صفحة 2 من 9 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 124

الموضوع: كي لا تنخدع بالإلحاد ( متجدد )

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الملحد ووهم أزلية المادة والكون
    د.ربيع أحمد

















    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    و في هذا المقال سنتناول بإذن الله النقض لأحد هذه الشبه والمغالطات والدعاوي وهو قولهم بأزلية المادة و أزلية الكون فعندما تسأل أحد الملاحدة عمن أوجد المادة يجيب : المادة أزلية موجودة منذ الأزل فليست بحاجة إلى خلق وخالق ، وعندما تسأل أحدهم عمن خلق الكون يجيب : الكون وجد منذ الأزل ،والكون ليس إلا مادة وطاقة ومادة الكون أزلية والكون أزلي ليس بحاجة لخالق .ويستدل بعضهم بأن المادة لا تفنى و لا تستحدث من عدم ،ويستدل بعضهم بنظرية الحالة المستقرة ،وبعضهم يستدل بفرضية الكون المتذبذب ،وبعضهم يقول أن المفردة التي نشأ منها الكون أزلية ،وكل هذه الأقوال ظنون و أوهام لا تغني من الحق شيئا .

    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي


    ما هي المادة ؟ وما هو الكون ؟ وما صفات الشيء الأزلي ؟

    وقبل نقض شبهة أزلية المادة والكون لابد أن نعرف ما هي المادة ؟ وما هو الكون ؟ وما صفات الشيء الأزلي ؟ و كلنا نعلم أن المادة هي كل ما له كتلة وحجم ويشغل حيز في الفراغ ،ومن أمثلة المادة : الماء ،والهواء ،والكواكب ،والنجوم ،والنباتات ،والجمادات ،والحيوانات وغير ذلك .

    و الكون هو ذلك الفضاء المحيط بنا و كل ما يحويه من مجرات و نجوم وكواكب وغير ذلك .

    وكلنا يعلم أن الأزلي ما ليس لوجوده بداية فوجوده ذاتي لا ينفك عنه أي يبقى إلى الأبد ،ولا يعتمد في وجوده ولا استمرار وجوده على غيره فهو مستغن عن غيره و لا يتبدل و لا يتغير .



    تحول المادة لطاقة ينافي الأزلية

    ومن المعلوم أن المادة يمكن أن تتحول إلى طاقة ،والطاقة يمكن أن تتحول إلى مادة طبقا لقوانين معينة ،وهذا يدل أن الوجود ليس صفة ذاتية ملازمة للمادة أو الطاقة إذ لو كان الوجود صفة ذاتية ملازمة للمادة لما انفك عن المادة وفارقها بأي حال من الأحوال ،و لو كان الوجود صفة ذاتية ملازمة للطاقة لما انفك عن الطاقة وفارقها بأي حال من الأحوال أي أن الوجود صفة عارضة للمادة والطاقة تعترض المادة أو الطاقة في بعض الأحوال ،وتنفك عن المادة أو الطاقة في بعض الأحوال ،وهذا يستلزم أن يكون لوجود المادة بداية أي المادة محدثة ليست أزلية ،وكل محدَث له محدِث.


    تحول المادة من صورة لأخرى ينافي الأزلية

    ومن المعلوم أن المادة يمكن أن تتحول من صورة لصورة أخرى طبقا لقوانين معينة ،والتحول والتغير يدل أن بقاء المادة في صورة معينة يحتاج شروط معينة خارجة عن ذاتها فإذا زالت تلك الشروط زالت تلك الهيئة والصورة أي المادة تحتاج شروط معينة كي تبقى على صورة معينة وحاجة الشيء إلى غيره تعني أنه غير مستغني بنفسه عن غيره ، وهذا معناه أنه غير قائم بذاته أي يحتاج إلى من يقيمه أي يحتاج إلى غيره ،وهذا ينافي الأزلية .



    خضوع المادة لقوانين لا تحيد عنها ينافي الأزلية

    ومن المعلوم أن أي مادة من المواد في الكون تخضع لقوانين معينة ،ولا تستطيع المادة الخروج عن هذه القوانين ،ويستحيل عليها تغييرها ،ولو كانت هذه القوانين من المادة نفسها لكان بإمكانها أن تغيرها لكن الواقع أنها لا تستطيع تغييرها , ولا الخروج عنها وإنما هي مفروضة عليه فرضا , فدل ذلك على أن هذه القوانين ليست من المادة و بالتالي فهي مفروضة من غيرها ،ووجود قانون ما يدل على وجود مقنن واضع لهذا القانون سبق القانون ،والمادة تحكمها قوانين ،ومقنن القوانين وواضعها سابق للقوانين مما ينافي القول بأزلية المادة ،وإذا كان للمادة قدر لا تستطيع تجاوزه وتعجز عنده فهي مخلوقة لا محالة .

    احتجاج الملاحدة بأن المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم على أزلية المادة

    يحتج بعض الملاحدة على أزلية بأن المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم معللين ذلك بعلة عليلة فيقولون إذا كان في وقت من الأوقات لم يكن هناك شيء في الوجود أي لم يكن هناك وجود للمادة، فمن أين لها أن تنشأ؟! ولكن وجود المادة يعني أنها لم تنشأ في أي وقت من الأوقات ،و في الطبيعة لا ينشأ شيء من لا شيء ،والجواب على هذا الاستدلال السقيم أن الخالق لا يعجزه شيء ، وإذا كان المخلوق لا يمكنه أن يصنع شيئا من لا شيء فالخالق قدرته ليس لها حدود، فهو على كل شيء قدير قادر على خلق الأشياء من عدم ،و قادر على خلق الأشياء من جنسها ،و قادر على خلق الأشياء من غير جنسها و قادر على إفناء الأشياء ، قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ ( يس : الآية 82 ) ، والعلم لا يدري ماذا كان قبل الانفجار ،ولا يدري من أين جاءت المادة التي نشأ منها الكون ؟ فلا ينبغي علينا أن نتكلم فيما لا نعلمه ،و قال تعالى : ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ ( الإسراء الآية 36 ) ،وكون المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم فهذا كلام تجريبي على المادة التي نتعامل معها و نختبرها أما المادة الأولى لنشأة الكون فلا سبيل للعلم للوصول إليها فضلا عن أن يختبرها .

    دعوى الملاحدة أن المفردة التي نشأ منها الكون أزلية

    ادعي بعض الملاحدة أن المفردة التي نشأ منها أو المادة التي نشأ منها أو السديم أو المادة الأولى للكون أزلية ،وهذا كلام بلا دليل ،والجواب عليه من وجوه :
    الوجه الأول : أن العلم لا يدري ماذا كان قبل الانفجار ،و لا يدري من أين جاءت المادة التي نشأ منها الكون و تطور منها كل شيء ؟
    الوجه الثاني : ليس هناك ما يدعو إلى أن المادة و الطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم .
    الوجه الثالث : الفضاء والزمان وجدوا مع الانفجار العظيم ، والمادة هي كل ما له كتلة وحجم ويشغل حيز في الفراغ أي المادة تحتاج لمكان أو حيز ليحويها ،وبالتالي لا مادة دون وجود المكان الذي سيحويها .
    الوجه الرابع : كون الكون تطور من المادة الأولى إلى الحالة التي هو عليها فهذا يدل أن المادة الأولى قد طرأ عليها التغير و التبدل ،وما يجري عليه التغير والتبدل لا يكون أزليا ؛ لأن كل ما يتغير و يتبدل لا بد له من مغيِّر و مبدل أي لابد له من سبب يغيره و يبدله ،وهذا السبب لابد أن يكون سابقا له مما ينافي الأزلية ،و مادامت المادة الأولى احتاجت إلى سبب يغيرها من حال إلى حال و سبب يبدلها من حال إلى حال فالمادة محتاجة إلى غيرها غير مستغنية بنفسها مما يدل أن المادة حادثة ،و لو كان الأصل فيها الوجود الأزلي لم تكن عرضة للتحول والتغير والتبدل .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي


    الكون ممكن الوجود ،وهذا ينافي الأزلية

    هذا الكون بكل ما فيه من مجرات و نجوم وكواكب وبحار و أنهار و محيطات و نباتات وحيوانات وغير ذلك يقبل الوجود و العدم فإننا نرى أعيان ما في الكون تموت وتحيى ، و توجد و تنعدم ،و كانت غير موجودة ثم وجدت ،ونعلم أن المجرات و النجوم و الكواكب و الحيوانات و النباتات و الجمادات لم تكن موجودة ثم وجدت ،وعليه فلا مانع عقلا من انعدام الكون ،و لا يلزم من فرض وجود الكون محال ،و لا يلزم من فرض عدمه محال ،وهذه صفات ممكن الوجود ،وممكن الوجود الأصل فيه العدم إذ لو كان الأصل فيه الوجود لكان واجب الوجود فلا يكون مع ذلك ممكن الوجود والعدم ، وإذ كان الكون مسبوقا بالعدم فلابد من وجود من رجح وجود الكون على عدمه لبطلان الترجيح بلا مرجح ،و الممكن لا يوجد بنفسه بل بغيره ولا يكون كذلك إلا ما كان محدثاً ،وهذا ينافي الأزلية .


    القول بأزلية الكون يستلزم وجود أحداث لا نهائية تمت في الكون وهذا باطل

    القول بأزلية الكون يستلزم وجود أحداث لا نهائية تمت في الكون ،و لا يمكن أن يكون هناك عدد لانهائي من الأحداث تم في الكون ؛ لأن أحداث الماضي واقعية ، و ليست مجرد أفكارا ، فإن عدد أحداث الماضي يجب أن يكون نهائياً أي يجب أن يكون له بداية .


    الكون بالموجودات التي فيه يعتريه التغير و التبدل،وهذا ينافي القول بأزليته

    الكون يحمل دائما صفات حدوثه إذ من المشاهد أن الكون بالموجودات التي فيه من مجرات ونجوم وكواكب و غير ذلك يتغير من حال إلى حال ،ويتبدل من حال إلى حال ، وكل ما يتغير و يتبدل لا بد له من مغيِّر و مبدل أي لابد له من سبب يغيره و يبدله ،وهذا السبب لابد أن يكون سابقا له مما ينافي الأزلية ،و مادام الكون يحتاج إلى سبب يغيره من حال إلى حال و سبب يبدله من حال إلى حال فالكون محتاج إلى غيره غير مستغن بنفسه مما يدل أن الكون حادث ،و لو كان الأصل في الكون و الموجودات التي به الوجود الأزلي لم يكن عرضة للتحول والتغير والتبدل .
    و قال الشيخ عبد الرحمن الميداني – رحمه الله - : ( فالأدلة العقلية الفلسفية تثبت لنا حدوث العالم من ظاهرة التغير الملازمة لكل شيء فيه، وذلك لأن التغير نوع من الحدوث للصورة والهيئة والصفات، وهذا الحدوث لا بد له من علة ، وتسلسلاً مع العلل للمتغيرات الأولى، سنصل حتماً إلى نقطة بدء نقرر فيها أن هذا الكون له بداية، في صفاته وأعراضه، وفي ذاته ومادته الأولى، وحينما نصل إلى هذه الحقيقة لا بد أن نقرر أن خالقاً أزلياً لا يمكن أن يتصف بصفات تقتضي حدوثه، وهذا الخالق هو الذي خلق هذا الكون وأمده بالصفات التي هو عليها ) .





    الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته في حركة دائرية مما ينافي الأزلية

    من المعلوم أن الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته في حركة دائرية ، و على سبيل المثال : الإلكترون يدور حول نواة الذرة ،والأرض تدور حول الشمس ،والقمر يدور حول الأرض ،و المجموعة الشمسية تدور حول مركز المجرة ، و المجرة تدور حول مركز تجمع مجري ،والشيء الدائر لابد أن تكون له نقطة بداية بدأ منها دورته ،وبما أن الكون بأكمله في حركة دائرية فلابد أن تكون له بداية بدأ منها ،وهذا ينافي الأزلية .



    استمرار انتقال الحرارة من الأجسام الساخنة إلى الأجسام الباردة ينافي أزلية الكون

    حسب قانون الديناميكا الحراري الثاني فإن الحرارة تنتقل من الجسم الساخن إلى الجسم البارد ،و الطاقة المركزة الموجودة في نظام معزول تنتشر وتتوزع فيه بالتساوي مع مرور الزمن ،و الاختلافات في تركيز الطاقة تختفي بمرور الوقت ، وتتساوى درجة الحرارة بمرور الوقت ومعنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها حرارة جميع الأجسام وينضب فيها معين الطاقة ,وهو ما يعرف بالموت الحراري ،وعندها لن تكون هناك عمليات كيميائية أو فيزيائية ، ولن يكون هناك أي أثر للحياة نفسها في هذا الكون ،ولما كانت الحياة ما زالت قائمة ،و العمليات الكيميائية والفيزيائية مازالت مستمرة فهذا يستلزم أن الكون لا يمكن أن يكون أزلياً ، وإلا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد وتوقف كل نشاط في الوجود .
    ظاهرة الإشعاع الحراري تنافي أزلية الكون

    من المعلوم أن الأجسام الساخنة تشع طاقة حرارية ويطلق على الإشعاعات الصادرة عن الأجسام بفعل حرارتها اسم الإشعاع الحراري ، ومن الأجسام التي تشع طاقة حرارية النجوم ،و الكون مليء بالعديد من النجوم ،و هذه النجوم عبارة عن أجرام سماوية شديدة الحرارة ملتهبة مشتعلة تبعث العديد من الإشعاعات ، وموت النجوم يكون بانتهاء وقودها من غاز الهيدروجين الذي يزودها بالطاقة فإذا ما نفدت هذه المادة انكمش النجم و تقلص حجمه إلى أقل مما كان عليه بملايين المرات ثم انهار و فقد نشاطه ، و ما دامت الشمس و الكثير من النجوم مازالت مشتعلة وتبعث الإشعاعات، إذن فلا بد من وجود بداية لها؛ لأنها لو كانت أزلية لنفد وقودها منذ مليارات السنوات.
    .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي


    نظرية الانفجار العظيم تنافي أزلية الكون

    تقول نظرية الانفجار العظيم Big Bang إن الكون نشأ من كتلة واحدة ثم انفجرت وتباعدت أجزاؤها وتناثرت ،وفي اللحظات الأولى من الانفجار الهائل ارتفعت درجة الحرارة إلى عدة تريليونات، حيث خلقت فيها أجزاء الذرات، ومن هذه الأجزاء خلقت الذرات، وهي ذرات الهيدروجين والهليوم، ومن هذه الذرات تألف الغبار الكوني الذي نشأت منه المجرات فيما بعد، ثم تكونت النجوم والكواكب، وما زالت تتكون حتى وصل الكون إلى ما نراه عليه اليوم ،ومادام الكون له بداية فكيف يكون أزليا ؟!!.

    و من أدلة حدوث الانفجار العظيم : وفرة غاز الهيدروجين و الهيليوم في الكون ،و إشعاع الخلفية الكونية ،و توسع الكون باستمرار .

    و نعلم أن أي انفجار لا يكون إلا مخربًا وهادمًا ومشتتًا ومبعثرًا للمواد، ولكن عندما نرى أن انفجارًا بهذا العنف وبهذا الهول يؤدي إلى تشكيل وتأسيس كون منظم غاية النظام، فإن هناك إذن وراءه يد قدرة وعلم وإرادة فوق الطبيعة ،وهي يد الله – سبحانه وتعالى - .

    وفرة غاز الهيدروجين و الهيليوم في الكون تنافي أزلية الكون

    وجد العلماء أن غاز الهيدروجين يكون أكثر قليلاً من (74%) من مادة الكون، ويليه في النسبة غاز الهليوم الذي يكون حوالي (24%) من تلك المادة ، ومعنى ذلك أن أخف عنصرين يكونان معاً أكثر من (98%) من مادة الكون المنظور، أما بقية العناصر مجتمعة فتكون أقل من (2%) من مادة الكون ، ونسب وجود غازَي الهيدروجين والهليوم في الكون تتطابقان مع حسابات نظرية الانفجار العظيم ، ولو كان الكون أزليًّا لاحترق جميع الهيدروجين وتحول إلى غاز الهليوم.




    احتجاج الملاحدة بنظرية الحالة الثابتة أو نظرية الحالة المستقرة على أزلية الكون


    يحتج الكثير من الملاحدة بنظرية الحالة الثابتة أو نظرية الحالة المستقرة Steady State theory أو نظرية الكون اللامتناهي أو الخلق المستمر على أن الكون أزلي ،وموجود منذ الأبد لا يتغير ،وهذه النظرية عبارة عن نموذج تم تطويره في عام 1949 من قبل فريد هويلو توماس غولد و هيرمانبوندي وآخرون كبديل عن نظرية الانفجار العظيم ،وحسب نظرية الحالة الثابتة، هناك مادة جديدة تتشكل وتخلق باستمرار مع توسع وتمدد الكون، بحيث يؤمن الحفاظ على المبدأ الكوني المثالي ،وقد تراجع الكثير من العلماء عنها في أواخر الستينات مع اكتشافهم إشعاع الخلفية الكونية cosmic background radiation .

    و إشعاع الخلفية الكونية ما هو إلا ضوء خافت يملأ الكون ساقطاً نحو الأرض من كل الاتجاهات بشدة ثابتة تقريباً , و يمكن القول أنه الحرارة المتبقية من الخلق – بقايا التوهج الناتج عن الانفجار الأعظم – التي ظلت تتدفق عبر الفضاء خلال ال 14 مليار سنة الماضية فعندما كان الكون صغيرا جدا وقبل تكون النجوم والمجرات كان شديد الحرارة ، وكان يملأه دخان ساخن جدا موزعا توزيعا متساويا في جميع أنحائه، ومكونات هذا الدخان كانت بلازما الهيدروجين، أي بروتونات وإلكترونات حرة من شدة الحرارة وعظم الطاقة التي تحملها.

    وبدأ الكون يتمدد ويتسع فبدأت بالتالي درجة حرارة البلازما تنخفض، إلى الحد الذي تستطيع فيه البروتونات الاتحاد مع الإلكترونات مكونة ذرات الهيدروجين، وأصبح الكون مضيئا وانتهت فترة الظلمة، وكانت الفوتونات الموجودة تنتشر في جميع الأرجاء إلا أن طاقتها بدأت تضعف حيث يملأ نفس عدد الفوتونات الحجم المتزايد بسرعة للكون، وهذه الفوتونات هي التي تشكل اليوم إشعاع الخلفية الكونية ، وانخفضت درجة حرارتها عبر نحو 14 مليار سنة الماضية هي العمر المقدر فلكيا للكون .


    و يعتبر إشعاع الخلفية الكونية من الأدلة الهامة على صحة نظرية الانفجار العظيم فقد قال العلماء : لو كان هناك مثل هذا الانفجار لكان من الضروري أن يخلف وراءه إشعاعًا. وفعلاً تم العثور على هذا الإشعاع عام 1989م .


    توسع الكون باستمرار ينافي أزليته

    لاحظ العلماء أَن هناك مجرات في الكون تتحرك مبتعدة بعضها عن بعض و أن الأجسام السماوية تترك عند تحليل طيفها لوناً أكثر احمراراً في حال كانت تقترب من مركز المراقبة، ولكنه يميل إلى الأزرق عندما تبتعد فالضوء المنبعث من النجوم في مجرات بعيدة ينحرف نحو موجات الضوء الحمراء والطويلة للطيف ،وهذه الظاهرة تدعى الإزاحة الحمراء red shift فسرت على أنها ناتجة عن الحركة السريعة للمجرات في ابتعاد كل منها عن الأخرى. وأصبح بمقدور العلماء أن يحسبوا سرعة حركة المجرة من الانحراف الأحمر .

    و قد أعلن أدوين هابل عام 1929م أن المجرات تبتعد عنا بسرعة تتناسب طرديًّا مع بعدها عنا أي أن الكون يتمدد و يتوسع باستمرار ، وما دام الكون في توسع دائم، إذن لو عدنا بحساباتنا إلى الوراء فمن الضروري أن الكون في الماضي كان كله متركزًا في نقطة واحدة أطلق عليها العلماء اسم الذرة البدائية أو الحساء الكوني.

    وتوسع الكون ينافي أزليته فإذا كان الكون يتمدد ،وكان أزليا لكان قد تبعثر ، وتناثرت مادة الكون وتشتت الكون .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    احتجاج الملاحدة بفرضية الكون المتذبذب

    يحتج بعض الملاحدة على أزلية الكون بفرضية تدعى الكون المتذبذب ،وهذه النظرية ترى أن الكون نشأ من انفجار أعقبه انسحاق أعاد الكون إلى حالة المفردة ثم أعقب ذلك انفجار ثم انسحاق ثم انفجار ثم انسحاق و هكذا إلى ما لا نهاية في القدم ،وهذه النظرية مجرد ظن لا يغني من الحق شيئا فلا دليل على أن كوننا كان قبله قد سبقه كون منسحق ،و حسب قوانين الديناميكا الحرارية يستحيل أن تكون هناك انفجارات أزلية ؛ لأن كل انفجار يجب أن ينتج كونا له عمر أطول من الكون السابق أي دورة الكون السابق أقصر من الكون اللاحق فإذا رجعنا إلى الوراء، سيتقلص زمن كل كون في هذه السلسلة، ونعود إلى كون زمن دورته صفر ، فنسأل عن هذا الانفجار الأول وعن المؤثر الذي أحدثه، وستكون هذه هي بداية دورات التذبذب ،و أيضا يستحيل تحقق اللانهائية في الواقع فهو مفهوم رياضي يستحيل تحققه في العالم المادي ،و لا يمكن أن يكون هناك عدد لانهائي من الأكوان تم في الماضي ؛ لأن أحداث الماضي واقعية ، و ليست مجرد أفكارا ، فإن عدد أحداث الماضي يجب أن يكون نهائياً أي يجب أن يكون له بداية .

    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات


    مراجع المقال :
    1- أوهام الملحدين أوهى من بيت العنكبوت شحاته صقر
    2- الشرك في القديم والحديث أبو بكر محمد زكريا
    3- الفيزياء ووجود الخالق د.جعفر شيخ إدريس
    4- الله يتحدى الملحدين د.محمد شيخاني
    5- خرافة الإلحاد د.عمرو شريف
    6- للكون إله د.صبري الدمرداش
    7- موقف الإسلام من نظرية ماركس أحمد العوايشة
    8- العقيدة الإسلامية في مواجهة التيارات الإلحادية د.فرج الله عبد الباري
    9- صراع مع الملاحدة حتى العظم الشيخ عبد الرحمن الميداني
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الملحد ووهم أزلية المادة والكون التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الملحد وسؤاله الخاطئ من خلق الله ؟
    د.ربيع أحمد






    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    و في هذا المقال سنتناول بإذن الله بيان خطأ سؤالهم من خلق الله فهو سؤال غير منطقي و غير صحيح إلا أن الملاحدة يكررونه دوما .

    بيان شبهة الملاحدة

    يقول الملاحدة : أنتم أيها المؤمنون بوجود الإله تسألون عن علة وجود المادة الأولى للكون وتجيبون بأن علة وجود المادة الأولى للكون هي الله، ونحن نسألكم وما علة وجود الله ؟ وستجيبون بأن الله غير معلول الوجود، فلماذا تقفون بمبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالله؟ و هنا نجيبكم ، و لماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود، وبذلك يُحسم النقاش .

    ويقول بعضهم : إذا قلنا بأن للكون خالق فهذا سيؤدي بنا إلى القول أن هذا الخالق له خالق آخر ، وهذا يمهد الطريق لآخرين ليضيفو خالقين آخرين ،وهذا تسلسل ممنوع فالتوقف عند الكون يعني التوقف عند المحسوس والملموس المدعوم بدليل، ويغلق الباب أمام من يحاول إضافة أسباب أخرى، بينما الإيمان بخالق هو بحد ذاته من يفتح الباب للقول بالتسلسل .








    عدم منطقية سؤال من خلق الله

    سؤال من خلق الله من الأسئلة غير المنطقية فالخالق لا يُخلق ،و الله ليس مخلوقا لنسأل من خلقه ، و الله قديم ليس حادثا أول ليس قبله شيء ، فلاينطبق عليه قانون الحوادث في السؤال عن خالقه ، و السؤال عمن أحدثه ،و المخلوقية من صفات الحوادث ،وهي الأشياء التي وجدت بعض أن لم تكن موجودة فكيف نصف الخالق بصفات الحوادث و ننسب له ما لا يليق ؟!!.

    قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم ﴾ (الحديد : الآية 3 ) أي : الله هو الأول الذي ليس قبله شيء, وهو الآخر الذي ليس بعده شيء, وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء, وهو الباطن الذي ليس دونه شيء, ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء, وهو بكل شيء عليم .

    و الله – سبحانه وتعالى - أزلي ليس لوجوده بداية فوجوده ذاتي لا ينفك عنه أي يبقى إلى الأبد ،وإذا كان الله ليس لوجوده بداية فكيف نسأل عن سبب وجوده ؟!! وكيف نسأل عن علة لوجوده ؟!

    والأصل في الخالق الوجود إذ لو كان الأصل فيه العدم لما أوجد الكون ؛ لأن فاقد الشيء لايعطيه ، وإذا كان وجود الله هو الأصل ، فهذا يستلزم أنه لا يحتاج إلى موجِد يوجده ، ولا علة لوجوده إذ لا يبحث عن علة وجود ما الأصل فيه الوجود .

    وقول القائل : إن خالق الكون بحاجة إلى خالق رغم أنه خالق قريب من قول القائل إن الملح يحتاج إلى ملح كي يكون مالحاً رغم أنه ملحا، وإن السكر يحتاج إلى سكر حتى يكون حلواً رغم أنه سكر ، وإن الأحمر يحتاج إلى اللون الأحمر كي يكون أحمرا رغم أنه أحمر.


    و قول القائل : من خلق الله ؟ يساوي قوله : ما الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله ؟ و يساوي قوله : ما بداية الشيء الذي لا بداية له ؟ ويساوى قوله : ما بداية وجود الشيء الذي لا بداية لوجوده ؟ وهذا قول في غاية السخف والسقوط .

    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي


    الرد على زعم بعضهم أن استغناء الله‏ عن علة توجده يستلزم أن الله‏ توقف في وجوده على نفسه

    يقول بعض الملاحدة قولكم أيها المؤمنون بأن الله لا علة لوجوده يستلزم أن الله‏ توقف في وجوده على نفسه أي أن الله‏ هو الذي أوجد نفسه بنفسه ،و هذا يستلزم أنه الله علة لنفسه ،و الجواب كلامكم أيها الملاحدة يصح لو كان الله ممكن الوجود إذ ممكن الوجود هو ما كان حادثاً بعد عدم أي وجوده له بداية فيتصور العقل وجوده وعدم وجوده فيمكن أن يوجد و يمكن ألا يوجد و هذا الحادث بعد عدم لابد له من موجد يوجده وخالق يحدثه أي يحتاج في وجوده إلي موجِد .

    ولكن الله عندنا واجب الوجود أي وجوده ذاتي لا ينفك عنه فلم يكن في زمن من الأزمان بمفتقرٍ إلى الوجود ، و لم يكن في زمن من الأزمان معدوماً حتى يحتاج إلى من يخرجه من العدم إلى حَيّز الوجود سبحانه خالق الزمان والمكان ، وعليه فإن الله‏ لا يصدق عليه أنه مخلوق ومعلول حتى نسأل عن خالقه وعلته أو أن نقول بأنه خلق نفسه بنفسه .




    الرد على سؤالهم لماذا تقفون بمبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالله؟

    يقول الملاحدة عندما نسألكم أيها المؤمنون عن علة وجود الله تجيبون بأن الله غير معلول الوجود ، فلماذا تقفون بمبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالله ؟ والجواب على سؤالهم من وجوه :
    الوجه الأول : أن الأصل في الخالق الوجود إذ لو كان الأصل فيه العدم لما أوجد الكون ؛ لأن فاقد الشيء الذي لا يملكه، ولا يملك سبباً لإعطائه لايعطيه ، و إذا كان الأصل في الخالق الوجود فلايصح أن نسأل عن سبب وجوده .
    الوجه الثاني : أن الله أزلي فوجوده ذاتي لا ينفك عنه فلايصح أن نسأل عن سبب وجوده ، ووجوده ليس له بداية .
    الوجه الثالث : أن الله له الكمال المطلق إذ هو واهب الكمال لمخلوقاته فهو أحق بالاتصاف بها من الموهوب ، وكل كمال ثبت للمخلوق المحدث المربوب الممكن، فإنه يكون ثابتا للخالق من باب أولى ،وإذا كان الكمال المطلق لله ،والاحتياج يناقض الكمال المطلق فالكامل المطلق لا يحتاج إلى غيره ،وعليه فالخالق لا يحتاج إلى غيره ،وإذا لم يحتج إلى غيره فهو غير معلول ،و إذا كان غير معلول فلايصح أن نسأل عن علته .
    الوجه الرابع : أن السؤال عن سبب وجود شيء يصح فيما كان الأصل فيه الحدوث و أنه لم يكن موجودا ثم أصبح موجودا بعد عدم ،والله قديم وليس حادثا .
    الوجه الخامس : لو قلنا بأن كل خالق له من خلقه أي خالق الكون له من خلقه،ومن خلق خالق الكون له من خلقه ومن خلق خالق خالق الكون له من خلقه وهكذا إلى ما لا نهاية فهذا يستلزم أن لا خلق للكون ،وهذا باطل لوجود الكون فوجود الكون يستلزم عدم تسلسل الفاعلين إلى ما لانهاية ، إذ لا بد أن تصل سلسلة الفاعلين إلى علة غير معلولة ، و لا بد من سبب تنتهي إليه الأسباب وليس هناك أسباب لا تنتهي إلى شيء ، وإلا لم يكن هناك شيء أي أن التسلسل في الفاعلين ممنوع، بل لابد أن نصل إِلَى نهاية ، وهذه النهاية في الفاعلين أو المؤثرين هي إِلَى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وهذا أحد ما يدل عليه قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴾ ( النجم : الآية 42 ) .

    و للتقريب نأخذ مثال الجندي والرصاصة الجندي يريد أن يطلق النار ،و لكن حتى يطلق النار، يجب على الجندي أن يستأذن من الجندي الذي خلفه ، و هذا الجندي حتى يعطي الإذن يجب أن يستأذن من الجندي الذي خلفه، و هكذا إلى ما لا نهاية. السؤال، هل سيطلق الجندي النار ؟ الجواب لا ؛ لأنه لن يصل إلى الجندي الذي سيعطيه الإذن بإطلاق النار أما إذا انتهت السلسلة إلى شخص لا يوجد فوقه أحد ليعطيه الإذن بإطلاق النار فستنطلق الرصاصة و بدون هذا الشخص ومهما كثر عدد الأشخاص لن تنطلق الرصاصة فهم كالأصفار إذ وضعتها بجانب بعضها البعض فمهما كثرت وبلغت حدا لا نهاية له : فستظل لا تساوي شيئا إلا أن يوضع قبلها رقم 1 فأكثر .




    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي





    الرد على سؤال الملاحدة : لماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود ؟

    يقول الملاحدة إذا كان الله عندكم لا علة لوجوده فلماذا لا تفترضون أن المادة الأولى غير معلولة الوجود ؟ والجواب فرق شاسع بين صفات الخالق التي تحمل دليل قدمه و أزليته و بين صفات المادة التي تحمل دليل حدوثها وافتقارها لمحدث ،وقول الملاحدة أن المادة الأولى غير معلولة الوجود قول بلا دليل ،والجواب عليه من وجوه :
    الوجه الأول : أن العلم لا يدري ماذا كان قبل الانفجار العظيم الذي نشأ منه الكون ،و لا يدري من أين جاءت المادة التي نشأ منها الكون و تطور منها كل شيء ؟
    الوجه الثاني : ليس هناك ما يدعو إلى أن المادة و الطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم .
    الوجه الثالث : الفضاء والزمان وجدوا مع الانفجار العظيم ، والمادة هي كل ما له كتلة وحجم ويشغل حيز في الفراغ أي المادة تحتاج لمكان أو حيز ليحويها ،وبالتالي لا مادة دون وجود المكان الذي سيحويها .
    الوجه الرابع : كون الكون تطور من المادة الأولى إلى الحالة التي هو عليها فهذا يدل أن المادة الأولى قد طرأ عليها التغير و التبدل ،وما يجري عليه التغير والتبدل لا يكون أزليا ؛ لأن كل ما يتغير و يتبدل لا بد له من مغيِّر و مبدل أي لابد له من سبب يغيره و يبدله ،وهذا السبب لابد أن يكون سابقا له مما ينافي الأزلية ،و مادامت المادة الأولى احتاجت إلى سبب يغيرها من حال إلى حال و سبب يبدلها من حال إلى حال فالمادة محتاجة إلى غيرها غير مستغنية بنفسها مما يدل أن المادة حادثة ،و لو كان الأصل فيها الوجود الأزلي لم تكن عرضة للتحول والتغير والتبدل .
    .
    هل القول بخالق للكون يفتح الباب للتسلسل الممنوع ؟

    يزعم الملاحدة أن القول بخالق للكون سيؤدي بنا إلى القول أن هذا الخالق له خالق آخر ، وهذا يمهد الطريق لآخرين ليضيفو خالقين آخرين مما يفتح الباب للتسلسل الممنوع وهذا الكلام فيه خلط للحقائق ،وتسوية بين صفات الخالق القديم الأزلي ،وصفات المخلوق الحادث فالخالق لا يُخلق ،والقديم لا يُحدَث ،وكون الله الخالق قد خلق الكون فهذا يقطع بعدم التسلسل في الفاعلين ؛ لأن من صفات الخالق أنه الأول فليس قبله شيء ،وبذلك لايوجد تسلسل في الفاعلين .



    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

    مراجع المقال :
    1- الشرك في القديم والحديث أبو بكر محمد زكريا
    2- الفيزياء ووجود الخالق د.جعفر شيخ إدريس
    3- صراع مع الملاحدة حتى العظم الشيخ عبد الرحمن الميداني
    4- كواشف زيوف الشيخ عبد الرحمن الميداني
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الملحد وسؤاله الخاطئ من خلق الله ؟ التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الملحد ودعواه أن الأخلاق مصدرها الطبيعة












    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    وفي هذا المقال سنتناول بإذن الله دعوى يكثر تكرارها من الملاحدة و اللادينين ألا وهي أن أخلاق الإنسان مصدرها الطبيعة و تستمد من الطبيعة ، ومنشأ الأخلاق هو منشأ طبيعي بحت هدفهُ الحفاظ على النوع واستمرار بقاء الفرد وتحقيق فائدة شخصية غير مباشرة من خلال الفائدة العامة المباشرة .

    ومنهم من يقول الأخلاق يجب أن تُفسَّر تفسيرًا ماديًّا، ووفقًا لقانون طبيعي، فمنطق الحاجة الطبيعيَّة المباشِرة هو الذي يتحكَّم في الأخلاق الإنسانيَّة، تمامًا مثلما تتحكَّم الجاذبية في سقوط التفَّاحة.

    و بالغ بعضهم في الطبيعة حتى وصل أن قال إننا مجبورون على السير في الطريق الذي رسمته لنا الطبيعة فإننا لا نسير إلا في الطريق الذي نحبه ولكننا لم نحب نحن هذا الطريق, ولكن الطبيعة هي التي جعلتنا نحبه وهي التي تجبرنا على السير فيه ،و الإنسان نظام كغيره من النظم في الطبيعة يخضع بدوره لقوانين الطبيعة الحتمية .

    ومنهم من يزعم أن الانتخاب الطبيعيّ هو صاحب الكلمة الأخيرة في تقرير سلوك الإنسان ،و قد أنتج هذا الانتخاب عند الكائن البشريّ نوع من القاعدة الأخلاقيّة الكونيّة ، والأخلاق تطورت تطورًا تدريجيًّا، وليس عبر قفزات نوعية .

    ومنهم من يدعي أن الأخلاق تكيف بيولوجي تطوري .

    ومنهم من يزعم أن وجود قيم أخلاقية مشتركة بين الشعوب المختلفة يمكن تفسيره بالداروينية الاجتماعية .

    ومنهم من يدعي أن الأخلاق قوانين سلوكية تفرضها الطبيعة وحسب آليّة الانتقاء التّطوريّ والقائمة على الغربلة الطّبيعية المستمرة عبر ملايين السّنين صارت الكائنات تمتلك مزيجًا من السّلوكيات الأنانية (الشريرة) من ناحية، والسّلوكيات الأخلاقيّة الإيثارية (الخيّرة) من ناحيةٍ أخرى، ممّا مكنها من التّعاون الدّاخلي وتحسين مجتمعها والحفاظ على بقائها ضد الأعداء .

    وقبل الرد على هذه الدعاوي لابد من معرفة مفهوم الأخلاق و معرفة مفهوم الطبيعة و معرفة مفهوم الداروينية الاجتماعية .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مفهوم الأخلاق

    الأخلاق مفرد كلمة خلق ،و الخلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سمّيت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا، وإنما قلنا إنه هيئة راسخة لأن من يصدر منه بذل المال على الندور بحالة عارضة لا يقال خلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه .

    والذي يفصلُ الأخلاق وُيميِّزُهَا عن غيرها هي الآثار القَابلة للمدح أو الذَّم، وبذلك يتميز الخُلُق الحسن عن الغريزة فالأكل مثلا غريزة، والإنسان عند الجوع يأكلُ بدافع الغريزة وليس مما يمدح به أو يذم. لكن لو أنَّ إنسانَا أكلَ زائدًا عن حاجته الغريزية، صارَ فعله مذمومًا، لأنه أثر لخلق في النفس مذموم، وهو الطمع، وعكس ذلك أثر لخلق في النفس محمود، وهو القناعة. كذلك فإن مسألة حبّ البقاء ليست محلًا للمدح أو الذم في باب السلوك الأخلاقي، لكن الخوف الزائد عن حاجات هذه الغريزة أثر لخلق في النفس مذموم، وهو الجبن، أما الإقدامُ الذي لا يصلُ إلى حد التهور، فهو أثر لخلق في النفس محمود، وهو الشجاعة .

    وهكذا سائرُ الغرائزِ والدوافع النفسية التي لا تدخلُ في باب الأخلاق، إنَّما يميزها عن الأخلاق كون آثارها في السلوك أمورًا طبيعية ليست مما تُحمد إرادة الإنسان عليه أو تذم .


    و الخُلُق منه ما هو طبيعي أي فطري يولد الإنسان مجبولا عليه كالحلم والتؤدة والحياء ، ومنه ما هو مكتسب ينشأ من التعود والتدرب والبيئة كالشجاعة والكرم .


    ولابد أن نفرق بين الخلق والتخلق إذ التخلق هو تكلف و تصنع خلق معين وهذا التصنع لا يدوم طويلاً بل يرجع إلى الأصل، والسلوك المتكلف لا يسمى خلقًا حتى يصير عادة وحالة للنفس راسخة يصدر عن صاحبه في يسر وسهولة، فالذي يصدق مرة لا يوصف بأن خلقه الصدق ومن يكذب مرة لا يقال إن خلقه الكذب بل العبرة بالاستمرار في الفعل حتى يصير طابعًا عامًا في سلوكه .







    مفهوم الطبيعة

    الطبيعة لفظ مشترك المعاني – أي له عدة معاني – غامض جدا مما دعا بعض علماء الطبيعة في القرن السابع عشر إلى تجنب استعماله لقد استعمله علماء الطبيعة بمعنى كل ما هو مشاهد .

    و الطبيعة قد تعني ذوات الأشياء المادية المحسوسة الموجودة في الكون حولنا من جماد وحيوان ونبات ،وقد تعني صفات الأشياء الموجودة في الكون من حركة وسكون, وحرارة وبرودة, وليونة ويبوسة, وغير ذلك ، وقد تعني الخصائص الثابتة التي تميز كائنا أو شيئا ما بحيث لا يمكن تصوره بدونها كالاحتراق بالنسبة للنار أو المكر بالنسبة للثعلب ، وقد تعني مجموع الخصائص الأساسية الثابتة للشيء المنتمية إلى ماهيته أو جوهره في مقابل صفاته المؤقتة أو الثانوية ، وقد تعني صفات الكائن الحي واستعداداته المنتمية إلى الإرث البيولوجي في مقابل الصفات المكتسبة ،وقد تعني مجموعة الأشياء التي لم يتدخل الإنسان في صنعها كالأشجار و الجبال مثلا وقد تعني مجموع السنن و القوانين المتحكمة في ظواهر العالم المشاهد المحسوس السارية على جميع موجوداته ،وقد تعني المادة التي تتكون منها الأشياء في العالم المشاهد المحسوس ،وقد تعني مجموعة الخصائص الفطرية و الغريزية التي تولد مع الإنسان و المشتركة بين جميع الناس، كالأكل و النوم. و بهذا المعنى فالطبيعة هي عكس ما هو مكتسب و ثقافي.

    و يكثر استعمال كلمة الطبيعة في الخطاب الفلسفي الغربي محل كلمة المادة فهي عند الفلاسفة الجوهر المادي الأول الذي تصنع منه الأشياء، وهذا الجوهر المادي هو أصل الوجود، والعلة الأولى في وجود هذا الكون ، وهي عند أفلاطون المثال، وعلة الوجود، والنفس الكلية، وعند أرسطو هي أصل الأشياء ، و مصدر الحركة ، والمادة التي تصنع منها الأشياء .

    وقد استخدمت الفلسفات الغربية مفهوم الطبيعة، بهذا المعنى الإغريقي القديم ، فالطبيعيون والمثاليون و الواقعيون و الدارونيون يرون الطبيعة هي الأشياء، وهي القانون الطبيعي الذي يعمل في الأشياء، والطبيعة هي أصل الأشياء .

    ويقول الدكتور عبد الوهاب المسيري : ( مفهوم الطبيعة مفهوم أساسي في الفلسفات المادية التي تدور في إطار المرجعية الكامنة، وخصوصاً في الغرب، فكلمة «طبيعة» داخل السياق الفلسفي الغربي لا تشير إلى الأحجار والأشجار والسحب والقمر والتلقائية والحرية، وإنما هي كيان يتسم ببعض الصفات الأساسية التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
    1 ـ تتسم الطبيعة بالوحدة، فهي شاملة لا انقطاع فيها ولا فراغات، وهي الكل المتصل وما عداها مجرد جزء ناقص منها، فهي لا تتحمل وجود أية مسافات أو ثغرات أو ثنائيات. وجماع الأشياء والإجراءات التي توجد في الزمان والمكان هو الطبيعة، وهي مستوى الواقع الوحيد ولا يوجد شيء متجاوز لها أو دونها أو وراءها، فالطبيعة نظام واحد صارم.
    2 ـ تتسم الطبيعة بالقانونية (لكل ظاهرة سبب وكل سبب يؤدي إلى نفس النتيجة في كل زمان ومكان) ، أي أن الطبيعة بأسرها متسقة مع نفسها، فهي تتحرك تلقائياً بقوة دفع نابعة منها، وهي خاضعة لقوانين واحدة ثابتة منتظمة صارمة مطردة وآلية، قوانين رياضية عامة واضحة، حتمية لا يمكن تعديلها أو التدخل فيها ، وهي قوانين كامنة فيها.
    3 ـ الحركة أمر مادي، ومن ثم، لا توجد غائية في العالم المادي (حتى لو كانت غائية إنسانية تسحب خصوصيات النشاط البشري على الطبيعة المادية) .
    4 ـ لا تكترث الطبيعة بالخصوصية ولا التفرد ولا الظاهرة الإنسانية ولا الإنسان الفرد واتجاهاته ورغباته، ولا تمنح الإنسان أية مكانة خاصة في الكون، فهو لا يختلف في تركيبه عن بقية الكائنات ويمكن تفسيره في كليته بالعودة إلى قوانين الطبيعة. والإنسان الفرد (أو الجزء) يذوب في الكل (الطبيعي/المادي) ذوبان الذرات فيها، أي أن الطبيعة تلغي تماماً الحيز الإنساني.
    5 ـ الإيمان بأنه لا توجد غيبيات ولا يوجد تَجاوُز للنظام الطبيعي من أي نوع، فالطبيعة تحوي داخلها كل القوانين التي تتحكم فيها وكل ما نحتاج إليه لتفسيرها؛ فهي علة ذاتها، تُوجَد في ذاتها، مكتفية بذاتها وتُدرَك بذاتها، وهي واجبة الوجود.

    يُلاحَظ أن الطبيعة، حسب هذا التعريف الفلسفي، هي نظام واحدي مغلق مكتف بذاته، تُوجَد مقومات حركته داخله، لا يشير إلى أي هدف أو غرض خارجه، يحوي داخله كل ما يلزم لفهمه. وهو نظام ضروري كلي شامل تنضوي كل الأشياء تحته، وضمن ذلك الإنسان الذي يُستوعَب في عالم الطبيعة ويُختزَل إلى قوانينها بحيث يصبح جزءاً لا يتجزأ منها ويختفي ككيان مركب منفصل نسبياً عما حوله وله قوانينه الإنسانية الخاصة (ولذا فالرغبة في العودة إلى الطبيعة هي تعبير عن النزعة الجنينية في الإنسان) . وهذه هي الصفات الأساسية للمذهب المادي. ولذا، فنحن نرى أن كلمة «المادة» يجب أن تحل محل كلمة «الطبيعة» أو أن تُضاف الواحدة للأخرى، وذلك لفك شفرة الخطاب الفلسفي الذي يستند إلى فكرة الطبيعة، ولكي نفهمه حق الفهم وندرك أبعاده المعرفية المادية.

    ولعل كثيراً من اللغط الفلسفي ينكشف إذا استخدمنا كلمة «مادي» بدلاً من كلمة «طبيعي» ، فبدلاً من «المذهب الطبيعي» نقول «المذهب المادي» ، وبدلاً من «القانون الطبيعي» نقول «القانون المادي» ، وبدلاً من «الإنسان الطبيعي» يمكننا أن نقول «الإنسان المادي» ، وبدلاً من «الطبيعية ( بالإنجليزية : ناتشوراليزم naturalism) » نقول «مادية» . وحينئذ، فإننا نؤكد أن الإنسان الطبيعي، في واقع الأمر، شخص يُعرَّف في إطار وظائفه الطبيعية البيولوجية ويعيش حسب قوانين الحركة المادية ويُرَدُّ إليها، ولذا فهو يجمع براءة الذئاب وتلقائية الأفعى وحياد العاصفة وتَسطُّح الأشياء وبساطتها. وحينما نقول «العودة للطبيعة» ، فنحن نقصد أن العودة ستكون لقوانين الطبيعة، أي قوانين المادة. وقد فك هتلر شفرة الخطاب الفلسفي الغربي بكفاءة غير عادية حينما قال يجب أن نكون مثل الطبيعة، والطبيعة لا تعرف الرحمة أو الشفقة، وقد تبع في ذلك كلاً من داروين ونيتشه ) .





    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مفهوم الأخلاق

    الأخلاق مفرد كلمة خلق ،و الخلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سمّيت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا، وإنما قلنا إنه هيئة راسخة لأن من يصدر منه بذل المال على الندور بحالة عارضة لا يقال خلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه .

    والذي يفصلُ الأخلاق وُيميِّزُهَا عن غيرها هي الآثار القَابلة للمدح أو الذَّم، وبذلك يتميز الخُلُق الحسن عن الغريزة فالأكل مثلا غريزة، والإنسان عند الجوع يأكلُ بدافع الغريزة وليس مما يمدح به أو يذم. لكن لو أنَّ إنسانَا أكلَ زائدًا عن حاجته الغريزية، صارَ فعله مذمومًا، لأنه أثر لخلق في النفس مذموم، وهو الطمع، وعكس ذلك أثر لخلق في النفس محمود، وهو القناعة. كذلك فإن مسألة حبّ البقاء ليست محلًا للمدح أو الذم في باب السلوك الأخلاقي، لكن الخوف الزائد عن حاجات هذه الغريزة أثر لخلق في النفس مذموم، وهو الجبن، أما الإقدامُ الذي لا يصلُ إلى حد التهور، فهو أثر لخلق في النفس محمود، وهو الشجاعة .

    وهكذا سائرُ الغرائزِ والدوافع النفسية التي لا تدخلُ في باب الأخلاق، إنَّما يميزها عن الأخلاق كون آثارها في السلوك أمورًا طبيعية ليست مما تُحمد إرادة الإنسان عليه أو تذم .


    و الخُلُق منه ما هو طبيعي أي فطري يولد الإنسان مجبولا عليه كالحلم والتؤدة والحياء ، ومنه ما هو مكتسب ينشأ من التعود والتدرب والبيئة كالشجاعة والكرم .


    ولابد أن نفرق بين الخلق والتخلق إذ التخلق هو تكلف و تصنع خلق معين وهذا التصنع لا يدوم طويلاً بل يرجع إلى الأصل، والسلوك المتكلف لا يسمى خلقًا حتى يصير عادة وحالة للنفس راسخة يصدر عن صاحبه في يسر وسهولة، فالذي يصدق مرة لا يوصف بأن خلقه الصدق ومن يكذب مرة لا يقال إن خلقه الكذب بل العبرة بالاستمرار في الفعل حتى يصير طابعًا عامًا في سلوكه .







    مفهوم الطبيعة

    الطبيعة لفظ مشترك المعاني – أي له عدة معاني – غامض جدا مما دعا بعض علماء الطبيعة في القرن السابع عشر إلى تجنب استعماله لقد استعمله علماء الطبيعة بمعنى كل ما هو مشاهد .

    و الطبيعة قد تعني ذوات الأشياء المادية المحسوسة الموجودة في الكون حولنا من جماد وحيوان ونبات ،وقد تعني صفات الأشياء الموجودة في الكون من حركة وسكون, وحرارة وبرودة, وليونة ويبوسة, وغير ذلك ، وقد تعني الخصائص الثابتة التي تميز كائنا أو شيئا ما بحيث لا يمكن تصوره بدونها كالاحتراق بالنسبة للنار أو المكر بالنسبة للثعلب ، وقد تعني مجموع الخصائص الأساسية الثابتة للشيء المنتمية إلى ماهيته أو جوهره في مقابل صفاته المؤقتة أو الثانوية ، وقد تعني صفات الكائن الحي واستعداداته المنتمية إلى الإرث البيولوجي في مقابل الصفات المكتسبة ،وقد تعني مجموعة الأشياء التي لم يتدخل الإنسان في صنعها كالأشجار و الجبال مثلا وقد تعني مجموع السنن و القوانين المتحكمة في ظواهر العالم المشاهد المحسوس السارية على جميع موجوداته ،وقد تعني المادة التي تتكون منها الأشياء في العالم المشاهد المحسوس ،وقد تعني مجموعة الخصائص الفطرية و الغريزية التي تولد مع الإنسان و المشتركة بين جميع الناس، كالأكل و النوم. و بهذا المعنى فالطبيعة هي عكس ما هو مكتسب و ثقافي.

    و يكثر استعمال كلمة الطبيعة في الخطاب الفلسفي الغربي محل كلمة المادة فهي عند الفلاسفة الجوهر المادي الأول الذي تصنع منه الأشياء، وهذا الجوهر المادي هو أصل الوجود، والعلة الأولى في وجود هذا الكون ، وهي عند أفلاطون المثال، وعلة الوجود، والنفس الكلية، وعند أرسطو هي أصل الأشياء ، و مصدر الحركة ، والمادة التي تصنع منها الأشياء .

    وقد استخدمت الفلسفات الغربية مفهوم الطبيعة، بهذا المعنى الإغريقي القديم ، فالطبيعيون والمثاليون و الواقعيون و الدارونيون يرون الطبيعة هي الأشياء، وهي القانون الطبيعي الذي يعمل في الأشياء، والطبيعة هي أصل الأشياء .

    ويقول الدكتور عبد الوهاب المسيري : ( مفهوم الطبيعة مفهوم أساسي في الفلسفات المادية التي تدور في إطار المرجعية الكامنة، وخصوصاً في الغرب، فكلمة «طبيعة» داخل السياق الفلسفي الغربي لا تشير إلى الأحجار والأشجار والسحب والقمر والتلقائية والحرية، وإنما هي كيان يتسم ببعض الصفات الأساسية التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
    1 ـ تتسم الطبيعة بالوحدة، فهي شاملة لا انقطاع فيها ولا فراغات، وهي الكل المتصل وما عداها مجرد جزء ناقص منها، فهي لا تتحمل وجود أية مسافات أو ثغرات أو ثنائيات. وجماع الأشياء والإجراءات التي توجد في الزمان والمكان هو الطبيعة، وهي مستوى الواقع الوحيد ولا يوجد شيء متجاوز لها أو دونها أو وراءها، فالطبيعة نظام واحد صارم.
    2 ـ تتسم الطبيعة بالقانونية (لكل ظاهرة سبب وكل سبب يؤدي إلى نفس النتيجة في كل زمان ومكان) ، أي أن الطبيعة بأسرها متسقة مع نفسها، فهي تتحرك تلقائياً بقوة دفع نابعة منها، وهي خاضعة لقوانين واحدة ثابتة منتظمة صارمة مطردة وآلية، قوانين رياضية عامة واضحة، حتمية لا يمكن تعديلها أو التدخل فيها ، وهي قوانين كامنة فيها.
    3 ـ الحركة أمر مادي، ومن ثم، لا توجد غائية في العالم المادي (حتى لو كانت غائية إنسانية تسحب خصوصيات النشاط البشري على الطبيعة المادية) .
    4 ـ لا تكترث الطبيعة بالخصوصية ولا التفرد ولا الظاهرة الإنسانية ولا الإنسان الفرد واتجاهاته ورغباته، ولا تمنح الإنسان أية مكانة خاصة في الكون، فهو لا يختلف في تركيبه عن بقية الكائنات ويمكن تفسيره في كليته بالعودة إلى قوانين الطبيعة. والإنسان الفرد (أو الجزء) يذوب في الكل (الطبيعي/المادي) ذوبان الذرات فيها، أي أن الطبيعة تلغي تماماً الحيز الإنساني.
    5 ـ الإيمان بأنه لا توجد غيبيات ولا يوجد تَجاوُز للنظام الطبيعي من أي نوع، فالطبيعة تحوي داخلها كل القوانين التي تتحكم فيها وكل ما نحتاج إليه لتفسيرها؛ فهي علة ذاتها، تُوجَد في ذاتها، مكتفية بذاتها وتُدرَك بذاتها، وهي واجبة الوجود.

    يُلاحَظ أن الطبيعة، حسب هذا التعريف الفلسفي، هي نظام واحدي مغلق مكتف بذاته، تُوجَد مقومات حركته داخله، لا يشير إلى أي هدف أو غرض خارجه، يحوي داخله كل ما يلزم لفهمه. وهو نظام ضروري كلي شامل تنضوي كل الأشياء تحته، وضمن ذلك الإنسان الذي يُستوعَب في عالم الطبيعة ويُختزَل إلى قوانينها بحيث يصبح جزءاً لا يتجزأ منها ويختفي ككيان مركب منفصل نسبياً عما حوله وله قوانينه الإنسانية الخاصة (ولذا فالرغبة في العودة إلى الطبيعة هي تعبير عن النزعة الجنينية في الإنسان) . وهذه هي الصفات الأساسية للمذهب المادي. ولذا، فنحن نرى أن كلمة «المادة» يجب أن تحل محل كلمة «الطبيعة» أو أن تُضاف الواحدة للأخرى، وذلك لفك شفرة الخطاب الفلسفي الذي يستند إلى فكرة الطبيعة، ولكي نفهمه حق الفهم وندرك أبعاده المعرفية المادية.

    ولعل كثيراً من اللغط الفلسفي ينكشف إذا استخدمنا كلمة «مادي» بدلاً من كلمة «طبيعي» ، فبدلاً من «المذهب الطبيعي» نقول «المذهب المادي» ، وبدلاً من «القانون الطبيعي» نقول «القانون المادي» ، وبدلاً من «الإنسان الطبيعي» يمكننا أن نقول «الإنسان المادي» ، وبدلاً من «الطبيعية ( بالإنجليزية : ناتشوراليزم naturalism) » نقول «مادية» . وحينئذ، فإننا نؤكد أن الإنسان الطبيعي، في واقع الأمر، شخص يُعرَّف في إطار وظائفه الطبيعية البيولوجية ويعيش حسب قوانين الحركة المادية ويُرَدُّ إليها، ولذا فهو يجمع براءة الذئاب وتلقائية الأفعى وحياد العاصفة وتَسطُّح الأشياء وبساطتها. وحينما نقول «العودة للطبيعة» ، فنحن نقصد أن العودة ستكون لقوانين الطبيعة، أي قوانين المادة. وقد فك هتلر شفرة الخطاب الفلسفي الغربي بكفاءة غير عادية حينما قال يجب أن نكون مثل الطبيعة، والطبيعة لا تعرف الرحمة أو الشفقة، وقد تبع في ذلك كلاً من داروين ونيتشه ) .





    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مفهوم الداروينية الاجتماعية

    الداروينية الاجتماعية كلمة منسوبة إلى اسم تشارلز داروين (1731 ـ 1820) . وهي فلسفة علمانية شاملة، واحدية عقلانية مادية كمونية تنكر أية مرجعية غير مادية، وتستبعد الخالق من المنظومة المعرفية والأخلاقية وتَرُد العالم بأسره إلى مبدأ مادي واحد كامن في المادة وتدور في نطاق الصورة المجازية العضوية والآلية للكون.


    والآلية الكبرى للحركة في الداروينية هي الصراع والتَقدُّم اللانهائي وهو صفة من صفات الوجود الإنساني. وقد حققت الداروينية الاجتماعية ذيوعاً في أواخر القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي تَعثَّر فيها التحديث في شرق أوربا، وبدأ فيها بعض يهود اليديشية في تبنِّي الحل الصهيوني للمسألة اليهودية، كما بدأ التشكيل الإمبريالي الغربي يتسع ليقتسم العالم بأسره. ويمكن القول بأن الداروينية هي النموذج المعرفي الكامن وراء معظم الفلسفات العلمانية الشاملة، إن لم يكن كلها.

    ويرى دعاة الداروينية الاجتماعية أن القوانين التي تسري على عالم الطبيعة والغابة هي نفسها التي تسري على الظواهر الإنسانية، التاريخية والاجتماعية. وهم يذهبون إلى أن تشارلز داروين قد وصف هذه القوانين في كتابيه الكبيرين: حول أصل الأنواع من خلال الانتخاب الطبيعي وبقاء الأجناس الملائمة في عملية الصراع من أجل الحياة. وقد ذهب داروين إلى أن الكون بأسره سلسلة متواصلة في حالة حركة من أسفل إلى أعلى وأن الإنسان إن هو إلا إحدى هذه الحلقات، قد يكون أرقاها ولكنه ليس آخرها. ويرى داروين أن تَقدُّم الأنواع البيولوجية الحية يعتمد على الصراع من أجل البقاء الذي ينتصر فيه الأصلح .
    الطبيعة محايدة

    من المعلوم أن الطبيعة محايدة لا تعرف الخير أو الشر أو القبح أو الجمال ،والطبيعة محايدة لا تعرف ما هو أخلاقي و ما هو غير أخلاقي ، والإنسان لا يمكن أن يكون محايدا بالنسبة للأخلاق ولذلك فهو إما أن يكون صادقا في أخلاقه أو كاذبا، أو مازجا بين الصدق والكذب، وهي حالة أكثر شيوعا بين البشر , فكيف تكون الطبيعة المحايدة مصدرا لشيء غير محايد ؟! والإنسان عنده وعي أخلاقي و الطبيعة ليس عندها وعي أخلاقي و الملحد إذ اعتبر نفسه مادة فهذا يستلزم ألا توجد أخلاق عنده ؛ لأن المادة لا أخلاق عندها ،و كيف تكون الأخلاق في الإنسان مستمدة مما لا خلق عنده ؟!! وحسبُ التناقض دليلاً على إسقاط أيّ مذهب .


    الطبيعة حتمية

    الطبيعة عند الماديين خاضعة لقوانين آلية ثابتة ومنتظمة وصارمة و مطردة ولا إرادة فيها و لا اختيار وما يميِّز فعل الإنسان الأخلاقي عن أيِّ فعل آخر هو المصدر الدافع إليه ؛ إذ يصدر الفعل الأخلاقي من داخل النفس البشرية من المبادئ والقيم والمُثُل المغروسة فيها دون قسر أو إكراه خارجي عليه فالإنسان يتمتع بالإرادة ،وحرية الاختيار فيمكن أن يفعل الشيء بإرادته واختياره ويمكن ألا يفعل الشيء بإرادته مثلا : يمكن أن يصدق بإرادته واختياره ويمكن ألا يصدق ،ويمكن أن يفي بعهد من العهود بإرادته واختياره و يمكن ألا يفي ،ويمكن أن يرفق بالإنسان والحيوان بإرادته واختياره و يمكن ألا يرفق ،ويمكن أن يحترم غيره بإرادته واختياره ،ويمكن ألا يحترم ،فكيف تكون الطبيعة التي لا إرادة فيها ولا اختيار مصدرا لأخلاق الإنسان التي يتحلى بها عن إرادة واختيار وفاقد الشيء لا يعطيه ؟!!

    وكيف تكون الطبيعة حتمية و الإنسان لا تجوز عليه الحتمية ثم يقال أخلاق الإنسان صادرة من الطبيعة ،و الناس ليسوا كرات بليارد تتحرك بحتمية قوانين الطبيعة ؛ ولكنها مجموعة إرادات حرة تدخل في علاقات متعددة يستحيل فيها التنبؤ القائم على قوانين مادية ؟!!

    و إذا كان الإنسان يسرى عليه ما يسرى على الطبيعة وهو من الطبيعة و ابن الطبيعة فكيف يتمرد عليها من أين له حرية الإرادة و القدرة على التمرد على الطبيعة ؟

    والحتمية إنما تنطبق على ما هو من الكون مجبور لا اختيار له، فهي لا تنطبق على سلوك الحيوان الذي عنده هامش من الإرادة فضلا عن الإنسان الذي يمتلك حرية الإرادة والاختيار .






    الطبيعة مادية

    إذا كانت الطبيعة هي المادة ،والمادة هي الطبيعة والمادة تدرك بالحواس ،و الأخلاق صفات معنوية ،وليست صفات حسية تدرك بالحواس فلا أحد يرى أو يسمع أو يشم أو يتذوق أو يلمس أي خُلق من الأخلاق الحميدة كالشجاعة و الكرم و أداء الأمانة والاحترام والتوقير، والاعتدال والتوسط، والإخاء ، والإصلاح بين الناس، والإيثار، والإخلاص، والاستقامة، ، والحياء، والرحمة، والرفق ، والبر، والشكر، والصدق، والعدل، والعفة وغير ذلك.

    ولا أحد يرى أو يسمع أو يشم أو يتذوق أو يلمس أي خُلق من الأخلاق السيئة كالكبر، والاعتداء، والإفساد، والإسراف ، والتشاؤم ، والمن، والبخل، والبغي، والبغض، والبهتان، والتبذير، والجبن، والتجسس، والتواكل، والحسد، والخيانة، والرياء، والشماتة و السباب، والسخرية، وسوء الظن، والطمع، والظلم،والعجب، والغدر، ونقض العهود، والعنف، والغضب، والغيبة، والنميمة، والغيرة، والغش، والغرور، والجفاء، والتعيير، والفجور، والكذب، وقول الزور، ، والكبر وغير ذلك ،وعليه كيف تكون الطبيعة أو المادة مصدرا لشيء غير مادي ،ومن المعلوم أن فاقد الشيء لا يعطيه ؟!!!

    أخبرونا أيها الملاحدة : من أي مادة جاءت الرحمة ؟
    ومن أي مادة جاء العدل ؟
    ومن أي مادة جاء الكرم ؟
    ومن أي مادة جاء الإيثار ؟
    ومن أي مادة جاء الصدق ؟
    ومن أي مادة جاءت الشجاعة ؟

    وفي إطار المرجعية المادية يصير كل شيء مباحاً ونسبياً فعلى أي أساس مادي يمكن أن نحكم على سلوك الإنسان أنه سلوك حميد أو سلوك مذموم ؟!
    وفي إطار المرجعية المادية كيف نحب الصدق و نكره الكذب ؟!،و كيف نحب العدل ونكره الظلم ؟!! وكيف نحب الكرم و نكره البخل ؟!! وكيف نحب الشجاعة و نكره الجبن ؟!! و كيف نحب الأمانة و نكره الخيانة ؟

    و في إطار المرجعية المادية كيف يكون عندنا إدراك للأخلاق الحسنة و إدراك للأخلاق السيئة من الطبيعة التي ليس لديها إدراك ؟!!

    وإذا كنا في إطار المرجعية المادية نعجز عن تفسير الأخلاق فإننا نعجز أشد العجز عند تفسير خلق كالإيثار و التضحية ،و لا يوجد أي تفسير مادي يجعل المادة تؤثر مادة على نفسها ،ولا يوجد أي تفسير مادي يجعل المادة ترفض ما هو أصلح لها كمادة وتقبل التضحية من أجل مادة غيرها .

    والأخلاق تضع الملحد في مأزق فليس أمامه إلا خيارين إما أن يؤمن بوجودها و بذلك يؤمن بوجود مصدر غير مادي تسبب في نشأتها ،وإما ألا يعترف بوجودها وبذلك يصبح كائن غير أخلاقي مثله مثل الجماد .
    الطبيعة تتميز بالوحدة و السببية

    الطبيعة عند الماديين تتسم بالوحدة فهي نظام واحد صارم ، وفعلها متشابه لأنها واحدة في نفسها لا تفعل بإرادة ولا مشيئة فلا يمكن اختلاف أفعالها، ولا يوجد شيء متجاوز لها أو دونها أو وراءها ، و الطبيعة أيضا سببية فلكل ظاهرة سبب، وكل سبب يؤدي إلى نفس النتيجة في كل زمان ومكان مثلا الماء يغلي في كل الأماكن عند 100 درجة مئوية والتفاحة تسقط على الأرض ولن ترتفع إلى السماء في كل مكان ، ولا تكترث الطبيعة عندهم بالخصوصية ولا التفرد .

    والإنسان يتميَّز كل فرد فيه بخصوصيات لا يمكن محوها أو تجاهلها، فالأفراد ليسوا نسخاً متطابقة يمكن صبها في قوالب جاهزة وإخضاعها جميعاً للقوالب التفسيرية نفسها ،و من المشاهد و الملاحظ تباين طباع الناس وأخلاقهم ، فلو كانت الطبيعة مصدر الأخلاق فمن أين لها هذا الاختلاف ؟ وكيف تختلف أفعالها ؟! و لو كانت الطبيعة مصدر الأخلاق لكان الخلق متساوين في الأخلاق غير متفاوتين .

    و الإنسان حر في اختياره قادر على اتخاذ قرارات أخلاقية وعلى تحمُّل المسئولية ومقاييس مثل الحرية والقدرة على الاختيار مقاييس تستند إلى الإيمان بوجود شيء ما غير مادي، شيء متجاوز المادة شيء متجاوز الطبيعة .

    القول بأن مصدر الأخلاق هو الطبيعة يلغي إرادة الإنسان ومسئوليته تجاه أفعاله

    القول بأن مصدر الأخلاق هو الطبيعة يلغي إرادة الإنسان ؛ لأن الطبيعة تتسم بالحتمية فلا معنى لحرية الإرادة و الاختيار بل يصبح الإنسان كالريشة في مهب الريح، لا تملك لنفسها تصريفاً ولا توجيهاً ،و الحرية ترتبط دائما بالمسئولية، فإن لم يكن الشخص حر الإرادة، فلا مسئولية عليه وبذلك يصبح القول بأن مصدر الأخلاق هو الطبيعة ملغيا لالتزام الأفراد ومسئولياتهم و إرادتهم و يهدم المسئولية الأخلاقية من أساسها ، و لا تستقيم أمور الدنيا علي ذلك ؛ لأن الإنسان لابد أن يحاسب بعمله، ويحاسب على تصرفاته والقول إذا كان يلزم منه اللازم الباطل فهو قول فاسد لا اعتبار له .

    و هل يمكن أنْ نكلّف شخصاً بأيّ تكليف، ونحمّله مسؤولية ذلك إذا لم يكن له الخيار فيما يفعل؟ وكيف نمدح الناجح في عمله و نذم الفاشل إذا لم يكن له الخيار فيما يفعل ؟

    و في عالم الحتمية لا معنى للخير و الشر ،ولا معنى للثواب والعقاب ولا معنى للمدح و الذم ،ويصبح الحديث عن القيم الأخلاقية العليا لغوا لا معنى له إذ كل شيء يجري وفق قوانين ثابتة لا يمكن أن يحيد عنها .


    و في عالم الحتمية المحسن لا يكون مختاراً عندما يحسن، ولا المسيء يكون مختاراً عندما يسيء .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

صفحة 2 من 9 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء