صفحة 5 من 9 الأولىالأولى ... 34567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 75 من 124

الموضوع: كي لا تنخدع بالإلحاد ( متجدد )

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    [size=6]فائدة استحضار الكافر أنه سيخلد في النار إذا لم يتب من الكفر



    أخبر الله - سبحانه و تعالى - أن من مات على الكفر يكون مخلدا في النار ، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ( آل عمران : 116) ، وقال تعالى: ﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ ( التوبة : 68) ) ،وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ ( الأحزاب : 64 - 65 ) .

    و فائدة ذكر خُلُود الكفار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[1] ،ولو استحضر الكافر عاقبة كفره ،و أن الله - عز وجل – سيصليه نارا خالدا فيها فقد يستيقظ ضميره و ويؤنب نفسه ويتوب إلى الله ، و من تاب إلى الله - سبحانه و تعالى - فإن الله يتوب عليه ،وبذلك يكون ذكر خُلُود الكفار فِي النَّار فيه زجر لمن يريد الكفر ، وباعث له على التثبت في الأمر و إصلاح للكافر واستنقاذه من الكفر، وإرشاده من الضلالة، وكفه عن الكفر وبعثه على الإيمان .

    وفي تكرار ذكر خلود الكفار في النار زيادة التحذير من الكفر ،وهذا من رحمة الله بنا و حبه لنا فالله لا يريد لنا الكفر ،ولا يرضى لنا الكفر ،ويريد لنا الإيمان والتوحيد والعبادة ،ولذلك يحذرنا من الكفر والشرك أشد التحذير .
    من العدل تخليد الكافر في النار

    من العدل تخليد الكافر في النار إذ الكفر اعتداء على حق الله في الربوبية و الألوهية والأسماء والصفات،وحق الله من الأمور الواجبة الاحترام فهو الخالق الملك الجبار ،وقد خلق الله الجن و الإنس ليعرفوه ويوحدوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ،ونصب لهم دلائل وجوده ودلائل توحيده وعظمته وكبريائه ،و أرسل الرسل و أنزل الكتب .

    ولا يوجد رسول إلا وقد حذر قومه من الشرك والكفر ،و لا يوجد رسول إلا وقد بين لقومه عقوبة الشرك و عقوبة الكفر والوعيد الشديد على الشرك والكفر لكن الكافر لم يعبأ بكلام الله - سبحانه و تعالى - ،ولم يعبأ بكلام رسل الله – عليهم الصلوات والتسليم -،ولم يعبأ بالوعيد الشديد وولى ظهره وهذا استهتار و استهانة واعتداء على حق الله ،وذلك يستوجب استحقاقه أشد العذاب ، و من لم يعبأ بكلام الله ووعيده فلا يلومن إلا نفسه .

    و ليس من العدل في شيء ألا ينال الكافر أشد العقاب جزاءا على كفره ، فإن في ذلك إجحافاً في حق الله و استهانة بحق الله و تشجيعاً للناس على الكفر ، و من يشنع على خلود الكافر في النار نظر للعقوبة و لم ينظر لعظم الذنب و عظم الجريمة ،وعظم من عصاه.

    والجزاء من جنس العمل ، والجزاء ثمرة العمل وجزاء الإيمان الجنة الأبدية وجزاء الكفر النار الأبدية فليختار كل إنسان أيهما يريد ،وليتحمل كل إنسان مسئولية اختياره لكن أن يكفر الإنسان ،ولا يريد أن يعاقب أشد العقاب فهذا غاية التبجح و الكبر والغرور .

    ولو أن دولة من الدول جرمت فعلا معينا ،وحذرت منه في وسائل الإعلام أن من يفعله سيعاقب مدى حياته ثم لم يعبأ رجلا بهذا التجريم والتحذير ففعل هذا الفعل المجرَم ،ولا يريد أن يعاقب مدى حياته و أدعى أن ذلك ظلم هل يلتفت لكلام هذا الرجل ،وهل يخفف عنه العقاب ؟!!

    حقيقة الكافر هو الذي ظلم نفسه بأن حرم نفسه من نعمة الإيمان و لذة مناجاة الرحمن ،وأشقى نفسه بالكفر والعصيان ،وترك الطريق المستقيم ،والتزم بطريق المغضوب عليهم أو الضالين .








    الكافر عاش حياته الدنيا كافرا بالله فاستحق أن يعيش حياة الآخرة في عذاب الله



    إن الكافر قد عاش حياته الدنيا في الكفر والعصيان والإعراض عن توحيد الرحمن فاستحق أن يعيش حياة الآخرة في عذاب الله جزاءا وفاقا موافقاً لأعماله من غير أن يظلم ، وهذا من تمام عدل الله حيث لم يسو بين من عاش حياته الدنيا في الإيمان والطاعة والتوحيد ،ومن عاش حياته الدنيا في الكفر و المعاصي والشرك ،ولو أن طالبا ذاكر بجد خلال فترة الدراسة حتى نجح في الامتحان بتفوق فتمتع بالأجازة الصيفية ،وزميله لم يذاكر خلال فترة الدراسة فرسب في الامتحان ،وقضى الأجازة الصيفية في المذاكرة ليدخل امتحان الدور الثاني ،ولم يتمتع بالأجازة هل تلام المدرسة على عدم تمتع الطالب بالأجازة الصيفية مثل زميله أم يلام هذا الطالب المستهتر ؟


    والدنيا امتحان للجن و الإنس في الإيمان بالله وتوحيده وطاعته فمن آمن ووحد و أطاع نجح في الامتحان و فاز بالخلود في الجنة ومن كفر وأشرك و عصى رسب في الامتحان و عوقب بالخلود في النار ،ولا يلومن إلا نفسه .






    [/SIZE]
    [1] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الكافر يعزم على الكفر مهما طالت به حياته الدنيا فاستحق العذاب في حياة الآخرة


    الكافر يعزم على الكفر مهما طالت به حياته الدنيا فاستحق العذاب في حياة الآخرة جزاءا وفاقا و المؤمن نيته دوام الإيمان بالله وطاعته مهما طالت به حياته الدنيا فاستحق الخلود في الجنة فضلا من الله وكرما .

    وسر خلود أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، أن كلا من الفريقين كان مصرًا على ما هو عليه، فأهل الجنة كانوا مريدين الإيمان والطاعة مهما طالت بهم الحياة وامتد بهم العمر، وأهل النار كانوا مصرين على الكفر والعصيان ولو عاشوا ملايين السنين، فكان الجزاء للفريقين على الإرادة والنية، وبمقتضى هذه الإرادة والتصميم، كان الخلود، إذ أن الإيمان والكفر وما يستتبعانه من أعمال ، قد تمكن من النفس تمكنًا لا يزول .

    ولقد صور القرآن هذا التمكن، فذكر أن الكفار لو رجعوا إلى الدنيا بعد معاينتهم العذاب لعادوا إلى ما كانوا عليه من الكفر وسوء العمل .

    ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ ( الأنعام : 27- 28 )

    والأصل في كون الجزاء على الإرادة والنية، قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : « إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى »[1] [2].


    من مات كافرًا فإنّه يستمر كافرًا أبدًا



    من مات كافرًا فإنّه يستمر كافرًا أبدًا، بمعنى أنّه يبقى حتى في البرزخ والقيامة والنار جاحدًا لبعض الأشياء الذي يُعدّ جَحْدها كفرًا، ومصمِّمًا على الخلاف والمعصية لو وجد إليها سبيلًا، ولا يتوب أبدًا، وإن قال بلسانه فهو معتقد بقلبه خلاف ذلك فلذلك - والله أعلم - يخلَّد في النار... ويظهر لك هذا مما حكاه الله - عزَّ وجلَّ -عن أهل النار من دعائهم، ولا سيّما إذا قرنته بما حكاه عن أهل الجنة ،وقوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ ( الأنعام: 28) ليس ذلك - والله أعلم - من باب الإخبار بالغيب فقط، بل المعنى - والله أعلم - أنهم في نفوسهم مُزْمِعون على ذلك، أي أنهم عازمون في أنفسهم أن لو رُدّوا إلى الدنيا لاستمروا على كفرهم وعنادهم. والله أعلم[3] .













    ملازمة الكفر للكفار سبب في ملازمة العذاب لهم


    الخلود في النار سببه الكفر ،و الحكم يدور مع سببه و علته وجوداً و عدماً ،والكفار يخلدون في النار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا للدنيا لعادوا لكفرهم فمسألة الكفر والإيمان ليست متعلقة بقضية أنهم رأوا الحق أو لم يروا الحق؛ بل هي مسألة استكبار وعناد في نفوس الكفار قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾ أي : بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[4] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[5] .

    و قال المراغي – رحمه الله - : ( لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال )[6] ، و قال أيضا : ( ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا )[7] .

    و قال الحجازي – رحمه الله - : ( ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا )[8].

    و قال الشنقيطي – رحمه الله - في شأن استمرار الكافر في النار : ( سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال ؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ ؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب )[9] .

    وقال ابن القيم – رحمه الله - : ( سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فان أثره لا يزول كما لا يزول السبب وقد أشار سبحانه إلى هذه المعنى بعينه في مواضع من كتابه منها قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وإنها غير قابلة للإيمان أصلا ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره ومقتضاه لا يفارقهم ومنها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره )[10].

    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

    مراجع المقال :
    آثَار الشّيخ العَلّامَة عَبْد الرّحمن بْن يحْيَي المُعَلّمِيّ اليَماني
    إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
    التفسير الميسر
    العقائد الإسلامية لسيد سابق
    القضاء والقدر لعمر الأشقر
    تفسير السعدي
    تفسير المراغي
    حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم
    رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي
    زهرة التفاسير
    غاية المرام في علم الكلام للآمدي
    معارج الصعود إلى تفسير سورة هود للشنقيطي


    [1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 1
    [2] - العقائد الإسلامية لسيد سابق ص 307-308
    [3] - آثَار الشّيخ العَلّامَة عَبْد الرّحمن بْن يحْيَي المُعَلّمِيّ اليَماني 24/98
    [4] - التفسير الميسر
    [5] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27

    [6] - تفسير المراغي 7/100

    [7] - تفسير المراغي 7/102
    [8] - التفسير الواضح للدكتور محمد محمود حجازي ص 602
    [9] - معارج الصعود إلى تفسير سورة هود للشنقيطي ص 258
    [10] - حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص 368-369
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الكافر يعزم على الكفر مهما طالت به حياته الدنيا فاستحق العذاب في حياة الآخرة


    الكافر يعزم على الكفر مهما طالت به حياته الدنيا فاستحق العذاب في حياة الآخرة جزاءا وفاقا و المؤمن نيته دوام الإيمان بالله وطاعته مهما طالت به حياته الدنيا فاستحق الخلود في الجنة فضلا من الله وكرما .

    وسر خلود أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، أن كلا من الفريقين كان مصرًا على ما هو عليه، فأهل الجنة كانوا مريدين الإيمان والطاعة مهما طالت بهم الحياة وامتد بهم العمر، وأهل النار كانوا مصرين على الكفر والعصيان ولو عاشوا ملايين السنين، فكان الجزاء للفريقين على الإرادة والنية، وبمقتضى هذه الإرادة والتصميم، كان الخلود، إذ أن الإيمان والكفر وما يستتبعانه من أعمال ، قد تمكن من النفس تمكنًا لا يزول .

    ولقد صور القرآن هذا التمكن، فذكر أن الكفار لو رجعوا إلى الدنيا بعد معاينتهم العذاب لعادوا إلى ما كانوا عليه من الكفر وسوء العمل .

    ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ ( الأنعام : 27- 28 )

    والأصل في كون الجزاء على الإرادة والنية، قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : « إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى »[1] [2].


    من مات كافرًا فإنّه يستمر كافرًا أبدًا



    من مات كافرًا فإنّه يستمر كافرًا أبدًا، بمعنى أنّه يبقى حتى في البرزخ والقيامة والنار جاحدًا لبعض الأشياء الذي يُعدّ جَحْدها كفرًا، ومصمِّمًا على الخلاف والمعصية لو وجد إليها سبيلًا، ولا يتوب أبدًا، وإن قال بلسانه فهو معتقد بقلبه خلاف ذلك فلذلك - والله أعلم - يخلَّد في النار... ويظهر لك هذا مما حكاه الله - عزَّ وجلَّ -عن أهل النار من دعائهم، ولا سيّما إذا قرنته بما حكاه عن أهل الجنة ،وقوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ ( الأنعام: 28) ليس ذلك - والله أعلم - من باب الإخبار بالغيب فقط، بل المعنى - والله أعلم - أنهم في نفوسهم مُزْمِعون على ذلك، أي أنهم عازمون في أنفسهم أن لو رُدّوا إلى الدنيا لاستمروا على كفرهم وعنادهم. والله أعلم[3] .













    ملازمة الكفر للكفار سبب في ملازمة العذاب لهم


    الخلود في النار سببه الكفر ،و الحكم يدور مع سببه و علته وجوداً و عدماً ،والكفار يخلدون في النار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا للدنيا لعادوا لكفرهم فمسألة الكفر والإيمان ليست متعلقة بقضية أنهم رأوا الحق أو لم يروا الحق؛ بل هي مسألة استكبار وعناد في نفوس الكفار قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾ أي : بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[4] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[5] .

    و قال المراغي – رحمه الله - : ( لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال )[6] ، و قال أيضا : ( ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا )[7] .

    و قال الحجازي – رحمه الله - : ( ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا )[8].

    و قال الشنقيطي – رحمه الله - في شأن استمرار الكافر في النار : ( سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال ؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ ؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب )[9] .

    وقال ابن القيم – رحمه الله - : ( سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فان أثره لا يزول كما لا يزول السبب وقد أشار سبحانه إلى هذه المعنى بعينه في مواضع من كتابه منها قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وإنها غير قابلة للإيمان أصلا ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره ومقتضاه لا يفارقهم ومنها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره )[10].

    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

    مراجع المقال :
    آثَار الشّيخ العَلّامَة عَبْد الرّحمن بْن يحْيَي المُعَلّمِيّ اليَماني
    إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
    التفسير الميسر
    العقائد الإسلامية لسيد سابق
    القضاء والقدر لعمر الأشقر
    تفسير السعدي
    تفسير المراغي
    حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم
    رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي
    زهرة التفاسير
    غاية المرام في علم الكلام للآمدي
    معارج الصعود إلى تفسير سورة هود للشنقيطي


    [1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 1
    [2] - العقائد الإسلامية لسيد سابق ص 307-308
    [3] - آثَار الشّيخ العَلّامَة عَبْد الرّحمن بْن يحْيَي المُعَلّمِيّ اليَماني 24/98
    [4] - التفسير الميسر
    [5] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27

    [6] - تفسير المراغي 7/100

    [7] - تفسير المراغي 7/102
    [8] - التفسير الواضح للدكتور محمد محمود حجازي ص 602
    [9] - معارج الصعود إلى تفسير سورة هود للشنقيطي ص 258
    [10] - حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص 368-369
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الملحد ودعواه أن الإسلام يبيح النفاق في سبيل الحفاظ على الحياة




    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    وفي هذا المقال سنتناول بإذن الله دعوى بعض الملاحدة أن الإسلام يبيح النفاق في سبيل الحفاظ على الحياة ،واحتج أحدهم بقوله تعالى : ﴿ لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ ( آل عمران : 28 ) ،وبقوله تعالى : ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ ( النحل : 106 )،و استنتج بناءا على هذه الدعوى أن الخالق – عز وجل - عاجز عن حماية أتباعه من أي ضرر يصيبهم في حالة إعلانهم عن عقيدتهم – تعالى الله عما يقول الظالمون - ،وقد وجدت نفس هذه الشبهة في إحدى مواقع التنصير ،ولعل الملحد اقتبس شبهته منها .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    منشأ الشبهة

    كلام الملحد هداه الله أن الإسلام يبيح النفاق في سبيل الحفاظ على الحياة ينم عن عدم تفريقه بين النفاق و التقية ،و النفاق مذموم في كل حال والتقية جائزة في حالات معينة ،والملحد توهم أن التقية الجائزة شرعا من جنس النفاق لاشتراكهما بصفة إظهار الإنسان لشيءٍ على خلاف ما يُبطن .


    و كي يتضح زيف هذه الشبهة لابد من بيان مفهوم النفاق و مفهوم التقية والفرق بينهما ثم بيان أن إباحة الإسلام للتقية الجائزة شرعا يعد من محاسن الشريعة الإسلامية ، وبيان أن الرجل لا يعد منافقا إذا تظاهر بشيء لينجو من بطش ظالم وبيان أن الله - سبحانه وتعالى - لا يعجز عن حماية أوليائه .


    مفهوم النفاق لغة واصطلاحا


    والنفاق لغة: مصدر نافق، يُقال: نافق نفاقًا ومنافقة ،و نَافق اليربوع نفَاقًا وَمُنَافِقَة دخل فِي نافقائه وَفُلَان أظهر خلاف مَا يبطن[1] ،والنفاق إما مأخوذ من النفق أو النافقاء ،و النفق: سرب في الأرض له مخلص إلى مكان ، و النافقاء : موضع يرققه اليربوع من جحره ، فإذا أُتي من قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فانتفق ، أي: خرج منه، ويقال: نفق اليربوع من جحره ، قالوا: ومنه اشتقاق النفاق ؛ لأن الإيمان يخرج من قلبه ، أو يخرج هو من الإيمان[2] .

    و النفاقَ في اللغة من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير، وإبطان خلافه [3].

    ومادة نفق تدل على الإخفاء وعدم الإظهار ،ولذلك سمي السرب في الأرض الذي له مخلص إلى مكان آخر نفقا ، وسمي أحد جحري اليربوع النافقاء والنفقة ؛ لأنه يكتمه ويظهر غيره فإذا طلب من مخرج هرب إلى الآخر ، وخرج منه ،وسمي النفاق بهذا الاسم ؛ لأن صاحبه يكتم خلاف ما يُظهر, فكأن الإيمان يخرج منه، أو يخرج هو من الإيمان في خفاء .


    والنفاق اصطلاحا إظهار الإيمان باللّسان وكتمان الكفر بالقلب[4] ،وهذا التعريف ينطبق على النفاق الاعتقادي ،وقيل النفاق هو إظهارُ الإسلام والخير، وإبطانُ الكفر والشر؛ سمي بذلك ؛ لأنه يدخل في الشرع من باب، ويخرج منه من باب آخر، وعلى ذلك نبه الله تعالى بقوله: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ ( التوبة : 67) أي: الخارجون من الشرع [5] ،وقيل النفاق هو أن يظهر المرء ما يوافق الحق، ويبطن ما يخالفه؛ فمن أظهر أمام الناس ما يدل على الحق، وكان حقيقة أمره أنه على باطل من الاعتقاد، أو الفعل، فهو المنافق، واعتقاده، أو فعله هو النفاق [6] ،وقيل النفاق هو التظاهر الكاذب بالفضيلة والتمسك بالدين
    مع إبطان الرذيلة ومخالفة الدين .

    وأساس النفاق الذي بني عليه هو الكذب، وأن يقول الرجل بلسانه ما ليس في قلبه، كما أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم[7] .


    أقسام النفاق


    و النفاق في الشرع ينقسم إلى قسمين:
    أحدهما: النفاقُ الأكبرُ – وهو النفاق الاعتقادي - ، وهو أنْ يظهر الإنسانُ الإيمانَ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويُبطن ما يُناقض ذلك كلَّه أو بعضه، وهذا هو النِّفاق الذي كان على عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ونزل القرآن بذمِّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أنَّ أهله في الدَّرْكِ الأسفل من النار .
    والثاني : النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل – أي النفاق العملي - ، وهو أنْ يُظهر الإنسانُ علانيةً صالحةً، ويُبطن ما يُخالف ذلك[8] .

    ومِنْ أعظم خِصال النفاق العملي : أنْ يعملَ الإنسان عملاً ، ويُظهرَ أنَّه قصد به الخيرَ، وإنَّما عمله ليتوصَّل به إلى غرض له سيِّئٍ، فيتمّ له ذلك، ويتوصَّل بهذه الخديعةِ إلى غرضه، ويفرح بمكره وخِداعه وحَمْدِ النَّاس له على ما أظهره، وتوصل به إلى غرضه السيِّئِ الذي أبطنه [9].


    ومن الفروق بين النفاق الأكبر والنفاق الأصغر ما يلي:
    1 - إن النفاقَ الأكبرَ يُخرجُ من الملَّة، والنفاقَ الأصغر لا يُخرجُ من الملَّة.
    2 - إن النفاق الأكبر: اختلاف السر والعلانية في الاعتقاد، والنفاق الأصغر: اختلاف السر والعلانية في الأعمال دون الاعتقاد.
    3 - إن النفاق الأكبر لا يصدر من مؤمن، وأما النفاق الأصغر فقد يصدر من المؤمن.
    4 - إن النفاق الأكبر في الغالب لا يتوب صاحبه، ولو تاب فقد اختلف في قبول توبته عند الحاكم. بخلاف النفاق الأصغر؛ فإن صاحبه قد يتوب إلى الله، فيتوب الله عليه[10] .




    [1] - المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية 2/942
    [2] - مجمل اللغة لابن فارس 1/877

    [3] - جامع العلوم والحكم لابن رجب 3/1250
    [4] - التعريفات للجرجاني ص 245
    [5] - عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها لصالح بن فوزان الفوزان ص 85
    [6] - المفيد في مهمات التوحيد للدكتور عبد القادر صوفي ص 191
    [7] - منهاج السنة النبوية لابن تيمية 1 / 159
    [8] - جامع العلوم والحكم لابن رجب 3/1250
    [9] - جامع العلوم والحكم لابن رجب 3/1260
    [10] - عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها لصالح بن فوزان الفوزان ص 88
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مفهوم التقية لغة واصطلاحا

    و التقية لغة من الاتقاء ،و أصل الاتِّقاء الحَجْز بَين الشّيئين، يُقَال: اتَّقاه بالتّرس أَي جعله حاجزاً بَينه وَبَينه، واتقاه بحَقِّه أَيْضا كَذَلِك وَمِنْه الوِقاية وَيُقَال وَقاه وَمِنْه التّقِيَّة[1] ،ووقى الشيءَ وقايةً: إِذا صانه بوِقاء ،ووقاه الله تعالى : أي حفظه ومنعه[2] ، و اتَّقَى الرَّجُل الشَّيْءَ يَتَّقِيهِ، إِذَا اتَّخَذَ سَاتِرًا يَحْفَظُهُ مِنْ ضَرَرِهِ .

    و التُّقاة وَالتقيَّة والتقوَى والاتِّقاءُ كلُّه واحدٌ[3] ،و أصل المادة المنع، كالذي يتقى البرد بالملابس، ويتقى عذاب الله بالطاعة، ويتقى سهام العدو بالدرع، والتقية بهذا هي اتخاذ ما يمنع المكروه، أو هي الشيء الذي يتخذ لمنع المكروه .

    و التقية اصطلاحا الحذر من إظهار ما في الضمير من العقيدة ونحوه عند الناس[4] ،و قيل التَّقِيَّةُ الْحَذَرُ مِنْ إِظْهَارِ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ مُعْتَقَدٍ وَغَيْرِهِ لِلْغَيْرِ[5] ،وقيل التَّقِيَّةُ أَنْ يَقِيَ الإْنْسَانُ نَفْسَهُ بِمَا يُظْهِرُهُ وَإِنْ كَانَ يُضْمِرُ خِلاَفَهُ [6] ،ومن هنا يتبين أن التقية معناها إظهار خلاف ما في الباطن بسبب قهر أو خوف يواجهه الإنسان أي الإنسان يفعل التقية احترازا من الوقوع في مكروه أو التعرض لضرر ،وبالتالي التقية من جنس ( الإكراه ) بالمصطلح الشرعي .

    حكم التقية وشروط العمل بها

    التقية تجوز عند خوف الضرر كالقتل أو القطع أو الإيذاء أي الترخص بالتقية يكون في حال الإكراه ، قال تعالى : ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ ( النحل : 106 ) قال ابن كثير – رحمه الله - : ( وأما قوله: ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرها لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول، وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله )[7].



    وفي حكم المكره من يكون بين قوم لا يدينون بما يدين، وإذا لم يجارهم في القول تعمدوا إضراره والإساءة إليه فيماشيهم بقدر ما يصون به نفسه، ويدفع الأذى عنه ؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها قال تعالى : ﴿ لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ ( آل عمران : 28 ) .

    ومعنى الآية : لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك ﴿ فليس من الله في شيء ﴾ ، يعني بذلك : فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ ، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مُسلم بفعل[8] .

    وقوله: ﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته، كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: "إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم" [9].


    والتقاة ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي، فإن هذا نفاق، ولكن أفعل ما أقدر عليه كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [10].


    فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه، ولكن إن أمكنه بلسانه وإلا فبقلبه، مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه، إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله، بل غايته أن يكون كمؤمن آلفرعون - وامرأة فرعون - وهو لم يكن موافقا لهم على جميع دينهم، ولا كان يكذب، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، بل كان يكتم إيمانه.

    وكتمان الدين شيء، وإظهار الدين الباطل شيء آخر. فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره، بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر. والله تعالى قد فرق بين المنافق والمكره ، والرافضة حالهم من جنس حال المنافقين، لا من جنس حال المكره الذي أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن هذا الإكراه لا يكون عاما من جمهور بني آدم، بل المسلم يكون أسيرا أو منفردا في بلاد الكفر، ولا أحد يكرهه على كلمة الكفر، ولا يقولها، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، وقد يحتاج إلى أن يلين لناس من الكفار ليظنوه منهم، وهو مع هذا لا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، بل يكتم ما في قلبه .


    وفرق بين الكذب وبين الكتمان فكتمان ما في النفس يستعمله المؤمن حيث يعذره الله في الإظهار، كمؤمن آل فرعون. وأما الذي يتكلم بالكفر، فلا يعذره إلا إذا أكره. والمنافق الكذاب لا يعذر بحال، ولكن في المعاريض مندوحة عن الكذب. ثم ذلك المؤمن الذي يكتم إيمانه يكون بين الكفار الذين لا يعلمون دينه، وهو مع هذا مؤمن عندهم يحبونه ويكرمونه ; لأن الإيمان الذي في قلبه يوجب أن يعاملهم بالصدق والأمانة والنصح، وإرادة الخير بهم، وإن لم يكن موافقا لهم على دينهم، كما كان يوسف الصديق يسير في أهل مصر وكانوا كفارا، وكما كان مؤمن آل فرعون يكتم إيمانه ، ومع هذا كان يعظم موسى ويقول: ﴿ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ﴾ ( غافر: 2 ) [11].


    والأمور التي يكره الإنسان على فعلها لدفع الضرر عن نفسه أو عرضه هي في أصلها ممنوعة ولكن الله أباحها للضرورة إذ الضرورات تبيح المحظورات ، ويجوز دفع أعلى المفسدتين بارتكاب أخفهما وما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (البقرة : 173 )

    ودفع الإنسان الضرر عن نفسه من باب المحافظة على النفس ،ولا يجوز للإنسان أن يضرّ بنفسه تعالى: قال تعالى : ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ (البقرة : 195 )


    و التقية لا تجوز بما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنا وغصب الأموال وإطلاع الكفار على عورات المسلمين إذ القاعدة لا ضرر ولا ضرار ،و الضَّرَرَ لاَ يُزَالُ بِمِثْلِهِ ، والضَّرَرُ يُزَالُ بِلاَ ضَرَرٍ ،ولا يجوز للإنسان أن يضرّ بنفسه ولا بغيره ،وليس نفس الإنسان وعرضه وماله أولى من نفس الغير وعرضه وماله .

    والتقية رخصة ، وليست بعزيمة[12] .

    والأصل في المسلم القيام بدينه و إظهاره وتطابق الظاهر مع الباطن ،والأخذ بالعزيمة والصبر على الأذى أو القتل أولى من الترخص وإجابة داعية الإكراه ، ومن ترك الرخصة وصبر على إظهار الإسلام ، و تحمل الأذى فذلك أحظى له عند ربه إن صدق .

    و قال بن بطال – رحمه الله - : ( أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجرا عند الله ممن اختار الرخصة وأما غير الكفر فإن أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلا فالفعل أولى ) [13].





    الفرق بين التقية الجائزة شرعا و النفاق

    تختلف التقية عن النفاق في التعريف و الغاية فالتقية الجائزة شرعا كتمان الإيمان وإظهار خلافة باللسان لضرورة قائمة واقعة كدفع أذى محقق أو تكون التقية حيلة لجلب مصلحة للمسلمين في الحرب أما النفاق فهو إظهار الإيمان ،والخير و إبطان الكفر والشر لمرض في القلب و صاحبه يمارسه ليدخل بين المسلمين فيفسد عقائدهم، ويبث الشبهات بينهم لتشكيكهم في دينهم، ويغرس البدع التي تفسد عليهم دينهم .

    و تختلف التقية عن النفاق في وقت التحلي بها فالتقية الجائزة شرعا حالة استثنائية مؤقتة مخالفة لما يجب أن يتحلى به المؤمن فلا تباح إلا لضرورة والأصل في المسلم أن يتطابق ظاهره وباطنه ، ولذلك كان التظاهر بالكفر من غير ضرورة معتبرة شرعا نفاقاً وخداعاً لا يصح بحال وينتهي العمل بالتقية بمجرد زوال الضرورة الداعية إليها أما أهل النفاق فحالهم الدائم مخالفة الظاهر للباطن .

    و تختلف التقية عن النفاق في حال المتحلي بها فالتقية الجائزة شرعا حالة يلجأ إليها المسلم عند الضرورة دون رضى و حب أما النفاق فيتحلى به صاحبه عن رضى و حب .

    و تختلف التقية عن النفاق في الحكم فالتقية تجوز عند الضرورة أما النفاق فلا يجوز مطلقا .

    والتقية الجائزة شرعا تكون مع الكفار أو الفساق و الظلمة، أما النفاق فيكون مع المسلمين عندما يكون لهم الشوكة و الظهور في الغالب.








    [1] - المخصص لابن سيده 4/61
    [2] - شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم للحميري 1/7275
    [3] - تهذيب اللغة لأبي منصور الهروي 9/199
    [4] - الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري للكرماني 24/61
    [5] - فتح الباري لابن حجر 12/314
    [6] - المبسوط للسرخسي 24/45
    [7] - تفسير ابن كثير 4/605
    [8] - تفسير الطبري 6/313
    [9] - تفسير ابن كثير 2/30
    [10] - رواه مسلم في صحيحه رقم 49
    [11] - منهاج السنة لابن تيمية 6/424-425
    [12] - زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 1/272
    [13] - فتح الباري لابن حجر 12/317
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    إباحة الإسلام للتقية عند الضرورة من محاسن الشريعة

    إن إباحة الإسلام للتقية عند الضرورة يعد من محاسن الشريعة ،ودليل على مرونتها وعدالتها وموافقتها للعقل حيث إباحة التقية عند الاضطرار فيه مراعاة حال المكره المضطر ،وتكليفه بما يستطيع و يقدر عليه فلم تلزمه بوجوب تحمل الضرر و الأذى ،وأجازت له النطق بكلمة الكفر عند الإكراه للنجاة من القتل والتعذيب بشرط أن يكون القلب مطمئنا بالإيمان فالكثير من الناس لا يتحمل التعذيب ،وهذا دليل على عدالة الشريعة الإسلامية فلم تلزم الإنسان بما لا يستطيع تحمله .

    و في إباحة التقية عند الاضطرار موافقة لحكم العقل فالعقل يقضي بدفع الضرر والفرار منه وجلب ما فيه السلامة والنجاة ، ودفع أعلى المفسدتين بارتكاب أخفهما .








    لا يعد منافقا من تظاهر بشيء لينجو من بطش ظالم

    لا يعد منافقا من تظاهر بشيء لينجو من بطش ظالم فهذا التظاهر إنما هو حيلة ووسيلة للدفاع عن النفس و الحفاظ عليها وهذا أمر جائز شرعا وعقلا وفطرة ولا يذم من استعمل هذه الوسيلة للنجاة بنفسه من بطش ظالم بل يمدح على ذكائه وحسن تصرفه كما يمدح ضابط الشرطة عندما يتظاهر أمام اللصوص أو تجار المخدرات أنه منهم حتى يتمكن من القبض عليهم وتخليص المجتمع من شرهم ، ويمدح الصحفي عندما يتظاهر بأنه رجل فقير يريد العمل عند رجل محتال ليكشف احتياله .











    لا يعجز الله- سبحانه وتعالى - عن حماية أوليائه

    الله - سبحانه وتعالى - لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ،ولا يعجز عن حماية أوليائه وقادر أن يهلك الظالم و الكافر ،وينجي المؤمن من الكافر في لمح البصر لكنه - سبحانه وتعالى - أجرى بعض السنن في خلقه ،ومن هذه السنن سنة الابتلاء والتمحيص للمؤمنين وسنة الإملاء والإمهال للكافرين قال تعالى: ﴿ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ ﴾ (آل عمران : 141) .


    و قال تعالى : ﴿ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ ( آل عمران : 154) ،و قال تعالى : ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾ ( العنكبوت: 2 ) .


    و قال تعالى : ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ ( آل عمران : 179) ،و قال تعالى : ﴿ ولَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ ( محمد : 4 )

    ومن حكم سنة الابتلاء والتمحيص للمؤمنين وسنة الإملاء والإمهال للكافرين أن يظهر الصالح من الطالح ،والمحق من المبطل ،والمؤمن من المنافق والكافر و ومريدو الآخرة من مريدي الدنيا ،ويظهر من بعض العباد عبادة الصبر على البلاء ،ومن آخرين عبادة الشكر على السلامة والأمن ،ومن آخرين عبادة الشكر على النجاة من الظالمين و تظهر عبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتظهر عبادة الجهاد في سبيل الله إلى غير ذلك من الحكم .
    وأنت أيها المخلوق الضعيف قد تتعمد في وضع ابنك في مشكلة تستطيع أن تحلها له لكنك لا تفعل وتتركه يحل هذه المشكلة بنفسه كي يتعود على حل المشاكل و تنمي فيه المقدرة على حل المشاكل ،وقائد الجيش قد يتعمد وضع بعض الجنود في مأزق يستطيع أن يخلصهم منه لكنه يتركهم يتخلصون من هذا المأزق بأنفسهم تدريب لهم على التخلص من مثل هذه المآذق وكي يرى من يستحق من الجنود بالقيادة ومن عنده سرعة بديهة ،ولله المثل الأعلى الله قادر أن يهلك الظالم و الكافر ، وينجي المؤمن في لمح البصر لكنه أمهل الكافر وابتلى المؤمن لحكم عظيمة .

    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

    مراجع المقال :
    التعريفات للجرجاني
    المبسوط للسرخسي
    المخصص لابن سيده
    المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية
    المفيد في مهمات التوحيد للدكتور عبد القادر صوفي
    تفسير ابن كثير
    تفسير الطبري
    تهذيب اللغة لأبي منصور الهروي

    جامع العلوم والحكم لابن رجب
    زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي
    شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم للحميري
    عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها لصالح بن فوزان الفوزان
    فتح الباري لابن حجر
    مجمل اللغة لابن فارس
    منهاج السنة النبوية لابن تيمية
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الملحد ودعواه أن الإسلام يبيح الكذب








    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    وفي هذا المقال سنتناول بإذن الله دعوى بعض الملاحدة أن الإسلام يبيح الكذب .

    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    أدلة الملاحدة على هذا الزعم


    استدل الملاحدة – هداهم الله - بقوله تعالى : ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ ( النحل : 106 ) و قالوا الآية تجيز الكذب من أجل الحفاظ على الحياة فإذا اضطروك للكذب و إنكار الإيمان فأفعل.

    و استدلوا أيضا بقول النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا [1] ،و قَالَ الْقَاضِي : لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ [2].

    و استدلوا أيضا بقصة قتل كعب ابن الأشرف قالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُولَهُ»، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: ائْذَنْ لِي، فَلْأَقُلْ، قَالَ: «قُلْ»، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ: وَذَكَرَ مَا بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَرَادَ صَدَقَةً، وَقَدْ عَنَّانَا، فَلَمَّا سَمِعَهُ قَالَ: وَأَيْضًا وَاللهِ، لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ الْآنَ، وَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ، قَالَ: وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ تُسْلِفَنِي سَلَفًا، قَالَ: فَمَا تَرْهَنُنِي؟ قَالَ: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: تَرْهَنُنِي نِسَاءَكُمْ، قَالَ: أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ، أَنَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا؟ قَالَ لَهُ: تَرْهَنُونِي أَوْلَادَكُمْ، قَالَ: يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا، فَيُقَالُ: رُهِنَ فِي وَسْقَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - يَعْنِي السِّلَاحَ -، قَالَ: فَنَعَمْ، وَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالْحَارِثِ، وَأَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ، وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: فَجَاءُوا فَدَعَوْهُ لَيْلًا فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ صَوْتُ دَمٍ، قَالَ: إِنَّمَا هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَرَضِيعُهُ، وَأَبُو نَائِلَةَ، إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ لَيْلًا لَأَجَابَ، قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنِّي إِذَا جَاءَ، فَسَوْفَ أَمُدُّ يَدِي إِلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكُمْ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ نَزَلَ وَهُوَ مُتَوَشِّحٌ، فَقَالُوا: نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الطِّيبِ، قَالَ: نَعَمْ تَحْتِي فُلَانَةُ هِيَ أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ، قَالَ: فَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ مِنْهُ، قَالَ: نَعَمْ فَشُمَّ، فَتَنَاوَلَ فَشَمَّ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَعُودَ، قَالَ: فَاسْتَمْكَنَ مِنْ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ، قَالَ: فَقَتَلُوهُ[3].

    و استدلوا بقصة قتل خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ قال عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ،: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ، وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ»، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرِ الصَّلَاةَ، فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً، نَحْوَهُ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ، قَالَ: إِنِّي لَفِي ذَاكَ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ[4] .


    و قال البعض :لا يصح أن يبيح الإسلام بعض الكذب ؛ لأن الكذب في أمر يؤدي إلي الكذب في باقي الأمور ومن يكذب في أمر لا يمكن تصديقه بعد ذلك ولا مصداقية له .

    وقال البعض : أنتم أيها المسلمون تدعون كمال ربكم فكيف يكون كاملا ،ويجيز لكم الكذب ،وإن قلتم الكذب حرام فكيف يجيز الكذب و يحرمه في نفس الوقت .

    و قد وجدت جل ما استدل به الملاحدة موجود بالنص في العديد من مواقع التنصير .


    [1] - رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 2692 ،ورواه مسلم في صحيحه حديث رقم 2605 واللفظ لمسلم
    [2] - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي 16/158
    [3] - رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 4037 و رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 1801 واللفظ لمسلم
    [4] - رواه أبو داود في سننه حديث رقم 1249 والحديث سكت عنه أبو داود فهو صالح للاحتجاج لكن الألباني ضعفه في صحيح وضعيف سنن أبي داود ثم تراجع عن ذلك وصححه في السلسلة الصحيحة حديث رقم 2981 .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مفهوم الكذب

    الْكَذِبَ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا[1] لكن لا يأثمُ في الجهل وإنما يأثمُ في العمد[2] فالمخطئ غير مأثوم بالإجماع[3].


    الأصل في الكذب الحرمة

    الكذب في الإسلام الأصل فيه الحرمة ،والدليل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فمنه قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ ( التوبة : 119 ) ، و الآية فيها الأمر بالتحلي بالتقوى و الصدق ،والأمر يفيد الوجوب ما لم تأت قرينة صارفة ،فالتحلي بالتقوى والصدق واجب مما يدل على حرمة التخلق بالفسوق والعصيان والكذب .

    وقال تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ ( النحل : 105 ) وقد دلت الآية أن الكذب من صفات الكفار ،وعليه فلا يجوز أن يتخلق به المؤمن .

    و أما السنة فمنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا »[4] ،والحديث نص في وجوب الصدق و حرمة الكذب .

    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : « آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ »[5] ،والحديث دل أن الكذب من صفات المنافقين ،وعليه فلا يجوز أن يتخلق به المؤمن .

    وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « وَيْلٌ للَّذي يُحَدِّثُ فيكذِبُ ليُضْحِكَ به القومَ، وَيْلٌ له، وَيْلٌ له »[6] ، وإذا كان من يكذب بنية إضحاك الناس توعد بالويل ،والويل هو كلمة للدعاء بالعذاب أو الهلاك أو الويل هو واد في جهنم فكيف بمن يكذب للإضرار بإنسان ؟! .


    و أما الإجماع فقد قال النووي – رحمه الله - : ( إجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريمه – أي الكذب - ) [7] ، وقال ابن حزم - رحمه الله - : (وَاتَّفَقُوا على تَحْرِيم الْكَذِب فِي غير الْحَرْب وَغير مداراة الرجل امْرَأَته وإصلاح بَين اثْنَيْنِ وَدفع مظْلمَة )[8].


    بطلان دعوى أن الإسلام يجيز الكذب

    من تدليسات الملاحدة و المنصرين دعواهم أن الكذب في الإسلام مباح ، و هذه فرية يغني فسادها عن إفسادها و يغني بطلانها عن إبطالها إذ الكذب محرم في الإسلام ، ونصوص الكتاب و السنة متضافرة على حرمة الكذب ،وقد أجمع العلماء على تحريمه .

    واستند الملاحدة و المنصرون في دعواهم إلى بعض النصوص التي ترخص في بعض حالات الكذب ،وهي ثلاث حالات : الكذب في الحرب و الكذب للإصلاح بين الناس ،والكذب بين الزوجين ،وما في معنى هذه الحالات كإنقاذ نفس من ظالم .

    وهذه الرخص من باب رفع الحرج و المشقة عن الناس و لدفع أعلى المفسدتين ،و ارتكاب أخف الضررين ، ومحل جواز الكذب في هذه الحالات إذا لم يفوت حقا للمكذوب عليه وإلا حرم، وهذه الحالات ما هي إلا رخص أي استثناء من أصل ،وليست قاعدة عامة .

    و إخراج بعض أفراد العام عن حكم العام لا يلغي عمومية العام فلو سرق طبيب لا نقول أن الأطباء سُراق ،ولو ارتشى مستشار لا نقول أن المستشارين مرتشون ،و الحكم على البعض ليس حكما على الكل فمن الجهل إطلاق القول بإباحة الكذب بناءا على الترخص في بعض أفراده ،وهذه الرخص لحالات معينة يجوز فيها الكذب فكيف ندعي عموميتها ؟!!
    والكلامَ وسيلةٌ إِلَى المقاصدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ محْمُودٍ يُمْكِن تحْصيلُهُ بغَيْر الْكَذِبِ يَحْرُمُ الْكذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمكِنْ تَحْصِيلُهُ إلاَّ بالكذبِ جازَ الْكذِبُ. ثُمَّ إنْ كانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المقْصُودِ مُباحاً كَانَ الْكَذِبُ مُباحاً، وإنْ كانَ واجِباً، كَانَ الكَذِبُ واجِباً، فإذا اخْتَفى مُسْلمٌ مِن ظالمٍ يُريدُ قَتلَه، أوْ أخْذَ مالِه، وأخَفي مالَه، وسُئِل إنسانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذبُ بإخفائِه، وكذا لو كانَ عِندهُ وديعَةٌ، وأراد ظالِمٌ أخذَها، وجبَ الْكَذِبُ بإخفائها، والأحْوطُ في هَذَا كُلِّه أنْ يُوَرِّي، ومعْنَى التَّوْرِيةِ: أنْ يقْصِد بِعبارَتِه مَقْصُوداً صَحيحاً ليْسَ هُوَ كاذِباً بالنِّسّبةِ إلَيْهِ، وإنْ كانَ كاذِباً في ظاهِرِ اللًّفظِ، وبِالنِّسْبةِ إِلَى مَا يفهَمهُ المُخَاطَبُ ولَوْ تَركَ التَّوْرِيةَ وَأطْلَق عِبارةَ الكذِبِ، فليْس بِحرَامٍ في هَذَا الحَالِ[9].


    من محاسن الشريعة ترخيصها للكذب في بعض الحالات

    إن ترخيص الشريعة للكذب في بعض الحالات يعد من محاسن الشريعة ،ودليل على مرونتها وعدالتها وموافقتها للعقل .

    و إباحة الكذب عند الاضطرار لجلب منفعة لا يستغنى عنها أو لدفع مضرة لا يمكن أن تدفع إلا بالكذب فيه مراعاة حال المضطر ،وتكليفه بما يستطيع و يقدر عليه ،وهذا دليل على عدالة الشريعة الإسلامية فلم تلزم الإنسان بما لا يستطيع تحمله ،ولم تلزمه بما لا يمكن فعله .
    و إباحة الكذب عند الاضطرار موافق لحكم العقل فالعقل يقضي بدفع الضرر والفرار منه وجلب ما فيه السلامة والنجاة ، ودفع أعلى المفسدتين بارتكاب أخفهما .
    و العقل يقضي بجواز الكذب في بعض الحالات من باب ارتكاب أخف الضررين و دفع أعلى المفسدتين ،و هذه أمثلة من هذا القبيل :

    مثال 1 : لو فر رجل مظلوم من ظالم يريد قتله و رأيت هذا الرجل المظلوم يختبئ في مكان تعرفه و سألك الظالم هل رأيت هذا الرجل هل تعلم أين اختبأ ؟ وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة قتل مظلوم فهل من العقل و المنطق و الأخلاق أن تدله على مكان الرجل المظلوم ليقتله ، وهل من العقل و المنطق و الأخلاق أن تقول للظالم نعم رأيت هذا الرجل و هو في المكان الفلاني أم ستكذب ليتمكن المظلوم من الهرب و بذلك تكون قد أنقذت روح رجل من الموت ؟

    مثال 2 : لو أراد مجرم أن يبطش بأخيك فسألك عن مكانه و أنت تعلمه وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة البطش بأخيك فهل ستقول الصدق ،وتقول هو في المكان الفلاني ،وبذلك تدله على مكان أخيك ليقتله أم ستكذب ؟

    مثال 3 : ماذا لو وقعت في يد رجل ظالم يقتل كل من هو من بلدة معينة ،و أنت من هذه البلدة فسألك هل أنت من هذه البلدة وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة قتل الظالم لك فهل من العقل أن تقول له نعم أنا من هذه البلدة أم ستكذب لتنجو بنفسك ؟

    مثال 4 : ماذا لو وقع بعض الجنود في الأسر و أخذ العدو يسألهم عن جيشهم و عدتهم و عتادهم وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة الإدلاء بمعلومات عن جيشهم وعدتهم وعتادهم فهل من العقل أن يخبروهم عن جيشهم وعدتهم وعتادهم و يصبحون خونة لبلدهم أم سيكذبون ؟!!!

    مثال 5 : ماذا لو كنت طبيبا و تعلم أن مريضا معينا في حالة خطرة ،ولو علم المريض بخطورة حالته ستسوء صحته ،وربما لا يتحمل هذا الخبر فيموت ،وسألك هذا المريض هل حالتي خطرة يا دكتور ؟ أصدقني يا دكتور ؟ وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة ازدياد سوء صحة المريض فهل من العقل و المنطق و الأخلاق أن تقول له نعم حالتك خطرة و بذلك تكون ساعدت في ازدياد سوء صحته أو ساعدت في موته أم ستكذب و تخبره أن حالته جيدة وتتحسن ؟!

    مثال 6 : ضابط يريد القبض على تجار مخدرات متلبسين بالجريمة فاضطر للكذب و إدعاء أنه يريد العمل معهم حتى يتمكن من مراقبتهم و القبض عليهم فهل العقل والمنطق يجيز مثل هذا العمل أم لا ؟

    مثال 7 : رجل تهيأت له زوجته وتصنعت وتعطرت و أعدت له أحسن الطعام و الشراب و لبست له أحسن الثياب إلا أن الزوج رأى في تصنعها شيئا يكرهه ثم سألته الزوجة ما رأيك هل ترى شيئا تكرهه ؟ فهل من الذوق و الأدب أن يقول لها نعم أرى منك كذا أكرهه أم يداريها ويقول لها لا أرى منك إلا الخير و الجمال ما شاء الله تبارك الخلاق وكلمات من هذا القبيل ؟ .

    و الصدق مع المرأة في بعض الحالات قد يؤدي إلى إيذاء العلاقة بين الزوجين و الإضرار بها كاعتراف الزوج بأمور تجرح مشاعر المرأة و تجعلها حزينة و غير قادرة على استمرار العلاقة معه في الكثير من الأحيان مع أن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة، والمحاسن التي يحبها غض الطرف عن صفاتها التي لا تعجبه ،وبذلك تدوم العشرة و الألفة بين الزوجين .



    [1] - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي 1/94
    - [2] الأذكار للنووي ص 582
    [3] - فتح الباري لابن حجر 1/201
    [4] - رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 2607
    [5] - رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 33 و رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 59
    [6] - رواه أبو داود في سننه حديث رقم 4990 ،ورواه النسائي في سننه حديث رقم 11061 ،ورواه الحاكم في المستدرك حديث رقم 142 ،ورواه الدارمي في سننه حديث رقم 2744 ،ورواه الطبراني في المعجم الكبير حديث رقم 951 ،ورواه البيهقي في السنن الكبرى حديث رقم 20825 ، و حسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود وقال الترمذي في سننه هذا حديث حسن 4/135 حديث رقم 2315
    [7] - الأذكار للنووي ص 377
    [8] - مراتب الإجماع لابن حزم ص 157
    [9] - رياض الصالحين للنووي ص 439
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مفهوم الكذب

    الْكَذِبَ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا[1] لكن لا يأثمُ في الجهل وإنما يأثمُ في العمد[2] فالمخطئ غير مأثوم بالإجماع[3].


    الأصل في الكذب الحرمة

    الكذب في الإسلام الأصل فيه الحرمة ،والدليل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فمنه قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ ( التوبة : 119 ) ، و الآية فيها الأمر بالتحلي بالتقوى و الصدق ،والأمر يفيد الوجوب ما لم تأت قرينة صارفة ،فالتحلي بالتقوى والصدق واجب مما يدل على حرمة التخلق بالفسوق والعصيان والكذب .

    وقال تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ ( النحل : 105 ) وقد دلت الآية أن الكذب من صفات الكفار ،وعليه فلا يجوز أن يتخلق به المؤمن .

    و أما السنة فمنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا »[4] ،والحديث نص في وجوب الصدق و حرمة الكذب .

    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : « آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ »[5] ،والحديث دل أن الكذب من صفات المنافقين ،وعليه فلا يجوز أن يتخلق به المؤمن .

    وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « وَيْلٌ للَّذي يُحَدِّثُ فيكذِبُ ليُضْحِكَ به القومَ، وَيْلٌ له، وَيْلٌ له »[6] ، وإذا كان من يكذب بنية إضحاك الناس توعد بالويل ،والويل هو كلمة للدعاء بالعذاب أو الهلاك أو الويل هو واد في جهنم فكيف بمن يكذب للإضرار بإنسان ؟! .


    و أما الإجماع فقد قال النووي – رحمه الله - : ( إجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريمه – أي الكذب - ) [7] ، وقال ابن حزم - رحمه الله - : (وَاتَّفَقُوا على تَحْرِيم الْكَذِب فِي غير الْحَرْب وَغير مداراة الرجل امْرَأَته وإصلاح بَين اثْنَيْنِ وَدفع مظْلمَة )[8].


    بطلان دعوى أن الإسلام يجيز الكذب

    من تدليسات الملاحدة و المنصرين دعواهم أن الكذب في الإسلام مباح ، و هذه فرية يغني فسادها عن إفسادها و يغني بطلانها عن إبطالها إذ الكذب محرم في الإسلام ، ونصوص الكتاب و السنة متضافرة على حرمة الكذب ،وقد أجمع العلماء على تحريمه .

    واستند الملاحدة و المنصرون في دعواهم إلى بعض النصوص التي ترخص في بعض حالات الكذب ،وهي ثلاث حالات : الكذب في الحرب و الكذب للإصلاح بين الناس ،والكذب بين الزوجين ،وما في معنى هذه الحالات كإنقاذ نفس من ظالم .

    وهذه الرخص من باب رفع الحرج و المشقة عن الناس و لدفع أعلى المفسدتين ،و ارتكاب أخف الضررين ، ومحل جواز الكذب في هذه الحالات إذا لم يفوت حقا للمكذوب عليه وإلا حرم، وهذه الحالات ما هي إلا رخص أي استثناء من أصل ،وليست قاعدة عامة .

    و إخراج بعض أفراد العام عن حكم العام لا يلغي عمومية العام فلو سرق طبيب لا نقول أن الأطباء سُراق ،ولو ارتشى مستشار لا نقول أن المستشارين مرتشون ،و الحكم على البعض ليس حكما على الكل فمن الجهل إطلاق القول بإباحة الكذب بناءا على الترخص في بعض أفراده ،وهذه الرخص لحالات معينة يجوز فيها الكذب فكيف ندعي عموميتها ؟!!
    والكلامَ وسيلةٌ إِلَى المقاصدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ محْمُودٍ يُمْكِن تحْصيلُهُ بغَيْر الْكَذِبِ يَحْرُمُ الْكذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمكِنْ تَحْصِيلُهُ إلاَّ بالكذبِ جازَ الْكذِبُ. ثُمَّ إنْ كانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المقْصُودِ مُباحاً كَانَ الْكَذِبُ مُباحاً، وإنْ كانَ واجِباً، كَانَ الكَذِبُ واجِباً، فإذا اخْتَفى مُسْلمٌ مِن ظالمٍ يُريدُ قَتلَه، أوْ أخْذَ مالِه، وأخَفي مالَه، وسُئِل إنسانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذبُ بإخفائِه، وكذا لو كانَ عِندهُ وديعَةٌ، وأراد ظالِمٌ أخذَها، وجبَ الْكَذِبُ بإخفائها، والأحْوطُ في هَذَا كُلِّه أنْ يُوَرِّي، ومعْنَى التَّوْرِيةِ: أنْ يقْصِد بِعبارَتِه مَقْصُوداً صَحيحاً ليْسَ هُوَ كاذِباً بالنِّسّبةِ إلَيْهِ، وإنْ كانَ كاذِباً في ظاهِرِ اللًّفظِ، وبِالنِّسْبةِ إِلَى مَا يفهَمهُ المُخَاطَبُ ولَوْ تَركَ التَّوْرِيةَ وَأطْلَق عِبارةَ الكذِبِ، فليْس بِحرَامٍ في هَذَا الحَالِ[9].


    من محاسن الشريعة ترخيصها للكذب في بعض الحالات

    إن ترخيص الشريعة للكذب في بعض الحالات يعد من محاسن الشريعة ،ودليل على مرونتها وعدالتها وموافقتها للعقل .

    و إباحة الكذب عند الاضطرار لجلب منفعة لا يستغنى عنها أو لدفع مضرة لا يمكن أن تدفع إلا بالكذب فيه مراعاة حال المضطر ،وتكليفه بما يستطيع و يقدر عليه ،وهذا دليل على عدالة الشريعة الإسلامية فلم تلزم الإنسان بما لا يستطيع تحمله ،ولم تلزمه بما لا يمكن فعله .
    و إباحة الكذب عند الاضطرار موافق لحكم العقل فالعقل يقضي بدفع الضرر والفرار منه وجلب ما فيه السلامة والنجاة ، ودفع أعلى المفسدتين بارتكاب أخفهما .
    و العقل يقضي بجواز الكذب في بعض الحالات من باب ارتكاب أخف الضررين و دفع أعلى المفسدتين ،و هذه أمثلة من هذا القبيل :

    مثال 1 : لو فر رجل مظلوم من ظالم يريد قتله و رأيت هذا الرجل المظلوم يختبئ في مكان تعرفه و سألك الظالم هل رأيت هذا الرجل هل تعلم أين اختبأ ؟ وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة قتل مظلوم فهل من العقل و المنطق و الأخلاق أن تدله على مكان الرجل المظلوم ليقتله ، وهل من العقل و المنطق و الأخلاق أن تقول للظالم نعم رأيت هذا الرجل و هو في المكان الفلاني أم ستكذب ليتمكن المظلوم من الهرب و بذلك تكون قد أنقذت روح رجل من الموت ؟

    مثال 2 : لو أراد مجرم أن يبطش بأخيك فسألك عن مكانه و أنت تعلمه وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة البطش بأخيك فهل ستقول الصدق ،وتقول هو في المكان الفلاني ،وبذلك تدله على مكان أخيك ليقتله أم ستكذب ؟

    مثال 3 : ماذا لو وقعت في يد رجل ظالم يقتل كل من هو من بلدة معينة ،و أنت من هذه البلدة فسألك هل أنت من هذه البلدة وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة قتل الظالم لك فهل من العقل أن تقول له نعم أنا من هذه البلدة أم ستكذب لتنجو بنفسك ؟

    مثال 4 : ماذا لو وقع بعض الجنود في الأسر و أخذ العدو يسألهم عن جيشهم و عدتهم و عتادهم وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة الإدلاء بمعلومات عن جيشهم وعدتهم وعتادهم فهل من العقل أن يخبروهم عن جيشهم وعدتهم وعتادهم و يصبحون خونة لبلدهم أم سيكذبون ؟!!!

    مثال 5 : ماذا لو كنت طبيبا و تعلم أن مريضا معينا في حالة خطرة ،ولو علم المريض بخطورة حالته ستسوء صحته ،وربما لا يتحمل هذا الخبر فيموت ،وسألك هذا المريض هل حالتي خطرة يا دكتور ؟ أصدقني يا دكتور ؟ وهنا نحن أمام مفسدتين مفسدة الكذب ، وهي صغرى بالنسبة لمفسدة ازدياد سوء صحة المريض فهل من العقل و المنطق و الأخلاق أن تقول له نعم حالتك خطرة و بذلك تكون ساعدت في ازدياد سوء صحته أو ساعدت في موته أم ستكذب و تخبره أن حالته جيدة وتتحسن ؟!

    مثال 6 : ضابط يريد القبض على تجار مخدرات متلبسين بالجريمة فاضطر للكذب و إدعاء أنه يريد العمل معهم حتى يتمكن من مراقبتهم و القبض عليهم فهل العقل والمنطق يجيز مثل هذا العمل أم لا ؟

    مثال 7 : رجل تهيأت له زوجته وتصنعت وتعطرت و أعدت له أحسن الطعام و الشراب و لبست له أحسن الثياب إلا أن الزوج رأى في تصنعها شيئا يكرهه ثم سألته الزوجة ما رأيك هل ترى شيئا تكرهه ؟ فهل من الذوق و الأدب أن يقول لها نعم أرى منك كذا أكرهه أم يداريها ويقول لها لا أرى منك إلا الخير و الجمال ما شاء الله تبارك الخلاق وكلمات من هذا القبيل ؟ .

    و الصدق مع المرأة في بعض الحالات قد يؤدي إلى إيذاء العلاقة بين الزوجين و الإضرار بها كاعتراف الزوج بأمور تجرح مشاعر المرأة و تجعلها حزينة و غير قادرة على استمرار العلاقة معه في الكثير من الأحيان مع أن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة، والمحاسن التي يحبها غض الطرف عن صفاتها التي لا تعجبه ،وبذلك تدوم العشرة و الألفة بين الزوجين .



    [1] - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي 1/94
    - [2] الأذكار للنووي ص 582
    [3] - فتح الباري لابن حجر 1/201
    [4] - رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 2607
    [5] - رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 33 و رواه مسلم في صحيحه حديث رقم 59
    [6] - رواه أبو داود في سننه حديث رقم 4990 ،ورواه النسائي في سننه حديث رقم 11061 ،ورواه الحاكم في المستدرك حديث رقم 142 ،ورواه الدارمي في سننه حديث رقم 2744 ،ورواه الطبراني في المعجم الكبير حديث رقم 951 ،ورواه البيهقي في السنن الكبرى حديث رقم 20825 ، و حسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود وقال الترمذي في سننه هذا حديث حسن 4/135 حديث رقم 2315
    [7] - الأذكار للنووي ص 377
    [8] - مراتب الإجماع لابن حزم ص 157
    [9] - رياض الصالحين للنووي ص 439
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي


    نظرات في استدلالات الملاحدة


    استدل الملاحدة – هداهم الله - بقوله تعالى : ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ ( النحل : 106 ) و قالوا الآية تجيز الكذب من أجل الحفاظ على الحياة فإذا اضطروك للكذب و إنكار الإيمان فأفعل و إباحة الكذب عند الاضطرار للحفاظ على النفس من الهلاك من محاسن الشريعة و دليل على مراعاتها الأحوال المختلفة للناس فلا تعامل المضطر معاملة غيره .


    والأمور التي يكذب فيها الإنسان لدفع ضرر محقق عن نفسه أو عرضه لا يدفع إلا بالكذب هي في أصلها ممنوعة ولكن الله أباحها للضرورة إذ الضرورات تبيح المحظورات ، ويجوز دفع أعلى المفسدتين بارتكاب أخفهما وما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (البقرة : 173 )

    ودفع الإنسان الضرر عن نفسه من باب المحافظة على النفس ،ولا يجوز للإنسان أن يضرّ بنفسه تعالى: قال تعالى : ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ (البقرة : 195 )

    و اقتضت حكمة الله رفع الضرر عن المكلفين ما أمكن، فإن لم يمكن رفعه إلا بضرر أعظم منه، بقَّاه على حاله، وإن أمكن رفعه بالتزام ضرر دونه رفعه به[1].


    و استدل الملاحدة – هداهم الله - بقول النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا [2] ،و قَالَ الْقَاضِي : لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ [3] ،وترخيص الكذب في هذه الحالات من سماحة و عدالة الشريعة و دليل على مرونة الشريعة و مراعاتها لأحوال الناس المختلفة .


    ومفسدة الكذب تعتبر مفسدة صغرى إذا قورنت بمفسدة فساد ذات البين و مفسدة العداوة بين الناس ، ومفسدة الكذب تعتبر مفسدة صغرى إذا قورنت بمفسدة إفشاء أسرار الدولة و خيانة الدولة .
    ومفسدة الكذب بين الزوجين تعتبر مفسدة صغرى إذا كان الغرض المحافظة على الحياة الزوجية ومنع هدمها و لحصول الألفة بين الزوجين بشرط ألا يترتب على هذا الكذب إضاعة حق فإذا سأل الزوج زوجته هل تحبه فعليها أن تجيبه بنعم وإن كانت تكرهه محافظة على بقاء الأسرة واستمرارية الحياة الزوجية ،وإذا سألت الزوجة زوجها هل تحبني فعليه أن يجيبها بنعم و إن كان يكرهها محافظة على بقاء الأسرة واستمرارية الحياة الزوجية ،وهذا من باب الملاطفة والمؤانسة وحسن العشرة .

    و استدل الملاحدة بقصة قتل كعب ابن الأشرف ،و من المعلوم أن كعبا كان شاعرا، فهجا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، وشبب بنسائهم، وبكى على قتلى بدر، وحرض المشركين بالشعر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [4] .

    وهذه الأسباب أستحق بسببها القتل جزاءا وفاقا فقد هجا نبي الأمة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهجا أصحابه و تغزل بنساء المسلمين ووصف جمالهن وحرض المشركين على قتال نبي الأمة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ،ولو أن رجلا سب رئيس دولة وأهل دولة معينة فقتلوه لما تكلم أحد ،ولو أن رجلا حرض على حرب دولة فأمسك أهلها به وقتلوه لما تكلم أحد ،وما فعله محمد بن مسلمة ما هو إلا حيلة لقتل من يستحق القتل بأمر من حاكم الدولة الإسلامية .

    وهل يريد الملحد أن يترك من يهين دولته و يسب أهلها و يحرض على حربها ؟!!
    و استدلوا بقصة قتل خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ وخالد بن سفيان الهُذلي كان يُجَمِّع العرب في بطن عُرْنَة لقتال النبي - صلى الله عليه وسلم –[5] فأستحق بسبب ذلك القتل جزاءا وفاقا ،ولو أن رجلا جمع بعض الناس لقتال قرية من القرى فأمسك أهلها به وقتلوه لما تكلم أحد ،وما فعله عبد الله بن أنيس ما هو إلا حيلة لقتل من يستحق القتل بأمر من حاكم الدولة الإسلامية .

    وهل يريد الملحد أن يترك من يحرض على حرب بلاده ،ويجمع الناس لتدمير بلاده ؟!!

    أيها الأخوة إن الملحد يمدح كذب أحد رجال الشرطة على سفاح أو مجرم ليتمكن منه و يقتله أو يسلمه للدولة فتعدمه ليستريح منه الناس لكن عندما يفعل مثل هذا أحد المسلمين بأمر من حاكم الدولة الإسلامية يشنع الأمر ،وهذا تناقض .



    و قال البعض :لا يصح أن يبيح الإسلام بعض الكذب ؛ لأن الكذب في أمر يؤدي إلي الكذب في باقي الأمور ومن يكذب في أمر لا يمكن تصديقه بعد ذلك ولا مصداقية له ،والجواب حقا من يكذب في أمر يكذب في باقي الأمور ومن يكذب في أمر لا يمكن تصديقه بعد ذلك لكن هذا في حق غير المضطر و غير المجبر و غير المكره فمن كذب لينجو من بطش ظالم و ليس له سبيل للنجاة إلا الكذب لا يقال أنه كذاب أو سيكذب في باقي الأمور أو لا يمكن تصديقه بعد ذلك ،ومن كذب لأخذ حقه ،وليس له سبيل لأخذ حقه إلا بالكذب لا يقال لا يقال أنه كذاب أو سيكذب في باقي الأمور أو لا يمكن تصديقه بعد ذلك .


    وقال البعض : أنتم أيها المسلمون تدعون كمال ربكم فكيف يكون كاملا ،ويجيز لكم الكذب ،وإن قلتم الكذب حرام فكيف يجيز الكذب و يحرمه في نفس الوقت ،والجواب أن ترخيص الكذب في بعض الحالات من كمال عدل الله و من كمال علمه فهو يعلم أن المضطر و المكره و المجبر لا يقدر على الصدق في هذه الحالات فأجاز له الكذب حتى تزول ضرورته رحمة به ولعلمه بحاله .

    أما قولهم : إن قلتم الكذب حرام فكيف يجيز الكذب و يحرمه في نفس الوقت ،والجواب مورد النهي ليس مورد الإباحة فالجهة منفكة فالنهي في حالة عدم الاضطرار و في حالة حرية الاختيار أما الإباحة فهي في حالة الاضطرار و عدم الاختيار .

    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات


    مراجع المقال :
    المنتظم في تاريخ الأمم والملوك لابن الجوزي
    المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي
    الأذكار للنووي
    إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم
    سنن أبي داود
    سنن الترمذي
    سنن الدارمي
    صحيح البخاري
    صحيح مسلم
    رياض الصالحين للنووي
    مراتب الإجماع لابن حزم
    مستدرك الحاكم
    فتح الباري لابن حجر




    [1] - إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 2/92
    [2] - رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 2692 ،ورواه مسلم في صحيحه حديث رقم 2605 واللفظ لمسلم
    [3] - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي 16/158
    [4] - المنتظم في تاريخ الأمم والملوك لابن الجوزي 3/158
    [5] - انظر تاريخ الإسلام للذهبي 2/198 ،والبداية والنهاية لابن كثير 4/160
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

صفحة 5 من 9 الأولىالأولى ... 34567 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء