بسم الله والحمد لله ..
تعتمد نظرية التطور في جلّ أدلتها على مسألة عدم الإحكام في الخلق ووجود أعضاء ليس لها وظيفة أو لها دور ضار بالكائن الحي .. إلخ ..
وهم يستعملون هذه الأطروحة لتقرير قاعدة أن هذا التخبط وافتقاد النظام في تصميم الكائنات يعني أنها ليس لها خالق ، لكن الكشوف العلمية المتجددة تُظهر أنه لهذه الأعضاء عديمة الوظيفة - بزعمهم - قيمة وأهمية ووظيفة ، لهذا أدركت مدى الحرج الذي يواجهه القوم مع زيادة العلم بالكائنات الحية ومعرفة المزيد يومًا بعد يوم عن وظائف أعضائها الحيوية ، وأن ما يسمونه أعضاء ضامرة ليس لها وظيفة (مما ينافي حكمة الخالق) ليست بلا وظيفة كما يزعمون ..
لهذا اضطروا إلى أطروحة جديدة يزعمون فيها أن هذه الأعضاء صارت لها وظيفة غير الوظيفة الأصلية في الكائن الأصلي الذي تتطور - بزعمهم - منه الكائن ، وأبرز هؤلاء هو البروفيسور التطوري الشهير جيري كوين في كتابه (لماذا التطور حقيقة) حيث زعم أن الكائن الحي يختلق للعضو وظيفة أخرى غير وظيفته الأصلية ، وضرب مثلاً بهذا جناحي النعامة اللذين تستخدمهما في حفظ التوازن أثناء الجري والركض ، في مقابل سائر الطيور التي تستعمل الأجنحة عادة في الطيران والتحليق في السماء ..
لكن هذه الأطروحة يقابلها سؤال خطير جدًا :
ما هو المعيار الذي تتحدد به الوظيفة الأصلية من الوظيفة غير الأصلية ؟ هل هناك معيار علمي أو دليل علمي على معيار معين يجعلنا نميز بين الوظيفة الأصلية والوظيفة غير الأصلية لأي عضو ؟
لا يوجد أي معيار !
إذن فالمسألة كلها ليست إلا افتراضات ذهنية ونظريات ليس لها معايير علمية ..
طيب ، لماذا تراجعوا عن القول بعدم الإحكام في خلق عضو زائد إلى القول بوظيفة جديدة للعضو الزائد ؟
الجواب هو : لأجل وجود الدليل العلمي على بطلان فكرة عدم الإحكام في الخلق ، وأن الله خلق كل مخلوق في غاية الدقة والإحكام والإتقان ..
لأجل ما سبق ، فمبدأ وجود أعضاء متشابهة ذات وظائف مختلفة ومتنوعة هو من إعجاز الخلق وإبداع الخالق جل وعلا ..
فوجود نفس العضو في كائنات مختلفة بوظائف مختلفة ليس عيبًا ولا نقصًا في الخالق ، بل هو من إبداعه وإعجازه ، مثل الكلمة تضعها في جملة ما بمعنى معين ، ثم في جملة أخرى بمعنى آخر ، ثم في جملة ثالثة بمعنى ثالث ، وهكذا .. وهذا يدل على تمكنك اللغوي وبراعتك في استخدام الكلمة الواحدة بأشكال ومعاني وسياقات مختلفة ، وليس عيبًا فيك ..
والله أعلم وأحكم .
Bookmarks