السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النفوذ الإسلامي ممتد على بقعة واسعة من الأرض ومن أراد أن يحارب الدين الإسلامي فهو يقف أمام عقول أبنائه من مختلف الأعراق عرباً كانوا أو عجماً ، وعند حصول أي هجمة على الدين يدافع كل منهم بطريقته لا لحاجة الدين لهم بل هم يستمدون التأييد من الله ، ولكن للحصول على شرف الدفاع عن الدين

وقد تعرفت اليوم على شخصية من إخواننا الهنود اسمه عناية الله المشرقي له حوار لطيف مع البريفسور جيمس

ذكرها وحيد الدين خان في كتابه الإسلام يتحدى وهذا ما ذكره

كان ذلك يوم أحد، من أيام سنة 1909، وكانت السماء تمطر بغزارة، وخرجت من بيتي لقضاء حاجة ما، فإذا بي أرى الفلكي المشهور السير جيمس جينز ـ الأستاذ بجامعة كمبردج ـ ذاهبًا إلى الكنيسة، والإنجيل والشمسية تحت إبطه، فدنوت منه، وسلمت عليه، فلم يرد عَلَيّ، فسلّمت عليه مرة أخرى، فسألني: (ماذا تريد منى؟) فقلت له: (أمرين، يا سيدي!)

الأول هو: أن شمسيتك تحت إبطك رغم شدة المطر!) فابتسم السير جيمس وفتح شمسيته على الفور. فقلت له: وأما الأمر الآخر فهو: ما الذي يدفع رجلاً ذائع الصيت في العالم ـ مثلك ـ أن يتوجه إلى الكنيسة؟ وأمام هذا السؤال توقف السير جيمس لحظة، ثم قال: (عليك اليوم أن تأخذ شاي المساء عندي).

وعندما وصلت إلى داره في المساء، خرجت (ليدي جيمس) في تمام الساعة الرابعة، بالضبط، وأخبرتني أن السير جيمس ينتظرني. وعندما دخلت عليه في غرفته، وجدت أمامه منضدة صغيرة موضوعة عليها أدوات الشاي. وكان البروفيسور منهمكًا في أفكاره. وعندما شعر بوجودي، سألني: (ماذا كان سؤالك؟)، ودون أن ينتظر ردّي، بدأ يلقي محاضرة عن تكوين الأجرام السماوية، ونظامها المدهش، وأبعادها وفواصلها اللامتناهية، وطرقها، ومداراتها وجاذبيتها، وطوفان أنوارها المذهلة، حتى إني شعرت بقلبي يهتز بهيبة الله وجلاله. وأما (السير جيمس) فوجدت شعر رأسه قائمًا، والدموع تنهمر من عينيه، ويداه ترتعدان من خشية الله، وتوقف فجأة.

ثم بدأ يقول: (يا عناية الله)(1)! عندما ألقي نظرة على روائع خلق الله يبدأ وجودي يرتعش من الجلال الإلهي، وعندما أركع أمام الله وأقول له: (إنك لعظيم!) أجد أن كل جزء من كياني يؤيدني في هذا الدعاء، وأشعر بسكون وسعادة عظيمين. وأحس بسعادة تفوق سعادة الآخرين ألف مرة، أفهمت، يا عناية الله خان، لماذا أذهب إلى الكنيسة؟).

ويضيف العلامة عناية الله قائلاً: لقد أحدثت هذه المحاضرة طوفانًا في عقلي، وقلت له: (يا سيدي لقد تأثرت جدٌّا بالتفاصيل العلمية التي رويتموها لي، وتذكرت بهذه المناسبة آية من آي كتابي المقدس، فلو سمحتم لي، بقرأتها)، فهز رأسه قائلاً: (بكل سرور)، فقرأت عليه الآية التالية:

(وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَآءُ).


فصرخ الســير جيمـس قائلاً: ماذا قلت؟ إنما يخشى الله من عبـاده العلمــاء؟! مدهش! وغريب، وعجيب جدٌّا!! إنه الأمــر الذي كشـــفت عنه بعد دراسة ومشاهدة استمرت خمسين سنة، من أنبأ محمدًا به؟ هل هذه الآيــة موجــودة في القــرآن حقيقـــة؟ لو كان الأمر كذلك، فاكتب شهادة مني أن القرآن كتاب موحى من عند الله.



(1) عناية الله.. يقصد العالم الهندي عناية الله الذي روى عنه صاحب هذه المقالة هذه الحادثة.

وبعد قراءتي لهذه القصة وترجمة عناية الله المشرقي الذي ذكر وحيد الدين خان أنه عرضت عليه جائزة نوبل ورفض أخذت أبحث عن الرجل

فوجدت ما كتب أخونا إبراهيم السكران في مقاله ( المجرات سلالم اليقين )

قال إبراهيم :" وإنما كان المراد الأساسي من السطور السابقة هو التعريف الموجز فقط بالفيزيائي/الفلكي "جيمس جينز"؛ تمهيداً لعرض حوار هام جرى بينه وبين طرف آخر، وهو عالم الرياضيات الهندي (عناية الله المشرقي).

هذا الطرف الآخر في الحوار وهو عناية الله المشرقي (ت1963م) قد عُرِف بولعه الغريب بالرياضيات، وأنهى الماجستير في الرياضيات وعمره (19) سنة وحطم الأرقام القياسية السابقة له، وفي نفس العام (1907م) وقد أتم التاسعة عشرة من عمره؛ سافر إلى بريطانيا لمواصلة دراساته في الرياضيات في جامعة كامبردج، وأنهى خلال وجوده في كامبردج دراسة عدة تخصصات موازية في اللغات الشرقية والعلوم الطبيعية!، ومكث في كامبردج خمس سنوات إلى العام 1912م، ثم عاد بعدها إلى الهند

ولما بلغ عناية الله المشرقي بحر الثلاثين خطرت له فكرة تفسير القرآن على ضوء مكتشفات العلوم الطبيعية، ونفذ الفكرة فعلاً، وأنهى المجلد الأول منه وعمره (36 سنة) في عام 1924م، وسماه (التذكرة)، فلفت الأنظار بعمله هذا، وتم ترشيحه لجائزة نوبل، إلا أن لجنة الجائزة اشترطت ترجمة العمل لأحد اللغات الأوربية، فرفض عناية الله الجائزة، وقال: (لا أريد جائزة لا تعترف بلغتي الأوردية!) برغم أنه درس في كامبردج أصلاً عدة تخصصات، وشأن الترجمة لا يكلفه شيئاً، لكنها أنفة العالم الهندي.

وانخرط عناية الله في المعترك السياسي، وتقلد عدة مناصب حكومية، ثم استقال وأسس حزباً سياسياً اسمه (حركة الخاكسار)، وأنشأ صحيفة أسبوعية باسم (الإصلاح)، وسجن لعدة مرات.

وللأسف، لم تكن الصورة مشرقة إلى هذا الحد، فقد كان لدى عناية الله بعض التصورات الخاطئة حول السنة النبوية، ومفهوم اختلاف النبوات في التشريع، ونظرية التفسير الإسلامية، وغيرها.

وللتوسع حول شخصية عناية الله المشرقي ودوره يمكن مراجعة كتاب ( Allama Inayatullah Mashraqi ) لمحمد مالك، وهو من مطبوعات أكسفورد، وإن كان الكتاب ركّز على حياته السياسية.

لكن .. دعنا نصل الآن إلى جوهر المراد من هذا التعريف بالشخصيتين، وهما: العالم الفيزيائي/الفلكي الانجليزي (جيمس جينز)، وعالم الرياضيات الهندي (عناية الله المشرقي).

ففي نفس الفترة التي قدم فيها عناية الله المشرقي إلى كامبردج لمواصلة دراساته في الرياضيات، التقى بجيمس جينز حيث كان جينز يدرّس في الجامعة، وتعرف عليه، وقد روى عناية الله المشرقي قصة مدهشة وقعت له مع جينز، وقد نشرت هذه القصة في مجلة (نقوش) الباكستانية، في عددها الخاص المكرس لسيرة عناية الله المشرقي، ثم نقلها عن المجلة المذكورة المفكر الهندي (وحيد الدين خان) في كتابه الذي ترجم بعنوان (الاسلام يتحدى: مدخل علمي إلى الإيمان، ص204 - 205)، وأصل الكتاب في النسخة الانجليزية بعنوان (الله يتجلى: أدلة الله في الطبيعة والعلم) وذكر في مقدمته أن هذا الاسم (الله يتجلى) مأخوذ من آية في الانجيل، ولكن في الترجمة العربية جعل العنوان (الإسلام يتحدى)"

ثم نقل الحوار السابق

وقد رأيت غير واحد يذكرون أن عناية الله هو من أول من عرض فكرة القنبلة الذرية

عموماً التعرف على هذا الشخص لا يضر بل ينفع وبعد هذا يأتي الجهول ويزعم أن الدين فارق العلم ، مع العلم أنه حتى أهل الكتاب يستغلون عدداً من الكشوف العلمية للتبشير بدينهم ، وهذا أمر لا ننكره أن يوجد في كتبهم الحق كما وجد في كتبهم أمور توافق ما في القرآن

وقال نيوتن :" الإلحاد لا معنى له. بعد الشمس عن الأرض بحيث يصلنا القدر المناسب من الحرارة يستحيل أن يكون بالصدفة!"

وإيمان نيوتن بالخالق معروف واتجاهه نحو السحر لا يعرفه كثيرون ، فهذا الشخص لم يرَ تعارضاً بين العلم ووجود الخالق كالمئات بل الآلاف غيره غير أن البلاء فيمن أصيب بسعار شهواني يرقعه بفلسفة

وقال نيوتن أيضاً :" هذا النظام الأكثر روعةً، المؤلّف من الشمس و الكواكب و الشُهب، ليس له أن يستمرّ إلا وبمشورة وسلطان كائنٍ ذكيٍّ قويّ"

وهذه الطريقة في التفكير هي التي كان يرشد إليها القرآن عند الأمر بالتدبر في ملكوت السماوات والأرض وأنه سبحانه ما خلق هذا باطلاً يعني عبثاً فلا بد من دين ينظم الحياة كما نظم هو سبحانه الكون بإرادته الكونية ثم يأتي يوم العدل التام

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم