صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 39

الموضوع: خواطر حول الإلحاد ( متجدد )

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    فوق أرض ربي وتحت سماءه
    المشاركات
    53
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله
    جزاكم الله خيرا ، حقا الموضوع فتح عينيّ لأمور عديدة ، خصوصا الربط بين الحقيقة الكونية والشرعية
    فتح الله عليكم ونرجوا مواصلة الخواطر

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي


    الخاطرة الثالثة : ومن الحرية ما قتل !

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    فمن ألطف ما يقع للمرء عند النظر في الفكر الإلحادي أن باب الحجة عليهم ليس محصوراً في النص بل هو واسع جداً فكل شيء ممكن أن يصير حجة ، وكثيراً ما نسمعهم يتحدثون عن حروب المتدينين طارحين الإلحاد كحل لإيقاف هذه الحروب ، ولإخواننا المشتغلين بالرد عليهم ردود عديدة من أقواها وأفلجها ذكر جرائم الملحدين

    وذكر الحقيقة الثابتة أن! 1,763 حربا موثقة: 93% لأسباب لادينية و7% لأسباب دينية

    ولكنني عند نظرية أخرى وجواب آخر تماماً

    فإن قلت : ما هي ؟

    قلت لك : أنا أزعم أن الحرية المطلقة تفتك بالبشر أكثر من الحروب سواءً كانت ذات مقدمات دينية أو غير دينية

    فإن قلت : كيف ذاك

    أقول : دعنا نأخذ ظاهرتين فقط انتشرتا في العالم الغربي الذي يبهر القوم ولا يرون فيه إلا كل حسن

    وهما ظاهرة الإجهاض ولنأخذ أمريكا فقط في العام هناك مليون حالة إجهاض بحسب التقارير المتخصصة ، ولنأخذ ظاهرة إدمان الخمر في العام الماضي مات مليونان ونصف جراء إدمان الخمر في كل العالم

    فهذه ثلاثة ملايين ونصف وتذكر أنني لم أتحدث عن الإجهاض في كل العالم

    ولم أتحدث عن أثر الخمر على السلوك وعلى العنف الأسري وعلى الحوادث المرورية فقط أتحدث عن قتلى إدمان الخمر

    وهذا كله في عام واحد فقط

    ولنأخذ مثالاً على حرب من أشهر الحروب العصرية الحديثة ، وهي حرب الثورة الليبية التي كانت بين جيشين وقد تدخل فيها الناتو وكانت في عامة معاركها في مناطق الأصل فيها أنها مأهولة واستخدمت فيها الأسلحة الحديثة ( غربية الصنع ) ، حصيلة القتلى في هذه الثورة من الطرفين على أقصى تقدير وقد دامت الحرب قرابة العام 50 ألفاً يعني لا يشكلون عشر من يقتلهم إدمان الخمر

    أفرأيت لو كانت هذه البلاد التي ينتشر فيها الزنا الذي هو السبب للإجهاض مع كل مقدماته من تبرج واختلاط وخلوة ، وينتشر فيها الخمر ، أرأيت لو كان الإسلام يحكمها أرأيت لو كانت فتحت في معركة مات فيها ألف أو ألفان ألم يكن ذلك إذا ما قورن بحماية حياة الملايين فيما بعد هو المصلحة والخير

    وكان يمكن أن نستغني عن القتال بعقد الجزية أو الهدنة مع بسط سلطان الشريعة ويسلم الأكثر من هذه البلدان كما حصل لشعوب كثيرة ، وللفائدة اليمن كانت يهودية ومصر والشام والحبشة وبلاد المغرب كانت نصرانية مع خلط من اليهود ، وبلاد فارس والعراق والبحرين كانت مجوسية وكلها صارت ذات أغلبية إسلامية في أقل من خمسين عاماً وبقي بقية من غير المسلمين للدلالة على أن البقية أسلموا طوعاً لا كرهاً ، ولو نظرت إلى أسبانياً فلن تجد مسلماً له أربعة أجداد مسلمين في أسبانيا وذلك بفضل محاكم التفتيش فتأمل الفرق

    أرأيت لو كانت الدول الإسلامية على مر التاريخ غرقت في الخمر والرذيلة كغرق تلك المجتمعات أكان أعدادها الآن كما هي ؟

    أرأيت مدمن الخمر والخمر يفتك في أعضائه ويريد أن يقلع فلا يستطيع أتراه كان يتمنى أن لو كان الدولة قد منعت هذا السم وأنه لم يعرفه في حياته قط ؟

    كلام عاطفي ولكنه واقعي

    وأنا هنا لم أتكلم عن القمار وعن الدعارة والأمراض الجنسية ولا عن التدخين ولا عن المخدرات ، التي حتى البلدان الإسلامية دخل إليها هذا من البلدان الغربية

    وعند الكلام على التقدم والتخلف لا بد من أخذ هذه الأمور بالحسبان مع النظر في الأواصل الاجتماعية وألا ينظر في تقدم الآلة فقط أو تقدم الإنسان في بعض النواحي وتأخره في بعض آخر

    والعجيب أنه مع كثرة كلام الملاحدة عن الحروب يثنون على العالم الغربي الذي تشكل الآلة العسكرية الفتاكة جزءً كبيراً من بنيته الصناعية والحضارية وهذا فيما أرى تناقض فإنك إن هاجمت الحروب فعليك أن تهاجم من طور الآلة حتى صارت قادرة على قتل الآلاف في لحظة واحدة ، خصوصاً وقد ثبت استخدامه في مناسبات عديدة

    وبهذين المثالين فقط ! دون غيرها يتبين أن من الحرية ما قتل وأن الدعوة للتحرر من القيود الإسلامية أو الدينية ككل مع عدم وجود مرجعية إلحادية علمية ناضجة وعدم وجود مشروع إلحادي أخلاقي واضح هو فتح لباب القضاء على الذات باسم الحرية

    خصوصاً مع حرب تعدد الزوجات

    فيقول قائل : ما دخل تعدد الزوجات هنا

    فيقال : الإحصائيات قاضية بأن عدد النساء في العالم يفوق عدد الرجال ومع حرب تعدد الزوجات تكون معظم أرحام النساء الصالحة للإيلاد معطلة ولا تستفيد منها البشرية شيئاً

    فمع السكوت أو التساهل في التعامل مع الظواهر الفتاكة كإدمان الخمر والسعار الجنسي مع ما يصاحبه من الأمراض الجنسية القاتلة أو حالات الإجهاض الجنونية والتي تكون في الغالب لأن الجنين نتيجة لعلاقة جنسية عابرة لا يراد منها تشكيل ارتباط وثيق بين الطرفين ، ومع آلة الحرب الفتاكة والتي بسبب الجشع المادي صارت في يد المافيات والعصابات الكبيرة ( والتي يقل وجودها في العالم الإسلامي ) ، إذا أضفنا إلى هذا منع تعدد الزوجات بل محاربة الزواج ككل من طرف خفي نعلم أن هذا من حقيقته من وحي الشيطان الذي يريد إفناء الجنس البشري قدر المستطاع

    قال الله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُون)

    وهنا الملحد يحل حبوته ويحدثك عن بني قريظة

    وأقول : قبل الكلام على أي تشريع أو أي حادثة لا بد أن يعلم أن هذا ناشيء عن تسلسل منطقي متكون من الإيمان بوجود الله ثم الإيمان بضرورة الوحي ثم الإيمان بصدق الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم التسليم للأحكام الشرعية الناشئة عن هذا التسلسل المنطقي لأن الله علمه غير محدود والبشر علمهم محدود

    ثم النظر بعد ذلك إلى كون هذه التشريعات من باب تصرف المالك الحكيم في ملكه

    قال إِيَاس بن مُعَاوِيَة مَا ناظرت بعقلي كُله إِلَّا الْقَدَرِيَّة قلت لَهُم مَا الظُّلم قَالُوا أَن تَأْخُذ مَا لَيْسَ لَك قلت فَللَّه كل شَيْء

    وأمر الجهاد ينظر إليه المسلمون على أنه رحمة !

    ولعل قائلاً : أتسخر كيف يكون رحمة ؟

    فأقول : السطحية ملازمة لكم في كل الأحوال ، الله عز وجل قادر على إهلاك الخلق الآن وعدم إمهال الكافر بأي صورة من الصور ، وما الزلازل والفيضانات والبراكين إلا نموذج يسير عما يمكن أن يحصل ، وقد حصل للبشر في الزمن القديم ما خمن بعض منكري النبوات أنه اصتدام كوكب بالأرض ، وأما القائلون بالنبوات فيرون أنه من آثار عقوبة الأمم السابقة

    إذا فهمت هذه الحقيقة فافهم أن الجهاد بالمعنى الإسلامي الذي يسبقه الدعوة ثم بعد يخير العدو بين الجزية والإسلام والقتال ، وإذا قبل بالجزية استمرت الدعوة معه وغيرها من التشريعات التي ليس هذا محل بسطها رحمة إذا ما قورن بالهلاك العام أو الحروب التي يقصد منها الإبادة العامة ويتم فيها حتى قتل الصبيان والنساء أو اغتصابهن

    ومع ما ينتج عن هذا الجهاد من الخير العظيم فيما بعد كما شرحته في الخاطرة الأولى ، وقد رأيت طرفاً من آثار غياب الشريعة الإسلامية عن بعض المجتمعات في هذه الخاطرة

    والكافر شخص يعيش في أرض الله ويأكل من الخيرات التي خلقها له ثم يسبه ، ولا بد أن يكون لها فعل ضريبة وتبعه على الأقل ضريبة النفس الذي يتنفسه ، ونفس الإنسان ملك لله عز وجل وهو من يحدد العدل في إخراجها أو إبقائها

    ثم بعد ذلك تأتي فائدة الجهاد على أهل الإيمان وهي تمييز المؤمن القوي من المؤمن الضعيف والمنافق وظهور آيات الله وآثار أسمائه وصفاته ، وحصول الاختبار لأهل الإيمان ورفع درجاتهم إذا بذلوا أموالهم وأنفسهم في سبيل الله

    قال الله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)

    وقال الله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)

    وقال الله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)

    وقال ابن كثير في تفسيره :" فإن قيل: فأيّ رحمة حصلت لمن كَفَر به؟ فالجواب ما رواه أبو جعفر بن جرير: حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا إسحاق الأزرق، عن المسعودي، عن رجل يقال له: سعيد، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس في قوله: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } قال: من آمن بالله واليوم الآخر، كُتِبَ له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عُوِفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف .
    وهكذا رواه ابن أبي حاتم، من حديث المسعودي، عن أبي سعد -وهو سعيد بن المرزبان البقّال-عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره بنحوه، والله أعلم"

    وأما بنو قريظة فقوم وقعوا على وثيقة دفاع مشترك مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم غدروا ونقضوها ولم يكتفوا بذلك حتى ألبوا المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم وكان يوم الأحزاب حيث اجتمع المشركون على المسلمين وأرادوا استئصال شأفتهم وسبي نسائهم وكل ذلك بفعل أيدي الغدر القريظية فلما انكفأ المشركون بآية باهرة ليس هذا محل بسطها ، هاجم الصحابة بني قريظة وكان الحكم أن يفعل بهم ما أرادوا أن يفعل بالمسلمين من سبي الذرية وقتل المقاتلة وهذا حكم عدل فيمن نقض المواثيق وغدر بالإضافة إلى جريمة كتمان صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والتي اعترف بها عبد الله بن سلام وكعب الأحبار وغيرهم من علمائهم

    وكان من أظهر منهم الإسلام يتركه النبي صلى الله عليه وسلم على عادته في كل من يقاتله مهما فعل بالمسلمين فإنه بمجرد إظهار إسلامه يعفو عنه كما فعل بوحشي قاتل عمه

    فهذه حالة خاصة في ظرف استثنائي ، والحال العام من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعفو في حق نفسه

    فقد عفا عن رجل أراد اغتياله

    قال البخاري في صحيحه 2913 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَهُ ح و حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ قُلْتُ اللَّهُ فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ

    وسراقة بن مالك أيضاً أراد اغتياله وعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم

    وعفا عن ذي الخويصرة الذي طعن في أمانته ، وكان بعض الصحابة يريد قتله

    وعفا عن حاطب بن أبي بلتعة الذي ثبت عليه أنه جس للمشركين ( يعني صار جاسوساً لهم ) وهذه في القوانين الوضعية الحديثة تسمى الخيانة العظمى وكثير منهم يعاقب عليها بالقتل

    وهؤلاء بنو النضير أرادو اغتياله فأجلاهم ولم يقتلهم وسمح لهم بأخذ أزوادهم معهم واكتفى بتركهم للنخل

    وعفا عن اليهودية التي وضعت له سماً في الطعام

    قال البخاري في صحيحه 2617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ أَلَا نَقْتُلُهَا قَالَ لَا فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    بل المذهل أكثر من هذا كله عفوه عن مشركي قريش الذين قاموا بتعذيب أصحابه قبل الهجرة بل قتلوا بعضهم ، وقاطعوا بني هاشم من أجله ومن أشد ما يقع على المرء أن يرى أهله يؤذون من أجله ، ثم إنهم هجوه بالشعر ووصفوه بالمجنون وخططوا لاغتياله حتى هاجر وطاردوه في هجرته ثم لما آواه الأنصار هددوهم ثم بدأوهم بالقتال وفي يوم أحد شج رأس النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته ، وقتلوا في هذه الحروب العديد من أصحابه وصدوه عن المسجد الحرام وقتلوا عامر بن فهيرة وخبيب بن عدي بعد أن عطوهم الأمان بعد هذا كله وغيره كثير عفا عنهم في الفتح وقال ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) [ وهذه القصة احتج بها الإمام الشافعي وهي متلقاة بالقبول عند أهل السير وفي صحيح مسلم ما يؤيد صحتها من ذكر وصف الطلقاء ]

    وقال ( من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ) وقال ( قد أجرنا من أجرت يا أم هانيء )

    ثم في غزوة حنين أعطى هؤلاء الذين عفا عنهم حصة الأسد من الغنائم تأليفاً لهم

    والمواقف في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النوع كثيرة

    قال البخاري في صحيحه 2125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلَالٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو ابنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ قَالَ أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا * تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ هِلَالٍ وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ سَلَامٍ {غُلْفٌ} كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلَافٍ سَيْفٌ أَغْلَفُ وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ وَرَجُلٌ أَغْلَفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا.

    وقد تعلم منه الصحابة هذا الخلق

    ال البخاري في صحيحه 4145 : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ:
    قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ
    فَقَالَتْ لَا تَسُبَّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    وَقَالَتْ عَائِشَةُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ كَيْفَ بِنَسَبِي قَالَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ

    4146 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ
    وَقَالَ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
    فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ
    قَالَ مَسْرُوقٌ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فَقَالَتْ وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنْ الْعَمَى
    قَالَتْ لَهُ إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    أقول : حسان كان قد وقعت منه زلة في حادثة الإفك وتاب منها ، لذا كان عروة ابن أخت عائشة حاملاً عليه غير أن عائشة عفت عنه وأثنت عليه بدفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنه أهم عندها من نفسها

    وقال البخاري في صحيحه 4642 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ } وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ

    فهذا رجل يصف عمر بأنه غير عادل والملك غير العادل لا يقبل أن يوصف بهذا في وجهه فكيف برجل كعمر ولكنه يعفو ويسكت تأدباً بأدب القرآن وقد كان يحكم امبراطورية ضخمة


    فيترك الجاهل هذا كله ويتمسك بموقف يتطلبه الحزم والحفاظ على الدولة فإن المسلمين روعوا أيما ترويع بعدما حصل يوم الأحزاب فكان لا بد من فعل حازم عادل يرجع للدولة هيبتها ويكون عبرة لمن يعتبر

    وهناك عدة مغالطات ترتكب عند الكلام على الحروب وهي

    الخلط بين أتباع الديانات المختلفة وهذا لا يجوز فكل مسئول عن ملته

    وعدم التفريق بين المعتدي والمعتدى عليه

    وحصر أسباب الحروب بالأسباب الدينية ، وهذا لا يقوله حتى أقل الناس خبرة بأحوال الأمم فحرب البسوس مثلاً كانت من أكثر الحروب وحشية فيما شهدته الجاهلية وكان سببها الحقيقي غياب حكم القصاص وحلول منطق الثأر محله

    ولذا قال الله تعالى : ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) ، أي أن القصاص يمنع من ذلك التسلسل الجاهلي في أمر الثأر والذي يؤدي لحروب متوالية وهذا أمر معروف مشاهد حتى في بعض البلدان المنتسبة للإسلام والله المستعان لما ابتعدت عن الشريعة وعادت للجاهلية التي لا يقبلها أي دين

    وكذلك الحرب العالمية في نسختيها لم تكن لها مقدمات دينية

    على أنه لو جاء شخص واستدل ببعض الأدلة على ممارسة معينة ، وخالفه قوم من أهل ملته وأقاموا الأدلة على غلطه لم يجز نسبة فعل هذا الرجل للملة

    وهذا الظلم يمارسه القوم بشكل مستمر

    ولو فرضنا أن عامة الحروب قام بها المتدينون أو المؤمنون بالخالق فسبب ذلك أن هؤلاء هم الناس !

    بمعنى أن الملحدين شرذمة قليلون لم يكن لهم في التاريخ دولة أو كيان متماسك بل هي حالات فردية في غالبها لا تستمر في النسل بمعنى أنك لا تكاد تجد ملحداً له ستة أجداد أو خمسة في الإلحاد لأنه في الغالب ينشأ عن عقد نفسية لا تستمر ولا تورث للأجيال التي تليها

    الذي أريد قوله أن الناس إذا خاضوا الحروب سواءً كانت مقدماتها دينية أو غيرها فإنهم في العادة لم يفرضه وضع الحرب من الخوف يستغيثون بالآلهة التي يعتقدون بها بل ترى أن لاعب كرة القدم اليوم يصلي ويدعو وهذه حالة معروفة في الناس وليس معناها أن الفعل مقدمته دينية بمعنى استسلام للنص أو فهم صحيح للنص

    وليعلم أن الحروب غير الدينية في الغالب تكون ناشئة عن ثلاث أسباب رئيسية

    الأول : الحرب على الملك

    الثانية : الحرب العنصرية بين القبائل والأعراق المختلفة

    الثالثة : على المال

    وهذه الحروب في الإسلام يشملها اسم ( حرب الفتنة ) وقد نهي عن المسلم عن الدخول فيها بأي شكل من الأشكال

    قال مسلم في صحيحه 4816- [54-...] وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ ، عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي ، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا ، لاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا ، وَلاَ يَفِي بِذِي عَهْدِهَا ، فَلَيْسَ مِنِّي.

    وجاء النهي حتى عن بيع السلاح في الفتنة

    وقال أحمد في مسنده 21325 - حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ، حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ شَدِيدٌ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "تَعَفَّفْ "
    قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ شَدِيدٌ يَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْعَبْدِ، يَعْنِي الْقَبْرَ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "اصْبِرْ "
    قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يَعْنِي حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ، وَأَغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ ". قَالَ: فَإِنْ لَمْ أُتْرَكْ؟ قَالَ: "فَأْتِ مَنْ أَنْتَ مِنْهُمْ، فَكُنْ فِيهِمْ " قَالَ: فَآخُذُ سِلَاحِي؟ قَالَ: "إِذَنْ تُشَارِكَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ، وَلَكِنْ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَرُوعَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ حَتَّى يَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ.

    بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جفف يتابيع الفتنة

    فأمر بالسمع والطاعة في المنشط والمكره لولي الأمر المسلم قطعاً لدابر الطمع في الملك والتقاتل عليه

    ونهى عن الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والعصبية الجاهلية وعن كل ما يثير العداوة والبغضاء بين المسلمين

    وحرمة أخذ مال المسلم بغير حق معلومة

    وإنني لأتعجب من شخص يرجع نسبه إلى البدو ( كشأني ) ثم يتحدث عن الحروب الدينية تقليداً لبعض الغربيين الذين لا يعرفون عن الشرق كبير شيء فمعلوم أننا معاشر البدو قبل قرابة المائة كنا في اقتتال دائم منشؤه العصبية وكان قطع الطريق مهنة الشرفاء والصانع الذي يصنع بيده محتقر ولا يزوج ومعظم ألقاب القبائل العامة سببها أداؤهم في الحروب ، ثم جاءت دعوة المجدد محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة وأقامت دولة كانت سبباً لحلول الأمن والأمان وزوال كثير من الجاهليات الأعرابية

    بل نهي المرء في قتاله الإسلامي أن تكون نيته تشبه نية أصحاب الأطماع

    قال البخاري في صحيحه 2810 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

    ويعني أن الآخرين ليسوا في سبيل الله ولا يثابون

    وقد قال الله تعالى : (وَإِنْ طائفتان مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)

    ولو نظرنا إلى ظاهرة عصرية تنتشر في الغرب وهي ظاهرة العصابات المنظمة ، وما يسمى ب( المافيات ) تلك الظاهرة التي ألهب انتشارها مخيلة الكثير من الكتاب السينمائيين ، والتي في تراكم نتائجها ما يقارب نتائج الحروب أو يفوقها ولا شك أن هذه الظاهرة بعيدة كل البعد عن التدين بل لا يمكن أن تجتمع مع التدين الصحيح

    ويضحكني كلام بعض القوم عن تقدم السويد بسبب الإلحاد ، ويا ليت شعري ما يصنع الصليب على علمها إذن ، وهي أيضاً سجلت أكبر معدلات اغتصاب في أوروبا ويبدو أن هذا من بركات الإلحاد والحرية !

    وقد ذكرت أمر الصليب على العلم لأشير أن أوروبا في كثير من أهلها لا زالت متمسكة بنصرانيتها ولكن بطريقة عجيبة إذ أن تدينهم محصور بالأعياد وطريقة الزواج المخترعة التي لا وجود لها في كتبهم المقدسة ، والإيمان بالخرافة وترك أحسن ما في دين النصارى من الحث العام على الأخلاق والعفة

    وأخيراً أذكر حديثاً لطيفاً كلم فيه النبي صلى الله عليه وسلم بعض المسلمين بالحجة العقلية وضرب المثل في تحريم الخمر

    قال مسلم في صحيحه 26- [26-18] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْ لَقِيَ الْوَفْدَ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ، قَالَ سَعِيدٌ : وَذَكَرَ قَتَادَةُ أَبَا نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، فِي حَدِيثِهِ هَذَا : أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللهِ ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ ، وَلاَ نَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلاَّ فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْمُرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا ، وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ : اعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ، وَآتُوا الزَّكَاةَ ، وَصُومُوا رَمَضَانَ ، وَأَعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنِ الدُّبَّاءِ ، وَالْحَنْتَمِ ، وَالْمُزَفَّتِ ، وَالنَّقِيرِ قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللهِ ، مَا عِلْمُكَ بِالنَّقِيرِ ؟ قَالَ : بَلَى ، جِذْعٌ تَنْقُرُونَهُ ، فَتَقْذِفُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطَيْعَاءِ ، قَالَ سَعِيدٌ : أَوْ قَالَ : مِنَ التَّمْرِ ، ثُمَّ تَصُبُّونَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ شَرِبْتُمُوهُ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ ، أَوْ إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ قَالَ : وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ كَذَلِكَ قَالَ ، وَكُنْتُ أَخْبَؤُهَا حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : فَفِيمَ نَشْرَبُ يَا رَسُولَ اللهِ ، ؟ قَالَ : فِي أَسْقِيَةِ الأَدَمِ الَّتِي يُلاَثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَرْضَنَا كَثِيرَةُ الْجِرْذَانِ ، وَلاَ تَبْقَى بِهَا أَسْقِيَةُ الأَدَمِ ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ قَالَ : وَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ : إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ : الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ.

    الشاهد قوله (ثُمَّ تَصُبُّونَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ شَرِبْتُمُوهُ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ ، أَوْ إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ)

    هذه إيقاظة يسيرة في بعض الأمور والمسائل جاءت في هذه الخاطرة على ما اتفق ، وأحب فيها أن أذكر الجديد الذي لم أره في تعليقات الأخوة على هذه المسائل ، وقد ذكرت في هذه الخاطرة العديد من مآثر النبي صلى الله عليه وسلم

    وأجد العاطفة تدفعني دفعاً إلى الوقوف عن مخاطبة السفهاء ثم الصلاة والسلام عليه

    اللهم صل على الرحمة المهداة

    اللهم صل على اليتيم الذي أعطى الدنيا معانيها

    اللهم صل على من زعزع أركان الشرك وحطم الأصنام بيده

    اللهم صل على من تفطرت قدماه في الصلاة خضوعاً لعظمتك

    اللهم صل على من ائتلفت على محبته القلوب المتوضئة بماء الإيمان

    اللهم صل على من بكى من أجلنا

    قال مسلم في صحيحه 419- [346-202] حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَلاَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ : {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} الآيَةَ ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، وَبَكَى ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ ، فَقَالَ اللَّهُ : يَا جِبْرِيلُ ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ ، فَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ ، وَلاَ نَسُوءُكَ.

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الخاطرة الرابعة : شبهات أم دلائل نبوة

    للمسلمين شغف بأمر دلائل النبوة إذ أنها من أكثر الأبحاث متعة زيادة للإيمان ، ولكن ما لا يتصوره كثيرون أن كثيراً من الشبه وما يراه بعض الناس مواطن ضعف في الأمة هو من دلائل النبوة ، يظهر ذلك إذا دققت النظر

    ولنضرب بعض الأمثلة لأمور رآها الناس شراً وهي خير من وجه

    منها مثلاً القتال الذي حصل يوم الجمل وصفين

    هذا الضرب من القتال من أقوى الأدلة على أن السنة النبوية محفوظة !

    فإن قلت كيف ذاك

    قلت لك قد اقتتل الناس ولم يتهم أحد منهم الآخر بأنه وضع حديثاً على النبي صلى الله عليه وسلم لتأييد ما هو عليه بل كان إذا احتج منهم على الآخر بحديث لا تجد من الطرف إلا محاولة تأويل النص وتوجيهه لا تكذيبه

    فإذا كان الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم لم يظهر من الصحابة وأفاضل التابعين في مثل هذا الظرف فلا سبيل لظهوره في ظرف آخر

    ومثلاً ظهور القاديانية هو جزء من نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيظهر متنبأون كذابون وسيكون له أتباع

    ولنأتي لموضوع الخواطر : كثيراً ما يذكر بعض الشباب الذي سيطر على عقله الانبهار بشيء من صور التكنلوجيا الحديثة ، ويحدثك عن سبب تأخر المسلمين وتراجعهم وتقدم غيرهم ثم يفسر بعضهم هذا التقدم (المحصور في عقله في بعض الأمور فقط ) بأنه نتيجة لترك الدين !

    وكأنه لا يرى كل تلك الكنائس والحملات التنصيرية وعلى ماذا قامت دولة إسرائيل وما الذي كتب على الدولار ولم يقرأ عن أكثر الأديان انتشاراً في الصين والصلبان التي تملأ أعلام عدد من الدول الأوربية وما يسمى بأحزاب اليمين المتطرف وعدد الأصوات التي يأخذونها في الانتخابات !

    ولعله سيقول : هؤلاء كلهم كفار عندك وسيدخلون النار

    فيقال : وعلى مذهبنا ومذهبهم سيذهب الملحد للنار هذا ما لا نختلف فيه جميعاً ، وإذا كانت الأديان خرافة فكل خرافة في مقياسك تعيق التقدم لا فرق بين خرافة وأخرى ، وهذا سبب إيراد ما تقدم عليك

    غير أن الجديد هنا أن هذا الذي تظنه شبهة هو دليل من دلائل النبوة عند كثير من المسلمين إذ أن نبيهم أخبرهم عن هذه الحال في أحاديث عدة

    قال أحمد في مسنده 22397 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، حَدَّثَنَا مَرْزُوقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا» . 10 قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ» . قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»

    وقال أيضاً 5007 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَنَابٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَئِنْ تَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، وَأَخَذْتُمْ بِأَذْنَابِ الْبَقَرِ، وَتَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، لَيُلْزِمَنَّكُمُ اللَّهُ مَذَلَّةً فِي رِقَابِكُمْ، لَا تَنْفَكُّ عَنْكُمْ حَتَّى تَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَتَرْجِعُوا عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ»

    وقال الطبري في تهذيب الآثار 344 - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني أبو هانئ ، حدثني شفي الأصبحي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : ليأتين على الناس زمان تكون قلوبهم فيه قلوب الأعاجم . فقيل له : وما قلوب الأعاجم ؟ قال : حب الدنيا ، وسنتهم سنة الأعراب : ما آتاهم الله من رزق جعلوه في الحيوان ، يرون الجهاد ضرارا ، والصدقة مغرما

    وقال مسلم في صحيحه 7380- [33-2896] حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَاللَّفْظُ لِعُبَيْدٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا ، وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا ، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ.

    هذا الحديث فيه إشارة إلى أن المسلمين سيعودون إلى دويلات كما كان أن الأمر في بداية الدعوة ، وأن ما كانت تفعله الدول المذكورة من إعطاء الزكاة للوالي ليوزعها على الفقراء أمر سينتهي

    وهذه الأحاديث ليس فيها ذكر سبب الوهن فقط دون أي علاج بل في كل مرة يتكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب التراجع يذكر سبباً من أسبابه

    قال ابن ماجه في سننه 4019- حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ :
    لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.
    وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ، وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.
    وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا.
    وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.
    وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ.

    تأمل الفقرتين الأخريين من الحديث جيداً

    فإن قيل : أتزعم أن ما في المسلمين بسبب ذنوبهم وهل الكفار عندك قوم صالحون حتى يسلطهم الله على عبيده المسلمين

    فيقال : هذا سؤال جيد ، تسليط الكافر على المسلم ليس مكافأة للكافر بقدر ما هو اختبار للمسلم ودعوة له للرجوع إلى الله عز وجل ، ولا ينبغي عند الكلام على الأديان إهمال النظرة الأخروية فالكافر هالك في الآخرة غير أن الموحد إذا عصى ضره ذلك في آخرته فكان من المناسب أن ينبه الموحد بطريقة تجعله يصلح ما بينه وبين الله ولا أشد على المرء من تسلط عدوه عليه ، ثم إن ذلك استدراج للكافر أيضاً ، والمعركة ما انتهت بعد وكل ما يحصل جولات

    خذ مثلاً قصة حنين لما أعجب المسلمين كثرتهم هزموا في بداية الأمر حتى يتنبهوا أن النصر ليس من عندهم ، ففي الإرادة الالهية الشرعية لئن يهزم الموحد فيبتهل إلى الله ويتضرع خيرٌ من أن ينتصر انتصاراً يشبه انتصارات غيره ممن يحاربون على الأطماع الدنيوية عمدتهم فيها الاعتماد على قوتهم ، ولن يلبث الموحدون إذا اعتمدوا على هذا المقياس حتى يبطشوا ويصيروا كأولئك تماماً

    وهنا إفادة للموحدين أرجع بعدها لمخاطبة أهل الإلحاد ، ويمكن للملحد البقاء هنا !

    هذه الإفادة أذكرها من كلام ابن تيمية يبين فيها الحكمة من حصول الهزيمة للموحدين في بعض المواطن وكيف أن هرقل اعتبر ذلك من دلائل النبوة

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العقيدة الأصبهانية ص96 :" وسألهم هرقل عن محاربته ومسألته فأخبروه أنه في الحرب تارة يغلب كما غلب يوم بدر وتارة يغلب كما غلب يوم أحد وإنه إذا عاهد لا يغدر فقال لهم: وسألتكم كيف الحرب بينكم وبينه فقلتم إنها دوال يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى وكذلك الرسل تبتلى وتكون العاقبة لها قال: وسألتكم هل يغدر فقلتم إنه لا يغدر وكذلك الرسل لا تغدر فهو لما كان عنده من علمه بعادة الرسل وسنة الله فيهم أنه تارة ينصرهم وتارة يبتليهم وأنهم لا يغدرون علم أن هذا من علامات الرسل فإن سنة الله في الأنبياء والمؤمنين أنه يبتليهم بالسراء والضراء لينالوا درجة الشكر والصبر كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" والله تعالى قد بين في القرآن ما في إدالة العدو عليهم يوم أحد من الحكمة فقال: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}.
    فمن الحكم تمييز المؤمن عن غيره فإنهم إذا كانوا دائما منصورين لم يظهر لهم وليهم وعدوهم إذا الجميع يظهرون الموالاة فإذا غلبوا ظهر عدوهم قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وقال تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}إلى قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} وقال تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} وأمثال ذلك ومن الحكم أن يتخذ منكم شهداء فإن منزلة الشهادة منزلة عليه في الجنة ولا بد من الموت فموت العبد شهيدا أكمل له وأعظم لأجره وثوابه ويكفر عنه بالشهادة ذنوبه وظلمه لنفسه والله لا يجب الظالمين.
    ومن ذلك أن يمحص الله الذين آمنوا فيخلصهم من الذنوب فإنهم إذا انتصروا دائما حصل للنفوس من الطغيان وضعف الإيمان ما يوجب لها العقوبة والهوان قال تعالى: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً} وقال تعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تقيمها الرياح تقومها تارة وتمليها أخرى ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تزال ثابتة على أصلها حتى يكون انجفافها مرة واحدة".
    وسئل صلى الله عليه وسلم أي الناس أشد بلاء؟ فقال: "الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلي الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه رقة خفف عنه وإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ولا يزال البلاء بالمؤمن في نفسه وأهله وماله حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة".
    وقد قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} وفي الأثر فيما روي عن الله تعالى: "يا ابن آدم البلاء يجمع بيني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك" وفي الأثر أيضا: "إنهم إذا قالوا للمريض اللهم ارحمه يقول الله كيف أرحمه من شيء به أرحمه" وقد شهدنا أن العسكر إذا انكسر خشع لله وذل وتاب إلى الله من الذنوب وطلب النصر من الله وبرىء من حوله وقوته متوكلا على الله ولهذا ذكرهم الله بحالهم يوم بدر وبحالهم يوم حنين فقال: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وقال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ}.
    وشواهد هذا الأصل كثيرة وهو أمر يجده الناس بقلوبهم ويخشونه ويعرفونه من أنفسهم ومن غيرهم وهو من المعارف الضرورية الحاصلة بالتجربة لمن جربها والأخبار المتواترة لمن سمعها ثم ذكر حكمة أخرى فقال {وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} وذلك أن الله سبحانه إنما يعاقب الناس بأعمالهم والكافر إذا كانت له حسنات أطعمه الله بحسناته في الدنيا فإذا لم تبقى له حسنة عاقبه بكفره والكفار إذا أديلوا يحصل لهم من الطغيان والعدوان وشدة الكفر والتكذيب ما يستحقون به المحق ففي إدالتهم ما يمحقهم الله به" انتهى كلام الشيخ رحمه الله
    وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في شرح كشف الشبهات ص48 :"

    ولا تظن أنه يرد عليه تسليط أهل الشر في هذه الأزمان، فإنه بسبب إضاعته، وإلا دينُ رب العالمين محفوظٌ مؤمِّنٌ بحفظ من يقوم به. ولا تظن أنه يرد عليه إدالة أهل الباطل بعض الأحيان فإنه تمحيصٌ ورفعة وغرور لأهل الباطل"


    ويقال أيضاً أن تأخر المسلمين في هذه الأعصار إذا كان دليلاً أنهم على باطل فليكن تقدمهم في الأعصار السابقة دليلاً على أنهم على حق ! وإذا قارنت بين حال المسلمين اليوم وحال السلف من جهة تطبيق الدين تبين لك الأمر على وجهه

    على أن التقدم في صناعة معينة خاضع لقاعدة كونية معروفة وهي أن جهد في شيء فإنه ينال النتيجة ، وهذه القاعدة بحد ذاتها دليل على وجود العدل الإلهي

    والملاحدة يشبهون صبياً يريد أن يدخن وينهاه أخوه الأكبر منه ، فدخل أخوه اختباراً فرسب فيه ، ودخل آخر مدخن ولكنه قد اجتهد وذاكر فنجح

    فقال الأصغر للأكبر : أرأيت المدخن نجح !

    فالربط بين نجاح الطالب وتدخينه كربط سخفاء الملاحدة بين كون فلان مثلياً وكون اخترع اختراعاً أو طوره

    وإنما الأمر أن هذا الإنسان اجتهد فحاز النجاح وإن كانت عنده سلوكيات أخرى غير مرضية

    قال الله تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)


    على أن هناك حقيقة هامة وهي أن عامة العلوم الموجودة اليوم هي نتاج تراكم جهود علماء على مدى قرون ، هؤلاء العلماء كانوا ينتمون إلى مجتمعات غير ديمقراطية ! وإلى تلك المجتمعات المتدينة التي يصورها الملحد بأنها تتقاتل دائماً على الدين

    فالكل يعرف فضل اليونان في الطب والعلوم الطبيعية مع كونهم كانوا من أكثر الناس إيماناً بالخرافة والأساطير ولهم أطروحات كثيرة مضحكة في باب الإلهيات ، ويكفيك أن أرسطو كان يقول بقدم الأفلاك وأزليتها وخالفه كل من تقدمه ولكن كلامه هذا انتشر فيمن بعده وكانوا يعتقدون صحته بسبب تعظيمهم له وكونه له كلام كثير جيد صحيح في العلوم التجريبية التي تعتمد على الحس والمشاهدة والتحليل ، وهذا عين ما يحصل اليوم لبعض المنبهرين بالتقدم التكنلوجي الغربي والآسيوي ( المتمثل بالصين واليابان ونظيراتها )

    ودعني أوقد لك بعض الشموع في طريق المعرفة لتبدد ظلمات الجهل عندك

    الشمعة الأولى : التقدم التكنلوجي بحد ذاته دليل على وجود الله عز وجل وفيه نقض لدعوى الأصل الواحد بين الإنسان وغيره من المخلوقات ، إذ أن فيه توكيداً على تميز الإنسان عن باقي المخلوقات بقدرته على الإبداع وقد نصت جميع الكتب السماوية على فضل الإنسان على غيره من المخلوقات ، وفيها توكيد الحقيقة التي في القرآن والسنة أن كل ما في الأرض مسخر لفائدة الإنسان ، وهذا إما أن يكون بطريق مباشر وإما بفعل الإنسان الذي جعل فيه المقدرة عليه ، فمثلاً مضع الطعام نعمة جعلها في الإنسان ، وأما هضمه وتنفسه فأمر يحصل تلقائياً ، وهكذا هي الأمور المسخرة منها ما يعمل بشكل تلقائي لنفع الإنسان ، ومنها ما يحتاج إلى مباشرة وعمل

    الشمعة الثانية : التقدم الغربي محصور في أمرين الصناعية التكنلوجية ومقدرتها على الاستفادة من الموارد الطبيعية ، وصناعة الترفيه وهذه الأخيرة ينفق عليها مليارات لو أنفق عشرها على الفقراء في العالم لانتهى الفقر ثم بعد ذلك يحدثونك عن حملات إغاثة ، والسبب في كون صناعة الترفيه ( في الرياضة والفن وألعاب الفيديو ) تحظى بهذا الاهتمام اعتقادهم أن الإنسان بحاجة إلى هذا الأمر وإلى إجمام نفسه ، والذي يعتقده ملايين المتدينين وهم أغلبية في هذا العالم أنهم يحتاجون إلى الدين في حياتهم أكثر من حاجتهم إلى الترفيه وبعضهم ظن أن الأمر متوازي لما هم معلوم من كون الدين الصحيح يسبب للمرء الطمأنينة والراحة ويحدد له هدفاً يعيش من أجله ويجعله يشعر بالترابط مع أقوام آخرين

    الشمعة الثالثة : نظرية دارون والأحفورات لا علاقة لها بالتقدم التكنلوجي ولم تضف فيه أي شيء بل هي مجرد بحث في أصل الخليقة ولا يد للإنسان في صنع أي شيء في هذه العملية فهذه النظرية من هذا الوجه تقف على نفس المستوى من التكنلوجيا مع الدين ( في وجهة نظرك ) ، فهي مجرد اعتقاد ! غير أن الدين يزيد بأنه حياة كاملة وتنظيم لهذه الحياة ، فلماذا نراكم تعظمون دارون أكثر من أي مخترع الطيارة والسيارة والكهرباء وجهاز الحاسوب

    وماذا لو جاء شخص وزعم أن علم الأحياء أفيون الشعوب وأنه لا فائدة منه في تحقيق تطور فعلي ملموس ، أو على الأقل قال ذلك في نظرية دارون أو نظرية الأكوان المتعددة

    الشمعة الرابعة : تقدم الآلة مع ضعف الأخلاق أو عدم وجود مرجعية لها يجعلها أداة للفتك أو الإزعاج فلا بد من الدين لضبط الأمر ، وهذا ما شعر به غربيون كثر أسلموا

    الشمعة الخامسة : ألا تجد في المدرسة رجلاً ينجح في الرياضيات ويرسب في اللغة الانجليزية مثلاً وآخر بعكسه ، لماذا لا يكون حال الغرب مع الشرق هكذا ، العلوم الغربية ليست مقتصرة على العلوم التجريبية أو التكنلوجيا أو الطب بل هناك علوم تعنى بالعلاقات الإنسانية كعلم النفس وعلم الاجتماع والواقع أن الدين يضبط ذلك كله ، وخذ مثلاً الولايات المتحدة الأمريكية مع كل ما عندها من التقدم التكنلوجي تعد دولةً فاشلة اقتصاديا فهي من أكثر الدول المديونة في العالم ومرت بأزمة اقتصادية ، وهذا ما لا تجده في أكثر دول الخليج ، والمراد قوله أن التقدم في باب لا يعني التقدم فيها كلها

    الشمعة السادسة : التقدم التكنلوجي لا يجيب على الأسئلة الهامة : لماذا نحن هنا وما هو هدفنا وإلى أين سنذهب ؟

    الشمعة السابعة : قد يكون عدد من المخترعين ملحدين ، وبعضهم شاذ جنسياً ولكن المؤكد أنه ليس بينهم ملحد عربي كل همه سب الدين

    وإليك المفاجأة : يوجد في المملكة العربية السعودية جمعية للمخترعين السعوديين وسجلت براءات اختراع في عدد من الاختراعات ولهم صفحتان على تويتر

    فدراسة متون التوحيد لم تؤثر عليهم أثر الحشيش على عقول بعض الملحدين

    وهناك المخترعة المصرية المسلمة ليلى عبد المنعم التي حصلت على وسام الاستحقاق من مؤتمر جلوبل بعد توصلها لأكثر من مائة اختراع

    وقد قالت بالنص في لقاء صحفي معها :" و للقرآن الكريم فضل كبير في اختراعات عدة مثل حوائط التبيومين مع الحديد المنصهر والساعة الكونية والسبحة الألفية، فقد ساعدني حفظ القرآن في الوصول لهذه الاختراعات وغيرها مثلما توصلت إلى تجربة فيزيائية تثبت قول الله تعالى : " رفع السماء بغير عمد ترونها " فالبحار رغم كروية الأرض لا تسقط منها المياه لأن عليها أعمدة هوائية تضغط بقوة إلهية على المياه حتى لا تسقط"

    ولا يوجد في النساء الغربيات أجمع واحدة كهذه المرأة ، ولا أدري إن كانت تعتقد في الكائنات الفضائية التي يعتقد فيها دوكنز هل كانت ستصل إلى هذا

    وأيضاً الدكتورة حياة سندي السعودية التي تحفظ القرآن وهي مخترعة معروفة

    وقرأت عن شاب مغربي اسمه عبد الله محمد شقرون مزداد قدم 25 اختراعاً ولم يبلغ الخامسة والعشرين من عمره ، وهو يحفظ القرآن

    وأيضاً المخترع السعودي الأعمى مهند أبو دية وهو أعجوبة من أعاجيب هذا العصر وقد أطلق لحيته وصار متطرفاً فيما يبدو !

    والواقع أن ليس هذا ما نؤمله بل نؤمل ما هو أعظم ولا زلنا بحاجة إلى المزيد

    الشمعة قبل الأخيرة : قد كاتب نصراني مقالاً أسماه ( نعم اللاهوت ) أرجع فيه التقدم الأوروبي لبركة النصرانية ! فالظاهرة نفسها تفسر عدة تفسيرات ، ولو جاء من يدعي أن النفط في دول الخليج الذي جعلهم يعيشون في مستوى عال من الرفاهية يحلم فيه الكثيرون من ( نعم الله ) على الأمة المتشددة ! لكان من الباب نفسه وأكثر منطقية من الربط بين الشذوذ الجنسي واختراع الحاسب

    الشمعة الأخيرة : ليس الاستبداد الديني ما يعيق الابداع في نظر الملحد بل الاستبداد السياسي أيضاً

    فهل الصين ديمقراطية أم دولة قمعية ؟

    ابحث وأعطني النتيجة ، ودعني أحيلك على تقرير منظمة العفو الدولية الذي حذرت فيه من تصاعد حملات القمع في الصين

    هذا هو المثال الأول

    والمثال الثاني : ما يذكره لك من أن المسلمين مختلفون أو أهل الأديان ومختلفون

    فيقال على اختلافهم هم يعتقدون أنك أغبى مخلوق على وجه الأرض ، وهذا الاختلاف لا يبرر لك الإلحاد أو الكفر

    أرأيت لو أن شخصين اختلفا في أرض كل منهم يزعم أنها له فهل يكون الحل إنكار وجود هذه الأرض

    ثم إن التعددية من القيم الديمقراطية التي تؤمن بها وصراع الأحزاب السياسية وخلافاتهم لو جعلها المرء سبباً للكفر بالديمقراطية وعدم المشاركة فيها لأنكرتم عليه

    ولو أن شخصاً ذهب إلى طبيب فشخص له تشخيصاً ثم إلى طبيب آخر فأخبره أن تشخيص الطبيب السابق خطأ ( وما أكثر ما يحصل هذا ) هل سيكون الحل بأن يترك العلاج ويقاطع المستشفيات

    ولو قرأ رجل مقبل على دراسة البيولوجيا أو الفيزياء خلاف العلماء في وجود الله واختلاف أنصار نظرية التطور وأضدادها ، فهل سيكون الحل الكفر بعلم البيولوجيا أو الفيزياء أو مهاجمة العلماء من الطرفين

    على أن هذا الذي تذكره دليل من دلائل النبوة

    إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من سيعش فيرى اختلافاً كثيراً وأوصى بالمخرج وهو ترك المحدثات واتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين

    وكذا في حديث الافتراق أخبر بالأمر

    وكذا في حديث الطائفة المنصورة وحديث أنه سيأتي على رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة أمر دينها وهذه آية متجددة

    ومن رحمة الله بالأمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبرهم بأنه سيفترقون فقط بل أخبرهم بالمخرج ولكن الهوى هو الذي يبقي على الخلاف

    بل اللطيف أن الملحد والليبرالي نفسه دليل من دلائل النبوة !

    فكثير منهم منافق يظهر خلاف ما يبطن

    قال الله تعالى : (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)

    وهذا حالهم في كثير من المجتمعات بل هذه ألفاظهم التي سجلت عليهم في منتدياتهم دعوى أنهم يظهرون الإيمان استهزاءً

    وقال الله تعالى : (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ)

    أليس هذا حال الملحد أو الليبرالي مع والديه في غالب أحيانه ؟

    بل هو إلى اليوم يستخدم مصطلح ( خرافة ) و ( أسطورة )

    فسبحان الله العليم بكل شيء

    قال البخاري في صحيحه 3276 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ

    وقال مسلم في صحيحه 266- [...] وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِيِّ ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ، وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ يَزَالُونَ يَسْأَلُونَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ حَتَّى يَقُولُوا : هَذَا اللَّهُ ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ ؟ قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَنِي نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، هَذَا اللَّهُ ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ ؟ قَالَ : فَأَخَذَ حَصًى بِكَفِّهِ فَرَمَاهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : قُومُوا قُومُوا صَدَقَ خَلِيلِي.

    فهذا السؤال الإلحادي لم يكن مطروحاً في تلك الأيام بل عامة الناس كانوا يؤمنون بوجود ، فظهور من يسألون هذا السؤال دليل من دلائل النبوة والحمد لله

    وقال البخاري في صحيحه 3456 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ.

    والليبرالية والإلحاد والعلمانية والديمقراطية أول ما ظهرت في أهل الكتاب ثم قلدهم قوم عندنا ، بل والتقليد فيهم ظاهر حتى سموا ( تغريبيين ) فكانوا تصديقاً للحديث النبوي الشامل للكثير من أحوال الأمة اليوم والله المستعان

    وقد بين رب العالمين ارتباط النفاق ( الزندقة ) بحب انتشار الفاحشة في أهل الإيمان

    قال الله تعالى في سورة النور وهو يتكلم عن المنافقين : (وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِن الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)

    وقال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)

    وما ينادون به من تحرير المرأة والدعوة للاختلاط ثم تطور الأمر في بعض البلدان إلى الدعوة تقنين الدعارة ، مما هو مصداق لهذه الآيات

    فسبحان الله العليم بكل شيء

    وقال الله تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)

    سبحان الله لم يستطع المنافقون الخروج من سياق المنافقين الأول الألفاظ نفسها أو المعاني نفسها بألفاظ متقاربة

    وقال مسلم في صحيحه 6880- [9-...] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، سَمِعْتَ قَتَادَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعَهُ مِنْهُ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ ، وَيَفْشُوَ الزِّنَا ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ ، وَتَبْقَى النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ.
    6881- [...] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَأَبُو أُسَامَةَ ، كُلُّهُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بِشْرٍ وَعَبْدَةَ : لاَ يُحَدِّثُكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَذَكَرَ ، بِمِثْلِهِ.

    وفشو الزنا والربا في العالم حتى صار منظماً أمر ظاهر

    وهذا يكون وجود الليبرالي والعلماني والملحد سبباً لزيادة الإيمان والحمد لله على توفيق( مستفاد )
    وأخيراً أختم بالتعليق على كلمة لبعض جهلة الملاحدة يصف فيها الحياة بأنها اختبار صعب وأن رب العالمين وضع اختباراً صعباً ( معرضاً بعدله سبحانه )
    أقول : نعم هو اختبار صعب ولكنه جعل لك مدة مفتوحة في الحل طوال عمرك

    قال الله تعالى : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)

    وأرسل إليك رسلاً يخبرونك بالأجوبة الصحيحة وأيدهم بالآيات الباهرة ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً )

    وأخبرك أنك إذا استعنت به صادقاً فسيعينك ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )

    وأخبرك أن عند الحيرة عليك أن تسأل أهل الذكر ، فلم يجعل الاختبار كاختبارات لا يسمح فيها بالاستعانة بصديق ولها مدة قصيرة بل إنك مهما قلت من كلام الكفر ومهما فعلت من المعاصي إذا تبت توبة صادقة فإنك ستغفر لك كل تلك الذنوب وأما في محاكم الدنيا فتوبتك الصادقة لا ترفع عنك العقوبة في الغالب

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الخاطرة الخامسة : ماذا لو كان كلامهم صحيحاً ؟

    أبدأ هذه الخاطرة بسرد ثلاثة أخبار هامة في تاريخ العلم ثم التعليق

    تحت عنوان 700 عالم يطالبون بحقهم في نقد الدارونية نشر ما يلي

    ” في الصين يحق لنا نقد الدارونية لكن لا يحق لنا نقد الحكومة، في أمريكا تستطيع نقد الحكومة ، أما النظرية الدارونية فلا”
    العالم الجيولوجي الصيني يون يوان شين

    (1)

    ما يقول البروفيسور يوان شين ليس من المزاح في شيء ، وهو ليس تلاعبا أو بهلونية في الكلام… بل هي حقيقة واقعة تقلق الأوساط العلمية الأمريكية.
    هذا ما جعل مجموعة من العلماء على رأسهم هنري “فرتز” شيفر الأستاذ بجامعة جيورجيا والذي رُشح أكثر من أربع مرات لنيل جائزة نوبل يكتبون وثيقة تتعلق بالدارونية. يحتج هؤلاء على فكرة أن تكون الدارونية هي النظرية الوحيدة التي تدرس وتشرح للناس والطلبة أصل وتطور الكائنات الحية . وكان مجموعة من العلماء قد عبروا عن استيائهم من الفكرة التي تقول أن كل رافضي الدارونية هم من المتعصبين الدينيين.
    وفي استقتاء أجرته مؤسسة زغبي الأمريكية بطلب من مؤسسة ديسكفري التي تقوم بنشر البرامج العلمية يظهر أن أكثر من 80 بالمائة من الأمريكيين يدعمون فكرة النقد الممكن للنظرية الدارونية على المستوى العلمي. هذا و لم تزد نسبة الذين يطالبون بأن تكون الدارونية هي النظرية الوحيدة التي يجب قبولها على ال 10 بالمائة.

    (2)

    لا يرتبط نقد النظرية بالدبن بل ثمة علماء يطالبون بفكرة التصميم الذكي كواحدة من النظريات الممكنة.
    يطالب هؤلاء العلماء ب”دمقرطة” الموضوع وخاصة في جانبه العلمي والتعليمي.
    وتجمع القائمة كثيرا من علماء وأساتذة جامعات في مجالات عديدة منها: البيولوجيا، والفيزيا، والكيمياء، والرياضيات، والجيولوجياـ


    (3)

    يعاني كثير من الباحثين الجامعيين الشباب من المضايقات بسبب أفكارهم المضادة للدارونية.

    يقول جيد ماكوسكو ، وهو باحث شاب في البيولوجية الجزئية في جامعة كاليفورنيا بيركلي ” أعتقد أن الوقت حان للمدافعين عن الداروينية أن يفتحوا حوارا جديا ويتقبلوا النقد العلمي للنظرية، فالعلم لا يمكن أن يتقدم ما دام هناك من يضعون بوابات مراقبة أمام الأفكار الجديدة لمنع وصولها للناس”

    وتم توقيع تلك الوثيقة التي تعبر عن رفض الدارونية من قبل مائة عالم في كافة المجالات… من هؤلاء:

    البروفيسور هنري شيفر: أستاذ الكيمياء في جامعة جيورجيا.
    البروفيسور فرد سيجورث: أستاذ الفسيولوجيا الجزئية والخلوية بجامعة يل
    البروفيسور فرنك تبلر أستاذ الفيزيا الرياضية بجامعة تولان
    البروفيسور ميشيل بيهي : أستاذ العلوم البيولوجية بجامعة لوهيج وصاحب كتاب “صندوق داروين الأسود”
    البروفيسور دين كينيون: أستاذ البيولوجيا بجامعة سان فرنسيسكو
    البروفيسور جيمس كيسلنج: أستاذ الرياضيات بجامعة فلوريدا
    البروفيسور كارل كوفاك: أستاذ الكيمياء والكيماء الحيوية بجامعة كولورادو
    البروفيسور توني جلسما: أستاذ البيولوجيا بدورت كوليج
    البروفيسور جيمس كينر: أستاذ الرياضيات بجامعة أوتاه
    البروفيسور روبرت ماركس: أستاذ بجامعة واشنطون
    البروفيسور لورنس جوستون: أستاذ الفيزياء بجامعة ايداهو
    وغيرهم كثيرون…
    لمزيد من الأسماء يمكن الإطلاع على المصادر التالية:
    القائمة الأولى شملت مائة عالم عام 2001

    http://www.reviewevolution.com/press/pressRelease_ 100Scientists.php


    أرتفع العدد ليشمل 700 عالم وقعوا الوثيقة عام 2007
    تشمل تلك القائمة الجديدة عددا هائلا من علماء الجمعية الوطنية للعلوم في كل من أمريكا وروسيا وتشيكيا … وأيضًا عددا كبيرا من العلماء في مختلف جامعات العالم
    أعتبر الحدث تمردا علميا على الداروينية

    أقول : يا للهول سبعمائة دفعة واحدة !

    وبعضهم يتكلم عن واحد فقط ! ويزعم أن المسألة حقيقة علمية مسلمة مجمع عليها

    أن يكون المرء جاهلاً في الدين ويتكلم عنه أمر اعتدنا عليه ، وأما أن يكون جاهلاً بأهم المخاطر التي تواجه نظرية التطور ثم يبني عليها اعتقاداً خطيراً كالإلحاد هذا أمر عجيب

    ثم يتحدث بكل ثقة ويتحدى أن يوجد عالم واحد ينكر نظرية التطور

    هل سمعت عن رجل اسمه جيري جيرمان

    هذا الرجل كان تطورياً وكفر بالتطور لم يستسلم للمألوف والعادة وأعمل عقله ، وصنف كتاباً عن المنشقين شرح فيه الإرهاب الذي مورس ضده من قبل المتطرفين التطوريين الذي يشرح لك بكل وضوح سبب عدم معارضة كثيرين للنظرية مع رؤيتهم عيوبها

    وخذ هذا الخبر قائمه من العلماء جمعهم الدكتور جيري بيرجمان (http://creationwiki.org/Jerry_Bergman) صاحب كتاب (Vestigial Organs Are Fully Functional) وصله عددهم الى 3000 من مختلف المجالات يرفضون نظريه التطور ويشككون بها
    darwinskeptics.pdf

    ثلاثة آلاف لو كتب كل منهم ثلاثة أوراق في نقد التطور لخرجنا بتسع مجلدات ، وهذا القدر أعلم جيداً أن عامة الملحدين العرب لم يقرأوه في حياتهم

    وهنا رابط لخبر فيه أن 1000 طبيب يعترضون على نظرية التطور http://www.pssiinternational.com/

    فأين ذهبت العقلية التشككية الإلحادية التي تشكك في كل شيء ؟

    ماذا لو كان كلام كل هؤلاء صحيحاً ؟

    هذا معناه أن الأديان حق وأن مصيرك الخلود في جهنم ؟

    وأما اللاأدري فهو يشهد على نفسه أن هناك احتمالاً 50 بالمائة أنه سيخلد في النار

    والعقل الذي يقول ( ماذا لو كان الإسلام ليس صحيحاً )؟

    ألا يسألك ( ماذا لو كان كل هؤلاء العلماء صادقين والتطور خرافة والإسلام صحيح ؟ )

    المسلم قدم له شيئاً أحسن من الإسلام إن وجدت

    فالمسلم ليس مستعداً أن يترك دينه من أجل أن يعبد بقرة أو فرج أو إله لا يعرفه ويترك الخالق العظيم الذي له الأسماء الحسنى

    وليس مستعداً أن يترك دينه لكي يؤمن بأن هناك شعباً مختاراً لا يبلغ المرء مبلغهم مهما كان حسن الأخلاق والتقوى

    وليس مستعداً أن يترك دينه لكي يؤمن بأن الله أو ابنه صلب على خشبة ليكفر خطيئة لم يفعلها

    وليس مستعداً أن يترك دينه لكي يؤمن أنه هو والقرود أبناء عمومة ، وأن هذا الكون كله بلا مدبر وجاء بالصدفة وأن الفرق بينه وبين النملة بعض الحظ وأن سمكة خرجت من الماء ولم تمت كانت أصلاً لعامة الأحياء الموجودة

    العلم الحديث كائن متغير اليوم يؤكد نظرية وغداً ينقضها قد كان أرسطو ومن معه من الفلاسفة ، قد وصلوا إلى قمة الهرم العلمي التجريبي في زمنهم وآمنوا بأزلية الأفلاك وقلدهم ابن سينا ومثله ، وهب عليهم علماء المسلمين واعتبروا ذلك مناقضاً للنصوص واليوم حتى الملاحدة يعتقدون أن هذه كانت خرافة ، وتمدد الكون صار أمراً قطعياً

    فأي عاقل يعلق مصيره على ورقة يانصيب

    ولن يترك المسلم دينه ويستمع لرجل يتكلم عن عدل دول تحتفظ بحق الفيتو هي دون غيرها ، وتحتفظ بحق امتلاك الأسلحة هي دون غيرها ، وتخضع لأزمات اقتصادية سببها الربا ، وحالات الإجهاض فيه تبلغ المليون

    ولن يترك المسلم دينه الذي يشمل جميع نواحي حياته ليؤمن بنظرية يطعن فيها الآلاف من العلماء ، ثم بعد ذلك تكون حياته سبهللا

    ولن يستجيب المسلم لرجل يفاخر بعاهرة ملحدة تساعد مسناً أمام الكاميرات ( بحركة إعلامية واضحة ) ، وينسى من أين أتت بهذا المال الوفير وأنه لا يمكن لامرأة لا تجعل من جسدها متجراً أن تحصل عليه ، وينسى كم ينفق من الأموال على الترفيه وتجارة الأجساد إذ تقدر بالمليارات ولو أنفق عشرها على المجاعات لانتهت ، وينسى هذا الرجل انساناً يكد ويتعب ويقاسم الفقير شيئاً من ماله ومال أبنائه ائتماراً بأوامر نبيه صلى الله عليه وسلم

    ولن يستجيب المسلم لرجل كلما ذكروا ما يحصل للمسلمين من مجازر يقتل فيها الطفل والمرأة والأعزل حدثك عن بني قريظة حيث لم يقتل الأطفال والنساء ! ، وعندما يتم تهجير نصارى في الموصل لا يستحضر محاكم التفتيش وفتكها بالمسلمين والإبادة الجماعة ، وما حصل في المسجد الأقصى على يد الصليبيين( وهذا مجرد إلزام لبيان الازدواجية والمسألة لها بحث علمي آخر )

    ولن يستجيب المسلم لرجل يسكت على منع كوريا الشمالية لتداول أي كتاب ديني ، واضطهاد المسلمين في الصين ، وما يحصل في بورما ونيجيريا ، ومنع الحجاب في فرنسا ومنع المنارات في سويسرا وامتهان المرأة في الغرب عن طريق البغاء المنظم وغيره ثم يكلمك عن قيادة المرأة للسيارة

    ولن يستجيب المسلم لرجل ينظر إلى مجتمع تظهر فيه الرشوة والفساد الإداري والعصبية القبلية والظلم ، والسرقة من كبار المسئولين ويضعف تمسك عامة أهل هذه البلاد بالدين ، فيربط بين تأخر هذه البلاد والدين الذي يحارب كل هذه الأمور !

    ولن يستجيب المسلم لرجل يثني على الضرائب في النظام الغربي التي تؤخذ بشكل شهري وبعضها يؤخذ متعلقاً بالخدمات ولا يعترض على معاقبة تاركها ، ويبرر أنها مقابل خدمات ثم هو يعترض على حكم الجزية الذي يؤخذ كل عام ولا يؤخذ من المقاتلين فقط فلا تؤخذ من الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ

    ولن يستجيب المسلم لرجل يتهم رجلاً بالشهوانية لأنه تزوج عدة نساء عامتهن بعد أن تجاوز الثالثة والخمسين من عمره ولا يعرف عنه في شبابه في أوج الشهوة زنا ولا خنا وكان لا يصافح النساء ويأمرهن بالاحتجاب وعامة من تزوجهن لم يكن أبكاراً وترك من هن أجمل منهن ، ثم لا يتهم الغرب الذي تتعرى فيه النساء وتظهر فيه الدعارة المنظمة والأفلام الإباحية وغيرها من البلايا لا يتهمهم بالشهوانية

    ولن يستجيب المسلم لرجل يربط بين الاختراع والشذوذ الجنسي ! ربطاً غبياً ثم يتناسى أن عامة المخترعين والعلماء المؤثرين في تاريخ البشرية كانوا رجالاً مما يؤيد نظرية التفوق الذكوري على الأنثى الذي يحاربون الأديان من أجله

    ولن يستجيب المسلم لشخص لا يرى مندوحة من الشذوذ الجنسي إذا كان برضا الطرفين مع كل ما يسببه من أمراض ، ويعترض على زواج النبي بفتاة بالغة عمرها تسع سنين ( وهذا ثابت طبياً أن البلوغ ممكن في هذا السن) وقد كان برضا أهلها ولم يسبب أي أمراض أو أعراض جانبية ولم ينتقده أحد من أعداء الدعوة ولم يستشكله أحد من أنصارها ، مما يدل على أنه عرف اجتماعي لا يمكن أن نعتدي عليه بما ارتكز في أذهاننا مع أنه إلى عهد قريب لم يكن مثل هذا ظاهرة غريبة أبداً

    ولن يستجيب المسلم لرجل يتكلم عن فضل الغرب في اختراعاتهم والتي لا يعطونها لنا إلا بمقابل مادي مما يجعل بائع الخبز له فضل علينا أيضاً ، ثم يجحد فضل الله عز وجل الذي منحه كل النعم

    وقول القائل أنه لا يؤمن إلا بالمحسوس معناه أنه لا فرق بين الإنسان والحيوان وأنه لا وجود للتحليل العلمي والاستدلال بالشاهد على الغائب ، فأنت حين تقرأ خبراً في الجريدة لماذا تصدقه ؟

    لعلك تثق بالجريدة ويمكن أن تكون كاذبة أو تستدل بقرائن تلحق بالخبر تدل على صدقه أو كذبه ، وكذلك الأنبياء سمعوا من الملائكة والملائكة سمعوا من الله ، فالنقل مصدره الحس ثم هناك قرائن وأدلة دلت على أن الأنبياء لا يكذبون وأن مثلهم لا يمكن أن يأتي بهذا الوحي من عند نفسه

    وأزيدك لأقول الأحافير التي تراها من أين لك أنها ليست مزيفة أو تم تزييفها ( وقد وقع هذا أيضاً ) ثم إن المعطيات التي حددت هوية الأحفورة من أين لك أنها معطيات صحيحة ففي النهاية أنت تؤمن بالغيب

    والاستدلال بالأحفورة على التطور استدلال بشاهد على غائب كاستدلال المتدينين تماماً

    والحلقات المفقودة والأكوان المتعددة كلها غيبيات أنت تؤمن بها

    ودعنا من هذا الحوار الحماسي الذي يصطبغ بصبغة الجدل ، ولنتكلم بكلام هاديء فإن باب الجدل حول نظرية التطور قد أشبعه الأخوة ، ولست أعني الكلام عنها بالذات وإنما أتحدث عن منهجية البحث الخاطئة أصلاً

    دعني أحكي لك حادثتين تاريخيتين ثم ننتقل إلى نمط ثالث في الحوار

    لقد هجم التتر على بغداد وقتلوا في يوم مليون شخص وفي سامراء قتلوا 600 ألف شخصاً في يوم واحد وأذلوا المسلمين إذلالاً عظيماً كانوا يقتلون لمجرد القتل ولإفناء النوع

    فإن قلت : ما الفائدة من ذكر هذا

    فسأقول : فائدتان

    الأولى أن حال المسلمين اليوم قد مروا بما هو مثله في السوء أو قريب منه أو أسوأ واستطاعوا الانتصار فالمسلمون غلبوا التتر فيما بعد وليس هذا الانتصار الحقيقي بل الانتصار الحقيقي أن عامة التتر أسلموا

    الفائدة الثانية : التتر لا يؤمنون بأي دين وكان من أطروحات جنكيزخان أن اليهودية والنصرانية والإسلام ليس فيها ما يحتكر الحقيقة بل هي بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين

    فيمكن تصنيفهم بأنهم لادينيين وارتكبوا هذه الجرائم بماذا يذكرك هذا

    والحادثة الثانية هي استيلاء الصليبيين على المسجد الأقصى الذي إذا ما قورن باستيلاء اليهود اليوم سيظهر فضل اليهود عليهم في عدة نواحي أهمها أن الصليبيين منعوا الصلاة في المسجد الأقصى لقرابة القرن

    وانتصر المسلمون بعد ذلك

    فلا ينبغي الاغترار بحال المسلمين في حقبة معينة من الزمن أو حال العدو ثم بناء مقدمات نفسية غريبة على مثل هذا

    قال الله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)

    وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)

    ويبدو أن هذا الامتحان يرسب فيه أناس من أظهرهم من ينحاز لجانب الأقوى ويتنكر للعقيدة

    ولننتقل إلى نقطة أخرى وهي هل تزعم أنك تحترم الإنسان وأنت تسخر من عقيدته ؟

    المرء أهم شيء عنده عقيدته فالاستهزاء بها استهزاء به ألا ترى أنني لو قلت ( خرافة التطور ) يحفظك هذا ( يعني يغضبك )

    وقد نصت مواثيق الأمم المتحدة على أنه يجب احترام الأديان والعادات العامة لكل مجتمع وهذا معناه أن الملحد العربي مستحق للمطاردة القانونية من أجل سخريته المستمرة التي يهرب به من أي نقاش علمي عقلاني

    وأخيراً لنتكلم عن لغز محير وهو ذلك الرجل الذي بلغ الأربعين من عمره ولم يقرأ ولم يكتب ولم يكن معروفاً بالنقاش في الفلسفة اللاهوتية العقلية الجدلية

    ثم يأتي بعد ذلك ويأتي بأطروحة متفردة فيها محاورات عقلية عميقة للخصوم مع إرث روحي عجيب

    فمن أين جاء بفكرة الأسماء الحسنى التي تجعل العبد مرتبطاً بربه على كل حال ؟

    ومن أين جاء بتلك الأدعية الملأى بالضراعة ؟

    ولا يوجد في اليهودية والنصرانية مثل ذلك

    ومن أين جاء بتلك الأجوبة على شبه منكري البعث والتي ملخصها أن من خلق الخلق من عدم أهون عليه أن يعيده مرةً أخرى ، وله كمال العلم والقدرة والحكمة المقتضية لذلك

    ومن أين جاء بذلك الخطاب الاستعلائي الذي يملأ القرآن ؟

    والعجيب أن بعض نصوصه تقرأها فكأنها نزلت اليوم وعامتها كأنها تخاطب أقواماً الآن ظهروا

    قال الله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ)

    كأنه تصف حال الملحد

    وقوله تعالى : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ)

    كأنه يصف حال الملحد واللاأدري والربوبي

    وقوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)

    وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ? (50))

    وقوله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)

    كلها دامغة للربوبي

    وسبحان الله كيف يستطيع المسلمون الاقتباس من هذا الكتاب متى ما أرادوا في الكثير من الأمور التي لم يرها محمد صلى الله عليه وسلم


    وهو رجل عبقري باتفاق فكيف يورط نفسه بدعوة إلى قراءة وحفظ كتاب هو ألفه وتدبره جيداً فإن ذلك يفضح الكذب بسهولة

    وكيف يراهن على جماعة من علماء بني إسرائيل ويظهر جمع غفير منهم يؤيده كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار

    وكيف يورط نفسه بالكلام على أحداث غيبية ستحصل في آخر الزمان ، ثم تشكل هذه الأخبار وقوداً إيمانياً لأتباعه في آخر الزمان إذ يرون عامة ما تكلم عنه يتحقق

    وكيف تفاعل مع هذه الفكرة فكان زاهداً بالدنيا يتقلل من الأكل والشرب جداً حتى أنه كان يمر عليه الشهر والشهران ولا يوقد في بيته نار ويواصل في الصيام ( وهذا يناقض اتهامه بالشهوانية ) ومقدرته في الجماع مع قلة طعامه آية حقيقية تخرق جميع المعطيات الطبية المعروفة ( وقد نبه على هذا ابن الجوزي في كتاب مشكل الصحيحين )

    وكثيرون يعرفون أنه تزوج تسعة ولكن الذي لا يعرفه كثيرون أنه هجرهن شهراً كاملاً وأنه يتركهن في العشر الأواخر للعبادة وهذه أفعال تناقض الشهوانية

    وحين قالت له امرأة تزوجها ( أعوذ بالله منك ) عظم اسم الله ولم يقترب منها وطلقها فأين هذا الفعل من الشهوانية

    بل ثبت أنه خيرهن جميعاً بين البقاء معه أو مفارقته ، ولا يختلف العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمت النساء في مدة من الزمن واختلفوا هل أحللن له أم لا

    وكان يطيل في الصلاة حتى تتفطر قدماه ويحب الصلاة جداً وينام على حصير يؤثر في جنبه ، ويعادي أهله وأقرباءه ويتعرض للإهانة بشكل مستمر حتى أظهره الله على عدوه ، وكان يعيش في حجرات صغيرة وكانت تأتيه فترات لا يستطيع النفقة على أزواجه ويشد الحجر على بطنه من الجوع

    وما الذي فعله بالناس حتى أسر قلوب الملايين الذين لم يروه وكلهم يعتقد أنه أفضل مخلوق مطلقاً وبمجرد أن تقص عليهم حادثة كحادثة الإفك أو حادثة توبة كعب تراهم يبكون؟

    ولماذا هو الشخص الوحيد الذي يدعو له الملايين في صلاتهم وترتج الآفاق في كل الدنيا بالشهادة له بالنبوة عند كل أذان ؟

    وكيف استطاع أن يخلف في أمته رجالاً كالصحابة والتابعين كلما قرأت سيرة رجلاً من أعيانهم رأيت أموراً استثنائية واتفاقاً عجيباً بينهم على الزهد ومحبة القرآن ومحبة الإسلام والدعوة إليه وبذل كل شيء من أجله وكلهم يزعم أنه لا يبلغ عشر معشار ذلك الرجل الأمي ؟


    وكيف زرع فيهم أمر الدعوة حتى أنه دينه الأسرع انتشاراً اليوم وجميع المسلمين يفرحون بدخول غير المسلم للإسلام كفرحهم بالعيد أو أكثر ، ولهذا النقاش بين الملحد والمسلم حقيقته أن شخصاً يدعو آخر للخلود معه في الجنة والنجاة من النار وأما الملحد فلا يدعوه لشيء فمصير الملحد والموحد في عقيدة الملحد شيء واحد ؟

    ولماذا هذا هو الرجل الوحيد في تاريخ الدنيا الذي خضعت الأقوال المروية عنه إلى منهج نقدي دقيق فجمعت أقواله في كتب معينة ورويت بأسانيد كل رجل يروي كلمة عن هذا الرجل تكتب له ترجمة تذكر فيها المعلومات الكافية عنه ولا يقبل خبره حتى يكون عدلاً ضابطاً ولا يروي ما ينافي الأخبار الأخرى مما رواها الأكثر ولا بد أن تكون متصلة مع قواعد نقدية أخرى ؟


    الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها هو ما جعل كثيراً من المسلمين إيمانهم عظيم على مدى التاريخ وما يسمى بالإعجاز العلمي أو الإخبار بالغيبيات هذا النوع من الإعجاز خاص بأصحاب الذهن الكثيف ، وأما أصحاب الروح الرقراقة فيكفيهم البحث عن إجابة الأسئلة السابقة وغيرها من الأسئلة

    فالعبقريون كثر وهذا العبقري وحده من صنع ما ذكرت ، والعبقرية لا بد ان تصقل بالتعلم والمدارسة والحصول على أطروحة متفردة في علم ما لا بد فيه من تتلمذ على متخصصين وكثرة قراءة ومدارسة فلماذا هذا هو العربي الوحيد الذي استطاع هذا مع كونه أمياً ولم يظهر ذلك منه إلا بعد الأربعين فجاءت أطروحة متكاملة فلسفياً واقتصادياً وسياسياً وروحياً وافقتها أو خالفتها فقد كانت الأساس لبناء امبراطورية عظيمة ، وهي إن زال تماسكها السياسي إلا أن ترابطها الروحي لا زالت آثاره موجودة

    ولكي تجد الجواب على هذه الأسئلة اذهب واقرأ القرآن بدون تلك النظرة المسبقة وأي كتاب تفسير معتمد ، واقرأ الصحيحين واقرأ السيرة النبوية واقرأ ما شئت لكي تعرف الجواب على الأسئلة السابقة ، اعتبره بحثاً معرفياً بحتاً

    اسمع لقصص الذين أسلموا من الغرب إذ أن تعظم القوم جداً لماذا معظم الداخلين من النساء ؟!

    أحسب أنهن لمسن بأيديهن ما يراد بتحرير المرأة

    ولماذا هذه الأعداد الهائلة ؟

    لماذا لا يرون في الإسلام ما يخالف التقدم أو اضطهاداً للمرأة وهم الذين يعيشون في عالم متحضر ؟

    حاول أن تجيب على هذه الأسئلة بأجوبة مقنعة من خلال استماعك لتجارب هؤلاء وتحليلها

    ولماذا المواقع الإلحادية تركز الهجوم على الإسلام أكثر من غيره ؟

    لا شك أن هذا يشعرنا بالإطراء أمام غيرنا من المتدينين

    ولماذا لا زال القرآن يؤثر بأناس من من مختلف المستويات العلمية والثقافية والعرقية

    وأخيراً أود التعليق على شيء رأيته في صفحة دوكنز في تويتر ، وهو أنه ذكر من باب نقده للمسلمين أن الخميني جوز اغتضاب الرضيعة

    وهذا يبين المستوى العقلي والمعرفي عند هذا المختلف ، ففتيا الخميني هذه أول من أظهرها أهل السنة الذين انتقدوه ، والإمامية الاثناعشرية أقلية في المنتسبين للإسلام وكثير منهم يعترض على هذه الفتيا

    إلا أن دوكنز قد ارتكب الكذب وبالنسبة لرجل عواقبي الكذب على الناس ما دام لا يعاقب عليه القانون فلا مشكلة

    فالخميني لم يجوز اغتصاب بل جوز زواج متعة

    ثم إنه لم يجوز جماعها الذي يفهم من كلمة ( اغتصاب ) وإنما جوز تفخيذ الرضيعة وهذا يختلف عن الجماع بل هو أمر لا يسبب أذى كبيراً ( على حد تعبير دوكنز في أمر التحرش بالأطفال )

    ثم أوحى إليه متخلف آخر بالكلام على سن زواج عائشة بالنبي صلى الله عليه وسلم لما أحرجه بعض المسلمين بأن هذه فتيا فردية ولا تمثل إلا الخميني

    ولا أدري أي تخلف هذا

    يقيس فتاة ناضجة على رضيعة

    ويقيس الزواج على الاغتصاب

    ولكن من يعتقد أن جده سمكة يخرج منه أي شيء

    والكذب على الخميني _ لعنه الله _ أو على المسلمين لا يخرج نظرية التطور من المآزق التي تمر بها ، والرجل جاهل بمسألة مقارنة الأديان ولم يفقه فيها شيئاً فلماذا يتكلم في غير تخصصه

    وسواءً أخطأ الخميني أم أصاب فإن ذلك لا يلغي الضرورة الفطرية لوجود إله والتي تجعل الإلحاد منحسراً دائماً

    ثم ما فائدة الكلام على الأخلاق والمرجع الحقيقي لها الفطرة التي فطرها الله عز وجل فالكلام فيها إقرار ضمني بوجود الله عز وجل

    وقد رأيت بعض الملاحدة يزعم أن بعض القبائل تجيز زنا المحارم ، وهذا كذب فإنها تجيز الزواج وليس الزنا وليس الاغتصاب ولا أحد يجيز الخيانة الزوجية مما يدل على وجود مرجعية أخلاقية موحدة

    وبالنسبة لنظرة عواقبية أي علاقة لا يعاقب عليها القانون ولا تسبب ضرر جسدي لكلا الطرفين أو أحدهما لا ينبغي انتقادها

    وأخيراً أهنيء إخواني الموحدين بالعيد وأقول تقبل الله منا ومنكم وأتذكر قول الأنوك ( تخيل لو أن الدنيا بدون أديان ) فأقول : ( إذن لن تكون هناك فرحة تغمر قلوب الملايين في آن واحد فرحة العيد )

  5. #20

    افتراضي

    هل تسمح لنا يا مولانا أن نأخذ من هذه الخواطر ما يصلح لإخراجه في صيغة فيديوية ؟
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    حياك الله بالسلام

    تفضل ولكن اصبر حتى أكمل

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الخاطرة السادسة : مهارة قلب الأدلة ...

    في هذه الخاطرة سأعرف القاريء على لعبة فكرية كان ابن تيمية يحب ممارستها وهي قلب الدليل على الخصم ، وهي باختصار تحويل دليل الخصم ضده واعتباره دليلاً لك والتزم شيخ الإسلام أن أهل الباطل في كل دليل عقلي أو نقلي يكون هذا الدليل ناقضاً لقولهم أو مقوياً لقول الخصم من حيث لا يشعرون بشرط أن يكون دليلاً فيه درجة من الصحة أو المصداقية

    وقد حاولت أن أقوم بشيء من هذا عند قولي ( شبهات أو دلائل نبوة ) ولكنني الآن سأستخدم هذا الأمر بشكل أدق

    فالملحد يستدل مثلاً على صحة نظرية التطور بوجود تشابه بين جميع المخلوقات على صحة التطور

    ويقابله المؤمن بالتصميم الذكي بأن هذا دليل على وحدة الخالق فالدي أن أي بمثابة التوقيع للمصمم الذكي وهذا قلب جيد

    وأما المسلم فيقول قال الله تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

    فالله عز وجل يقول لك في هذه الآية أن هناك قدراً مشتركاً بين جميع الكائنات فلم تأت أنت هنا بجديد ، وخلق الزوجين ووجود النطفة

    قال ابن كثير في تفسيره :" { وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) } .
    يذكر تعالى قدرته التامة وسلطانه العظيم، في خلقه أنواع [المخلوقات] (4) . على اختلاف أشكالها وألوانها، وحركاتها وسكناتها، من ماء واحد، { فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ } كالحية وما شاكلها، { وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ } كالإنسان والطير، { وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ } كالأنعام وسائر الحيوانات؛ ولهذا قال: { يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } أي: بقدرته؛ لأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن؛ ولهذا قال: { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } "

    ثم هذا لا يعني أن الماء لم يختلط به شيء آخر عند تتميم الخلق ، فالطين الذي خلق منه الآدمي ماء وتراب ، فأرجع التشابه لاستواء المادة الأولية عند التخليق

    ثم إن الإنسان تميز عن بقية الكائنات بأمور عدة لا يمكن تفسيرها تطورياً ، كوجود اللغات واختلاف الألسنة

    قال الله تعالى : ( علمه البيان )

    وقال تعالى : (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)

    فجعلها رب العالمين آية ، وكذلك البصمة الوراثية ( بل قادرين على أن نسوي بنانه ) وقد فسره السلف بتحويل يد الإنسان كحافر الحيوان ، وهذا يدل على أن في يد الإنسان شيء زائد

    ثم إن التطور لا يفسر خضوع الأنعام للآدمي وتسخير كل شيء في الكون له

    فكون الإنسان فيه أمور تشبه الحيوانات دلالة على وحدة الخالق ثم بعد ذلك لينظر في الخصائص التي اختصها به ولو شاء لأذهبها عنه وجعله كبقية الحيوانات وليشكر الله عز وجل عليها

    وانظر إلى قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)

    الإنسان منتصب القامة ، وصور الآدميين فيه اختلاف بين يفوق أي مخلوق من جنس آخر


    وأيضاً يستدل الملحد بمعضلة الشر على عدم وجود الخالق

    وهذا من أعظم ما يستدل به المؤمن على ضرورة وجود يوم القيامة لكي يجازى الظالمون بظلمهم

    قال تعالى : (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)

    ولا تعرف قيمة الخير إلا بوجود الشر فيدل ذلك على وجود الحكمة والإرادة ، ثم إن النصوص في جميع الكتب السماوية تكلمت عن حكمة وجود الشر

    ولو أقررنا بوجود الشر ثم أنكرنا وجود الخالق لوصلنا إلى نتيجة محبطة وهي أن الشرير أو الظالم قد ينجو بفعلته !

    ولا يمكن أن يحفز الظالم أو الشرير أكثر من هذه النتيجة فتأمل هذا جيداً

    وأيضاً يستدل بوجود الأمراض أو المجاعات أو العاهات على عدم وجود الخالق

    وهذا بحد ذاته دليل على وجود الخالق عند أهل الإيمان ، لأنه سبحانه بهذا الشكل يبين للآدمي أن سمعه وبصره أو ماله ليس بكده وإنما هو تفضل منه عليه ولو شاء لجعله كأولئك الذين أصابتهم الآفات ، وهذا يدعوه للتواضع والشكر ، فلولا وجود العميان والمرضى والصم لما علم كثير من الأصحاء المبصرين نعمة الله عليهم ولظنوا أن السمع والبصر من ضروريات الحياة كالنفس

    ثم إن سبحانه وعد بتعويض المصابين بهذه الأمراض إذا ما صبروا واتقوا أن يجزيهم أجراً عظيماً

    ثم إنه أيضاً اختبار للبشر هل يساعد بعضهم بعضاً

    قال مسلم في صحيحه 6648- [43-2569] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي ، قَالَ : يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي ، قَالَ : يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ ، فَلَمْ تَسْقِنِي ، قَالَ : يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، قَالَ : اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي.

    وكثير من الناس ربما سخط البنات فإذا رأى غيره جاءه ابن معاق حمد الله على أن عنده بنت صحيحة ، وبعضهم يكره كثرة الأولاد مطلقاً

    ثم إن هناك تأديبات فردية لبعض البشر الذين يستكبرون فتأتي بعض الابتلاءات لتكسرهم وتعرفهم قدرهم

    وأيضاً اعتراضه على بعض الأمور التي يراها لا أخلاقية أو مخالفة للعقل أو الفطرة

    هي في نفسها دليل على وجود الله عز وجل فكون الناس جميعاً يعتبرون الكذب أمراً سيئاً والخيانة الزوجية أمراً سيئاً ، وتكذيب الصادقين أمراً سيئاً ، وتعذيب البريء أمراً سيئاً

    فهذا بحد ذاته يدل على من وجود من زرع فينا هذه القيم العليا وهو الله عز وجل وقد جاءت جميع الكتب السماوية تؤكد هذا

    وحتى اعتراضهم على المعجزات ( واسمها الصحيح الآيات ) هو اعتراض مبني على إقرار بوجود قوانين كونية لا تنخرم فلا مجال للطفرات الخلاقة التي هي بحد ذاتها معجزات وهذا يقتضي وجود مقنن ( الخالق ) وهو سبحانه في الآيات يقول أنا وضعت هذه القوانين ولا أحد يخرمها غيري

    ولهذا يعتبر الملحد حسب التعريف الديني من أسوأ الأشخاص

    لأنه يكذب الصادقين ( الأنبياء )

    ويدعو الناس للهلاك ( الكفر وبعده النار )

    وينكر الجميل ( جميل الرب الذي خلقه وميزه )

    ويبعد الناس عن اللذة التي من أجلها خلقوا ( لذة العبودية )

    ويحدث عند الناس تشويشاً في ترتيب القيم وحقيقتها ( إذ شكك في أصلها )

    ويخبرهم أن المظلوم الضعيف إذا كان ظالمه أقوى منه فلن ينفعه الدعاء ( لأن الله غير موجود ) ولن يؤخذ حقه لا في الدنيا ولا في الآخرة وهذا سيؤدي بكثير منهم إلى الانتحار من شدة اليأس

    في أمور أخرى تجعل الناس ينظرون للملحد على أنه إنسان خطير وسيء مهما ادعى من ودية

    الملحد يقدر الاكتشافات العلمية ولكن لا يسأل نفسه من الذي أودع في الإنسان هذه القدرة من دون بقية المخلوقات !

    والملحد يعظم العقل مع أن عقول البشر جعلتهم قابعين في الخرافة على مدى عشرات القرون حتى جاء دارون ! وعقله وحده هو الذي أدرك الحقيقة من دون ملايين البشر فتباً للعقول إلا عقل دارون

    والملحد يقول بأن الناس كانوا يعتقدون بأن أرض مسطحة ثم اكتشف العلم خلاف هذا فقد يكون الأمر نفسه مع الرب !

    ويقال وقد يكتشف العلم بطلان نظرية التطور

    وأما استدارة الأرض فالناس عندنا يعلمون منذ ألف وأربعمائة سنة أنها كروية

    قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (6/595) :" وليست السموات متصلة بالأرض لا على جبل قاف ولا غيره بل الافلاك مستديرة كما أخبر الله ورسوله وكما ذكر ذلك علماء المسلمين وغيرهم فذكر أبو الحسين بن المنادى وأبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزى وغيرهم اجماع المسلمين على أن الافلاك مستديرة وقال ابن عباس فى قوله كل فى فلك يسبحون قال فى فلكه مثل فلكه المغزل والفلك فى لغة العرب الشىء المستدير يقال تفلك ثدى الجارية اذا استدار
    وقد خلق الله سبع أرضين بعضهن فوق بعض كما ثبت فى الصحاح عن النبى أنه قال من ظلم شبرا من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة وقد ذكر ابو بكر الانبارى الاجماع على ذلك واراد به إجماع أهل الحديث والسنة"

    وقال أيضاً (5/150) :" اعْلَمْ أَنَّ " الْأَرْضَ " قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا كُرَوِيَّةُ الشَّكْلِ وَهِيَ فِي الْمَاءِ الْمُحِيطِ بِأَكْثَرِهَا "

    وليعلم أن الوحي جاء ليتمم مكارم الأخلاق وليعلم الناس كيف يعبدوا ربهم وليبين لهم أموراً من الأخلاق قد تخفى عليهم

    وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس بالمنطق والإقناع وتارة بالترغيب والترهيب

    قال أحمد في مسنده 22211 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ. مَهْ. فَقَالَ: «ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا» . قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟» قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ» . قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟» قَالَ: لَا. وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ» . قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟» قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ» . قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟» قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ» . قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟» قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ» . قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ» فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.

    وهذا تعليم للعفة وهذه القيمة لو زرعت في قلوب الناس لما حصل الاغتصاب ولا الاعتداء ولا الفضائح ، ولا حتى بالغ أحد في ضرب زوجته لأنه لا يرضى ذلك لأخته مع زوجها أو أمه مع زوجها

    وقال البخاري في صحيحه 5305 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ فَقَالَ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى ذَلِكَ قَالَ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ

    فهذا عالج مرض الشك في نفسه بقياس منطقي

    وقال البخاري في صحيحه 6114 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ

    قد استقر في نفوس الناس أن إمضاء الغضب دليل على أن رجولة الشخص وقوته ، فعكس النبي صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم وبين لهم أن قهر النفس عند الغضب هو الشدة وهو درس بليغ في الحلم

    وقال أحمد في مسنده 9008 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»

    يمنع الناس من الصدقة خوف ذهاب المال فقال لهم النبي ( ما نقص مال من صدقة ) بمعنى أنك تثاب عند الله ويخلفك خيراً

    ويمنع بعض الناس من العفو ظنهم أنه ذل فأبطل هذا وقال لهم ( وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً )

    وطلاب الرفعة يبتعدون عن التواضع فأخبرهم أن طريق الرفعة هو التواضع

    وهكذا في أخبار كثيرة ، وهذا باب جديد في دلائل النبوة وهو باب التأهيل النفسي الواضح في النصوص الشرعية والذي عليك أن تقنع نفسك بأن رجلاً أمياً بقي أربعين سنة لم يتعلم من أحد شيئاً علمه لوحده ثم طبقه تطبيقاً عجيباً حقق فيه طفرات ( أخلاقية ) لم يشهد التاريخ مثلها ( وها أنا أستخدم لغة تطورية )

    وأكتفي بهذه الخاطرة القصيرة وأود لو تعلم الأخوة هذه المهارة الجدلية ( مهارة قلب الأدلة ) وهي مع بعض التمرين تصبح سجية عندك عند الحوارات العلمية الهادفة

  8. افتراضي

    الله و اللدي نفسي بيده ان كلامك شافي و كافي لطالب الحق
    الله يبارك و يزيد

  9. #24

    افتراضي

    بارك الله فيك مجهود وخواطر تستحق النظر ..
    {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ
    وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
    وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا
    وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }الأنعام59

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الخاطرة الأخيرة : حل لغز الهداية !

    هذه الخاطرة موجهة للموحدين بالدرجة الأولى ، وهي جواب على سؤال يتبادر إلى الذهن لماذا بعض الناس أمام القليل من الأدلة يذعن للحق وأناس آخرين أمام الآلاف من الأدلة لا يذعن بل تراه يحاول دفع هذا الدليل بأي طريقة

    فكل ما يقال فيما يسمى بالإعجاز العلمي تلفيق كل تلك المقالات ومئات بل آلاف الدعاوى والمؤتمرات تلفيق ولا يوجد شيء منها صحيح

    غير أن أدلة التطور كلها صحيحة لا تلفيق فيها

    ومحمد صلى الله عليه وسلم أخذ تكون الجنين من أرسطو ، والعجيب أنه لم يأخذ منه القول بأزلية الأفلاك وأنه لم يوجد عند العرب أطباء يتكلمون في التشريح على طريقة اليونان إلا بعد ترجمة كتبهم بعد مائتي من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والمعلومات الدقيقة في الكتب لا يعرفها عوام الناس من القراء فضلاً عن أمي لم يعرف بعلاقة بالطب أو التشريح لمدة أربعين عاماً ، وطب بقراط لم تعرفه العرب إلا بعد الترجمة واقترن ذلك بانتشار معتقدات الفلاسفة بينهم في الإلهيات والتي كانت معدومة تماماً قبل الترجمة مما يقطع طريق أي دعوى لتواصل ثقافي قبل ذلك

    وكل تلك الظواهر يمكن مشاهدتها ورصدها بالعين المجردة ولا أدري لماذا تدرس في المدارس إذن

    ويمكنك معرفة أن الطفل مخلوق من ماء أمه وماء أبيه بالنظر إلى طفل مجهض وجالينوس كان أعمى إذ لم يدرك ذلك !

    وسؤالنا ( من خلق الله ) يهدم مذهب الخلقيين ؟

    وسؤال من أين جاءت الخلية الأولى ومن أين اكتسبت صفاتها لا يخدش في الإلحاد أبداً !

    ولا نؤمن بمعجزات الأنبياء وإنما نؤمن بمعجزة الصعود إلى القمر حيث أعد مجموعة من البشر المعدات التي دفعتهم إلى القمر ، وتجولوا هناك قليلاً ووجدوا أمراً أعدته لهم الطبيعة يوفر لهم الرجوع من القمر إلى الأرض ! ، وعجيبة هذه المعجزة التي لم تتكرر مرةً أخرى ولكن ما دام وكالة ناسا المقدسة والتي ليس لها أي أغراض أيدلوجية فيما تنشره ذكرته فنحن نؤمن عفواً ( نعلم ) أنه صواب

    وليس رحيماً أبداً ذلك الإله الذي يوقد ناراً يلقي بها من كفر به بعد إشهاده في الميثاق أنه إلهه وإيداعه الفطرة ، واشتراطه ألا يعذبه إلا بعد مجيء الرسل الذين يؤيدهم بالبراهين ويحذرونه من النار ، وكونه أعطاه الفرصة طوال عمره للرجوع كل هذا لا يشاهد فيه آثار الرحمة ولا حتى آثار الحكمة التي تقول بأن هذا الإنسان لو خلد في الدنيا لخلد كافراً ساباً لإلهه فاستحق العذاب بما عزمت عليه نيته

    وتلك الجنة التي يخلد فيها عباده الصالحون وأعمالهم لا تماثل ما فيها من الثواب لا تقنعني أنه رحيم ، وجعله الحسنة بعشر أمثالها والمصائب كفارات والسيئة لا تجزى إلا مثلها وشرعه الكثير من كفارات الذنوب وجعله الشفاعات يوم القيامة وأمره الملائكة أن يستغفروا للمؤمنين كل هذا غير مقنع

    وليس علمياً أن تقول لي أن الرب خلق الخلق وأن هناك معجزات ولكن علمي أن أقول لك بأن أي سمكة تراها في البحر قد تصير سلفاً لإنسان يأتي في المستقبل بعد ملايين السنين وأن نجوم السماء جادت علينا بالكربون المشع

    وحينما نتكلم عن زي الغربيات الفاتن للرجال المثير لغرائزهم فإن ذلك من شأنهن ولا ينبغي لأحد الكلام في هذا ، ولكننا نسخر من المسلمات في لباسهن للجلباب ونشبهه بأكياس القمامة

    ونسخر أيضاً من نقابها ونقول ( كيف تأكل ) وكأن الأكل لا يكون إلا في الشارع ولكن إذا قامت امرأة غربية بإرضاع طفلها في مكان عام عن طريق ستر ثديها بواق بحيث لا يراه الناس ويتمكن الطفل من لقمه فذلك قمة الروعة

    ونسأل لماذا لا تعطى أموال بناء المساجد للمجاعات ؟ ولا نسأل لماذا لا تعطى عشر أموال الملاعب والسينمات والضرائب ومزادات أدوات المشاهير الغبية أو القمح الذي يرمى بالبحر للمجاعات

    ولا نسأل لماذا لا يطبق المسلمون الزكاة والصدقة ولماذا لا يطبقون ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )

    وحين يتكلم بعض الملاحدة عن القتل الرحيم للأطفال المرضى لا نرى هذا الكلام بهذه البشاعة مع أن الأطفال لم يختاروا المرض ، ولكن حين يأتي الكلام على حد الردة فذلك بشع مع أن المرتد هو اختار ذلك

    الذي أريد قوله هنا ( لماذا يفكر الإنسان بهذه الطريقة العدائية للحق ولماذا يصير فكره أحادي الجهة ولماذا يصف شيئاً بأنه خرافة ثم يؤمن بما هو أبعد منه ) ؟

    ولماذا غيره ليس كذلك ؟

    لماذا إذا كتبت كلمة علم باللغة الانجليزية على ظرف وأدخلت فيه ورقة كتبت فيها حقيقة ما فإنه سيتلقى هذه الحقيقة برحابة صدر ، وإذا كتبت على الظرف ( دين ) باللغة العربية فإنه سيحاول معاكسة هذه الحقيقة بكل ما أوتي من قوة هذا إن لم يهزأ بها

    هذا لغز محير للكثيرين خصوصاً المشتغلين في مجال الدعوة وحل هذا اللغز في آية في القرآن الكريم

    ( سأصرف عن آياتي الذين يستكبرون في الأرض بغير الحق )

    إذن السبب في عدم تقبل الحق هو ( الكبر ) وهو الخلية الأولى لمادة الشبهات ! ( لغة تطورية )

    والله عز وجل هو الطرف الأقوى في الصراع بين الكفر والإيمان ، وله تقديرات معينة تجعل الأمر ممتعاً ، فكان سبحانه وتعالى إذا كان الناس على درجة عالية من الكبر يقيض لهم رسولاً على صفة تناقض الكبر الذي في نفوسهم ، حتى يصير إيمانهم قضاء على الكبر في اللحظة نفسها

    فقوم شعيب كانوا تجاراً وذوي أموال كثيرة وهذه صفة تثير الكبر في النفوس ، فبعث الله لهم نبياً أعمى وهو شعيب

    وقد ذكر رب العالمين استهزاءهم به إذ قالوا له ( وإنا لنراك فينا ضعيفاً ) لم يكن غنياً وكان أعمى ولكنه جاء بالحق

    وفرعون أرسل له موسى وهارون من القوم الذين كان يستعبدهم ويحتقرهم لأنه كان من أعظم الناس استكباراً

    وقد قال فرعون وقومه كما في القرآن (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ)

    وقد قال كسرى للنبي صلى الله عليه وسلم كلمةً نحوها بعد أن جاءه كتابه

    والنبي صلى الله عليه وسلم كان فقيراً وأمياً وعربياً فكانت الصفة الأولى تمنع طبقة الأغنياء من اتباعه والثانية تمنع طبقة المثقفين المغرورين المتكبرين من اتباعه والثالثة تمنع اليهود من اتباعه

    وقد اقترح المشركون على رب العالمين إرسال غيره (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)

    ولكن حكمة الله تقتضي أن يأتي الأمر على غير ما يهوون لتواضعوا أولاً ثم يؤمنوا ثانياً

    بل كان إيمان الضعفاء بالرسل ابتداءً مانعاً للمتكبرين من الإيمان

    قال الله تعالى : (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ)

    وقال تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ)

    واليوم قد سادت الحضارة الغربية ( إن صحت تسميتها حضارة ) وصار أهلها ينظرون إلى من سواهم نظرة دونية تظهر في سخريتهم وفي فلتات اللسان وإن زعموا أنهم إنسانيون

    وكالعادة قد وجد في الوطن العربي من يفتتن بالطرف الأولى كما حصل مع الشيوعية والاشتراكية قديماً حتى تكلف بعضهم الخلط بين الإسلام والاشتراكية حتى إذا سقط الاتحاد السوفييتي وسيطرت الرأسمالية صار كثير منهم من عملاء الرأسمالية

    واليوم الأمر نفسه يحصل ويمنع الكثير منهم اتباع الحق أنه سيجعله مضطراً إلى التشبه بالعرب الذين يستقذرهم أو يتبع رجلاً أمياً مات قبل 1400 سنة إنه يفضل أن يكون ابن عم للقرود على ذلك

    لقد كان كبار الفلاسفة يعتقدون أن الأفلاك أزلية وجاء العلم الحديث ليثبت أن العجايز والرهبان كانوا أعلم ببداية الخلق من أرسطو وابن سينا

    وإذا أنكروا نظرية التطور واعترفوا بعيوبها فهذا يعني أن المشايخ والرهبان والحاخامات الذين لم يدخلوا مختبراً في حياتهم كانوا أعلم منهم كما كانوا أعلم من كثير العلماء الذين اعتقدوا أزلية العالم أو أزلية الأفلاك كأرسطو وآلاف العلماء الذين تبعوه

    وهذا تأباه النفوس المتكبرة وتعتبره إهانة عظيمة وهذا يعني أنهم قضوا عمراً يسمون بعض الخرافات علماً وأن بعضهم ينبغي أن يكون بروفسوراً في الخرافة ! التي لطالما زعم أنها متصلة بالأديان

    وهذا ما هو سبب ذلك التشنج الشديد أمام أي نقد لنظرية التطور ومنع من يتكلم بالتصميم الذكي والانهيال عليه بالسب والشتم فإن هذا ليس حباً في دارون أو في الإلحاد وإنما هو حب بالنفس التي اكتسبت مكانة علمية من هذا الأمر الذي يراد التشكيك به

    وهنا لنقف وقفة : الله عز وجل هو الطرف الأقوى في الصراع غير أنه يترك أعداءه يصنعون ما يريدون استهزاءً بهم ( الله يستهزيء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) لأنهم ضعفاء جداً أمام قدرته والقدرة التي فيهم إنما اكتسبوها منه

    وقد كان من حكمته أن تظهر للمتكبرين على لسان من يحتقرون

    فلو أخذت بحثاً يشكك في صحة نظرية دارون وكتبت على الغلاف اسم المؤلف العربي

    فإن كثيراً من الدكاترة لن يأبه به وربما أطلق كلمات التحقير رأساً لأن الحقيقة لا يمكن أن تأتي من الشرق ، أو على الأقل لا يمكن أن تأتي بدون شهادتهم للمتكلم

    وبهذه النفسية يتعامل أولئك الذين ألحقوا أنفسهم بالأمة الأقوى في نظرهم ، أعني الملاحدة العرب فللغة الانجليزية سلطان عجيب على نفوسهم فأي هراء ممكن أن يصدق إذا تكلم به ناطق بالانجليزية مع كونه يحمل شهادةً من جامعاتهم

    حتى أنهم يستعيرون حتى طريقة الرد ، إذ لما تكلم زغلول النجار حول النظرية التطور قال بعضهم ( ما دخل الدكتور زغلول الذي يؤمن بأن عمر الأرض ستة آلاف سنة بهذا ) والواقع أن الدكتور لا يؤمن بهذا وإنما ينسب هذا للتوراتيين ولكن لما كان كل ما يستطيعه محاكاة دوكنز وأضرابه أخذ هذه من بعض ردودهم على التوراتيين

    وهنا تنبيه السماوات والأرض وما بينهما خلقت في ستة أيام كما في القرآن الكريم غير أن الكائنات الحية بإجماع تأخر خلقها عن خلق السماوات والأرض إذ أن كثيراً منهم يخلط بين الأمرين خلطاً عجيباً ، ومن المشين ألا تكلم نفسك فهم قول مخالفك ثم تذهب تنقده أو تنسبه للكذب

    وبإجماع المفسرين هذه الأيام الستة لا تقاس بمقاييس أيامنا المتعلقة بطلوع الشمس وغروبها ، لأنها تقدمت على خلق الشمس

    وعوداً على موضوع الخاطرة أقول : رب العالمين يقدر تقديرات تجعل الأمر ممتعاً

    من ذلك قوله ( ويرزقه من حيث لا يحتسب ) ولو رزق المتوكل من حيث يحتسب لتعلق قلبه بذلك السبب

    ومن ذلك قوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)

    فتأخر النصر يختبر صبر المؤمنين ويجعل الكفار يتمادون في غرورهم وهذا يجعل الأمر ممتعاً جداً

    ثم إن من حكمته أن يكون الكافر مساهماً في تدمير نفسه ومذهبه ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار )

    وذلك الذي يريد بحثاً في نقد التطور من مجلة معينة هو كمن اقترح على رب العالمين رجلاً من القريتين عظيم

    ومن الطريف جداً انتشار الإسلام في بلاد ( عمام الملحدين ) الغربية وانتشاره بين النساء بالذات

    والذي أراه أن أكثر شيء خدم انتشار الإسلام هناك

    المادية الغربية

    والدعاية السيئة ضد الإسلام في الإعلام

    فالأولى جعلت الناس متعطشين بفطرتهم إلى ما يسمونه ب( الروحانية ) وقد رأوا انهيار الأخلاق وغيرها من الأمور التي قادتهم للإسلام

    وأما الثانية فهي جذبت تعاطفاً مع المسلمين لكل من اكتشف أن القوم يكذبون ، ووفرت مادة دفاعية حاضرة عند كل داعية للإسلام وسرعان ما يتحول هذا التعاطف إلى اعتناق للدين

    ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار )

    هذا الممتع في الأمر ، ولهذا الذي أراه أن هذه التقديرات الممتعة مستمرة في الحصول ودائماً سيأتي النصر من محل لم يكن يحتسب ، وستظهر الحقيقة على لسان من لا نتوقع أن تظهر الحقيقة على لسانه

    وبما أننا تكلمنا عن الكبر فلا بد أن نذكر موقف إبليس من أبي البشرية حين قال ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) وحال إبليس يتكرر مع كل ملحد ومبطل لا يفهم الحكمة من بعض الأمور فينفي الحكمة كلها ويحارب رب العالمين ، ولما كان إبليس عنده عنده من كون رب العالمين خلق آدم بيديه وكرمه كان من المسعد له جداً أن يكون الإنسان حيوان متطور فقط يجتمع بأصل واحد مع كل البهائم


    والآن لننتقل إلى نقطة أخرى

    وهي تتعلق بالفقه المقاصدي فإن كثيراً من الناس إذا تكلموا عن مقاصد الشريعة ذكروا حفظها للدين والنفس والمال والعقل والعرض بشكل متوازن تماماً يجفف ينابيع الجريمة ويتوعد عليها بالعقاب الشديد بخلاف الأنظمة الوضعية التي تقوي أسباب الجريمة وتحارب نتائجها والعقوبات فيها ليست بتلك الشدة

    ولكن لو كانت تصرفاتنا وانقيادنا للأوامر الشرعية من أجل المصلحة التي نراها كالحفاظ على الجسم من الضرر وحفظ الأنساب وغيرها من الأمور المشاهدة لم يكن هناك كبير فرق بيننا وبين الكائنات الأخرى

    المقصد الأساسي من تأدية الأوامر الشرعية تقوية الصلة مع الله عز وجل

    فالمرأة التي تلبس النقاب إنما تفعل ذلك لأن ربها يحب أن يراها كذلك ( هناك مقاصد أخرى ) ولكن هذا هو المقصد الأساسي ولأنها تثق بحكمة ربها

    والرجل الذي يتصدق بماله فإنه يواسي الفقير ليقوي علاقته مع الله عز وجل

    هذا هو الفارق بيننا وبين الحيوانات ، هذا هو الفرق بين ما نذهب إليه وبين الفلسفة النفعية التي تقتضي الاستغناء عن الرجل المسن إذا صار يستهلك الطعام ولا يفيد المجتمع وتقتضي الاستغناء عن الزوجة المسنة إذا فقدت جمالها ولم تعد تستطيع الإنجاب ، والتي تقتضي انعدام سلوك الإيثار لأننا جينات أنانية !

    في الواقع أنا أدعو إخواني بكل قوة ألا يحملهم استهزاء الملحدين على الكف عن الشعور بالشفقة عليهم

    لقد قرأت تلك الكلمات التي قالها دارون عن كونه لم يعد يستطيع الاستماع بقطعة شعرية بسبب العلم

    والواقع أن الشعر والأدب والمعابد كلها خصائص بشرية ومن ( حيون ) الحقيقة البشرية وتمكنت تلك الخرافة من قلبه فإنه لن يستطيع أن يكون بشراً بعد اليوم

    من المؤلم أن يعيش المرء في مجتمعات تنظر إليه على أنه فكرة مشوهة لا تجلب سوى التشويش وإذا مات فلن يحزن كثيرون بل سيفرح الكثير ، والمؤمن إذا أصابه نصب في حياته أو في دعوته فإنه يسلي نفسه بالثواب الذي سيجده عند رب العالمين وأما الملحد وخصوصاً في العالم العربي فإنه ينبذ ثم يموت ملعوناً من قبل الناس ، وأحسن أحواله أن يعيش منافقاً ، والواقع أن الكذب لا يضر في المذهب النفعي بل هو أخلاقي أكثر من الصدق الذي يورط !

    وعوداً على موضوع الخاطرة ، تقوية العلاقة مع رب العالمين هي المقصد الأساسي الذي تشترك به جميع العبادات ولهذا كان من حكمة الرب إخفاء المصلحة من بعض التشريعات لاختبار انقياد عباده

    والتقوى للعبادة كالنفط للصناعة وقد كان من مقصد الصيام تحصيل التقوى ( لعلكم تتقون ) ومن مقاصد الصلاة تحصيل التقوى ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) ومن مقاصد الزكاة تحصيل التزكية والطهر وهي من لوازم التقوى ، والتقوى هي اتقاء ما يغضب الله عز وجل

    فهم هذا الأمر يجعلنا ندرك ما هي حقيقة لذة العبادة ويجعلنا نجيب على أسئلة كثيرة تتعلق بعبادات المسلمين ، ويبين لك فرقاً أساسياً بين مقاصد البشر ومقاصد الحيوانات وأهل الكفر

    فالله عز وجل إنما خلق البشر لعبادته فمن فعل الأعمال الخيرية يريد بذلك الصيت في الدنيا أو تحصيل راحة نفسية في الدنيا فإن الله عز وجل بكرمه يعطيه منها ولكنه لا يفوز بالآخرة إلا إذا عمل لله عز وجل

    قال الله تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)

    وهل هذا عادل ؟

    نعم عادل جداً بل فيه تفضل لأن الله عز وجل إنما منحك هذه الأعضاء لعبادته ومع كونك استخدمت هذه الأعضاء لمصلحتك الشخصية فإنه يثيبك على هذا بإعطائك كل ما أردت أو شيء مما أردت ، ولكن في الآخرة تحاسب على أنك جحدته وكفرت به

    قال مسلم في صحيحه 7191- [56-2808] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً ، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ ، لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا.


    وأخيراً أود أن أذكر فكرة لما يستغربها البعض وهي أن فكرة نار جهنم تدل على وجود الخالق العظيم بل وعلى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

    فإن قلت : كيف هذا ؟

    قلت لك : الفلسفة الإلحادية تقتضي بأن البشر اخترعوا فكرة الدين لتحصيل الطمأنينة ( وهذا اعتراف ضمني أنه لا طمأنينة إلا بإيمان ) أو ضبط سلوكيات الناس ( وهذا كثير منهم ينكره ) ، وفكرة النار العظيمة التي تحرق البشر هذه فكرة مرعبة تنافي فكرة الطمأنينة

    فإن قيل : لعلهم اخترعوها لضبط بعض البشر

    فيقال : لو كان كذلك لما ارتبطت بالإيمان بالله ولارتبط النجاة من النار بالسلوك الصالح فقط ، ولكن ربطها بالإيمان بالله يدل على أنها حقيقة من خالق عظيم غضب من الكفر به

    وفكرة النعيم الأبدي قد تطمح لها مخيلة البشر ولكن الخلود الأبدي في النار فكرة مخيفة لدرجة أنه لا يمكن أن يفكر بها بشر أو يخترعها من مخيلته من لا شيء

    وأما بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم فحرصه على تشهد عمه أبي طالب مع أن ذلك لن يفيده شيئاً ، وكذلك حرصه على الطفل الذي اليهودي الذي كان يحتضر

    بل شهادته على عمه بالنار وقوله ( إن أبي وأباك في النار ) مع ثنائه على مريم وعلى أم موسى وعلى زوج فرعون آسية

    هذه هي خاطرتي الأخيرة والتي سأغادر المنتدى بعدها إن رغب الأخوة في استمرار الخواطر فليخبروني

  11. #26

    افتراضي

    طبعًا لا نرغب في مغادرتك المنتدى يا مولانا .. لكني عندي سؤال : أين ورد أن نبي الله شعيب عليه السلام كان أعمى ؟
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيك

    سأذكر أسبابي في مقالي الأخير

    وكون شعيباً كان أعمى قد ورد ذلك عن ابن عباس في تفسير ابن أبي حاتم وعن سعيد بن جبير في تفسير الطبري والأصح على سعيد

    وقد سماه مالك وسفيان ( خطيب الأنبياء ) لأنه كان من أبلغ الأنبياء في ردوده على قومه

    وذهب بعض السلف إلى أنه أرسل إلى قومين معاً أصحاب الأئيكة وقومه الأصليون

  13. افتراضي

    لا تغادرنا أخانا، إلاَّ إن أدرتَ التفرُّغ للطلب ثُم العوْدة بجديد نفائس فعذرك معك،
    أمَّا أن تعتزلنا فهذا يعز على أحدنا ما علم علمك وأسلوبك زادكَ الله وباركك. وفقكَ الله أينما كنت دعواتنا بظهر الغيب تشملك إن شاء الله مهما كان قرارك أُخيَّ.
    قال الله سُبحانه وتعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء:18


    تغيُّب

  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    فوق أرض ربي وتحت سماءه
    المشاركات
    53
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاكم الله عنّا خيرا
    الخاطرة الأخيرة مسّتني بشكل مباشر ، نسأل الله الهداية والثبات
    وأرجو منكم -فضلا- إرشادًا لمن ابتلي بوساوس العقيدة ، ولا يدري إن كانت شبهات أم وساوس أم ماذا بالضبط لأنّها مرّات لا تذهب بالإطلاع والقراءة في كتب العقيدة بل مرات تزيد.
    وماذا تنصحون من ابتلي بذلك في باب طلب العلم الشرعي ، لأنّه يخشى من الكفر والإلحاد والضياع والله المستعان ...

    وجزاكم الله خيرا وجعلكم مُباركين أينما حللتم

  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التوحيد غايتي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله عنّا خيرا
    الخاطرة الأخيرة مسّتني بشكل مباشر ، نسأل الله الهداية والثبات
    وأرجو منكم -فضلا- إرشادًا لمن ابتلي بوساوس العقيدة ، ولا يدري إن كانت شبهات أم وساوس أم ماذا بالضبط لأنّها مرّات لا تذهب بالإطلاع والقراءة في كتب العقيدة بل مرات تزيد.
    وماذا تنصحون من ابتلي بذلك في باب طلب العلم الشرعي ، لأنّه يخشى من الكفر والإلحاد والضياع والله المستعان ...

    وجزاكم الله خيرا وجعلكم مُباركين أينما حللتم
    الوساوس أمر سلبي يشكك ولا يثبت لهذا لا ينبغي تصديقها

    طلب العلم من مصادره الأصلية هو الحل من المصادر الأعلى القديمة الكتب المسندة وكتب ابن تيمية وابن القيم والتي ينفر منها كثيرون العلم الأسهل والأقوى في هذه لا في كتابات المعاصرين

    هذه دعوى كبيرة أدعيها تناقض السائد ولكنها الحقيقة التي اكتشفتها بعد سنين

    وكما قال ابن تيمية لابن القيم ( لا تجعل قلبك للشبهات كالسفنجة )

    اسألوا الله عز وجل الهداية والتوفيق بكل صدق وستكتشف بعد ذلك أن هذه منة من الله عز وجل أن جعل لك سبباً لك لطلب العلم وطلب الهداية

    والحرص كل الحرص على التقرب لله عز وجل بأعمال خفية لا يراها الناس خصوصاً الصدقة فإنه يثيب على هذا اليقين

    فالمحن تستحيل منحاً والشبهات تتحول إلى يقين ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا)

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء