مجلة الوعي الأسلامي
هو أحمد بن العباس بن راشد بن حماد، عالم إسلامي من القرن العاشر الميلادي، كتب وصف رحلته كعضو في سفارة الخليفة العباسي إلى ملك الصقالبة «بلغار الفولجا» سنة 921م.. الذي كتب أقدم وصف أجنبي لروسيا عام 922م، ففي عام 921م (309هـ) خرجت من بغداد بعثة دينية سياسية بتكليف من الخليفة العباسي المقتدر بالله إلى قلب القارة الآسيوية في مكان عُرف وقتها باسم «أرض الصقالبة» تلبية لطلب ملكهم في التعريف بالدين الإسلامي، لعله يجد إجابة للسؤال المثار وقتها «كيف استطاع ذلك الدين الآتي من قلب الصحراء أن يكوِّن تلك الإمبراطورية الضخمة التي لم تضاهها حتى إمبراطورية الإسكندر المقدوني؟» وفي بغداد كان أعضاء البعثة يرتبون أوراقهم بين فقيه ورجل دولة ومؤرخ، وفي مقدمتهم كان الرجل الموسوعي أحمد بن فضلان.. الذي لم يكن رجلًا موهوبًا أو صاحب رؤية سياسية فحسب؛ بل كان قد درب عينيه الثاقبتين على رؤية ما وراء المشاهد المفردة، وشاغل عقله بالتحليل دون الرصد...

المتأمل لرسلة أبن فضلان يمكن أن يخلص بسهولة إلي ما يلي :

سطوة الدولة الإسلامية ودورها الإمبراطوري والسياسي الواضح ،

العقل التنويري العربي والذي تميز بالاكتشاف والانفتاح علي العالم ،

أسلوب التوثيق والمنهج العلمي المبني علي الرصد التحليل والتدوين.

ملاحظة :

الدين الإسلامي دخل قلب اسيا روسيا قبل دخول الأرثوذكسية المسيحية بثلاثمائة عام ، كذلك يذكر ابن فضلان حادثة غريبة في رسالتة :

ورأيت في بلده من العجائب ما لا أحصيها كثرةً من ذلك: أن أول ليلة بتناها في بلده رأيت قبل مغيب الشمس بساعة قياسية أفق السماء وقد احمرت احمراراً شديداً وسمعت في الجو أصواتا شديدة وهمهمة عالية فرفعت رأسي فإذا غيم أحمر مثل النار قريب مني وإذا تلك الهمهمة والأصوات منه وإذا فيه أمثال الناس والدواب وإذا في أيدي الأشباح التي فيه تشبه الناس رماح وسيوف أتبينها وأتخيلها وإذا قطعة أخرى مثلها أرى فيها أيضاً رجالاً ودواب وسلاحاً فأقبلت هذه القطعة تحمل على هذه كما تحمل الكتيبة على الكتيبة ففزعنا من ذلك وأقبلنا على التضرع والدعاء وهم يضحكون منا ويتعجبون من فعلنا. قال: وكنا ننظر إلى القطعة تحمل على القطعة فتختلطان جميعاً ساعة ثم تفترقان فما زال الأمر كذلك ساعة من الليل ثم غابتا فسألنا الملك عن ذلك فزعم أن أجداده كانوا يقولون: إن هؤلاء من مؤمني الجن وكفارهم وهم يقتتلون في كل عشية وأنهم ما عدموا هذا مذ كانوا في كل ليلة.


تحياتي