بل الأمر تشهي وهواي لا يقع على هواك فكل منا سيصحح ما يريد وينكر ما يريد وتصير فوضي وسفسطة
ابن مهدي قوله معلوم له وجهه عند المحدثين فلم يكن يتكلم في النقد إلا من يحفظ عشرات آلاف الأحاديث بأسانيدها فيأتي الراوي فيروي حديثاً بصرياً لا يشبه أحاديث أهل البصرة
فيأتي ابن مهدي ويقول :" هو منكر "
فيستشكل الجاهل هذا فيخبره بقوله هذا ولو سرنا على هذا لصار كل شخص يدعي الإلهام وتنتقض القواعد
وقال ابن رجب خلال كلامه عن حديث معلول: "وإنما يحمل مثل هذه الأحاديث على تقدير صحتها على معرفة أئمة أهل الحديث الجهابذة النقاد الذين كثرت دراستهم لكلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكلام غيره لحال رواة الأحاديث ونقلة الأخبار ومعرفتهم بصدقهم وكذبهم وضبطهم وحفظهم. فإن هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث مختصون بمعرفته كما يختص البصير الحاذق بمعرفة النقود جيّدها ورديئها وخالصها ومشوبها، والجوهري الحاذق في معرفة الجوهر بإنقاد الجواهر وكل من هؤلاء لا يمكن أن يعبر عن سبب معرفته ولا يقيم عليه دليلا لغيره، وآية ذلك أنه يعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم هذا العلم فيتفقون على الجواب فيه من غيرمواطأة وقد امتحن منهم غير هذا مرة في زمن أبي زرعة وأبي حاتم فوجد الأمر على ذلك، فقال السائل أشهد أن هذا العلم إلهام
وقال أبو غالبٍ عليُّ بن أحمدَ بن النَّضْر: سمعتُ عليَّ بن المَدِيني يقول: أخَذَ عبد الرحمن بن مَهْدي على رجلٍ مِنْ أهلِ البَصْرة - لا أسمِّيه - حديثًا؛ قال: فغَضِبَ له جماعةٌ؛ قال: فَأَتَوْهُ فقالوا: يا أبا سعيد، مِنْ أَيْنَ قلتَ هذا في صاحبنا؟ قال: فغَضِبَ عبدُالرحمنِ ابنُ مَهْدي، وقال: «أرأيتَ لو أنَّ رجلاً أتى بدينار إلى صَيْرَفِيٍّ، فقال: انتَقِدْ لي هذا، فقال: هو بَهْرَجٌ، يقولُ له: مِنْ أين قلتَ لي: إنه بَهْرَج؟! اِلزَمْ عملي هذا عِشْرين سَنَةً حتى تَعْلَمَ منه ما أَعْلَمُ»
وقال الخطيبُ البغدادي (4) : «فمِنَ الأحاديثِ ما تَخْفَى عِلَّتُه فلا يوقَفُ عليها إلا بعد النظرِ الشديد، ومُضِيِّ الزمانِ البعيد» .
وقال صالحُ بن محمد البغدادي - المعروفُ بصالحِ جَزَرة -: سمعتُ عليَّ بن المَدِيني يقول: «رُبَّمَا أدركتُ عِلَّةَ حديثٍ بعد أربعين سنةً»
وعند المعارضة لا بد من تقديم الأدلة
وأمر إسماعيل لأهله بالصلاة لا ينافي أنه يأمر غيرهم ولكن لكونه يتعاهدهم بذلك
كقوله تعالى ( قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) ليس معناها ألا تأمروا غيرهم بالمعروف وتنهوهم عن المنكر بل المراد أن تعاهدوهم أكثر من غيرهم
Bookmarks