النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

  1. #1

    افتراضي تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

    تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
    الشيخ عبد المجيد الزنداني
    مقدمـة
    الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد … فإن البشرية تعيش منذ قيام الثورة الصناعية في أوروبا صراعاً بين العلم والدين اتسعت ساحتُه حتى شملَ معظمُ ميادينِ العلمِ والمعرفةِ في أنحاءِ العالم .ولقد شقيتْ البشريةُ بهذه المعركةِ التي كان الدينُ المحرفُ هو المتصدرُ في هذا الصراعِ ، حيث وجد أن الدين خرج منهزما في حلبة الصراع ، وبانهزامِهِ بقيتْ البشريةُ تتخبط في متاهات الظلام والحيرة ، تجرب بدون هدى ، وتسير إلى غير هدف ، تتجرع غصصَ الفشلِ المتكرر وتتكبدُ مرارتَه بين الحين والآخر .لقد حدث هذا في غياب الإسلام عن ساحة المعركة ، والإسلام هو الدين الحق الذي يتفق مع الحق في كل صوره ، بل يحتضنُ الحقَ ويدعمُه أنى كان ، وحيثما كان ومن أيةِ جهة جاء (الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها)(1).ولقد تنبه علماء المسلمين إلى هذا الصراع الدائر بين العلم والدين المحرف وإلى محاولة أعداء الإسلام نقل المعركة إلى بلاد المسلمين فبدأوا يكتبون عن الإسلام والعلم فإذا بهم يضعون أيديهم على معجزة تجلت في هذا العصر أيد اللهُ بها دينَه الحقَّ ألا وهي:الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. وكان ذلك تحقيقاً لوعده جل وعلا﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق﴾ُّ( فصلت:53).وبدأت الكتابات تتوالى في هذا الباب ، ومنها ما أجاد فيها أصحابها ومنها ما يحتاج إلى تصويب وتقويم .ولذلك بادر المجلس العالمي الأعلى للمسجد باتخاذ قرار إنشاء هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ليكون من أولى مهماتها :
    1-تطوير أبحاث الإعجاز العلمي .
    2- تمحيص وتقويم ما يكتب في هذا المجال .
    3- نشر الصالح من هذه البحوث .
    4- وضع الضوابط للكتابة في هذا الموضوع .
    وتحقيقاً لذلك قامت الهيئة بعقد المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي والجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد بباكستان في الفترة من 25-28 صفر 1408هـ الموافق 18-21/10/1987م وكان من أهم ما عرض في هذا المؤتمر بحوث التأصيل لهذا العلم الجديد في عصرنا .ويسر الهيئة أن تقدم للباحثين وللقراء عموماً بعض بحوث التأصيل التي قررت الهيئة – في اجتماعها مع اللجنة الإستشارية في 14-16 رمضان 1409هـ نشرها للاستفادة منها .كما يسر الهيئة أن تلحق بها توصيات المؤتمر .سائلة المولى جل وعلا أن يأخذ بأيدي العاملين للإسلام وأن يوفقهم ويهديهم سواء السبيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
    التعديل الأخير تم 07-08-2006 الساعة 11:48 PM

  2. #2

    افتراضي

    المعجزة العلمية في القرآن والسنة
    الإعجاز العلمي :
    تعريف الإعجاز :
    الإعجاز مشتق من العجز. والعجز : الضعف أو عدم القدرة .والإعجاز مصدر اعجز : وهو بمعنى الفوت والسبق.(2)والمعجزة في اصطلاح العلماء : أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة.(3)
    وإعجاز القرآن : يقصد به : إعجاز القرآن الناس أن يأتوا بمثله. أي نسبة العجز إلى الناس بسبب عدم قدرتهم على الآتيان بمثله .
    تعريف العلم :
    وصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم .
    والعلم : هو إدراك الأشياء على حقائقها. أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تاماً.(4)والمقصود بالعلم في هذا المقام : العلم التجريبي. وعليه فيعرف الإعجاز العلمي بما يلي:
    تعريف الإعجاز العلمي:هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي ،وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشريةفي زمن الرسول r.وهذا مما يظهر صدق الرسول محمد rفيما أخبر به عن ربه سبحانه.لكل رسول معجزة تناسب قومه ومدة رسالته :ولما كان الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، يُبعثون إلى أقوامهم خاصة ، ولأزمنة محدودة فقد أيدهم الله ببينات حسية مثل : عصا موسى عليه السلام ، وإحياء الموتى بإذن الله على يد عيسى عليه السلام ، وتستمر هذه البينات الحسية محتفظة بقوة إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول ، فإذا حرف الناس دين الله بعث الله رسولاً آخر بالدين الذي يرضاه، وبمعجزة جديدة ، وبينة مشاهدة .

  3. #3

    افتراضي

    لقد نزل القرآن على قوم استماتوا في الصد عنه ، دفاعاً عن أصنامهم ، التي كانوا عليها عاكفين ، وتعلقاً بما آمنوا به من خرافات السحر، والكهانة،والتنجيم ، وأوهام الازلام ، والتشاؤم من بعض الشهور ، ومن مرور بعض أنواع الحيوان ، وجادلوا عن ضلالتهم في طلب الحماية من ملوك الجان ، في الشعاب والوديان .وهذا مثل من الضلال الفكري ، الذي كان عليه العرب عند نزول القرآن وكان العرب أمة أمية ، وبعد أن حثهم رسول الله r على القراءة والكتابة والعلم. والحساب ، لم يجدوا أمامهم من أدوات الكتابة إلا الجلود ، والأحجار الرقيقة، وعسب النخل ، وعليها كانوا كتبون.(18)في ذلك العصر ، وعلى تلك الأمة ، نزل الوحي ، وفيه علم الله ، يصف أسرار الخلق في شتى الآفاق ، ويجلي دقائق الخلق في النفس البشرية ، يقرر البداية ، ويصف أسرار الحاضر، ويكشف غيب المستقبل الذي ستكون عليه سائر المخلوقات.وعندما دخل الانسان في عصر الاكتشافات العلمية ، وامتلك أدق الأجهزة للبحث العلمي ، وتمكن من حشد الجيوش من الباحثين ، في شتى الآفاق، وجمعهم في ميادينه، على اختلاف الأجناس ، يبحثون عن الأسرار المحجوبة في آفاق الأرض والسماء ، وفي مجالات النفس البشرية ، يجمعون المقدمات ، ويرصدون النتائج ، في رحلة طويلة عبر القرون ، فإذا ما تكاملت الصورة ، وتجلت الحقيقة وقعت المفاجأة الكبرى ، بتجلي أنوار الوحي الإلهي ، الذي نزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل ألف وأربعمائة عام ، بذكر تلك الحقيقة في آية من القرآن أو بعض آية ، أو في حديث لرسول الله أو بعض حديث بدقة علمية معجزة، وعبارات مشرقة، وبهذا أنبأنا القرآن.قال تعالى : ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53) ﴾ (فصلت:52-53) فهيا لنتدبر بعض معاني هذا النص القرآني:لقد ورد الأفق في اللغة بمعنى : ما ظهر من نواحي الفلك وأطراف الأرض، وآفاق السماء: نواحيها(19)وآيات الله في آفاق الأرض والسماء تحمل معاني ثلاثة: الأول : المخلوقات التي خلقها الله في شتى آفاق الأرض والسماء مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ ... ﴾(الشورى:29).
    الثاني : آيات القرآن التي تخبر وتصف أنواع المخلوقات ، وهي آيات كثيرة.
    الثالث : البينات والمعجزات التي يظهرها الله تصديقاً لرسول rفي شتى آفاق الأرض والسماء برؤية مصداقها من حقائق الخلق حينا بعد حين.قال الشوكاني :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾: سنريهم صدق دلالات صدق القرآن ، وعلامة كونه من عند الله في الآفاق وفي أنفسهم …. والمعنى : سنريهم آياتنا في النواحي وفي أنفسهم(20).وقال ابن كثير :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾: أي ستظهر لهم دلالاتنا ، وحججنا ، على كون القرآن حقاً منزلا من عند الله ، على رسول الله rبدلائل خارجية في الآفاق(21).وقال الزمخشري :ومعناه أن هذا الموعود ، من إظهار آيات الله في الآفاق ، وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدون، فيتبينون عند ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب ، الذي هو على كل شئ شهيد ، أي مطلع ومهيمن ، يستوي عنده غيبه وشهادته ، فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حق وأنه من عنده(22) .بهذا قال كثير من المفسرين عند تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ وقال أبو العباس بن تيمية :وأما الطريق العياني : فهو أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية ، ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته الرسل عن الله حق ، كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53 ) ﴾ أي: أولم يكف بشهادته المخبرة بما في علمه ، وهو الوحي الذي أخبر به الرسول rفإن الله على كل شئ شهيد وعليم به.(23)ولقد قرر عطاء وابن يزيد أن معنى (الآفاق) المذكورة في الآية هو ما نقله عنهما القرطبي في تفسيره:"وقال عطاء وابن زيد أيضاً : في (الآفاق) يعني أقطار السموات والأرض، من الشمس والقمر ، والنجوم والليل والنهار ، والرياح والأمطار ، والرعد والبرق، والصواعق ، والنبات والأشجار ، والجبال والبحار ، وغيرها"(24).وروى هذا عنهما عدد من أئمة التفسير(25).وفي الجلالين :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾: أقطار السموات والأرض من النيران والنبات والأشجار.﴿وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ : من لطيف الصنعة وبديع الحكمة(26).فهذه آيات الله في كتابه تتحدث عن آياته في مخلوقاته ، وتتجلى بمعجزة علمية بينة تسطع في عصر الكشوف العلمية في آفاق الكون .
    ________________________________________

  4. #4

    افتراضي

    اللقاء حتمي والمعجزة واقعة
    إننا على وعد من الله عز وجل بأن يرينا آياته ، فيتحقق لنا – بهذه الرؤية – العلم الدقيق بمعاني هذه الآيات ، قال تعالى : ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا... ﴾ (النمل:93).ومخلوقاته من آياته ، ومنها ما جاء في القرآن وصفاً ونبأ عن آياته في السموات والأرض.وروى الطبري عن ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد ، أنه قال في تفسير هذه الآية:"قوله : ﴿ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ﴾قال : في أنفسكم والسماء والأرض والرزق".(27)
    وقال ابن كثير في تفسير الآية :"أي الحمد لله الذي لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه والانذار إليه ، ولهذا قال تعالى﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا،﴾كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ .(28)وبمثل هذا قال القرطبي في تفسيره(29). والألوسي في تفسيره(30).وقال أبو حيان في البحر المحيط :"سيريكم آياته : تهديد لأعدائه بما يريهم الله من آياته ، التي تضطرهم إلى معرفتها ، والإقرار أنها آيات الله … وقيل آياته في أنفسكم ، وسائر ما خلق ، مثل قوله : ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾وقيل معجزات الرسول ، وأضافها إليه لأنه هو مجريها ، على يدي الرسول ، ومظهرها من جهته.(31)وبمثل ما قال أبو حيان ، قال البقاعي ، في نظم الدرر(32):ومما سبق يتبين لنا أن البشرية على موعد من الله متجدد ومستمر بكشف آياته في الكون ، وفي كتابه أمام الأبصار ، لتقوم الحجة وتظهر المعجزة .إنه الوحي في القرآن والسنة ، يفيض بالخبر عن أوصاف المخلوقات ، وهذه الأبحاث العلمية التجريبية ، تتجه بدراستها وبحثها إلى نفس الميدان ، الذي وصفه القرآن ، وتحدث عن الرسول r فاللقاء حتمي ، والمعجزة لا شك واقعة .لقد جاءت العلوم البشرية التجريبية شاهدة بصدق ما أخبر به القرآن ، من تحريف سائر الأديان(33) وجاءت شاهدة ومجلية لدقائق المعاني ، في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ذات التعلق بالأمور الكونية. وهذه مناكب دعاة الإسلام ، على اختلاف تخصصاتهم العلمية ، تتزاحم لبيان هذه المعجزات العلمية ، وبدأ عدد من كبار علماء الكون، من غير المسلمين ، يتجهون إلى نفس الميدان(34)، فمنهم من أسلم(35)، ومنهم من شهد بحقيقة المعجزة العلمية، فحان حين تجلى معاني كثير من آيات القرآن الكونية ، وعدد – في نفس المجال – من الأحاديث النبوية و﴿ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام67).وإذا كان النقص يعتري بعض الدراسات ، في مجال الإعجاز العلمي ، في القرآن والسنة ، فلا يصح أن يكون ذلك حكماً على جميعها ، وإن هذا ليوجب على القادرين من علماء الإسلام ، أن يسارعوا لخدمة القرآن والسنة ، في مجال العلوم الكونية ، كما خدمهما السلف ، في مجال اللغة والأصول ، والفقه ،وغيرها من مجالات العلوم الشرعية ، فنحن أمام معجزة علمية كبرى ، تنحني أمامها جباه المنصفين من قادة العلوم الكونية في عصرنا .فالاعجاز العلمي أكده ذلك النوع من التفسير ، الذي يعلمه علماء المسلمين ، الذي يعلمون بأسرار المخلوقات كما أشارت هذه الآيات الكريمة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(95)فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(96)وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون َ(97) ﴾ (الأنعام:95-97) . يعلمون بآيات القرآن. وآيات الأكوان، وهناك فرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي.

  5. #5

    افتراضي

    الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي
    فالتفسير العلمي : هو الكشف عن معاني الآية أو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية.
    أما الإعجاز العلمي : فهو إخبار القرآن الكريم ، أو السنة النبوية ، بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيراً، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية ، في زمن الرسول r.وهكذا يظهر اشتمال القرآن أو الحديث على الحقيقة الكونية، التي يؤول إليها معنى الآية أو الحديث، ويشاهد الناس مصداقها في الكون ، فيستقر عندها التفسير، ويعلم بها التأويل، كما قال تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام67).وقد تتجلى مشاهد أخرى كونية عبر القرون ، تزيد المعنى المستقر وضوحاً وعمقاً وشمولاً لأن الرسول r قد أوتى جوامع الكلم(36) فيزداد بها الإعجاز عمقا وشمولاً ، كما تزداد السنة الكونية وضوحا بكثرة شواهدها المندرجة تحت حكمها.
    ________________________________________
    مصادر أبحاث الإعجاز العلمي
    ولما كانت أبحاث الإعجاز العلمي متعلقة بالتفسير العلمي للآيات الكونية ، ومتصلة بشرح الأحاديث في هذه المجالات ، فهي فرع من فروع التفسير ، وجزء من شرح الحديث وتقوم على مصادر هذين العلمين ، ولما كانت قائمة على إظهار التوافق بين نصوص الوحي وبين ما كشف العلم التجريبي من حقائق الكون وأسراره ، فهي كذلك تقوم على مصادر العلوم التجريبية ، إلى جانب العلم المتعلق بتاريخها ، كما تتصل أيضاً بعلم أصول الدين .

  6. #6

    افتراضي

    قواعد أبحاث الإعجاز العلمي :
    ولقد قامت هذه الأبحاث على قواعد نوجزها فيما يلي:-
    (أ) علم الله هو العلم الشامل المحيط الذي لا يعتريه خطأ ، ولا يشوبه نقص، وعلم الإنسان محدود ، يقبل الازدياد ، ومعرض للخطأ.
    (ب) هناك نصوص من الوحي قطعية الدلالة ، كما أن هناك حقائق علمية كونية قطعية.
    (ج) وفي الوحي نصوص ظنية في دلالتها ، وفي العلم نظريات ظنية في ثبوتها .
    (د) ولا يمكن أن يقع صدام بين قطعي من الوحي وقطعي من العلم التجريبي، فإن وقع في الظاهر ، فلابد أن هناك خللا في اعتبار قطعية أحدهما(37).
    (هـ) عندما يري الله عباده آية من آياته ، في الآفاق أو في الأنفس مصدقة لآية في كتابه، أو حديث من أحاديث رسوله يتضح المعنى، ويكتمل التوافق ، ويستقر التفسير ، وتتحدد دلالات ألفاظ النصوص ، بما كشف من حقائق علمية وهذا هو الإعجاز.
    (و) إن نصوص الوحي قد نزلت بألفاظ جامعة(38) تحيط بكل المعاني الصحيحة في مواضيعها التي قد تتتابع في ظهورها جيلا بعد جيل .
    (ز) إذا وقع التعارض بين دلالة قطعية للنص ، وبين نظرية علمية رفضت هذه النظرية، لأن النص وحي من الذي أحاط بكل شئ علما ، وإذا وقع التوافق بينهما كان النص دليلا على صحة تلك النظرية ، وإذا كان النص ظنيا والحقيقة العلمية قطعية يؤول النص بها .
    (ح) وإذا وقع التعارض بين حقيقة علمية قطعية ، وبين حديث ظني في ثبوته ، فيؤول الظني من الحديث،ليتفق مع الحقيقة القطعية،وحيث لا توجد مجال للتوفيق فيقدم القطعي .
    أوجه الإعجاز العلمي :
    إن معجزة القرآن العلمية ، تظهر لأهل العلم ، في كل مجال من مجالاته ، فهي ظاهرة في نظمه ، وفي إخباره عن الأولين ، وفي إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع ، وغيرها .. ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا، للدلالة على أوجه إعجاز القرآن والسنة ، التي كشفت عنها العلوم الكونية والطبية.والمتأمل في أحوال العالم قبل نزول القرآن ، يرى التخلف الهائل في مجال العلوم الكونية، وكيف اختلطت المعارف الكونية للانسان ، بالسحر والكهانة والأوهام ، حتى غلبت الخرافة ، وسادت الأساطير ، على الفكر الإنساني .ولقد انتظرت البشرية طويلاً – بعد نزول القرآن – إلى أن امتلكت من الوسائل العلمية ، ما يكشف لها أسرار الكون ، وإذا بالذي يكتشفه الباحثون بعد طول بحث ودراسة ، تستخدم فيها أدق الأجهزة الحديثة ، يرى مقررا في آية ، أو حديث ، قبل ألف وأربعمائة عام ، وذلك فيما تعرض له الوحي من حقائق. وما كان العرب الذين خوطبوا بهذا القرآن ، بحاجة إلى هذه الأوصاف ، والأنباء المستفيضة فيه ، وفي السنة، عن الكون وأسراره ، لاثبات صدق الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنه الوحي المعجز؛ الذي يحمل بينه صدقه معه ، لجميع البشر، في عصورهم المختلفة ، وأطوارهم المتباينة ، كما قال أبو العباس بن تيمية في وصف القرآن.وقد اجتمع فيه من الآيات ما لم يجتمع في غيره ، فإنه هو الدعوة والحجة ، وهو الدليل والمدلول عليه ، وهو البينة على الدعوى ، وهو الشاهد والمشهود به(39).

  7. #7

    افتراضي

    وتتمثل أوجه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فيما يلي:
    1- في التوافق الدقيق بين ما في نصوص الكتاب والسنة، وبين ما كشفه علماء الكون(40) من حقائق كونية ، وأسرار علمية،لم يكن في إمكان بشر أن يعرفها وقت نزول القرآن .
    2- تصحيح الكتاب والسنة لما شاع بين البشرية،في أجيالها المختلفة ، من أفكار باطلة ، حول أسرار الخلق(41) لا يكون إلا بعلم من أحاط بكل شئ علما.
    3- إذا جمعت نصوص الكتاب ، والسنة الصحيحة ، وجدت بعضها يكمل بعضها الآخر ، فتتجلى بها الحقيقة ، مع أن هذه النصوص قد نزلت مفرقة في الزمن، وفي مواضعها من الكتاب الكريم ، وهذا لا يكون إلا من عند الله ؛ الذي يعلم السر في السموات والأرض .
    4- سن التشريعات الحكيمة ، التي قد تخفى حكمتها على الناس ، وقت نزول القرآن، وتكشفها أبحاث العلماء في شتى المجالات.(42)
    5- في عدم الصدام بين نصوص الوحي القاطعة ؛ التي تصف الكون وأسراره، على كثرتها ، وبين الحقائق العلمية المكتشفة على وفرتها ، مع وجود الصدام الكثير، بين ما يقوله علماء الكون ، من نظريات تتبدل مع تقدم الاكتشافات، ووجود الصدام بين العلم ، وما قررته سائر الأديان المحرفة المبدلة.وصدق الله القائل : ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(48)بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ(49)وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ(50)أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(51)قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(52) ﴾ (العنكبوت:48-52).
    تنبيه :
    وكلامنا هنا محصور في قضايا الإعجاز العلمي؛ الذي تسفر فيه النصوص عن معاني لكيفيات وتفاصيل جديدة عبر العصور ، أما ما يتعلق بالعقائد والعبادات ، والمعاملات والأخلاق ، فقد بينها رسول الله r ووضح تفسيرها(43).

  8. #8

    افتراضي

    التعليق على المشاركات السابقة وفقا للأرقام المكتوبة ، تبدلأ من 1 وتنتهى ل 43 ما يلى :
    (1) الترمذي كتاب باب ما جاء في فضل العلم على العباد 5/51.(2) انظر لسان العرب لابن منظور (مادة عجز) 5/370 ط دار بيروت , و المفردات للراغب الأصفهاني ص 322.(3) انظر معنى ذلك في تفسير القرطبي 1/96 وفتح الباري 6/581.(4) راجع الراغب الأصفهاني : المفردات ص 343؛ والشوكاني : إرشاد الفحول ص 4.(5) انظر سبب النزول ابن الجوزي : 2/257؛ الطبري 5/122؛ ابن كثير :1/590؛ الجلالين: ص 137.(6) الخازن في مجموعة من التفاسير : 2/210.(7) ابن كثير : 1/560.(8) الفتاوى: 14/196.(9) ابن الجوزي : 2/257؛ الزمحشري : 1/584؛ أبوحيان : 3/399؛ الألواسي :6/19-20؛ الشوكاني : 1/539؛ البيضاوي والنسفي و الخازن فى كتاب مجموعة من التفسير :2/210؛ الجلالين: ص 137.(10) البخاري : فتح الباري: 9/3, مسلم- كتاب الإيمان.(11)فتح الباري لابن حجر: 9/7.(12) القرطبي: 15/231.(13) أبو حيان: 7/412.(14) الطبري: 23/121.(15) الطبري: 7/147.(16) ابن كثير: 2/144(17) القرطبي: 7/111 الشوكاني: 2/128؛ الرازي: 7/25-26؛ القاسمي:6/575؛ أبو السعود: 3/147؛ البقاعي: 7/145-146.(18) قال زيد بن ثابت عندما أمره أبو بكر الصديق أن يجمع القرآن بعد أن كثر الشهداء من حفظة القرآن: فتبعت القرآن أجمعه من العسب و اللخاف وصدور الرجال(رواه البخاري-كتاب فضائل القرآن). والعسب:جمع عسيب وهو جريد النخل, واللخاف: الحجارة الرقاق.(19) انظر:مقاييس اللغة لابن فارس:1/114-115 لسان العرب:10/5-6؛الصحاح للجواهري:4/1446؛تاج العروس:1/279؛ المفردات للأصفهاني: 19.(20) فتح القدير: 4/523.(21) تفسير ابن كثير: 4/106.(22) الكاشف:3/458.(23) الفتاوي: 14/189.(24) القرطبي: 15/374-375.(25) انظر : الطبري : 25/24؛ أبو حيان: 7/505؛ الخازن في مجموعة من التفاسير: 5/395؛ الشوكاني: 4/523.(26) الجلالين: 638.(27) الطبري: 20/18.(28) ابن كثير: 3/380.(29) القرطبي: 13/246.(30) الآلوسي: 20/40.(31) أبو حيان: 7/103.(32) البقاعي: 14/229-230.(33) انظر الكتاب الذي ألفه الطبيب الفرنسي المشهور: موريس بوكاي بعنوان: "التوراة و الإنجيل والقرآن في ضوء المعارف العلمية الحديثة", وأثبت فية تحريف التوراة والإنجيل وصدامهما مع العلم, وسلامة القرىن من التحريف وسبقه للعلوم الحديثة.(34) انظر الأبحاث التي شارك فيها سبعة من كبار علماء الأجنة والتشريح وأمراض النساء, من غير المسلمين في لجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة, في القاعة الكبرى في المؤتمر الطبي السعودي الثامن المنعقد في الرياض, في محرم عام 1404هـ.(35) مثل البرفيسور: تاجاتات تاجاسن الذي أعلن إسلامه في قاعة المؤتمر الطبي السعودي الثامن في نهاية أبحاث الإعجاز العلمي.(36) انظر فتح الباري: 13/247.(37) هذه قاعدة جليلة يقررها علماء المسلمين,وألف أبو العباس بن تيمية كتابا من أحد عشر مجلدا لبيانها تحت عنوان: "درء تعارض العقل و النقل".(38) قال صلي الله عليه وسلم "بعثت بجوامع الكلم". (أخرجه البخاري في الجهاد) ومسل المساجد برقم 4523, والنرمذي في السير برقم 1553 والنسائي في الجهاد باب وجوب الجهاد. وقال ابن حجر في الفتح 13/247: كان يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني, ونقل عن البخاري قوله: بلفني أن جوامع الكلم: أن الله عزوجل يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمرالواحد أو الاثين.(39) الفتاوي: 14/190.(40) البروفيسور: كيث ل. مور وهو من أشهر علماء العالم في علم الأجنة , وكتابه في علم الأجنة مرجع علمي مترجم إلى سبع لغات, منها : الروسية و اليابنية و الألمانية و الصينية. بعد اقتناعه بأبحاث الإعجاز العلمي, ألقى محاضرة في ثلاث كليات طبية في المملكة العربية السعودية عام (1404هـ) بعنوان: " مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة".(41) مثل ماكان شائعا بين علماء التشريح من أن الولد يتكون من دم الحيض واستمر ذلك الاعتقاد إلى أن اكتشف المجهر, في القرن السادس عشر الميلادي,ونصوص القرآن والسنة,تقررأن الإنسان يخلق من المني,وقد رد ابن القيم وابن حجر,وغيرهما من علماء المسلمين,أقوال علماءالتشريح أن مني الرجل لا أثرله في الولدإلا في عقده,وأنه إنما يتكون من دم الحيض,وأحاديث الباب تبطل ذلك".(42) مثل ماكشفه العلم حديثا من حكم في تحريم أكل لحم الخنزير.(43)
    التعديل الأخير تم 07-09-2006 الساعة 12:19 AM

  9. #9

    افتراضي

    أبحاث الإعجاز العلمي في ضوء منهج السلف وكلام المفسرين
    للسلف منهج سديد ، في التعامل مع الأمور الغيبية ؛ التي جاء بها الوحي ، وخاصة فيما يتعلق بأمر الصفات الإلهية ، وأحوال يوم القيامة ، وما لا سبيل إليه من غير طريق الوحي ، ويتمثل هذا المنهج في الوقوف عندما دلت عليه النصوص، بدون تكلف ، لمعرفة الكيفيات والتفاصيل ؛ التي لم يبينها الوحي ، لأن البحث فيها كالبحث في الظلام ، وهي قسر لحقائق الوحي الكبرى في قالب تصورات ذهنية بشرية ، بحدود الحس والزمان والمكان ، المحيط ببيئة الإنسان .وكلام الخالق سبحانه ، عن أسرار خلقه ، في الآفاق والأنفس ، غيب ، قبل أن يرينا الله حقائق تلك الأسرار ، ولا طريق لمعرفة كيفياتها وتفاصيلها قبل رؤيتها ، إلا ما سمعنا من طريق الوحي، وكان السلف لا يتكلفون ما لا علم لهم به.إن معاني الآيات المتعلقة بالأمور الغيبية ، ودلالتها اللغوية معلومة ، لكن الكيفيات والتفاصيل محجوبة ، وإن من وصف حقائق الوحي الكونية ، بدقائقها وتفاصيلها ، بعد أن كشفها الله ، وجلاها للأعين ، غير من وصفها من خلال نص يسمع، ولا يرى مدلوله الواقعي، لأن وصف من سمع وشاهد غير من سمع فقط ، ومثلهما كمثل اثنين استمعا وصفا لمكتبة كبيرة من صاحبها ، وكان بعضها مشاهدا، وبعضها محجوبا بالستائر والظلام ، وكان أحدهما لا يملك قدرة على إزاحة الستائر، وتبديد الظلام ، فوصف ما حجب عنه في ضوء ما سمع، وقياسا على ما رأى ، وتمكن الثاني من كشف بعض الستائر ، وتبديد بعض الظلام ، فرأى دقائق، وتفاصيل ، وكيفيات، ما وصف له من قبل سماعا، فجاءت المشاهدة متوافقة مع السماع .ولقد وفق السلف الصالح من المفسرين كثيرا في شرحهم لمعاني الآيات القرآن ، رغم احتجاب حقائقها الكونية ، مع أن المفسر الذي يصف حقائق وكيفيات الآيات الكونية ، في الآفاق والأنفس ، وهي محجوبة عن الرؤية في عصره ، قياسا على ما يرى من المخلوقات ، وفي ضوء ما سمع من الوحي ، يختلف عن المفسر ؛ الذي كشفت أمامه الآية الكونية ، فجمع بين ما سمع من الوحي ، وبين ما شاهد في الواقع.ونظراً لعدم خطورة ما يتقرر في مجال الأمور الكونية ، على أمر العقيدة يوم ذاك، لم يقف المفسرون بها عند حدود ما دلت عليه النصوص. بل حاولوا شرحها بما يسر الله لهم من الدراية ؛ التي تيسرت لهم في عصورهم ، وبما فتح الله به عليهم من أفهام ، وكانت تلك الجهود العظيمة التي بذلها المفسرون عبر القرون ، لشرح نصوص الوحي ؛ المتعلقة بالأمور الكونية ؛ التي لم تكشف في عصرهم؛ مبينة لمستوى ما وصل إليه الإنسان من علم ، في تلك المجالات ، ومبينة لمدى توفيق الله لهؤلاء المفسرين .فإذا ما حان حين مشاهدة الحقيقة ، في واقعها الكوني ، ظهر التوافق الجلي بين ما قرره الوحي وما شاهدته الأعين ، وظهرت حدود المعارف الإنسانية ؛ المقيدة بقيود الحس المحدود ،والعلم البشري المحدود بالزمان والمكان ، وازداد الإعجاز تجليا وظهوراً.وكتب الله التوفيق للمفسرين ، فيما شرحوه من آيات وأحاديث ؛ متعلقة بأسرار الكون وخفاياه ؛ بفضل اهتدائهم بنصوص الوحي ؛ المنزل ممن يعلم السر في الأرض والسماء ، مهتدين بما علم لهم من دلالات الألفاظ ، ومعاني الآيات .
    سرور رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بظهور التوافق بين الوحي ، وبين الواقع:
    روى مسلم في صحيحه(44) عن فاطمة بنت قيس قال : … فلما قضى رسول الله rصلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال : "ليلزم كل إنسان مصلاه. ثم قال: أتدرون لم جمعتكم ؟" قالوا : الله ورسوله أعلم. قال "إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن جمعتكم لأن تميما الداري ، كان رجلا نصرانيا ، فجاء فبايع وأسلم ، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال" ثم ذكر لهم خبر تميم الداري ورحلته ؛ التي استغرقت أكثر من شهر في البحر، وجاءت موافقة لما أخبر به الرسول rمن قبل.وكان الناس يشككون في نسب أسامة بن زيد ، فعن عائشة رضي الله تعالى عنها – قالت : إن رسول الله دخل علىَّ مسروراً ، تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم ترى أن مجززاً (45)نظر آنفا إلى زيد بن حارثة ، وأسامة بن زيد (وفي رواية، وعليهما قطيفة ، قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما)(46) فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض .وهكذا جاء الدليل من الواقع المشاهد ؛ ليحسم الخلاف ، فبرقت له أسارير وجه الرسول r.وكم يسر المؤمن في عصرنا ، وهو يشاهد حقائق الواقع،والمشاهدات الكثيرة،قد جاءت مصدقةلما جاءبه الوحي،قبل ألف وأربعمائةعام .

  10. #10

    افتراضي

    أهمية أبحاث الإعجاز العلمي وثمارها
    1-تجديد بينة الرسالة في عصر الكشوف العلمية :
    إذا كان المعاصرون لرسول الله قد شاهدوا بأعينهم ، كثير من المعجزات ،فإن الله أرى أهل هذا العصر ، معجزة لرسوله تتناسب مع عصرهم ، ويتبين لهم بها أن القرآن حق ، وتلك البينة المعجزة هي : بينة الإعجاز العلمي ، في القرآن والسنة ، وأهل عصرنا لا يذعنون لشئ مثل إذعانهم للعلم، وبيناته ودلائله ، على اختلاف أجناسهم وأوطانهم وأديانهم ، وأبحاث الإعجاز كفيلة بإذن الله بتقديم أوضح الحجج ، وأقوى البينات العلمية ، لمن أراد الحق من سائر الأجناس. وفي حجج هذه الأبحاث قوة في اليقين ، وزيادة في إيمان المؤمنين .﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (الأنفال:2).وظهور هذه البينات العلمية ، يسكب الثقة مرة ثانية ، في قلوب الذين فتنهم الكفار من المسلمين عن دينهم باسم العلم ؛ الذي قام عليه التقدم والحضارة .
    2- تصحيح مسار العلم التجريبي في العالم :
    لقد جعل الله النظر في المخلوقات ؛ الذي تقوم عليه العلوم التجريبية طريقاً إلى الإيمان به، وطريقاً إلى الإيمان برسول الله ، ولكن أهل الأديان المحرفة كذبوا حقائقه، وسفهوا طرقه ، واضطهدوا دعاته ، فواجههم حملة هذه العلوم التجريبية ، بإعلان الحرب على تلك الأديان ، فكشفوا ما فيها من أباطيل، وأصبحت البشرية في متاهة ، تبحث عن الدين الحق ؛ الذي يدعو إلى العلم، والعلم يدعو إليه .إن بإمكان المسلمين أن يتقدموا لتصحيح مسار العلم في العالم، ووضعه في مكانه الصحيح، طريقاً إلى الإيمان بالله ورسوله ، ومصدقا بما في القرآن ، ودليلا على الإسلام ، وشاهدا بتحريف غيره من الأديان .
    إن البشرية بحاجة إلى الدين الحق ؛ لإنقاذها مما حل بها من خواء في الروح ، وضياع في الشعور ، وشقاء في النفس ، بحاجة إلى الدين الذي يجمع لها بين الدين والعلم، والمادة والروح ، والنظام والخلق وسعادة الدنيا وحسن ثواب الآخرة ، ولكنها بحاجة إلى دليل من العلم يثبت لها صحة الدين ، وفي هذه الأبحاث جواب .ومما يبشر بإمكانية تحقيق هذا الهدف ، وجود قاعدة كبيرة من علماء الكون المنصفين، الذين لا يترددون في إعلان ما يقتنعون به من الحق ، وهم أهل الكلمة في شعوبهم ، ولا يستطيع المكابرون والجاحدون أن يحجروا عليهم في كثير من بلدان العالم ، فيما عدا البلاد الشيوعية ؛ التي جعلت الالحاد منهجاً لها في الحياة. ولكن وسائل الإعلام المعاصرة قد تكون سبباً لإبلاغ أهل تلك البلاد حقائق العلم والإيمان، وربما فتح الله فيها ما لا يتيسر في غيرها .
    3-تنشيط المسلمين للاكتشافات الكونية ، بدافع من الحوافز الإيمانية :
    إن التفكر في مخلوقات الله عبادة ، والتفكر في معاني الآيات والأحاديث عبادة، وتقديمها للناس دعوة إلى الله ، وهذا كله متحقق في أبحاث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. وهذا من شأنه أن يحفز المسلمين إلى اكتشاف أسرار الكون ؛ بدوافع إيمانية ، لعلها تعبر بهم فترة التخلف؛التي عاشوها فترة من الزمن،في هذه المجالات.وسيجد الباحثون المسلمون ، في كلام الخالق عن أسرار مخلوقاته ، أدلة تهديهم أثناء سيرهم في أبحاثهم ، وتقرب لهم النتائج ، وتوفر لهم الجهود .
    واجب المسلمين :وإذا علمنا أهمية هذه الأبحاث في تقوية إيمان المؤمنين ، ودفع الفتن التي ألبسها الكفار ثوب العلم ، عن بلاد المسلمين ، وفي دعوة غير المسلمين ، وفي فهم ما خوطبنا به في القرآن والسنة ، وفي حفز المسلمين للأخذ بأسباب النهضة العلمية، تبين من ذلك كله أن القيام بهذه الأبحاث من أهم فروض الكفايات .وصدق الله القائل:﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾(البينة:1).


    --------------------------------------------------------------------------------
    التعديل الأخير تم 07-10-2006 الساعة 12:43 AM

  11. افتراضي

    وهل بعد هذا الكلام كلام ؟
    بوركت وبورك صاحب هذا الكلام .. ولكن ،
    إن من المؤسف حقا أن بعض المسلمين أشد حاجة إلى الإقناع بالإعجاز العلمي أو العددي من سواهم ، فيما يلي اقتباس من مشاركة لأحد أعضاء هذا المنتدى ولكن في منتدى آخر ، يصف فيها هذا الغيور على دينه الإعجاز العلمي بالأكاذيب . وقد انضم إلى فئة ممن يزعمون هذا الزعم ، والمصيبة ان هؤلاء يقدمون انفسهم إلى الناس على انهم الأقدر على فهم القرآن والوقوف على ما فيه مصلحة المسلمين .
    فيا أيها الأخوة :
    لماذا تتعبون انفسكم بالرد على الملاحدة والمشككين بالقرآن ؟ إن بعض إخوانكم في الدين احوج من اولئك إلى جهودكم ،والأقربون اولى بالمعروف ، فليكن هؤلاء هم الهدف الأول لكم بعد ذلك يكون الملحدون الهدف التالي ، أم انكم مثلي ، بتم ترون البعيد اقرب منالا ؟


    إقتباس:

    اقتباس من مشاركة أبو جهاد الصحفي

    الإخوة الكرام / جزاكم الله خيراً

    وللفائدة يمكن الإستعان بهذا الكتاب لكشف أكاذيب الإعجاز العلمي !

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من روائع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
    بواسطة zaidgalal في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-22-2012, 07:19 PM
  2. سؤال: الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
    بواسطة غريب24 في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 05-06-2010, 07:04 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء