبينا صلى الله عليه واله وسلم بحجتها فهى مقولة اتفق فيها ثلاثة انبياء تدل على ان الانبياء اخوة لعلات فأمهاتهم شتى ودينهم واحد لأن هذه الاجابة هى نفسها التى قالها ابن ادم الصالح والنبى الصالح محمد صلى الله عليه واله وسلم
    احرِص على ما ينفعُكَ ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ ، وإن أصابَكَ شيءٌ ، فلا تقُل : لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا ، ولَكِن قل : قدَّرَ اللَّهُ ، وما شاءَ فعلَ ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2664
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    فخلاصة القول واجماله:الأكل من الشجرة فعل ادم وقدر الله عزوجل والخروج من الجنة فعل الله جل وعلا وقدره ولكن لأن الله حكيم فجعل الخروج من الجنة ثمنا عادلا لأن ادم عليه الصلاة والسلام اخطأ خطئين:خطأ نسيان الأهمال لتحذيرات الله عزوجل من نتيجة طاعة الشيطان وعدم تقدير نتيجة المعصية وهو مسئول عنه بمفرده رغم انعدام تراكم خبراته لينظر لنتيجة فعله والخطأ الثانى هو انعدام العزم على الصبر على أمر الله عزوجل بعدم الأكل من الشجرة والاستماع لوسوسة ابليس والتحذير من عداوة الشيطان وهو خطأ مشترك مع حواء وقد جمع القرأن الكريم الخطئين
    فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)الأعراف
    وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)طه
    احتجَّ آدمُ وَ موسى عليهما السَّلام عندَ ربِّهما ، فحجَّ آدمُ موسَى قالَ موسَى أنتَ آدمُ الَّذي خلقَكَ اللَّهُ بيدِهِ ونفخَ فيكَ من روحِهِ ،وأسجدَ لَكَ ملائِكَتَهُ وأسكنَكَ في جنَّتِهِ ،ثمَّ أَهَبطتَ النَّاسَ بخطيئتِكَ إلى الأرض فقالَ آدمُ أنتَ موسَى الَّذي اصطفاكَ اللَّهُ برسالتِهِ ، وبِكَلامِهِ وأعطاكَ الألواحَ فيها تِبيانُ كلِّ شيءٍ ،وقرَّبَكَ نجيًّا فبِكَم وجدتِ اللَّهِ كتبَ التَّوراةَ قبلَ أن أُخلقَ قالَ موسَى بأربعينَ عامًا قالَ آدمُ فَهَل وجدتَ فيها ؟ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى [ 20 / طه / 121 ] . قالَ نعم قالَ أفتلومُني على أن عَمِلْتُ عملًا كتبَهُ اللَّهُ عليَّ أن أعملَهُ قبلَ أن يخلقَني بأربعينَ سنةً قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فَحجَّ آدمُ موسى
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2652
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    فأحتج ادم عليه الصلاة والسلام بأنه لم يكن ليمنع عقوبة الدنيا بعد أن وقع منه الخطئان فالخطأ خطئه والنتيجة قدر لا يملك رده فما امتلك رده وهو عقوبة الأخرة بالاستغفار فعله وما لم يملك رده من عقوبة الدنيا صدق به وامن بقدر الله ونسب الامر برمته الى قدر الله عزوجل بدون ان يخالف الشرع قيد انملة فهو قد استغفر ربه عن معصيته وغفر الله عزوجل له ولم يحدث احتجاج منه بالقدر على المعصية فلم يقل لولا ما كتبه الله لما اطعت الشيطان واكلت من الشجرة بل احتج بالقدر على وقوع المكروه وهو سقوطه عليه الصلاة والسلام المعنوى فى الخطيئة فهذه مصيبة اولى وهو احتج بالقدر عليها كمصيبة وليس كمعصية لأنه لو استقبل من امره ما استدبر لما اكل من الشجرة ولظل فى الجنة فهل لو عاد بادم الزمن كان سيأكل من الشجرة؟مستحيل اذا هو لا يحتج بالقدر على معصيته فهو يحتج على المعصية لأنها مصيبة لا يقدر ردها والمصيبة الثانية:سقوطه عليه الصلاة والسلام المادى فى الارض من الجنة والحياة فى شاء بعد رغد فالقدر يُحتج به على المصائب التى لا نستطيع دفعها وليس على المعاصى والمعائب فالأنسان منذ خلقه عنده شرع الله لكل امة وعنده قدر الله على كل امة
    فالذى يحتج بالقدر على مخالفة الشرع احتجاجه باطل لأنه لا اجبار فى الحاضر ولا المستقبل ولأن الله عزوجل يثيب و يحاسب بقوانينه الكونية على القدرة والاستطاعة على اتباع الشرع والعقل وليس على القدر الذى امرك الله تبارك وتعالى بتغييره ان كان مخالفا للشرع.
    والذى يحتج بالشرع على مخالفة القدر الواقع يسلك سلوك لأنبياء والمصلحين مع قومهم بشرط أن تكون لك قدرة واستطاعة على مخالفة المقدور وأن يكون المقدور فى الحاضر.
    والذى يحتج بالشرع على مخالفة الشرع الأقدم بشرط أن يكون احتجاجه صحيحا فهو يحتج بالناسخ على المنسوخ كمن يحتج بالقرأن على احكام التوراة والأنجيل
    والذى يحتج بالشرع الأقدم على الشرع الأخير يتبع سنة اليهود حين قالوا"نؤمن بما انزل علينا"ويكفرون بما وراءه وهو الحق!
    والذى يحتج بالقدر على القدر الأقدم يسلك سلوك الجاهليين حين احتجوا على ارادة الله الشرعية وهى سابقة لخلقهم قائلين"لو شاء الله ما اشركنا"فهو يستدل بالمقدور على العلم بالرب ومشيئته ومحبته ورضاه فهذا باطل.
    والذى يحتج بالقدر الأقدم على القدر الذى تلاه دون أن يربط ذلك بمخالفة الشرع او دون أن يخالف الشرع يسلك مسك المؤمنين بالقدر خيره وشره وحديث احتجاج ادم عليه الصلاة والسلام بالمشيئة على القدر مثل على ذلك فهو بعد أن استغفر من الذنب اعتبره من القدر.
    وفى جملة واحدة اقول"احتج ادم بمشيئة الله عزوجل ان يعصيه على قدر الله بهبوط الأنسان الى الأرض فأحتجاجه صحيح ولو كان احتج بقدر الله أو حتى بمشيئته على مخالفته لشرع الله واكله من الشجرة لكان احتجاجه باطلا"(لمزيد من التفاصيل عليك بكتاب شفاء العليل باب احتجاج ادم وموسى).
    وفى قصة ادم وغوية الشيطان رسالة لا تخفى على ذى عقل وهى موجهة لكل منحرف وضال ومبتدع وزائغ عن الوحى المعصوم:انكم تقودون المسلمين الى السقوط المعنوى والمادى كما اسقط ادم ذريته سقوطا معنويا بالخطيئة وسقوطا ماديا من العلو الى السفلية وهذا مصيركم:السقوط المعنوى بضياع الدين وذهاب الشريعة التى تتمسحون بها وهى بريئة منكم وسقوط مادى بضياع امة الاسلام وتمزيق اوطان المسلمين بأصراركم على البدعة وتحريف النصوص عن مواضعها والكذب المتعمد على السلف الصالحين!!

  4. افتراضي

    ثالثا هل هناك تناقض فى ايات القدر؟
    يقول المعترض ان القرأن الكريم احتج على احتجاج المشركين بالمشيئة فى ايات واحتج هو بالمشيئة الربانية فى ايات فما هذا التناقض؟
    وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)الأنعام
    سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150) قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)الأنعام
    وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)النحل
    الرد:ان استدلالهم بالمشيئة باطل لأنهم لا يعرفون خبر الله عزوجل من خلال الوحى او العلم بل من خلال المتصورات العقلية وهذا منهج باطل وهو أن تتعرف على صفات الرب وافعاله من خلال المتصورات والمدركات فى عالم الشهادة بينما الرب جل وعلا من عالم الغيب فالتعرف على الله عزوجل ومشيئته ورضاه لا يكون الا بما جاء به المرسلون
    قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)الأعراف
    سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181)يس
    يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)طه
    فسواء كان قولهم صحيح فى المشيئة او خطأ فهم كذبة فى منهجهم وسنتهم لا فى قولهم لأدعائهم معرفة صفات وافعال ومراد الله عزوجل بلا خبر منه بل بمحض الاستدلال العقلى على الغيب بلا علم
    سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)الأنعام
    فالقرأن الكريم لم يعترض صحة قولهم بأن كفرهم وقع بالمشيئة وانما اعترض على احتجاجهم بالقدر بلا علم فالقرأن يرفض انزال القدر فى غير منزله والأحتجاج الباطل بالقدر على الشرع لأن قولهم"لو شاء الله ما اشركنا"مقولة حق ارادوا بها باطلا بأنزالها فى مقابلة التوحيد فأبطل القرأن منهجهم فى الأستدلال لا مقولتهم فكأنه يقول:من اين علمتم ايها المشركون أن الله شاء الشرك محبة منه ورضا ومن أين علمتم أن الله عزوجل سيحاسبكم على اتباعكم لمشيئته وليس شرعه فقد سار من قبلكم فى نفس الطريق فأحتجوا بالقدر لتكذيب الشرع والوحى فكان مصيرهم الهلاك ولم ينفعهم أحتجاجهم الباطل بالقدر لأنه احتجاج الظن بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير ولو كنتم مخيرين بين منهج الأباء ومنهج هو أهدى واصح وأنفع لكم من منهج الأباء فهل تصرون بغير علم على ضلالكم؟
    وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)الزخرف
    أما اخباره تبارك وتعالى عن وقوع الحوادث بمشيئته وانه لولا مشيئة الله تعالى السابقة لما وقعت الحوادث فهو قول صادق منه تبارك وتعالى ورسوله صادق صلى الله عليه واله وسلم لأنه يخبر عن حق ويقين فالغيب لا يعرف الا بالوحى فما بالك بأغيب الغيوب وأستدلال الله تبارك وتعالى بالمشيئة هو اعلان للربوبية وتقرير لصفة الأمر التى هى صفة ذات وصفة المشيئة التى هى صفة فعل لله تبارك وتعالى فأن الذى شاء لأعدائه الكفر هو القادر على هدايتهم متى شاء زانما فعل ذلك ليثبت صفت الحلم والحكمة والصبر له تبارك وتعالى
    اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)الأنعام
    وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100)يونس
    وقد أدى هذا الفساد فى منهج الأستدلال عند الجاهليين الى فساد فى النتائج عندهم لأنهم اسسوا بنيانهم على شفا جرف هار فأدى بهم هذا الى خلط المشيئة بالرضا والمحبة وخلط الأرادة والشرع بالقدر وخلط المشيئة بالأمر
    وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)الأعراف
    وأدى ايضا الى بناء افعال واعتقاد عقائد باطلة مثل جواز الاستمرار على الشرك وهو اكبر الكبائر لمجرد مشيئة الله له وأعتقدوا ان الله يفعل بمحض المشيئة ولهذا كانت الأجابة القرأنية أن لله الحجة البالغة فالهداية تكون بالمشيئة والعلم والحكمة الربانية وليس بمحض المشيئة(للمزيد من التفاصيل شفاء العليل ص29-باب احتجاج ادم وموسى)

  5. افتراضي

    رابعا هل لمشيئة الله عزوجل دور فى توجيه الأنسان؟
    البعض سيقول:أنتم تزعمون أن الله لا يحرك افعالكم قبلكم فماذا تقول فى هذه الأحاديث:
    ما مِن قلبٍ إلَّا بينَ إصبعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ ، إن شاءَ أقامَهُ ، وإن شاءَ أزاغَهُ وَكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: يا مثبِّتَ القلوبِ ، ثبِّت قلوبَنا على دينِكَ. قالَ: والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ ، يرفعُ أقوامًا ويخفِضُ آخَرينَ ، إلى يومِ القيامةِ
    الراوي: النواس بن سمعان المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 166
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُكْثِرُ أن يقولَ : يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قَلبي على دينِكَ ، فقلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ، آمنَّا بِكَ وبما جئتَ بِهِ فَهَل تخافُ علَينا ؟ قالَ : نعَم ، إنَّ القُلوبَ بينَ إصبُعَيْنِ مِن أصابعِ اللَّهِ يقلِّبُها كيفَ شاءَ
    الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2140
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    إنَّ قلوبَ بَني آدمَ كلَّها بينَ إصبَعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ كقَلبِ واحِدٍ . يصرِفُهُ حيثُ يشاءُ ، ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : اللَّهمَّ مُصرِّفَ القلوبِ صرِّف قلوبَنا على طاعتِكَ
    الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2654
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    الجواب:هذه الأحاديث تتكلم عن القدر المُعلق وليس القدر المقدور الذى فى اللوح المحفوظ والقدر المعلق وسماه أهل العلم"القضاء المعلق"هو موضوع كبير ولكن نرد بأختصار:الدر المعلق بعكس قدر اللوح المحفوظ أنه يمكن تغييره لما فيه مصلحة الأنسان من خلال الأعمال الصلحة بل بأبسط الأعمال كالدعاء فقد قال رسول الله صلى لله عليه واله وسلم:
    - لا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ ولا يردُّ القدرَ إلَّا الدُّعاءُ ...
    الراوي: ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 73
    خلاصة حكم المحدث: حسن
    ________________________________________
    - لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ
    الراوي: سلمان الفارسي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2139
    خلاصة حكم المحدث: حسن

    فالله تبارك وتعالى يبدء العباد بالهداية العامة أو الهداية الى التوحيد بأرسال الرسل ويكون رد فعله على حسب فعلهم
    وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)النساء
    مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)الأسرء
    وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18)فصلت
    وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)محمد
    هل عرفتم الأن اخونى واخواتى لماذا اتهم القرأن العظيم أهل الجاهلية بأتباع الظن والقول على الله جل وعلا بلا علم حين احتجوا بالمشيئة الربانية على كفرهم؟لأن المشيئة الربانية تتغير بتغير فعل العبد وتغير الأحداث الكونية
    يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)الرحمن
    فان شاء أن تكفر اليوم فبفعلك أنت وان شاء أن تؤمن غدا لأن قلبك أظهر نزعة للأيمان وان ثبت قلبك على التوحيد نسئل أن نكون كلنا كذلك فذلك لأنه وجد فى قلبك نزعة للأخلاص.

  6. افتراضي

    خامسا وأخيرا هل الشر فعل الله وهل لوجوده حكمة؟
    الشر من فعل مفعولات الله عزوجل" أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) "وليس من فعل الله عزوجل وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة التى حارت فيها القدرية والجبرية و فهمها هدهد فنقل الله عزوجل قوله فى قرأن يُتلى فى المحاريب الى يوم القيامة وأقام بحجته الحجة
    وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)النمل
    وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:"لبيك وسعديك والخير كله في يديك ، والشر ليس إليك " ،
    الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 771
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    فالشر ليس من فعل الله جل وعلا والا لوجدنا لذلك أثر افى اسمائه وصفاته ولا يجوز الشر فى حق الله الذى من اسمائه الحسنى الحق القدوس السلام المؤمن السبوح الطيب الحميد وكلها نقائض الشر لأنه منزه عنه كما دلت اسماؤه الحسنى ولأن من اسماء الله الأخبارية الخير(الأسماء الأخبارية غير الأسماء الحسنى فالأسماء الحسنى هى وصف لصفات ذات الله بينما الأسماء الأخبارية فهى وصف لصفات فعل الله وقدرته والأسماء الأخبارية التى وجدتها شخصيا فى الكتاب والسنة تسعة وتسعون مساوية للأسماء الحسنى وسماها الدكتور محمود الرضوانى بالأسماء المقيدة ولى تعليق على بحثه سأنشره بعد اكتماله باذن الله جل وعلا)فأن كان الله خيرا فيستحيل فى فعله الشر
    قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)النمل
    إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)طه
    فالشر يقع فى الكون بمشيئة الله جل وعلا لحكمة وليس بفعل الله تبارك وتعالى
    مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)التغابن
    ولعل البعض يسئل كيف يكون الله خالق كل شئ وخلق كل شئ فقدره تقديراكما أثبت القرأن والسنةوهو ليس خالقا لشر؟
    الجواب أن الخلق الألهى له ثلاثة صور
    أولا خلق بالذات وهذا اسمى الخلق كخلق ادم عليه الصلاة والسلام بيد الله
    وثانياخلق بالأمر كخلق بقية البشر والمخلوقات الكونية بالأمر كن فيكون
    قال عبد الله بن عمر :" خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش والقلم وآدم وجنة عدن ثم قال لسائر الخلق : كن فكان" .
    الراوي: مجاهد بن جبر المكي المحدث: الألباني - المصدر: مختصر العلو - الصفحة أو الرقم: 53
    خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم
    وثالثا وأخيرا خلق بالمخلوق والمشيئة كخلق السيارات والطائرات وسفن الفضاءمثلا فهى مخلوقة بالأنسان ولكنها من خلق الله بأعتبار انها خلقت بمشيئته واسبابه فحتى المخ البشرى الذى كان من وسائل التصميم هو من مخلوقات الله فما خلقه هو مخلوق لله ايضا كما أن ما يغنمه العبد فى الحرب هو من مكتسبات سيده ومصداق ذلك النوع من الخلق بالمشيئة والأسباب فى القرأن المجيد والسنة المطهرة فى أكثر من موضع
    فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)الأنفال
    قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)الصافات
    أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)الواقعة
    وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم"إنَّ اللهَ يصنعُ كلَّ صانعٍ و صنعتَه".
    الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 1637
    خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط مسلم
    فنحن ننفى أن يكون الله عزوجل قد خلق الشر بذاته أو بأمره ولكن خلق دعاة الشر وصناع الفساد وخلق لهم المقومات ومنحهم حرية الحركة فى كونه بمشيئته لحكمة وهو يعلم سلفا أنهم سيستخدمون الأسباب التى اعطاها اياهم فى الشر فهو خالقهم وخالق فعلهم بخلقه الأسباب ومشيئته حدوث الشر فى الكون وهم خلقوا الشر بنيتهم ثم سعيهم لتحقيق هذه النية فالأعمال بالنيات كما قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وبالتالى الشر مخلوق بمشيئة الله من فعل مخلوقاته كما قال تعالى عن الفراعنة
    وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41)القصص
    ويتضح هذا المعنى أكثر وهو خلق الله تبارك وتعالى للأفعال فى هذه الأيات
    وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)الشمس
    وهنا السؤال لماذا يشاء الله تعالى وقوع الشر وقدرته أن يمنعه؟
    هذا السؤال ضل فيه كثير من الفلاسفة قديما وحديثا والجواب بسيط:صفة الشىء غير فعله فمثلا رجل غنى ولكنه لا ينفق الا بما يمليه عليه عقله ولله المثل الأعلى فالله تبارك وتعالى قدير تام القدرة والسيادة ولكن فعله فى الكون لا يكون بصفة القدرة-التى هى صفة ذات-فقط بل يشاء حدوث الأشياء بقدرته وعلمه وحكمته ورحمته ونظرا لتعدد صفات ذاته تمايزت افعال الرب جل وعلا فهو يشاء أن يقع الشر والمكروه فى كونه بل يشاء أن يقع الكفر والألحاد فى ملكه وهو يكره ذلك ولكن حكمته البالغة أقتضت وقوع ما يكرهه ورحمته وحلمه أقتصى صبره على الكافرين والأشرار لأستدراجهم وأنظر الى التاريخ اين ذهبت كل الحضارات الكافرة بعد أن طال عليها الأمد؟أين ذهبت النازية والشيوعية؟
    وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)الأسراء
    واخيرا ما الحكمة من كل هذا الشر فى العالم؟
    العلامة الحبر ابن القيم الجوزية له كلام رائع مدعم بالأدلة من الكتاب والسنة فى تفصيل هذه المسألة ولكن انا سأختصرها فى جملتين مفيدتين:هناك حكم مخفية عن وحكم ظاهرة فالحكم الظاهرة من خلق الشر هما حكمتان رئيسيتان وحتى نفهمها لنتذكر المثل الشعبى"الرجال مواقف"فالتمييز بين شيئين لا يكون الا بالتجربة والحكمة من الشر:
    اولا ظهور صفات الأله لأنه لولا الشر لما ظهرت قدرة الرب على الخلق والخلق المضاد وما ظهرت قدرة الرب على نصرة الأخيار وعقاب الأشرار بل لولا خلق الشر بمشيئة الله جل وعلا ما ظهرت أغلبية الأسماء الحسنى بما تتضمنه من صفات الله عزوجل.
    ثانيا ظهور صفات المخلوقين فلولا الشر ما ظهرت الفتن التى تميز الصحيح القلب من السقيم وما ظهر التمايز فى الدنيا بين المؤمن والكافر ولا فى الأخرة بين أهل الجنة وأهل النار فلولا الشر ما كان دخول الجنة عدلا بل ما خلقت اصلا.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مناظرة: اشكالات فلسفية عن الإله في الإسلام(الدكتور ناصر والزميل المفتري)
    بواسطة المفتري في المنتدى قسم الحوارات الثنائية
    مشاركات: 58
    آخر مشاركة: 02-16-2012, 01:30 AM
  2. هل يتجدد علم الله تبارك وتعالى ؟ (إشكالات والجواب عليها) ..
    بواسطة مالك مناع في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-25-2009, 09:00 AM
  3. مناظرة: اشكالات فلسفية عن الإله في الإسلام(الدكتور ناصر والزميل المفتري)
    بواسطة المفتري في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 67
    آخر مشاركة: 10-18-2009, 01:08 AM
  4. اشكالات
    بواسطة مالك الحزين في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-19-2005, 02:35 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء