الحمد للة الذى انزل على عبدة الكتاب وجعل فية الحكمة والصواب وحير ببديع لفظة وعجيب نظمة الألباب وجعلة حلوةُ مجانية محكمةُ مبانية معجزةِ ألفاظة ومعانية.
وأشهد أن لا الة الا الله وحدة لا شريك لة رغم أنف من جحد بة وكفر وأشهد أن محمد عبدة ورسولة سيد البشر اللهم صلى علية وعلى الة وصحبة السادة الأبرار.
أما بعد :
أفهم أن يتصور المتدينون أن القول بالتطور يعارض الدين أما أن يتصور الدراونة أن القول بالتطور يُحَتم الإلحاد فذلك يحتاج إلى تأمل وتحليل وتفنيد وقد عَبر سير جوليان هكسلى عن هذا المفهم بقولة : لم يعد هناك احتياج ولا مكان فى المنظومة التطورية للحديث عن الإله فالأرض لم تُخلق ولكنها تطورت وكذلك كل الحيوانات والنباتات التى تحيا عليها حتى ظهر الإنسان بمخه وعقلة وروحة)) بذلك أَحل هكسلى الطبيعة محل الإلة ولم يبق لنا إلا الطبيعة والمادة لتفسير كل شئ حتى الحياة والوعى البشرى والإبداع الإنسانى والمشاعر الروحية.
ويعتبر ريتشارد دوكنز (زعيم الملاحدة المعاصرين) أن نظرية التطور تمثل ثورة جذرية فى عالم الأفكار فلم يعد هناك مبرر لأن تحيرنا أسئلة مثل : ما معنى الحياة ؟ لماذا نحن هنا ؟(1) ما حقيقة الإنسان ؟ ولذلك يعلن أن ((الفلسفة قد ماتت)) ويضيف دوكنز (شيخ الإلحاد) أن كل ما قالتة الفلسفة منذ فجر التاريخ وحتى عام 1859م (حين أصدر دارون كتابه أصل الأنواع كتابهم المقدس) أصبح لا لزوم له فقد أخبرنا دارون (نبيهم) أن كل شئ فى الوجود عشوائى وليس وراءة غائية وعلينا أن نتوقف عن طرح مثل هذة الأسئلة !.
والمدهش أن مقولة دوكنز ((إن الفلسفة قد ماتت)) مليئة بالتناقض فهى مقولة فلسفية ! فإن كانت الفلسفة قد ماتت حقاً فالمقولة خاطئة وإن كانت صحيحة فالفلسفة قد ماتت ولا ينبغى لدوكنز أن يطلق مقولات فلسفية !.
إن التشكيك فى الداروينية فى الغرب يفتح طاقة من جهنم لا يفتحها أى سؤال علمى اخر ويقول دوكنز (خليفة الملاحدة) : إذا قابلت شخصاً لا يؤمن بالتطور فلا شك أنك أمام إنسان جاهل غبى أو مجنون لا يعى ما يقول. بالتأكيد يا دوكنز لأنة دينك أنا أيضاً أرفض أن يشكك أحد فى دينى. لكن حتى إذا جاء من يشككون فى الدين نحن لا نقول لهم "أنتم أغبياء وجُهلاء ومجانين" ولكن نحاورهم. من الواضح أنة متعصب جداً لدينة (الداروينية).
ويضيف دوكنز (صاحب ال74 سنة) لا ينبغى أن نشكك فى التطور إطلاقاً !! ونحن نتساءل : لقد شكك العلماء فى نظريات نيوتن واينشتين وشككوا فى ثوابت العلم مثل سرعة الضوء فالشك هو الباب الواسع لتقدم العلم بل إن كل العلوم تقدمت من خلال فتح الباب كل فترة لإعادة النظر فى مسلماتها فلماذا هذا الهجوم الشرس ؟ ولماذا هذة القداسة والتحريم مع التطور ؟ لأنها دين وإيمان وعقيدة وليست علم.
لماذا هذا التعصب الشرس ؟
يقول مايكل روس (فيلسوف تطورى) : يكمن الصراع فى محاولة استغلال الكثيرين لنظرية التطور لنفى وجود الإله لقد صار التطور بالنسبة لأنصاره ديانة لا إلهية)) ويؤصل هذا المعنى فيلسوف العلوم الأكبر كارل بوبر قائلاً : حتى النظريات العلمية يمكن أن تصبح موضة يمكن أن تحل محل الدين يمكن أن تصبح مُسَلمة غير قابلة للنقاش وهذا ما حدث مع التطور )).
ويرى د.م.واتسون أستاذ علم البيولوجيا (( لقد تم قبول التطور ليس لقوة الأدلة علية ولكن لأن البديل الاخر-وهو الإله الخالق-بديل غير مقبول بتاتاً عند العلماء)) لكن هل حقاً البديل الأخير غير مقبول عند العلماء ؟ نعم هو غير مقبول عند العلماء الماديين الذين يرفضون القول بالإله لذلك وجد الملاحدة فى الداروينية فرصة عمرهم فاستماتوا فى نشرها والدفاع عنها.
ويشرح دونالد ماكاى الخبير فى علوم المخ والأعصاب التسلسل الذى أدى إلى وقوع تلك المصيبة قائلا : بدأ مفهوم التطور كنظرية بيولوجية رأى فيها الكثيرون بديلاً عن الإله بالنسبة لعالَم الأحياء ثم تطلعوا ولماذا ليس فى باقى المجالات ومن ثم بعد أن كان فرضية علمية أصبح مبدأ عيبى إلحادى يعم الكون كله ويرفع عن الإنسان أى إلتزامات دينية بذلك أصبحت ((الداروينية)) فلسفة ضد الدين بل صارت كإله مجسد يعتبره مريدوه قوة حقيقة فى الكون.
لقد صار شغف الماديين بنظرية التطور نموذجاً فريداً فى تاريخ العلم فليس ثمة نظرية أخرى كان لها هذة الإنعكاسات فى كل المجالات لقد صرنا نسمع عن الفلسفة الداروينية والاقتصاد الداروينى والسياسة الداروينية وعلم الإجتماع الداروينى والمفاهيم الأخلاقية الداروينية...ياله من عبث تصور محاولة استخلاص فلسفة مادية أو غير مادية أو إلهية من نظريات نيوتن أو أينشتين أو الكوانتم !. النيوتنية ؟؟!! الأينشتينية ؟؟؟؟!!!! الكوانمية ؟؟!!!
لا شك أن الداروينية مثلت زلزالاً فى الفكر البشرى فى العالم فلم يقتصر تأثيرها على تفسير نشأة الحياة وتطور الكائنات الحية بل امتد إلى الدين وما ينبثق منه من قيم إنسانية ومفاهيم الصواب والخطأ والعداله والحق والمشاعر الروحية بل لقد تجاوزت المفاهيم الهدامة للتطور تأثيرها على الديانات ووصلت إلى المفاهيم الإنسانية الأعمق ومن هنا امتد تأثيرها ليشمل جميع جوانب حيتنا.
لا تنسونا من صالح دعائكم.
أخوكم الفقير إلى الله عمر .
__________________________________________
(1) لا يوجد تعريف حتى الان للحياة حتى إن العلماء قد يقومو بتعريفها فى 20 صفحة ولا تشمل أيضاً تعريف شامل.
Bookmarks