تأمل أنفاسك و نبضات قلبك ..
ما كنت لتعيش من دونهما أكثر من بضع لحظات ..
حياتك كلها معتمدة على بضعة أنفاس و بضع نبضات ..
تبعث بدم و أوكسجين إلى الدماغ لتنمو تتحرك تفكر و تتصرف كما يحلو لك .. و تستمتع بأعضائك و أطرافك ... و تتقلب في أوجه السعادة و اللذة.
لكن من أين لك بهذا الدم و هذا الاكسيجين ؟
هل فكرت أن الهواء من حولك و الطعام الذي تطعمه و الشراب الذي تشربه وراء تلك النبضات و تلك الأنفاس التي تمنحك كل هذه الحظوظ في الحياة و السعادة و المتعة ؟
إذن فأنت جزء من هذا العالم .. المنظم على هذا النحو ..
لكن لماذا و لماذا على هذا النحو بالذات ؟
هل لأن هناك حقيقة واحدة ثابتة تفسر ذلك ؟
إن لم تكن هذه الأشياء قد حصلت على هذا النحو باختيارك فباختيار من إذن ؟
باختيار من .. كنت إنسانا و لم تكن حيوانا أو نبتة ؟
باختيار من .. كنت ذكرا أو أنثى ؟
باختيار من .. كنت على هذه الصورة و لم تكن على تلك ؟
باختيار من عرفت ذاتك و وجودك و الوجود من حولك بالفكر و الحس بالسمع و النظر .. بالتواصل و التفاعل ؟
باختيار من بدأت و باختيار من ستنتهي ؟
لا بد أن تضع لنفسك أحد جوابين : العدم الذي سبقني و سبق كل شيء و المادة العمياء التي لا خيار لها أصلا و لا تعلم و لا تقرر .. أو الله الرب المالك المتصرف الذي قّدّر كل شيء فهدى.
و اعلم أنك إن اخترت الجواب الأول فأنت فعلا لا تستحق وجودك و لا عقلك و فكرك .. و لا قلبك و إحساسك .. و لا سمعك و بصر .. و لا تستحق سعادة و لا متعة ممن منحك كل ذلك .. و اختار أن تكون كما أنت .. الله تعالى.
َورَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)
Bookmarks