[size=6]فائدة استحضار الكافر أنه سيخلد في النار إذا لم يتب من الكفر
أخبر الله - سبحانه و تعالى - أن من مات على الكفر يكون مخلدا في النار ، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ( آل عمران : 116) ، وقال تعالى: ﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ ( التوبة : 68) ) ،وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ ( الأحزاب : 64 - 65 ) .
و فائدة ذكر خُلُود الكفار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[1] ،ولو استحضر الكافر عاقبة كفره ،و أن الله - عز وجل – سيصليه نارا خالدا فيها فقد يستيقظ ضميره و ويؤنب نفسه ويتوب إلى الله ، و من تاب إلى الله - سبحانه و تعالى - فإن الله يتوب عليه ،وبذلك يكون ذكر خُلُود الكفار فِي النَّار فيه زجر لمن يريد الكفر ، وباعث له على التثبت في الأمر و إصلاح للكافر واستنقاذه من الكفر، وإرشاده من الضلالة، وكفه عن الكفر وبعثه على الإيمان .
وفي تكرار ذكر خلود الكفار في النار زيادة التحذير من الكفر ،وهذا من رحمة الله بنا و حبه لنا فالله لا يريد لنا الكفر ،ولا يرضى لنا الكفر ،ويريد لنا الإيمان والتوحيد والعبادة ،ولذلك يحذرنا من الكفر والشرك أشد التحذير .
من العدل تخليد الكافر في النار
من العدل تخليد الكافر في النار إذ الكفر اعتداء على حق الله في الربوبية و الألوهية والأسماء والصفات،وحق الله من الأمور الواجبة الاحترام فهو الخالق الملك الجبار ،وقد خلق الله الجن و الإنس ليعرفوه ويوحدوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ،ونصب لهم دلائل وجوده ودلائل توحيده وعظمته وكبريائه ،و أرسل الرسل و أنزل الكتب .
ولا يوجد رسول إلا وقد حذر قومه من الشرك والكفر ،و لا يوجد رسول إلا وقد بين لقومه عقوبة الشرك و عقوبة الكفر والوعيد الشديد على الشرك والكفر لكن الكافر لم يعبأ بكلام الله - سبحانه و تعالى - ،ولم يعبأ بكلام رسل الله – عليهم الصلوات والتسليم -،ولم يعبأ بالوعيد الشديد وولى ظهره وهذا استهتار و استهانة واعتداء على حق الله ،وذلك يستوجب استحقاقه أشد العذاب ، و من لم يعبأ بكلام الله ووعيده فلا يلومن إلا نفسه .
و ليس من العدل في شيء ألا ينال الكافر أشد العقاب جزاءا على كفره ، فإن في ذلك إجحافاً في حق الله و استهانة بحق الله و تشجيعاً للناس على الكفر ، و من يشنع على خلود الكافر في النار نظر للعقوبة و لم ينظر لعظم الذنب و عظم الجريمة ،وعظم من عصاه.
والجزاء من جنس العمل ، والجزاء ثمرة العمل وجزاء الإيمان الجنة الأبدية وجزاء الكفر النار الأبدية فليختار كل إنسان أيهما يريد ،وليتحمل كل إنسان مسئولية اختياره لكن أن يكفر الإنسان ،ولا يريد أن يعاقب أشد العقاب فهذا غاية التبجح و الكبر والغرور .
ولو أن دولة من الدول جرمت فعلا معينا ،وحذرت منه في وسائل الإعلام أن من يفعله سيعاقب مدى حياته ثم لم يعبأ رجلا بهذا التجريم والتحذير ففعل هذا الفعل المجرَم ،ولا يريد أن يعاقب مدى حياته و أدعى أن ذلك ظلم هل يلتفت لكلام هذا الرجل ،وهل يخفف عنه العقاب ؟!!
حقيقة الكافر هو الذي ظلم نفسه بأن حرم نفسه من نعمة الإيمان و لذة مناجاة الرحمن ،وأشقى نفسه بالكفر والعصيان ،وترك الطريق المستقيم ،والتزم بطريق المغضوب عليهم أو الضالين .
الكافر عاش حياته الدنيا كافرا بالله فاستحق أن يعيش حياة الآخرة في عذاب الله
إن الكافر قد عاش حياته الدنيا في الكفر والعصيان والإعراض عن توحيد الرحمن فاستحق أن يعيش حياة الآخرة في عذاب الله جزاءا وفاقا موافقاً لأعماله من غير أن يظلم ، وهذا من تمام عدل الله حيث لم يسو بين من عاش حياته الدنيا في الإيمان والطاعة والتوحيد ،ومن عاش حياته الدنيا في الكفر و المعاصي والشرك ،ولو أن طالبا ذاكر بجد خلال فترة الدراسة حتى نجح في الامتحان بتفوق فتمتع بالأجازة الصيفية ،وزميله لم يذاكر خلال فترة الدراسة فرسب في الامتحان ،وقضى الأجازة الصيفية في المذاكرة ليدخل امتحان الدور الثاني ،ولم يتمتع بالأجازة هل تلام المدرسة على عدم تمتع الطالب بالأجازة الصيفية مثل زميله أم يلام هذا الطالب المستهتر ؟
والدنيا امتحان للجن و الإنس في الإيمان بالله وتوحيده وطاعته فمن آمن ووحد و أطاع نجح في الامتحان و فاز بالخلود في الجنة ومن كفر وأشرك و عصى رسب في الامتحان و عوقب بالخلود في النار ،ولا يلومن إلا نفسه .
[/SIZE]
[1] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
Bookmarks