النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: د. دسوقي أحمد يحكي قصة الاندماج في المجتمع الألماني

  1. #1

    افتراضي د. دسوقي أحمد يحكي قصة الاندماج في المجتمع الألماني

    ١- هل تعلم ياصديقي مالذي يشبهه الأمر ؟
    إنه يشبه وجود (عربيات الفول) في الأوراق الأكاديمية البحثية عن الطعام المصري

    دعنا نؤسس خطوطا ثابتة حتى لاتغرقنا التفاصيل:
    س- هل ألمانيا دولة عنصرية ؟
    ج- بالطبع لا
    س- هل هناك إطار قانوني حقوقي لمناهضة العنصرية ؟
    ج- نعم، وهو إطار محترم جدا وصارم وإنساني جدا.

    أين (التيتة) إذا يا عم الضاكتور !!
    (التيتة) يافندم أن الاحصائيات والقوانين تعني بتسجيل ومحاربة العنصرية التي يمكن توثيقها بصورة قانونية، وبالتالي فإن الممارسات العنصرية التي لايمكن توثيقها تغيب عن الباحث الأكاديمي في هذا المجال، لأنها بكل بساطة لايمكن توثيقها.
    لكن التجربة العملية لأي (مقدم خدمة) يتعامل يوميا مع (الجمهور) في الجمهورية الاتحادية تثبت بصورة واضحة أن الممارسات العنصرية تحدث في كل مكان وبصورة مخيفة.
    كطبيب أعمل في مجال تقديم الخدمة الطبية في وحدات المستشفي وفي نطاق الطوارئ فإن تعامل طواقم الخدمات الطبية مع الأتراك مثلا لم يخل يوما من لمز وغمز عنصري مقيت.
    الطبيب المناوب يقرأ من ورقته في الاجتماع الصباحي علي الرؤساء والزملاء: مريضة تركية عمرها ... سنة قدمت في الثالثة صباحا تشتكي من ... و ... و ... ، وبمناجزة الكشف الطبي لم نجد شيئا واضحا و ......
    بالطبع سيهز الأول رأسه وسيمتعض الثاني وسيبتسم الثالث ثم ينطق الرابع: آه أولئك الأتراك !!
    عملت سنة كاملة مع استشاري لأمراض الجهاز الهضمي كان يقضي وقته بعد المرور علي المرضي في السخرية من نطق المرضي الأجانب للألمانية !! كان يظل يشارك الممرضات النكات والضحك علي لهجاتهم وجملهم الغير سليمة.
    استشارية أخري كانت كلما أعيتها الحيلة في تشخيص مريض أجنبي ما، كانت تعزو الأمر إلي عدم قدرته علي الاندماج في المجتمع !! وحين راجعتها يوما بأن المريضة مولودة هنا في ألمانيا، أجابتني: ولو ! صدقني ستعاني بالرغم من ذلك من صعوبة الاندماج، انها تعيش في عالمها الخاص في البيت وليس في المجتمع !!
    المرضي الألمان الذين يصابون بنفس الأعراض لايعاملون اطلاقا بهذه الطريقة، بل تؤخذ الشكاوي علي محمل الجد ويتم عمل كل اللازم دون أي غمز أو لمز أو تأفف !
    هذه مواقف يمكن أن يحكيها لك كل طبيب يفقه اللغة ويعايش المجتمع الطبي هاهنا وقد رأيته أنا بصورة دائمة مع أربع طواقم طبية مختلفة يسكنون في أقاليم ألمانية ثقافية مختلفة في الشمال والوسط والغرب !!
    وهي من الممارسات العنصرية الواضحة التي لايمكن توثيقها والتي لن تؤثر في الاحصائيات الرسمية أو الأكاديمية المستقلة.
    هذه ممارسات تتجاوز القانون الذي تكتب عنه، تتجاوز مقياس العنصرية الذي يتشدق به أحد الزملاء ويشهره سيفا في وجوهنا كلما ناقشناه في وجود عنصرية تتنامي في المجتمع الألماني وبالطبع فانها سوف تتجاوز مقالا بحثيا جميلا يتابع بدأب الاصدارات الأكاديمية والاحصاءات الرسمية.

    وهكذا ياسيدي، فإن الأمر يشبه تماما وجود (عربيات الفول) في الأوراق الأكاديمية البحثية عن الطعام المصري

    ٢- هل حقا فشلت تجربة الاندماج ؟
    الأوراق البحثية والمتحمسون للتجربة الألمانية سوف يخبرونك بأن التجربة ناجحة للغاية وأن الاحصائيات تشير إلي كذا وكذا، لكن الواقع الذي تشاهده أنت عبر ثلاث سنوات يشير إلي أن التجربة علي مشارف الفشل أو أصبحت تقريبا في عداد التجارب الفاشلة
    بل إني أستدل ببعض التعيينات الأخيرة لوجوه من أصول عربية ودأب الحكومة لمحاربة التمييز علي محاولة احتواء فشل التجربة.
    حتي صعود اليمين المتطرف ليس الا أحد هذه المظاهر، أعني مظاهر موت تجربة ادماج المهاجرين في المجتمع الألماني.
    السبب في ذلك لايكمن في أخطاء المهاجرين وحدهم، بل يأتي وبصورة أساسية من سياسات الحكومة والأحزاب والمجتمع الألماني، حيث أنهم تهربوا جميعا من الاجابة علي سؤالين أساسيين يتعلقان بالمهاجرين:
    هل المهاجرون جزء من مجتمع متعدد يقوم علي شراكة حقيقية أم أنهم وافدون ينبغي أن يندمجو في مجتمع قائم بثقافته وتقاليده ؟
    هل المسلمون، ينتمون إلي هذا المجتمع ؟ أعني هل لتقاليدهم وخصوصيتهم الثقافية مكان في التشريعات القانونية والثقافة الاجتماعية ؟
    التهرب لم يكن إيجابيا علي الاطلاق، بل كان يصاحبه إجابة واضحة بالنفي المطلق.
    لا، المهاجرون ينبغي عليهم أن يتفهموا تقاليد المجتمع وثقافته ولغته وقوانينه.
    لا، المسلمون ليسوا جزءا من هذا المجتمع، والتقاليد اليهودية والمسيحية هي المرجع الحضاري لألمانيا. الأعياد الاسلامية مثلا لاتهمنا من قريب أو بعيد، المساجد هي دور عبادة تخضع للحرية العامة المكفولة للجميع ولايمكن مراعاة خصوصية ما أو تقاليد لاتتناسب وقيم المجتمع.
    هذه ليست ادعاءات شخص متعصب ضد الالمان، لكنها خلاصة تأمل في برنامج الاندماج الالماني.
    ينبغي عليك أن تتقن اللغة الألمانية، أن تتعلم القانون الألماني، أن تتفهم التقاليد الألمانية، أن يحتفل أطفالك بالأعياد الألمانية ويشاركو في مسرحية ظريفة عن (نيكولاي) ويرتدون تاجا به صلبان في احتفالية الروضة !!
    وحين تعترض تفاجؤك السيدة مديرة الحضانة:
    - ولكن هذا نيكولاي واحتفال أعياد الميلاد !! لابد للطفلة أن تتعرف علي هذه الاعياد والتقاليد الألمانية !
    - أتفهم هذا، لكننا مسلمون وهذه التقاليد والأعياد تعارض بشكل ما عقيدتنا وديننا، مثلا الصليب لايسمح لنا بارتدائه، ولايمكن أن أسمح لابنتي بارتدائه ولو في مسرحية أطفال هزلية.
    المشكلة أن السيدة المديرة ردت مرة أخري وهي غضبي:
    - ينبغي أن تترك لابنتك الفرصة للتعرف علي المجتمع والاندماج في تقاليده
    - ياسيدتي نحن عرب مسلمون ولسنا ألمانا، وحتي لو صرنا ألمانا فلسنا مهتمين ببرنامج الاندماج الذي يفرض علينا أن نخالف مانعتقده ومانؤمن به، دعيني أريحك تماما، مارية في إجازة إلي آخر الشهر!
    ترد مرة أخري:
    - ماتفعله ياسيدي خطأ تربوي كبير وسوف يؤثر علي قابلية البنت للاندماج في المجتمع، نيكولاي وأعياد الميلاد ليسا فقط تقاليد مسيحية لكنها تقاليد ألمانية.
    - يبدو أنك لم تفهميني جيدا، أنا عربي مسلم ولست مهتما بتعريفك للاندماج، وداعا
    هذه مثلا كانت محادثة مع إحدى مدرسات روضة الأطفال التي تزورها ابنتي يوميا !! اندماج رائع كما تري !!
    استغرقت هذه المحادثة في روضة أخري وقتا أقصر لأني طلبت أن أحضر اللحوم لابنتي فأنا لا أريدها أن تأكل لحم الخنزير أو اللحم غير المذبوح، المديرة تفهمت بالطبع موضوع لحم الخنزير لكنها رفضت وبصلابة أن أجلب لحما لابنتي قائلة:
    - ياسيدي لايمكن أن تأكل ابنتك شيئا مميزا، لابد أن تتساوي مع الأخريات.
    - لكنها بالفعل تتمايز في عدم الأكل من لحم الخنزير !
    - هذا نعرفه ونسمح به كتقاليد لليهود الألمان لكن ماتذكره من اللحم المذبوح وغيره لايعنينا كثيرا !
    هذه تجربة أخري مع تجارب الاندماج الرائع، تجربة تلخص فلسفة البرنامج:
    أيها السادة المهاجرون أو الأجانب المخاطبون بالبرنامج، ينبغي عليكم أن تتعلموا اللغة الألمانية وتتعرفوا علي المجتمع الأللماني وتقاليده وثقافته وأعياده وتنوعاته. سوف نوفر لكم برامج تأهيل مجانية ونشرح لكم كل هذا.

    وحين يتساءل أحدهم:
    - لكن كيف يمكن أن يفهمنا المجتمع، لدينا ثقافتنا وتقاليدنا وأعيادنا مثلكم تماما، هل سوف تتعرفون علينا أو تراعوا شيئا من هذه الأشياء ؟ إجازة مثلا في يومي عيد الفطر والأضحي ؟
    سوف تكون الإجابة:
    - نحن لانقدم لكم سوي برامج الاندماج فقط !! هذه هي الإجابة.
    الأمر يشبه بالفعل الإجبار علي الحب من طرف واحد، قصة فاشلة يصرون علي إعادة إنتاجها للمرة المليون.
    اليوم نشر أحد الزملاء فيلما قصيرا يصور مشهدا في أحد الشوارع الأسترالية، شاب يضايق فتاة محجبة أمام المارة وينتظر رد الفعل. الفيلم من انتاج جمعية الطلبة المسلمين وقد كان مفرحا للغاية الجملة التي سمعتها من كثير من المارة تعليقا علي فعل ذلك الفتي: إنهم ينتمون مثلك إلي هذا المكان !
    هذه الجملة تلخص لماذا أري أن مشروع الألمان لادماج المهاجرين قد فشل وسيفشل وسيفشل وسيفشل حتي آخر العمر
    هذه الجملة تلخص لماذا يرفض قطاع عريض من الأستراليين أن يتم حظر النقاب في المستشفيات أو البرلمان، بينما تحكم محكمة العدل الألمانية الاتحادية بتأييد فصل ممرضات يرتدين الحجاب في المستشفيات الكنسي.
    الخلاصة أن السيدة العجوز لاتري أننا نتمي إلي هذا المكان، إنها تنتمي لحضارة يكون اليهود والمسيحيين الغربيين فيها المكون الثقافي الوحيد والمرجعية الحضارية الحصرية وليس للاسلام أو معتنقيه أو حضارته أي مكان هناك.
    حسنا، كيف تفسر إذا امكانية العمل في تلك البلاد بحقوق وواجبات قانونية تصفها أنت بأنها جيدة ومعقولة جدا ؟
    كل مافي الأمر ياصديقي أن السيدة العجوز تحتاج إلي الأيدي العاملة بشدة، قبل ٥ سنين لم يكن مسموحا للطبيب الـ (غير ألماني) بالحصول علي ترخيص عمل دائم وكل من حصلوا عليه قبل هذا الوقت انتظروا حتي حصلوا علي الجنسية الألمانية أولا.
    هل يمكنك تخيل هذا !
    وحتي لايساء تفسير كلامي فألمانيا ليست (دولة عنصرية) لكنها بكل بساطة لاترحب بالأجانب مثل باقي الدول القائمة علي التنوع العرقي والثقافي مثل أستراليا وكندا علي سبيل المثال.
    إنها (عجوز) أخري تتوجس خيفة من الأجانب وتتمسك بتقاليدها القديمة.

    ملحوظة: مصر طبعا والدول العربية لاتدخل في أي مقارنة لأن ماينفعش تقارن دول بعزب، واخواننا اللي هيخشوا يقولوا لو مش عاجباك ألمانيا سيبها، ملكوش دعوة.
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  2. #2

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله - عيد مبارك
    تقبل الله طاعتكم دكتورنا الحبيب - كعادتكم تضعون اصبعكم على الجرح وتعالجونه حالاً - ظناً منكم أن لا حاجة للتخدير في مجتمعات غائبة عن الوعي () أمزح فقط

    أستأذنك في نقل الموضوع - لم أجده على الإنترنت في مكان آخر
    ثلاث مهلكات: شح مطاع وهوىً متبع وإعجاب المرء بنفسه

  3. #3

    افتراضي

    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء