النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تجربتي : كيف آمنت و أحسست برد اليقين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي تجربتي : كيف آمنت و أحسست برد اليقين


    كيف آمنت و أحسست برد اليقين

    لا أنكر أني في بادئ أمري في سن مراهقتي تأثرت بوالدي حفظه الله و الذي بالرغم من بساطته و ضعف رصيده من العلم الشرعي كان عاشقا للقرآن و الصلاة و ذكر الله و حج بيت الله الحرام و ذلك بسبب تأثره بميدان عمله إذ عمل بالأوقاف .. و قُدّر أنه حج في تلك الفترة الحرجة من حياتي و إذ كنت في مطلع رحلتي الايمانية التي تخللها الكثير من الشك آنذاك إذ لم أكن أرى من المتدينين الشباب أحدا إلا نادرا بل لم يكن هناك حينها مسجد إلا مسجدا في طور التأسيس ولم يكن يتردد عليه إلا قلة من الكهول و الشيوخ الذين بالكاد توارثوا الصلاة على بساطتها و ليس على السنة. مع أن الحي ظهر قبل ذاك بعشرين سنة اللهم إلا دارا لتحفيظ القرآن فحسب كانت أول دار من نوعها في مراكش بجوار الموقع الذي بني به المسجد لاحقا و قد تأسست أثناء طفولتي فلم أكن آتي هذه الدار لصغر سني إلا نادرا إذ لم أجد من يحفزني على دخولها كما تم إغلاقها لاحقا عندما بلغت الحادية أو الثانية عشرة.
    أذكر أنه كان لإمام المسجد بعض التأثير و انعكست شخصيته علي لكن أثرا أكبر وجدته بعد عودة أبي من الحج حين استقدم أشرطة قرآنية للسديس غفر الله له و علي جابر رحمه الله و بضع من الدروس الجيدة.!
    و في حيّنا المجاور لثلاث كليات (جامعات للطلبة) و الذي كان يعج بالطلبة كان قلما تجد طالبا متدينا فقد كانت موجة المذهب الاشتراكي الماركسي يومئذ في أوجها (و قد كنت أعرفهم باليساريين و القاعديين و كنت أكرههم بالفطرة) و أحمد الله تعالى أن قيض لنا في تلك الظروف الحالكة طلبة مسلمين -مزيج بين السلفية و الحركية- اكتروا بيتا قريبا من بيتنا و تناوبوا عليه عاما بعد عام و اهتم بعضهم بالدعوة فكان يجري لقاءات و أنشطة شبابية تضم بعض عناصر من الطلبة و من الحي ممن لا يزال في مطلع التزامه و تدينه مثلي.

    و كان المد الماركسي في تلك الفترة (الثمانينيات) كالشمعة التي توشك أن تنطفئ و علا وهجها حتى ظننا أنها ستحرق كل شيء و لكن الله سلّم. و قد تأثر بهذا المد أخي الأكبر و بعض زملائي في الإعدادية و من كان له أخ أو أخت ماركسية و بعض أصدقاء لإخوتي.
    لذا بدأت أصارع شبح الشك الذي كاد يقتلع إيماني لولا لطف الله تعالى بي .. و إني لأحكي هذه التجربة ليعلم القارئ الكريم كيف نجوت من هول هذا الشبح .. في بلد أصبح فيه الاسلام غريبا تماما و بالكاد تجد من يحدثك في دين الله أو عن رسول الله و تاريخ الاسلام و الأمة و ينير لك الطريق إلى الهداية و يحدد لك مكامن الداء و الضعف و العلاج في نفوس الناس الذين باتوا غارقين في الجهل و أصبحت الدنيا أكبر همهم.

    في دار للإخوة الطلبة أشبه بدار الأرقم كنا نجتمع على مضض تطاردنا نظرات الناس و عيون المخزن (الدولة). و بين تحذير و تهديد من قبل أبوي من أصحاب اللحى. لكنه طعم العلم و الإيمان كنا نواجه به كل تحد و عرقلة و أي تخويف.
    هنالك عرفت طريق الإيمان على حقيقته و عن وعي من خلال مناقشات عابرة أو لقاءات أو كتب نقرأها أو أشرطة مرئية أو سمعية و كان على رأسها و في مقدمتها أكبر إنجازات فكرية إيمانية في ذلك العهد في مناظرة الالحاد و المذاهب الفكرية و التعريف بالإسلام : إنجازات الزنداني و أحمد ديدات و القرضاوي و الغزالي حفظهم الله و رحم من مات .. و بعض المنجزات المعروفة كالّإسلام يتحدى و صديقي الملحد و العلم يدعو للإيمان و الله يتجلى في عصر العلم و رحلتي من الشك إلى الإيمان.

    لكن رغم كل ذلك كان شيطان ماركس يلاحقني فكان المد الإيماني في نفسي متمثلا في تلك الكتابات و الإنجازات يتراجع أحيانا أمام هذا المد الشيطاني حتى لقد كانت صورته مغرية جدا و إلى جانبها صورة داروين و صور مشاهير فلاسفة الغرب و مفكريهم و أدبائهم الذين كانوا بعيدين تماما من الدين و صميم دعوة الإيمان و الذين سار الغرب و معهم أكثر العرب في أثرهم .. فنشأت بسبب الافتتان بهم تيارات لادينية أو قومية و أخرى علمانية تدعو إلى مسايرة الغرب على حساب الثوابت و كأن الثوابت هي التي أدت بنا إلى هذا التخلف و ليس تقصيرنا فيها و تضييعنا لها و ما تراكمت نتائجه على مدى قرون.

    هنالك كنت من حين لآخر أدعو ربي و أتشبه بخليلي الله تعالى إبراهيم و محمد في تحنثهما متلمسا آيات الله في الكون و في كتب المعرفة و لأكون من الموقنين و كنت أدعو الله في صلاتي أن يهديني سواء السبيل حينما يأخذني الشك بعيدا في ظلمته .. و أفتقد نور الإيمان.

    و كنت أحاول فهم الأسباب التي تدعو الناس إلى الشك في الإيمان فكان منها أسباب واضحة و مباشرة كالجهل بالدين و أسباب غير واضحة نفسية مثلا عندما أرى المرض و الفقر و المشاكل الإجتماعية داعية أحيانا إلى هذا الشك على الرغم من وضوح حجة الإيمان و اليقين.

    و كان يقيني متذبذبا بفعل المشاكل العائلية التي كنت أواجهها أيضا و التي كان نتيجتها طلاق والدي و تشرذم العائلة .. لكني تشبثت بحبل الإيمان مكثرا ذكر الله مستكثرا من مواعظ الإيمان التي تنفع كثيرا في مثل هذه المواقف لأنها تجلي لك حقيقة الحياة و أنها محطة امتحان و ساحة بلاء عابر مبين. و ما أحسن الواعظين يومها : حسن أيوب و عبد الرحيم الطحان و محمد الصواف و كشك و صادق شرف و أحمد القطان و غيرهم جزاهم الله عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء.

    كانت هناك مؤثرات و تأثيرات إيمانية متداخلة ما بين سماع القرآن في المنزل و المسجد و لقاءات دار الطلبة و التطلع إلى آيات الله في الكون و المصادر الإيمانية و الثقافية التي ظهرت حينها بكثرة و أعني في بداية التسعينيات و معها ظهور صحوة الشباب مع عمل الحركات الإسلامية الذي صار مكثفا.

    إنما أكثر ما رزقني الله تعالى به اليقين في فترة التذبذب تلك هو رؤيتي للنبي صلى الله عليه و سلم في المنام حتى قبل أن أعرف شيئا عن صفاته الخَلقية و عن سننه فظهر في الرؤيا كما هو صلى الله عليه و سلم و كنت جليسه مع أصحابه في مسجده مع إحساسي في هذا المجلس الكريم بشدة العزلة و الغربة للفتن و الأهوال من حولنا .. إحساس كاد يكون أشبه بما كان عليه الصحابة أول الأمر منفتن مزلزلة لا منجى منها إلا بالعلم و الإيمان و اتباع السنة و لزومها. و في ذلك وجدت العصمة و قوي إيماني أكثر و أكثر.

    و قد عشت و الحمد لله حتى رأيت الإسلام أقوى و لا أستحيي من دخول المسجد بل أرى شبابا بعدد القطر يتوافدون على المساجد و لا يستحيون لمظهرهم و لا الفتيات لحجابهن و توافر الدعاة و طلبة العلم و المحجبات من مختلف الأعمار في كل المؤسسات و المرافق العامة بل أصبح منهم مسؤولون و مسيرون.

    و اليوم و في مدينتي تحديدا لا أستغرب مما يشبه انقراض الإلحاد و اللادينية و القومية و تواريها كلها خلف الستار فلا تجد دعاتها تقريبا إلا في هذا الفضاء الافتراضي يتربصون بكل جاهل.

    و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    (على ذكر الإمامين ابن تيمية و ابن القيم رحمهما الله تعالى و جزى الله من ذكّرني بهما لا أنسى فضلهما عليّ بعد الله في مراحل لا حقة من رحلتي الإيمانية)

    صورة مشابهة معبرة :




  3. #3

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذا حال أكثرنا - ومصداق لكتاب الله تعالى: "ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء"
    سلمت يداك وأحسن الله إليك - أثلجت صدورنا بكتابتك وبظهورك بعد غياب استاذنا ابن سلامة المغربي المراكشي الحبيب
    ثلاث مهلكات: شح مطاع وهوىً متبع وإعجاب المرء بنفسه

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي


    سلمت أخي عباد و أعلى الله قدرك و أحبك كما أحببتني لأجله .. و ما أنا إلا تلميذ متعلم بحضرتك فلا يغرنك حماسي الزائد

    نعم هو فضل الله و رحمته هو حبّب إلينا الإيمان و زينه في قلوبنا و كرّه إلينا الكفر و الفسوق و العصيان .. نسأله تعالى أن يجعلنا من الراشدين و يثبت قلوبنا على الإيمان حتى نلقاه.

    أذكر أيضا أن من أسباب إحساسي ببرد اليقين هو شهادات الغرب أنفسهم أعلامهم و من دخل في دين الله منهم و هم بالآلاف خاصة عندنا في المغرب فنحن على احتكاك بهم أكثر و ندرك جيدا معنى أن يكون المرء على ضلال و كيف يهتدي إلى التي هي أقوم و يعود إلى الفطرة التي فطره الله عليها فيعتدل فكره و سلوكه اعتدالا بعدما كان شبه متشرد أو أسوء .. و بالمقابل كنا نرى أقواما من بني جلدتنا قد مُسخت فطرتهم فيبيعون دينهم بعرض من الدنيا التي شبع منها هؤلاء و عرفوا ضلالها و تيهها و شقاءها و أحزانها و أكدارها بعيدا عن ذكر الله .. غير أن كثيرا منهم بحمد الله إن لم أقل كلهم قد فاءوا إلى الله و عرفوا نعمة الإسلام التي كانوا فيها .. و أن ما صُنع في الغرب من غير المادة من الفلسفات المحدثة بفعل ضلال الكنيسة لا يصلح هنا فقد أنعم الله علينا بأكمل دين و أجله و أجمله.

    و أذكر أيضا :
    - إعجاز القرآن البلاغي و إعجازه العلمي الثابت في القرآن و السنة
    - أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم عن أنباء الغيب الدنيوية و التي تحقق أكثرها
    - كرامات العلماء و المجاهدين و الأتقياء من الخاصة و العامة
    - إثبات الروح و عالم الغيبيات من خلال الأحلام الكثيرة المتحققة و ظواهر الحدس و ما حدث معي منه الكثير و كذا تعاملي مع حالات المس الشيطاني
    - شفاء القرآن لكل الحالات النفسية أو الشيطانية و إصلاحه للفرد و المجتمع إصلاحا تاما شاملا
    - بناء القرآن و معه السنة للضمير المحاسب و الضمير العادل و الضمير المراقب و الضمير المتحضر الذي يأبى الفوضى و الضياع و الوساخة و النذالة و سوء الأخلاق و التفرقة و العقوق و الغدر و الذاتية .. و تحقيقه بذلك لأقصى درجات السعادة و التوافق النفسي




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء