النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: وقفة حول إخراج آدم من الجنة ...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي وقفة حول إخراج آدم من الجنة ...

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    فلا أعلم أسخف ولا أجهل ممن يحاول التذاكي على رب العالمين وهو يقبع في حياته الضنك ولم يحقق إلحاده أحلامه بل بقي في حياة ضنك وكراهية شديدة لكل ما يمت للدين بصلة حتى عادى بعضهم بعض الأخلاقيات والضروريات الفطرية معاداة للدين ، وقد رأيت استشكالاً مضحكاً لبعض من غرته التفاعلات الكيميائية التي تدور في رأسه فقال أن الله عز وجل إذا كان لا يأخذ أحداً بوزر أحد فما ذنبنا نحرم من الجنة لخطيئة آدم

    وهذا المنطق المعاق يستلزم تعطيل كل محاكم الدنيا ، فإن الرجل إذا كان له أبناء لا تحكم عليه بمصادرة أملاك مهما بلغ من الجرم ولا تحكم عليه بالقتل مهما قتل لأن في ذلك ضرراً على أبنائه

    فهل يقول بهذا عاقل ؟

    معنى أنك لا تزر وزر أخرى أنك لا تتحمل العقوبة المباشرة لجريمة لم تفعلها فإذا سرق أخوك يعاقب هو وليس أنت

    زد على ذلك أنني لو أعطيت زيداً من الناس بيتاً واشترطت عليه البقاء فيه بشرط فنقض هذا الشرط فطردته من هذا البيت ، هل هذا معناه أنني ظلمت أبناءه الذين لم يولدوا بعد

    هل ممكن لعاقل أن يقول هذا ؟

    إن كان هناك جان فهو زيد نفسه ؟

    ونرفع المستوى قليلاً فنقول

    وهل الجنة ملك لآدم أم ملك لله ، وهل استحقها آدم أم هو تفضل من الله ؟

    أفعال الله بين العدل والفضل فإذا تفضل ومنح أحداً الجنة بلا مقابل ، لم يكن ذلك مناقضاً لكونه جعل اختباراً لآخرين لكي ينالوا هذا النعيم

    فلو تفضلت عليك بعطية مشروطة ثم سحبتها منك بعد مخالفة الشرط فمن الجاني إلا أنت ولا أحد سيتهمني بالجناية على أسرتك


    ونرفع المستوى قليلاً فنقول :

    آدم أصلاً خلق للأرض فقال تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) ولما أدخله الجنة لم يدخله إياها على الصفة التي سيدخل إلا أولياؤه بفضله في الآخرة ولا يخرجون منها أبداً ، بل جعلها دار اختبار ونهاه عن أكل الشجرة ، وكانت هذه القصة تمهيداً لنزول آدم على الأرض عبرة لأبنائه وله هو في عداوة إبليس لهم وضرر اتباع الشهوات

    ولو فرضنا أن آدم كان سيلد في تلك الجنة فإنها ستبقى دار اختبار محرومون من الأكل من تلك الشجرة ، شأنها شأن الدنيا التي فيها ممنوع ومباح من هذا الوجه

    ونرفع المستوى قليلاً فنقول : من قال لك أنك محروم من الجنة ؟

    إنما تحرم منها إذا كفرت كما أنك ستحرم منها لو كنت فيها إذا أكلت من تلك الشجرة ، وهذا هو العدل غير أن هناك تعامل معك بالفضل

    فجعل الحسنة بعشر أمثالها وجعل السيئة بمثلها ، ولو سببته ولعنته وكفرت به سنين طوال وأضللت عباداً كثر ثم تبت فإنه يقبل توبتك ومظاهر الفضل في الشريعة أكثر من أن تحصى

    ولهذا في الجهاد الإسلامي فقط لو قتل المرء ألف ألف من جند المسلمين ثم جاء تائباً متكلماً بالشهادتين فإنه يعفى عنه ويعصم دمه

    وأما الذي سيذهب إلى النار بكفره وعدل الله عز وجل به فقد فوت الفضل على نفسه

    فالذي يرى أن رب العالمين الذي يعرض عليه الخلود الأبدي في النعيم مقابل الثبات لسنوات قليلة في الدنيا ظالماً له ، هذا لا كلام معه في العقل

    كما أكرر دائماً نحن لسنا أمام ظاهرة فكرية كما يقول بعضهم ( الفكر لا يواجه إلا بفكر ) ونحن نواجه الكفر بالوحي لا الفكر بالفكر ، بل نحن أمام أمر شهواني يحاول التبرير له فكرياً وفلسفياً

    فقد تتبعت ديانات البشر ومذاهبهم فلم أجد أحداً ينكر وجود الرب مع قوله بحدوث العالم في القرون الماضية كلها

    ورأيت الناس من براهمة ومجوس ونصارى وصابئة ويهود والفلاسفة بمختلف فرقهم ، والرافضة والمعتزلة والزيدية والإباضية والكرامية والأشاعرة والماتردية والخوارج بفرقهم يتناظرون في مسائل في الإلهيات ولكن اعتراضهم على الشرائع قليل

    وذلك أنه استقر في خلد جميعهم أنه إذا ثبت أن هذا الأمر من الله فلا بد من اتباعه وإن نفرت طباعنا من بعض ما فيه وفلسفوا هذا الأمر باعتبارين

    الأول : تفسير بعضهم للعدل بأنه ألا تتصرف في ملك غيرك وأن كل شيء هو ملك الله وقالوا بأن الظلم المنفي في النصوص هو التصرف في ملك الغير ، وهذا جنح إليه الأشاعرة وعامة فرق الجبرية وبهذا التقرير استطاعوا إبطال كل الاعتراضات

    الثاني : من قالوا إن الله حكيم ولا نقول كما قال الأوائل بل هو لا يفعل إلا لمصلحة العباد ولا يأمر إلا لذلك ولكن هذه المصلحة والحكمة قد تخفى على بعض العقول فحكمته عظيمة كما أن ذاته عظيمة

    يا أخوة لقد البشر يختلفون اختلافات عظيمة ووجد في أمة الإسلام من أنكر الرجم لأنه لم يرد في القرآن لا اسبشاعاً وهو وارد حتى في اليهودية والنصرانية ، ووجد في أمة الإسلام من أنكر التسري بالإماء الكتابيات لعدم ذكره في القرآن ، ووجد في أمة الإسلام من قال بالتسوية بين دية المرأة ودية الرجل لأنه لا يعتد بفتاوى الصحابة

    ولكنني لم أرَ في أي دين أو مذهب من يسبشع التعدد ، وإنما ظهر هذا من بعض النصارى المعاصرين وإلا فأوائلهم كانوا يعلمون أن أنبياءهم كانوا يعددون فلم يكونوا يجرؤون على الكلام في هذا وهذا عقل منهم

    ولم أرَ في أي دين أو مذهب أو توجه فكري من يقول ( لا فرق بين الزنا والزواج ) أو من ينتقد الحجاب أو من يقول بالتسوية بين المرأة والرجل مطلقاً في كل شيء أو ينتقد العقوبات ( الحدود ) وغيرها من التشريعات التي على كثرة اختلاف البشر في الأمة الإسلامية وخارج الإسلامية لم تكن محل نقاش أصلاً وكان هناك مساحة من الحرية الفكرية وكثرة النقاشات العلمية والفكرية

    الذي أريد قوله هو أننا أمام موجه تحررية انفلاتية مناقضة لكل القيم التي اتفق عليها البشر قديماً ، والعجيب أن هذه القيم التي ثبت تناقضها وعدم صلاحيتها للحفاظ على نفسها أو على المجتمعات التي تقودها صارت النصوص تحاكم إلى هذه القيم ، وكثير من هذه القيم يزرع في الإعلام فينشأ عليه الصغير ويرى عليه الكبير حتى إذا حدثته بالسنة تمعر ورأى ذلك تشدداً

    ويكفيك للدلالة على وجود إشكالية حقيقية أن الشذوذ الجنسي أو عمل قوم لوط أمر محتقر في ثقافة جميع الأمم ومختلف الديانات إلا في بعض مذاهب النصيرية ، ففقط في هذه الأيام التي انتشرت الثقافة الشهوانية صار مثل هذا الأمر مقبولاً ، ولن تجد مسلماً في الثلاثة عشر قرناً السابقة كان ينكر ختان الإناث مثلاً إنما وقع هذا في عصرنا نحن فقط !

    لم يكن يشك عاقل أن تبرج النساء واختلاطهن بالرجال سيؤدي إلى كثرة حالات اغتصاب وخيانات زوجية فضلاً عن زنا الأبكار بالتراضي

    لم يكن يقول أحد ( ما الفرق بين الزنا والزواج )

    لم ينتقد أحد الإسلام لأنه يحرم الخمور والحشيشة التي تذهب بالعقل في عصرنا هذا فقط ظهر بعضهم يقول هذا

    نحن أمام سعار شهواني يحاول أن يجد لنفسه مكاناً في هذا العالم متستراً ببعض الشبهات السمجة حول الدين والتشبث ببعض ما يدعونه علماً لهذا أرى أن الأمر يتطلب سياسة جديدة في التعامل مع هذا الملف

  2. #2

    افتراضي

    موضوع رائع يكتب بماء العيون

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء