النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: سؤال هل كان الله سبحانه وتعالى معطل عن الخلق قبل خلق القلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    UAE
    المشاركات
    1,200
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي سؤال هل كان الله سبحانه وتعالى معطل عن الخلق قبل خلق القلم

    السلام عليكم

    سألني أحد اللأدرية هذا السؤال فردت عليه كالتالي

    1- الله سبحانه وتعالى لا يعيبه أن لم يخلق شيء أبدا حتى أن لم يخلقنا أبدا ليس لانه لا يقدر على الخلق بل لانه يفعل ما يشاء متى ما يشاء بدليل أن سيميت جميع خلقه الي ملاك الموت ويبقى هو الحي
    2- أختلفوا العلماء فيما خلق الله أو شيء وهو غيب لا يعلمه الا هو
    3-لا يوجد دليل أنه كان معطلاً والعياذ بالله
    4- لا أدري ما غاية السؤال ؟ هل تريد أن تثبت أنه الله كان معطلاً عن الخلق والعياذ بالله وانت لا تملك دليل أم تريد أن تحصي كل الاشياء التي خلقها الله الي ما لانهاية وهذا لا يتحمله العقل البشري
    حتى لو أجبناك عن ماذا خلق الله قبل القلم ستظل تعيد السؤال وتقول ما الذي خلق قبل ذاك الشيء حتى يفنى عمرك .. هذا لان فضولك الجشع لن يشبع أبدا والحل لهذا الاشكال غلق الباب بالقول أن الله خلق القلم أولاً ولا يهمك ما خلق قبله
    5- لو ذكر لنا الله ما خلقه من المخلوقات قبل القلم في القرآن أو في السنة لكان مقدار طول المصحف الي ما لا نهاية والله يعلم أن هذا الشيء لن يتحمله البشر أبدا فــأخفى علينا هذا الامر وأكتفى بذكر القلم أو العرش .

    ولكنه للأسف لم يقتنع

    طلب

    هل نقلتم لي أفضل ما قيل في هذا المسألة وجزاكم الله كل الخير

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هذه المسألة تسمى مسألة تسلسل الحوادث في القدم

    وكثير من أهل السنة يثبت أن الله عز وجل لم يزل فاعلاً

    قال تعالى : ( وكان الله سميعاً بصيراً ) يعني لم يزل كذلك كما قال ابن عباس ومثل اسم السميع البصير اسم الخالق

    ونص الإمام أحمد في الرد على الجهمية أنه لم يزل فاعلاً ( فعال لما يريد )

    طيب والنصوص التي تقول ( أول ما خلق الله القلم )

    يعني يحمله شيخ الإسلام على العالم الحالي ولا يمنع من وجود عوالم قبلها

    بل النصوص تدل على أن هناك خلقاً قبل القلم

    قال البخاري في صحيحه 3191 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ»، قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أَهْلَ اليَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ»، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ» فَنَادَى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الحُصَيْنِ، فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا

    فهذا نص على أن العرش كان موجوداً قبل الكتابة

    وخبر ( أول ما خلق القلم ) موقوف على ابن عباس ولا يصح رفعه إلى النبي وبعضهم يؤوله ب( حين الله القلم )

    قال الحاكم الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص من طَرِيق الْأَعْمَش، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن قَوْله عز وَجل: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} على أَي شَيْء كَانَ المَاء؟ قَالَ: على متن الرّيح

    وهذا إسناد قوي

    وقال الترمذي في جامعه 3109 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ: كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ،: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: العَمَاءُ: أَيْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ.
    هَكَذَا يَقُولُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: وَكِيعُ بْنُ حُدُسٍ، وَيَقُولُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ: وَكِيعُ بْنُ عُدُسٍ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَأَبُو رَزِينٍ اسْمُهُ: لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ ..
    وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

    والحديث حسن كما قال الترمذي ولا عبرة بتضعيف من ضعفه لجهالة حال وكيع بن حدس فقد قال عنه الجوزقاني ( صدوق صالح الحديث ) وصحح له الطبري وأبو عبيد وهذا يرفع الجهالة

    وهذا الذي أذكره لك قول أهل السنة

    وأما الأشاعرة فقالوا بأن الله قادر على الخلق ولكنه لم يخلق حتى شاء أن يفعل ذلك

    وراجع رسالة كاملة الكواري ( تسلسل الحوادث ) فقد شرحت المسألة وجلتها

    وقال صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية :" فهو سبحانه المحيي قبل أن يكون ثَمَّ مَيْتْ، قبل أن يُمِيتَ الموتى هو المحيي، وكذلك هو المستحق لاسم الخالق قبل إنشائهم، ذلك بأنه على كل شيء قدير.
    هذه الجمل مترابطة في الدِلَالَة على المعنى الذي ذكرته لك.
    وهذا المعنى الذي دلّ عليه كلام الطحاوي يرتبط به مسائل مهمة جداً في هذا الموضع.
    وهذا الموضع مما يظهر منه أنّ الطحاوي رحمه الله خالف ما عليه أهل الحديث والأثر في هذه المسألة العظيمة.
    وذلك أنَّ أصول هذه المسألة قديمة في البحث بين الجهمية وبين المعتزلة وبين الكلابية والأشاعرة وبين الماتريدية وبين أهل الحديث والأثر، والمذاهب فيها متعددة.
    ولهذا نُبَيِّن ما في هذه الجمل من مباحث على مسائل إيضاحاً للمقام.
    [المسألة الأولى] :
    أنّ الناس اختلفوا في اتصاف الله - عز وجل - بصفاته هل هو مُتَّصِفٌ بها بعد ظهور آثارها، وأسماء الرب - عز وجل - سُمِّيَ بها بعد ظهور آثارها أم قبل ذلك على مذاهب:
    1 - المذهب الأول:
    هو مذهب المعتزلة والجهمية ومن نحا نحوهم مِنْ أنَّه - عز وجل - لم يَصِرْ له صفات ولا أسماء إلا بعد أن ظهرت آثارُها، فلما خَلَقَ صارت له صفة الخلق، وصار من أسمائه الخالق.
    وذلك على أصل عندهم، وهو أَنَّ أسماء الله - عز وجل - مخلوقة، فلما خَلَقَ سَمَّاهُ الناس الخالق، وخَلَقَ له اسم الخالق.
    فعندهم أَنَّ الزمان لما ابتدأ فيه الخلق أو الرَّزق أو الإنشاء صار بعده له اسم الخالق، وقبل ذلك لم يكن له هذا الاسم ولم تكن له هذه الصفات.
    فقبل أن يكون ثَمَّ سَامِعْ لكلامه فليس هو سبحانه مُتَكَلَّمَاً، فلما خَلَقَ سامِعاً لكلامه، خَلَقَ كلاما - عند المعتزلة والجهمية - فأسمعهم إياه، فصار له اسم المتكلم أو صفة الكلام، لمَّا خلق مَنْ يسمع كلامه.
    كذلك صفة الرحمة على تأويلهم الذي يؤولونه أو أنواع النِّعَم، والمنعم والمحيي والمميت كل هذه لا تطلق على الله عندهم إلا بعد أن وُجد الفعل منه على الأصل الذي ذكرته لكم عنهم أنَّ الأسماء عندهم والصفات مخلوقة.
    2 - المذهب الثاني:
    هو مذهب الأشاعرة والماتريدية ومذهب طوائف من أهل الكلام في أنّ الرب - عز وجل - كان مُتَّصِفَاً بالصفات وله الأسماء، ولكن لم تَظْهَرْ آثار صفاته ولا آثار أسمائه بل كان زمناً طويلا طَويلا مُعَطَّلاً عن الأفعال عز وجل.
    له صفة الخلق وليس ثَمَّ ما يخلقه، له صفة الفعل ولم يفعل شيئاً، له صفة الإرادة وأراد أشياء كونية مؤجلة غير مُنجزة وهكذا.
    فمن أسمائه عند هؤلاء الخالق، ولكنه لم يخلق، ومن أسمائه عندهم أو من صفاته الكلام ولم يتكلم، ومن صفاته الرحمة بمعنى إرادة الإنعام وليس ثَمَّ مُنْعَمٌ عليه، ومن أسمائه المحيي وليس ثَمَّ من أحيا، ومن أسمائه الباري وليس ثَمَّ بَرْأْ، وهكذا حتى أَنْشَأَ الله - عز وجل - وخَلَقَ - عز وجل - هذا الخلق المنظور الذي تراه من الأرض والسموات وما قصَّ الله علينا في كتابه، ثُمَّ بعد ذلك ظهرت آثار أسمائه وصفاته.
    فعندهم أنَّ الأسماء والصفات متعلقة بهذا العالَمْ المنظور أو المعلوم دون غيره من العوالم التي سبقته.
    وقالوا هذا فِراراً من قول الفلاسفة الذين زعموا أنَّ هذا العالم قديم، أو أَنَّ المخلوقات قديمة متناهية أو دائمة من جهة الأولية؛ من جهة القدم، مع الرب - عز وجل -.
    3 - المذهب الثالث:
    هو مذهب أهل الحديث والأثر وأهل السنة؛ أعني عامة أهل السنة وهو أنّ الرب - عز وجل - أَوَّلٌ بصفاته، وصفاته سبحانه وتعالى قديمة، يعني هو أوَّلٌ سبحانه وتعالى بصفاته.
    وأنه سبحانه كان من جهة الأولية بصفاتهِ -كما عبر الماتن هنا بقوله (كانَ بصفاته) .
    وأنّ صفات الرب - عز وجل - لابد أن تظهر آثارها؛ لأنه سبحانه فَعَّالٌ لما يريد.
    والرب - عز وجل - له صفات الكمال المطلق، ومن أنواع الكمال المطلق أنْ يكون ما أراد سبحانه وتعالى.
    فما أراده كوناً لابد أن يكون.
    ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
    ومن مذهب أهل السنة والحديث والأثر أنّه سبحانه يجوز أن يكون خَلَقَ أنواعاً من المخلوقات وأنواعاً من العوالم غير هذا العالم الذي نراه.
    فجنس مخلوقات الله - عز وجل - أعمّ من أن تكون هذه المخلوقات الموجودة الآن، فلا بد أن يكون ثَمَّ مخلوقات أوجدها الله - عز وجل - وأفناها ظَهَرَت فيها آثار أسمائه وصفاته - عز وجل -.
    فإنَّ أسماء الرب - عز وجل - وإنّ صفات الرب - عز وجل - لابد أن يكون لها أثرُها؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد.
    فما أراده سبحانه فَعَلَهُ، وَوَصَفَ نفسه بهذه الصفة على صيغة المبالغة الدالة على الكمال بقوله {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (1) ، فما أراده سبحانه كان.
    وهذا متسلسل -كما سيأتي بيانه- في الزمن الأول، يعني في الأولية وفي الآخرية فهو سبحانه (وكما كانَ بصفاته أزَليًّا، كذلك لا يزالُ عَلَيْها أبديًّا) .
    وهذا منهم -يعني من أهل الحديث والأثر والسنة- هذا القول منهم لأجل إثبات الكمال للرب - عز وجل -.
    وقول المعتزلة والجهمية فيه تعطيل للرب عن أسمائه وصفاته.
    يعني أنَّ الله - عز وجل - كان بلا صفات وبلا أسماء، وأنَّه لمَّا فَعَلَ وُجِدَت صفات الرب - عز وجل -، وهذا نسبة النقص لله - عز وجل - لأنّ الصفات هي عنوان الكمال، والله سبحانه وتعالى كمالاته بصفاته.
    أمّا قول الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم، فهذا أيضاً فيه وصف الرب - عز وجل - بالنقص؛ لَأَنَّ أولئك يزعمون أنه متصف ولا أثر للصفة.
    ومعلوم أَنَّ هذا العلم المنظور الذي تعلقت به عندهم الأسماء والصفات، هذا العالم إنما وُجِدَ قريباً.
    فوجوده قريب وإن كانت مدته أو عمره طويل لكنه بالنسبة إلى الزمن بعامة -الزمن المطلق- لا شك أنه قريب لهذا قال ? (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) (1) - عز وجل -.
    فالتقدير كان قبل أن يخلق هذه الخلائق، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وهي مدة محدودة، والله - عز وجل - لا يَحُدُُّه زمان، فهو أول سبحانه وتعالى ليس قبله شيء - عز وجل -.
    وفي هذا إقرار لأنه من جهة الأولية يتناهى الزمان في إدراك المخلوق، وننتقل من الزمان المنسوب إلى الزمان المطلق، وهذا تتقاصر عقولنا عنه وعن إدراكه.
    وأما هذا العالم المنظور فإنه مُحْدَثٌ وحدوثه قريب.
    ولهذا نقول إن قول الآشاعرة والماتريدية بأنه كان متصفاً بصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثارها ولم يفعل شيئاً إلا بعد أن أَوْجَدَ هذا العالم، نقول معناه أَنَّ ثَمَّ زماناً مطلقاً طويلاً طويلاً جداً ولم يكن الرب - عز وجل - فاعلا، ولم يكن لصفاته أثر ولا لأسمائه أثر في المربوبات.
    ولا بد أنَّ الله - عز وجل - له سبحانه وتعالى من يعبده - عز وجل - من خلقه، ولا بد أن يكون له - عز وجل - مخلوقات؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، وهذه صفة مبالغة مطلقة في الزمن كله؛ لأنَّ (ما) اسم موصول وأسماء الموصول تعم ما كان في حيّز صلتها.
    بَقي أنْ يقال إن قولهم (أراد ولكن إرادته كانت مُعَلَّقَة غير مُنْجَزَة) ونقول هذا تحكم؛ لأن هذا مما لا دليل عليه إلا الفرار من قول الفلاسفة ومن نحا نحوهم بِقِدَمِ هذا العالَم المنظور.
    وهذا الإلزام لا يلزم أهل الحديث والسنة والأثر لأننا نقول إنَّ العوالِمْ التي سبقت هذا العالم كثيرة متعددة لا نعلمها، الله - عز وجل - يعلمها.
    وهذا ما قِيلَ إنَّهُ يُسَمى بقِدَمِ جنس المخلوقات، أو ما يسمى بالقِدم النوعي للمخلوقات، وهذه من المسائل الكبار التي نكتفي في تقريرها بما أوردنا لكَ في هذا المقام المختَصَرْ.
    المهم أن يتقرر في ذهنكَ أنَّ مذهب أهل الحديث والأثر في هذه المسألة لأجل كمال الربّ - عز وجل -، وأنَّ غَيْرَ قولهم فيه تنقّص للرب - عز وجل - بكونه مُعَطَّلاً عن صفاته أو بكونه سبحانه وتعالى مُعَطَّلَاً أن يفعل وأن تظهر آثار أسمائه وصفاته قبل خَلْق هذا العالم المعلوم أو المنظور"

    وممن نص على دوام فاعلية الرب ، وأنه لم يعطل عنها في وقت من الأوقات – الإمام الكبير عثمان بن سعيد الدارمي – المشهور في رده على الجهمية والقدرية ، وقد قال في هذا كلاماً جيداً وأدلى بحجة قوية ، مبناها على أن الفعل لازم للحياة ، فكل حي لابد أن يكون فعالا ، وما ليس بفعال فهو ليس بحي ، فالحياة والفعل متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر في الوجود ، اللهم إلا إذا وجد مانع يمنع لحي من الفعل من آفة تصيبه أو قاسر يقسره ، وذلك لا يتصور في حقه سبحانه فإن حياته أكمل حياة فيجب أن تستلزم أكمل الأفعال ويستحيل أن تطرأ عليه آفة يعجز معها عن الفعل بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، فالمشيئة لازمة له لا مكره له ولا غالب ، والقدرة كذلك من صفاته اللازمة فلا يعتريه وهن ولا عجز ولا قصور ، ومع نفوذ المشيئة وتمام القدرة وانتفاء كل الموانع التي تمنع من تعلقها بالممكن لا يتصور التعطيل عن الفعل ، فثبت أنه سبحانه لم يزل فعالاً لأنه لم يزل حياً قادراً مريداً

    وقال ابن تيمية :" وقد أجاب عن هذا عبدالعزيز بن يحيى الكناني في حيدته فقال في سؤاله للمريسي :بأي شيء حدثت الأشياء؟ فقال له : أحدثها الله بقدرته التي لم تزل فقلت له :أحدثها بقدرته كما ذكرت ، أفليس تقول : إنه لم يزل قادراً؟ قال : بلى ، قلت : فتقول إنه لم يزل يفعل؟ قال :لا أقول هذا ، قلت : فلابد أن نلزمك أن تقول : إنه خلق بالفعل الذي كان بالقدرة لأن القدرة صفة ، ثم قال عبدالعزيز :لم أقل لم يزل الخالق يخلق ، ولم يزل الفاعل يفعل وإنما الفعل صفة والله يقدر عليه ، ولا يمنعه منه مانع فأثبت عبدالعزيز فعلاً مقدوراً لله هو صفة له ليس من المخلوقات ، وأنه به خلق المخلوقات وهذا صريح في أن مذهبه كمذهب السلف وأهل الحديث ، أن الخلق غير المخلوق ، والفعل غير المفعول كما حكاه البغوى إجماعاً لأهل السنة ، وقد صرح عبدالعزيز أن فعله سبحانه القائم به مقدور له وأنه خلق به المخلوقات كما صرح به البخاري في آخر صحيحه وفي كتاب خلق الأفعال فقال في صحيحه : "باب ما جاء في تخليق السماوات والأرض وغيرها من الخلائق ، وهو فعل الرب تبارك وتعالى وأمره [وكلامه] فالرب سبحانه بصفاته وفعله وأمره وكلامه هو الخالق المكون غير مخلوق وما كان فعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول مخلوق مكون "فصرح إمام السنة ان صفة التخليق هي فعل الرب وأمره ، وأنه خالق بفعله وكلامه .
    وجميع جند الرسول وحزبه مع محمد بن اسماعيل في هذا، والقرآن مملوء من الدلالة عليه كما دل عليه العقل والفطرة ، قال تعالى :  أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم [ يس :81] ثم أجاب نفسه بقوله :  بلى وهو الخلاق العليم  [ يس :81] فأخبر أنه قادر على نفس فعله ، وهو أن يخلق ، فنفس أن يخلق فعل له ، وهو قادر عليه "

    وقال ابن تيمية أيضاً :" ومن هذا : الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وغيرهما ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي  انه قال : ( أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ! قال : وما أكتب ؟ قال : ما هو كائن إلى يوم القيامة ) ، فهذا القلم خلقه لما أمره بالتقدير المكتوب قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض ، وهو أول ما خلق من هذا العالم ، وخلقه بعد العرش كما دلت عليه النصوص ، وهو قول جمهور السلف ، كما ذكرت أقوال السلف في غير هذا الموضع .
    والمقصود هنا : بيان ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة .
    والدليل على هذا القول الثاني وجوه :
    ( أحدها ) ان قول أهل اليمن : " جئناك لنسألك عن أول هذا الأمر " ، إما أن يكون الأمر المشار إليه هذا العالم ، أو جنس المخلوقات ، فإن كان المراد هو الأول كان النبي  قد أجابهم ؛ لأنه أخبرهم عن أول خلق هذا العالم ، وإن كان المراد الثاني لم يكن قد أجابهم ؛ لأنه لم يذكر أول الخلق مطلقاً ؛ بل قال : " كان الله ولا شيء قبله ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض " ، فلم يذكر إلا خلق السموات والأرض ، لم يذكر خلق العرش ، مع أن العرش مخلوق أيضاً ، فإنه يقول : " وهو رب العرش العظيم " وهو خالق كل شيء : العرش وغيره ، ورب كل شيء : العرش وغيره . وفي حديث أبي رزين قد أخبر النبي  بخلق العرش . وأما في حديث عمران فلم يخبر بخلقه ، بل أخبر بخلق السموات والأرض ، فعلم أنه أخبر بأول خلق هذا العالم لا بأول الخلق مطلقاً .
    وإذا كان إنما أجابهم بهذا علم انهم إنما سألوه عن هذا ، لم يسألوه عن أول الخلق مطلقاً ، فإنه لا يجوز أن يكون أجابهم عما لم يسألوه عنه ولم يجبهم عما سألوا عنه ، بل هو  منزه عن ذلك ، مع أن لفظه إنما يدل على هذا ؛ لا يدل على ذكره أول الخلق وإخباره بخلق السموات والأرض بعد أن كان عرشه على الماء يقصد به الإخبار عن ترتيب بعض المخلوقات على بعض ، فإنهم لم يسألوه عن مجرد الترتيب . وإنما سألوه عن أول هذا الأمر ، فعلم أنهم سألوه عن مبدأ خلق هذا العالم فأخبرهم بذلك ، كما نطق في أولها في أول الأمر "خلق الله السموات والأرض "وبعضهم يشرحها في البدء أو في الابتداء خلق الله السموات والأرض.
    والمقصود أن فيها الإخبار بابتداء خلق السموات والأرض . وأنه كان الماء غامراً للأرض ، وكانت الريح تهب على الماء ، فأخبر أنه حينئذ كان هذا ماء وهواء وترابا ، وأخبر في القرآن العظيم أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ، وفي الآية الأخرى :  ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض : ائتيا طوعاً أو كرهاً ، قالتا : أتينا طائعين  ، وقد جاءت الآثار عن السلف بأن السماء خلقت من بخار الماء وهو الدخان .
    والمقصود هنا : أن النبي  أجابهم عما سألوه عنه ولم يذكر إلا ابتداء خلق السموات والأرض ، فدل على أن قولهم : " جئنا لنسألك عن أول هذا الأمر " كان مرادهم خلق هذا العالم ، والله أعلم .
    ( الوجه الثاني ) : أن قولهم : " هذا الأمر " إشارة إلى حاضر موجود ، والأمر يراد به المصدر ، ويراد به المفعول به وهو المأمور الذي كونه الله بأمره ، وهذا مرادهم ، فإن الذي هو قوله : كن ليس مشهوداً مشاراً إليه ، بل المشهود المشار إليه هذا المأمور به ، قال تعالى : وكان أمر الله قدراً مقدوراً  ، وقال تعالى :  أتي أمر الله  ، ونظائره متعددة ، ولو سألوه عن أول الخلق مطلقاً لم يشيروا إليه بهذا ؛ فإن ذاك لم يشهدوه فلا يشيرون إليه بهذا ، بل لم يعلموه أيضاً ؛ فإن ذاك لا يعلم إلا بخبر الأنبياء ، والرسول  لم يخبرهم بذلك ، ولو كان قد أخبرهم به لما سألوه عنه ، فعلم أن سؤالهم كان عن أول هذا العالم المشهود.
    ( الوجه الثالث ) : أنـه قـال : " كـان الله ولـم يكـن شـيء قبلـه "
    وقد روي : " معه" ، وروي : " غيره " ، و الألفاظ الثلاثة فـي البخاري
    والمجلس كان واحداً ، وسؤالهم وجوابه كان في ذلك المجلس ، وعمران الذي روى الحديث لم يقم منه حين انقضى المجلس ؛ بل قام لما أخبر بذهاب راحلته قبل فراغ المجلس ، وهو المخبر بلفظ الرسول ، فدل على أنه إنما قال أحـد "أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء " ، وهذا موافق ومفسر لقوله تعالى :  هو الأول والآخر ، والظاهر والباطن  وإذا ثبت في هذا الحديث [ القبل ] فقد ثبت أن الرسول  قاله ، واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما أبداً ، وكان أكثر أهل الحديث إنما يروونه بلفظ القبل : " كان الله ولا شيء قبلـه " ، مثل :الحميدي " إلى آخر كلامه

    حتى قال الشيخ :" ( الوجه الرابع عشر ) : أن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة الخلق إلى عبادته وحده لا شريك له ، وذلك يتضمن معرفته لما أبدعه من مخلوقاته ، وهي المخلوقات المشهودة الموجودة : من السموات والأرض وما بينهما ، فأخبر [ في ] الكتاب الذي لم يأت من عنده كتاب أهدى منه بأنه خلق أصول هذه المخلوقات الموجودة المشهورة في ستة أيام ثم استوى على العرش .
    وشرع لأهل الإيمان أن يجتمعوا كل أسبوع يوماً يعبدون الله فيه ويحتفلون بذلك ، ويكون ذلك آية على الأسبوع الأول الذي خلق الله فيه السموات والأرض . ولما لم يعرف الأسبوع إلا بخبر الأنبياء فقد جاء في لغتهم عليهم السلام أسماء أيام الأسبوع فإن التسمية تتبع النصوص فالاسم يعبر عما تصوره ، فلما كان تصور اليوم والشهر والحول معروفاً بالعقل تصورت ذلك الاسم وعبرت عن ذلك ، واما الأسبوع فلما لم يكن في مجرد العقل ما يوجب معرفته فإنما عرف بالسمع صارت معرفته عند أهل السمع المتلقين عن الأنبياء دون غيرهم ، وحينئذ فاخبروا الناس بخلق هذا العالم الموجود المشهود وابتداء خلقه ، وأنه خلقه في ستة أيام ، وأما ما خلقه قبل ذلك شيئاً بعد شيء فهذا بمنزلة ما سيخلقه بعد قيام القيامة ودخول أهل الجنة وأهل النار منازلهما . وهذا مما لا سبيل للعباد إلى معرفته تفصيلاً .
    ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " قام فينا رسول الله  مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم " رواه البخاري . فالنبي  أخبرهم ببدء الخلق إلى دخول أهل الجنة والنار منازلهما .
    وقوله : " بدأ الخلق " مثل قوله في الحديث الآخر : " قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " فإن الخلائق هنا المراد بها الخلائق المعروفة المخلوقة بعد خلق العرش وكونه على الماء ، ولهذا كان التقدير للمخلوقات هو التقدير لخلق هذا العالم ، كما في حديث القلم : ان الله لما خلقه قال : أكتب ! قال : وماذا اكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة .
    وكذلك في الحديث الصحيح : " ان الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء " وقوله في الحديث الآخر الصحيح : " كان الله ولا شيء قبله ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، ثم خلق السموات والأرض " ، يراد به أنه كتب كل ما أراد خلقه من ذلك ؛ فإن لفظ كل شيء يعم في كل موضع بحسب ما سيقت له ، كما في قوله :  بكل شيء عليم  ،  وعلى كل شيء قدير  ، وقوله : الله خالق كل شيء  ،  تدمر كل شيء  ، وأوتيت من كل شيء  ، و فتحنا عليهم أبواب كل شيء  ،  ومن كل شيء خلقنا زوجين  ، وأخبرت الرسل بتقديم أسمائه وصفاته كما في قوله :  وكان الله عزيزاً حكيماً ،  سميعاً بصيراً  ،  غفوراً رحيماً  وأمثال ذلك .
    قال ابن عباس : " كان ولا يزال " ولم يقيد كونه بوقت دون وقت ويمتنع أن يحدث له غيره صفة ، بل يمتنع توقف شيء من لوازمه على غيره سبحانه ، فهو المستحق لغاية الكمال ، وذاته هي المستوجبة لذلك . فلا يتوقف شيء من كماله ولوازم كماله على غيره . بل نفسه المقدسة ، وهو المحمود على ذلك أزلاً وأبداً ، وهو الذي يحمد نفسه ويثني عليها بما يستحقه ،. وأما غيره فلا يحصى ثناء عليه ، بل هو نفسه كما أثنى على نفسه ، كما قال سيد ولد آدم في الحديث الصحيح : " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ،وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ،أنت كما أثنيت على نفسك "
    وإذا قيل : لم يكن متكلماً ثم تكلم ، أو قيل : كان الكلام ممتنعاً ثم صار ممكناً له ، كان هذا مع وصفه له بالنقص في الأزل وأنه تجدد له الكمال ومع تشبيه له بالمخلوق الذي ينتقل من النقص إلى الكمال : ممتنعاً ؛ من جهة أن الممتنع لا يصير ممكناً بلا سبب ، والعدم المحض لا شيء فيه ، فامتنع أن يكون الممتنع فيه يصير ممكناً بلا سبب حادث "

    روى الثعلبي في " تفسيره " بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه : أنه سئل عن قوله تعالى :  أفحسبتم إنما خلقنا كم عبثاً  لم خلق الله الخلق ؟ فقال : لأن الله كان محسناً بما لم يزل فيما لم يزل إلى ما لم يزل ، فأراد الله أن يفيض إحسانه إلى خلقه ، وكان غنياً عنهم ، لم يخلقهم لجر منفعة ولا لدفع مضرة ، ولكن خلقهم وأحسن إليهم وأرسل إليهم الرسل حتى يفصلوا بين الحق والباطل ، فمن أحسن كافأه بالجنة ، ومن عصى كافأه بالنار ا 0 هـ من فتاوى شيخ الإسلام .

    وهذا الأثر واضح في الدلالة على المقصود

    قال الإمام أحمد في رده على الجهمية ص34 :
    وقلنا للجهمية من القائل يوم القيامة : يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ، أليس الله هو القائل ؟ قالوا : فيكون الله شيئاً فيعبر عن الله ، كما يكـون شيئاً فعبر لموسى . قلـنـا : فمن القائـل فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين . فلنقصن عليهم بعلم  أليس الله هو الذي يسأل ؟ قالوا هذا كله إنما يكون شيئاً فيعبر عن الله . فقلنا قد أعظمتم على الله الفرية حين زعمتم أنه لا يتكلم . فشبهتموه بالأصنام التي تعبد من دون الله ، لأن الأصنام لا تتكلم ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان فلما ظهرت عليه الحجة قال : إن الله يتكلم ولكن كلامه مخلوق . قلنا : وكذلك بنو آدم كلامهم مخلوق ، فقد شبهتم الله بخلقه حين زعمتم أن كلامه مخلوق . ففي مذهبكم قد كان في وقت من الأوقات لا يتكلم حتى خلق التكلم ، وكذلك بنو آدم كانوا ولا يتكلمون حتى خلق الله لهم كلاماً . فقد جمعتم بين كفر وتشبيه ، فتعالى الله عن هذه الصفة ، بل نقول : إن الله لم يزل متكلماً إذا شاء ، ولا تقول إنه كان ولا يتكلم حتى خلق الكلام . ولا نقول أنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه قدرة ولا نقول أنه قد كان ولا عظمة له حتى خلق لنفسه ، عظمة ، فقالت الجهمية لنا لما وصفنا الله بهذه الصفات : إن زعمتم أن الله ونوره والله وقدرته والله وعظمته فقد قلتم بقول النصارى حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته . قلنا لا نقول : عن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره ولكن نقول لم يزل بقدرته ونوره ، لا متى قدر ، ولا كيف قدر فقالوا : لا تكونن موحدين أبداً حتى تقولوا : قد كان الله ولا شيء . قلنا : نحن نقول قد كان الله ولا شيء . ولكن إذا قلنا : إن الله لم يزل بصفاته كلها . أليس إنما يصف إلهاً واحداً بجميع صفاته وضربنا لهم في ذلك مثلاً . فقلنا : أخبرنا عن هذه النخلة ، أليس لها جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار ، واسمها اسم شيء واحد وسميت نخلة . بجميع صفاتها ؟ فكذلك الله وله المثل الأعلى بجميع صفاته إلاه واحد لا نقول أنه قد كان في وقت من الأوقات ولا بقدرة حتى خلق قدرة والذي ليس له قدرة هو عاجز ولا نقول قد كان في وقت من الأوقات ، ولا يعلم حتى خلق له علماً فعلم ، والذي لا يعلم هو جاهل ، ولكن نقول لم يزل الله عالماً قادراً . لا متى ولا كيف "

    فنص أحمد على أنه لم يزل بجميع صفاته ومنها الخلق

    بقي التنبيه على أن هذا لا علاقة له بقدم العالم لا من قريب ولا من بعيد فكل مخلوق له بداية ونهاية وإن كان كل مخلوق قبله مخلوق قبله مخلوق إلى ما لا بداية

    فعالمنا هذا له بداية بينة ولا يمنع من وجود عوالم قبله أو مخلوقات قبله في العالم العلوي أو غيره
    التعديل الأخير تم 10-31-2014 الساعة 02:37 AM

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2013
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    473
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وهل كانت خاصية الكتابة لدى السائل معطلة وغير فاعلة قبل كتابة سؤاله ؟ - أم أن مهارة الكتابة خاصية فاعلة وصالحة وقديمة بقدم وجوده ومتى شاء كتب السؤال ؟ !!!!!!!!!!
    رسالتي في الحياة
    الدعوة إلى التوحيد الحقيقي
    ( جرأة في االحق - صدق في العرض - محبة في الحوار - إحترام للرأي الآخر )

  4. افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رمضان مطاوع مشاهدة المشاركة
    وهل كانت خاصية الكتابة لدى السائل معطلة وغير فاعلة قبل كتابة سؤاله ؟ - أم أن مهارة الكتابة خاصية فاعلة وصالحة وقديمة بقدم وجوده ومتى شاء كتب السؤال ؟ !!!!!!!!!!
    هذا قياس مع الفارق اخي الفاضل ... ولا ينطبق على موضوع الشريط ... فخاصية الكتابة عند الانسان ظهرت بعد ان لم تكن موجودة ولا يعقل ان يولد الانسان كاتبا .. فهي كانت بعد ان لم تكن .. اما الكلام عن صفات الله تعالى فشيء اخر ... والله الموفق سبحانه
    رُبَّ ما تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمْرِ .. لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العِقالِ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جعفر المنصور مشاهدة المشاركة
    هذه المسألة تسمى مسألة تسلسل الحوادث في القدم

    وكثير من أهل السنة يثبت أن الله عز وجل لم يزل فاعلاً

    قال تعالى : ( وكان الله سميعاً بصيراً ) يعني لم يزل كذلك كما قال ابن عباس ومثل اسم السميع البصير اسم الخالق

    ونص الإمام أحمد في الرد على الجهمية أنه لم يزل فاعلاً ( فعال لما يريد )

    طيب والنصوص التي تقول ( أول ما خلق الله القلم )

    يعني يحمله شيخ الإسلام على العالم الحالي ولا يمنع من وجود عوالم قبلها

    بل النصوص تدل على أن هناك خلقاً قبل القلم

    قال البخاري في صحيحه 3191 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ»، قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أَهْلَ اليَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ»، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ» فَنَادَى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الحُصَيْنِ، فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا

    فهذا نص على أن العرش كان موجوداً قبل الكتابة

    وخبر ( أول ما خلق القلم ) موقوف على ابن عباس ولا يصح رفعه إلى النبي وبعضهم يؤوله ب( حين الله القلم )

    قال الحاكم الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص من طَرِيق الْأَعْمَش، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن قَوْله عز وَجل: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} على أَي شَيْء كَانَ المَاء؟ قَالَ: على متن الرّيح

    وهذا إسناد قوي

    وقال الترمذي في جامعه 3109 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ: كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ،: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: العَمَاءُ: أَيْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ.
    هَكَذَا يَقُولُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: وَكِيعُ بْنُ حُدُسٍ، وَيَقُولُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ: وَكِيعُ بْنُ عُدُسٍ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَأَبُو رَزِينٍ اسْمُهُ: لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ ..
    وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

    والحديث حسن كما قال الترمذي ولا عبرة بتضعيف من ضعفه لجهالة حال وكيع بن حدس فقد قال عنه الجوزقاني ( صدوق صالح الحديث ) وصحح له الطبري وأبو عبيد وهذا يرفع الجهالة

    وهذا الذي أذكره لك قول أهل السنة

    وأما الأشاعرة فقالوا بأن الله قادر على الخلق ولكنه لم يخلق حتى شاء أن يفعل ذلك

    وراجع رسالة كاملة الكواري ( تسلسل الحوادث ) فقد شرحت المسألة وجلتها

    وقال صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية :" فهو سبحانه المحيي قبل أن يكون ثَمَّ مَيْتْ، قبل أن يُمِيتَ الموتى هو المحيي، وكذلك هو المستحق لاسم الخالق قبل إنشائهم، ذلك بأنه على كل شيء قدير.
    هذه الجمل مترابطة في الدِلَالَة على المعنى الذي ذكرته لك.
    وهذا المعنى الذي دلّ عليه كلام الطحاوي يرتبط به مسائل مهمة جداً في هذا الموضع.
    وهذا الموضع مما يظهر منه أنّ الطحاوي رحمه الله خالف ما عليه أهل الحديث والأثر في هذه المسألة العظيمة.
    وذلك أنَّ أصول هذه المسألة قديمة في البحث بين الجهمية وبين المعتزلة وبين الكلابية والأشاعرة وبين الماتريدية وبين أهل الحديث والأثر، والمذاهب فيها متعددة.
    ولهذا نُبَيِّن ما في هذه الجمل من مباحث على مسائل إيضاحاً للمقام.
    [المسألة الأولى] :
    أنّ الناس اختلفوا في اتصاف الله - عز وجل - بصفاته هل هو مُتَّصِفٌ بها بعد ظهور آثارها، وأسماء الرب - عز وجل - سُمِّيَ بها بعد ظهور آثارها أم قبل ذلك على مذاهب:
    1 - المذهب الأول:
    هو مذهب المعتزلة والجهمية ومن نحا نحوهم مِنْ أنَّه - عز وجل - لم يَصِرْ له صفات ولا أسماء إلا بعد أن ظهرت آثارُها، فلما خَلَقَ صارت له صفة الخلق، وصار من أسمائه الخالق.
    وذلك على أصل عندهم، وهو أَنَّ أسماء الله - عز وجل - مخلوقة، فلما خَلَقَ سَمَّاهُ الناس الخالق، وخَلَقَ له اسم الخالق.
    فعندهم أَنَّ الزمان لما ابتدأ فيه الخلق أو الرَّزق أو الإنشاء صار بعده له اسم الخالق، وقبل ذلك لم يكن له هذا الاسم ولم تكن له هذه الصفات.
    فقبل أن يكون ثَمَّ سَامِعْ لكلامه فليس هو سبحانه مُتَكَلَّمَاً، فلما خَلَقَ سامِعاً لكلامه، خَلَقَ كلاما - عند المعتزلة والجهمية - فأسمعهم إياه، فصار له اسم المتكلم أو صفة الكلام، لمَّا خلق مَنْ يسمع كلامه.
    كذلك صفة الرحمة على تأويلهم الذي يؤولونه أو أنواع النِّعَم، والمنعم والمحيي والمميت كل هذه لا تطلق على الله عندهم إلا بعد أن وُجد الفعل منه على الأصل الذي ذكرته لكم عنهم أنَّ الأسماء عندهم والصفات مخلوقة.
    2 - المذهب الثاني:
    هو مذهب الأشاعرة والماتريدية ومذهب طوائف من أهل الكلام في أنّ الرب - عز وجل - كان مُتَّصِفَاً بالصفات وله الأسماء، ولكن لم تَظْهَرْ آثار صفاته ولا آثار أسمائه بل كان زمناً طويلا طَويلا مُعَطَّلاً عن الأفعال عز وجل.
    له صفة الخلق وليس ثَمَّ ما يخلقه، له صفة الفعل ولم يفعل شيئاً، له صفة الإرادة وأراد أشياء كونية مؤجلة غير مُنجزة وهكذا.
    فمن أسمائه عند هؤلاء الخالق، ولكنه لم يخلق، ومن أسمائه عندهم أو من صفاته الكلام ولم يتكلم، ومن صفاته الرحمة بمعنى إرادة الإنعام وليس ثَمَّ مُنْعَمٌ عليه، ومن أسمائه المحيي وليس ثَمَّ من أحيا، ومن أسمائه الباري وليس ثَمَّ بَرْأْ، وهكذا حتى أَنْشَأَ الله - عز وجل - وخَلَقَ - عز وجل - هذا الخلق المنظور الذي تراه من الأرض والسموات وما قصَّ الله علينا في كتابه، ثُمَّ بعد ذلك ظهرت آثار أسمائه وصفاته.
    فعندهم أنَّ الأسماء والصفات متعلقة بهذا العالَمْ المنظور أو المعلوم دون غيره من العوالم التي سبقته.
    وقالوا هذا فِراراً من قول الفلاسفة الذين زعموا أنَّ هذا العالم قديم، أو أَنَّ المخلوقات قديمة متناهية أو دائمة من جهة الأولية؛ من جهة القدم، مع الرب - عز وجل -.
    3 - المذهب الثالث:
    هو مذهب أهل الحديث والأثر وأهل السنة؛ أعني عامة أهل السنة وهو أنّ الرب - عز وجل - أَوَّلٌ بصفاته، وصفاته سبحانه وتعالى قديمة، يعني هو أوَّلٌ سبحانه وتعالى بصفاته.
    وأنه سبحانه كان من جهة الأولية بصفاتهِ -كما عبر الماتن هنا بقوله (كانَ بصفاته) .
    وأنّ صفات الرب - عز وجل - لابد أن تظهر آثارها؛ لأنه سبحانه فَعَّالٌ لما يريد.
    والرب - عز وجل - له صفات الكمال المطلق، ومن أنواع الكمال المطلق أنْ يكون ما أراد سبحانه وتعالى.
    فما أراده كوناً لابد أن يكون.
    ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
    ومن مذهب أهل السنة والحديث والأثر أنّه سبحانه يجوز أن يكون خَلَقَ أنواعاً من المخلوقات وأنواعاً من العوالم غير هذا العالم الذي نراه.
    فجنس مخلوقات الله - عز وجل - أعمّ من أن تكون هذه المخلوقات الموجودة الآن، فلا بد أن يكون ثَمَّ مخلوقات أوجدها الله - عز وجل - وأفناها ظَهَرَت فيها آثار أسمائه وصفاته - عز وجل -.
    فإنَّ أسماء الرب - عز وجل - وإنّ صفات الرب - عز وجل - لابد أن يكون لها أثرُها؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد.
    فما أراده سبحانه فَعَلَهُ، وَوَصَفَ نفسه بهذه الصفة على صيغة المبالغة الدالة على الكمال بقوله {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (1) ، فما أراده سبحانه كان.
    وهذا متسلسل -كما سيأتي بيانه- في الزمن الأول، يعني في الأولية وفي الآخرية فهو سبحانه (وكما كانَ بصفاته أزَليًّا، كذلك لا يزالُ عَلَيْها أبديًّا) .
    وهذا منهم -يعني من أهل الحديث والأثر والسنة- هذا القول منهم لأجل إثبات الكمال للرب - عز وجل -.
    وقول المعتزلة والجهمية فيه تعطيل للرب عن أسمائه وصفاته.
    يعني أنَّ الله - عز وجل - كان بلا صفات وبلا أسماء، وأنَّه لمَّا فَعَلَ وُجِدَت صفات الرب - عز وجل -، وهذا نسبة النقص لله - عز وجل - لأنّ الصفات هي عنوان الكمال، والله سبحانه وتعالى كمالاته بصفاته.
    أمّا قول الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم، فهذا أيضاً فيه وصف الرب - عز وجل - بالنقص؛ لَأَنَّ أولئك يزعمون أنه متصف ولا أثر للصفة.
    ومعلوم أَنَّ هذا العلم المنظور الذي تعلقت به عندهم الأسماء والصفات، هذا العالم إنما وُجِدَ قريباً.
    فوجوده قريب وإن كانت مدته أو عمره طويل لكنه بالنسبة إلى الزمن بعامة -الزمن المطلق- لا شك أنه قريب لهذا قال ? (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) (1) - عز وجل -.
    فالتقدير كان قبل أن يخلق هذه الخلائق، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وهي مدة محدودة، والله - عز وجل - لا يَحُدُُّه زمان، فهو أول سبحانه وتعالى ليس قبله شيء - عز وجل -.
    وفي هذا إقرار لأنه من جهة الأولية يتناهى الزمان في إدراك المخلوق، وننتقل من الزمان المنسوب إلى الزمان المطلق، وهذا تتقاصر عقولنا عنه وعن إدراكه.
    وأما هذا العالم المنظور فإنه مُحْدَثٌ وحدوثه قريب.
    ولهذا نقول إن قول الآشاعرة والماتريدية بأنه كان متصفاً بصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثارها ولم يفعل شيئاً إلا بعد أن أَوْجَدَ هذا العالم، نقول معناه أَنَّ ثَمَّ زماناً مطلقاً طويلاً طويلاً جداً ولم يكن الرب - عز وجل - فاعلا، ولم يكن لصفاته أثر ولا لأسمائه أثر في المربوبات.
    ولا بد أنَّ الله - عز وجل - له سبحانه وتعالى من يعبده - عز وجل - من خلقه، ولا بد أن يكون له - عز وجل - مخلوقات؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، وهذه صفة مبالغة مطلقة في الزمن كله؛ لأنَّ (ما) اسم موصول وأسماء الموصول تعم ما كان في حيّز صلتها.
    بَقي أنْ يقال إن قولهم (أراد ولكن إرادته كانت مُعَلَّقَة غير مُنْجَزَة) ونقول هذا تحكم؛ لأن هذا مما لا دليل عليه إلا الفرار من قول الفلاسفة ومن نحا نحوهم بِقِدَمِ هذا العالَم المنظور.
    وهذا الإلزام لا يلزم أهل الحديث والسنة والأثر لأننا نقول إنَّ العوالِمْ التي سبقت هذا العالم كثيرة متعددة لا نعلمها، الله - عز وجل - يعلمها.
    وهذا ما قِيلَ إنَّهُ يُسَمى بقِدَمِ جنس المخلوقات، أو ما يسمى بالقِدم النوعي للمخلوقات، وهذه من المسائل الكبار التي نكتفي في تقريرها بما أوردنا لكَ في هذا المقام المختَصَرْ.
    المهم أن يتقرر في ذهنكَ أنَّ مذهب أهل الحديث والأثر في هذه المسألة لأجل كمال الربّ - عز وجل -، وأنَّ غَيْرَ قولهم فيه تنقّص للرب - عز وجل - بكونه مُعَطَّلاً عن صفاته أو بكونه سبحانه وتعالى مُعَطَّلَاً أن يفعل وأن تظهر آثار أسمائه وصفاته قبل خَلْق هذا العالم المعلوم أو المنظور"

    وممن نص على دوام فاعلية الرب ، وأنه لم يعطل عنها في وقت من الأوقات – الإمام الكبير عثمان بن سعيد الدارمي – المشهور في رده على الجهمية والقدرية ، وقد قال في هذا كلاماً جيداً وأدلى بحجة قوية ، مبناها على أن الفعل لازم للحياة ، فكل حي لابد أن يكون فعالا ، وما ليس بفعال فهو ليس بحي ، فالحياة والفعل متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر في الوجود ، اللهم إلا إذا وجد مانع يمنع لحي من الفعل من آفة تصيبه أو قاسر يقسره ، وذلك لا يتصور في حقه سبحانه فإن حياته أكمل حياة فيجب أن تستلزم أكمل الأفعال ويستحيل أن تطرأ عليه آفة يعجز معها عن الفعل بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، فالمشيئة لازمة له لا مكره له ولا غالب ، والقدرة كذلك من صفاته اللازمة فلا يعتريه وهن ولا عجز ولا قصور ، ومع نفوذ المشيئة وتمام القدرة وانتفاء كل الموانع التي تمنع من تعلقها بالممكن لا يتصور التعطيل عن الفعل ، فثبت أنه سبحانه لم يزل فعالاً لأنه لم يزل حياً قادراً مريداً

    وقال ابن تيمية :" وقد أجاب عن هذا عبدالعزيز بن يحيى الكناني في حيدته فقال في سؤاله للمريسي :بأي شيء حدثت الأشياء؟ فقال له : أحدثها الله بقدرته التي لم تزل فقلت له :أحدثها بقدرته كما ذكرت ، أفليس تقول : إنه لم يزل قادراً؟ قال : بلى ، قلت : فتقول إنه لم يزل يفعل؟ قال :لا أقول هذا ، قلت : فلابد أن نلزمك أن تقول : إنه خلق بالفعل الذي كان بالقدرة لأن القدرة صفة ، ثم قال عبدالعزيز :لم أقل لم يزل الخالق يخلق ، ولم يزل الفاعل يفعل وإنما الفعل صفة والله يقدر عليه ، ولا يمنعه منه مانع فأثبت عبدالعزيز فعلاً مقدوراً لله هو صفة له ليس من المخلوقات ، وأنه به خلق المخلوقات وهذا صريح في أن مذهبه كمذهب السلف وأهل الحديث ، أن الخلق غير المخلوق ، والفعل غير المفعول كما حكاه البغوى إجماعاً لأهل السنة ، وقد صرح عبدالعزيز أن فعله سبحانه القائم به مقدور له وأنه خلق به المخلوقات كما صرح به البخاري في آخر صحيحه وفي كتاب خلق الأفعال فقال في صحيحه : "باب ما جاء في تخليق السماوات والأرض وغيرها من الخلائق ، وهو فعل الرب تبارك وتعالى وأمره [وكلامه] فالرب سبحانه بصفاته وفعله وأمره وكلامه هو الخالق المكون غير مخلوق وما كان فعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول مخلوق مكون "فصرح إمام السنة ان صفة التخليق هي فعل الرب وأمره ، وأنه خالق بفعله وكلامه .
    وجميع جند الرسول وحزبه مع محمد بن اسماعيل في هذا، والقرآن مملوء من الدلالة عليه كما دل عليه العقل والفطرة ، قال تعالى :  أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم [ يس :81] ثم أجاب نفسه بقوله :  بلى وهو الخلاق العليم  [ يس :81] فأخبر أنه قادر على نفس فعله ، وهو أن يخلق ، فنفس أن يخلق فعل له ، وهو قادر عليه "

    وقال ابن تيمية أيضاً :" ومن هذا : الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وغيرهما ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي  انه قال : ( أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ! قال : وما أكتب ؟ قال : ما هو كائن إلى يوم القيامة ) ، فهذا القلم خلقه لما أمره بالتقدير المكتوب قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض ، وهو أول ما خلق من هذا العالم ، وخلقه بعد العرش كما دلت عليه النصوص ، وهو قول جمهور السلف ، كما ذكرت أقوال السلف في غير هذا الموضع .
    والمقصود هنا : بيان ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة .
    والدليل على هذا القول الثاني وجوه :
    ( أحدها ) ان قول أهل اليمن : " جئناك لنسألك عن أول هذا الأمر " ، إما أن يكون الأمر المشار إليه هذا العالم ، أو جنس المخلوقات ، فإن كان المراد هو الأول كان النبي  قد أجابهم ؛ لأنه أخبرهم عن أول خلق هذا العالم ، وإن كان المراد الثاني لم يكن قد أجابهم ؛ لأنه لم يذكر أول الخلق مطلقاً ؛ بل قال : " كان الله ولا شيء قبله ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض " ، فلم يذكر إلا خلق السموات والأرض ، لم يذكر خلق العرش ، مع أن العرش مخلوق أيضاً ، فإنه يقول : " وهو رب العرش العظيم " وهو خالق كل شيء : العرش وغيره ، ورب كل شيء : العرش وغيره . وفي حديث أبي رزين قد أخبر النبي  بخلق العرش . وأما في حديث عمران فلم يخبر بخلقه ، بل أخبر بخلق السموات والأرض ، فعلم أنه أخبر بأول خلق هذا العالم لا بأول الخلق مطلقاً .
    وإذا كان إنما أجابهم بهذا علم انهم إنما سألوه عن هذا ، لم يسألوه عن أول الخلق مطلقاً ، فإنه لا يجوز أن يكون أجابهم عما لم يسألوه عنه ولم يجبهم عما سألوا عنه ، بل هو  منزه عن ذلك ، مع أن لفظه إنما يدل على هذا ؛ لا يدل على ذكره أول الخلق وإخباره بخلق السموات والأرض بعد أن كان عرشه على الماء يقصد به الإخبار عن ترتيب بعض المخلوقات على بعض ، فإنهم لم يسألوه عن مجرد الترتيب . وإنما سألوه عن أول هذا الأمر ، فعلم أنهم سألوه عن مبدأ خلق هذا العالم فأخبرهم بذلك ، كما نطق في أولها في أول الأمر "خلق الله السموات والأرض "وبعضهم يشرحها في البدء أو في الابتداء خلق الله السموات والأرض.
    والمقصود أن فيها الإخبار بابتداء خلق السموات والأرض . وأنه كان الماء غامراً للأرض ، وكانت الريح تهب على الماء ، فأخبر أنه حينئذ كان هذا ماء وهواء وترابا ، وأخبر في القرآن العظيم أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ، وفي الآية الأخرى :  ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض : ائتيا طوعاً أو كرهاً ، قالتا : أتينا طائعين  ، وقد جاءت الآثار عن السلف بأن السماء خلقت من بخار الماء وهو الدخان .
    والمقصود هنا : أن النبي  أجابهم عما سألوه عنه ولم يذكر إلا ابتداء خلق السموات والأرض ، فدل على أن قولهم : " جئنا لنسألك عن أول هذا الأمر " كان مرادهم خلق هذا العالم ، والله أعلم .
    ( الوجه الثاني ) : أن قولهم : " هذا الأمر " إشارة إلى حاضر موجود ، والأمر يراد به المصدر ، ويراد به المفعول به وهو المأمور الذي كونه الله بأمره ، وهذا مرادهم ، فإن الذي هو قوله : كن ليس مشهوداً مشاراً إليه ، بل المشهود المشار إليه هذا المأمور به ، قال تعالى : وكان أمر الله قدراً مقدوراً  ، وقال تعالى :  أتي أمر الله  ، ونظائره متعددة ، ولو سألوه عن أول الخلق مطلقاً لم يشيروا إليه بهذا ؛ فإن ذاك لم يشهدوه فلا يشيرون إليه بهذا ، بل لم يعلموه أيضاً ؛ فإن ذاك لا يعلم إلا بخبر الأنبياء ، والرسول  لم يخبرهم بذلك ، ولو كان قد أخبرهم به لما سألوه عنه ، فعلم أن سؤالهم كان عن أول هذا العالم المشهود.
    ( الوجه الثالث ) : أنـه قـال : " كـان الله ولـم يكـن شـيء قبلـه "
    وقد روي : " معه" ، وروي : " غيره " ، و الألفاظ الثلاثة فـي البخاري
    والمجلس كان واحداً ، وسؤالهم وجوابه كان في ذلك المجلس ، وعمران الذي روى الحديث لم يقم منه حين انقضى المجلس ؛ بل قام لما أخبر بذهاب راحلته قبل فراغ المجلس ، وهو المخبر بلفظ الرسول ، فدل على أنه إنما قال أحـد "أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء " ، وهذا موافق ومفسر لقوله تعالى :  هو الأول والآخر ، والظاهر والباطن  وإذا ثبت في هذا الحديث [ القبل ] فقد ثبت أن الرسول  قاله ، واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما أبداً ، وكان أكثر أهل الحديث إنما يروونه بلفظ القبل : " كان الله ولا شيء قبلـه " ، مثل :الحميدي " إلى آخر كلامه

    حتى قال الشيخ :" ( الوجه الرابع عشر ) : أن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة الخلق إلى عبادته وحده لا شريك له ، وذلك يتضمن معرفته لما أبدعه من مخلوقاته ، وهي المخلوقات المشهودة الموجودة : من السموات والأرض وما بينهما ، فأخبر [ في ] الكتاب الذي لم يأت من عنده كتاب أهدى منه بأنه خلق أصول هذه المخلوقات الموجودة المشهورة في ستة أيام ثم استوى على العرش .
    وشرع لأهل الإيمان أن يجتمعوا كل أسبوع يوماً يعبدون الله فيه ويحتفلون بذلك ، ويكون ذلك آية على الأسبوع الأول الذي خلق الله فيه السموات والأرض . ولما لم يعرف الأسبوع إلا بخبر الأنبياء فقد جاء في لغتهم عليهم السلام أسماء أيام الأسبوع فإن التسمية تتبع النصوص فالاسم يعبر عما تصوره ، فلما كان تصور اليوم والشهر والحول معروفاً بالعقل تصورت ذلك الاسم وعبرت عن ذلك ، واما الأسبوع فلما لم يكن في مجرد العقل ما يوجب معرفته فإنما عرف بالسمع صارت معرفته عند أهل السمع المتلقين عن الأنبياء دون غيرهم ، وحينئذ فاخبروا الناس بخلق هذا العالم الموجود المشهود وابتداء خلقه ، وأنه خلقه في ستة أيام ، وأما ما خلقه قبل ذلك شيئاً بعد شيء فهذا بمنزلة ما سيخلقه بعد قيام القيامة ودخول أهل الجنة وأهل النار منازلهما . وهذا مما لا سبيل للعباد إلى معرفته تفصيلاً .
    ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " قام فينا رسول الله  مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم " رواه البخاري . فالنبي  أخبرهم ببدء الخلق إلى دخول أهل الجنة والنار منازلهما .
    وقوله : " بدأ الخلق " مثل قوله في الحديث الآخر : " قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " فإن الخلائق هنا المراد بها الخلائق المعروفة المخلوقة بعد خلق العرش وكونه على الماء ، ولهذا كان التقدير للمخلوقات هو التقدير لخلق هذا العالم ، كما في حديث القلم : ان الله لما خلقه قال : أكتب ! قال : وماذا اكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة .
    وكذلك في الحديث الصحيح : " ان الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء " وقوله في الحديث الآخر الصحيح : " كان الله ولا شيء قبله ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، ثم خلق السموات والأرض " ، يراد به أنه كتب كل ما أراد خلقه من ذلك ؛ فإن لفظ كل شيء يعم في كل موضع بحسب ما سيقت له ، كما في قوله :  بكل شيء عليم  ،  وعلى كل شيء قدير  ، وقوله : الله خالق كل شيء  ،  تدمر كل شيء  ، وأوتيت من كل شيء  ، و فتحنا عليهم أبواب كل شيء  ،  ومن كل شيء خلقنا زوجين  ، وأخبرت الرسل بتقديم أسمائه وصفاته كما في قوله :  وكان الله عزيزاً حكيماً ،  سميعاً بصيراً  ،  غفوراً رحيماً  وأمثال ذلك .
    قال ابن عباس : " كان ولا يزال " ولم يقيد كونه بوقت دون وقت ويمتنع أن يحدث له غيره صفة ، بل يمتنع توقف شيء من لوازمه على غيره سبحانه ، فهو المستحق لغاية الكمال ، وذاته هي المستوجبة لذلك . فلا يتوقف شيء من كماله ولوازم كماله على غيره . بل نفسه المقدسة ، وهو المحمود على ذلك أزلاً وأبداً ، وهو الذي يحمد نفسه ويثني عليها بما يستحقه ،. وأما غيره فلا يحصى ثناء عليه ، بل هو نفسه كما أثنى على نفسه ، كما قال سيد ولد آدم في الحديث الصحيح : " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ،وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ،أنت كما أثنيت على نفسك "
    وإذا قيل : لم يكن متكلماً ثم تكلم ، أو قيل : كان الكلام ممتنعاً ثم صار ممكناً له ، كان هذا مع وصفه له بالنقص في الأزل وأنه تجدد له الكمال ومع تشبيه له بالمخلوق الذي ينتقل من النقص إلى الكمال : ممتنعاً ؛ من جهة أن الممتنع لا يصير ممكناً بلا سبب ، والعدم المحض لا شيء فيه ، فامتنع أن يكون الممتنع فيه يصير ممكناً بلا سبب حادث "

    روى الثعلبي في " تفسيره " بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه : أنه سئل عن قوله تعالى :  أفحسبتم إنما خلقنا كم عبثاً  لم خلق الله الخلق ؟ فقال : لأن الله كان محسناً بما لم يزل فيما لم يزل إلى ما لم يزل ، فأراد الله أن يفيض إحسانه إلى خلقه ، وكان غنياً عنهم ، لم يخلقهم لجر منفعة ولا لدفع مضرة ، ولكن خلقهم وأحسن إليهم وأرسل إليهم الرسل حتى يفصلوا بين الحق والباطل ، فمن أحسن كافأه بالجنة ، ومن عصى كافأه بالنار ا 0 هـ من فتاوى شيخ الإسلام .

    وهذا الأثر واضح في الدلالة على المقصود

    قال الإمام أحمد في رده على الجهمية ص34 :
    وقلنا للجهمية من القائل يوم القيامة : يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ، أليس الله هو القائل ؟ قالوا : فيكون الله شيئاً فيعبر عن الله ، كما يكـون شيئاً فعبر لموسى . قلـنـا : فمن القائـل فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين . فلنقصن عليهم بعلم  أليس الله هو الذي يسأل ؟ قالوا هذا كله إنما يكون شيئاً فيعبر عن الله . فقلنا قد أعظمتم على الله الفرية حين زعمتم أنه لا يتكلم . فشبهتموه بالأصنام التي تعبد من دون الله ، لأن الأصنام لا تتكلم ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان فلما ظهرت عليه الحجة قال : إن الله يتكلم ولكن كلامه مخلوق . قلنا : وكذلك بنو آدم كلامهم مخلوق ، فقد شبهتم الله بخلقه حين زعمتم أن كلامه مخلوق . ففي مذهبكم قد كان في وقت من الأوقات لا يتكلم حتى خلق التكلم ، وكذلك بنو آدم كانوا ولا يتكلمون حتى خلق الله لهم كلاماً . فقد جمعتم بين كفر وتشبيه ، فتعالى الله عن هذه الصفة ، بل نقول : إن الله لم يزل متكلماً إذا شاء ، ولا تقول إنه كان ولا يتكلم حتى خلق الكلام . ولا نقول أنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه قدرة ولا نقول أنه قد كان ولا عظمة له حتى خلق لنفسه ، عظمة ، فقالت الجهمية لنا لما وصفنا الله بهذه الصفات : إن زعمتم أن الله ونوره والله وقدرته والله وعظمته فقد قلتم بقول النصارى حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته . قلنا لا نقول : عن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره ولكن نقول لم يزل بقدرته ونوره ، لا متى قدر ، ولا كيف قدر فقالوا : لا تكونن موحدين أبداً حتى تقولوا : قد كان الله ولا شيء . قلنا : نحن نقول قد كان الله ولا شيء . ولكن إذا قلنا : إن الله لم يزل بصفاته كلها . أليس إنما يصف إلهاً واحداً بجميع صفاته وضربنا لهم في ذلك مثلاً . فقلنا : أخبرنا عن هذه النخلة ، أليس لها جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار ، واسمها اسم شيء واحد وسميت نخلة . بجميع صفاتها ؟ فكذلك الله وله المثل الأعلى بجميع صفاته إلاه واحد لا نقول أنه قد كان في وقت من الأوقات ولا بقدرة حتى خلق قدرة والذي ليس له قدرة هو عاجز ولا نقول قد كان في وقت من الأوقات ، ولا يعلم حتى خلق له علماً فعلم ، والذي لا يعلم هو جاهل ، ولكن نقول لم يزل الله عالماً قادراً . لا متى ولا كيف "

    فنص أحمد على أنه لم يزل بجميع صفاته ومنها الخلق

    بقي التنبيه على أن هذا لا علاقة له بقدم العالم لا من قريب ولا من بعيد فكل مخلوق له بداية ونهاية وإن كان كل مخلوق قبله مخلوق قبله مخلوق إلى ما لا بداية

    فعالمنا هذا له بداية بينة ولا يمنع من وجود عوالم قبله أو مخلوقات قبله في العالم العلوي أو غيره

    جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل .. فبعض الأمور التي ذكرت لم أعلم بها إلا الآن و لم أكن أعلم أنها من مذهب السلف .. سبحان الله لم أر أكثر منهم موسوعية و إدراكا لحقائق -بفقههم- أبعد مما يدركه الفلاسفة و المتكلمون. فعلا لقد أحسست بسعة خلق الله و إمكان أن هناك أكوانا لله متعاقبة أو متوازية و عوالم أخرى حتى قبل أن يقول بها الفيزيائيون في نهايات القرن العشرين.


  6. افتراضي تبيانٌ

    {الله سبحانهُ وتعالى} ليس في دائرة الزمن الذي يمرُّ على الخلائق، و{الله تعالى} ليس قبل الخلق أو بعدهُ. إنّهُ {سبحانهُ} الحاضرُ حضوراً تامّاً بعيداً عن معاني ال[كان] أو [يكون] أو [سيكون]، وسواءٌ خلق الخلق أم لم يخلقهُ فهو هو {سبحانهُ وتعالى}. إن الزمن الذي مرّ ويمُرُّ على الخلق فهو حاضرٌ تماماً عند {الله سبحانهُ وتعالى}. ولتصوّر الأمر في ملكوت {الله تعالى} فلنتصوّر برهة من الزمن، كأن نقسّم الثانية الواحدة إلى مليار المليار من الأجزاء، أو نفرض أننا حصلنا على لحظة من الزمن لا يُمكن تقسيمها إلى جزئين، ونوقفُ الزمن عند هذه اللحظة!، فإنهُ يُمكننا القول أن هذه اللحظة هي نفسها التي خلق {الله تعالى} فيها الكون وما فيه، وهي نفسها التي يوجدُ فيها الكون والخلق الآن، وهي نفسها التي يُحاسبُ {الله تعالى} فيها الخلائق يوم القيامة!. قال {تعالى} في وصف الساعة: {إن الساعة آتيةٌ أكادُ أُخفيها}، أي كأنّما هي ظاهرةٌ أو واقعةً. ولم يقُل {سبحانهُ وتعالى} [أُخفيها]، وإنما قال {تعالى}: {أكادُ أُخفيها} وذلك لشدّة إقترابها من الحدوث، وكأنما هي شبهُ واقعة.
    إنهُ لا يوجدُ زمنٌ بين الخلق وما قبل هذا الخلق عند {الله تعالى}، ولهذا فإن السؤال عن (ما قبل الخلق) فهو سؤال ساذج وليست لهُ دلالة.
    سمعتُ مرّة حديثاً يُروى عن {رسول الله صلّى الله عليه وسلّم} ما معناهُ: أن رجلاً سأل {النبي صلى الله عليه وسلّم}: ماذا كان قبل أن يخلق {الله} الخلق؟، فقال {النبي صلى الله عليه وسلّم}: كان {الله} ولا شيء إلاّ {الله}، فسأل الرجلُ {النبي صلى الله عليه وسلّم}: وماذا بعد أن خلق {الله} الخلق؟ فقال {النبي صلى الله عليه وسلّم}: {هو كما كان}.
    إن الخلق كُلُّهُ أمرٌ طاريء على الوُجود، ووُجودهُ لا يُشكّلُ إضافةً إلى {مُلك الله تعالى}، كما أن زوالهُ لا يُشكّلُ أيّ نُقصانٍ في {مُلكه سبحانهُ وتعالى}.
    إن هذا الكون وكُلُّ ما فيه بما في ذلك الإنسانُ فإنهُ لا يمثّلُ حقيقةً وإنما هو دالّةٌ على حقيقة، ألا وهي {الله ربُّ العالمين}. ومن {الله} التوفيق.

  7. #7

    افتراضي

    الحديث "كان اللهُ ولا شيءَ معه ، وهو الآن على ما عليهِ كانَ"

    الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى
    الراوي: - المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز
    خلاصة حكم المحدث: هذه الزيادة وهو قوله: وهو الآن ما عليه كان، كذب مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتفق أهل العلم بالحديث على أنه موضوع مختلق.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    1,919
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    كل يوم هو في شأن

    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه الف دليل الجاهل يتعلّم وصاحب الهوى ليس لدينا عليه سبيل
    نور القلوب وطِب القلوب مُحَمَّد
    ( اللهم متعنا بحبك ومتعنا بذكرك ومتعنا بعبادتك ومتعنا بطاعتك ومتعنا بالتذلل لك )
    معضلة داروين (لغز الأحافير الكامبرية) نظرية داروين بين العلم والخيال :
    https://www.youtube.com/watch?v=bD8rNGvxS-Q

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء