بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى: ( القوي):

أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "القوي".

ورود اسم القوي في القرآن الكريم و السنة الشريفة:

سما الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم "القوي" في كثير من النصوص القرآنية، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم معرفاً بأل، مقترناً باسم الله العزيز في موضعين، الأول قال تعالى:

﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾

( سورة هود )
وفي موضع آخر في قوله تعالى:

﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾

( سورة الشورى )
وورد أيضاً منوناً في خمسة مواضع منها قوله تعالى:

﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾

( سورة الحج )
أما في السنة فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن يوم الخندق:

(( وبعث الله عز وجل الريح على المشركين فكفى الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً ))

[رواه أحمد عن عائشة]

تعريف القوي في اللغة:

أيها الأخوة، "القوي" في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالقوة، وقد قوي، وتقوى قوة فهو قوي، يقال: قوى الله ضعفك أي أبدلك مكان الضعف قوة، فالقوة نقيض الضعف، والوهن، والعجز، وهي الاستعداد الذاتي، والقدرة على الفعل، وعدم العجز عن القيام به، قال تعالى لسيدنا موسى (عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام) عن الألواح:

﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ ﴾

( سورة الأعراف الآية: 145 )
أي خذها بقوة في دينك وحجتك، وقال جلّ جلاله لسيدنا يحيى عليه السلام:

﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾

( سورة مريم الآية: 12 )
أي بجد، وعون من الله تعالى.

الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك:

أيها الأخوة، الله جلّ جلاله هو "القوي" بل هو "القوي" وحده، ولا قوي سواه، وكل قوة في الأرض مستمدة من قوة الله، كل قوة في الأرض في الذوات والأشياء مستمدة من قوة الله تعالى، تأييداً للمؤمنين، أو استدراجاً لغير المؤمنين، أو تسخيراً للجمادات، لحكمة بالغةٍ بالغة عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها، الآية الدقيقة أيها الأخوة، يحتاجها كل واحد منا، قال تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 165 )
العلماء قالوا: هناك حب في الله، وهناك حب مع الله، الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك، والفرق كبير بينهم، إنك تحب الله، محبة الله هي الأصل، من لوازم هذه المحبة أن تحبّ رسوله، أن تحبّ أنبياءه، أن تحبّ رسله، أن تحبّ أصحاب النبي جميعاً، أن تحبّ المؤمنين، أن تحبّ أولياء الله الصالحين، أن تحبّ زوجتك، أن تحبّ أولادك، أن تحبّ المساجد، أن تحبّ كتاب الله، أن تحبّ قراءته، أن تحبّ تفسيره، أن تحبّ فهمه، هذا حبّ في الله، هناك حبّ أصلي، وهناك فروع لهذه المحبة، أما الحب مع الله أن تحب جهة لا يرضى الله عنها، لكن مصلحتك مرتبطة بها، هذا حب مع الله، الأول عين التوحيد، والثاني عين الشرك، الآن:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 165 )

من أطاع إنساناً و عصى خالقاً أطاعه في معصية:

الإنسان لا يقول إنني أحب فلاناً كحب الله، ليس في العالم الإسلامي من يجرؤ على أن يقول هذا، لكن البطولة أن تكون في مستوى هذا الكلام، الإنسان حينما يطيع إنساناً ويعصي خالقه، إنه أحله محلّ العبادة، أطاعه في معصية.
فالعبرة لا في الألفاظ ولكن في السلوك، لو سألت مليار وخمسمئة مليون مسلم ألا تؤمن باليوم الآخر ؟ أنا أؤكد لكم أن واحداً من بين الستة آلاف مليون، أو بين المليار والنصف بالدقة لا يقول لا، يقول نعم، لكن هل في عمل المسلمين، أو في عمل بعض المسلمين، أو في عمل معظم المسلمين ما يؤكد أنه مؤمن بالله واليوم الآخر ؟ الذي يأكل المال الحرام جهاراً نهاراً لا يؤمن باليوم الآخر إيماناً حقيقياً، يؤمن باليوم الآخر إيماناً شكلياً هذا التكذيب العملي خطير جداً، الذي يطيع زوجته ويعصي ربه، الذي يغش المسلمين من أجل مبالغ معينة، يراها أكبر من الله، فلذلك:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾

﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 165 )

الله عز وجل أصل الجمال و الكمال و النوال:

الآن النقطة الدقيقة: أن هذا الإنسان حينما عصى الله عز وجل لماذا ؟ من أجل بيت فخم، من أجل امرأة جميلة، من أجل سيارة فارهة، من أجل منصب رفيع، لماذا يعصي الله ؟ أُخذ بجمال هذه المرأة، أُخذ بفخامة هذا البيت، أُخذ بنعومة هذه المركبة، إذاً هو الذي دفعه إلى أن يعصي الله الجمال، وقد غاب عنه أن الجمال الحقيقي عند الله، لأنه أصل الجمال، وغاب عنه أن الكمال الحقيقي عند الله، أن القوة الحقيقية عند الله، وأنه أصل كل قوة، والإنسان كما تعلمون مفطور على حبّ الكمال، والجمال، والنوال، بين المؤمن وغير المؤمن، المؤمن يعلم علم اليقين أن أصل الجمال، وأصل الكمال، وأصل النوال، هو الله، تعلق بالأصل وترك الفرع، بينما غير المؤمن تعلق بالفروع، تعلق بكائن قوي، ونسي قوة الله، تعلق بكائن جميل الصورة، ونسي جمال الله، وهكذا، الآية

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾

الله عزّ وجلّ منح الإنسان أشياء لا تعد و لا تحصى:

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 165 )
كأن القوة هنا تعطي ملامح ثلاثة، قوة في الجمال، أو قوة في الكمال، أو قوة في النوال (العطاء)، الله المعطي، منحك الوجود، منحك نعمة الإيجاد.

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾

( سورة الإنسان )
منحك قوة الإمداد، منحك نعمة الهدى والرشاد، منحك عقلاً، منحك سمعاً وبصراً، منحك محاكمة، منحك زوجة، منحك أولاداً، منحك حرفة تتكسب بها، منحك أشياء لا تعد ولا تحصى،

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ ﴾

﴿ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 165 )

أسعد لحظات المؤمن عند لقاء ربه تعالى:

إذا أحببت ما سوى الله فالفراق حتمي
لذلك أيها الأخوة، أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً، أي شيء تحبه لابدّ من أن يفارقك، أو أن تفارقه، شخص يحب امرأته حباً لا حدود له، لابدّ من أن يموت قبلها، أو تموت قبله.
إذاً إذا أحببت ما سوى الله الفراق حتمي، الله عز وجل حي باقٍ على الدوام لذلك الصحابة الكرام، قرأت عنهم كثيراً، وجدت ملمحاً خطيراً أنهم جميعاً بينهم قاسم مشترك واحد، وهو أنهم كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند لقاء ربهم، والقياس هو الموت هل تستطيع أن ترى الموت تحفة ؟ أن ترى الموت عرساً ؟.
والله الذي لا إله إلا هو وا كربتاه يا أبتِ، قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه.
هل يوجد حدث مستقبلي بحياتنا جميعاً أقوى من الموت ؟ هل يستطيع شخص من بني البشر بما فيهم الملوك والأنبياء أن ينجو من الموت ؟ أبداً، أخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا، من هو العاقل ؟ من هو الذكي ؟ من هو الموفق ؟ من هو الفالح ؟ من هو الناجح ؟ الذي يتكيف مع هذه اللحظة.

الله جلّ جلاله سما ذاته العلية باسم "القوي" لأنه :

1 ـ موصوف بالقوة لا يغلبه غالب:

أيها الأخوة، "القوي" سبحانه وتعالى هو الموصوف بالقوة، والإنسان في أصل فطرته يعجب بالـ "القوي"، أنت اجلس بمجلس، هناك عشرة رجال، أحدهم قوي جداً يتمتع بمنصب رفيع، تجد الحاضرون كلهم تنعقد أبصارهم عليه، ينظرون إليه هكذا، يسألونه، خطف الأبصار كلها لأنه قوي، و هناك إنسان آخر خطف الأبصار كلها لأنه غني، وهناك إنسان أنيق جداً، وسيم الطلعة، وجهه لطيف، الناس كلهم ينظرون إليه، الجمال، والكمال، والنوال يجلب الأنظار،فكيف إذا علمت أن كل جمال في الكون مسحة من جمال الله، وكل كمال في البشر مسحة من كمال الله ؟
شخص أعطاك مركبة، لكن الله منحك زوجة، منحك أولاداً، منحك أجهزة دقيقة جداً.
لذلك الله سبحانه وتعالى موصوف بالقوة، وصاحب القدرة المطلقة، لا يغلبه غالب، وإن كان كلمة مؤلمة أحياناً: الإنسان يتعلق بالقوي ولو كان عدوه، قوي، أمره نافذ ، يتكلم ينفذ، تجد حتى الدول التي تهزم من قبل الأقوياء القوي مع أنه عدو لكن ينتزع إعجاب الأفراد المهزومين، فكيف بك إذا تعلقت بأقوى الأقوياء، تعلقت بالـ"القوي" الحقيقي وقوته يمكن أن تنتفع بها، أنت قوي إذا كنت مع القوي، وأنت غني إذا كنت مع الغني وأنت عالم إذا كنت مع العالم، وأنت حكيم إذا كنت مع الحكيم.

2 ـ قوي في فعله قادر على إتمامه:

قضية أسماء الله الحسنى أنا أرى أنها من أخطر الموضوعات في الدين، الإنسان ضعيف، يقوي ضعفه بالله، يصبح قوياً، والإنسان جاهل يلغي جهله بمعرفة الله، الإنسان أحياناً ما عنده حكمة يكون حكيماً إذا اتصل بالله.
إذاً الله جلّ جلاله لا يغلبه غالب، ولا يرد قضاؤه راد، ولا يمنعه مانع، ولا يدفعه دافع، وهو "القوي" في فعله، القادر على إتمام فعله، أحياناً إنسان يبدأ لكن لا يتابع هناك عقبات كأداء حالت بينه وبين المتابعة.

3 ـ قوي في بطشه لا يعتريه ضعف أو قصور:

إذا نصرنا دين الله نصرنا الله
"القوي" في بطشه، أحياناً إنسان طاغية يتفنن في إذلال العباد، تأتي قدرة الله عز وجلّ فيبطش به، ترتاح النفوس، وسبحان من قهر عباده بالموت، مطلق المشيئة والأمل في مملكته، والله هو "القوي" سبحانه، لا يعتريه ضعف أو قصور، قيوم لا يتأثر بوهم أو فتور، ينصر من نصره، ويخذل من خذله.

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد الآية: 7 )
هناك هدف للمسلمين الآن يفوق من أن ننتصر على أعدائنا وما أكثرهم ؟ أكبر هدف الراحة لنا أن ننتصر، أن نستمع أننا أقوياء، وانتصرنا، النصر بيد الله، وثمنه بيدنا الثمن أن ننصر الله، أن ننصر دين الله،

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 160 )
وإذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك، ويا رب ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك ؟

4 ـ كتب الغلبة لنفسه فقط:

و "القوي" سبحانه، الذي كتب الغلبة لنفسه فقط، بالمناسبة: أحياناً تأتي كلمة كتب مقترنة بفعل الله، الله عنده كتابة ؟ نحن بني البشر نكتب، لماذا ؟ الشيء إذا موثق بالكتابة مريح، يقول لك: معي سند، معي موافقة خطية، معي إيصال، معي عقد ، الإنسان من ضعفه بحياته هناك اتفاقات شفهية، و اتفاقات كتابية، أي اتفاق شفهي يُنكر، أما الكتابة ثابتة، فالله عز وجل مراعاة لعقليتنا يقول:

﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 54 )
اطمئن.

﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾

( سورة المجادلة الآية: 21 )
إذا جاءت كلمة كتب مقترنة بفعل الله عز وجل كي يطمئن عباده، الآية:

﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾

هذه آيات زوال الكون أهون على الله من ألا تتحقق:

﴿ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾

( سورة المجادلة )

﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

( سورة غافر الآية: 51 )

﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 160 )

﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

( سورة الصافات )

﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الروم )
والله أيها الأخوة، هذه آيات زوال الكون أهون على الله من ألا تتحقق، لكن الكرة في ملعبنا، علينا أن ننصر الله حتى نستحق نصره، أنا أعود وأقول دائماً: اللهم انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا، والحديث الشريف:

(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ))

[ البخاري عن مصعب بن سعد ]
إذا نصرنا الضعيف، الفقير، الجائع، المظلوم ينصرنا الله عز وجل.

5 ـ موصوف بالقوة المطلقة:

إذا أدركت العشاء والفجر في المسجد في جماعة فقد أخذت ضمانة من الله
"القوي" هو الكامل، القدرة على كل شيء، الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال، والموصوف بالقوة المطلقة، قال تعالى:

﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾

( سورة الحج )

﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾

( سورة طه )
أنت حينما تقول في الصلاة: سمع الله لمن حمده، يعني أنا أسمعك يا عبدي.

(( إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

(( ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً ))

[أخرجه البخاري وابن خزيمة عن أبي هريرة ]
وأنا أبشركم:

(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ))

[ أحمد]
فإذا أدركت العشاء والفجر في المسجد في جماعة فقد أخذت ضمانة من الله في اليوم بأكمله.

6 ـ متناهٍ في القوة:

الله متناه بالقوة
"القوي" المتناهي في القوة، الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته، يعني زلزال تسونامي يساوي مليون قنبلة ذرية، هناك جزر انزاحت، هناك حديث طويل عن هذا الزلزال هذا مثل لقوة الله عز وجل.
يتضاءل كل عظيم عند ذكر عظمته، الله تعالى أعطى الملائكة قوة كبيرة يستطيع الملك بها أن يقتلع الجبال، وأن يقلب المدن، يقول لك: سبعة رختر، يعني دمر كل شيء مدينة بأكملها، أصبحت:

﴿ قَاعاً صَفْصَفاً ﴾

( سورة طه )
زلزال وقع في إزميت بتركيا هناك صورة عُرضت في البي بي سي، في الموقع بالانترنيت تلفت النظر كل شيء في المدينة أصبح ركاماً، تفتت المدينة فتاتاً عجيباً إلا مسجداً، ومعهداً شرعياً، هذه الصورة تركت أثراً بالعالم، إزميت بأكملها أصبحت ركاماً، أحياناً يكون في قطع كبيرة، كل هذه المدينة قطع صغيرة، الارتفاع متر تقريباً، إلا مسجداً معهداً شرعياً، هذه رسالة من الله.

7 ـ له كمال القدرة والعظمة ولا يعجزه شيء:

"القوي" هو الذي له كمال القدرة والعظمة، ولا يعجزه شيء، قال العلماء: "القوي" غالب لا يُغلب، يُجير ولا يُجار عليه، فقوته فوق كل قوي، ما قولك أن تكون مع هذا "القوي" ؟ هل تخشى أحداً ؟ هل ترتعد فرائصك ؟ إذا كنت مع "القوي" فأنت "القوي".

من عرف الله زهد فيما سواه:

الإنسان أيها الأخوة، يعجب بالقوة، ويتأثر بالكمال، وأحياناً يتطلع إلى الأقوياء، والله سبحانه وتعالى من عظمته جلّ جلاله يجمع بين القوة وبين الكمال.

﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾

( سورة الرحمن )
الرحيم، الرحمن، اللطيف، المعطي، الحنان، المنان، هذه أسماء الكمال ، القوي، الجبار، المنتقم من أسماء القوة، أنت مع قوي ومع رحيم، مع قوي ومع لطيف ، مع قوي ومع كريم.
والإنسان لا يعجب بقوي لئيم، ولا بمحسن ضعيف، يعجبه أن تجتمع القوة والكمال في جهة واحدة، الله وحده في كمالاته، وفي قوته، ما يملأ طموح الإنسان، لذلك من عرف الله زهد فيما سواه.
أيها الأخوة، التدين حاجة فطرية، حتى أتباع الديانات الأرضية، الوضعية يلبون حاجة في نفوسهم، الإنسان خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه، فيسعد بافتقاره، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه، حتى أتباع الديانات الباطلة، الوضعية، المختلقة، هم يلبون حاجة لأن الإنسان خلق ضعيفاً، لحكمة بالغةٍ بالغة أن المسلم عرف "القوي" الحقيقي ، طبعاً هناك آلهة كالشمس، والقمر، والحجر، والمدر، والبقر، آلهة في بعض البلاد، فالمسلم من عظمة هذا الدين أنه تعرف إلى الإله القوي الحقيقي، الذي هو معه.

والحمد لله رب العالمين