لم أرى للأخلاق فائدة فالأخلاق لا هى وظيفية ولا عقلانية. فمثلا إذا غامر إنسان بحياتة فاقتحم منزلا يحترق لينقذ طفل جارة ثم عاد يحمل جثتة بين ذراعية فهل نقول إن عملة بلا فائدة لأنة لم يكن ناجحا ؟ إنها الأخلاق التى تمنح قيمة لهذة التضحية عيمة الفائدة لهذة المحاولة التى لم تنجح.
نحن لا نستطيع أن نعتبر الأبطال المأساويين منهزمين بل منتصرين. إن حياة هؤلاء الأبطال وتضحياتهم بصفة خاصة تغزينا أن نسأل دائما السؤال نفسة : هل للوجود الإنسانى معنى اخر معنى مختلف عن هذا المعنى النسبى المحدود. أم أن هؤلاء الرجال العظام الشجعان مجرد نماذج فاشلة ؟
إن الأخلاق لا يمكن تفسيرها تفسيرا عقليا. فالسلوك الأخلاقى إما أنة لا معنى لة و إما أن لة معنى فى وجود الله وليس هناك اختيار ثالث. إن محاولة إقامة الأخلاق على أساس عقلى لا تستطيع أن تتحرك أبعد مما يسمعى بالأخلاق الاجتماعية (أخلاق النفاق). فمن المستحيل التبرير العلمى بأن شيئا ليس خيرا بالمعنى الأخلاقى للكلمة مثلما أنة من المستحيل أن تصل إلى تفرقة علمية بين الجميل و القبيح. جميعنا يوافق على أنة ليس من الصواب معاقبة الشخص الذى تسبب صدفة فى جريمة. ومع ذلك فهذا الموقف المنطقى الواضح لا يمكن تبريرة علميا.
فالأخلاق إنما هى دين تحول إلى قواعد السلوك يعنى تحول إلى مواقف إنسانية تجاة الاخرين وفقا لحقيقة الوجود الإلهى. فإذا كان لزاما علينا أن نحقق واجباتنا الأخلاقية-بصرف النظر عما نواجة من مصائب أو مخاطر-(هذا يعتبر سلوكا أخلاقيا متميزا عن السلوك الذى تحفز إلية المصلحة) فإن هذة الدعوة لا يمكن تبريرها إذا كان هذا العالم هو العالم الوحيد.
يقول ((ماندفيل)) (أستاذ علم الأخلاق الإنجليزى) عندما سُؤل : ((ما أهمية الأخلاق لتقدم المجتمع والتطور المحضارى ؟)) وأجاب : ((لا شئ بل لعلها تكون ضارة)). فهل نستطيع مثلا أن نقول إن الشعار السائد ((النساء والأطفال أولا)) مفيد من الناحية الاجتماعية ؟هل من المفيد أن تكون عادلا أو أن تقول الصدق ؟. إن حماية العجزة أو العناية بالمعوقين والمرضى الذين لا أمل فى شفائهم كل ذلك ليس من قبيل السعى وراء الفائدة فكل ذلك ليس لة فائدة مادية. فلو كانت الفضيلة مربحة حقا لتسارع إلى اقتحامها الانتهازيون.
Bookmarks