الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فهذا موضوعي الأولى في المنتدى ولعله الأخير!
شاركت في هذه الشبكة دون ذكر اسمي الحقيقي لئلا يكون لذلك أثر على المتلقي ، ولعل من فضول القول أنني أراقب ساحات العراك الفكري منذ زمن طويل ، وقرأت الكثير الكثير من الكتب الإسلامية_ لجميع الفرق المنتسبة للإسلام _ وكتب اليهود والنصارى ونظرت في أطروحات الملحدين وقرأت في الروايات والشعر ، وأنا مسلم سلفي والحمد لله عن اقتناع تام ومتخصص في أمر العقيدة والحديث مع مشاركة في أمر الفقه والتفسير ، وفي هذه الخواطر أحاول أن أوجد حلقة مفقودة في كثير من الحوارات الدائرة هنا أو في أماكن أخرى وسأحاول قدر المستطاع أن تكون لغتي خفيفة على الجميع ، وأدعو كل ملحد ولا أدري أو ربوبي أو مسلم أن ينظر في هذه الخواطر بعين الإنصاف فلعلها تغير شيئاً من قناعاته أو تفتح له آفاقاً للتفكير ، ولا تزهد في خمسة عشر عاماً قضيتها في حلبات الصراع الفكري أضع لك خلاصات هنا لعلها ستغنيك عن كثير من الحوارات وبعضها خواطر بالمعنى التقليدي للخواطر أي أنها آمال وهموم وتساؤلات يحسب كاتبها أنها مشروعية
الخاطرة الأولى : الإنصاف المفقود
مبررات الإلحاد كثيرة وكلها غير منطقية بل راجعة لعلل نفسية ( هذا ما يقوله كل المتدينين في الدنيا ) ، ولكن تلك النظرة القاتمة للدين وأنه سبب كذا وكذا من القلاقل نظرة اجتزائية ، أفرأيت لو كان لك صديق يحمل صفات حميدة كثيرة ولكن فيه خصلة أو خصلتان أو ثلاثة أحدثت الخلاف بينك وبينه وهو يدعي أنه لا شيء فيها وأنت تخالفه فهل يعني هذا أن تختزله في هذه الصفات وتترك الصفات التي حملتك قديماً أو حملت غيرك على مصاحبته
في الواقع هذا يمثل النظرة الإلحادية المجتزأة للدين
فعلى سبيل المثال في الإسلام الدين الذي أدين به ، هناك تشريعات عديدة اعتنت بمواساة الفقير والمسكين
فمن ذلك جعل حصة معينة لهم في الزكاة التي تؤخذ من الذهب والفضة وبهيمة الأنعام والزروع والثمار ، والزكاة أمرها عظيم في الإسلام لهذا هي مذكورة في القرآن ومذكورة في السنة في مواطن كثيرة لهذا لا ينكرها أحد من المنتسبين للإسلام سواءً كانوا سنة أو شيعة أو إباضية أو زيدية أو غيرها من الفرق
ثم إنها عمليى منظمة جداً يبين تنظيمها ما يوجد في الكتب الفقهية التي لا يمكن مع كل هذه الدقائق أن يكون مصدرها رجل مريض بمرض نفسي فالمريض النفسي لا يقوم بشئون نفسه فضلاً عن شئون غيره ، ولا يعرف للعرب نظام دقيق في أمور العبادات والمعاملات والأخلاق يعرفه مثقفوهم فضلاً عن أن يعرفه رجل أمي منهم لبث فيهم أربعين عاماً دون أن يظهر منه شيء في ذلك ، وإنما كانت عندهم أخلاق في الجملة يشوبها ما يشوبها
وهناك أيضاً تشريع كفارة الحنث في اليمين إذ تلزم بعتق أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات
وهنا لفتة عجيبة : وهي أن الحلف بالله ثم الحنث خطأ في حق الله عز وجل فلماذا يكون التكفير عن الخطأ في حق بالإحسان إلى خلقه ؟
ألا يدل هذا على أنه رؤوف رحيم بعيداً عن تلك النظرة السطحية التي تحدثك عن وجود الشر في الكون وكأنه لا يوجد يوم قيامة يختص فيه حتى للشاة الجماء من الشاة القرناء
وكيف ستعرف قيمة الخير إن لم يوجد الشر
وهناك أيضاً تشريع من جامع امرأته في نهار رمضان أو قتل نفساً خطأ أو ظاهر من زوجته
كل هذه الأمور لا بد فيها من عتق رقبة مؤمنة فإن لم يوجد فإطعام ستين مسكيناً
وهناك أيضاً تشريع حق الفقراء من الخمس والفيء
وهناك أيضاً الحث المطلق على الصدقة حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأن الصدقة تقع في كف الرحمن قبل أن تقع في كف السائل فيربيها كما يربي أحدكم فلوه فيأتي يوم القيامة فيجدها كأمثال الجبال ، وقال ( ما نقص مال من صدقة ) وهذا تعبير بليغ جداً في التهيئة النفسية للصدقة وذلك أن المرء يحمله على البخل خوفه على ماله من النقصان فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن ماله لا ينقص لأن الله يخلف عليه ولأنه يجد الثواب في الآخرة ، وأيضاً قال المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة
قال أبو داود في سننه 2620 - حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ثنا أبي قال ثنا شعبة عن أبي بشر عن عباد بن شرحبيل قال
: أصابتني سنة ( السنة المجاعة تصيب الناس ) فدخلت حائطا من حيطان المدينة ففركت سنبلا فأكلت وحملت في ثوبي فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له " ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا " أو قال " ساغبا ( الساغب الجائع ) " وأمره فرد علي ثوبي وأعطاني وسقا أو نصف وسق من طعام.
وهناك تشريعات أخرى كثيرة في هذا الباب ، وقد انعكست هذه التشريعات بصورة إيجابية جداً على حياة الصحابة والتابعين ، بل وعلى حياة المسلمين بشكل عام
فلا يمكن لأحد أن ينكر أنه على مدى أربعة عشر قرناً لم ينتفع أحد الملايين من الفقراء بهذه التشريعات ، والحرية التي ينادي بها كثير من الناس يقيدها أمور كثيرة من أهمها الفقر والانصاف يقتضي أن يقال أن الإسلام حارب الفقر حرباً عظيمة
وتلك اللجان الخيرية التي تملأ الدنيا ألا تغيث أحداً
بل ليس هذا فقط بل نهى عن عن التمنن على الفقير واعتبر ذلك مبطلاً للأجر ونهى أيضاً عن التصدق بالأمر الرث فقال ( ولا تتيموا الخبيث منه تنفقون ) بل بالإنفاق مما يحب المرء ، وحث على صدقة السر وجعلها أجرها أعظم لما فيها من الحفاظ على مشاعر الفقير وتحقيق الإخلاص لله عز وجل
وقد تم إيقاف جشع التجار بنهيهم عن الربا والاحتكار والغش وغيرها من الأمور
فمن السخف بعد هذا كله أن يركز على مسألة قطع يد السارق دون النظر إلى هذا كله ، ومسألة قطع يد السارق ينظر إليها بسطحية لا متناهية وللكلام عليها مقام آخر ، يكفيك أن تعلم الآن أنه لا يقطع إلا عند سرقة نصاب معين وهو ما يعادل 1.1 جرام من الذهب وأن يكون ذلك من حرز وألا يكون في مجاعة
فالدين حمل الكثيرين على مواساة الفقراء رجاءً للثواب الأخروي فإن عارضت الدين أو لم تؤمن به فلا بد أن تنصفه في هذه النقطة كما أنك إذا تكلمت عن الغرب تتكلم دائماً عن النقاط الإيجابية وتترك كل النقاط السلبية ، وأنا أدعوك لئن تذكر الإيجابي وما تراه سلبياً معاً فالحوار له أدبيات لا ترتكز فقط على ترك السب والشتم بل إن الإنصاف هو الركن الأساسي للحوار الهادف على أنني لا أرى كبير جدوى من حوار من يحاول إشباع رغبة نفسية بالشعور بالأفضلية عن طريق مخالفة الشائع
وليس في هذا الحث على الكسل وسؤال الناس فإن هذه الحال قد أصابها التقريع النبوي فقال ( اليد العليا خير من اليد السفلى )
وقال ( لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي )
فالفقر حورب بالحث على العمل والحث على مواساة الفقير وتجفيف ينابيع إنتاج الفقر كالربا وغيره مع وجود نظام قضائي دقيق يحمي حقوق الناس
فإن قلت : وماذا أيضاً عندك تزعم أنه من محاسن دينك ومما غير به وجه العالم ولا يذكره الملحد أو المخالف أو يهمله في نظرته للدين
فأقول : الحفاظ على مشاعر الإنسان
فإن قيل : كيف هذا ؟
فيقال : الحديث الذي يتغنى به كثيرون وهو حديث ( رأيتكن أكثر أهل النار ) ما سبب هذا ؟
ذكر سببين هامين وهما كثرة اللعن والثانية قول المرأة لزوجها ( ما رأيت منك خيراً قط )
فكفران العشير من أكثر الأمور التي تحطم الإنسان وله على نفسه أثر سلبي يفوق أثر الضرب بكثير ، ولا يوجد قانون في العالم يعاقب على مثل هذه الكلمة فجاء الوعيد الإلهي
ولا داعي لتذمر بعض الجاهلات من هذا الحديث فيكفي لكي لا تكوني داخلة فيه أن تتركي هذا الذي نهي عنه ، والرجل إذا أكثر اللعن وكفر امرأته داخل في هذا الوعيد باتفاق ، وإنما يكثر الأمر في النساء والله المستعان
وكذلك حد القذف حتى أن قذف الرجل بأمه يكون من أكثر الأمور استفزازاً في جميع بلدان العالم حتى تلك التي تزعم الحرية فالرجل هناك إذا أراد أن يغيض رجلاً قال له ( سن أف .....)
وكذلك المرأة من أشد ما يغيضها رميها بالعهر
فجاءت التشريعات الإلهية في النهي عن هذا الأمر والتوعد فيمن يصنعه
ونهى عن ترويع المسلم بأخذ حاجته على جهة المزاح وإخفائها عنه
بل جاء النهي عن السخرية والغيبة والنميمة بشكل صريح في القرآن فالسخرية من شكل الإنسان أو ملابسه محرم شرعاً
غير أنه إذا سبك أو شتمك جاز لك الرد بالمثل دون اعتداء ( المستبان على الأول ما لم يبغ الآخر ) والعفو أفضل باتفاق ولما كان بعض الناس يظن أن العفو ذل قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما ازداد عبد بعفو إلا عزاً ) وشتم أب الرجل وأمه محرم مطلقاً وهذا محل اتفاق
والنظرة السطحية للأخلاق عند كثير من الملاحدة إن لم يكن كلهم تحصر حسن الخلق بترك ما يعاقب عليه القانون في باب المحظور
والكفر بحد ذاته سوء خلق لأنه تكذيب للصادق وجحد لحق صاحب الحق
وأيضاً حقوق الخدم
قال البخاري في صحيحه 2545 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ قَالَ سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْنَ سُويْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ
فهذا أبو ذر يلبس كما يلبس خادمه عملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم
وقد حث على العفو عن الخدم
قال الترمذي في جامعه 1949 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ عَبَّاسٍ الحَجْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ أَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ أَعْفُو عَنِ الخَادِمِ؟ فَقَالَ: «كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً»
وفي الإسلام إذا أردت أن يعفو الله عنك فاعف عن الناس وهذه قيمة إنسانية عالية لا أعلم لها نظيراً في غيره من الأديان ( وربما وجد )
وقال مسلم في صحيحه 4319- [34-1659] حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ : كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي بِالسَّوْطِ ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي ، اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ، فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ ، قَالَ : فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ : اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ، اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ، قَالَ : فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي ، فَقَالَ : اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ، أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلاَمِ ، قَالَ : فَقُلْتُ : لاَ أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا.
وهذه طريقة منطقية في تعليم الأخلاق فلكي تعلم الشخص كيف يعفو الناس أخبره بخطئه في حق الله ومحبته لئن يعفو عنه
بل كفارة ضرب المملوك على وجهه أن يعتق كما في حديث معاوية بن الحكم السلمي حين ضرب جارية على وجهها فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أعتقها معاوية ، وعبد الله بن عمر لما ضرب مملوكاً له أعتقه ثم قال ( ليس لي فيه أجر ) لأنه إنما فعل ذلك كفارة لصنيعه وهذا رواه البخاري في الأدب المفرد
ثم يأتي السطحي ويهمل هذا كله ويحدثك عن ( الجواري في الإسلام ) ويضع صوراً لنساء عواري يلتف حولهن الرجال وهذا ما حرمه جميع المذاهب المنتسبة للإسلام حتى القرامطة فلا أدري من أين جاء به ؟
وأسطورة القضاء على الرق بقرار الأمم المتحدة هي نموذج آخر من من نتاج السطحية الفكرية
فإن الرق له صور متعددة من أهمها استغلال فقر الفقير وحمله على ما يكره أو ما ينافي الأخلاق كالتجارة بأجساد النساء تحت الإغراء المادي ، والاستغلال لفقرهن وهذا حتى منظمات حقوق الإنسان تصنفه في تجارة البشر
وهذا حرمه الإسلام منذ قرون طويلة بل وجميع الأديان كي نكون منصفين
بل من تزعم أن النساء المسلمات جواري ، هلا نظرت إلى المضيفات في الطائرات والفنادق ، والسكرتيرات وفتيات الإعلانات والنادلات في البلاد المتقدمة !
المكابر فقط من ينكر أن هؤلاء النسوة في كثير من الأحوال يتعرضن لامتهان أنوثتهن وللسطوة الذكورية ، والمظهر الخارجي لهن حاكم في كثير من الأحيان في طبيعة العمل
وصاحب العمل هو من يحدد لها ما تلبس في أكثر هذه الوظائف فتهرب من قوامة الزوج إلى قوامة رب العمل ومن خدمته إلى خدمة العديد من الرجال ، ويكون في العادة المقصود به استخدام جسدها لإثارة الرجال وتحصيل الزبائن
بل حتى مهنة التمريض في العالم الغربي _ بل والعربي في بعض الأحيان للأسف _ يسمها طائف من هذا
ناهيك عن الدعارة المنظمة والإغراء المنظم وسيأتي الكلام على أمر النساء بتوسع
ولو كان هؤلاء منصفين لطالبوا بإنقاذ هؤلاء النسوة أيضاً وعدم استغلال عوزهن للمتاجرة بأجسادهن
وإذا كان الرق لم يتم إلغاؤه إلا بقرار لم يمض عليه مائة عام بعد ، فإذن البشرية بمختلف توجهاتها كانت تقر بهذا النظام على مدى مئات الآلاف من السنين
ولكن الجديد في الإسلام أن عتق العبد عبادة يتعبد بها لله عز وجل
وهناك عقد المكاتبة الذي قال الله تعالى فيه ( فكاتبوهم إن علمتهم فيهم خيراً ) أي إن كانوا مسلمين ، والمكاتبة أن يشتري العبد نفسه من سيده
وحرمة ضربه بغير وجه حق ، وجعل كفارة ضربه عتقه وحرمة التفريق بين المرأة الرقيق وولدها
والجديد فيه أيضاً أنه لا يجوز ضرب العبد لى وجهه ولا ضربه بلا جناية ومن فعل ذلك فعليه أن يكفر عن خطيئته بعتقه ، وأنه ينبغي أن يلبسه مما يلبس ويطعمه مما يطعم ، وأن الكبر يمنع المرء من دخول الجنة والسلامة من الكبر تكون بالأكل مع الخادم
في تشريعات أخرى مبهرة ، مع إعفاء العبد المسلم من الحج وصلاة الجماعة وإقامة حد الزنا التام عليه إذا زنا بل عليه نصف ما على الحر ، ومع كونه إذا أطاع سيده وأطاع ربه فله أجران وإعفائه من الجهاد أيضاً
وجعل الأمة التي تلد من سيدها أم ولد تعتق بمجرد موت السيد
وهذا كله خاص بالعبد المسلم الذي لا يجوز استرقاقه ابتداءً ولكنه إذا كان في بداية حياته كافراً ثم أسلم أو كان والداه كافرين ثم كان هو مسلماً ، وأما الكافر فقد هرب من الرق الذي خلق له فكان من عقوبته أن يكون رقيقاً لأن الكفر في الشرع جريمة تستوجب العقوبة وهذا ما لا يفهمه كثيرون من المعترضين على العديد من الأوامر الشرعية كالجهاد والرق وغيره والغاية الأسمى من استرقاقه أو حتى عقد الذمة مكثه بين المسلمين ليرى محاسن الدين وقد كان هذا سبباً في إسلام الكثيرين
ولا أجدني مضطراً لذكر ما في دين الإسلام من الحث على السعي على الأرملة والمسكين حتى شبه بالمجاهد ، وكذلك الحث على كفالة الأيتام وإكرام الضيف والجار وترك الفحش والغيبة والنميمة والفخر بالأنساب وغيرها من الأمور
ولكن لا بد من الكلام على الرأفة بالحيوان
قال أحمد في مسنده 15592 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا - أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا - فَقَالَ: «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ» وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ
وقال أحمد في مسنده 1754 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَتَهُ، وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَبَرَّزَ كَانَ أَحَبَّ مَا تَبَرَّزَ فِيهِ هَدَفٌ يَسْتَتِرُ بِهِ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ، فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ نَاضِحٌ لَهُ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ وَسَرَاتَهُ، فَسَكَنَ فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟» فَجَاءَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ: «أَلا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَاكَ إِلَيَّ وَزَعَمَ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ» ثُمَّ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْحَائِطِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ وَالْمَاءُ يَقْطُرُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ شَيْئًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا، فَحَرَّجْنَا عَلَيْهِ أَنْ يُحَدِّثَنَا، فَقَالَ: لَا أُفْشِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ
وقال البخاري في صحيحه 2320 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ح و حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ 2320 - (م) حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال أحمد في مسنده 17116 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَتَيْنِ: أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، ثُمَّ لِيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ "
وفي الدول التي تسمونها متقدمة يكفيك أن ترى كيف يصنع الهمبرجر في بعض مقاطع يوتيوب التي يوضع عليها 18 عاماً فما فوق ؟
ولا بد أن أكلمك عن قضاء الإسلام على العنصرية وشأن بلال الحبشي
قال البخاري في صحيحه 3754 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلَالًا
عمر بن الخطاب الرجل القرشي ومعلوم افتخار العرب بأنسابهم يصف رجلاً حبشياً بأنه ( سيده ) فما فعل محمد صلى الله عليه وسلم بالناس ؟
وعمر يقول هذه الكلمة وهو تقريباً حاكم على امبراطورية ضخمة
وهذا أسامة بن زيد الحب بن الحب الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يردفه في حجة الوداع كان أسوداً كالليل
قال أحمد في مسنده 23489 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ» ، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» ، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» ، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» ، قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ» ـ قَالَ: وَلَا أَدْرِي قَالَ: أَوْ أَعْرَاضَكُمْ، أَمْ لَا ـ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَلَّغْتُ "، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ»
أنت في فلسفتك أن هذا الدين اخترعه رجل أمي يرعى الغنم في الصحراء ويعاني من عقد نفسية ، لا يبدو هذا منطقياً ، ولكن من يصدق أن نسبه يرجع إلى سمكة وأن إنفجاراً هو ما أحدث هذا الكون الجميل فعقله قابل لاستيعاب ما هو أبعد من ذلك
ولكن السؤال : كم هو محتاج العالم إلى مثل هذه القيم وانتشارها ؟
فإن قلت : وماذا عن المرأة ؟
فأقول : دع المرأة وشأنها فالكلام عنها في العادة يكون في غاية السطحية
قال أحمد في مسنده 9666 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اللهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ "
وفعلاً المرأة ضعيفة وما حوادث الاغتصاب والاعتداء بالضرب عليهن إلا أدل شاهد على ذلك ، بل إن كثرة الكلام على حقوق المرأة اقرار ضمني أنها ضعيفة وأنها لا تنال حقوقها إلا بنوع خاص من الوصاية
قال البخاري في صحيحه 3331 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَمُوسَى بْنُ حِزَامٍ قَالَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَيْسَرَةَ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ.
والمرأة إما أن تكون أماً
فالدين الوحيد الذي يذكر المرء باستمرار بالصعوبات التي لاقتها أمه في ولادته دين الإسلام
قال الله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)
وقال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
ثم إن الوصية ببر الأم معروفة جداً
قال مسلم في صحيحه 6593- [2-...] حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ ؟ قَالَ : أُمُّكَ ، ثُمَّ أُمُّكَ ، ثُمَّ أُمُّكَ ، ثُمَّ أَبُوكَ ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ.
فهنا المرأة مقدمة على الرجل
بل قال ابن عباس أنه لا يعلم عملاً يقرب إلى الله أكثر من بر الوالدة ( وخص الوالدة بالذكر )
بل حتى في حال كفرهما أمر بالإحسان إليهما
قال تعالى : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
وقد نهى عن أن تقول لها ( أف ) فضلاً عن كلمة مؤذية أكثر من ذلك
ولهذا كان محمد بن المنكدر التابعي المعروف يقول بأنه بات ليلة وهو يغمز رجل أمه ( يعني يدلكها ) وبات أخوه يصلي وهو يرى أنه أحسن من أخيه لأنه يبر أمه
وابن سيرين لم يكن يكلم أمه إلا كشبه الهمس من فرط التوقير
وإما تكون المرأة ابنة
فهذه كان العرب يتمعرون منها والفقراء منهم كانوا يقتلونها وبعض الأغنياء يفعلون ذلك
قال مسلم في صحيحه 6788- [149-2631] حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ.
وقال أحمد في مسنده 11924 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْشَى، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ، وَرَحِمَهُنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ»
وإما أن تكون زوجة وهذه حقوقها كثيرة والمرأة أمام أحد خيارين إما أن تنسى فطرتها الأنثوية وتتبتل وهذا شبه مستحيل
وإما أن تجاري هذه الفطرة وهنا هي أمام أحد خيارين
إما السفاح والزنا وهذا لا يمكن أن يجعلها تنعم بأسرة في يوم من الأيام بل كثير منهن تتورط بأبناء لا يكون لهم معيل غيرها كما تجده في كثير من دول الغرب ، وإما أن تتزوج والزواج لا يكون إلا بدين ولهذا كثير من الغربيات تقضي حياة الصبا في لهو ولعب ثم بعد ذلك تقدم على الزواج وتذهب للكنيسة وإن كانت ملحدة ، ولكن كثرة الأصدقاء القدماء تثير غيرة الزوج عند حصول أي لقاء وتسبب لها إشكالية المقارنات الكثيرة بين الزوج والأصدقاء السابقين الذين لا يمكن أن تكون هذه المقارنة منصفة لأن زوجاً يتحمل مسئولية المرأة ويعيش معها بشكل مستمر ليس كرجل العلاقة معه عابرة ويخيم عليها شبق الشباب والرغبة في قضاء الوطر
والمرأة في الإسلام أمر الرجل بأن يدفع إليها المهر ونهي الولي والزوج على حد سواء بأخذ هذا المهر منها ، ونهوا عن تزويجهن إلا برضاهن
ولا يعزل عنها إلا بإذنها
ونهي الزوج عن إعضالها بمعنى تركه لها كالمعلقة لا مزوجة ولا مطلقة
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبغض الرجل المرأة لبعض ما يراه من أخلاقها إذا كانت على إيمان وتقوى وأرشده لعلاج نفسي ناجع
قال مسلم في صحيحه 3639- [63-1469] وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا عِيسَى ، يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ يَفْرَكْ _ يعني يبغض _ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ، أَوْ قَالَ : غَيْرَهُ.
ونهى عن ضرب المرأة على وجهها بل نهى ضرب عن كل البشر على وجههم وعن وسم الدابة على وجهها
بل في حال نشوزها لا تضرب إلا بعد الموعظة والهجر ثم يكون الضرب غير مبرح كما اتفق عليه المفسرون
وامرأة يضربها زوجها ليل نهار بنشوز أو غيره ستجد متنفساً في مثل هذه التشريعات
وقال سبحانه ( وعاشروهن بالمعروف ) وهذا يشمل كل صور الإحسان للزوجة فالمرء بإمكانه بنيته أن يحول حياته مه زوجته إلى عبادة مستمرة مع ما فيها من اللذة المباحة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وفي بضع أحدكم صدقة ) يعني جماعه وقال ( خير نفقة المرء نفقته على أهله )
وأعطاها حق الخلع إذا أبغضت الرجل مع كونه لا مشكلة في أخلاقه أو دينه
وأوجب على الرجل النفقة عليها ، وأوجب عليه جماعها حتى إنه إذا حلف ألا يجامعها لأكثر من أربعة أشهر فإن هذا يسمى إيلاء ويوقف الرجل عند القاضي فإما أن يعود في يمينه أو يطلق
وأوجب على الرجل النفقة على المرأة في حال طلاقه ، وجعل لها حق حضانة الصبي ما لم تتزوج
وإذا طالبنا بالمساواة فسنلغي جميع هذه الحقوق
ودعوة المرأة للخروج للعمل على الطريقة الغربية يجعلها تتحمل مسئوليتين معاً مسئولية حقوق الزوج والأبناء ومسئولية العمل ، والمرأة لها قدرة عجيبة على إدارة شئون البيت أودعها الله فيها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ( والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها )
وأما إذا كان الرجل يعمل وينفق والمرأة تعمل فمن يكون للأبناء ؟
ومشاكل الخدم معلومة كثيرة
ولا ينبغي أن ينظر للمرأة التي تؤثر أداء دورها في البيت في رعاية أبنائها على أنها عاطلة عن العمل أو مقهورة بل هي تقوم بعمل عظيم
ومن أعظم المهازل التي تواجه عمل المرأة ما علم أن صورة المرأة تؤثر في قبولها للعمل أو عدمه أكثر من المؤهلات أو بشكل مواز للمؤهلات فالكل يعلم أن المرأة الحسناء تحصل على وظيفة بشكل أسرع بكثير من المرأة التي ليست كذلك فتغطية المرأة وجهها يوفر جواً من العدالة والبعد عن التأثير العاطفي والانجذاب الذكوري للصورة الحسنة الذي لا يمكن إنكاره
هذا يشبه فريق كرة قدم الكل فيه يريدون أن يصيروا مهاجمين ولا أحد يحب الدفاع فأي هجمة مرتدة ستكون نتيجتها هدف
وخداع المرأة بأنها نجحت في أعمال كثيرة نجح فيها الرجل ، فهذه نظرة سطحية فنجاحها هل سببه ذكاؤها أم سببه كثرة ساعات العمل مع القضاء على حياتها الشخصية كأم مسئولة عن أسرتها
ولا تأتني بالشذوذات فالتشريعات العامة تأخذ بالأغلب كما هو الشأن في القوانين الوضعية فكثيرون هم الذين يتخطون الإشارة الحمراء ولا تحصل حوادث وكثيرون هم الذين يدخنون ولا يموتون بمرض القلب ولكن هذا لا ينفي أن تخطي الإشارة الحمراء سبب للحوادث كما أن التدخين سبب للموت
وأنا أعلم جيداً أن عمل المرأة يجوز بقيود وضوابط معروفة لا تجعلها عرضة للابتزاز أو تقضي على حياتها الشخصية يعني بغير النموذج الغربي وهذا ما لا يخالف فيه أحد تقريباً ، ولكننا نتحدث عن الصورة التي يزعم أن تحرر المرأة لا يكون إلا بها ، ومع كثرة كليات البنات في الخليج يأتي الرجل المتدين ويطلب امرأة لتوليد زوجته فلا يجد في كثير من المستشفيات الحكومية فيتساءل عما خرجته كل تلك البعثات
وقال مسلم في صحيحه 3895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ»
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 25971- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ ، قَالَ : خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَوَعَظَهُمْ فِيهِنَّ فَقَالَ : إلاَمَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمَ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الأَمَةِ ، ولَعَلَّهُ أَنْ يُضَاجِعَهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ.
وبعض من يتشدق بمسألة شهادة المرأتين بشهادة الرجل وهذا حق لا ينكر ، ينسى أن ألف فاسق من الرجال لا تقبل شهادتهم وتقبل شهادة المرأتين في الأموال والمرأة الواحدة في أمر الرضاع إذا كانت صالحة
وقد قبل المحدثون أحاديث أم الحسن البصري ومعاذة العدوية وحفصة بنت سيرين وحفصة بنت سعد بن أبي وقاص في الوقت الذي ردوا فيه أحاديث رجال أخيار عباد لأنهم لا يضبطون الحديث مثل يزيد الرقاشي وصالح المري
ودارون نفسه أقر بتفوق الرجل بيولوجياً على المرأة وعندنا في الإسلام قد تصير المرأة الصالحة خيراً من عامة رجال أهل الأرض غير الصلحاء بل حتى تكون أفضل من كثير من الصلحاء إذا فاقتهم في العبادة، وعندنا أمهات المؤمنين القدوة المعروفة وعائشة فقهها لا زال يدرس ولا يتخلف فقيه عن الاحتجاج بأقوالهم أو على الأقل ذكرها
ورؤية الرجل الأعزب أو غيره لمفاتن المرأة يثيره ويجعله يشعر بالرغبة الجنسية وهذا أمر لا ينازع فيه أحد في رأسه عقل وهذا يمكن أن يسمى بالابتزاز الجنسي وهي حالة ينبغي أن تصنف على أنها جريمة نفسية ، ولهذا نهيت المرأة عن إظهار ما قد يثير الرجال ومما قد يحمل الأشرار منهم على الاغتصاب أو غيرها من الممارسات المخلة ولهذا كانت ( عورة ) بمعنى أن ما يظهر من جسدها يثير الرجال وهذا لا يمكن إنكاره ولا يمكن إنكار أثره النفسي السيء على الرجال ، وعند النظر في أشعار الشعراء الغزليين نجد أن كل ما يبدو من المرأة يلفت انتباههم
علماً بأن عورة المرأة مع محارمها ونسائها تختلف عن عورتها مع الأجنبي ولا عورة لها مع الزوج ، والرجل نفسه لباسه مضبوط بضوابط شرعية ، والعجيب في البلدان الغربية أن الرجال يسترون أجسادهم بنسبة أكثر من النساء بكثير ، والذي اعتاد عليه الناس في جميع الحضارات منذ قرون أن تتميز المرأة بلباس مختلف عن الرجل ويكون في العادة أستر لمفاتنها
والمرأة التي تعترض على بعض التشريعات مكابرة للفطرة فلتعترض على كونها تحيض والرجل لا يحيض وعلى كونها تحمل تسعة أشهر والرجل لا يشعر بشيء من هذا ، وعلى فترة النفاس والرضاع والعجيب أن هناك قراراً في البيت يفرض على جميع نساء الدنيا وهو ما يقارب مدة الحمل والخروج منها ، ولتعترض على طبيعة الأعضاء التناسلية في بني آدم والتي تجعل الرجل هو المتحكم بالعملية
ومن اعترض على إرادة رب العالمين الشرعية فليخرج عن إرداته الكونية إن استطاع فإن عجز فليعلم أنه عبد !
بمعنى أنه لا يمكنه دفع المرض أو الموت أو البرد أو الحر او المصائب عن نفسه مع كرهه لها ولكن من يعيش في أرض الله عليه أن يخضع لإرادته الكونية ، والعاقل من يخضع لإرداته الشرعية أيضاً لينال ثوابه والأحمق من يتمرد على الإرادة الشرعية مع عجزه عن مقاومة الإرادة الكونية
وأنني لأعجب من حادثة تلك المرأة السعودية رحمها الله التي قتلها رجل بريطاني لأجل حجابها بدليل أنه لم يأخذ منها مالاً ومثلها حادثة التشيلية المسلمة التي هشم جمجمتها رجل ناقم على الإسلام كيف لا تقوي هذه الحادثة أهمية وجود المحرم للدفاع عن المرأة ، بل لو هددها بالسلاح الأبيض وأخذ منها ما يريد من الأمور المادية أو غيرها من يمنعه
ثم في تلك الدول رفع قضية اغتصاب سيقابله دعوى أن ذلك حصل بالتراضي وسيكلف هذا تعيين محامي وليس كل الناس يملكون تلك التكلفة الباهضة للمحامي فتؤثر كثير من النساء السكوت بحسرتهن
وكثير منهن تؤثر السكوت لئلا يرغب عنها حبيبها أو زوجها لعلمه أنها كانت فريسة لرجل آخر ولو رغماً عنها فالغيرة طبع إنساني لا يمكن العدول عنه بسهولة ولو حتى ببعض افرازاته الغريبة
ويدندن كثير من الجهلة على مسألة التعدد مع أنها في صالح المرأة والمجتمع وينسى أن رب العالمين قد قال ( وإن خفتم إلا تعدلوا فواحدة ) فنص على العدل وهذا الدين الوحيد الذي ينص على هذه القيمة السامية فلو كان مجتمعاً ذكورياً بحتاً فيما قيمة مثل هذا الاشتراط
يؤمن كثير من الملاحدة بنظرية التطور ، ولنقل أنك جئت إلى مجتمع منغلق يضربون النساء ويؤذونهن ويستغل كثير منهم إماءه جنسياً كما كان عبد الله بن أبي يفعل ولا يورثونهن بل هن من الميراث نفسه لذا إذا مات الرجل في الجاهلية يتزوج امرأته ابنه إن لم تكن أمه ، والمجتمع فيه عنصرية طافحة وربا وغيرها من الأمور
أفترى أن من العقل أن ينادوا بفعل النقيض لهذا من مساواة المرأة للرجل على الطراز الغربي ( مع أنه هو نفسه فيه ظلم بين للمرأة ) دون المرور بمراحل لترويض أخلاقهم من باب ( التطور الأخلاقي ) إن فرضنا أن نظرية المساواة الغربية صحيحة
والأمر نفسه في الحروب فإن الحروب قائمة لا محالة في كثير من الأحيان فبعد كل القوانين التي سنت لتنظيم الحروب أمريكا وبريطانيا ترتكبان جرائم حرب في العراق وأفغانستان ، والجهاد في الإسلام له أخلاقيات معروفة من حرمة قتل المرأة والوليد والشيخ الفاني وحرمة نقض العهد وغيرها من الأخلاقيات وتحريم نقض العهود
فحتى في هذا الزمن هذه الدول في تحالفاتها العسكرية وحروبها تقر بأنه لا يمكن القضاء على الشر وتحقيق الخير المطلق إلا بحصول بعض التضحيات ، وهذا عين الأمر في الإسلام إلا أن الخير المطلق هو توحيد الله وحكم الشريعة الإسلامية
وخذ مثالاً البلاد النجدية كانت مشهورةً جداً بكثرة الحروب بين أهلها البدو وكان البد لا يورثون النساء ، وكان قطع الطريق من المفاخر فلما جاءت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حاربت هذا كله حتى صارت على ما ترى الآن بلد يعمها الأمن والأمان ، فتلك الدماء التي سفكت في الحروب التي ابتدأها الأعداء لدعوة الشيخ كانت سبباً لحقن دماء أكثر في المستقبل والأمر نفسه حصل بشكل أوسع في الفتوحات الإسلامية مع بسط الشريعة الإسلامية بكل ما فيها من محاسن
ثم هنا عدة أسئلة للعاقل
لماذا لا يعترض الرجال على جواز الذهب والحرير للنساء من دونهم ؟
ولماذا لا يعترضون على وجوب صلاة الجماعة عليهم دون النساء ؟
ولماذا لا يعترضون على إسقاط طواف الوداع عن النفساء والحائض وإيجابه على الرجال ؟
ولماذا لا يعترضون إلى إيجاب إعطاء الأجرة للمطلقة إذا أرضعت ولدها من طليقها وهو ولدها ؟!
ولماذا لا يعترضون على حق الحضانة لها ؟
ولماذا لا يعترضون على أنها ترث من الرجل ولا تعقل عنه ( يعني لا تدفع في دية الخطأ عنه إذا ألزم أهله بالدفع عنه ) ؟
ولماذا من عال ثلاث بنات أو اثنين دخل الجنة وليس ذكرين ؟
وإذا كان دين الإسلام دين توسع وجشع
لماذا الجزية تؤخذ بشكل سنوي وليس شهرياً ؟
ولماذا يؤخذ من الأرض العشر فقط وتترك تسعة أعشار لصاحب الأرض الذمي ؟
ولماذا تسقط الجزية عن المرأة والصبي والشيخ الفاني ولا تسقط عن الرجل المحارب ؟
ولماذا لا يلزم الرجل القادر على الاكتساب بدفع الجزية عن زوجته وأولاده كما يلزم المسلم بدفع زكاة الفطر عنهم ؟
ومقدار الجزية كما رواه ابن أبي شيبة عن عمر في المصنف على رءُوس الرجال على الغني ثمانية واربعين درهمًا، وعلى المتوسط اربعة وعشرين درهمًا، وعلى الفقير اثني عشر درهمًا
وغيرها من الأسئلة التي تبين لك سطحية الاعتراض على كثير من التشريعات
ما أريد قوله للملحد أنك بإهمالك كل هذا ، تهمل العامل الذي يحمل الناس على التمسك بالدين فالفقراء والنساء المغلوبات على أمرهن والخدم والزنوج ونبلاء الناس لا يهمهم الثرثرة في التطور وذلك الترف المعرفي وإنما يهمهم ما يشعرهم بالأمان والمواساة ويحيمهم من الظلم ولو بقدر معين
قال البخاري في صحيحه 5641و5642 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ
مثل هذا الحديث يجعل الموحد يتسلى عن كل ما يصيبه ، وأنا شخصياً لي أخ معاق ذهنياً يسبب لنا أذى عظيماً في البيت بسبب تصرفاته حتى أنه أحياناً يضع الخبر ويبول عليه أو يقطع ملابسنا أو يكسر الآنية
سمعت أبي مرةً يقول لأمي : سيدخلنا الله الجنة بصبرنا عليه
ولهذا يعاملانه بكل حب وحنان من منطلق إيماني وإن كان الأمر يصحبه جزع أحياناً يعقبه استغفار وإنابة
قال ابن القيم في مدارج السالكين :" ويحكى عن امرأة من العابدات أنها عثرت فانقطعت إصبعها فضحكت فقال لها بعض من معها : أتضحكين وقد انقطعت إصبعك فقالت : أخاطبك على قدر عقلك حلاوة أجرها أنستني مرارة ذكرها إشارة إلى أن عقله لا يحتمل ما فوق هذا المقام من ملاحظة المبتلي ومشاهدة حسن اختياره لها في ذلك البلاء"
وهذه بعض المحاسن التي تجعل الناس يتمسكون بالدين ، وعند كلام غير المتدين عليها لا يصنع شيئاً سوى السخرية من بعض الأمور التي لا يفهمها مع عدم وجود نموذج مقابل جيد فالنموذج الغربي فيه شيء كثير عرضة للنقد
بل هل تقبل أن أختزل الغرب بأسلحة الدمار الشامل والشذوذ الجنسي والربا والدعاة والمافيات وصالات القمار ، وبما أنك ملحد أقول بتلك الصلبان على الأعلام والكنائس التي تملأ دول العالم الغربي ، وبشركات صناعة التبغ ( الدخان ) والرياضات الوحشية كالمصارعة والملاكمة وغيرها
فإن قيل : ألا ترى حسناً في الإلحاد لتذكره
فأقول : في الواقع أرى ظلماً للخالق والمخلوق معاً وطريقة غريبة في الاستدلال وكأنه يقول للناس ( اثبتوا على إيمانكم ) فرجل يقول دعوت الله أن يثبتني فلم يستجب وآخر يقول تحديت الله أن يميتني
فهذه الحجة السخيفة يقابها مليون موحد ليقول : دعوت الله فاستجاب لي إذن هو موجود !
ظلمني فلان فرأيت عاقبته وجوزي بظلمه إذن الله العدل موجود
وشخص آخر يقول أصيب قريب لي بالمس وقريء عليه القرآن فشفي إذن الله موجود
وآخر يقول رأيت رؤيا فتحققت إذن الله موجود
وآخر يقول رأيت شخصاً حسوداً أصاب فلاناً بعين إذن الله موجود إذ حذرنا منها
وآخر يقول قلت أذكار ما قبل النوم فلم تأتني كوابيس إذن الله موجود
وغيرها من الحالات التي قد يوجد لها في المجتمعات العربية فضلاً عن غيرها مئات الآلاف إن لم نقل الملايين
وآخر يقول : ماذا قدم الرب لرجل قطعت يده سوى الدعوة للصبر والسلوان
فيقال : وكأن إلحاده سيعيد يده له ! ، ولو فرضنا أن هناك من اخترع يداً صناعية فالأخلاق الغربية تفرض عليه أن يبيعها بمقابل مادي ، ولو كان هذا الأقطع فقيراً فمن سيساعده فالعادة الفقراء المحتاجين للعلاج وغيره يقفون في المساجد ويسألون الناس فلم يقصدون هذه البقعة بالذات !
وتجد من يستدل بحديث ( جئتكم بالذبح )
ويتناسى سياق الحديث وأنه إخبار لأقوام معينين كانوا هم من بدأ بالاعتداء على النبي صلى الله عليه وسلم وخططوا لقتله وآذوا المسلمين ثم في حرب متكافئة تم ذبحهم وتحققت النبوة غير أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدر على بقايا المشركين في عام الفتح عفا عنهم وخلى سبيلهم غير أن القراءة الاجتزائية السخيفة تجري في عروق هؤلاء بشكل مقزز
وليعذرني القاريء على هذه اللغة التي استخدمتها أخيراً إذ أن الظلم من أكثر الأمور التي تثيرني
حتى مثلاً وصفهم لبعض الناس أنه يقتل نفسه من أجل حورية ، وكأن المسلمين وحدهم من يحاربون
معلوم في اعتقاد المسلمين أهل السنة أن أعظم نعيم الجنة رؤية الله عز وجل وأن كل من يرغب في الجنة فأعظم مناه هذا ، ثم يأتي بعد ذلك التلذذ بملذات الجنة الأخرى من مطاعم ومشارب ومناكح والطقس الحسن وسلامة الصدر من كل ما ينغصه ، فهذه النظرة الاجتزائية لنظرة المسلم للجنة غريبة ، فإن الشهيد لا يخير بين الحور فقط بل يشفع في سبعين من أهله فلماذا لا يكون يطلب من أجل هذا كله لا من أجل الحورية فقط وإن فعله فلا ضير فهذا تسلسل منطقي فإنه آمن بوجود الله كما آمن به كل المتدينين في الدنيا ثم آمن بالوحي وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم صدق وعده وهذا تسلسل منطقي ظاهر ، فكونه لم يقتنع بنظرية التطور التي يحاربها اليوم العديد من المنتسبين للعلم الحديث وآمن بنظرية أخرى وهي نظرية التصميم الذكي ثم تسلسل منطقياً حتى وصل إلى هذا الحد ما الذي يجعله مثاراً للسخرية ولا إرادة حرة على قول دوكنز ، علماً بأن من يفجر بنفسه وإن كنت أختلف في قتال يعتقد أن غايته نبيلة غير ممن ينتحر بلا غاية أو يقتل نفسه قتلاً بطيئاً بالتدخين أو الكحول أو غيرها ، وماذا عن صنيع الدول المستعمرة قديماً وحديثاً وماذا عن الأسلحة الفتاكة التي لا تفرق بين مدني وعسكري
غير أن العجيب أن الله في القرآن ذكر أن الكفار يسخرون من الذين آمنوا والآية العجيبة أن هذا الأسلوب متبع إلى يومنا هذا مما يجعل المؤمن يجد في نفسه حاجة إلى قراءة القرآن والتسلي بما ذكره رب العالمين عن سخرية الكفار بالمؤمنين وتصبير المؤمنين
ولا يمكن للناس أن يتركوا جميع هذه القيم من أجل نظرية التطور ! التي يتم مهاجمتها رياضياً وفيزيائياً وبيولوجياً هذه الأيام وهي بحاجة لمن يذب عنها ولا شك أن هذا الذاب هو دوكنز وأضرابه وليس الملحد العربي الذي وظيفته ترديد ما يقول هؤلاء في هذا الشأن لا أكثر وربما أقل ثم يتشدق بتمرده على الموروث ! وهذا شيء كالموروث نظرية قيل لك أنها صحيحة ثم صرت تتعامل معها كما يتعامل أي متدين مع عقيدته ترفض نقدها وعند أي إيراد عليها تفكر في الجواب عليه قبل التفكير بهذا الإيراد وقوته
أو يترك الناس الدين من أجل عدم قبول عقلك لبعض الأمور التي لم يرفضها حتى أشد النبي صلى الله عليه وسلم واحرصهم على قتله
مع ما يقترن مع الأمر من كثرة الكلام عن الإعجاز العلمي وغيره ودلائل النبوة وغيرها من الأمور لذا أرى أن مهمتك صعبة جداً
وخصوصاً أنني رأيت كتاباً في دلائل النبوة لرجل اسمه سعيد باشنفر يذكر أنه جمع سبعة آلاف دليل نبوة ، لا شك أن واحد بالمائة منها يكفي أن يعطي المسلم دفعة إيمانية لا تزيحها الجبال الرواسي
وخصوصاً أن كثيراً مما يرفضه عقلك لا ترفضه عقول الآخرين وبعضهم يلجأ إلى إنكار بعض الأحاديث التي لا تناسبه أو الأحكام مع الإبقاء على جوهر الشريعة ، وبعضهم يقر بمحدودية المعرفة البشرية أمام العلم الإلهي الذي تيقن أنه من الله لذا لا يعترض على بعض الأمور خصوصاً وأن العلم الحديث قد يثبت لها معنى كحديث الذبابة أو الحكمة من خلق الزائدة الدودية ( وهذا المنهج السليم )
وهذا دوكنز لما آمن بنظرية التطور لم يحفل ببعض الأمور التي لم يستطع تفسيرها بشكل علمي دقيق كمسألة الأصل الذي جاءت منه الخلية الأولى ، وعدم وجود آلاف الأحافير التي تؤكد نظرية التطور لأنها نظرية كل شيء في الكائنات الحية
ويومياً يسلم المئات من غير الناطقين بالعربية وهناك الملايين من المسلمين وما أنت وأمثالك إلا ظاهرة ضئيلة ستفقد جاذبيتها في محل نشأتها ، غير أن المؤسف حقاً أن يهتدي غير المتكلم بالعربية لعجائب القرآن ومحاسن الشريعة وأنت المتكلم بالعربية يخفى عنك ذلك غير أن الهداية بيد الله يؤتيها من يشاء فاثنان من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم كانا كافرين وجاء نبأهما في القرآن لبيان هذا المعنى ، غير أن المخزي حقاً إذا اكتشفت أن تلك الشبكة التي تنصر فيها الإلحاد ربما كان يديرها علوي أو درزي أو يهودي غاية أمره النقمة على الإسلام ويستغلك ، وإن لم يكن كذلك وهو ملحد صرف فلو أنفق ماله على ملذاته خيرٌ له من الصراعات الفكرية المزعجة فليس له إلا حياة واحدة ولا يدري متى تنتهي
والمشكلة أن الإلحاد والهجوم على الدين يجعل المسلمين يرغبون في الدفاع عن دينهم لذا تنشأ منتديات كاملة وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن الدين بجهود مثيرة للإعجاب حتى يصل الأمر إلى ترجمة كل مقال أجنبي في مهاجمة نظرية التطور أو إثبات التصميم الذكي ولكل فعل ردة فعل مساوية بالمقدار ومعاكسة بالاتجاه ، بل كثير من المسلمين يتناسون خلافاتهم في حرب الإلحاد ( وليس هذا منهجاً سليماً ) فالواقع أن تلك الشبكات الإلحادية لها أثر إيجابي مع أثرها السلبي
ووهم الحرية المطلقة الذي ينادى به لا حقيقة له فلا يوجد إنسان إلا وهو مقيد ببعض القيود كقيد المستوى المادي وقيد العرف الاجتماعي العام ، بل لا يعمل في وظيفة إلا ويقيد في الغالب بساعات عمل معينة ووقت انصراف وقدوم محدد إذا خرمه يتعرض للمساءلة أو الطرد ، والعجيب أنهم يمدحون التنظيم في أوروبا وهو واقعه لا يتم إلا بفرض قيود صارمة ، وفي النهاية هناك قيد القانون
فتلك الصورة التي يصورها أحدهم أنه إذا ألحد فكأنه يصير يعيش في كوكب آخر يستطيع أن يتنفس فيه المزيد من الأكسجين ما هو إلا خيال وأسطورة
ويضحكني كثيراً قول دوكنز أنه إذا لقي الله فسيقول له ( أي واحد منهم كنت ) يعني مما يعبده الناس وماذا لو كان الجواب ( المهم أنني حقيقة وأنت جحدتي فتستحق العذاب )
وأضحكني كثيراً قوله عن الإله العبري في التوراة أنه ( مصاب بداء العظمة ) وهذا إغراق في السطحية لأن الإله لا بد أن يكون عظيماً فلا يحتاج لئن يصاب ب(داء العظمة )! الذي هو حالة نفسية تخيلية
وهذا الذي ذكرته من محاسن الدين ما هو إلا جزء منها وللأخوة أن يضيفوا ما عندهم في موضوع هذه الخاطرة
وإلى اللقاء مع خاطرة أخرى وستكون أقصر بكثير إن شاء الله تعالى
Bookmarks