المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ali yassar
بتأملي في حوارات المسلمين والملاحدة في موضوع مراحل نمو الجنين -وقد تابعت الكثير منها- يمكن للمرء أن يسجل مجموعة من الملاحظات حول مواطن الخلاف، أذكر هنا واحدة منها فقط، لأطرح في النهاية استوضاحا، أرجو من الأعضاء الكرام التفضل به.
عند التحقيق في مدلول كلمة العلق (جمع) أو العلقة (مفرد)، يقول الملاحدة أن المقصود بالعلق هو الدم، وتحديدا الدم المتخثر كما ورد في لسان العرب: "والعَلَقُ الدم ما كان، وقيل هو الدم الجامد الغليظ، وقيل الجامد قبل أَن ييبس، وقيل هو ما اشتدت حمرته، والقطعة منه عَلَقة" (وهو ما يوافق –بحسب الملاحدة- كلام الطبيب اليوناني جاليان Galien في هذا الموضع، وفي مواضع أخرى كثيرة). لكن يعترض المسلمون بأن الملاحدة فسروا الكلمة التفسير الخطأ؛ إذ المقصود بالعلق هنا ليس الدم، وإنما دود العلق، كما جاء في لسان العرب: "والعَلَقُ دود أَسود في الماء معروف، الواحدة عَلَقةٌ (...) والعَلَقَةُ دودة في الماء تمصُّ الدم، والجمع عَلَق". وبيان ذلك أن القرآن يشبه الجنين في المرحلة الثانية بدود العلق، والشبه هنا من جانب الشكل، ومن جانب السلوك أيضا، إذ الجنين يتغذى من دم الأم، كما يتغذى دود العلق من دم الحيوان. لكن يستدرك الملاحدة قائلين أن هذا الفهم خاطئ لأسباب لن أذكر منها سوى واحد -وهو ما يهمني هنا- ذاك أن الآية تقول: "خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ"، فلو كان العلق هو دود العلق، فسيكون مؤدى ذلك أن الإنسان خُلق من دود، فالآية تتكلم عن العلق باعتباره مادة الخلق، ولا تقول على سبيل التشبيه أن الإنسان خُلق من شيء "يشبه العلق"، فالآية ليس فيها أي تشبيه، ولو جاز تفسير الآية بأن المقصود منها هو أن الإنسان خُلق مما يشبه العلق، فسيجوز بالمنطق نفسه تفسير الاية "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ"، بأن المقصود منها هو خَلق الإنسان من شيء يشبه الطين ولكن ليس بطين، وهذا لا يتفق مع المعتقد الإسلامي، فكما استحال حمل الآية هنا على أنها تشبيه، استحال ذلك في الآيات موضوع الخلاف. فكيف الرد على هذا؟
استفسار آخر على هامش الموضوع: من سور القرآن سورة العلق، فما سبب تسمية السورة بهذا الاسم؟ وما المقصود بكلمة العلق هنا كاسم للسورة؟
Bookmarks