الأخ ابن الحبيب :
تقول
هذا صحيح إذا ما كنا نتكلم عن عدم إستيعابنا لكمال الله في فعل معين ،
أما سؤالي فعن حكم الكمال لله تعالى بإطلاق.
كمال الخالق سبحانه وتعالى كمال مطلق وليس نسبي , لماذا مُطلق؟ , لأن وجود الكون نسبي وهذا دليل على وجود واجد واحد واجب الوجود مطلق الوجود والصفات الملازمة للذات , فكمال أفعال الكامل هو في أن يكون المخلوق على الصورة التي ينبغي أن يكون عليها ( حتى لو كانت في نظر المخلوق نقصاً ) ليقوم فيها بوظيفته ليحقق الغاية من وجوده على أكمل وجه , ثم إن إطلاق الصفات للذات الإلهية دليل على الكمال الإلهي المطلق
وتقول :
= لكن الالتباس لا يزال عندي من كون صفات الأشياء وجودية أو عدمية و كون العدمية ما هي إلا غياب للمقابلة لها، و برغم كونها عدمية فيجوز الخلق عليها كالوجودية بدليل قوله تعالى : هو الذي خلق
الموت و الحياة. فكيف لعدم أن يُخْلَقْ و كيف للعدم أن يتخصص بأن يكون تارة صمم و تارة عمى و تارة موتا.. إلخ.
الكمال لله ليس حال اتصافه بالصفات الوجودية فقط بل والعدمية أيضاً , لأن :
الصفات الوجودية هي جوهر الذات وبالتالي تُسمى صفات جوهرية , أما الصفات العدمية هي عرض وليس جوهر أي صفة عارضة على الذات وبالتالي تُسمى صفات عرَضية , فالعرض يوجد ( يُخلق ) في غياب الجوهر , فالله سبحانه وتعالى يخلق العدم حال أخذه الوجود , ويخلق اللاشيء حال أخذه الشيء , ويخلق الصمم حال أخذه السمع , ويخلق العمى حال أخذه البصر , ويخلق البكم حال أخذه الكلام , ويخلق الموت حال أخذه الحياة , وعليه في كل الصفات يخلق العرض حال أخذه الجوهر والعكس صحيح
باختصار
خلق الصفات الجوهرية يتضمن خلق الصفات العرَضية حال غياب الصفات الجوهرية
أي لولا وجود الصفات الجوهرية ما كانت للصفات العرَضية وجود , فبغياب الصفات الجوهرية توجد الصفات العرضية
بالمعنى الذي تعرفه أنت :
خلق الصفات الوجودية يتضمن خلق الصفات العدمية حال غياب الصفات الوجودية
أي لولا وجود الصفات الوجودية ما كانت للصفات العدمية وجود , فبغياب الصفات الوجودية توجد الصفات العدمية
خلق الوجود يتضمن خلق العدم حال غياب الوجود , أي لولا وجود الوجود ما كان للعدم وجود , فبغياب الوجود يُوجد العدم
خلق الشيء يتضمن خلق اللاشيء حال غياب الشيء , أي لولا وجود الشيء ما كان للّاشيء وجود , فبغياب الشيء يُوجد اللاشيء
خلق السمع يتضمن خلق الصمم حال غياب البصر , أي لولا وجود السمع ما كان للصمم وجود , فبغياب السمع يُوجد الصمم
خلق البصر يتضمن خلق العمى حال غياب البصر , أي لولا وجود البصر ما كان للعمى وجود , فبغياب البصر يُوجد العمى
خلق الكلام يتضمن خلق البكم حال غياب الكلام , أي لولا وجود الكلام ما كان للبكم وجود , فبغياب الكلام يُوجد البكم
خلق الحياة يتضمن خلق الموت حال غياب الحياة , أي لولا وجود الحياة ما كان للموت وجود , فبغياب الحياة يُوجد الموت
وقس على ذلك باقي الصفات
وتقول :
= و الالتباس الأخر في كون الأشياء لا تقبل ارتفاع النقيضين و هذا ما يحدث في الجمادات مثلا فالجماد لا يوصف بكونه أصم أو متكلم و قس على ذلك باقي الصفات.
الجمادات لا تقبل ارتفاع النقيضين لأن المتصف بالكلام فقط هو الذي يوصف بالمتكلم ويوصف بالأبكم حال غياب الكلام , فمثلاً من الصفات الجوهرية الوجودية للذات البشرية ( السمع و البصر و الكلام ) فالإنسان يوصف بالسمع والبصر والكلام عندما يسمع أو يبصر أو يتكلم ويوصف أيضا بالصفات العرضية العدمية كالأصم والأعمى والأبكم حال غياب الصفات الجوهرية الوجودية , أما الجماد فلا يوصف لا بالسمع ولا بالبصر ولا بالكلام لأنه مخلوق ليس فيه صفة السمع أو البصر أو الكلام أصلاً كي يوصف بالصفات الجوهرية كالسمع والبصر والكلام أو الصفات العرَضية كالصمم أو العمى أو البكم حال غياب الصفات الجوهرية
والله تعالى أعلم
Bookmarks