النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لكل زميـل صـادق : ملحد أو لاديني ...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي لكل زميـل صـادق : ملحد أو لاديني ...



    أهلا بك،

    ربما أنت لا ترى من نفسك أو من الطبيعة إلا الدمار و الزلازل و الكوارث البيئية و الأمراض و الفقر و المعاناة في كل مكان كأن هذا هو الوجه الحقيقي و الوحيد للإنسان و الكون فلا ترى الخير و الجمال و لا الحب و لا الإحساس المتطلب القابع في نفسك و الذي يريد منك أن تعيش في سواء و اعتدال أو تحمل على الأقل في نفسك فكرة العدل و القصاص الحاصل أو الموعود أو الجزاء و الثواب المنشود في حياة أبدية.

    ربما كنت على قناعة بأن الإلحاد أو اللادينية هو الحل الأمثل أو الوسط للخروج بالكلية من حيرتك فحسب ..
    ربما رأيت بأن ذلك يريحك من زوبعة الأديان و الصراعات الفكرية المتناطحة و التي لم توصلك إلى قرار ..
    ربما أنت من النوع الحساس جدا فنحوت بإلحادك أو لادينيتك منحى عاطفيا فقط لأنك عشت تجارب قاسية أو لأنك لا تملك آليات البحث المؤدية إلى الإيمان و التصديق .. و تجربتك مع الإيمان ضئيلة جدا .. أو أن الله لم يمنحك لنقل لم يمنحك بعد فرصة الإهتداء إليه و الإحساس العميق بوجوده الأعظم.
    أو ربما انتكست لأنك تُحمّل أحدا من أهل الأديان مسؤولية انتكاستك لأخطائه في تمثيل الديانة التي يدين بها فتنسب تلك الأخطاء إلى تلك الديانة نفسها دون أن تكلف نفسك عناء البحث عن حقيقة الأمر.
    ربما نشأت نشأة مادية صرفة جعلتك تتصور الحياة حلبة للاستهلاك و للصراع الماديين من أجل البقاء و تحقيق المصلحة الذاتية الخالصة للكائن فنظرتك للحياة نظرة أحادية و تعمم ذلك حتى على جميع دعوات الخير و الصلاح و الإصلاح خاصة تلك التي تدعي أنها ربانية و ذات رسالة إلهية سماوية.
    ربما و ربما ..
    لكن .. إذا أردت أن تخرج من هذه الحيرة الخانقة و التيه المطبِق و أردت أن تصل فعلا إلى قرار و توافق مع العقل و النفس .. و أنت تعلم أن إلحادك و لادينيتك لا يجيبان عن كل تساؤلاتك و لا يستجيبان لتطلعاتك و حاجاتك الفكرية و النفسية فأنت أمام محنة فعلا .. تقول أي طريق أسلك و من يجب أن أصدقه ؟ و كيف ؟ كيف أحس بوجود أسمى من وجودي سابقا لوجودي و محيطا بكل موجود ؟ و على أي صفة ؟

    أولا أطلب منك أن تنظر إلى نفسك .. إلى مكانك من الحقيقة فليس كل الناس يدرك منها نفس النصيب الذي يدركه الآخر تماما مثل السعادة بل على قدر ما نلته من الحقيقة ستنال من السعادة. و لك أن ترى ذلك جليا في أثـر التفاوت بين أخلاق الناس و مدى صدقهم أو تواضعهم. حتى إننا نجد أن الطفل الذي هو أكثر الناس تعاطيا مع الواقع بصدق و صفاء نفس و برغبة حقيقية في السلام هو أحظى الناس بالسعادة بل إن السعادة فطرية فيه لتناسب كل شيء لديه حتى تلك اللحظة من الوجود .. و كلما كبرنا شقينا بازدواجيتنا و بتعدد مفاهيمنا حول الكون و الوجود مع أنه لا ينبغي أن يكون هنالك سوى مفهوم واحد ما دام كل شيء يسير وفق السنن ذاتها.

    أنظر إذن ماذا عندك من الرغبة و الحرص على الخير و الحق و الصدق لتعرف مقدار ما تستحق نيله من الحقيقة و السعادة تبعا لذلك. فحتى الآيات الإلهية في الأنفس و في الآفاق لا يراها و لا يستوعبها إلا أصدق الناس طلبا لها .. و قس على ذلك استجابة الله لدعائنا .. فليس يمنحنا الله أكثر مما نستحق .. و لا يُتصوّر أن نرغمه على شيء.

    و اعلم أن حيرتك في حد ذاتها ما لم تقنع بها هي ظاهرة صحية و تدل على أنك على الطريق الصحيح طريق سعادتك و تحقيق حلمك الإنساني الكوني حلم وجودك على هذه الأرض لأن وجودك حتما بسبب و ليس وجودا عبثيا .. و إلا فما الحكمة في أن نفكر بعقولنا و نستشعر ما نستشعره من حب و أحاسيس تجاه أنفسنا و تجاه الآخر حتى و لو كان مادة .. ماذا عن إنسانيتك التي نمت فيك منذ كنت طفلا فتفتق ذهنك على ملايين الأفكار و البيانات و الأحداث بما تخلفه من آثار إيجابية أو سلبية في نفسك ؟ ماذا عن الضمير الملح الذي يضع الرقابة الصارمة على كل تصرفاتك هل هي تصرفات عقلانية أم خرقاء جيدة أم رديئة ؟

    أنت لست حرا بالمعنى الواقعي أو العملي للصدفة التي تفترض أنها كانت وراء وجودك و نشأتك يوما (مع أن نشأتك كانت عبارة عن تربية و رعاية فعلا من قبل والديك و ليس إنجازا عبثيا) و لا تدعك اللادينية تنسلخ من الإحساس بمسؤوليتك ككائن حي عاقل مريد و شاعر و على مستوى من الفكر و التجربة النفسية أو الاجتماعية.

    أنت إنسان مسؤول عن تصرفاتك .. لكن هل تتخيل أن الذي يجب أن يحاسبك على هذه التصرفات هو إنسان مثيلك في صفات الوجود ؟

    فكر ثم فكر .. ستجد أن الله تعالى قد حباك بمبادئ عقلية و دلائل منطقية تدلك عليه و على دينه الحكيم. و هو الدين الوسط بين كل الأديان و المذاهب الفكرية .. دين الفطرة و السلام مع النفس و الآخر.

    الإيمان بالربوبية المطلقة لله و كمال حاجتنا إليه فكريا و سلوكيا هو لب الإسلام و حقيقته .. و بقدره تكون الأعمال و كل المنجزات النفسية و الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية .. و لك أن تتخيل بعد كم خسر العالم من دون الإيمان الحقيقي.
    كما ليس مطلوبا منك أن تفعل الخير الكثير و لكن أن تكف عن الشر و أول ذلك الشر الذي يأتي على سلامتك العقلية و الفطرية و التي تجعلك في سواء و اعتدال مع وجودك الإنساني و الكوني.

    و نصيحة ذهبية لك خالصة من قلب يريد لك السعادة و الهداية .. إبحث .. إسأل و لا تحكم من فراغ فكري .. أو من تفكير سريع خاصة حول حقيقة تسع كل الموجودات .. حقيقة بدأت مع بداية الكون و الوجود الإنساني كله و سينتهي إليها لأنها كانت و لا تزال أعظم .. و لولا ذلك لما كان هنالك شيء نكترث له.
    و أخيرا أدع الله الذي خلقك .. و تحس في قرارة نفسك بمطلق حاجتك إليه حتى دون أن يخبرك أحد.



  2. افتراضي

    بارك الله فيك كلام رائع يلخص اضطراب الملحدين و اللادينيين الدائم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء