سأكتب ان شاء الله قصة أحد الاخوة الذين اهتدوا بعد موجة من الشك, وللتوضيح فإن الاحداث الكبرى في القصة انقلها بحسب رواية صاحبها فما هي من مطبخ الخيال لكنه لا بد من ادراج خلفية وصفية لا سردية تربط بين الافكار لا تؤثر بالاحداث لكنها تضفي رونقا للقصة. والذي يهمني هو ان أسلط الضوء على تجربة عشت مثلها وعاش الكثير من الاخوة مثلها فإن لم تلتق الاحداث بشكل كلي لا بد من محطات مشتركة يعرفها من جرب جيدا. أتمنى لكم قراءة ممتمعة

انه رمضان! ذلك الشهر الذي يرخي بسكونه على اطراف المعمورة... من الشرق إلى الغرب... والغرب هو موطن قصتنا … اقصد الغرب العربي... كانت العائلة تجتمع على مائدة الفطور... وأصوات الملاعق وهي تقبل الاطباق تعزف سمفونية عذبة يقاطعها كلام يصعب تفلته من الأفواه التي تعجن الطعام... كنت بدوري مشاركا في هذه اللوحة البديعة… وانا الطفل الذي يبلغ من العمر 13 سنة… حيث اشهد الصراع بين عالم الطفولة وعالم الرجال... يتصارعان على حلبتي مصارعة الثيران الهائجة … وكعادتنا كنا في انتظار القهوة بعد الطعام... فتحلقت العائلة حول الفناجين ليجلس الرجال يتباهون بإنجازاتهم في العمل ولما تجف منابعهم يفجرون ينابيع "الشيشة" يآخونها مع لعبة الورق والنساء في ركن آخر في حديث شهير تنسى معه أنك في شهر رمضان... ثم يرفع اذان العشاء فلا يقطف نفسه من السهرة سواي فتراني اهرع إلى غرفتي لألبس عباءة تضخ بياضا واركض نحو بيت جارنا الذي رد إلى ارذل العمر حتى انه يكاد ان يستخدم رأسه في المشي لشدة انحاء ظهره … ولا ترى في وجهه عيونا بعد ان سقطت جفونه لكأنها حسدت جمجمته المنحنية... صحبته كالعادة إلى مسجد الحي... وكنا نحب ان نكون أول الواصلين... لنسمع طرفا من المدائح النبوية حيث تقوم فرقة بالانشاد قبل الاقامة... ولا بد ان تلفتك الطرابيش الحمراء التي تجلس على نواصيهم فتخالها جمرة حامية تشعلهم لشدة ما تظهر اوداجهم وهم ينشدون... وترى ذلك الحاج يغرق في سبات عميق تستغرب كيف افلح فيه رغم الصراخ... ثم ترى آخرا يميل ذات اليمين وذات الشمال كلسان الساعة من شدة انسجامه واكاد اجزم انه لا يفقه من كلامهم شيئا… أما جاري فيهب بين الفينة والاخرى ليقول: " صلوا على محمد!"... فتعجب اكثر من الفائتة كيف يقوم الاول من النوم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعود إلى نومه...

وبعد نصف ساعة يأتي الإمام ويخترق الجمهور حتى يصل إلى مكانه في هدوء تام... وتقام الصلاة... وترص الصفوف حتى تملأ المسجد... ثم يشرع الامام في قراءة جزئه... اذكر تلك اللحظة تماما… تلك اللحظة التي بدلت حياتي... حيث بدأ الامام بقراءة سورة التوبة... وانا أنصت له... ايات تتحدث عن الوعيد… تفاجأت... حتى اصطدم بـرأسي نيزك لا ادري من اين اتى!... "هل الله موجود؟" ... "لماذا ايات العذاب؟"... سقطت على الارض... لم استطع ان اتحمل وقع الصدمة... اغمي علي!... من رشقني بهذه الفكرة العجيبة الممجوجة؟... حملني المصلون إلى والدي … فإنتفض الجميع عن لعبة الورق... وهاتفوا طبيب الحي... وانا اتذرع بأنه ألم في المعدة... أعطاني الاخير مهدئات وهولا يدري ان حربا تدور في جمجمتي... لم اكن أريد ان تصل الشظايا إلى عائلتي أو اصدقائي... تحملت المعاناة بنفسي... لا أريد ان أرعبهم بهذه الافكار الشيطانية... وألمي النفسي يتزايد وانا لا زلت أجدد كذبتي... "المعدة!"... فاصبحت اخلط بين الايام والاسابيع...
همست في أذن صديق واحد... اسمه "جوجل"... كتبت "الله موجود بالتأكيد... فما الدليل؟" … بكل براءة... بكل خوف... ثم بدأت الأدلة تتراكم ويا ليتها ما فعلت:
- تفاحة مكتوب عليها "لا اله إلا الله"
- طفل يلد وعلى يده "سبحان الله" ... فقل سبحان الله!

ولو كان من بينها شيء صادق فهو فيديو الببغاء الذي يقول "الله اكبر"... لكنه ببغاء "يبغبغ" ...

لماذا أنا على حق؟... لماذا؟... كان لا بد من استشارة صديق آخر... الفايسبوك... وقعت على صفحة إلحادية… اخذت عهدا على نفسي بأن لا اقرا سوى مقال واحد... وبعدها احسم موقفي... فاذا بـي اغرق في الشبهات بما فيها نظرية داروين... وتغرق ايامي بالدموع... لم اترك الصلاة لحظة... كنت أصلي وانا أبكي... في بحر من الدموع والسفينة تبحر إلى غير وجهة... ومرساتها ترخي بثقلها على حنجرتي المقهورة... كل ذلك وحدي... بمفردي... في صمت... سألت ابي مرة عن داروين فلم يجبني بشيء... والايام تشاركني الابحار... حتى تراجعت في مدرستي... انظر إلى من حولي وهم مسالمون... مصالحون لأنفسهم... يتفوقون علي... قتلت طفولتي في مهدها... لم اشهد ربيع الحياة وتفتق وروده على وجنتي... ارتميت فجأة في حضن الصيف حيث تنضج الثمار... في نضوج فكري مبكر...

ثم بانت اليابسة... وان بدت مهجورة في بادئ الامر... اذ سمعت أنشودة تنتقد نظرية داروين... فطرت من الفرح... انتقلت من الابحار إلى الطيران... وبدأت اناملي تمطر بغزارة مفاتيح الحاسوب... وانا اقول "هل من مزيد؟ "... فاذا بي في مجموعات فايسبوكية تعنى بمكافحة الالحاد... ومع اخوة امسكوا بيدي... وكشفوا بفضل الله الحجاب عن الشبهات... فبدأت تسقط الاولى تلوى الثانية كحجارة الدومينو... وها أنا الآن ازورها كل يوم... بنفس جديد... بهمة عالية... بثقة تامة... فليسقط الالحاد...
انتهى

وقد سمى لي صديقي... أنا احمد عبدلله... اسماء المجموعات والاخوة الذين نعرفهم جميعا... فلكم ينشرح القلب ويسر ان نكون بينهم... احببت ان انقل لكم البشارة... فجهدكم عظيم والناس بحاجة إليكم... وبينت من خلال القصة اعلاه كما أسلفت حال الكثير والكثير من الناس... كيف يعيشون الاضطراب في خفية وكيف يتراجعون في دراساتهم وحياتهم... وكيف وكيف!...
فجزاكم الله كل خير